تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: مراتب تحقيق التوحيد

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي مراتب تحقيق التوحيد

    مراتب تحقيق التوحيد
    فضل التوحيد يشترك فيه أهله،
    وأهل التوحيد هم أهل الإسلام،
    فلكل من التوحيد فضل،
    ولكل مسلم نصيب من التوحيد،
    وله بالتالي نصيب من فضل التوحيد وتكفير الذنوب.
    أما خاصة هذه الأمة فهم الذين حققوا التوحيد؛ ولهذا عطف هذا الباب على ما قبله؛ لأنه أخص.
    باب: "من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب"
    وتحقيق التوحيد هو مدار هذا الباب،
    تحقيقه بمعنى :
    تحقيق الشهادتين "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"
    ومعنى تحقيق الشهادتين:
    تصفية الدين يعني:
    ما يدين به ، من شوائب : الشرك والبدع والمعاصي،
    فصار تحقيق التوحيد يرجع إلى ثلاثة أشياء:
    الأول: ترك الشرك بأنواعه: الأكبر، والأصغر، والخفي.
    والثاني: ترك البدع بأنواعها.
    والثالث: ترك المعاصي بأنواعها.
    وتحقيق التوحيد صار تصفيته من أنواع الشرك، وأنواع البدع، وأنواع المعاصي،
    وتحقيق التوحيد يكون على هذا على درجتين :
    درجة واجبة، ودرجة مستحبة، وعليها يكون الذين حققوا التوحيد على درجتين -أيضا-،
    * فالدرجة الواجبة :
    أن يترك ما يجب تركه من الثلاث التي ذكرت، يترك الشرك خفيه وجليه، صغيره وكبيره، ويترك البدع، ويترك المعاصي، هذه درجة واجبة.
    * والدرجة المستحبة من تحقيق التوحيد وهي التي يتفاضل فيها الناس من المحققين للتوحيد أعظم تفاضل، ألا وهي :
    ألا يكون في القلب شيء من التوجه أو القصد لغير الله -جل وعلا-، يعني:
    أن يكون القلب متوجها إلى الله بكليته، ليس فيه التفات إلى غير الله، نطقه لله، وفعله وعمله لله، بل وحركة قلبه لله -جل جلاله-، وقد عبر عنها بعض أهل العلم -أعني هذه الدرجة المستحبة- أن يترك ما لا بأس به حذرا مما به بأس، يعني: في مجال أعمال القلوب، وأعمال اللسان، وأعمال الجوارح.
    فإذا رجع تحقيق التوحيد الذي هذا فضله، وهو أن يدخل أهله الجنة بغير حساب ولا عذاب،
    رجع إلى تينك المرتبتين، وتحقيقه تحقيق الشهادتين "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"
    لأن في قوله: "لا إله إلا الله" الإتيان بالتوحيد، والبعد عن الشرك بأنواعه؛
    ولأن في قوله: "أشهد أن محمدا رسول الله" البعد عن المعصية، والبعد عن البدع؛ لأن مقتضى الشهادة بأن محمدا رسول الله: أن يطاع فيما أمر، وأن يصدق فيما أخبر، وأن يجتنب ما عنه نهى وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع،
    فمن أتى شيئا من المعاصي والذنوب، ثم لم يتب منها، أو لم تكفر له، فإنه لم يحقق التوحيد الواجب،
    وإذا أتى شيئا من البدع، فإنه لم يحقق التوحيد الواجب،
    وإذا لم يأتِ شيئا من البدع، ولكن حسَّنها بقلبه، أو قال: لا شيء فيها، فإن حركة القلب كانت في غير تحقيق التوحيد، في غير تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله، فلا يكون من أهل تحقيق التوحيد، كذلك أهل الشرك بأنواعه ليسوا من أهل تحقيق التوحيد.
    وأما مرتبة الخاصة التي ذكرت، ففيها يتنافس المتنافسون، وما ثم إلا عفو الله ومغفرته ورضوانه.
    كفاية المستزيد شرح كتاب التوحيد للشيخ صالح آل الشيخ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مراتب تحقيق التوحيد

    قال الشيخ صالح الفوزان
    تحقيق التّوحيد: تصفيته من الشرك والبدع والذنوب.
    فإن قيل: (باب فضل التّوحيد) ، و (باب من حقّق التّوحيد) ما الفرق بينهما؟
    ":الفرق: فضل التّوحيد في حق الموحّد الذي ليس عنده شرك،
    ولكن قد يكون عنده بعض المعاصي التي تكفر بالتّوحيد.
    أما هذا الباب فهو أعلى من الباب الذي قبله:
    "من حقق التوحيد" يعني: أنه لم يشرك بالله شيئاً، ولم يكن عنده شيء من المعاصي، هذا تحقيق التّوحيد،
    ومن بلغ هذه المرتبة دخل الجنة بلا حساب،
    أما من كان في المرتبة التي قبلها، وهو الموحّد الذي عنده ذنوب فهذا قد يُغفر له، وقد يعذب بالنار، ثم يُخرج منها،
    لأن الموحّدين على ثلاث طبقات:كما قال تعالى:
    {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ} الآية.
    الطبقة الأولى: الذين سلموا من الشرك، وقد لا يسلمون من الذنوب التي هي دون الشرك وهم الظالمون لأنفسهم وهم معرضون للوعيد.
    الطبقة الثانية: المقتصدون الذين فعلوا الواجبات وتركوا المحرمات وقد يفعلون بعض المكروهات ويتركون بعض المستحبات وهم الأبرار.
    الطبقة الثالثة: التي سَلِمَت من الشرك الأكبر والأصغر ومن البدع وتركت المحرمات والمكروهات وبعض المباحات واجتهدت في الطاعات من واجبات ومستحبات وهؤلاء هم السابقون بالخيرات ومن كان بهذه المرتبة دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مراتب تحقيق التوحيد

    إبراهيم عليه السلام هو إمام المحققين للتوحيد،
    بعثه الله عزّ وجلّ لما غطّى الشرك على وجه الأرض في وقته
    بأمر الله سبحانه وتعالى: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}
    أي: مهاجر من أرض الكفر والشرك إلى أرض التّوحيد بالشام والحجاز، تلك المواطن المباركة، التي صار فيها بيت المقدس، وفيها البيت العتيق أول بيت وُضع للناس، وهو الكعبة المشرفة بمكة، فأورثه الله هذه البلاد وهذه البيوت إكراماً له ولذريّته- عليه الصلاة والسلام-، عوّضه الله أرضاً خيراً من أرضه،
    وقد وصفه الله تعالى في هذه الآية بأربع صفات، كلها من تحقيق التّوحيد:
    {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
    الصفة الأولى:
    {كَانَ أُمَّةً} ، والأمة معناها: القدوة في الخير، .
    الصفة الثانية لإبراهيم أنه: {قَانِتاً لِلَّهِ}أي: مداوماً وثابتاً على طاعة الله،
    فمعنى وصف إبراهيم بأنه كان قانتاً أي: أنه كان مداوماً على طاعة الله، ثابتاً عليها،
    الصفة الثالثة: {حَنِيفاً} والحنيف من الحَنَف وهو في اللغة: الميل، والمراد به هنا: الإقبال على الله، وأنه مُعرض عن الناس مُقبل على الله سبحانه وتعالى، يطلب الخير أمن الله وحده.
    الصفة الرابعة: {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وهذا محل الشاهد من الباب،
    ومعناه: أنه تبرّأ من المشركين، براءة تامة،
    أي: قطع ما بينه وبين المشركين من المودّة من أجل الله سبحانه وتعالى، لأنهم أعداء الله، والمؤمن لا يحب أعداء الله.
    فإبراهيم عليه السلام لم يكن من المشركين لا بقليل ولا بكثير، قطع صلة المحبة بينه وبينهم، أما صلة التعامل الدنيوي في المصالح المباحة فهذا شيء آخر، إنما المراد قطع صلة المحبة والموالاة والمناصرة، هذا هو المطلوب، أما التعاون الدنيوي فيما فيه نفع للمسلمين، فهذا لا بأس به،
    يوضِّح هذا قوله في الآية الأخرى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} يعني: من أتباعه {إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ} ؛
    يعني:
    لا تقارب بيننا وبينكم في المودة والمناصرة والمؤاخاة أبداً، إلاَّ إذا آمنتم بالله وحده، وكفرتم بما يعبد من دون الله عزّ وجلّ، وتركتم عبادة الأصنام، فحينئذٍ نكون إخواناً {حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ}
    ثم قال في الآية التي بعدها: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦) } ثم قال بعدها: {لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) } .
    فهذه أربع صفات وصف الله بها إبراهيم:
    وهي:
    الصفة الأولى: أنه كان أمة، يعني: قدوة في الخير.
    الصفة الثانية: أنه كان قانتاً لله ثابتاً على الطاعة مخلصاً عمله لله.
    الصفة الثالثة: أنه كان حنيفاً، مقبلاً على الله معرضاً عما سواه.
    ا
    لصفة الرابعة: أنه لم يك من المشركين. أي بريء منهم ومن دينهم.
    وهذا هو تحقيق التّوحيد يكون بهذه الأمور،
    وأعظمها البراءة من المشركين، فمن تبرأ من المشركين فهو ممن حقق التّوحيد، ولو كانوا أقرب الناس إليه،
    .ثم قال الشيخ رحمه الله: "وقال: " {وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) } "
    هذه صفة من الصفات التي ذكرها الله في سورة المؤمنون، في السابقين بالخيرات،
    الصفة الأولى:قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) }
    الصفة الثانية: {وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) } .
    الصفة الثالثة- وهي العظيمة-: {وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) } .
    الصفة الرابعة: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (٦٠) } .
    هذه الصفات العظيمة هي تحقيق التّوحيد من جميع الشوائب
    إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد للشيخ صالح الفوزان بتصرف يسير

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مراتب تحقيق التوحيد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    قال الشيخ صالح الفوزان
    تحقيق التّوحيد: تصفيته من الشرك والبدع والذنوب.
    فإن قيل: (باب فضل التّوحيد) ، و (باب من حقّق التّوحيد) ما الفرق بينهما؟
    ":الفرق: فضل التّوحيد في حق الموحّد الذي ليس عنده شرك،
    ولكن قد يكون عنده بعض المعاصي التي تكفر بالتّوحيد.
    أما هذا الباب فهو أعلى من الباب الذي قبله:
    "من حقق التوحيد" يعني: أنه لم يشرك بالله شيئاً، ولم يكن عنده شيء من المعاصي، هذا تحقيق التّوحيد،
    ومن بلغ هذه المرتبة دخل الجنة بلا حساب،
    أما من كان في المرتبة التي قبلها، وهو الموحّد الذي عنده ذنوب فهذا قد يُغفر له، وقد يعذب بالنار، ثم يُخرج منها،
    لأن الموحّدين على ثلاث طبقات:كما قال تعالى:
    {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ} الآية.
    الطبقة الأولى: الذين سلموا من الشرك، وقد لا يسلمون من الذنوب التي هي دون الشرك وهم الظالمون لأنفسهم وهم معرضون للوعيد.
    الطبقة الثانية: المقتصدون الذين فعلوا الواجبات وتركوا المحرمات وقد يفعلون بعض المكروهات ويتركون بعض المستحبات وهم الأبرار.
    الطبقة الثالثة: التي سَلِمَت من الشرك الأكبر والأصغر ومن البدع وتركت المحرمات والمكروهات وبعض المباحات واجتهدت في الطاعات من واجبات ومستحبات وهؤلاء هم السابقون بالخيرات ومن كان بهذه المرتبة دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب

    حال الظالم لنفسه

    قال الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)} [فاطر: 32].
    وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)} ... [النساء: 110].
    أورث الله تبارك وتعالى هذه الأمة الكتاب المهيمن على سائر الكتب،
    فمنهم الظالم لنفسه بالمعاصي التي هي دون الكفر ..
    ومنهم المقتصد الذي اقتصر على فعل الواجبات، وترك المحرمات ..
    ومنهم السابق بالخيرات، الذي سبق غيره في الأعمال الصالحة.
    قال الشيخ السعدي رحمه الله:
    فكل هؤلاء الأصناف الثلاثة اصطفاه الله تعالى لوراثة الكتاب،
    وإن تفاوتت مراتبهم
    ،
    وتميزت أحوالهم
    ،
    فلكل منهم قسط من وراثته
    ، حتى الظالم لنفسه،
    فإن معه أصل الإيمان، وعلم الإيمان، وأعمال الإيمان.
    فكل هؤلاء الأصناف الثلاثة اصطفاه الله تعالى لوراثة الكتاب،
    وإن تفاوتت مراتبهم
    ،
    وتميزت أحوالهم
    ،
    فلكل منهم قسط من وراثته
    ،
    حتى الظالم لنفسه
    ،
    فإن معه أصل الإيمان،
    وعلم الإيمان
    ، وأعمال الإيمان.
    نعم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مراتب تحقيق التوحيد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة


    أورث الله تبارك وتعالى هذه الأمة الكتاب المهيمن على سائر الكتب،
    فمنهم الظالم لنفسه بالمعاصي التي هي دون الكفر ..
    ومنهم المقتصد الذي اقتصر على فعل الواجبات، وترك المحرمات ..
    ومنهم السابق بالخيرات، الذي سبق غيره في الأعمال الصالحة.
    فكل هؤلاء الأصناف الثلاثة اصطفاه الله تعالى لوراثة الكتاب، وإن تفاوتت مراتبهم، وتميزت أحوالهم، فلكل منهم قسط من وراثته، حتى الظالم لنفسه، فإن معه أصل الإيمان، وعلم الإيمان، وأعمال الإيمان.
    قسم الله سبحانه الأمة التي أورثها الكتاب واصطفاها إلى ثلاثة أصناف:
    ظالم لنفسه،
    ومقتصد،
    وسابق بالخيرات،
    وهؤلاء الثلاثة ينطبقون على الطبقات الثلاث المذكورة في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام:
    الإسلام، والإيمان، والإحسان، كما سنذكره إن شاء الله تعالى].
    هذه الآية هي آية فاطر:
    {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر:٣٢]،
    وفيها أقسام المؤمنين، وهؤلاء الثلاثة كلهم مؤمنون،
    لأن الله أورثهم الكتاب واصطفاهم، فكلهم مصطفون،

    وكلهم أورثهم الله القرآن:
    فالصنف الأول:
    هو الظالم لنفسه، وهو المؤمن العاصي الذي أخل ببعض الواجبات أو فعل بعض المحرمات.
    والصنف الثاني:
    هو المقتصد، وهو المؤمن المطيع الذي أدى الواجبات وترك المحرمات، لكن ليس عنده نشاط في فعل المستحبات والنوافل، وليس عنده نشاط في ترك المكروهات كراهة تنزيه وفضول المباحات، بل قد يتوسع في المباحات وقد يفعل المكروهات، فهؤلاء يقال لهم: مقتصدون، ويقال لهم أصحاب اليمين.
    والصنف الثالث:
    السابق بالخيرات، وهم الذين أدوا الواجبات، ومع ذلك عندهم نشاط ففعلوا المستحبات والنوافل، وتركوا المحرمات، وتركوا المكروهات كراهة تنزيه، وتركوا فضول المباحات خشية الوقوع في المحرمات، وهؤلاء كلهم مؤمنون،
    فإن قيل: كيف يكون العاصي من المصطفين؟
    قلنا: لما سلم من الشرك ووحد الله وأخلص له العبادة صار من المصطفين دون الكفار.
    ............
    وهؤلاء الثلاثة: الظالم والمقتصد والسابق
    ينطبقون على الطبقات الثلاث في حديث جبريل: الإسلام والإيمان والإحسان،
    فالظالم لنفسه يسمى مسلماً ولا يسمى مؤمناً؛ لأنه ترك بعض الواجبات وفعل بعض المحرمات،
    والمقتصد يسمى مؤمناً،
    والسابق للخيرات يسمى محسناً.
    قال المصنف رحمه الله تعالى:
    [ومعلوم أن الظالم لنفسه إن أريد به من اجتنب الكبائر أو التائب من جميع الذنوب فذلك مقتصد أو سابق، فإنه ليس أحد من بني آدم يخلو عن ذنب، لكن من تاب كان مقتصداً أو سابقاً].
    الأقرب والله أعلم أن الظالم لنفسه لا يراد به من اجتنب الكبائر،
    وقوله:
    (إن أريد به من اجتنب الكبائر) أي: ما أريد به من اجتنب الكبائر فإن هنا نافية بمعنى (ما)؛
    لأن الظالم لنفسه هو الذي يفعل بعض الكبائر، والتائب من جميع الذنوب، إما مقتصد إذا كان يفعل بعض النوافل والمستحبات، وإما سابق بالخيرات إن كان يفعل مع ذلك المستحبات.
    فإذاً الظالم لنفسه غير التائب، لأن الظالم لنفسه هو الذي يفعل بعض المحرمات ويترك بعض الواجبات ولم يتب، أما من تاب من فعله لبعض الكبائر فيكون من المقتصدين أو من السابقين،
    فالظالم لنفسه يراد به من يفعل بعض الكبائر ولا يراد به من اجتنب الكبائر.
    قال المصنف رحمه الله تعالى:
    [كذلك من اجتنب الكبائر كفرت عنه السيئات كما قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء:٣١]، فلا بد أن يكون هناك ظالم لنفسه موعود بالجنة، ولو بعد عذاب يطهر من الخطايا].
    التائب إما مقتصد أو سابق،
    ويقولون:
    ليس أحد من بني آدم يخرج من الذنب، فالإنسان محل الذنب، لكن من تاب كان مقتصداً أو سابقاً، إن تاب من الذنب وفعل المستحبات فهو سابق، وإن تاب من الذنب ولم يفعل النوافل فهو مقتصد، ومن اجتنب الكبائر كفرت عنه السيئات،
    كما قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء:٣١].
    إذاً:
    لابد أن يكون هناك ظالم لنفسه موعود بالجنة ولو بعد عذاب يطهر به من الخطايا وهذا هو المؤمن العاصي، وهو موعود بالجنة إن عاجلاً أو آجلاً؛ إن عفا الله عنه دخل الجنة من أول وهلة، وإن لم يعف الله عنه عذب بالنار ثم أخرج منها إلى الجنة.

    شرح كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية - الراجحي

    [عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •