السؤال

هل تقبل توبة الممسوخ؟ وكيف يعرف الشخص أنه ممسوخ؟ هل يستطيع المسخ أن يأكل ويشرب ويعيش لفترة طويلة مثلا لعام، أم أنه لا يوجد طريقة يستطيع بها الشخص معرفة ذلك إلا عن طريق الزواج فإنه إن أنجب له فلا يعتبر ممسوخا؟
الجواب

المحتوياتذات صلة


بيان معنى المسخ
العقوبة بالمسخ


الحمد لله.
أولا:
بيان معنى المسخ

المسخ: هو تغيير في صورة الإنسان الممسوخ حيث تخرج صورته عن صورة الآدميين، وتصبح له صورة ما يستقذر ويستقبح، كالقردة والخنازير، كما حصل من مسخ في بني إسرائيل حيث حُوّل بعض الظالمين منهم إلى قردة.
كما سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (257378)، وبُيِّن فيه أيضا أن الصحيح أن الممسوخ لا يُعْلم مدة لبثه في هذه الدنيا.
وبناء على هذا؛ فلا معنى لأن يبحث الإنسان عن طريقة لمعرفة هل الشخص حدث له مسخ أم لا؛ لأن صورة المسخ صورة ظاهرة بيّنة لا تحتاج إلى بحث وتفتيش.
ثانيا:
العقوبة بالمسخ

قال الله تعالى:(وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ، فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) الأعراف/164-166.
فالآية بيّنت أن هؤلاء الظالمين كانوا يُدعَون إلى الهدى قبل مسخهم وليس بعده.
فالظاهر أن المسخ كالإهلاك بالعذاب، فإخراجهم من حيز الآدمية هو نهاية لتكليفهم في هذه الدنيا، وهذا الذي يظهر من حال هؤلاء الذين مسخوا من بني اسرائيل، فلم يرد أنهم وعظوا بعد مسخهم أو خوطبوا بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى.
والله تعالى قد أخبرنا أنه لا يقبل توبة أحد بعد نزول العذاب، قال الله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ) غافر/84، 85.
وقال تعالى عن فرعون: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) يونس/90-91.
قال السعدي رحمه الله في "تفسيره" (ص 281):
"والحكمة في هذا ظاهرة، فإنه إنما كان الإيمان ينفع إذا كان إيمانا بالغيب، وكان اختيارا من العبد، فأما إذا وجدت الآيات صار الأمر شهادة، ولم يبق للإيمان فائدة، لأنه يشبه الإيمان الضروري، كإيمان الغريق والحريق ونحوهما، ممن إذا رأى الموت، أقلع عما هو فيه كما قال تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ) ص 282.
وقد تكاثرت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد ببعض آيات الله طلوع الشمس من مغربها وأن الناس إذا رأوها آمنوا فلم ينفعهم إيمانهم ويُغلق حينئذ بابُ التوبة" انتهى.
وقال أيضا (ص366):
"فإن سنة الله في عباده أنه يُعتبهم إذا استعتبوه قبل وقوع العذاب، فإذا وقع العذاب لا ينفع نفسًا إيمانها، كما قال تعالى عن فرعون، لما أدركه الغرق قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وأنه يقال له: الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين.
وقال تعالى: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ" انتهى .
وينظر حول بقاء نسل الممسوخ وذريته: جواب السؤال رقم:(14085).
والله أعلم.


https://islamqa.info/ar/answers/3911...B3%D9%88%D8%AE