تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 5 من 5 الأولىالأولى 12345
النتائج 81 إلى 95 من 95

الموضوع: المرأة والأسرة

  1. #81
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1235

    الفرقان





    مسؤولية المرأة المسلمة
    إنَّ مسؤولية المرأة المسلمة في المجتمع هي بِناءُ الحياة السعيدة في ذاتها، المُسعِدة لكلِّ فرد في المجتمع، ابِتداءً من الزوجة ربة المنزل، ومرورًا بالأبناء، وانتهاءً بالواجب المَنُوط بها، وتحقيقًا لواجب الاستِخْلاف في الأرض، وإقامة شرع الله -عز وجل- ونصرة دينه.
    المرأة المسلمة والاستجابة لأمر الله
    إن أهم المعينات على ثبات المرأة المسلمة على طريق الخير والحق، دوام الصلة بينها وبين الله -تعالى-، وإظهار عبوديتها الحقة له -سبحانه-، ومن الصور المهمة التي تجسد لنا هذه العبودية سرعة استجابة المرأة لأوامر ربها -عزوجل- ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما فعلته نساء الأنصار عندما نزلت آية الحجاب، في الوقت الذي نرى فيه اليوم كثيرا من النساء في غفلة عن ذلك، فالأم لا تريد لابنتها الحجاب حتى تتزوج، وأخرى تعتقد أن الحجاب سيدفنها ويقضي عليها، وسيحرمها من التمتع بالحياة، وثالثة تظن أن الحجاب له قيوده وضوابطه ومتطلباته، وهي لا تزال صغيرة لا تريد مثل هذه القيود والضوابط، بل تريد أن تمرح وتسرح وتجري هنا وهناك، تتمتع بحياتها قبل أن تكبر، أو قبل أن تتزوج، هذا بزعمها وإنا لله وإنا إليه راجعون، فلتتأمل كل امرأة ترجو الله والدار الآخرة موقف نساء المهاجرين والأنصار، ولتتخذهن قدوة صالحة لها، عسى أن تسير في طريق الهداية وتثبت عليه، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «يرحم الله نساء المهاجرين الأول، لما أنزل الله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (النور:31)، شققن مروطهن فاختمرن بها»، وفي رواية: «أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها».
    من أهم واجبات المرأة في بيتها
    - من أهم واجبات المرأة في بيتها تربية الأبناء والبنات، تربية إسلامية صحيحة، حتى يشبُّوا أفرادًا صالحين، وإلا كانوا وبالاً على مجتمعهم، وسببًا من أسباب فساده وانهياره؛ فالمرأة الصالحة تربي أولادها على العقيدة الصحية ، وتعلمهم القرآن، وتربيهم على هدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إن أحد العلماء يقول: تعلمت نصف علمي من أمي، كانت تقرأ علينا كلَّ يوم من القرآن والحديث. - والمرأة الصالحة تعتني ببيتها وتحافظ على نظافته، وتهيّئ أكبر قدر من الراحة لزوجها وأولادها، قال -عليه الصلاة والسلام-: «والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بَعْلِها وولدِه وهي مسؤولةٌ عنهم»، فهي تحافظ على أمواله وأولاده وعلى نفسها، سواءٌ في حضوره أم غيابه. - والمرأة المسلمة لا تحمِّل زوجها ما لا يطيق من المصروف البيتي، من الإنفاق على لباسها وزينتها؛ بل تتصرف في مالها ومال زوجها بالحكمة من غير إسراف ولا تقتير.
    المرأة المسلمة التي نريد
    إننا نُريد المرأة التي تجعل دينَها أساس وجودها وأصل حياتها، المرأة التي تجعل قدوتها أمهات المؤمنين ونساء الصحابة والتابعين -رضي الله عنهن أجمعين.
    نريد امرأة كالشفاء بنت عبدالله المهاجر -رضي الله عنها-، التي وقفَتْ بجانب الدعوة في المدينة المنورة تُعلِّم الكتابة والطب، وتشارك في بناء الدولة في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه .
    نُريدها كآلاف النساء عبر التاريخ الإسلامي اللاتي حمَلنَ رايةَ العلم والدعوة والإصلاح في المجتمع خلال العصور المختلفة.
    نريد المرأة التي لا تُخدع بدِعاياتِ التحرُّر التي تجعل المرأةَ سلعةً رخيصةً لا هدف لها إلا تقليد المرأة الغربية المتمردة على الأخلاق وكيان الأسرة وسعادتها.
    نحن في حاجة للمرأة القوية
    في عصرنا هذا المليء بالفتن (فتن الشهوات وفتن الشبهات) نحتاج امرأة تتصف بالقوة: القوة الإيمانية: بالإيمان الثابت ثبات الجبال.
    والقوة الإسلامية: بالتطبيق العملي لشرع الله، ونَبْذ الأهواء والشهوات.
    والقوة في الاختصاص: الذي اختُصَّتْ به المرأة؛ سواء في عملها المنزلي أم علمها وفقهها.
    ثم قوة العفَّة والحياء والحجاب والوقار: في وجه التحلُّل والسُّفُور.
    أخطاء تقع فيها النساء
    من الأخطاء التي تقع فيها بعض الزوجات التي حذر منها النبي - صلى الله عليه وسلم - نكران جميل الرجل وفضله بأقل إساءة إلى الزوجة، فتراها تحكي عنه في جل المجالس، متنكرة له ولإحسانه عليها، ولهذا حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على بيان تلك الصفة وهي نكران العشرة مع بيان علاج هذه الصفة السيئة من خلال الصدقة؛ فهي تطهير لهن مما يقع منهن من مخالفات ألسنتهن، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار» فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن».
    احذري أن تضيعي قلبك ووقتك!
    أعظم الإضاعات إضاعتان، هما أصل كل إضاعة: إضاعة القلب، وإضاعة الوقت، فإضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة، وإضاعة الوقت في طول الأمل، فاجتمع الفساد كله في اتباع الهوى وطول الأمل، والصلاح كله في اتباع الهدى، والاستعداد للقاء الله.
    من خصائص الأسرة المسلمة
    من أهم خصائص الأسرة المسلمة ومقوماتها حرصها على إقامة حدود الله، أي تطبيق شرعه -تعالى- في شؤونها، وقيمة الحياة الزوجية بقدر تحقيقها لهذا الهدف، فإذا نكبت عنه، أو أهملته، فلا قيمة لها، ولن تؤدي الأسرة دورها التربوي على الوجه الأمثل إلا إذا التزمت بالآداب الإسلامية في شؤونها: في طعامها وشرابها، في نومها واستيقاظها، في مجالسها وأحاديثها، في جدِّها وهزلها، في أفراحها وأتراحها، وفي سائر شؤونها، وفي هذا الجو الإيماني، وفي هذا الرقي الأخلاقي ينشأ الجيل المسلم الذي نريد.
    وجعل بينكم مودة ورحمة
    أنشأ الله -تعالى- العلاقة الزوجية على أساس المودة والرحمة والسكينة والطمأنينة قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم21]، فإذا اجتمع الزوجان على أساس من الرحمة والاطمئنان النفسي المتبادل، فحينئذ يتربى الناشئ في جو سعيد يهُبُّهَا الثقة والاطمئنان، والعطف والمودة، بعيدًا عن القلق والعقد والأمراض النفسية التي تضعف شخصيته.




  2. #82
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1236

    الفرقان






    المرأة الصالحة مشعل النور والهداية
    المرأة الصالحة هي مشعل نور وهداية وحب ووئام، وهي مدرسة إذا أُحسن إعدادها، أخرجت أجيالاً تقود الدنيا بأسرها، وتبني الحضارات ورجالها، ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجال أن يختاروا من النساء ذاتَ الدين، وألا ينخدعوا بمال ولا بجمال ولا جاه، قال - صلى الله عليه وسلم -: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، فأمره أن يختار النواة الصالحة، حتى تتكون منها أسرة صالحة في نفسها، نافعة لوطنها، ولبني جنسها.
    مواقف نبوية في تربية الأبناء
    حَوَتِ السنَّة النبويَّة الأصول التربوية التي تجعل المربِّي أكثر عمقًا ووَعْيًا ودِراية بحاله وحال المُرَبَّى، كما تُرَسِّخ عنده مَفاهِيم وتَصَوُّرات يستطيع بها قِيادَة هذه العمليَّة التربوية دون تَعقِيد لها، أو تَشتِيت لذهنه، أو تفريط في حقِّها، ومن ذلك ما يلي: عن عائشة - رضِي الله عنها - قالت: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: تُقَبِّلون الصِّبيان؟ فما نقبِّلهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أوَ أملك لك أن نَزَعَ الله من قلبك الرحمة؟»، في هذا الحديث أصلٌ كبيرٌ من أصول التربية الصحيحة المُفتَرَضة في المُربِّي، وهو ضرورة الرحمة والشَّفَقة في العمل التربوي، ويُمكِن إدراج آلاف المَسائِل والمواقف التربوية تحت هذا الأصل، كتَقبِيل الأبناء ومُعانَقتهم، وحملهم والجلوس واللَّعِب معهم، وهكذا كلُّ ما كان من صُوَرِ الرحمة والشَّفَقَة.
    وعن ابن عباس -رضِي الله عنهما- قال: «بِتُّ عند خالتي (ميمونة)، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي من الليل، فقمت أصلي معه، فقمتُ عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه»، في هذا الحديث أصلٌ آخر من أصول التربية العظيمة، وهو القدوة؛ فابن عباسٍ قام يُصلِّي؛ لأنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قام يُصلِّي، وهكذا كلُّ ابن يَتَأسَّى بقدوته في الخير أو غير ذلك، وعليه يجب تنبيهُ المربِّي على ضرورة القدوة الحسنة وخطر القدوة السيِّئة، وهذا يشمل العبادات والمعاملات والأخلاق.
    وعن عمر بن أبي سلمى قال: «كنت غُلاَمًا في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت يدي تَطِيش في الصحفة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا غلام، سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ ممَّا يَلِيك»، فما زالت تلك طعمتي بعدُ»، وفي هذا الحديث أصلٌ آخر مهم، وهو ضَرُورة التوجيه التربويِّ في المَواقِف والأحداث، ذلك أنه أثبت في ذهن المربَّى، وأوضح له من التوجيهات التربوية العامَّة؛ لذا قال عمر في هذا الحديث: فما زالت تلك طعمتي بعد.
    أمور تتساهل فيها النساء
    من الأمور التي تتساهل فيها النساء: عدم الاهتمام بتربية الأولاد تربية إسلامية، وإهمالهم فيما يقصرون فيه من أداء الفرائض وحقوق الله -تعالى-، وعدم النصح لهم والإنكار عليهم، ومن ذلك إهمال البنين لأداء الفرائض في المسجد، وكإهمال البنات إذا بلغن المحيض لأداء الفرائض والصيام وغيرها من الواجبات، وكذلك التغاضي عن المخالفات العقدية كأعياد الميلاد، ولبس الملابس التي عليها الصور أو الصلبان، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها».
    الأسرة ومسؤولية التربية الخُلُقية

    الأسرة عليها مسؤولية كبيرة في التربية الأخلاقية للأبناء، حتى يكونوا أسوياء؛ لأن الطفل الصغير كالصفحة البيضاء، فالأسرة تعمل على غرس القيم الأخلاقية في نفوسهم منذ الصغر كالتقوى والرحمة والعفو والحياء وعفة اللسان ومراعاة حق الله -تعالى- وحق رسوله سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك مراعاة حق القرآن الكريم وحق الوالدين وحق الإخوة، وحق الجار، وحق الرفيق وحق الكبير، وحُسن التعامل مع الآخرين، مع التأكيد على آداب الإسلام، كآداب السلام واللباس، وآداب اليوم والليلة، وأذكار الصباح والمساء، مع آداب الاستئذان، وآداب المجلس، وآداب الحديث، وآداب عيادة المريض، وآداب الطعام والعُطاس والتثاؤب؛ فلهذا وغيره كانت الأسرة هي أهم المحاضن التربوية التي ينشأ فيها الأبناء.
    تأثيرُ القدوةِ الصالحةِ في الأطفال
    على الأم أن تدرك أنَّ الطفلِ لا يَسْهُلُ عليه إدراكُ المعاني المجردة؛ لذا فهو لا يقتنعُ بالأوامر بمجرد سماعها، بل يحتاج مع ذلك إلى المثالِ الواقعيِّ المشاهَدِ، الذي يدعمُ تلك التعاليمَ في نفسِهِ، ويجعله يُقْبِلُ عَلَيها ويَتَقَبَّلُها ويعملُ بها، وهذا أمرٌ لم يَغْفُل عنه السَّلَفُ الصَّالِحُ، بل تَنَبَّهُوا له، وأَرْشَدُوا إليه المربين، فها هو ذا عمرُو بن عتبةَ يُرشِد مُعلِّمَ ولدِه قائلاً: «لِيَكُنْ أولَّ إصلاحُكَ لِبَنِيَّ إصلاحُك لنفسِك، فإن عيونَهم معقودةٌ بعينك، فالحَسَنُ عندهم ما صَنَعْتَ، والقبيحُ عندهم ما تركتَ، وهذا يؤكدُ أنه لا سبيل إلى التربيةِ السليمةِ إلا بوجود قُدوةٍ صالحةٍ تغدو نموذجًا عمليًّا لامتثال الأوامر، والاستجابة لها، والانزجار عن النواهي، والامتناع عنها.
    صحابية جليلة طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم الجهاد لنيل الشهادة
    صحابية جليلة طلبت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذهاب معه للجهاد؛ لتنال الشهادة فرفض وأخبرها بأنها ستموت شهيدة، قالت -رضي الله عنها-: «إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، لمَّا غَزا بدرًا ، قُلتُ لَهُ : يا رسولَ اللَّهِ ، ائذَنْ لي في الغزوِ معَكَ أمرِّضُ مَرضاكم ، لعلَّ اللَّهَ أن يرزُقَني شَهادةً، قالَ: قرِّي في بيتِكِ فإنَّ اللَّهَ -تعالى- يرزقُكِ الشَّهادةَ، قالَ: فَكانت تسمَّى الشَّهيدةُ، قالَ: وَكانت قد قرأتِ القرآنَ فاستأذنتِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أن تتَّخذَ في دارِها مؤذِّنًا، فأذنَ لَها، قالَ: وَكانت دبَّرت غلامًا وجاريةً فقاما إليها باللَّيلِ فغمَّاها بقطيفةٍ لَها حتَّى ماتَت وذَهَبا، فأصبحَ عمرُ فقامَ في النَّاسِ، فقالَ: مَن كانَ عندَهُ من هذَينِ علمٌ، أو مَن رآهُما فليَجِئْ بِهِما، فأمرَ بِهِما فصُلِبا فَكانا أوَّلَ مصلوبٍ بالمدينةِ»، إنها الصحابية الجليلة أم ورقة بنت عبدالله بن الحارث الأنصارية -رضي الله عنها.
    حقيقة الدور التربوي للأم
    ماذا نعني بدور الأم التربوي؟ إنه ببساطة دورها في صناعة الإنسان الذي يولد ولا يعلم شيئًا من أمر الحياة، فتتلقَّفه أمه وتمنحه الخطوط العريضة لشخصيته، إنه دور يتجاوز منحه الطعام الصحي والملابس النظيفة والفراش المرتب، على الرغم من أهمية هذه النقاط، لكن مع الأسف لا تفهم كثير من الأمهات طبيعة الدور التربوي المنوط بهنَّ، فلا تمنح الوقت الكمي المناسب لأبنائها، وغالبًا لا تمنحهم الوقت الكيفي النوعي، فلا تجد مجرَّد الوقت للاستماع لأبنائها، فهي مُنهَكَة في أعمالها، ناهيك عن النساء اللاتي يهدرن أوقاتهن الغالية في الثرثرة، وأمام الهاتف، وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
    أهم ملامح البيت المسلم
    البيت المسلم لابد أن يكون عامرًا بالذكر والصلاة، وهذه العبادة هي أولى الملامح التي تميزه عن غيره من البيوت، وإننا لنعجب من بعض النساء المتفرغات لبيوتهن من الشكوى بالملل والفراغ! وقد وهبها الله فرصة عظيمة لعمارة بيتها وقلبها بالعبادة، التي هي الأولوية المطلقة للإنسان المسلم، والعبادة بمعناها العام، تشمل جميع مهام المرأة، بشرط إصلاح النية، واحتساب هذه الأعمال {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162).




  3. #83
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1237

    الفرقان



    النموذج النبوي الشريف في التربية
    المسلمون في كلِّ زمان ومكان محتاجون إلى استدعاء النموذج النبوي الشريف؛ ليقتدوا به في تعليم أبنائهم ورجالهم ومجتمعاتهم، وتربيتهم التربية الصالحة التي تمكّنهم في الأرض، والعزة في الدنيا، والنجاة في الآخرة، والفوز برضا الله في كلِّ الأحوال {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21).
    كيف تحببين أبناءك في الصحابة؟
    أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هم أفضل الخلق من بعده، هم منارة الهدى وأعلام التقى، وهم السبب الأصيل في وصول الإسلام إلينا كما جاء به المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وهم قدوة في الاتباع، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، ومن حقهم علينا أن نعرِّف أبناءنا بهم ونحببهم إليهم، وإليك بعض الأساليب المفيدة لنحبب أبناءنا وبناتنا في الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين: إذا كان الابن أو الابنة يحملان اسم صحابي أو صحابية، فاحك لهما قصتهما وبعض مآثرهما.
    اطلب منه أن يقوم بِعدِّ أسماء الطلاب في صفه أو أبناء الجيران الذين يحملون أسماء صحابة.
    من الجميل أن تجتمع العائلة أسبوعيا، وتختار (شخصية الأسبوع)، على أن تكون مرة من الصحابة الذكور، ومرة من الإناث، وتختار بعض القصص المذكورة عنهم، وذكر مآثرهم وعمل مكافأة لمن يطبق هذه الأخلاق.
    عمل مسابقة (أين دفن هذا الصحابي؟) فالصحابة قد انتشروا في أرجاء المعمورة، ومعظم البلاد الإسلامية تضم في أحضانها رفات بعض الصحابة الكرام.
    إطلاق كنية على الأبناء مرتبطة باسم أحد الصحابة يغرس في قلب الطفل حب الصحابي وهو صغير، سواء من الذكور أم الإناث .
    الكثير من الشوارع والمدارس سميت على أسماء بعض الصحابة الكرام، فمن الجميل عندما نمر بإحداها أن نتعرف على ذلك الصحابي، وأن نطلب من الأبناء البحث عن سيرة ذلك الصحابي، وأن نجعل على ذلك مكافأة .
    عود ابنك على مشاهدة كتب السير التي تتحدث عن حياة الصحابة، وتدرج معهم في ذلك من الكتب السهلة البسيطة وحتى الكتب الكبيرة.
    ابدؤوا بأنفسكم
    من أفضل وسائل ترسيخ ثقافة الاعتذار في نفوس الصغار، أن يبدأ الكبار بذلك، فمن الحكمة أن يعتذر الأب أو الأم أمام الأولاد، إذا وقع أي منهما في خطأ، بل إن الوالدين إذا أخطأ أي منهما في حق أبنائهما، فمن الواجب أن يبادر بالاعتذار، فهذا أفضل أسلوب لتعزيز ذلك الخلق لديهم، الذي يرادف التواضع، علينا بوصفنا مربين، أبًا أو أما، أن نعلم أبناءنا ثقافة الاعتذار عن الخطأ، كذلك أن نعلمهم ونربيهم على قبول الاعتذار من باب التسامح والعفو، الأمر الذي يحفظ روابط المودة والأخوة، ويقوي من تماسك الأسر والمجتمعات.
    من مهام المرأة المسلمة في بيتها أسسي بيتك على كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فقد عُقد الزواج أساسًا على ذلك.
    استحضري النية في كل عملٍ تقومين به داخل بيتك «إنما الأعمال بالنيات».
    ابذلي أقصى ما تستطيعين من جهدٍ؛ فإن الله سيجزيك أضعافًا مضاعفة جنةً فيها ما لا عينُ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر.
    سمعك وبصرك وعقلك وبدنك وعواطفك وأولادك كلها أمانات ستحاسبين عليها؛ فاجعليها في طاعة الله.
    تذكري ما أنت فيه من نعمة (زوج، وبيت، وأولاد) وتذكري كم من امرأةٍ حُرمت الزوج والأولاد! فاحمدي الله على هذه النعم يزدها لكِ.
    وأخيرًا .. أختي الحبيبة، كوني كالنحلة تقع فلا تُكسر، وتأكل فلا تفسد، ولا تضع إلا طيبًا، فبيتك هو حديقة أزهارك التي تشرح الصدر وتثمر الخير، فليكن بيتك بيتًا ربانيا بيت قدوة في مظهره ومخبره لتستقيم الحياة على كتاب الله وهدي نبيه -صلى الله عليه وسلم .
    رسالة الأمَّة في الأرض
    قال الله -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة:143)، يقول المفسرون في هذه الآية: إن القرآن الكريم يحدث الأمة كلها (رجالاً ونساءً) عن دورها ورسالتها الأولى والأخيرة في هذا الكون، وعن وظيفتها الضخمة في هذه الأرض، وعن مكانها العظيم في هذه البشرية، وعن دورها الأساسي في حياة الناس، ويقتضي هذا أن تستمع إلى ربها الذي اصطفاها لهذا الأمر العظيم، وأن تنصت إلى رسولها النبي المختار والرحمة المهداة والسراج المنير، فتستضيء به، فهو رائدها وهو حاديها وهو قائدها وهو زعيمها وهو قدوتها، بل والرسول المختار من رب العالمين مالك هذا الكون إلى البشرية كلها، وهو الشهيد على الشهداء يوم القيامة؛ لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وقاموا بأداء الأمانة التي ائتمنهم الله عليها، وبالواجب الذي افترضه الله عليهم، ألا وهو تبليغ هذا الحق كاملاً وقدوة حسنة في الالتزام والصدق إلى البشرية كلها.
    من الأخطاء الشائعة عند تربية الأبناء
    من الأخطاء الشائعة لبعض الآباء والأمهات، ضرب الأبناء وتعنيفهم عند عدم تنفيذ ما يطلب منهم أو عند الخروج عن حدود الأدب، ولكن مع اعتياد الضرب فإن الأبناء لا يتأثرون به، ويصبح بالنسبة إليهم شيئا عاديا، كذلك قد يلجأ بعض الآباء والأمهات إلى التدليل الزائد للأبناء، ولكن يجب أن يكون هناك توازن، فيجب إعطاء الأبناء الحب والحنان والأمان أيضًا ولكن يتم كل هذا بتوازن محسوب.

    من أجل ترسيخ ثقافة الاعتذار في نفوس أبنائنا
    من أجل ترسيخ هذا الخلق الكريم لدى الأبناء، ينصح خبراء التربية، بالآتي: أولاً: عدم تسويغ الخطأ، وتقديم المسوغات الواهية، وإلقاء المسؤولية على الآخرين للتهرب من تحمل أعباء ذلك الخطأ.
    ثانيًا: سرعة تقديم الاعتذار تنهي الخلاف سريعًا، بينما التباطؤ في ذلك يزيد المشكلة، ويعمق الكراهية في نفس من أخطأت في حقه.
    ثالثًا: عدم التلاعب بالكلمات، وتقديم الاعتذار بطريقة واضحة وصريحة.
    رابعًا: اختيار الوقت والمكان المناسبين للاعتذار.
    خامسًا: الاعتذار أمام الملأ إذا كان الخطأ على مرأى من الجميع.
    سادسًا: من الممكن إرفاق الاعتذار بهدية، أو قبلة على الرأس.


  4. #84
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1238

    الفرقان




    دور الأم في ربط أبنائها بالله -تعالى
    ينبغي ربط قلب الولد بالله عزوجل لتكون غايته مرضاة الله والفوز بثوابه، {فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} (الأنبياء:94)، وهذا الربط يمكن أن تبثه الأمهات بالقدوة الطيبة، والكلمة المسؤولة، والمتابعة الحكيمة، والتوجيه الحسن، وتهيئة البيئة المعينة لهم على الخير.
    مسؤولية الأم في تربية أبنائها
    لابد للمرأة من الشعور بالمسؤولية في تربية أولادها وعدم الغفلة والتساهل في توجيههم كسلاً أو تسويفًا أو لا مبالاة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم:6) فلنجنب أنفسنا وأهلينا ما يستوجب النار، ودور المرأة ليس منحصرا في تربية ابنها على المأكل والمشرب والملبس؛ إذ لابد من إحسان التنشئة، ولابد من تربية أبنائها على عقيدة سليمة وتوحيد صافٍ وعبادة مستقيمة وأخلاق سوية وعلم نافع. ولتسأل الأم نفسها: كم من الوقت خصّصتْ لمتابعة أولادها؟ وكم حَبَتهم من جميل رعايتها، ورحابة صدرها، وحسن توجيهاتها؟! علمًا بأن النصائح لن تجدي إن لم تكن الأم قدوة حسنة! فيجب ألا يُدْعى الابن لمكرمة، والأم تعمل بخلافها، وإلا فكيف تطلب منه لسانًا عفيفًا وهو لا يسمع إلا الشتائم والكلمات النابية تنهال عليه؟! وكيف تطلب منه احترام الوقت، وهي تمضي معظم وقتها في ارتياد الأسواق والثرثرة في الهاتف أو خلال الزيارات؟! أختي المؤمنة: إن ابنك وديعة في يديك، فعليك رعايتها، وتقدير المسؤولية؛ فأنت صاحبة رسالة ستُسألين عنها، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم:6). وفي كل تصرف من تصرفاتها وكل كلمة من كلماتها عليها أن تراقب ربها وتحاسب نفسها لئلا تفوتها الحكمة والموعظة الحسنة، وأن تراعي خصائص النمو في الفترة التي يمر فيها ابنها، فلا تعامله وهو شاب كما كان يعامل في الطفولة لئلا يتعرض للانحراف، وحتى لا تُوقِع أخطاءُ التربية أبناءنا في متاهات المبادئ في المستقبل يتخبطون بين اللهو والتفاهة، أو الشطط والغلو؛ وما ذاك إلا للبعد عن التربية الرشيدة التي تسير على هدي تعاليم الإسلام الحنيف؛ لذلك عليها تنمية مهاراتها التربوية لتتمكن من معرفة: لماذا توجه ابنها؟ ومتى توجهه؟ وما الطريقة المثلى لذلك؟
    أخطاء تقع فيها المرأة المسلمة
    من الأمور التي تقع فيها كثير من الفتيات، أنها ما إن تنتهي إحداهن من الدراسة النظامية حتى تهجر الكتب، بل والمطالعة عمومًا، وتصبح اهتماماتها المحدودة لا تتعدى لباسها وزينتها والتفنن في ألوان الطعام والشراب، وهي هموم دنيوية قريبة التناول، لا غير، فعليها أن تعلم أن المرأة المسلمة عضو فاعل في مجتمع الإسلام، فهي مؤثرة ومتأثرة به، وهي ليست هامشية فيه أو مهملة، ولا يصح بحال أن تكون سلبية أو اتكالية؛ فأمتنا الإسلاميَّة تنتظر من يعيد لها أمجادها من أبنائها البررة وبناتها الوفيات.
    من صفات المعلمة المسلمة
    من صفات المعلمة المسلمة التواضع؛ فذلك من خلق الإسلام وقد قال -تعالى- لنبيه الكريم: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} (الشعراء:215)، فتبتعد عن المفاخرة والمباهاة، فالمعلمة التي تعامل طالباتها بصلف وكبرياء لن تجني غير كرههن لها، والمعلمة التي تسخر من طالباتها ولو بالهمز واللمز تترك جرحًا غائرًا في نفس أولئك الطالبات، فأين هي من أدب الإسلام الذي حذر من تلك المثالب بقوله -تعالى-: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} (الهمزة:1)، وأين القدوة الواجبة عليها والمنتظرة منها؟! ومن صفات المعلمة المسلمة أن تكون يقظة في رسالتها: فهي يقظة لجزئيات المنهج المدرسي لتستفيد منها كما يجب، وتوظفها لخدمة عقيدتها؛ فلا يُدرس العلم بمعزل عن العقيدة، وينبغي أن تكون المعلمة يقظة لما يتجدد من أحداث يومية: فلا تدعها تمر دون استفادة منها، بل بالطرْق والحديدُ ساخن كما يقال فتعلق على الحادثة التعليق المناسب في حينه، وعليها أن تلاحظ تصرفات طالباتها، فتزجرهن عن سيّئ الأخلاق، وترغّبهن في حسنها بطريقة سليمة ولا تلجأ للتصريح إذا نفع التلميح.
    الاهتمام بتعليم البنات
    قيل: تعليم رجل واحد هو تعليم لشخص واحد، بينما تعليم امرأة واحدة يعني تعليم أسرة بكاملها، وبتعليم بناتنا وتنشئتهن النشأة الصالحة نردم الهوة الكبيرة التي تفصل أمتنا عن التقدم في كثير من ديار المسلمين، بل إن ديننا الإسلامي بلغ فيه حب العلم والترغيب في طلبه أن دعا إلى تعليم الإماء من نساء الأمة؛ كي تزول غشاوة الجهل، وتسود المعرفة الواعية، وقبل ذلك ليُعبد الله على بصيرة، وتستقيم الأجيال على أمر الله، وفيما رواه الإمام البخاري -رحمه الله- قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران».
    المرأة المسلمة والحرص على طلب العلم
    جَاءَتِ امْرَأَةٌ إلى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بحَديثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِن نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ، تُعَلِّمُنَا ممَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، قالَ: اجْتَمِعْنَ يَومَ كَذَا وَكَذَا فَاجْتَمَعْنَ، فأتَاهُنَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَّمَهُنَّ ممَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قالَ: ما مِنْكُنَّ مِنِ امْرَأَةٍ تُقَدِّمُ بيْنَ يَدَيْهَا، مِن وَلَدِهَا ثَلَاثَةً، إلَّا كَانُوا لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ فَقالتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ. وفي روايةٍ : ثَلَاثَةً لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ.
    من وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم -للنساء
    عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا نساء المسلمات، لا تحقرنَّ جارةٌ لجارتها، ولو فِرْسِنَ شاةٍ». قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا تحقرن جارةٌ جارتها، أي: لا تستقلل جارةٌ هديةً مُهداة لجارتها، والجارة يقصد به المجاورة للمنزل، كما يقصد بها الضَّرَّة، ولو فِرْسِن شاة: الفِرْسِن، وهو عُظَيمٌ قليلُ اللحم، وهو للبعير موضعُ الحافر للفرس، ويتوسَّع فيه فيطلق على ظِلْف الشاة أيضًا، وليس المراد حقيقة الفِرْسِن؛ فإنه لم تجرِ العادة بإهدائه، ولكن المراد من ذلك المبالغة في إهداء الشيء اليسير، وقَبوله، أي: لا تمتنع جارة من الهدية لجارتها بسبب قلَّة ما تُهديه، ولا تمتنع الجارة من قَبول هدية جارتها مهما كان المُهدَى حقيرًا تافهًا.
    ما يفيده الحديث
    لا ينبغي للمسلمة أن تمتنع عن الإهداء بسبب استصغار ما في يدها.
    لا ينبغي للمسلمة أن تمتنع عن قَبول الهدية مهما صغرت.
    ينبغي للمسلمين والمسلمات أن يتهادوا فيما بينهم.





  5. #85
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1239

    الفرقان



    الالتزام بالشريعة
    اعْلمْي - رحمك الله - أنَّ من أصول الإيمان مَخافة الله، والتزام أوامره، واجتناب نواهيه، والتحلِّي بالأخلاق الإسلامية؛ فإنَّها منقذة من الضلالة، ولن يستقيمَ حال الناس في مآلهم ومعادِهم ما لم يلتزموا بشريعة الإسلام
    هاجر .. قدوة نساء العالمين
    هاجر أم إسماعيل تلك الزوجة المؤمنة، والأم الفاضلة، والمربية القائدة، قدمت إلى مكة مع زوجها إبراهيم -عليه السلام-، ومكة يومئذ صحراء قاحلة لا زرع فيها ولا ماء، فجاءت معه طائعة راغبة، وقصتها تحكي لنا واقع امرأة من بيت النبوة. فقد كان أهم ما ميزها ورفع شأنها وذكرها، طاعتها لزوجها إبراهيم -عليه السلام-؛ حيث تركها -عليه السلام- في أرض لا شجر فيها ولا بشر، وليس معها كثير زاد، ولا قريب يؤنسها في وحدتها، ولكن يستودعهما الله الذي لا تضيع ودائعه، فقالت هاجر لإبراهيم -عليه السلام-: لمن تتركنا هنا؟ فلم يرد عليها! فقالت المرأة المؤمنة: ءالله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لن يضيعنا، هكذا ببساطة وثقة ويقين، فكان عاقبة هذا التفويض المطلق والاستجابة الفورية لأمر الله بلا نقاش؛ أن فجر الله لها نبع ماء في قلب الصحراء، وكان مآل الخضوع الكامل والاستسلام لإرادة الله؛ أن أرسل الله لها قبيلة جرهم تقيم بجوارها هي وابنها لتؤنس وحشتهما، وكان الشرف الأعظم والفضل الأكبر جوارها لبيت الله الحرام، وأكرمها الله -تبارك وتعالى- بأن جعل نسكًا من مناسك الحج والعمرة وهو السعي بين الصفا والمروة على خطاها، إنها كلمات نحتاج أن نقف عندها في كل أمرٍ أمرنا الله -تعالى- به، وكل نهيٍ نهانا عنه، مادام الله أمرك بأمر حتى لو رأيت فيه - من وجهة نظرك القاصرة - مضرة لك أو فوات خير فلا تترددي ونفذي؛ فالله أعلم بما ينفعك، وسيجعل لك مخرجًا وسيعوضك خيرًا، ما عليك إلا أن تنفذي أمره ولن يضيعك الله، بل ستجدين الخير ينهال عليك من حيث لا تحتسبين.
    فاطمة بنت الخطاب.. قوة في الدين وجرأة في الحق
    صحابية جليلة اشتهرت بعبادتها وورعها، حتى أطلق عليها (التائبة العابدة)، إنها السيدة فاطمة بنت الخطاب -رضي الله عنها-، أخت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، كرست حياتها لخدمة دعوة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فأصبحت امرأة داعية تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، لقد بدأت الدعوة بمن هو أقرب منها، بدأت بأخيها عمر بن الخطاب، ولقد سجل لها التاريخ موقفا عظيما ترك في نفوس المسلمين أثرا طيبًا ودهشة عميقة، وحوّل مسار الدعوة من ضعف إلى قوة ومن خوف إلى أمن، بدأ ذلك الموقف يوم أن وقفت تلك الوقفة التي كانت سببًا في إسلام عمر -رضي الله عنها-، لقد ضربت لنا هذه الصحابية الجليلة مثالا صارخا لمن أراد العمل في حقل الدعوة، والمساهمة في نصرة دين الله -تعالى.
    صفات المرأة الصالحة
    المرأة الصالحة معظمة لشعائر الله: يقول الله -تعالى-: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، فالمرأة الصالحة تعلم أن أداءها لأركان الإسلام، وحفظ لسانها وقلبها، واحترامها لشعائر الله، وتقديرها وأدائها على الوجه الأكمل، دلالة على تقواها وصلاح قلبها.
    تحب الله ورسوله: تأتي محبة الله ورسوله على رأس الصفات التي تتوج المرأة الصالحة، ومن علامات تلك المحبة إقبالها على قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه والعمل بأوامره واجتناب نواهيه، إضافة إلى حرصها على أداء النوافل والإكثار منها، وعدم تقديمها لأي أمر على محبتها لله ورسوله، كذلك اتخاذها صحبة من الصالحات تعينها على الطاعات.
    الإيمان وحسن الخلق: من أهم الصفات التي تتحلى بها المرأة المسلمة هو الإيمان وحسن الخلق؛ فالمرأة الصالحة تحرص على سلامة الصدر من حمل الأذى والضغينة أو التفكير بسوء لخلق الله، وكذلك حفظ اللسان من الأذى، وحماية الجوارح من ارتكاب المعاصي التي نهى الله عنها، وتحقيق أركان الإيمان التي أمرها الله بها.
    الطاعة هي اللغة السائدة
    أهم ما ميز أسرة نبي الله إبراهيم -عليهم السلام- الطاعة المطلقة لله -تعالى-، فهاجر المؤمنة أطاعت زوجها لطاعته لله عندما تركهما في الصحراء، ثم يخرج الابن البار إسماعيل -عليه السلام- الطائع لأبيه فيقول:- {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (الصافات: 102)، فالأسرة كلها مطيعة لربها، الزوجة تطيع زوجها، الابن يطيع أباه، الجميع يسير في كنف الطاعة، وبفضل طاعتهم أنجاهم الله -تعالى- في كل المواقف التي مروا بها:- {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (الطلاق).
    العمل الأهم للمرأة المسلمة
    عمل المرأة المسلمة الأهم والأعظم هو تربية أبنائها والانشغال بهم، وهذه رسالة جليلة وعمل فريد لا تقوم به إلا المرأة، فعلى عملها هذا يتوقف مستقبل الأمة، وبهذه الوظيفة تسعد الأسر، وتنجو الشعوب من مهلكات تحيق بها إن أهملتها أو فرّطت فيها؛ فالأمومة ليست نومًا، ولا كسلًا، ولا فراغًا، وإنما هي كفاح، وصبر وبلاء، وفداء، وإيثار، وتضحيات، يهون بجانب ذلك كل عمل من الأعمال.
    احذري.. هذه المعوقات المحبطات للأعمال!
    احذري الكسل والفتور! فإنه يقعد عن العمل ويضيع الأوقات والفرص والمناسبات، وربما تحوّل إلى داء يستمر معكِ ولا يترككِ.
    احذري الرياء والسمعة! فإنه يحبط العمل.
    احذري حظوظ النفس! التي من أبرزها الأنانية ونسبة الأعمال إليكِ، وتقليل عمل من كان معكِ.
    احذري التذمر والتشكي! فإن ذلك من أنواع المنة - والعياذ بالله - بل كوني صامتة محتسبة.
    احذري الانقطاع عن العمل! فكثيرات يأخذهن الحماس ليوم أو يومين لكنها بعد ذلك تتوقف، والعمل المستمر حتى وإن كان قليلاً فإنه أدعى للاستمرار يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل».
    احذري الحقد والحسد والكبر! وطهري قلبكِ منهما.
    التساهل في النصيحة
    من الأمور التي تتساهل فيها بعض النساء التقصير في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة وغض الطرف عن المخالفات التي تراها في الأوساط النسائية، والله -تعالى- يقول: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم}.


  6. #86
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1240

    الفرقان

    الشريعة وبناء الأسرة
    اهتمَّت الشريعة الإسلامية ببناء الأسرة اهتماما بالغا؛ لأنّها نواة المجتمع وأساسه، وأساس الأسرة هما الزوجان؛ فصلاح العلاقة بين الزوجين صلاح للأسرة، وفسادهما فساد للأسرة، وبصلاح الأسرة يصلح المجتمع، والعكس صحيح.
    السكن والتراحم أهم مقاصد الأسرة في الإسلام
    السكن والتراحم من أهم المقاصد الأساسية للأسرة في الإسلام، وقد أشار إليهما القرآن في قوله -تعالى-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (الأعراف: 189)، وقوله -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21). والسكن مضاد التحرك، ويطلق في الاستخدام القرآني على معنيين، السكن المادي ومنه قوله -تعالى- {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} (النحل: 80)، والسكن المعنوي كما في قوله {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} (التوبة: 103)، ولأجل تحقيق مقصد السكن خلق الله الزوجين من نفس واحدة؛ لأن ذلك أدعى للتآلف وأبعد عن التنافر، ولأجله أيضا شرع الزواج على التأبيد لا التأقيت، ومن ثم عد الإسلام أي نوع من أنواع الزواج المحددة بإطار زمني باطلة ولا تصح شرعا، ولأجله أيضا شرعت أحكام المعاشرة بالمعروف وآدابها بين الزوجين، ووصفها الله بالخيرية؛ إذ يقول -سبحانه- وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنّ َ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء:19) وهو ما يعني أن ما عدا المعاملة بالمعروف ليس سوى الشر أو الإثم، كذلك التراحم فهو يتخلل مجمل العلاقات الأسرية ويتجلى من خلالها؛ فهنالك تراحم بين الأزواج بعضهم بعضا، وتراحم بين الآباء والأبناء كما هو الحال بين نوح وابنه، وتراحم بين الإخوة كما هو الحال بين موسى وهارون، وتعدد مستويات التراحم يؤكد أنه الحافظ للاجتماع الأسري وأساس التراحم الاجتماعي.
    أخطاء تقع فيها النساء: التساهل في إظهار الزينة للأقارب
    من الأخطاء التي تقع فيها النساء التساهل في إظهار الزينة أمام الأقارب من غير المحارم، بحكم صلة الرحم التي تجعل بينهم صلات قوية وزيارات واجتماعات، لكن هذه الأمور كلها لا تبيح للمرأة أن تبدي زينتها للأقارب من غير المحارم، كابن العم، وابن العمة، وابن الخالة، وابن الخال، وغيرهم؛ فهؤلاء ليسوا محارم لها، فقد أخرج البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إيَّاكم والدخول على النساء! فقال رجل من الأنصار يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت»، فهذا الرجل كان يظن أن دخول الأقارب على المرأة لا شيء فيه، لكن الرسول بيَّن أن (الحمو) وهو قريب الزوج أو الزوجة في دخوله خطورة ومفاسد تشبه الموت، وعلى هذا فلا ينبغي أن تظهر المرأة أمام أقاربها أو أقارب الزوج، كما تظهر على إخوتها، أو كما تجلس مع زوجها (مع مراعاة عدم الخلوة).
    احذري .. هذه المعوقات المحبطات للأعمال!
    من الصفات التي ينبغي على المرأة المسلمة التحلي بها: كتمان أسرار بيتها؛ فلا تخبر فلانة ولا فلاناً بأخبار بيتها، ولا فيما يدور بينها وبين زوجها وأبنائها وبناتها، ولا تُخرج ما يحصل من الخلاف والمشكلات؛ فكلُّ بيتٍ لا يخلو من ذلك، والمرأة العاقلة تكتم وتعالج ذلك بالحكمة والرفق؛ فإنَّ بعضًا من الناس إذا علموا عمَّا يدور في البيت أخذوا يُخبِّبون النساء على أزواجهن؛ فيزيدون المشكلات إضراماً، ويتسببون في خراب البيوت وتفريق شمل الأسرة وتشتيت الأبناء والبنات، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا».
    صفات أمهات المؤمنين
    كثيرٌ من النساء المسلمات في عصرنا الحالي لا يعلمن عن صفات أمهات المؤمنين، ولا كيف كنّ؟ ولا ماذا أنجزن؟ كثيرٌ من الأمهات لا يربّين بناتهن على الاقتداء بنساء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا يُعلّمهن صفات أمهات المؤمنين، حتى بات الكثير من النساء في عصرنا الحالي يعتقدن أنّ وجود المرأة يقتصر فقط على الزواج والإنجاب، فمَن أفضل من أمهات المؤمنين قدوة لنا ولأولادنا؟ وكيف لا نحكي لهم عن السيدة عائشة -رضي الله عنها-، وعن السيدة زينب -رضي الله عنها- التي عُرفت بكرمها وحبّها لمساعدة الفقراء والمساكين؟ وعن السيدة خديجة -رضي الله عنها- التي وقفت بجانب زوجها سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في أيام الوحي وكانت أوّل من صّدقه.
    حسن العشرة وقاية من الطلاق
    حسن العشرة من الوسائل الاحترازية التي تحمي الأسرة من الوقوع في الطلاق؛ لأن حسن العشرة تديم الألفة والمودة والحياة بين الزوجين، وقد قال الله -تعالى-: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنّ َ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء: 19)، فالله -تعالى- يُحذّر من التسرع في الطلاق والتعجل فيه، وأن الإنسان إن كره من زوجته شيئا، فلا يتصور أن ما يكرهه سبب للطلاق، فعسى أن يكون في هذا الذي يراه شرا خير، وعليه أن يتمهل؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يفرَك مؤمنٌ مؤمنةً، إن سخِطَ منْها خُلقًا رضِيَ منْها آخرَ»، والأمر كذلك للنساء، لا تفرك مؤمنة مؤمنًا، إن كرهت منه خلقا رضيت له آخر.
    التخفف من المشكلات الأسرية
    من المهم أن يدرك الأبوان حاجة الأبناء لظروف أسرية مناسبة، فيها الاستقرار والرعاية والحنو؛ حتى يواصلوا عامهم الدراسي بنجاح وتميز، فمما لا شك فيه أن المشكلات الأسرية تؤثر بالسلب على التحصيل الدراسي للأبناء، وتصيبهم بالقلق والتوتر، وتتفاقم هذه الآثار بقدر ما تتعمق الخلافات الزوجية بين الأبوين، ولهذا، على الأبوين مراعاة ذلك، وإنهاء مشكلاتهما الأسرية، أو على أقل تقدير عدم مناقشة المشكلات الزوجية بحضور الأبناء، ولا سيما إذا كانوا في سن صغيرة؛ حتى يتم تجنيبهم الآثار السلبية لهذه المشكلات، وانعكاساتها على تحصيلهم الدراسي، فضلًا عن استوائهم النفسي.
    أم عطية الأنصارية رضي الله عنها.. الصحابية الفقيهة
    الصحابية الجليلة أم عطية الأنصارية، هي نَسِيْبَةُ بِنْتُ الحَارِثِ وَقِيْلَ: نَسِيْبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ، وهي صحابية جليلة من كبار نساء الصحابة، وهي من الصَّحَابَيات الفقيهَات، لَهَا أَحَادِيث عِدَّةُ، وروى عنها عدد من التابعين، وَهِيَ الَّتِي غَسَّلَتْ زَيْنَبَ بِنْتَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكانت تسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يخرج مع أصحابه لتقوم على رعايتهم، وتوفيت في حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعِينَ. كانت أُمّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- أنموذجًا للمرأة النشيطة التي تحرص على التعلم، وكانت تأخذ التوجيهات من النبي وتبلغها للنساء وتقوم على تنفيذها معهن، كما كانت تبادر إلى العمل التطوعي؛ فقد قَالَتْ: سافرتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وصحبه سَبْعَ مراتٍ؛ فَكُنْتُ أَصْنَعُ لَهُمْ طَعَامَهُمْ، وَأَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، وَأُدَاوِي الْمَرْضَى، وَأَقُومُ عَلَى رعايتهم، ونقلت أم عطية ما أخذته من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كثير من فقهاء التابعين الذين اعتمدوا بعد ذلك على أحاديثها فيما يتعلق بأحكام النساء.


  7. #87
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1241

    الفرقان



    المرأة وفقه الأولويات
    على المرأة المسلمة وضع كل مهامها وفقًا لمدى الأولوية التي تندرج تحتها؛ فهي أولًا أَمَة لله -تعالى- عابدة له، ثم هي زوجة عليها يتقدم العمران، وهي أم صانعة للأجيال، وهي مسؤولة عن بيتها راعية له، ثم هي داعية لمحيطها وفقًا لقدراتها، فهي إيجابية متفاعلة، تقدم خدمات ضرورية ولازمة لنهضة أمتها.
    المرأة وصلة الرحم
    عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله -تعالى- خلَق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامَتِ الرَّحِمُ، فقالت: هذا مقامُ العائذِ مِن القطيعة، قال: نعم، أما تَرْضَين أن أصِلَ مَن وصلكِ، وأقطع مَن قطعكِ؟ قالتْ: بلى، قال: فذلكَ لكِ»، ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرؤوا إن شئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}» (محمد:22). في تلك الصورةِ الرائعة التي تحدَّث عنها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ مبينًا حقيقة الموقف الإلهي من الرَّحِم ومن وصلها - تتجلَّى حفاوةُ الإسلام بصلة الرحم؛ حيث تقوم بين يدي الله فتستعيذُ به ممَّن قطعها، وكانت عنايةُ الإسلام بصلة الرحم مِن المبادئ الإسلامية الأولى منذ اليوم الأول الذي صدع فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بدعوته؛ فهذا جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - في حواره الطويل مع النجاشي مَلِكِ الحبشة، يقول له: «وأُمِرْنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء»، ولا يَخفَى على المرأة الفَطِنة الواعية أن صلةَ الرحم مَطلوبةٌ مِن المرأة، كما هي مطلوبة مِن الرجل، والخطابُ مُوجَّه للإنسان المسلم حيث كان، والمرأةُ التي رشَّحَتْ نفسها لتكونَ امرأةً مؤمنة تعمل على نهضة الأمة ورفعتها، تُمارِس الصلة بنفسها وتُمارِسه بحثِّ زوجها، وتعليم أبنائها وتحبيبها إليهم.
    كوني قدوة لبناتك
    الأم في بيتها قدوة لبناتها في ملابسها وحجابها وكلامها وحشمتها؛ حيث إنهن ينظرن لها مربيةً ومعلمةً، وفي الغالب الأعم تكون البنات على أخلاق أمهاتهن، فلتتقِ الله -تعالى- الأمهات في فلذات الأكباد، ولتستثمر ذلك في دلالتهن على الخير، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من دل على خير، فله مثل أجر فاعله».
    صلة الرحم أمر هين لين
    صلة الرحم أمرٌ هيِّن ليِّن، تارة تكون بالزيارةِ الوَدود التي تُوطِّد أواصر القربى، وتفجر ينابيع المحبة والمودة، وتارةً تكون بالكلمة الطيبة، والبسمة الحانية، واللقاء الحسن، والمزاج المعتدِل، والسؤال الصادق عن الأخبار والأحوال، وتارةً بالنصيحة الصادقة الصادرة من قلب حريص على الآخر، يحبُّ له ما يحب لنفسه، وتارةً بإظهار العطف والشفقة والمواساة، وتارةً بالمال الذي يدفع الفاقة ويُنفِّس الكربة، إلى غير ذلك مِن أعمالِ البر والخير والتواصل، التي تزكي العاطفة الإنسانية، وتُنمِّي مشاعر الألفة والمحبة والتكافل والتراحم؛ ولهذا جاء التوجيهُ النبوي الكريم حاضًّا على استمرار الصلة، ولو كانت في أبسط أنواعها وأقلها كلفةً؛ «بُلُّوا أرحامكم ولو بالسلامِ».
    المرأة في عصر النبوة
    المرأة في عصر النبوة لم يكن يمنعهنَّ الحياء الذي يَتَحَلَّيْنَ به أن يتفقَّهن في الدين، ويسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عمَّا جَهِلْنَ منه، ولم تكنْ رعايتهنَّ البالغة بحقوق الزوج والبيت والولد، لِتحولَ بينهنَّ وبين المنافسة في الهدى والخير، والمثوبة والبر، ابتغاء رضوان الله ورسوله، قُلنَ يومًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، غلبَنا عليك الرجال، فاستأثروا بك، وذهبوا بحديثك، فاخْتَر لنا يومًا من تلقاء نفسك نأتيك فيه، فتعظنا بمواعظ الله، وتعُلِّمنا ممَّا علَّمك الله، فقال: «موعدكنَّ بيت فلانة»، فاجتمعن فيه، إنه أدبٌ في الخطاب، وكَرَمٌ في الجواب، وحِرْصٌ على الوفاء، رغبةً في العلم والتعليم، ورجاء للفقه في الدين، وهذا بعض ما كان منه ومنهنَّ، -صلوات الله وسلامه عليه-، و-رضوان الله عنهن.
    من حق الزوج على زوجته
    من حق الزوج على زوجته أن تطيعه في غير معصية، وأن تحفظه في نفسها وماله، وأن تمتنع عن مقارفة أي شيء يضيق به، فلا تعبس في وجهه، ولا تبدو في صورة يكرهها، وهذا من أعظم الحقوق، روى الحاكم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الناس أعظم حقًا على المرأة؟ قال: زوجها، وقالت: فأي الناس أعظم حقًا على الرجل؟ قال: أُمه»، ويؤكد رسول الله هذا الحق فيقول: «لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها»، وقد وصف الله -سبحانه- الزوجات الصالحات فقال: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} (سورة النساء: من الآية 34)، والقانتات أي الطائعات، والحافظات للغيب: أي اللائي يحفظن غيبة أزواجهن، فلا يخنَّه في نفس أو مال، وهذا أسمى ما تكون عليه المرأة، وبه تدوم الحياة الزوجية، وتسعد، وقد جاء في الحديث، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها طاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك».
    احتواء الخلافات لدوام العشرة
    على المرأة المسلمة أن تحتويَ الخلاف مع زوجها، ولا تُظهره لأولاده، وأن تتنازل وتتغافل فيما يمكن التنازل والتغافل عنه بقدر الإمكان، وذلك مقابل بقاء العشرة الزوجية واستمرار تلك الأسرة يسودها الألفة والمحبة، وهكذا للزوج يقال فيما يخصه من التنازل والتغافل فيما يمكن التغافل عنه، أما إذا صار الزوجان متقابلين في الخصومات واللجاجات، فإن الأسرة لا تستقر ولا تطمئن، وتنخر فيها المشكلات، وتتسع دائرة الخلاف، وحينها يصعب الحل.
    الحياء والإيمان قرينان
    قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الحياء والإيمان قُرِنا جميعاً، فإذا رُفِعَ أحدهما رُفِعَ الآخر»، وقال الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحياءُ خيرٌ كُله»، من هنا فإن حرص المرأة على الحياء والاستمساك به، هو الحرص على الفضيلة والعفة والخُلُق القويم، الذي يجبر كل تقصير، ويمنع كل قبيح، ويأمر بكل مليح؛ فما كان الحياءُ في شيءٍ إلا زانهُ، وما نُزِعَ من شيءٍ إلا شانهُ، فلو ضاع الحياء ضاعت المرأة معه؛ إذ أنه لا يمكن الوصول إلى المرأة والإيقاع بها قبل القضاء على هذا الخُلُق العظيم (خُلُق الحياء).
    أمور تتساهل فيها النساء
    من الأمور التي تتساهل فيها بعض النساء، التلطف واللين في الكلام عند مخاطبة الرجال الأجانب عنها؛ فالإسلام حرَّم على المرأة كل ما يلفت نظر الرجال إليها، فحرَّم عليها أن تتعطر لكون الرائحة الطيبة تلفت الأنظار إليها، وحرَّم عليها لفت الأسماع بصوت يصدر من حليها وخلخالها، قال -تعالى-: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور: 31)، فكذلك حُرِّم عليها التَّرقُّق والتلين في الكلام؛ حتى لا يطمع فيها الرجال، قال -تعالى-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} (الأحزاب:32)، قال ابن كثير -رحمه الله في تفسير هذه الآية-: «ومعنى هذا: أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها».


  8. #88
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1242

    الفرقان



    وقفات في تربية الفتيات
    الأم عليها مسؤولية كبيرة في تربية الفتيات ورعايتهن، وقد ورد فضل عظيم في السنة لمن أحسن تربية الفتاة ورعاها حق الرعاية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ابتلي من هذه البنات بشي فأحسن إليهن كن له سترا من النار»، وإليك بعض الوقفات في تربية البنات: أولا: ربِّ الفتاة على محبة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمهما منذ الصغر، واغرسي في قلبها معاني الإيمان، ونشئيها على مراقبة الله في كل عمل تقوم به، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتني بذلك؛ فقال لابن عباس -رضي الله عنهما-: «يا غلام، إني أُعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سأَلت فاسأَل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله..» الحديث.
    ثانيا: ربِّها على الحياء ومعانيه الجميلة بالقول والفعل والقدوة والسلوك، تارة بالنصيحة المباشرة وتارة بالموعظة وتارة بالقصة المشوقة، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْحَياءُ لا يَأتي إِلاّ بِخَيْرٍ».
    ثالثا: احرصي على تعويد الفتاة في الصغر على اللباس الساتر الواسع عند المحارم، وعوديها أيضًا على لبس الحجاب عند خروجها، ولا تتساهلي في ذلك بحجة أنها صغيرة؛ فإن الفتاة تعتاد على ما نشأت عليه، واعلمي أن الفتاة تقتدي غالبًا بأمها فكوني قدوة حسنة لها.
    رابعًا: مما يبني شخصية الفتاة ويقويها أن تعطيها الأم دورا في البيت وعملا مناسبا لإمكانياتها تقوم به، وتشعر بالمسؤولية تجاهه، كالطهي والتنظيف ورعاية أخواتها وغير ذلك مما يملأ وقتها، وينمي قدراتها، ويشعرها بالسعادة والثقة في النفس.
    خامسًا: يجب أن تخصص الأم وقتا لسماع ابنتها ومعرفة أحوالها، والتحاور معها ومناقشتها وتصحيح مفاهيمها وتوعية فكرها؛ فإن الفتاة بحاجة ماسة إلى من يستمع إليها ويحتويها ويعالج مشكلاتها ويرعى اهتماماتها.
    صلاح البنين والبنات
    صلاح البنين والبنات مهمة تؤرِّق المربين، وشغلهم الشاغل، ولا سيما مع مُدلهمات الفتن والانفتاح التقني، لكن صدق اللجوء إلى الله خير معين، فابتهال الأبوين وتضرُّعهما إلى الله أن يصلح أولادهم دأب الصالحين، ودعاء الوالدين للأبناء مستجاب في الأغلب، قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (الفرقان: 74).
    الاستخدام الخطأ لمفهوم الثقة
    بعض الأمهات يخطئن في استخدام مفهوم الثقة مع بناتهن، فالكثير منهن يسئن فهم هذا المبدأ، ويعطين الفتاة حرية مطلقة في استخدام وسائل الاتصال والخروج والعلاقات وغير ذلك من التصرفات، وهذا فهم خطأ وخطير، ربما يوقع الفتاة في ورطة كبيرة وفتنة كبيرة لا يمكنها الخروج منها، والصواب أن الفتاة مهما كانت عاقلة وصالحة وواعية ينبغي الحرص عليها، وعدم إعطائها حق التصرف المطلق، بل تعطى شيئا من الحرية التي تناسب عمرها ومرحلتها الفكرية والسلوكية، مع متابعتها وإشعارها بذلك، والاطلاع على طبيعة علاقاتها بالآخرين ومعرفة صديقاتها.
    كيف تكسبين زوجك؟
    هذه وصايا نافعة تحبب المرأة لزوجها وتسعده بها: أطيعي زوجك ولا تعصيه أبدا إلا فيما حرم الله؛ فلا طاعة لمخلوق في معصية الله.
    توددي له بالأسلوب الحسن والكلام الطيب، واختمي كلامك دائما بالثناء والدعاء المناسب، كقولك: الله يعافيك والله يحفظك.
    تعاهديه بالهدايا ولو كانت رمزية؛ فإنها دليل الوفاء والارتباط الصادق.
    اعتني دائما بالمظهر الحسن والهندام الجميل واحرصي على ألا يجد منك ما يكره.
    تفهمي نفسية زوجك وطبيعته من حدة أو عصبية أو حساسية وغيرها؛ فتجنبي الأمور والأحوال التي تخالف طبيعته أو تؤدي إلى انفعاله وغضبه.
    إياك وكثرة الشكوى! فإن أبغض النساء عند الرجال المرأة الشكاية، ولا سيما إذا كان هذا السلوك أمام الآخرين.
    لا تكثري على زوجك من الطلبات، وكوني واقعية ومتعقلة، وليكن طلبك في الوقت المناسب.
    كوني صريحة وواضحة في شؤونك جميعها مع زوجك، وأبلغيه عن كل أمر يجدُّ في حياتك، ولا تقدمي على أمر في حياتك حتى تخبريه.
    التحلي بالأخلاق الفاضلة
    من صفات المرأة الصالحة: تحليها بالأخلاق الفاضلة والسجايا الحسنة من صدق الحديث، وأداء الأمانة، والحلم، والأناة، والتؤدة، وحسن الوفاء، وحفظ السر، وحفظ الجميل، والمكافأة على المعروف، وغير ذلك من مكارم الأخلاق، قال -تعالى- {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن»، وإياكِ أن تكوني سيئة الخلق! ينفر الناس منك ويتقون شرك، ويحرصون على مجافاتك والابتعاد عنك؛ فإن أعظم حسن الخلق كف الأذى عن الناس وطلاقة الوجه.
    امرأة من أهل النار
    امرأة من أهل النار استحقت هذا الوصف؛ بسبب أفعالها المشينة، من: سلاطة اللسان، وإيذاء الآخرين من الزوج والأقارب والأصحاب والجيران؛ فلا يكاد أحد يسلم من كلماتها النارية، والكل يحذرها ويداريها اتقاء لشرها، عن أبي هريرة قال: قال رجل يا رسول الله: إن فلانة فذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال: «هي في النار».
    التبذير في الإنفاق من مسالك الشيطان
    على المرأة المسلمة أن تقتصد في الإنفاق؛ فالإسراف والتبذير في الإنفاق مسلك من مسالك الشيطان ومجلبة للإثم، ومفسدة للمال، ومدعاة للندم قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}، وقال -تعالى- {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «كلوا وتصدقوا، والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة»، فلا تبالغي في تتبع الموضات والزينات التي تفتتن فيها المرأة غالبًا، فإن ذلك دليل على نقص الإيمان وقلة العقل وضعف الشخصية، فعليك بالعقل والتدبير في المال الذي استودعك الله إياه وكوني حازمة في هذا الأمر، واعلمي أن الدنيا لا تدوم على مثل هذه الحال؛ فأعدي ليوم الشدة والضيق ما يقويك ويغنيك عن الخلق ويصون ماء وجهك.
    أخطاء تقع فيها بعض النساء
    من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء: جفاء الزوجة لأم زوجها، والتقصير في السؤال عنها وزيارتها، وتزهيد زوجها في أمه وأهله، وعدم احتمال هفوات الأم اليسيرة العابرة، وربما تطاولت عليها في الكلام والفعال، والإنكار على الزوج في بذل ماله لأمه وأهله ونحو ذلك.


  9. #89
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1243

    الفرقان



    أهمية العلم بسِيَر أمهات المؤمنين
    إن أهمية العلم بسير أمهات المؤمنين، اللاتي طهرهن الله واختصهن بمكانة عالية، ليكنّ مدارس للتربية والفضيلة، ومنارات هادية للأخلاق والقيم الإسلامية، تكمن في نقلهن لأجيال المسلمين الحكمة النبوية والأخلاق الحميدة من خلال عيشهن في بيت النبي الكريم، ليصنعن نموذجًا مثاليا للمرأة المسلمة الصالحة، المتعلمة والعاملة، والصابرة الزاهدة. لقد اختص الله -تعالى- كل واحدة من أمهات المؤمنين بمزايا وخصائص، لا توجد في نساء العالمين، كيف لا؟ وقد زكاهن الله في كتابه الكريم، وسجل لهن هذا الفضل في قرآن يتلى إلى يوم الدين، ومما فضلهن الله به، أن الوحي المبارك كان يتنزل في بيوتهن في الليل والنهار، وليس بعد ذلك الفضل شرف ومنقبة، ومنزلة ومرتبة، قال -تعالى-: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} (الأحزاب:34)، وقد نقلت أمهات المؤمنين ما كان يجري في البيت النبوي، من الهدي والسمت إلى الأمة الإسلامية، ولقد بين القرآن الكريم أن لأمهات المؤمنين فضائل ومناقب شريفة، منها أنهن أمهات للمؤمنين والمؤمنات جميعهم، مع ما لهن من شرف الصحبة والمعية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن تلك الفضائل العلية: أنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، على زينة الدنيا ومتاعها، لما خيرهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وآثرن الصبر على الجوع، والعيش على ما تيسر من زاد قليل، ومتاع زهيد من كسوة وبيت وغيره، كما ذكر الله ذلك فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنّ َ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}(الأحزا ب: 28-29).
    رسالة إلى كل فتاة
    الحياء زينتك، وتاج أمرك، وهو منبع الإيمان بالله -تعالى-، فلا ترخي سمعك لأولئك المخادعين، الذين يدعونك إلى التبرّج باسم الحرية والانفتاح؛ فالحرية في ديننا هي العبوديّة المطلقة لخالقنا -سبحانه وتعالى-، وبانضباطنا للشرع وامتثال الأوامر واجتناب النواهي، وبهذا نكون على الطريق المستقيم الذي يرضاه الله لنا -سبحانه وتعالى.
    أمهات المؤمنين معلمات وقدوة للبشرية
    أمهات المؤمنين قدمن مثالا صادقا على سلوك المرأة المسلمة الصالحة، العالمة والعاملة، والمجاهدة في سبيل الله، والحافظة لبيتها وزوجها، فوجب علينا التعرف عليهن، وعلى حياتهن وفضلهن، ومكانتهن في الإسلام بعد دخولهن بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد اهتدين بهديه - صلى الله عليه وسلم -، ونهلن من ينابيع العلم النبوي، والمعرفة بكتاب الله -عز وجل-، فهن معلمات وقدوة لنساء البشرية جميعا، بنقل سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الشريفة، والتعريف بأحواله وأعماله وخلقه في بيته وبين أهله.
    أهمية وجود المرأة القدوة
    إن وجود المرأة القدوة من أعظم أسباب القوة والالتزام والعطاء في المجتمع المسلم؛ وذلك لأن وجود المرأة القدوة يعني وجود البنت الصالحة والزوجة الصالحة والأم المربية، ومن ثم وجود الأسرة الناجحة والذرية الصالحة والمجتمع المسلم المنشود، فنحن عندما نولي المرأة اهتماماً كبيراً فإننا نهيئ أسباباً عظيمة لأهم الأمور وأخطرها في بناء المجتمعات عمومًا، وفي بناء المجتمع المسلم خصوصًا.
    قدوات زائفة!
    من الفتن المعاصرة أن يرتبط كثير من الفتيات عبر وسائل التواصل والإعلام الحديث بشخصيات لا تصلح أن تكون قدوةً في دين ولا علم، ولا خلق ولا سلوك، إما لفسادها وانحرافها وإما لجهلها وسطحيتها، إن هذه القدوات الزائفة قد تزين للمعجبات بهن الإلحاد والبدع والتبرج والاختلاط والتمرد على منظومة القيم والأخلاق، بأسلوب مباشر مرة وبأساليب غير مباشرة في كثير من الأحيان، فعلى الآباء والأمهات أن يبينوا لبناتهن خطر اتخاذ هؤلاء قدوة لهن، وآثاره السيئة عليهن، وعليكم أن توثقوا صلتهن بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبسير الصالحين والصالحات من سلف هذه الأمة، فسيجدن القدوة الصالحة في العقيدة والإيمان والعبادة والأخلاق.
    كيفية زكاة حلي النساء
    سئل الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- كيف نزكي ذهب النساء؟ فأجاب -رحمه الله-: يزكى مثل ما يزكى غيره ربع العشر، بالنسبة للذهب يزكى ربع العشر ولو يلبس، الصواب فيه: الزكاة ولو يلبس، إذا بلغ النصاب تخرج ربع العشر من قيمة الحلي من الذهب، والخواتم، والقلادة، والأسورة، وغير ذلك، يعرف وزنه في السوق، ويزكى بقدر قيمته في السوق الذهب المعروف، هذا إذا كان ذهبًا وفضة، أما غير ذلك من الماس، وأنواع الحلي التي غير الذهب والفضة فما فيها زكاة إذا كانت للبس، لا للبيع، ولا للتجارة، ليس فيها زكاة.
    أثر القدوة الصالحة
    إن القدوة الحسنة لها الأثر البالغ في تقويم العقيدة والعبادة والخلق والسلوك، وكذلك القدوة السيئة لها الأثر البالغ في الزيغ والضلال في العقيدة والعبادة والخلق والسلوك؛ فلتحرصي أختي غاية الحرص على أن تقتدي بالصالحات، ولتحرصي أن تكوني قدوة صالحة لزوجك وبناتك وأبنائك وغيرهم كما قال -تعالى- عن عباد الرحمن أنهم يدعون ربهم فيقولون: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
    مخالفات تقع فيها النساء
    من الأمور التي تتساهل فيها بعض النساء ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا سيما في الأوساط النسائية، والله -تعالى- يقول: وَالْمُؤْمِنُون َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَه}، وكذلك إهمال بعض النساء للنصح للزوج والأولاد - بنين وبنات - فيما يقصرون فيه من أداء الفرائض، وعدم النصح لهم، ومن ذلك تكاسل الزوج والأبناء عن الذهاب للمسجد لأداء الفرائض، وكإهمال البنات إذا بلغن المحيض لأداء الفرائض والصيام وغيرها من الواجبات.
    مفهوم العزة بالإسلام
    من أهم المفاهيم التي ينبغي على المرأة المسلمة أن تتشربها وترسخها في نفسها: مفهوم العزة بالإسلام، والعزة لهذا الدين، فهذه العزة تصنع من شخصية المرأة المسلمة شخصية تستطيع بها أن تكون امرأة قدوة، ومربية، وداعية، وصابرة، وأن تكون امرأة مستعلية على ركام الدنيا بكل ما تحويه من الفتن، فإذا فقدت المرأة عزتها بهذا الدين فإنها تصبح نهماً وطمعاً لكل عدو ماكر يتربص بها الدوائر، ويريد أن يدخل إلى نفسها كل غريب عن الإسلام، وكل منافٍ لدين الله، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «كنا أذل أمة فأعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله».


  10. #90
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1244

    الفرقان



    نصيحة لمن تريد الثبات
    من أرادت الثبات على الاستقامة، والفوز والفلاح في الآخرة فعليها أن تجاهد نفسها على التمسك بتعاليم القرآن، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، والوقوف عند حدوده، فمن فعلت ذلك فقد سلكت سبيل الهدى والاستقامة.
    القرآن الكريم يرشدنا إلى مكارم الأخلاق
    أختي الكريمة، من المعلوم بالضرورة أن الله -سبحانه و تعالى قد منَّ على البشرية بخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأتم عليه وعلى أمته النعمة بأن أنزل عليهم القرآن الكريم، وبالتأمل والتدبر نجد أن القرآن الكريم يرشدنا إلى مكارم الأخلاق، ويحث عليها. ومن هنا ندرك قيمة حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حينما سُئلَت عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: «كان خلقه القرآن»، ومن هذا الوصف لأم المؤمنين -رضي الله عنها- ندرك أن أخلاق نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - كانت متمثلة في اتباع القرآن، والاستقامة على ما تتضمنه آياته من أوامر ونواهٍ، والتَّخلق بالأخلاق التي امتدحها القرآن الكريم وأثنى على أهلها، والبعد عن الأخلاق التي نهى عنها القرآن الكريم وذم أهلها، قال -تعالى-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)، قال ابن كثير -رحمه الله-: ومعنى هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - صار امتثال القرآن أمرًا ونهيًا سجيَّةً له وخُلقًا، فما أمره به القرآن فعله، وما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم، من الحياء والكرم والشَّجاعة والصفح والحلم، وكل خُلقٍ جميل، والقرآن الكريم مليء بالآيات التي ترشدنا إلى مكارم الأخلاق؛ فمن أرادت أن تستمر على طريق الاستقامة، بل وترتقي بأخلاقها حتى يستقيم قلبها، وتستقيم جوارحها وتكون أمةً ربانيةً حقا، وتكابد نفسها الأمارة بالسوء، وتأطرها على الحق حتى تكون نفسًا مطمئنة، فلتتدبر آيات القرآن وتعمل بما فيها من أوامر، وتجتنب ما فيها من نواهٍ.
    التربية الإيمانية لأهل البيت
    عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: « كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يصلي من الليل فإذا أوتر قال قومي فأوتري يا عائشة»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله رجلا قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء»، وترغيب النساء في الصدقة مما يزيد الإيمان، وهو أمر عظيم حث عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، بقوله: «يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار»، ومن الأفكار المبتكرة وضع صندوق للتبرعات في البيت للفقراء والمساكين، فيكون كل ما دخل فيه ملكا للمحتاجين؛ لأنه وعاؤهم في بيت المسلم، وإذا رأى أهل البيت الآباء والأمهات يصومون النوافل مثل الأيام البيض، والاثنين والخميس، وتاسوعاء، وعاشوراء، وعرفة، وغيرها، فسيكون دافعا لهم على الاقتداء به.
    آيات جامعة للأخلاق الكريمة
    من الآيات الجامعة للأخلاق الكريمة قوله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل:90)، قال البغوي: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ «بِالْإِنْصَافِ »، «وَالْإِحْسانِ» إِلَى النَّاسِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ العدل التوحيد، والإحسان: الْعَفْوُ عَنِ النَّاسِ، «وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى» صِلَةُ الرَّحِمِ، «وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ» مَا قَبُحَ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الزِّنَا، «وَالْمُنْكَرِ» ما لا يُعْرَفُ فِي شَرِيعَةٍ وَلَا سُنَّةٍ، «وَالْبَغْيِ» الْكِبْرُ وَالظُّلْمُ. «يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» لعلكم تَتَّعِظُونَ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَجْمَعُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةُ، ومن أخلاق القرآن الكريم التي يأمر الله -تبارك وتعالى- نبيه أن يتحلى بها ما ورد في قوله -تعالى-: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف:199) قال ابن القيم: جمع الله له هنا مكارم الأخلاق، وقال جعفر الصادق: أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية.
    ما أشبه المربِّي بالطبيب!
    ما أشبه المربي بالطبيب! يحتاج إلى معرفة أحوال من يعالجه؛ ليصف له الدواء، أو العلاج المناسب، والرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو خير من وجَّه، وربَّى، وأرشد- كان يجيب كل سائل بما يراه، ناصحًا له، أو رادعًا وزاجرًا، فهذا رجلٌ يعرف الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه شدة الغضب يسأله: أوصني، يجيبه: (لا تغضب) يسأله: أوصني، يجيبه: (لا تغضب) فيردد مراراً: أوصني، ويبقى الجواب: (لا تغضب)، فالحلم دواؤه المناسب، وذاك آخر يعرف منه التأخر عن الصلاة الجماعة يستنصحه، فيجيبه: (الصلاة على وقتها)، مبينًا له أنها من أحب الأعمال إلى الله -تعالى-، فما أجمل أن تتصف المرأة بهذه الصفة ولا سيما أنها مربية الأجيال.
    أخطاء يقع فيها الآباء والأمهات
    من الأمور التي يتساهل فيها الآباء والأمهات إظهار الخلافات العائلية أمام الأولاد، ولا شك أن هذا الأمر يزعزع تماسك البيت، ويضر بسلامة البناء الداخلي؛ فظهور الصراعات أمام الأبناء، يجعلهم ينقسمون إلى معسكرين أو أكثر، فيتشتت الشمل، فضلا عن الأضرار النفسية عليهم وعلى الصغار بالذات، فتأملي حال بيت يقول الأب فيه للولد: لا تكلم أمك، وتقول الأم له: لا تكلم أباك، والولد في دوامة وتمزق نفسي، والجميع يعيشون في نكد، فلنحرص على عدم وقوع الخلافات، ولنحاول إخفاءها إذا حصلت، ونسأل الله أن يؤلف بين القلوب.
    التحلي بالصبر والعفو
    قال الله -تعالى- في الحث على التحلي بالصبر والعفو: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (الشورى: 43) ففي التفسير الوسيط: وللإنسان الصابر على الأذى الذي يصفح عمن أساء إليه، الثواب الجزيل، والعاقبة الحسنة؛ لأن ذلك الصبر والمغفرة منه، لمن الأمور التي تدل على علو الهمة، وقوة العزيمة؛ ولذلك أشار إلى ما يدل على بيان فضله وجميل عاقبته قوله -سبحانه-: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة:153).
    إشاعة الرفق في البيت
    من أهم الأخلاق التي تحتاجها بيوتنا -ولا سيما في هذا العصر المتسارع- إشاعة خلق الرفق واللين في البيوت، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أراد الله -عز وجل- بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق»، أي صار بعضهم يرفق ببعض، وهذا من أسباب السعادة في البيت؛ فالرفق نافع جدا بين الزوجين، ومع الأولاد، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه».


  11. #91
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1245

    الفرقان




    النهضة الحقيقية للمرأة المسلمة
    الطريق إلى النهضة الحقيقية للمرأة المسلمة لا يكون بالتخلي عن هويتها وثوابتها، بل بالعودة إلى ينابيع الإسلام الصافية، والعمل على تطبيق تعاليمه السمحة؛ فالإسلام صالح لكل زمان ومكان، وفيه الحلول لكل ما يواجهنا من تحديات، إن نحن أحسنا فهمه وتطبيقه.
    احذروا هذا المفهوم: «الفيمينزم الإسلامي»!
    من المفاهيم التي بدأت تنتشر في أوساط النساء مصطلح يُسمى بـ«الفيمينزم الإسلامي»، ويسعى أصحاب هذا المصطلح إلى التوفيق بين الأفكار النسوية الغربية وتعاليم الإسلام، وهذا المصطلح من الخطورة بمكان؛ لأن الإسلام كامل بذاته ولا يحتاج إلى إضافات من خارجه، والأولى أن ندعو إلى حقوق المرأة في الإسلام دون الحاجة إلى مصطلحات دخيلة قد تحمل في طياتها مفاهيم تتعارض مع عقيدتنا. ومن هذه الأفكار التي يلبسون بها على النساء، قضية عمل المرأة، وهو الحق الذي لم يمنعه الإسلام مطلقا، فالعمل المشروع الذي يناسب فطرة المرأة ولا يتعارض مع واجباتها الأسرية حلال بالإجماع، لكن ذلك لا يجب أن ينسينا أنَّ الأمومة هي أشرف وأهم وظيفة للمرأة، وأن رعاية الأسرة هي مسؤولية عظيمة لا يجب التقليل من شأنها على النحو الذي نلحظه دائمًا في طرح الحركات النسوية، وكأن أدوار المنزل سُبَّة أو عار على المرأة أن تمحوه. وكذلك مفهوم الأسرة كما يعلمنا ديننا هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، وصلاحها من صلاح المجتمع كله، وينادي هذا التيار بتخلي المرأة عن دورها الأسري بحجة تحقيق ذاتها ولا شك أنها دعوات خطيرة تهدد استقرار الأمة كلها؛ فالتوازن بين الواجبات الأسرية والطموحات الشخصية هو ما يجب أن نسعى إليه، وهو ما يتفق مع روح الإسلام الوسطية. الأمر ذاته ينعكس على قضايا أخرى مثل الزواج؛ إذ يدعو أصحاب هذا المصطلح إلى إعادة النظر فيما يسمينه «الأدوار التقليدية للزوجين»، وهو ما يؤدي إلى زعزعة استقرار الأسرة على قاعدة أسئلة استنكارية، منها: لماذا تقوم المرأة بأدوار المنزل؟ لماذا لا يقوم بها الرجل؟ وإذا كان الشرع الحنيف لم يجعل هذه الواجبات فريضة شرعية بالمعنى الحقوقي، فإن مقتضاها ينطوي عليه حسن تبعل المرأة لزوجها، كما أن إنكارها يخدش مفهوم القوامة المقرر في قوله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} (النساء: 34).
    مقياس الصلاح عند المرأة
    قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء: 34)، هذه الآية فيها دلالة واضحة على مقياس الصلاح الذي يجب أن تكون عليه المرأة المسلمة، وأول مقياس للصلاح أن تكون المسلمة قانتةً، والقنوت هو الطاعة، والمراد بها هنا طاعة الزوج بعد طاعة الله -تعالى-، ولو كانت المرأة صوامةً قوامةً عابدةً، ولكنها لا تعرف لزوجها حقًا، وليس له عندها إلا المخالفة، والنشوز، والعصيان، فليس لها من الصلاح حظ ولا نصيب.
    (مجلة أجيالنا) وصحافة الأطفال المتخصصة
    أكدت دراسة أعدها أحد كتاب الأطفال المتخصصين عن (حاضر أدب الطفل العربي ومستقبله) أن أبناء الأمة العربية والإسلامية في خطر؛ بسبب افتقارهم لصحافة الأطفال المتخصصة باعتبارها إحدى الوسائل المعاصرة لتربية النشء المسلم، وحمايتهم من مؤامرات الغزو الثقافي، الذي يستهدف تغريب عقلية أبناء المسلمين، وأوضح أن الاهتمام بصحافة الطفل سمة حضارية، وأن أكثر من 70 مليون طفل عربي ومسلم في حاجة إلى صحافة واعية؛ لذلك فإن الأطفال المسلمين في حاجة إلى برامج التوعية بالقيم الإسلامية، ومن هنا تأتي أهمية مجلة أجيالنا - التي تصدر عن قطاع العلاقات العامة والإعلام بجمعية إحياء التراث-، بوصفها أحدى أهم مجلات الأطفال الإسلامية المتخصصة التي تُعنى بالقيم الإسلامية والتربوية الأصيلة.

    أهمية التربية على القيم
    قيم الدين الإسلامي الحنيف تستهدف إقامة علاقات طيبة وفاضلة بين الإنسان وربِّه، بتأدية حق الله - سبحانه وتعالى -، والالتزام بالأوامر والنواهي الربانية وأداء العبادات المفروضة، كما تستهدف إقامة علاقات طيبة بين الناس بعضهم بعضًا، فيعرف الالتزام بواجباته نحو الآخرين، كما يعرف الحقوق التي له تجاه الآخرين أيضًا، كما تستهدف إقامة علاقات طيبة بين الإنسان ونفسه فينهض بما يمليه عليه ضميره، فيشعر بالرضا عن ذاته في عصر التمزقات والتوترات النفسية الشـرسة، وهي التي يكمـن عـلاجها في الإيمـان بالله - تعالى - وممارسة شعائر الدين الإسلامي الحنيف.
    مصطلحات شرعية: النشوز
    النشوز في اللغة: هو النفورُ والارتفاعُ، يُقال: مكان نَاشِز، أي: مُرتفع، وأمَّا عند الفقهاء، فالمراد به: خروجُ المرأة عن طاعة زوجها؛ لامتناعها عن أداء الحقوق المقرَّرة له عليها شرعًا، ونفورها منه، وإنما سمِّيت هذه المرأة ناشزًا؛ لأنها ارتَفَعت عن طاعة الزوج، وتَعالَت عليه بما يَجِب عليها الخضوعُ فيه شرعًا لزوجها.
    دعوة باطلة!
    الدعوة إلى المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، -كما تطرحها بعض التيارات النسوية الغربية-، تتجاهل الفروق الفطرية التي خلقها الله -تعالى- لحكمة يعلمها هو، فالله -عزوجل- خلق الذكر والأنثى وجعل لكل منهما خصائصه وأدواره التي تتكامل لتحقيق عمارة الأرض، قال -تعالى-: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} (آل عمران: 36)، وهذا الاختلاف ليس تفضيلاً لجنس على آخر، بل هو تنوع وتكامل يحقق التوازن في المجتمع.
    أخطاء تتساهل فيها النساء
    من الأخطاء التي تقع فيها بعض النساء إهمال غض البصر، ظنًا منهن أن الله أمر به الرجل دون النساء، وقد قال -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور:31)، وإطلاق العنان للنظر للأجانب وخصوصًا على شاشات التلفاز وغيرها مما يسبب الفتنة، وكذلك من الأخطاء أن تنظر المرأة إلى المرأة فتصفها لأحد محارمها بغير غرض شرعي كالنكاح، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها».
    القوامة مسؤولية الرجل
    القوامة هي القيام على الأمر لحسن تدبيره؛ ما يعني أنها مسؤولية على الرجل، ولا تعني أي ظلم للمرأة أو انتقاص لحقوقها، ولا سيما مع مشروطيتها الواردة في الآية ذاتها: {بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34)، فلكل سفينة قيادة، ولا يمكن للقيادة أن تكون لأكثر من ربان، وعليه؛ فإن القوامة تنظيم للحياة الأسرية وفق الفطرة السليمة، لا تفضيل لمطلق الرجال على مطلق النساء، وهي مسؤولية وتكليف للرجل بالإنفاق والرعاية، وليست تسلطاً أو استبداداً.




  12. #92
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1246

    الفرقان



    وصايا نبوية للزوجة المسلمة
    قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت»، أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة المسلمة في هذا الحديث بوصايا عدة؛ حتى تفوز بجنة ربها : المحافظة على الصلاة، لأن الصلاة من أعظم العبادات التي أوجبها الله على عباده، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وهي عماد الدين، ولا تسقط بأي حال عن الرجل والمرأة، جاء في الحديث الصحيح: «من حافظ عليها، كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة».
    صوم رمضان، وهو فرض عين على كل مسلم ومسلمة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه».
    حفظ الفرج، قال -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور:31)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه، أضمن له الجنة».
    طاعة الزوج؛ لأن للزوج مكانة عظيمة، كما قال -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34)، فالزوجة الصالحة من حافظت على بيتها، وصانت فرجها، وأطاعت زوجها في المعروف، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: كل ودود ولود، إذا غضبت، أو أسيء إليها، أو غضب زوجها، قالت: هذه يدي في يدك، لا أكتحل بغمض حتى ترضى».
    صلاح الزوجة هو التجارة الرابحة
    إذا كانت طاعة الزوج سبيلا لدخول الجنة، فإن صلاح الزوجة هو التجارة الرابحة، فبعد افتراض الزكاة، جاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أي المال نتخذ؟ فقال: «ليتخذْ أحدكم قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة»، قال المباركفوري: «أي: تعينه على دينه، بأن تُذكره الصلاة والصوم، وغيرهما من العبادات، وتمنعه من سائر المحرمات».
    دور المرأة لا يسده غيرها
    للمرأة دور لا يسده غيرها، ولا يملؤه سواها، فهي المربية الناصحة، والرأي الحصيف، وهي لزوجها السند المتين، ولأسرتها الركن الركين، والحنان المتدفِّق والرحمة الغامرة، فقدها لا يعوض، بل يهز كيان الأسرة، وغيابها عن أدائها رسالتها لا يضعف الأسرة فحسبُ، بل يزعزع دعائم المجتمع وأركانه.
    الزوجة شريكة الحياة والمسؤولية
    الزوجة شريكة الحياة والمسؤوليَّة، وقادرة -بما حبَاها اللهُ من عقل وقلب وعاطفة- أن تُقدِّم رأيًا، وقد حمَّلَها الشرعُ مسؤوليَّةً في إدارة البيت ورعاية الزوج والولد، وهذا يقتضي المشارَكةَ في القرار، وإبداء الرأي، وسماع رأيها واحترامه وتقديره، فإذا اختلَفَا فالقرار الفصل للزوج، وله حق الطاعة بالمعروف، وليست الطاعة المطلقة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف»، ووصف الرجولة يوحي بأهمية أن يكون قائد الأسرة رجلًا يتحلى بصفات الرجولة، رجاحة العقل، الحكمة، سعة الصدر، بعد النظر، القدرة على الحوار، استيعاب أفراد الأسرة، ماهرًا في إدارة المشكلات.
    من معكرات صفو الحياة الأسرية
    هناك أمور تُعكِّر حياةَ الأسرة، بل قد تُفسِدها وتُعرِّضها للدمار، ومن أهم هذه المعكرات عدم الشعور بالمسؤولية من قِبَل الزوجين كليهما؛ فكثير من الزوجات لا يَشعرنَ بمسؤوليتهن التي قرَّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها»، فهؤلاء الزوجات يُطالِبن الزوجَ بأداء معظم الواجبات، من الإنفاق على البيت، وهو واجب عليه وحده ضِمن قُدرته، ويُطالِبنه أيضًا بالإشراف على دراسة الأولاد، وتربيتهم، وطعامهم، وبحل المشكلات كلِّها التي تَعرِض للأسرة، ولا يشعُرنَ بأن المسؤولية مشترَكة، وهناك حالات نرى الأزواجَ لا يشعرون بمسؤوليتهم في شؤون الأسرةِ، فترى الزوج مُهمِلا في القيام بواجباته نحو أسرته، من جوانب الإنفاق، والتربية، والتوجيه، والرعاية الصحية، وما إلى ذلك، ويُلقي ذلك كلَّه على الزوجة، والحق أن المسؤولية مشترَكة بين كلا الزوجين، ولابد من حمْل كل منهما بعض الأعباء، حتى يَخِف الحملُ على كل منهما، وهذا يُحقِّق التفاهمَ والسعادة.
    قوامة الرجل تشريفٌ وتكليف
    قال الله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}(ا لنِّسَاءِ: 34)، القوامةُ ولايةٌ تَمنَح الزوجَ حقَّ القيام على شؤون الأسرة وتدبيرها، فهو أمينٌ على الأسرة، يتولَّى أمرَها، ويحميها، ويقوم على مصالح الزوجة والأولاد، بتأمين المأكل والملبس والمسكن والنفقة، ويتعاهد زوجَه وأسرتَه بالتعليم والرعاية، فهذه القوامة تشريفٌ للرجل وتكليفٌ، وزيادةُ مسؤولياتٍ وأعباء، ومِنَ الزلل التمردُ على منصب القوامة، ومنازَعة الرجل ما كلَّفَه اللهُ به.
    أسس بناء الأسرة المسلمة
    الحياة الأسرية مبناها على المودة، والألفة، والرحمة، والتفاهم، لكن *قد *يعكِّر صفوها، *ويكدِّر *حياتها أمورٌ عارضة للطبيعة الأسرية، والمشكلات الأسرية أمر جبلِّيٌّ لا تخلو أسرة منها، وسرعان ما تزول وتتلاشى المضارُّ بزوال سببها، إذا عُولجت بحكمة وصبر وتغافل عن الهفوات والزلَّات، وشريعة *الإسلام *تحرص على بناء صرح الأسرة القوية المتماسكة الجادة المتعاونة؛ لكونها اللَّبِنة الأولى للمجتمع؛ فالزوج والزوجة، والأولاد والأحفاد يعملون بجدٍّ ونشاط، لتحقيق الأهداف التي أرادها الإسلام من الأسرة، ومنها: مد المجتمع ببناة الجيل الصالح، الذي منه تتكون الأمة القوية الناجحة.
    أخطاء تتساهل فيها النساء
    من الأخطاء التي تقع فيها كثير من النساء في عصرنا الحاضر، ولا سيما مع تطور وسائل التواصل الحديثة، جلوس العديد من النساء ربما لساعات، وانشغالها عن خدمة زوجها وتربية أولادها، وتنظيم بيتها، وبدلًا من أن تكون هذه الوسائل نعمةً يُسخِّرها الإنسان في الخير، ويستخدمها في المعروف، أضحت في كثير من الأحيان نقمةً وبلاءً على الأسر الإسلامية؛ فلتحذر المرأة المسلمة من الوقوع في مصيدة هذه المواقع! فتضيع نفسها وتضيع أسرتها، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «كفى بالمرءِ إثمًا أن يُضَيِّعَ من يقوتُ».
    خير نساء العالمين
    قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «كمل من الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون، وإن فضل عائشة على النِّساء كفَضل الثريد على سائر الطعام»، ومعنى الكمال التناهِي والتمام، والكمال المطلق لله خاصّة، وأكمل نوع الإنسان الأنبياء ثم يَليهم الأولياء من الصِّدّيقين والشهداء والصالحين، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خُويلد، وفاطمة بنت محمد»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل نساء أهل الجنّة خديجة بنت خُويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون».


  13. #93
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1247

    الفرقان



    مسؤولية الوالدين في تربية أبنائهم
    إن على الوالدين مسؤولية كبيرة في تربية أولادهم، وتنمية الوازع الديني في نفوسهم، وتعريفهم بالحلال والحرام، وتعويدهم على الحياء والعِفَّة التي هي أقصر طريق إلى المجد والعزِّ، وتقوية الرقابة الذاتية لديهم تجاه المغريات والملهيات التي تدعو إلى زعزعة الثقة في الثوابت والأخلاق، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» .
    حال الفتاة المؤمنة
    الفتاة المؤمنة حريصة دائمًا على تقوية إيمانها وصلتها بخالقها وبارئها، وحريصة على مراقبة ربِّها في كل لحظة ولمحة، فلا تجدها أبدًا في موطن شبهة، وإن غابت عن أعين الناس؛ لأنها تعلم أن ربها يعلم خائنة الأعين وما تُخفِي الصدور، ولا يعزُبُ عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. الفتاة المؤمنة، حريصة على صلواتها في أوقاتها، بخشوعها، وأركانها، وسننها، وواجباتها، ولا تُؤخِّرها عن وقتِها من غير عذر شرعي؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (النساء: 103)، وقال -سبحانه-: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (المؤمنون: 1 - 2). الفتاة المؤمنة حريصةٌ على التفوق في دراستها، والتسلح بسلاح العلم والمعرفة، وحريصة على استثمار وقتها فيما يعود عليها بالخير والمنفعة، ويُحقِّق لها ما تفيد به نفسها ومجتمعها وبنات جنسها.
    الفتاة المؤمنة، حريصة على حضور مجالس العلم والقرآن، وحفظ ما تيسر من كتاب ربها -جل وعلا- وسنة نبيها - صلى الله عليه وسلم -، وتعلُّم ما يخص أمور دينِها مما تُصحِّح به عبادتها وعقيدتها، ويهذب سلوكها وأخلاقها.
    الفتاة المؤمنة حريصةٌ على البر بوالدَيها، وخدمتهما قبل زواجها وبعده، فلا ترفع صوتها فوق صوتهما، ولا تنهرهما أو ترد لهما طلبًا ما دام في حدود المعروف، وتبادِر دائمًا إلى السؤال عنهما، وتفقُّد أحوالهما باستمرار، ولا تمر عليها سجدة أو موضع استجابة إلا ودعت الله لهما بالرحمة والمغفرة أحياء وأمواتا،، واضعة نصب عينَيْها دائمًا قوله -تبارك وتعالى-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا} (الإسراء: 23).
    الفتاة المؤمنة، حريصة على حسن التبعُّل لزوجها وطاعته في غير معصية الخالق -تبارك وتعالى-، قال - صلى الله عليه وسلم -: «الدنيا متاعٌ، وخير متاعها المرأة الصالحة».
    لين الكلام عبادة
    لين الكلام وطيبه عبادةٌ وقُربة نؤجَر عليها؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل سلامَى مِنَ الناس عليه صدقة، كل يوم تطلُع فيه الشمسُ يعدل بين الاثْنَيْن صدقة، ويُعين الرَّجل على دابته فيحمل عليها أو يرْفع عليها متاعَه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خُطوة يَخْطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عنِ الطريق صدقة»؛ فإذا كانت الكلمةُ الطيبةُ مع الأباعد صدقة، فكَوْنها صدقة مع الأقارب أَحْرى وأَوْلَى.
    الفتاة المسلمة مؤثرة وليست متأثرة
    الفتاة المؤمنة حريصة على أن تؤثر فيمن حولها وألا تكون هي المتأثرةَ بما حولها من تجاوزات وتصرفات خارجة عن حدود الشرع والدين، سواء من الأهل أو الصديقات والزميلات في العمل والدراسة... إلخ، بل هي حريصةٌ دائمًا على أن تكون هي المؤثِّرةَ؛ أي الداعية إلى ما يصلحهم، وفيه الخير لهم في دينهم ودنياهم، وذلك بالكلمة الطيبة، والخلق الراقي، والموعظة الحسنة، والصبر الجميل، والدعاء لهم بالهداية؛ لقوله -سبحانه وتعالى-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ} (النحل: 125).
    أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها-
    نموذج للفتاة المسلمة الصالحة
    في بيت أبيها أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - بمكة، نشأت وتشبعت أسماء -رضي الله عنها- بمبادئ الإسلام، ورباها أبوها على أخلاقه، فخرجت من بيته الكريم نموذجًا إسلاميًّا رائعًا للمرأة المسلمة، وقد حفظت السيرة لها مواقف بطولية مشرقة، فلقد كانت تحمل الطعام والماء وأخبار مكة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أثناء إقامته في الغار، عن أسماء -رضي الله عنها- قالت: صنعتُ سُفْرةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر، حين أراد أن يهاجر إلى المدينة، قالت: فلم نجد لسفرته ولا لِسِقائه ما نربطهما به، فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئًا أَرْبُطُ به إلا نِطَاقي، قال: فشُقِّيه باثنين فارْبُطِيه، بواحد السقاء، وبالآخر السفرة، ففعلت، فلذلك سميت ذات النطاقين.
    زوجة صابرة
    تزوجت (أسماء) -رضي الله عنها- بالزبير بن العوام - رضي الله عنه -، وكان حينذاك فقيرًا، لا يملك إلا فرسه، وعاشت معه صابرة مجاهدة، تعمل - في البيت - عملا يدرّ عليهما رزقا يستعينان به على الحياة، وقد هاجرت معه إلى المدينة على هذه الحال.
    أديبة عالمة
    كان أبو بكر الصديق -رضى الله عنه-، ملازمًا للقرآن الكريم وللنبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي ظل هذا الوالد المؤمن نشأت (أسماء) -رضي الله عنها-، وتغذى عقلها ولسانها وضميرها، فلا عجب أن تكون أديبة بليغة تقول الشعر، وتجرى الحكمة على لسانها قوية صادقة، وكانت - إلى جانب ذلك - عالمة بأمور دينها محدثة، تروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تسمع من كلامه الطيب، وقد روى لها الشيخان (البخاري، ومسلم) ستة وخمسين حديثًا.
    من أسباب الألْفة بين الزوجَيْن
    مما يزيد الألْفة بين الزوجَيْن، الاحترام المتبادل بينهما، ومن ذلك مناداة المرأة وتكْنيتها بما تُحِب من الكنى، وتلقيبها بالألْقاب الحسنة التي فيها ميزة على غَيْرِها منَ النساء، مِن: صلاح دين، أو حُسْن خُلُق، أو زيادة جَمال، أو حُسن تدْبير في بيتها، أو غير ذلك مما تمْتاز به عنْ غيرِها من النساء، وترخيم اسمها عند ندائِها، وذلك بحذْف أواخِر الاسْم؛ تمْليحًا لها، وإظْهارًا لقَدْرِها عند زَوْجِها؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالتْ: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عائش، هذا جبريل يُقرئك السلام»، قلت: «وعليه السلام ورحمة الله»، قالت: وهو يرى ما لا نرى».
    إحياء البيوت بذكر الله
    أمر الإسلام بإحياء البيوت بذكر الله -تعالى- قراءةً لكتاب الله، وصلاةً، وعبادةً، وذكرًا؛ ولذلك كان من سنته - صلى الله عليه وسلم - صلاةُ النافلة في بيته؛ فعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا»، وفي هذا دلالة واضحة على أنه يجب على المسلم أن يجعل في بيته نصيبًا من العبادة، ولا سيما الصلاة؛ لتعليم أبنائه وأهله الصلاةَ، وتعويدهم عليها، ونتذكر في هذا المقام أيضًا محرابَ مريمَ، وهو مكان عبادتها، الذي قال الله فيه: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} (آل عمران: 37).
    أهم ملامح البيت المسلم
    البيت المسلم لابد أن يكون عامرًا بالذكر والصلاة، وهذه العبادة هي أولى الملامح التي تميزه عن غيره من البيوت، وإننا لنعجب من بعض النساء المتفرغات لبيوتهن من الشكوى بالملل والفراغ! وقد وهبها الله فرصة عظيمة لعمارة بيتها وقلبها بالعبادة، التي هي الأولوية المطلقة للإنسان المسلم، والعبادة بمعناها العام، تشمل جميع مهام المرأة، بشرط إصلاح النية، واحتساب هذه الأعمال {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162).


  14. #94
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1248

    الفرقان



    من خصائص الأسرة المسلمة
    من أهم خصائص الأسرة المسلمة ومقوماتها، حرصها على تطبيق شرع الله -تعالى- في شؤونها، وعلى تقوى من الله، واجتمعت على هدف واحد هو الذي من أجله خُلقت وتكونت، إنه عبادة الله -تعالى- والحرص على طاعته ولزوم أوامره.
    صورةٌ مشرقة للمرأةِ المؤمنة
    رياحُ بن عمرو القيسي، أحدُ الصَّالحين الكبار في هذه الأمَّةِ، تزوَّج رياح امرأةً، فأراد أن يختبرَها، فلمَّا كان الليلُ تناوَمَ لها، فقامتْ هذه المرأةُ الصَّالحة تصلِّي حتَّى مضى ربعُ اللَّيْل، ثم نادته: قُمْ يا رياح، فقال: أقوم، أقوم إن شاء الله، فقامت الرُّبعَ الثَّاني، ثم نادته: قم يا رياح، قم، فقال: أقوم، ولم يقمْ فقامتِ الرُّبعَ الثَّالثَ، ثم نادته: قم يا رياح، فقال: أقوم، ولم يقم، فقالت: يا رياح مضى الليلُ، وعسكرَ المحسنون وأنت نائم! ليتَ شعري من غرَّني بك يا رياح؟! من غرَّني بك؟! قال: وقامت الربعَ الباقي، واللهِ إنَّها لصورةٌ مشرقة للمرأةِ المؤمنة الصَّالحة، لقد فهمتْ هذه المرأةُ الصَّالحةُ أنَّ الزواجَ قبل أن يكون تعاونًا على أمورِ الدُّنيا، فهو تعاونٌ على أمورِ الدِّين، فالزوجُ يأخذ بيد زوجتِه، والزوجةُ تأخذ بيد زوجِها، ويسيران معًا على طريقِ الله، أرأيتم موقفَ هذه المرأةِ الصَّالحة، كيف أثبتت لزوجِها أنَّها صاحبةُ منهج، وستواصلُ مسيرتَها في عبادةِ ربِّها، ولن تقطعَ صلتَها بخالقِها، سواء شاركَها زوجُها في ذلك أم تخلَّف عنها، بينما نجدُ في دنيا اليومِ الكثيرَ من النِّساء مَنْ تتركُ الصَّلاةَ وتلاوةَ القرآن وطاعةَ ربِّها بمجردِ أن تتزوَّج! ولا سيما إذا بُليت بزوجٍ غيرِ صالح. موقفُ هذه المرأةِ الصَّالحةِ ينبغي لكلِّ مسلم ومسلمة أن يقفوا أمامَه ليراجعوا أنفسَهم وأحوالَهم، فكأنَّ هذه المرأةَ أرادت -من خلال موقفها- أن تذكِّرَ المسلمين والمسلمات بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: «رحِمَ اللهُ رجلاً قام من اللَّيْلِ، فصلَّى وأيقظَ امرأتَهُ، فَإنْ أبَتْ نَضَحَ في وَجهِها الماءَ، رحمَ اللهُ امرأةً قَامَتْ مِنَ اللَّيلِ، فصلَّتْ وأيقظتْ زوجَها، فإنْ أبَى نَضَحَتْ في وجهِهِ الماءَ».
    التعامل بين الزوجين بالمعروف
    يتعين على كل من الزوجين أن يعامل قرينه بالمعروف؛ عملاً بقوله -تعالى-: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء:19)، وعملاً بقوله -تعالى-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} (البقرة:228)، وعليهما أن يحرصا على تماسك الأسرة، ولاسيما في حال وجود الأولاد، لأن تشتت الأسرة يؤدي لضياع الأولاد وفساد أخلاقهم، وعليهما أن يسعيا جادين في حل مشكلة كره أحدهما للآخر، ولا بأس أن تناقش المرأة زوجها حتى تتعرف على ما ينفره منها، فتجتنبه، فإن رجوع المرأة إلى ما يرضي زوجها من أخلاق السلف، وقد رغب في ذلك الشارع، فقد روى الطبراني بسند حسن كما قال المنذري والألباني أن «سعدى المرية» زوجة طلحة بن عبيد الله -]- قالت: دخلت يومًا على طلحة فرأيت منه ثقلاً، فقلت له: مالك؟ لعلك رابك منا شيء فنعتبك، فقال: لا، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت، وقد دل على فضل ذلك ما في الحديث: ألا أخبركم بخير نسائكم من أهل الجنة! الودود الولود العئود لزوجها التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضًا حتى ترضى.
    الأسرة والنهوض بالمجتمع
    لا سبيل إلى النهوض بالمجتمع المسلم علميًا وإيمانيًا وخلقيًا وثقافيًا وسياسيًا واقتصاديًا إلا من خلال التربية الأسرية التي تسعى إلى إصلاح الفرد ليكون لبنةً صالحةً، وعنصرًا نافعًا في المجتمع، فبصلاح الفرد يصلح المجتمع، ومن أهم أسباب تخلف العالم الإسلامي وتراجع حضارته وتفرق وحدته، غياب دور الأسرة التربوي في إعداد الجيل المسلم الذي يعيد للأمة مجدها ونهضتها وعزتها وكرامتها، وصلاحها وقوتها، فالتربية حصن مكين من مكائد أعداء الدين، من هنا كانت الأهمية البالغة للتربية الأسرية لتحصين الأجيال من تلك السموم التي صارت تُبَث من جهات شتى لإثارة الشبهات، ونشر الشهوات، فما أحوجنا إلى أن نتمسك بهذا الحصن، وأن نتشبث به، وأن نعلم أنه لا سبيل لنا إلى استعادة حصوننا الأخرى إلا من خلاله، فهو المنطلق لنا إلى الإصلاح الشامل في شتى الجوانب.
    التربية الإيمانية للأبناء
    بالتربية الأسرية القويمة نخرج للأمة أجيال صالحة راشدة، فالتربية الإيمانية لها ثمراتها الباقية للأسرة والمجتمع، حيث ينعم الأبوان ويتمتعان ببِرِّ أولادهما الصالحين الذين تربوا على الأخلاق والقيم الأصيلة، وينتفعان بصلاحهما بعد مماتهما، لأن الله -تعالى- ينفعهما بدعاء ولدهما الصالح، ويرفع درجتهما باستغفاره وصلاحه، وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقولُ يارب أنَّى لي هذه، فيقول باستغفار ولدك لك}، فمن أراد أن يُرزق ببر أولاده فليجتهد في تربيتهم تربية إيمانية، لأن المؤمن يعرف حق الله -تعالى- عليه وحق أبويه وحق زوجته وأولاده وسائر الحقوق.
    الاقتصاد في المعيشة
    على الأسرة المسلمة أن تكون مقتصدة في مطعمها ومشربها ومسكنها وملبسها وسائر شؤونها، فإن الترف من أسباب الفساد والانحلال، فلا إسراف ولا تقتير قال -تعالى-:{وَالَّذِين َإِذَا أَنفَقُوا لَم يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِك َقَوَاما} (الفرقان67) أي: ليسوا مبذرين في إنفاقهم ولا بخلاء على أهليهم، بل معتدلون في الإنفاق، وخير الأمور أوسطها، وقد سأل عبد الملك بن مروان ابن أخيه عمر بن عبد العزيز ما نفقته؟ فقال: الحسنة بين السيئتين، ثم تلا هذه الآية {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} (الفرقان67)، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «كفى بالمرء سرفاً ألا يشتهي شيئاً إلا اشتراه».
    الأسرة وتحري الحلال الطيب
    يجب على الأسرة المسلمة أن تتحرى الحلال الطيب، وأن تمتنع عن الحرام، وأن تتقي الشبهات حتى يبارك الله - -تعالى- في الذرية - قال بعض السلف: «لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع مالا بأس به حذراً مما به بأس»، وقال بعض الصحابة: «كنا ندع سبعين بابًا من الحلال مخافة أن نقع في باب من الحرام»، وكان نساء السلف الصالح إذا خرج زوج إحداهن من بيته تقول له: «اتق الله فينا ولا تطعمنا حرامًا، فإننا نصبر على الجوع، ولا نصبر على نار جهنم».
    الترابط والمودة
    من المقومات الأساسية للأسرة المسلمة الترابط الأسري بين جميع أفراد الأسرة، فإذا اجتمع الزوجان على أساس من الرحمة والاطمئنان النفسي المتبادل، فحينئذ يتربى الناشئ في جو سعيد يهُبُّهَا الثقة والاطمئنان، والعطف والمودة، بعيدًا عن القلق والعقد والأمراض النفسية التي تضعف شخصيته، ولقد أنشأ الله -تعالى- العلاقة الزوجية على أساس المودة والرحمة والسكينة والطمأنينة قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم21).


  15. #95
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: المرأة والأسرة

    المرأة والأسرة – 1249

    الفرقان



    التشاور بين الزوجين
    التشاور بين الزوجين من أهم عوامل استقرار الأسرة واستمرارها؛ فالشورى منهج حياة في ديننا الإسلامي، قال -سبحانه وتعالى-: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم} (الشورى:38)، وإن أولى الناس بالمشاورة هم الأشخاص المنوط بهم تحمل المسؤولية في البيت، وهما الزوجان.
    وفي سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الكثير من المواقف العملية حول مشاورته لأزواجه، لنا فيها الكثير من العبر والدوس، فعن المسور بن مخرمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بعد صلح الحديبية: «يا أيها الناس، انحروا واحلقوا»، فما قام أحد، ثم عاد بمثلها، فما قام رجل، حتى عاد بمثلها، فما قام رجل، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل على أم سلمة فقال: «يا أم سلمة، ما شأن الناس؟»، قالت: «يا رسول الله، قد دخلهم ما قد رأيت، فلا تكلمن منهم إنسانًا، واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق، فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك»، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكلم أحدًا حتى أتى هديه فنحره، ثم جلس، فحلق، فقام الناس ينحرون ويحلقون، فكان رأي أم سلمة -رضي الله عنها- رأيًا موفقًا ومشورة مباركة، وفي ذلك دليل على استحسان مشاورة المرأة الفاضلة ما دامت ذات فكر صائب ورأي سديد، كما أنه لا فرق في الإسلام بين أن تأتي المشورة من رجل أو امرأة، طالما أنها مشورة صائبة؛ فالشورى سلوك ينظم الحياة والأسرة في كل شئونها، قال الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (الشورى:38)، وفي قبول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمشورة زوجته أم سلمة تكريم للمرأة، التي يزعم أعداء الإسلام أن الإسلام لم يعطها حقها وتجاهل وجودها، وهل هناك اعتراف واحترام لرأي المرأة أكثر من أن تشير على نبي مرسل، ويعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - بمشورتها لحل مشكلة واجهته في حياته؟!
    الأسرة اللبنة الأساس للمجتمع
    الأسرة المسلمة هي اللبنة الأساس في بناء الفرد الصالح والمجتمع الراشد؛ فهي المأوى الكريم الذي هيأه الحق -سبحانه وتعالى- للبشر من ذكر وأنثى، يستقر فيه ويسكن إليه، وبقدر ما تكون الأسرة صالحة متماسكة يكون المجتمع قويا ومتماسكًا؛ لذلك اعتنى الإسلام بالأسرة منذ اللحظات الأولى، وحثّ على إقامتها على الأسس المتينة التي تضمن لها السعادة والسكينة.
    من الأخطاء التي تقع في الحياة الزوجية
    من الأخطاء التي تقع في الحياة الزوجية، مما يهدد استقرارها وطمأنينتها، الرأي المستبد والتعصب المستمر؛ حيث يستبد أحد الطرفين برأيه، ولا يقبل أي مناقشة فيه، ويطلب تنفيذه حتى ولو كان خطًأ، وفى الواقع إن استبداد الزوج أو الزوجة بالرأي، والإصرار على أن يخضع الطرف الآخر لهذا الرأي دون مناقشة أو مجادلة، حتى ولو كان خطًأ، فإن هذا يجعل الحياة جحيمًا، ويزيد من التباعد بين الطرفين، ويقتل عروق المحبة بينهما؛ لأن الحياة الزوجية ليست أوامر تنفذ، وفروضًا يجب أن تطاع، وليست استبدادًا أو تملكًا وإنما هي مشاركة في كل شيء، في: الرأي، واتخاذ القرارات، ومحاولة تقريب كل منهما إلى الآخر، ودخول كل طرف إلى أعماق نفس الآخر، وفي محاولة فهم كل منهما حتى يستطيعا أن يصلا إلى بر الأمان، والحب يسودهما، والهدوء يملؤهما، والاستقرار والهناءة والسعادة طريقهما.
    أروع ما يمكن للمرأة أن تتزين به
    أروع ما يمكن للمرأة أن تتزين به هو الحياء؛ فالحياء سياج يصون كرامة المسلمة، ويحفظ لها سلوكها وأقوالها، وبهذا ترتفع عن السفاسف، وعندما يخرق هذا السياج ويذهب الحياء فإن المقاييس جميعها يصيبها الخلل، ويصدر عن المسلمة، عندئذ، ما لا يتناسب مع تفردها وتميزها، والتكريم الذي كرمه الله -تعالى- بها، وزوال الحياء من قلوب النساء هي مشكلة كبيرة في حد ذاتها، سببت كثيرًا من الإفساد بين المسلمين، وما كان من سبب لهذا الفساد، وذهاب هذا الحياء إلا تنحية الشريعة، والابتعاد عن منهج الله -جل وعلا-.
    أساس الحياة الزوجية
    الأساس في الحياة الزوجية أن يبلغ الزوجان من التفاهم والتجاوب والتلاحم حتى يصير الاثنان شخصًا واحدًا، بدليل قوله -تعالى-: {خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}، وقوله -تعالى-: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (البقرة:187)، وتأمل قوله: {مِنْ أَنْفُسِكُم} ولزوم اللباس للشخص تجد هذا المعنى وأكثر، والغاية من الحياة الزوجية تجدها في بقية الآية: {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} فالسكن والأمن والاستقرار، والتجاوب والسعادة والهدوء، والاطمئنان والسلامة، والصحة والمودة والمرحمة، والتعاون والإخاء، والشفقة والاعتصام، كل هذه المعاني من عطاء الآية، بل عطاؤها أكثر، وهو الغاية من الزواج، لابد إذن أن تنبع التربية والتعليم من هذا المنطلق في الآية، وهو أساس الزواج والغاية منه، وعند ذلك تكون التربية سلوكًا جادًّا، ويكون التعليم توجيهًا صادقًا سليمًا.
    تأثير وسائل الإعلام على قيم الأسرة
    تؤدي وسائل الإعلام -بشتى أنواعها- دورًا كبيرًا في تكوين الوعي المجتمعي، سواء أكانت الرسالة سلبية أم إيجابية؛ فالإعلام سلاح ذو حدين، إما أن يسهم في تعزيز القيم والعادات السليمة وترسيخها ، وإما أن يكون معول هدم لها؛ لذلك على الأبوين الانتباه للتأثيرات السلبية للإعلام التي يتعرض لها أفراد الأسرة ومن هذه التأثيرات: التأثير العَقَدي، من خلال تلاعب بعض المحطات الإعلامية بعقائد المسلمين، وتشويه أُسُسِها وضوابطها، وكذلك التأثير الأخلاقي القِيَمي، من خلال نشر الرذيلة والفساد، وأيضًا التأثير الاقتصادي الاستهلاكي، من خلال الحملات الدعائية ونشر الثقافة الاستهلاكية وتغيير أنماط الأسرة تجاهها.
    أم سليم بنت ملحان الأنصارية -رضي الله عنها-
    هي أم سليم بنت ملحان الأنصارية، أم أنس بن مالك خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، شهدت مشاهد عدة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، منها: أحد، وحنين، وكان أبو طلحة قد خطبها وهو يومئذ مشرك، فقالت له: مثلك لا يرد، ولكنك مشرك، فإن أسلمت قبلتك، وكان ذلك صداقي، أما تعلم -يا أبا طلحة- أن آلهتكم لا تضر ولا تنفع، ولو أشعلت فيها النار، لاحترقت؟ فانصرف عنها، وفي قلبه من كلامها شيء، ثم أتاها، وقال لها: قبلت الذي عرضت عليّ، فتزوجها على الإسلام، فما كان لها مهر غير ذلك، ولها -رضي الله عنها- قصة معروفة مع زوجها أبي طلحة وابنه، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان ابن لأبي طلحة يشتكي (مريض)، فخرج أبو طلحة، فقبض الصبي، فلما رجع أبو طلحة، قال: ما فعل ابني، قالت أم سليم -وهي أم الصبي-: هو أسكن ما كان، فقربت له العشاء، فتعشى، ثم أصاب منها، فلما فرغ، قالت: واروا الصبي، فلما أصبح أبو طلحة، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره، فقال: أعرستم الليلة؟ قال: نعم، قال: اللهم بارك لهما، فولدت غلامًا، فقال لي أبو طلحة: احمله؛ حتى تأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبعث معه بتمرات، فقال: أمعه شيء؟ قلت: نعم، تمرات، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمضغها، ثم أخذها من فيه، فجعلها في فيّ الصبي، ثم حنكه، وسماه عبدالله، فقال رجل من الأنصار: فرأيت له تسعة أولاد، كلهم قد قرؤوا القرآن من أولاد عبدالله المولود.


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •