تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الإعلام بأن الشرك ليس محصورا فى عبادة الاصنام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الإعلام بأن الشرك ليس محصورا فى عبادة الاصنام

    قال الامام محمد ابن عبد الوهاب
    فَإِنْ قَالَ:
    الشِّرْكُ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ، وَنَحْنُ لا نَعْبُدُ الأَصْنَامَ.
    فَقُلْ لَهُ: ما مَعْنَى عِبَادَةِ الأَصْنَامِ؟
    أَتَظُنُّ أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تِلْكَ الأَحْجَارَ وَالأَخْشَابَ والأشجارَ تَخْلُقُ وَتَرْزُقُ وَتُدَبِّرُ أَمْرَ مَنْ دَعَاها؟ فَهَذَا يُكَذِّبُهُ القُرْآنُ.
    فَإِنْ قالَ: إنهم يَقْصِدونَ خَشَبةً، أَوْ حَجَراً، أَوْ بُنْيَةً على قَبْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، يَدْعُونَ ذَلِكَ وَيَذْبَحُونَ لَهُ يَقُولُونَ: إِنَّهُ يُقَرِّبُنا إِلى اللهِ زُلْفَى، وَيَدْفَعُ عَنَّا اللهُ بِبَرَكَتِهِ ويُعْطِينا بِبَرَكَتِهِ.
    فَقُلْ: صَدَقْتَ، وَهَذا هُوَ فِعْلُكُمْ عِنْدَ الأَحْجَارِ والبِنَا الَّذِي عَلى القُبُورِ وَغَيْرِها، فَهَذا أَقَرَّ أَنَّ فِعْلَهُم هَذَا هُوَ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ، وهو المطْلُوبُ.
    وأَيْضاً: قَوْلُكَ: الشِّرْكُ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ، هَلْ مُرَادُكَ أَنَّ الشِّرْكَ مخصُوصٌ بِهَذا، وَأَنَّ الاعْتِمَادَ عَلى الصَّالِحِينَ وَدُعَاءَهُمْ لا يَدْخُلُ في ذَلِكَ؟
    فَهَذا يَرُدُّهُ ما ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى في كِتَابِهِ مِنْ كُفْرِ مَنْ تَعَلَّقَ على الملائِكَةِ أَوْ عِيسَى أَوِ الصَّالِحينَ.
    فَلابُدَّ أَنْ يُقِرَّ لَكَ أَنَّ مَنْ أَشْرَكَ فِي عِبَادَةِ اللهِ أَحَداً مِن الصَّالِحِينَ فهُوَ الشِّرْكُ المَذْكُورُ في القُرْآنِ، وَهَذَا هُوَ المَطْلُوبُ.

    وَسِرُّ المَسْأَلَةِ:أنَّهُ إِذا قالَ: أَنَا لا أُشْرِكُ بِاللهِ شيئاً.
    فَقُلْ لَهُ:وَمَا الشِّرْكُ بِاللهِ؟ فَسِّرْهُ لِي.
    فَإِنْ قالَ: هُوَ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ.
    فَقُلْ له: ومَا عِبَادَةُ الأَصْنَامِ؟ فَسِّرْهَا لِي.
    وإِنْ قَال: أَنا لا أَعْبُدُ إِلاَّ اللهَ.
    فَقُلْ: ما مَعْنَى عِبَادَةِ اللهِ وحده لا شريك له؟ فَسِّرْهَا لِي.
    - فَإِنْ فَسَّرَها بِمَا بَيَّنْتَهُ فَهُوَ المَطْلُوبُ.
    - وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَكَيْفَ يَدَّعِي شَيْئاً وَهُوَ لاَ يَعْرِفُهُ؟
    -وَإِنْ فَسَّرَها بِغَيْرِ مَعْنَاهَا بَيَّنْتَ لَهُ الآيَاتِ الوَاضِحَاتِ في مَعْنَى الشِّركِ بِاللهِ وَعِبادَةِ الأَوْثانِ أَنَّهُ الَّذِي يَفْعَلُونَ في هذا الزَّمَانِ بِعَيْنِهِ، وَأَنَّ عِبَادَةَ اللهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ هِيَ الَّتِي يُنْكِرُونَ عَلَيْنَا وَيصِيحُونَ منه كَمَا صَاحَ إِخْوَانُهُم حَيْثُ قَالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص: 5].


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الإعلام بأن الشرك ليس محصورا فى عبادة الاصنام


    قال الشيخ محمد ابن ابراهيم ال الشيخ
    (فَإِنْ قَالَ: الشِّرْكُ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ وَنَحْنُ لاَ نَعْبُدُ الأَصْنَامَ)
    فَإِن انْتَقَلَ إِلَى هَذِه الشُّبْهَةِ؛ زَعَمَ أَنَّ الشِّرْكَ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ بِخُصُوصِهِ، وهو في زَعْمِهِ أَنَّه لاَ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ بل وَلِيٌّ، فَجَاوِبْهُ بالاسْتِفْسَارِ والتَّحَدِّي فبه يَنْدَحِضُ وتَنْكَشِفُ شُبْهَتُهُ، وَيَظْهَرُ جَهْلُهُ وضَلاَلُهُ، وَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِمَّا عَلَيْهِ المُرْسَلُونَ وَمَا هو دِينُ المُشْرِكِينَ.(فَقُلْ لَهُ: مَا مَعْنَى عِبَادَةِ الأصْنَامِ؟) الَّتِي حَصَرْتَ الشِّرْكَ فِيهَا (أَتَظُنُّ أَنَّهُم يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تِلْكَ الأَخْشَابَ والأَحْجَارَ تَخْلُقُ وتَرْزُقُ وَتُدَبِّرُ أَمْرَ مَنْ دَعَاهَا؟)

    فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ (فَهَذَا يُكَذِّبُهُ القُرْآنُ) وَيَرُدُّهُ؛ فَإِنَّ القُرْآنَ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُم لاَ يَعْتَقِدُونَ فيها ذلك أصلاً.(وَإِنْ قَالَ: هو مَنْ قَصَدَ خَشَبَةً أو حَجَرًا أَوْ بِنْيَةً عَلَى قَبْرٍ أو غَيْرِهِ، يَدْعُونَ ذَلِكَ ويَذْبَحُونَ لَهُ، ويَقُولُونَ: إِنَّهُ يُقَرِّبُنَا إِلَى اللهِ زُلْفَى، وَيَدْفَعُ اللهُ عَنَّا بِبَرَكَتِهِ أو يُعْطِينَا بِبَرَكَتِهِ) فَهَذَا تَفْسِيرٌ لعِبَادَةِ الأَصْنَامِ صَحِيحٌ. (فَقُلْ: صَدَقْتَ و) لَكِنْ (هَذَا هو) بِعَيْنِهِ (فِعْلُكُمْ) الَّذِي وَقَعْتُمْ فيه (عِنْدَ الأَحْجَارِ والأَبْنِيَةِ الَّتِي عَلَى القُبُورِ وَغَيْرِهَا)، وهَذَا المُطَابِقُ هو حَقِيقَةُ تَفْسِيرِهَا. (فَهَذَا أَقَرَّ أَنَّ فِعْلَهُم هَذَا هو عِبَادَةُ الأَصْنَامِ، فَهُو المَطْلُوبُ) المَطْلُوبُ إِقْرَارُهُ بالْحَقِّ وكَشْفُ شُبْهَتِهِ، وَقَدِ انْكَشَفَتْ شُبْهَتُهُ وانْدَحَضَتْ حُجَّتُهُ، وَتَبَيَّنَتْ جَهَالَتُهُ وضَلاَلَتُهُ.
    وحَاصِلُهُ أَنَّكَ تَقُولُ: هَلْ هُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا تَخْلُقُ؟
    - فَإِنْ قَالَ:نَعَمْ، فَبَيِّنْ لَهُم الآيَاتِ الوَارِدَةَ. إلخ.
    - وَإِنْ قَالَ:هو مَن قَصَدَ.. إلخ؛ فَقُلْ: نَعَمْ، وهَذَا هو فِعْلُكُم.
    فهو إِمَّا أَنْ يُفَسِّرَهُ بِبَاطِلٍ؛ فَيُبَيَّنَ له باطِلَهُ، وإِمَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّ فِعْلَهُم مُوَافِقٌ له.

    (3) (وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا) هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ لَهُ: (قَوْلُكَ: الشِّرْكُ عِبَادَةُ الأَصْنَامِ، هَلْ مُرَادُكَ أَنَّ الشِّرْكَ مَخْصُوصٌ بِهَذا؟) مَحْصُورٌ دونَ عِبَادَةِ مَن سِوَاهُم (وَأَنَّ الاعْتِمَادَ عَلَى الصَّالِحِينَ) والأَنْبِياءِ والأَوْلِيَاءِ والمَلاَئِكَةِ (ودَعَاءَهُم لاَ يَدْخُلُ في ذَلِكَ) لاَ يَكُونُ شِرْكًا (فهَذَا) أَمْرٌ بَاطِلٌ (يَرُدُّهُ مَا ذَكَرَهُ اللهُ في كِتَابِهِ) ويُبْطِلُهُ (مِن كُفْرِ مَن تَعَلَّقَ عَلَى المَلاَئِكَةِ أو عِيسَى أو الصَّالِحِينَ) فَإِنَّ القُرْآنَ العَزِيزَ بَيَّنَ كُفْرَ مَن تَعَلَّقَ عَلَى هَؤُلاَءِ، وكُفْرَ مَن تَعَلَّقَ عَلَى هَؤُلاَءِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّ عِبَادَةَ الأَصْنَامَ قِسْمٌ مِن أَقْسَامِ الشِّرْكِ (فَلاَبُدَّ) حِينَئذٍ (أَنْ يُقِرَّ لَكَ أَنَّ مَن أَشْرَكَ في عِبَادَةِ اللهِ أَحَدًا مِن الصَّالِحِينَ فَهَذَا هو الشِّرْكُ المَذْكُورُ في القُرْآنِ، وَهَذَا هو المَطْلُوبُ) وَتَبَيَّنَ أَنَّ مَن عَبَدَ صَنَمًا أو وَثَنًا أو غَيْرَ ذَلِكَ فهو مُشْرِكٌ، وبِهَذَا تَنْكَشِفُ شُبْهَتُهُ وتَنْدَحِضُ حُجَّتُهُ.

    (4) (وَسِرُّ المَسْأَلَةِ) يَعْنِي: خَالِصَ وَحَاصِلَ الأَجْوِبَةِ عَن الشُّبَهِ الثَّلاَثِ: ذَكَرَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ أَوَّلاً جَوَابَ الشُّبَهِ؛ خَصَّ كُلَّ شُبْهَةٍ بِجَوَابٍ وبَعْضَهَا بِجَوَابَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ جَوَابَهَا هنا عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ بَعْدَ النَّشْرِ.

    (5) (أَنَّهُ إِذَا قَالَ: أَنَا لاَ أُشْرِكَ باللهِ، فَقُلْ لَهُ: مَا مَعْنَى الشِّرْكِ باللهِ؟ فَسِّرْهُ لي. فَإِنْ قَالَ: هو عِبَادَةُ الأَصْنَامِ، فَقُلْ: وَمَا مَعْنَى عِبَادَةِ الأَصْنَامِ؟ فَسِّرْهَا لِي. فَإِنْ قَالَ: أَنَا لاَ أَعْبُدُ إِلاَّ اللهَ وَحْدَهُ، فَقُلْ: مَا مَعْنَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ؟ فَسِّرْهَا لِي. فَإِنْ فَسَّرَهَا بِمَا بَيَّنَهُ القُرْآنُ فهو المَطْلُوبُ، وإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَكَيْفَ يَدَّعِي شَيْئًا وهو لاَ يَعْرِفُهُ وإِنْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَعْنَاهُ بَيَّنْتَ لَهُ الآيَاتِ الوَاضِحَاتِ في مَعْنَى الشِّرْكِ باللهِ وعِبَادَةِ الأَوْثَانِ أَنَّهُ الذي يَفْعَلُونَه في هَذَا الزَّمَانِ بِعَيْنِهِ).
    يَعْنِي: وَحَاصِلُ الجَوَابِ عَنِ الشُّبَهِ الثَّلاَثِ أَنَّكَ تَتَحَدَّاهُ؛ فَلَهُ ثَلاَثَةُ أَحْوَالٍ:
    أَحَدُهَا: أَنْ يَتَوَقَّفَ، فَقُلْ لَهُ: أَنْتَ لاَ تَعْرِفُ الحَقَّ مِن البَاطِلِ، فَإِذَا حَادَ وَلاَ دَرَى وَوَقَفَ؛ فهو كَافٍ في ردِّ شُبَهِهِ، وحِينَئذٍ كَفَانَا مَؤُونَةَ جَوَابِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا حَالُ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ؛ لاَ يَدْرِي عن الشِّرْكِ وَلاَ أَهْلِهِ، وَلاَ دَرَى عن عِبَادَةِ الأَصْنَامِ، وَلاَ مَيَّزَ عِبَادَةَ الأَصْنَامِ من غَيْرِهَا.
    2-وَإِنْ فَسَّرَهَا بِمَا فَسَّرَهُ القُرْآنُ، فَهَذَا أَيْضًا كَفَانَا مَؤُونَتَهُ وَهَدَمَ أَصْلَهُ الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ.
    3-وإِنْ فَسَّرَهُ بالبَاطِلِ المُخَالِفِ لتَفْسِيرِ القُرْآنِ بَيَّنْتَ لَهُ الآيَاتِ الوَاضِحَاتِ في مَعْنَى الشِّرْكِ باللهِ وعِبَادَةِ الأَوْثَانِ.
    فالحَاصِلُ أَنَّهُ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ تِسْعُ صُوَرٍ مِن ضَرْبِ ثَلاَثِ الشُّبَهِ في جَوَابِهِ.(وَأَنَّ عِبَادَةَ اللهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ) وهو تَوْحِيدُه (هي الَّتِي يُنْكِرُونَ عَلَيْنَا وَيَصِيحُونَ فيه كَمَا صَاحَ إِخْوَانُهُم حَيْثُ قَالُوا) في إِنْكَارِهِم التَّوْحِيدَ عَلَى الرَّسُولِ لَمَّا دَعَاهُم: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَـهًا وَاحِدًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} اسْتَنْكَرُوا أَنْ يَجْعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا.
    وبه تَعْرِفُ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إِلَى الإِسْلاَمِ مِن هذه الأُمَّةِ لَيْسُوا عَلَى الدِّينِ، إِنَّمَا مَعَهُم اسْمُه فَقَطْ، وَلاَ يَعْرِفُونَ مَا هو شِرْكُ الأَوَّلِينَ.
    فَلَوْ عَرَفَ أَحَدُهُم شِرْكَ الأَوَّلِينَ وَشِرْكَ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ لَوَجَدَهُ هو، بل مُشْرِكُو هَذِه الأَزْمِنَةِ أَعْظَمُ مِن شَرْكِ أولئك بكَثِيرٍ؛ لِمَا يَأْتِيكَ مِن كَلاَمِ المُصَنِّفِ.
    شِرْكُ الأَوَّلِينَ لَيْسَ أَكْثَرَ مِن اعْتِقَادِهِم أَنَّ أَحَدَهُم يَطْلُبُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ فيه أَنْ يَطْلُبَ لَهُ مِن اللهِ، وَأَنَّهُ بَابُ وَسَائِطِهِم وَحَوَائِجِهِم إِلَى اللهِ كَمَا قَالَ اللهُ عَنْهُم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى}.




  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الإعلام بأن الشرك ليس محصورا فى عبادة الاصنام

    قال الشيخ محمد ابن صالح العثيمين فى شرح كشف الشبهات
    إذا قالَ لكَ المُشرِكُ المُشَبِّهُ: الشِّركُ عبادةُ الأصنامِ، ونحنُ لا نَعْبُدُ الأصنامَ، فأَجِبْهُ بجوابَيْنِ: الأوَّلُ:قُلْ لهُ: ما هيَ عبادةُ الأصنامِ؟ أتَظُنُّ أنَّ مَنْ عبَدَها يَعْتَقِدُ أنَّها تَخْلُقُ وتَرْزُقُ وتُدَبِّرُ أمْرَ مَنْ دَعاها؟ فإنْ زَعَمَ ذلكَ فقدْ كَذَّبَ القرآنَ.

    (4) قولُهُ: (وإنْ قالَ...) إلخ، هذا مُقابِلُ قَوْلِنَا: (إنْ زَعَمَ ذلكَ فقدْ كَذَّبَ القُرآنَ) يَعْنِي: إنْ قالَ: عِبادةُ الأصنامِ أنْ يَقْصِدَ خَشَبةً أوْ حَجَرًا أوْ بِنْيَةً على قبْرٍ أوْ غيرِهِ، يَدْعونَ ذلكَ، ويَذْبَحونَ لهُ، ويَقولونَ: إنَّهُ يُقَرِّبُنا إلى اللهِ زُلْفَى.
    قُلْنا: صَدَقْتَ، وهذا هوَ فِعْلُكَ سَواءً بسَواءٍ، وعليهِ فتَكونُ مُشرِكًا بإقْرارِكَ على نفْسِكَ، وهذا هوَ المَطْلوبُ.

    (5) قولُهُ: (ويُقالُ لهُ أيضًا: قولُكَ: الشِّركُ عبادةُ الأصنامِ) إلى قولِهِ: (وهذا هوَ المُطلوبُ) هذا هوَ الجوابُ الثَّاني؛ أنْ يُقالَ: هلْ مُرادُكَ أنَّ الشِّركَ مَخْصوصٌ بهذا، وأنَّ الاعْتِمَادَ على الصَّالحينَ ودُعاءَ الصَّالحينَ لا يَدْخُلُ في ذلكَ؟
    فهذا يَرُدُّهُ القرآنُ؛فلا بُدَّ أنْ يُقِرَّ لكَ بأنَّ مَنْ أَشْرَكَ في عبادةِ أحدٍ مِن الصَّالحينَ فهوَ الشِّركُ المَذْكورُ في القرآنِ، وهذا هوَ المطلوبُ.

    (6) قولُهُ: (وسِرُّ المسألةِ) يَعْنِي: لُبُّهَا، أنَّهُ إذا قالَ: أنا لا أُشْرِكُ باللهِ؛ فاسْأَلْهُ: ما معْنى الشِّركِ؟ فإنْ قالَ: هوَ عبادةُ الأصنامِ؛ فاسْأَلْهُ: ما معنى عبادةِ الأصنامِ؟ ثمَّ جَادِلْهُ على ما سبَقَ بَيانُهُ.

    (7) قولُهُ: (فإنْ قالَ...) إلخ، يَعْنِي: إذا ادَّعَى هذا المشركُ أنَّهُ لا يَعْبُدُ إلاَّ اللهَ وحْدَهُ فاسْأَلْهُ: ما معنى عبادةِ اللهِ وحْدَهُ؟
    وحينَئِذٍ لا يَخْلو مِنْ ثلاثِ حالاتٍ:
    الأولى: أنْ يُفَسِّرَها بما دَلَّ عليهِ القرآنُ؛ فهذا هوَ المطلوبُ والمقبولُ، وبهِ يَتَبَيَّنُ أنَّهُ لم يُحَقِّقْ عبادةَ اللهِ وحْدَهُ حيثُ أَشْرَكَ بهِ.
    الثَّانيةُ: أنْ لا يَعْرِفَ معناها، فيُقالُ: كيفَ تَدَّعِي شَيئًا وأنتَ لا تَعْرِفُهُ؟ أمْ كيفَ تَحْكُمُ بهِ لنفسِكَ، والحُكْمُ على الشَّيءِ فَرعٌ عنْ تَصَوُّرِهِ؟
    الثَّالثةُ: أن يُفَسِّرَ عبادةَ اللهِ بغيرِ معناها، وحينَئذٍ يُبَيَّنُ لهُ خَطَؤُهُ بِبَيانِ المعنى الشَّرعيِّ للشِّركِ وعبادةِ الأوثانِ، وأنَّهُ الَّذي يَفْعَلُونَهُ بعينِهِ ويَدَّعُونَ أنَّهم مُوَحِّدونَ غيرُ مُشرِكِينَ(1).

    (8) يَعْنِي: ويُبَيَّنُ لهُ أيضًا: أنَّ عبادةَ اللهِ وحْدَهُ هيَ الَّتي يُنْكِرُونَها علينا، ويَصْرُخونَ بها علينا كما فَعَلَ ذلكَ أَسْلافُهم حينَ قالوا للرَّسولِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلأَُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ}[ ص: 5 - 7 ].

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الإعلام بأن الشرك ليس محصورا فى عبادة الاصنام

    قال الشيخ صالح الفوزان فى شرح كشف الشبهات
    يُبَيِّنُ الشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّ الشِّرْكَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى عِبَادَةِ الأَصْنَامِ؛ لأَِنَّ المُشْرِكِينَ الأَوَّلِينَ مِنْهُم مَن يَعْبُدُ المَلاَئِكَةَ، والمَلاَئِكَةُ أَصْلَحُ الصَّالِحِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
    {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ (26) لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}.
    ومنهم مَنْ يَعْبُدُ الصَّالِحِينَ،وذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}قِيلَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَنْ يَعْبُدُ عُزَيْرًا والمَسِيحَ مِن الأَنْبِيَاءِ.
    وقِيلَ: نَزَلَتْ في قَوْمٍ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ فَأَسْلَمَ الجِنُّ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَن يَعْبُدُهُم مِن الإِنْسِ أنَّهُم أَسْلَمُوا.

    والمَقْصُودُ مِن ذَلِكَ أنَّ اللهَ ذَكَرَ أنَّ المُشْرِكِينَ الأَوَّلِينَ منهم مَن يَعْبُدُ الأَصْنَامَ والأَشْجَارَ والأَحْجَارَ، ومنهم مَن يَعْبُدُ الأَنْبِيَاءَ والصَّالِحِينَ، وسَوَّى بَيْنَهُم في الحُكْمِ، وحَكَمَ عَلَيْهِم بالكُفْرِ والشِّرْكِ.
    وأَنْتَ أيُّها المُشَبِّهُ تُرِيدُ أَنْ تُفَرِّقَ بَيْنَ مَن عَبَدَ الأَصْنَامَ ومَن عَبَدَ الصَّالِحِينَ، فَتُفَرِّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللهُ، وهَذَا مِن المُحَادَّةِ للهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى.

    هَذَا وَجْهُ رَدِّ الشُّبْهَةِ،حَيْثُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ شِرْكِ الأَوَّلِينَ وشِرْكِ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الإِسْلاَمَ وهُمْ يَعْبُدُونَ القُبُورَ والأَوْلِيَاءَ والصَّالِحِينَ؛ لأَِنَّهُم لاَ يَعْرِفُونَ مَعْنَى العِبَادَةِ، ومَعْنَى الشِّرْكِ، فَصَارُوا يَخْلِطُونَ ويَهْرِفُونَ بِمَا لاَ يَعْرِفُونَ، وهَذِه نَتِيجَةُ الجَهْلِ بعَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ الصَّحِيحَةِ، والجَهْلِ بِمَا يُضَادُّهَا مِن الشِّرْكِ، فإنَّ مَن لاَ يَعْرِفِ الشَّيْءَ يَقَعْ فيه وهو لاَ يَدْرِي.
    وَمِنْ هنا تَتَّضِحُ ضَرُورَةُ العِنَايَةِ بِدِرَاسَةِ العَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ ومَا يُضَادُّهَا.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •