تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 5 من 5 الأولىالأولى 12345
النتائج 81 إلى 98 من 98

الموضوع: تحت العشرين

  1. #81
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1232


    الفرقان






    من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر
    من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر، التخلّص من أمراض الكبر والاستعلاء، والتحلي بأخلاق التواضع ولين الجانب والرحمة بالخلق، ومنشأ ذلك العلم بأن ما آتى الله عبدا من قوّة وحكمة، وحسبٍ وجاه، ومكانة، وأموالٍ وخيراتٍ، إنما هو من تقدير الله -عزّوجل-، وأن العبدَ ما أوتي كلّ ذلك إلا ليُبتلى في هذه الحياة، أيشكر أم يكفر؟ كما لو شاء الله أن يبتليه بسلب تلك النعم لفعل، {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}.
    «حقيقة الإيمان بالقضاء والقدر»
    من أصول العقيدة التي يجب على الشباب أن يعلموها ويؤمنوا بها: «الإيمان بالقضاء والقدر» فهو الأصل السادس من أصول الإيمان، والقدر هو أن الله -تعالى- علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد. فكل حدث صادر عن علمه، وقدرته، وإرادته، ولا تصل النفس إلى كمال الإيمان إلا حينما تؤمن بقضاء الله وقدره، والإيمان بالقدر يورث العبد اعتدالاً في مواجهة أقدار الله المختلفة، في السرّاء والضرّاء على حدٍّ سواء، فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له»، ومن ثمرات هذا الإيمان أن الشاب لا يُسلم نفسه لمشاعر اليأس والإحباط من مرارة الواقع وتتابع الفِتَن؛ ليقينه بموعود الله في نصرة هذا الدين وأنَّ العاقبة للمتقين، ومحاربة اليأس تقود إلى سكون القلب وطمأنينته حتى يُبصر المؤمن المنحة في جوف المحنة، ويُدرك أن بعد العسر يُسرًا، قال -تعالى-: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَن َّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّ َهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} (النور:55).
    ستة مشاهد عظيمة عند وقوع البلاء
    قال ابن القيم رحمه الله: «إذا جرى على العبد مقدور يكرهه، فله فيه ستة مشاهد: الأول: مشهد التوحيد، وأن الله هو الذي قدره وشاءه وخلقه، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
    الثاني: مشهد العدل، وأنه ماض فيه حكمه عدل فيه قضاؤه.
    الثالث: مشهد الرحمة، وأن رحمته في هذا المقدور غالبة لغضبه وانتقامه.
    الرابع: مشهد الحكمة، وأن حكمته -سبحانه- اقتضت ذلك، لم يقدره سدى ولا قضاه عبثا.
    الخامس: مشهد الحمد، وأن له -سبحانه- الحمد التام على ذلك من جميع وجوهه.
    السادس: مشهد العبودية، وأنه عبد محض من كل وجه، تجري عليه أحكام سيده وأقضيته بحكم كونه ملكه وعبده، فيصرفه تحت أحكامه القدرية كما يصرفه تحت أحكامه الدينية، فهو محل لجريان هذه الأحكام عليه».
    الإسلام ليس تقييدًا للحريات

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: الإسلام ليس تقييدًا للحريات، ولكنه تنظيم لها وتوجيه سليم حتى لا تصطدم حرية الشخص بحرية الآخرين؛ لأنه ما من شخص يريد الحرية المطلقة بلا حدود إلا كانت حريته هذه على حساب حريات الآخرين، فيقع التصادم بين الحريات وتنتشر الفوضى ويحل الفساد، ولذلك سمى الله الأحكام الدينية حدودًا، وهناك فرق بين التقييد وبين التوجيه والتنظيم الذي شرعه لعباده الحكيم الخبير.
    شبهات في الإيمان بالقضاء والقدر
    من جملة الشبهات التي ترد على الشباب ويقف أمامها حيران: مسألة القدر، ومن الإشكالات التي ترد على قلوب الشباب أن الإنسان يُعذَّب على فعل المعاصي، فكيف يُعَذَّب عليها وهي مكتوبة عليه، ولا يمكن أن يتخلص من الأمر المكتوب عليه؟ والجواب عن ذلك: إذا قلت هذا فقل أيضًا: إن الإنسان يثاب على فعل الطاعات، فكيف يثاب عليها وهي مكتوبة عليه، ولا يمكن أن يتخلص من الأمر المكتوب عليه؟ وجواب ثان وهو: أن القدر سر مكتوم لا يعلمه إلا الله حتى يقع، فمن أين للعاصي العلم بأن الله كتب عليه المعصية حتى يقدم عليها؟ أفليس من الممكن أن يكون قد كتبت له الطاعة؟ فلماذا لا يجعل بدل إقدامه على المعصية أن يقدم على الطاعة؟ ويقول: إن الله قد كتب لي أن أطيع. وجواب ثالث، أن نقول: إن الله قد فَضَّل الإنسان بما أعطاه من عقل وفهم، وأنزل عليه الكتب، وأرسل إليه الرسل، وبَيَّنَ له النافع من الضار، وأعطاه إرادة وقدرة يستطيع بهما أن يسلك إحدى الطريقين، فلماذا يختار هذا العاصي الطريق الضارة على الطريق النافعة؟ أليس هذا العاصي لو أراد سفرًا إلى بلد وكان له طريقان، أحدهما سهل وآمن، والآخر صعب ومخوف، فإنه بالتأكيد سوف يسلك الطريق السهل الآمن، ولن يسلك الصعب المخوف، بحجة أن الله كتب عليه ذلك، بل لو سلكه واحتج بأن الله قد كتبه عليه لعَدَّ الناس ذلك سفها وجنونا، فهكذا أيضا طريق الخير وطريق الشر سواء بسواء، فليسلك الإنسان طريق الخير ولا يخدعن نفسه بسلوك طريق الشر، بحجة أن الله كتبه عليه ونحن نرى كل إنسان قادر على كسب المعيشة، نراه يضرب كل طريق لتحصيلها، ولا يجلس في بيته ويدع الكسب احتجاجا بالقدر، إذًا فما الفرق بين السعي للدنيا والسعي في طاعة الله ؟ لماذا تجعل القدر حجة لك على ترك الطاعة، ولا تجعله حجة لك على ترك العمل للدنيا؟!
    اتباع الهدى
    لا يكون المرء متبعًا للهدى إلا بأمرين: تصديق خبر الله تصديقًا جازمًا من غير اعتراض شبهة تقدح في تصديقه، وامتثال أمره -تبارك وتعالى- من غير اعتراض شهوة تمنع من امتثال أمره، وعلى هذين الأصلين مدار الإسلام.
    الأمور التي يُستجلب بها التوفيق
    أجمع العلماء الربانيون على أنَّ حقيقة التوفيق هو ألا يكِلك الله إلى نفسك، وأن الخذلان: أن يوكل العبد إلى نفسه، ومما ينبغي أن يعتنى به في هذا المقام معرفة الأمور التي يُستجلب بها التوفيق وتتلخص فيما يلي: النية الصالحة التي هي أساس العمل وقوامه وصلاحه.
    كثرة الدعاء والإلحاح على الله.
    صدق التوكل على الله -جل وعلا-؛ قال شعيب -عليه السلام-: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}.
    إصلاح النفس بالعلم؛ فإن العلم نورٌ لصاحبه وضياء.
    مجاهدة النفس على العبادة والطاعة فرضها ونفلها.
    ملازمة أهل الصلاح والاستقامة، والبُعد عن أهل الشر والفساد.
    من الأخطاء التي يقع فيها الشباب لبس حظَّاظة اليد
    بعض الشباب يضع في يدِه حَلْقةً مصنوعة من الجلد أو غيره، تُسمَّى (الحظاظة)، ويعتقد أنها تجلِبُ الحظ، وهذا اعتقادٌ فاسد، ويجب على الشباب أن يعتقد اعتقادًا جازمًا أن الله -تعالى- هو الذي يتصرَّف في هذا الكون، ولا يحدث شيء فيه إلا بإرادته -سبحانه-، قال -تعالى-: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة: 51)، وقال الله -تعالى-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر: 49)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كتب الله مقاديرَ الخلائق قبل أن يخلق السماواتِ والأرض بخمسينَ ألفَ سنةٍ».




  2. #82
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1233


    الفرقان




    العلم بالتوحيد نجاة من الشرك
    الواجب على الشاب المسلم أن يكون على علم بتوحيد الله -عز وجل- وما يقرِّب إليه، فإن من أعظم أسباب انتشار الشرك بين المسلمين الجهل بما يجب لله من التوحيد، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - حريصًا على بيان التوحيد الخالص، وحريصًا على بيان الشرك وقطع أسبابه.
    «وأنهاك عن الشرك والكبر»
    من وصايا نبي الله نوح -عليه السلام- لابنه وهو يعظه قبل موته، قوله: آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: آمرك بـ «لا إله إلا الله»؛ و«سبحان الله وبحمده»؛ وأنهاك عن الشرك، والكبر، فيا لها من وصية عظيمة لو انتبه لها الشباب! فالشرك أعظم ما عصي به الله منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا، حتى وصف الله هذا الذنب بالظلم العظيم، فقال -تعالى-: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: 13)، وما ذلك إلا لما فيه من الجناية العظيمة في حق الخالق -جلَّ جلاله-؛ فالله هو الذي خلق، وهو الذي رزق، وهو الذي يحيي، وهو الذي يميت، ومع كل هذه النعم، وهذه المنن، والمشرك يجحد ذلك وينكره، بل ويصرف عبادته وتعظيمه لغير الله -سبحانه-، فما أعظمه من ظلم وما أشده من جور، لذلك كانت عقوبة المشرك أقسى العقوبات وأشدها، ألا وهي الخلود الأبدي في النار، قال -تعالى- في بيان ذلك: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (المائدة: 72)، وكل ذنب مات العبد من غير أن يتوب منه حال الحياة فإمكان العفو والمغفرة فيه يوم القيامة واردٌ إلا الشرك والكفر؛ فإن الله قد قطع رجاء صاحبه في المغفرة، قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (النساء:48).
    الشرك الأصغر
    الشرك الأصغر هو كل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر، ووسيلةٌ ‏للوقوع فيه، وسماه الله ورسوله شركًا، وهو غير مخرج من ملة الإسلام، بل صاحبه لا يزال في دائرة الإسلام، ومن أمثلته الحلف بغير الله والرياء، وهو أن يقصد بعبادته عَرَضَ الدنيا، من تحصيل جاه أو نيل منزلة، قال -تعالى-: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (الكهف: 110)، وروى الإمام أحمد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ يا رسول الله، قال: الرياء، يقول الله -عزوجل لهم يوم القيامة-: «إذا جُزِيَ الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟»
    أنواع الشرك المخرج من الملة
    (1) شرك في الربوبية: وهو اعتقاد أن ثمة متصرف في الكون بالخلق والتدبير مع الله -سبحانه-، وهذا الشرك ادعاه فرعون لنفسه: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} (النازعات: 24) فأغرقه -سبحانه- إمعانًا في إبطال دعواه؛ إذ كيف يغرق الرب في ملكه الذي يسيره؟! (2) شرك في الألوهية: وهو صرف العبادة أو نوع من أنواعها لغير الله، كمن يتقرب بعبادته للأصنام والأوثان والقبور ونحوها، بدعوى أنها تقرِّب من الله، فكل هذا من صور الشرك في الألوهية، فالله -تعالى- لم يجعل بينه وبين عباده في عبادته واسطة من خلقه. (3) شرك في الأسماء والصفات: وهو اعتقاد أن ثمة مخلوقا متصفا بصفات الله -عز وجل- كاتصاف الله بها، كمن يعتقد أن بشرًا يعلم من الغيب مثل علم الله -عزوجلَّ-، أو أن أحدا من الخلق أوتي من القدرة؛ بحيث لا يستعصي عليه شيء، فكل هذا من الشرك بالله، وكل من يدعي ذلك فهو كاذب دجَّال .
    وصايا للشباب

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: أيها الشاب عليك أن تكون قريبًا من أهل العلم وأكابر أهل الفضل؛ تستمع إلى أقوالهم، وتسترشد بفتاواهم، وتنتفع بعلومهم، وتستشيرهم فيما أهمَّك، وعليك أن تكون حريصًا على مرافقة الأخيار ومصاحبة الأبرار، وأن تجتنب أهل الشر والفساد؛ فإن في صحبة أهل الشر العطب، وعليك أن تكون على حذر شديد من هذه الوسائل التي غزي الشباب من خلالها ولا سيما شبكة المعلومات؛ ليسلم لك دينك ولتكون في عافية من أمرك، فالعافية لا يعدلها شيء.
    من الدروس التربوية لقصة الذبيح إسماعيل -عليه السلام
    حوت قصة الذبيح إسماعيل مع والده إبراهيم- عليهما السلام- دروسًا تربوية عديدة، أبرزها الاستسلام والانقياد لطاعة الله وأوامره: فإبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- يعلمان تمام العلم أنّ رؤيا الأنبياء حق، وهي وحي من الله وليس من الشيطان؛ لذلك كانت إجابة إسماعيل على طلب والده {يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى}، بالاستجابة التامة لهذا الطلب؛ حيث رد قائلاً: {قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}، وهذا يدلل على أنّ إسماعيل، قد تربى تربية إيمانية عالية منذ صغره، جعلته يستجيب لأمر الله -عز وجل- دون تردد.
    لسان العاقل
    عن الحسن البصري -رحمه الله- قال: «لِسَانُ الْعَاقِلِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ، فَإِذَا أَرَادَ الْكَلامَ؛ تَفَكَّرَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ، وَقَلْبُ الْجَاهِلِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ، فَإِنْ هَمَّ بِالْكَلامِ؛ تَكَلَّمَ، لَهُ وَعَلَيْهِ»، يدل لهذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فليقل خيرا أو ليصمت» وقد أخذ الامام الشافعي -رحمه الله- معنى الحديث فقال: «إذا أراد أن يتكلم فليفكر فإن ظهر له أنه لا ضرر عليه تكلم، وإن ظهر له فيه ضرر أوشك فيه أمسك».
    الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص

    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: من أصول الإيمان عند أهل السنة والجماعة أنَّ الإيمان يزيد وينقص كما دلت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في مواضع كثيرة، فإذا اجتهد في طاعة الله زاد إيمانه، وإذا أتى بعض المعاصي أو ترك بعض الواجبات نقص إيمانه، فالإيمان: قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، يزيد وينقص، فإذا اتقى الله وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وأحب في الله وأبغض في الله زاد إيمانه، وإذا فعل بعض المعاصي وتقاعس عن الجهاد أو ما أشبه ذلك نقص إيمانه، وهكذا.
    من آداب السؤال في الإسلا م
    من آداب السؤال في الإسلام أن يكون غرض السؤال شرعي صحيح: فلا يَقْصِدُ منه التَّعنُّتَ، وإِضاعَةَ الوقت، وأنْ يَتَبَيَّنَ به جَوانِبَ الموضوع ومُلابَساتِه؛ كما كانَتْ عائِشَةُ- رضي الله عنها- لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ إِلاَّ رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، فَلَمَّا سَمِعَت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ»، قَالَتْ: أَوَ لَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ-تعالى-: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} (الانشقاق:8)، فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ العَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ يَهْلِكْ».




  3. #83
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1234


    الفرقان




    الصلاةُ سبيل سعادتك
    اعلموا يا شباب، أن الصلاة هي سبيل سعادتكم وفلاحكم في الدنيا والآخرة، وهي مِن أعظم الوسائل للحصول على الرزق وقضاء الحوائج، قال -تعالى-: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (طه:132)، قال ابن كثير -رحمه الله-: قولُه: {لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ}؛ يعني: إذا أقمتَ الصلاة، أتاك الرزقُ مِن حيث لا تحتسب.
    نصائح لأبنائنا الطلاب مع عودة المدارس
    أولًا: عليك ابني العزيز، أن تعرف أن الله -تعالى- جعل هذه الحياة مواسم، وجعل أيامها دولًا، وهكذا تتجدد المواسم والأيام كما أراد الله -تعالى- لهذا الكون، فلا تحزن لانتهاء الإجازة والعودة لتكاليف المدارس وقيودها فتلك سنة الله -تعالى- في خلقه.
    ثانيًا: عليك ابني العزيز، ششأن تنظر إلى المدارس على أنها طريق تتعلم فيه من علوم الدنيا والآخرة ما يوصلك في النهاية إلى جنة الخلد، ألم تحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول فيه: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ».
    ثالثًا: تذكر ابني الحبيب، أن الأمم ترتقي بأبنائها، ولا يستطيع الأبناء الارتقاء بأممهم إلا إذا كانوا من أرباب العلم وحملته، فينبغي عليك ابني الحبيب، أن تتذكر ذلك وأنت تذهب إلى مدرستك وأنت تحضر دروسك؛ أنك ستكون ممن يساهم بعلمه وشهادته في رقي أمته، ورفعتها بين أمم الأرض.
    رابعًا: ابني الحبيب، تذكر أن أساس رفعة الإنسان وعلوه في الدنيا والآخرة هو علمه، فالمال والجاه وحدهما لا يرفعان الجاهل ولا يعليان من قيمته، إنما الذي يرفع شأن الإنسان ويعلي من قيمته، ما يتعلمه من علوم الدنيا والآخرة، بل العلم يبني المجد لك ولأسرتك ولأمتك من بعدك أيضًا، يقول الله -تعالى-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة: 11)، فالذين يرفعهم الله -تعالى- هم أهل الإيمان والعلم.
    من آداب طلب العلم
    عليك ابني الحبيب، أن تحسن النيةَ والقَصدَ في طلب العلم؛ بحيثُ تتعلَّمُ لإنقاذِ نفسك من الجهل، ومعرفةِ الخيرِ والعملِ به، والابتعادِ عن الشر.
    عليك بالجِدّ في طلب العلمِ وذلك بالإصغاء إلى شَرْح المُعلِّمِ بجميع الحواسِ، وبسؤالِ المُعلمِ عما يُشكلُ عليك بعد الشرح في الموضوع الذي شُرحَ؛ وذلك بأدبٍ وحُسْنِ قصْدٍ وقد قيل مفتاحُ العلم شيئان: حُسْنُ السؤالِ وحُسْنُ الإصغاء.
    عليك بالصَّبر على طلب العلمِ، فقد تكابدُ السَّهرَ ويحصلُ لك من التَّعَبِ والإرهاقِ والمشقَّةِ الشيءُ الكثيرُ، فعليك أنْ تصبرَ وتستعينَ بالله -تعالى- وتحتسبَ الأجرَ والمثوبةَ من الله -تعالى.
    عليك بتقوى الله -عزوجل- وطاعتُه بفعل ما أمرَ واجتناب ما نهى، قال الله -تعالى-: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (البقرة282).
    احفظ الأوقاتِ وقم بتنظيمها والاستفادة منها؛ فالطالبُ المُجِدُّ هو الذي يستغلُّ الأوقاتِ فيما ينفعُه في دراسته وعلمِه وعملِه.
    عليك بالدعاء، وذلك بأنْ تسألَ اللهَ -تعالى- العلمَ النافعَ والعملَ الصالح، قال -تعالى-: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه114).
    الوقت هو الحياة
    المسلم إذا أدرك قيمة وقته وأهميته، كان أكثر حرصًا على حفظه واغتنامه فيما يُقَرِّبه مِن ربِّه -سبحانه وتعالى- والاستفادة منه بما يعود عليه بالنفع، فيُسَارِع إلى استغلال الفراغ قبلَ الشغل، والصحَّة قبل السقم؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نِعْمَتانِ مغبونٌ فيهمَا كثيرٌ منَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ».
    طرائق إدارة الوقت وتنظيمه
    فيما يأتي أبرز الطرائق التي يمكن اتباعها لتنظيم الوقت من أجل الدراسة: (1) إعداد الجداول الدراسية تُساعد الجداول الدراسيّة على تنظيم وقت الدراسة، وإنجاز جميع المتطلبات الدراسيّة؛ لذا يُنصح بجدولة المهمات المطلوب إنجازها في جداول أسبوعية لكل يوم من أيام الأسبوع، ثمّ عمل جداول يومية توزع فيها المهام على ساعات اليوم المتاحة. (2) تحديد وقت لإنجاز المهام يُفضّل عندَ تحديد المهام الدراسيّة اليوميّة وضع فترة زمنيّة محدّدة لكلّ مهمّة؛ إذ إن تقييد الوقت اللازم لإنجاز مهمّة ما من أفضل تقنيات إدارة الوقت؛ إذ يزيد ذلك من تركيز الطالب في أثناء إنجاز المهمة، فيكون أكثر التزامًا وإنتاجيّة. (3) تحديد أهداف واقعيّة على الطالب ألا يبالغ فيما يُمكن إنجازه؛ فينبغي وضع أهداف واقعيّة صغيرة يسهل تحقيقها؛ فالمضي ببطء أفضل من عدم التقدّم مطلقًا. (4) تقسيم المهام الكبيرة يُنصح بتقسيم المهمّات الكبيرة إلى مهام أصغر منها قابلة للتنفيذ خلال وقتٍ قصيرٍ؛ إذ يُساعد ذلك على تسهيل إنجاز الطالب للمهمّةِ، كما تُساعد على التخلّصِ من التأجيل بسبب الشعور بصعوبة المهمّة وحاجتها لوقتٍ طويل. (5) التركيز على مهمّة واحدة يفضل في أثناء الدراسة التركيز على مهمّة واحدة في الوقت الواحد؛ فالقيام بأكثر من مهمّة معًا أو الذهاب والإياب بين المهام المطلوبة، يؤدّي إلى ضياع كثير من الوقت، وتقليل التركيز، ومضاعفة المجهود اللازم لإنجاز المهمّة.
    الرجوع إلى الإيمان والعقيدة

    قال الشيخ ابن العثيمين -رحمه الله-: كلما قوي إيمان العبد كان أقرب إلى إصابة الحق، لقوله -تعالى-: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ}؛ لأن الله علق الهداية على وصف الإيمان، وما علق على وصف فإنه يقوى بقوته، ويضعف بضعفه.
    {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}

    قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: أي ليخصوه -سبحانه- بالعبادة، ويفردوه -جل وعلا- بها، ولم يخلقوا عبثا ولا سدى، ولا ليأكلوا ويشربوا، ولا ليعمروا القصور ونحوها، ولا لشق الأنهار، وغرس الأشجار، ولا لغير هذا من مهمات الدنيا، ولكنهم خلقوا ليعبدوا ربهم، وليعظموه، وليتمسكوا بأوامره، وينهوا عن نواهيه، ويقفوا عند حدوده، وليوجهوا العباد إليه، ويرشدوهم إلى حقه، وخلق لهم ما خلق من النعم ليستعينوا بها على طاعته.
    من طلب العلم ليحيي به الإسلام

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: صلاح النية في طلب العلم أن ينويَ به طالبُه رفع الجهل عن نفسه وعن غيره، فإن علت همته فطلبه ليحيي به الإسلام كان بأرفع المنازل، قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة (1/121): «فمن طلب العلم ليحيي به الإسلام فهو من الصديقين ودرجته بعد درجة النبوة».




  4. #84
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1235


    الفرقان




    «كن عالي الهمة»
    علو الهمة أدب نفسي نفيس، من امتلكه فقد امتلك مفاتيح النجاح كلها؛ إذ هو خلق مركب من كل المعاني التي تفضي بالإنسان إلى الرقي والسمو والرفعة والمكانة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ يحبُّ مَعالِيَ الأُمُورِ وأَشْرَافَها، و يَكْرَهُ سَفْسافَها».
    حاجة الطالب إلى علو الهمة
    الطالب في دراسته أشد حاجة إلى همة تقوي عزيمته، وتشحن طاقته، وتجمع شتات فكره؛ إذ بالهمة العالية يمكنه استسهال الصعب، والتجلد والصبر لأجل خوض الصعاب وتخطيها في كل مراحل الدراسة. وحينما يضع الطالب نصب عينيه هدفًا عاليًا ساميًا محددًا، ويضع بين عينيه تصورًا دقيقًا لكل المراحل التي عليه تجاوزها؛ لتحقيق ذلك الهدف، وأيضًا ما يحتاجه من جهد وصبر ومكابدة في طول الطريق، حينئذ يوصف هذا الطالب بأنه عالي الهمة، فتذكر يا بني أن علو همتك وبعد نظرك في الدراسة مفخرة للدين والأمة كلها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ وفي كلٍ خيرٌ»، وفي تاريخنا الإسلامي عظماء كثر، ضربوا أروع الأمثلة في علو الهمة في طلب العلم وتعليمه، قال الشافعي -رحمه الله-: «حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين، ولم يكن عند أمي ما تعطيني لأشتري به قراطيس فكنت إذا رأيت عظمًا يلوح آخذه فأكتب فيه»، إن صاحب الهمة العالية يا بني لا تتوقف آماله ولا تنتهي طموحاته؛ فهو كالطائر الذي اعتاد أن يُحلق في فضاء رحب فسيح فهو لا يرضى بالدون مها كانت العقبات ومهما تكاثرت الملمات ومهما غلت التضحيات.
    السبيل إلى علو الهمة في الدراسة
    إن من أهم التحديات التي تواجهنا في حياتنا العملية هي: القدرة على تحويل «القيم» إلى «إجراءات» عملية، فـ«علو الهمة» تبقى قيمة نظرية ما لم نحوّلها إلى إجراءات عملية ومن تلك الإجراءات ما يلي: أولا: أوجد جوا مناسبا للدراسة والتحصيل العلمي، وحاول -قدر الإمكان- الحدّ من المشوشات ومضيّعات الوقت، ومن أهمها الانشغال مواقع التواصل.
    ثانيًا: خذ قسطًا من الراحة بين المادة والأخرى ولو كانت قصيرة جدا، وحاول ألا تخلط المواد ببعضها.
    ثالثًا: ابحث عن طريقتك الخاصة والمفضلة للدراسة، وما يناسب غيرك قد لا يناسبك، والعكس صحيح، ما الطريقة التي تفضل؟ هل هي التلخيص، أو كتابة الملاحظات على بطاقات صغيرة، أو تلوين بعض أسطر الكتاب؟ اخترع الطريقة التي تناسبك.
    رابعًا: حاول أن تدرس الدرس قبل أن يقدمه المعلم، ولو باختصار وقبل وقت شرح الدرس، فهذه من الوسائل المجربة في سرعة الفهم وثبات المعلومة.
    خامسًا: تحلَّ بالصبر والمثابرة {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، ولا تسمح لرغبات النفس كالكسل والتسويف أن يكون عائقًا عن هدفك الذي وضعته لنفسك.
    إنّ لي نفسا تواقة
    قال عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -: « إنّ لي نفسا تواقة، وما حققت شيئًا إلا تاقت لما هو أعلى منه؛ تاقت نفسي إلى الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن تاقت نفسي إلى الجنة، فأرجو أن أكون من أهلها».
    أهمية الاجتهاد في الدراسة

    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: المسلمون بحاجةٍ إلى العلوم الدنيوية حتى يستعينوا بها على طاعة الله، وعلى الاستغناء عمَّا في أيدي الناس، قال -تعالى-: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (الأنفال:60)، ومع كون المسلمين يتعلَّمون العلوم الدنيوية وغير ذلك مما يُعينهم، فالاشتغال بالعلوم الدينية مهم جدا بل أهم، فلنأخذ منها بنصيبٍ، ولنجتهد في تعلم دين الله -عزوجل-، والتَّفقه فيه، وإذا جمع بين الأمرين فهو خيرٌ إلى خيرٍ، يقول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَن يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين»، فإذا تفقَّه في دينه واستفاد مع ذلك في دنياه طبًّا أو صنعةً أخرى تنفعه أو أشياء مما ينفع العبدَ في هذه الدنيا؛ فذلك خيرٌ إلى خيرٍ.
    نماذج من عُلوّ الهمة
    ذكر لنا التاريخ الإسلامي نماذج من علو الهمة صعب أن يجود الزمان بمثلها: الصديق - رضي الله عنه - كان طموحه أن يدخل الجنة من أبوابها الثمانية.
    الصحابي الجليل عكاشة بن محصن - رضي الله عنه - يطلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله له ليكون مع من يدخلون الجنة بغير حساب.
    الصحابي الجليل ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه - لم تكن له غاية دون مرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة.
    إن كل هؤلاء جعلوا الآخرة هي همهم الأول بل الأوحد فلم يتعلقوا بحطام الدنيا الزائل ولم يطلبوا سفاسف الأمور بل أحسنوا الظن بربهم وتشبثوا بمعالي الأمور. فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم.
    كن صاحب طموح عال وهمة كبيرة
    قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: «إنَّ الناس لو كانوا إذا كبر عليهم أمرٌ تركوه ما قام دينٌ ولا دنيا»؛ ولذا ينبغي للمرء أن تكون طموحاته عالية وهمته كبيرة، مجافيًا للتواني والكسل، قوي الثقة بالله في أن يبلغه ما يرجو وخيرًا مما يرجو.
    صفات عالي الهمة
    إن صاحب الهمة العالية تراه دائمًا مجاهدًا لنفسه مشغولاً في كل ما هو مفيد.
    صاحب الهمة تجده منظمًا في شؤونه محافظًا على وقته فلكل لحظة عنده ما يناسبها من العمل.
    يمد يد العون لكل محتاج ويطلب من الله -تعالى- العون والتوفيق والسداد.
    تراه بشوشًا مبتسمًا متفائلاً يفيض على الآخرين من همته.
    تراه مخالطًا لأصحاب العزائم بل منافسًا لهم، يتهم نفسه دائمًا بالتقصير.
    تراه متوازنًا في كل أموره فلا يطغى أمر على أمر فلا تراه مغرورا ولا تراه عاجزًا مهمومًا.
    معاملة الناس باللطف
    قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به».




  5. #85
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1236


    الفرقان






    الشاب صاحب الخلق الحسن
    الشاب المسلم صاحب الخلق الحسن لا يرفع صوته على أبٍ أو أمٍّ؛ لقوله -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23)، ولا يرفع صوته على شيخ مُسِنٍّ، ولا ضعيف مسكين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منَّا مَن لم يوَقِّرْ كبيرَنا، ويرحَمْ صغيرَنا».
    من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم التي يجب أن يتخلق بها الشباب
    قال الله -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} (الأحزاب: 21)، الشابُّ المسلم هو شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقد كان خُلُقه عظيمًا بشهادة الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، وكان - صلى الله عليه وسلم - خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ»، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في التفضيل بين الصحابة: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ - أي: أفضلكم - أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا»، فالشابُّ المتدَّيِّن يجب أن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا»، فالشابُّ رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر؛ لقول الله -عزوجل- لنبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِي نَ} (آل عمران: 159)، و»لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا»، ولا يغضب؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصِنِي، قَالَ: «لَا تَغْضَب - فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ-: لَا تَغْضَبْ»، وإذا غضب لا يغضب إلَّا لدين الله -تعالى-، ويتواضَع لأنه يعلم أن التواضُع من شِيَم الكِبار، وما تواضَعَ عبدٌ إلَّا رَفَعَه الله؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ»، وإذا تكلَّم لا يتكلم إلا بالحقِّ والصِّدْق؛ لقول الله -عز وجل-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.
    من أهم أسباب النجاح
    إن أهمَّ الأسباب التي تُساعِدُ الطالبَ على النجاح والتفوق تعتمدُ -بعد توفيق الله تعالى له- عليه هو شخصيًّا، متمثِّلة في أمور عدَّة ، لعل أهمَّها تركيزُه الكامل مع المعلم أو المدرس الذي يتولَّى عملية الشرح، حتى يتمكَّن من توصيل المعلومة إليه بطريقة سليمة، وأن يكون مستمعًا جيدًا لكل ما يقوله معلِّمه، وإذا لم يفهم مسألةً شُرحت، لا يجعلها تفوت عليه دون أن يفهمها، وأن يطلب من مدرِّسه إعادتها مرة أخرى، هذا إلى جانب أن يكون الطالب متمتعًا بالنشاط بعيدًا عن الكسل، وأن يتفاعل باستمرار مع ما يشرحه المدرس ، فضلاً عن الحضور باستمرار، والحرص على استقبال كل ما يُشرح، وأن يكون مهيَّأً لذلك من خلال عدم انفصاله عن الأجهزة والأدوات التي يحتاج إليها في أثناء العملية التعليمية، التي تسهل عليه عملية الفهم.
    المؤمن ليس بالسباب
    قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس المؤمن بالطَّعَّان ولا اللعَّان، ولا الفاحش ولا البذيء»؛ لذلك فالشاب المؤمن لابد أن يكون بعيدا كل البعد عن السب والشتم، ولا يستخدم الألفاظ البذيئة في جدٍّ ولا هزل، ولا في رضًا أو غضب، ليس (بالطعان)؛ أي: ليس عيابًا للناس، (ولا اللعان)؛ أي: أنه لا يلعن أحدًا، ولا يدعو عليه باللعنة؛ إذ اللعنة معناها الطرد من رحمة الله -تعالى-، (ولا الفاحش)؛ أي: لا يفعل الفحش ولا يقوله، والمراد به الشتم القبيح الذي يقبح ذكره، (ولا البذيء)؛ وهو الذي لا حياء له.
    أدب التعامل مع وسائل التواصل

    قال الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد: مَنْ تعامَل مع أدواتِ التواصلِ فْليُذَكِّرْ بفريضةٍ، ولْيدُلَّ على سُنَّةٍ، ولينبِّه على خطأٍ، ولْيَنْصَحْ باحتسابٍ، وليحتسبِ الأجرَ والثوابَ، وليحرِصْ على جمعِ الكلمةِ، وإحسانِ الظنِّ، وليُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه، وليظنَّ بأخيه الخيرَ، وليتقِ شرَّ ظنونِ نفسِه، وليحذَرْ أن يكون الناصحُ لنفسِه في هذه الأدوات ممَّن يتجوَّل بدلاءٍ فارغةٍ، ويجعلُ عقلَه مستباحًا لمتطفِّلي هذه الأدواتِ الثرثارينَ بما لا ينفعُ.
    السعادة قرينة الهداية

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الهداية والسَّعادة أمران متلازمان وقرينان لا ينفكَّان، والشَّقاء قرين الضَّلال الذي لا ينفكُّ عنه، فمتى وُجدت الهداية وُجدت السَّعادة، ومتى وُجِدَ الضَّلال وُجِدَ الشَّقاء، ومن كان في بُعدٍ عن الله وطاعته ثم استقام يجد في قلبه لذَّةً كانت مفتقدة، وحلاوةً كانت معدومة وطعمًا كان لا يشعر به، وصدق الله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}.
    لماذا يتجرأ هؤلاء على الله؟

    قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: الإنسان إذا جهل عظمة الله -جل وعلا- فإنه يتجرأ عليه -سبحانه-؛ فالمشرك حينما دعا غير الله وعبد غير الله هذا لم يقدر الله حق قدره {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (الزمر: من الآية 67)؛ ولذلك عبد غيره معه -سبحانه-، وكذلك كالذي يجحد أسماء الله وصفاته وينكرها، هؤلاء ما قدروا الله حق قدره وتجرؤوا على الله وتنقصوه -سبحانه وتعالى-، وقد حذر الله -جل وعلا- من الإلحاد في أسمائه {وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (الأعراف: 180).
    من أهم عوامل النجاح

    من أهم عوامل النجاح وضوح الهدف؛ لأن النجاح يعني تحقيق ما عزم الإنسان عليه، فلابد أن يكون ذلك واضحًا في ذهنه، لذلك لابد للشباب أن يضعوا حدا لهذه العشوائية وهذا الإهمال العجيب الذي يعيشه بعضهم.
    من أخطاء الشباب
    التساهل في مصاحبة أصدقاء السوء
    بعض الشباب قد يصاحب أصدقاء لا دين لهم ولا أخلاق، فيترتَّب على ذلك كثير مِن المفاسد؛ فالصديق السُّوء له أثرٌ سيِّئ على صاحبه؛ حيث يجعله يكذب ويسرق، ويشرب الدُّخَان والمُخدِّرات والخمور، ويهرُب من المدرسة، ولا يذهب إلى الجامعة، فيضيع مستقبله، إن مجالسة الأصدقاء الصالحين ومرافقتَهم هي خيرُ وسيلةٍ للاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم؛ فللأصدقاء تأثيرٌ كبير على أقرانهم؛ فالصديق الصالح له أثر طيب على صاحبه.




  6. #86
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1237


    الفرقان




    أثر العبادة في إصلاح الفرد والمجتمع
    إنَّ أداءَ الشباب للعبادات التي شَرَعها اللهُ على وجهها، وطاعة الله فيما أَمر به، له آثارٌ حسنةٌ وطيِّبةٌ على سلوك الفرد والمجتمع، فالصَّلاة مثلًا - وهي عِمادُ الدِّين - تنهى عنِ الفحشاءِ والمنكر، وتُزكِّي النفس، وتُقوِّمُ السلوك، فعن أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه -: أَنَّ رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَرَأَيْتُمْ لو أَنَّ نَهْرًا بِبابِ أَحَدِكم، يَغْتَسلُ منه كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟»، قَالُوا: لا يَبْقى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قال: «فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَواتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطايا».
    ثمرات العبادة
    اعلموا يا شباب أنَّ العبادة الحقة لابد أن يكون لها أثر في نفس صاحبها وأخلاقه وسلوكه، فالصــلاة التي هــم أهــم أركــان الإســلام بعد التوحيد التي لها منزلتها الخاصة في الإسلام. بيّن الله -عزوجل- شيئا من الحكم التي من أجلها شرعت، فكان من هذه الحكم: أنها تنهى أهلها عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله -عزوجل-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت:45)، ولما أُخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن امرأة تقوم الليل ولكنها إذا أصبحت آذت جيرانها قال: «هي في النار». فكأن حقيقة الصلاة أنها تزكية للنفس وتطهير لها من الأخلاق الرديئة والصفات السيئة، فمن لم ينتفع بصلاته في هذا الجانب، لم يستفد أعظم ثمرات الصلاة، أما الصيام فإنه كذلك تهذيب للنفوس وحرمان لها من شهواتها المحظورة ونزواتها، قبل أن يكون حرمانا لهذه النفوس من الأطعمة والأشربة والشهوات المباحة، ولأجل هذا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: « من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه».
    سلامة العقيدة وحسن الخلق
    لا شك أنَّ هناك ارتباطا وثيقا بين الأخلاق والإيمان؛ فأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا، فالعقيدة الصحيحة تحمل صاحبها على مكارم الأخلاق من صدق، وكرم، وحلم، وشجاعة، ونحو ذلك، وهذه العقيدة الصحيحة تمنعه من كثير من مساوئ الأخلاق من الطغيان والكذب والكبر والجهل والظلم، وغيرها.
    أهمية جدول المذاكرة
    يؤكد علماء التربية أن استغلال الوقت بكفاءة من العوامل المهمة للتحصيل، والجدول المكتوب يساعد على تنظيم العمل وترتيب المذاكرة، فتخصيص وقت ومكان محددين من شأنهما أن يخلصا الطالب من سلوك التأجيل والتسويف، والجدول يساعد على تكوين استعداد نفسي وعقلي للمذاكرة، ويتعين على كل طالب أن يعلم كيف يوازن بين الاستذكار والترويح عن النفس، مع مراعاة ألا يمتد هذا الجدول إلى وقت متأخر من الليل، ولا ينبغي أن يترتب على هذا الجدول تمسك حرفي بنمط يومي أو أسبوعي، لكن أن يمثل الجدول خطة منظمة لألوان مختلفة من النشاط، تدفعك لأن تبدأ مذاكرتك في وقت محدد لزمن معلوم بعده تنتقل لنشاط آخر، مع أهمية مراعاة أوقات الصلاة وضرورة الحفاظ عليها وجعلها أساس في كتابة هذا الجدول.
    الهدية النافعة
    عادة كثير من الناس، إن قيل له: «ألا أهدي لك هدية؟» ينظر إلى يد المتحدث هل يحمل شيئًا؟ أو ينتظر أن يدخل يده في جيبه، ويُغفل عن نوع من التهادي يعد أشرف أنواع التهادي وأحسنه وأجمله، ألا وهو تهادي مسائل العلم، ولا يعرف قدر هذه الهدية إلا من عرف قدر العلم. قال ابن القيم: «وإنما الهدية النافعة كلمة يهديها الرجل الى أخيه المسلم».
    تتلخص ثمرات العبادة في ثلاثة جوانب
    - الجانب الأوّل: ثمرات للعبادة تتعلّق بصلة العبد بالله -تعالى-، كحبّ الله -تعالى- وخشيته، وخوفه ورجائه، والتوكّل عليه، والإنابة إليه، وذكره -تعالى- وشكره، والإخلاص لوجهه الكريم، وكمال توحيده وتعْظيمه.. - الجانب الثاني: ثمرات للعبادة تتعلّق بشخصيّة الإنسان، وتكوينه وبنائه، كقوّة الإرادة، وسموّ الهِمّةِ، وتزكية النفس، والتحلي بالصدق والأمانة، والتمسّك بمكارم الأخلاق، والبعد عن مساوئها. - الجانب الثالث: ثمرات للعبادة تتعلّق بصلة الإنسان بالآخرين، وعلاقتهم به، كحفظ الذمم، وأداء الحقوق، وكفّ الأذى، والتسامح، وحسن التعامل مع الناس، وحسن الظنّ وسلامة الصدر.
    من طلب العلم ليحيي به الإسلام

    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: صلاح النية في طلب العلم، أن ينويَ به طالبُه رفع الجهل عن نفسه وعن غيره، فإن علت همته فطلبه ليحيي به الإسلام كان بأرفع المنازل، قال ابن القيم في (مفتاح دار السعادة): «فمن طلب العلم ليحيي به الاسلام فهو من الصديقين ودرجته بعد درجة النبوة».
    من الأخطاء التي يتساهل فيها الشباب
    الكذب في المزاح واستخدام ألفاظ غير لائقة
    بعض الشباب إذا أراد أن يمزَحَ مع صاحبه، فإنه يستخدم ألفاظًا غير لائقة، تخدش الحياءَ! روى الترمذي عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «ليس المؤمن بالطعَّان ولا اللعَّان، ولا الفاحش ولا البذيء»، وبعضُ الشباب اعتاد الكذب في مُزاحه لكي يُرضِي الناس، وهذه صفةٌ سيئة، حذرنا منها نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -: فقال: «مَن التمس رضا الله بسَخَط الناس، كفاه الله مُؤْنَة (أي: شر) الناس، ومَن التمس رضا الناس بسخط الله، وكَلَه (أي: تركه) الله إلى الناس».
    ضعف القلوب
    مِن الشباب مَن يستطيع رفع الأثقال لقوة بدنه، لكنه لا يستطيع رفع اللحاف الخفيف لينهض لصلاة الفجر لضعف دينه، ومنهم من يستطيع قطع المسافة الطويلة ركضًا، ولا يستطيع قطع المسافة القصيرة إلى المسجد مشيًا، ألا ما أضرَّ وهن القلوب وضعفها، فانتبهوا أيها الشباب!
    إياك والكبر!

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في قول الله -تعالى-: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} (لقمان: 18): يعني لا تمش تبخترًا وتعاظمًا وتكبرًا {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان: 18)، المختال في هيئته، والفخور بلسانه وقوله، فهو بهيئته مختال، في ثيابه، في ملابسه، في مظهره، في مشيته، فخور بقوله ولسانه، والله -تعالى- لا يحبُّ هذا، إنما يحب المتواضع الغنيَّ الخفيَّ التقي، هذا هو الذي يحبه الله -عز وجل.
    يا شباب كونوا من الصادقين
    أمرنا الله -تعالى- بأن نكون من الصادقين فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، والصدق يكون في القول، ويكون في الفعل، فإذا وعدت إنسانا فيجب أن تكون صادقا فيما وعدت، قاصدا الوفاء عاملا له، ولا يصح أن يكون الوعد بقصد التخلف من موقف أو دفع إلحاح، أو إرضاء لخاطر أحد من الناس، وإذا تحدثت بشيء فلا تتحدث بما يتنافى مع الحقيقة التي تعلمها وتعتقدها، وإذا استنصحك أحد فاصدق في نصحه، ولا تجعل نصحك مشوبا بالهوى أو الغرض وإلا كنت غاشا مخادعا.




  7. #87
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1238


    الفرقان


    اقتفاء آثار النبي صلى الله عليه وسلم
    لا صلاحَ للأمَّة في دِينها ودُنياها، ولا عِزَّ، ولا نصر، ولا تمكين لها، إلاَّ إذا اقتفت نهج النبي - صلى الله عليه وسلم - وآثارَ أصحابه، وترسَّمت خُطاهم في العبادة والاعتقاد والسلوك، والاقتصاد والسياسة، والدعوة، ويحصل لها مِن ذلك بقدر اتِّباعها لنبيِّها - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه -رضي الله عنهم- {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (الأنعام: 90).
    معيار الحكم على الناس
    من الأمور المهمة في حياة الشباب ضبط معيار الحكم على الناس من خلال المعيار الشرعي والميزان الإلهي الذي وضعه الشرع للحكم على الأشياء ووزنها، فبمعرفة المعيار الشرعي نستطيع أن نحدّد مدى قربنا من النَّموذج الصَّحيح الذي يحبه الله ويرضى عن صاحبه. قال سهل بن سعد - رضي الله عنه - مرَّ رجلٌ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لرجل عنده جالسٍ: «ما رأيكَ في هذا؟» فقال: رجلٌ من أشراف الناس، هذا والله حريٌّ إن خطبَ أن يُنكح، وإن شفع أن يُشفَّع. فسكتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم مرَّ رجلٌ، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما رأيك في هذا؟» فقال: يا رسول الله، هذا رجلٌ من فقراء المسلمين، هذا حريٌّ إن خطبَ ألا يُنكح، وإن شفع ألا يُشفَّع، وإن قال ألا يُسمَع لقوله. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا خيرٌ من ملءِ الأرض مثلَ هذا»، لقد بيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث الشريف المعيار الشرعي الصَّحيح في الحكم على الأشخاص ووزنهم، وأنه تقوى الله والاستقامة على أمره، وليس هو الغِنى والحَسَب والشَّرف، كما يرى كثير من الناس، وقد أكَّد هذا المعنى في حديث آخر حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ تعالى لَا ينظرُ إلى صُوَرِكُمْ وَأمْوالِكُمْ، ولكنْ إِنَّما ينظرُ إلى قلوبِكم وأعمالِكم».
    السعادة قرينة الهداية
    من الأمور المهمة التي يجيب أن يعلمها الشباب أنَّ الهداية والسَّعادة أمران متلازمان وقرينان لا ينفكَّان، والشَّقاء قرين العصيان الذي لا ينفكُّ عنه، فمتى وُجدت الهداية وُجدت السَّعادة، ومتى وُجِدَ العصيان وُجِدَ الشَّقاء، ومن كان في بُعدٍ عن الله وطاعته ثم استقام يجد في قلبه لذَّةً كانت مفتقدة، وحلاوةً كانت معدومة وطعمًا كان لا يشعر به، وصدق الله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}.
    الإخلاص رأس مالك فلا تضيعه
    اعلموا يا شباب أنَّ الإخلاصَ لله تعالى وإرادةَ وجهه هو رأسُ مال العبد، وقوامُ حياته الطيبة، وأصل سعادته وفلاحه، والإِخلاصُ أعظمُ أعمال القلوب وهو الذي يعطي للعبادة رونقها ويحقق مقصدها وثمرتها، يقول ابن القيم -رحمه الله-: «ومن تأمّل الشريعة في مصادرها ومواردها، علم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب، وأنها لا تنفع بدونها، وأن أعمال القلوب أفرض على العبد من أعمال الجوارح»، فمَن فَقِهَ الإخلاصَ وتعبَّد لله به، أرشده الله لخير دينه وآخرته ونفعه في صلاح أمره وسلوكه، ولذلك اهتمَّ العلماء بحديث (الأعمالُ بالنيَّات) وعدُّوه من قواعد الإسلام العِظام؛ لأنه أساس العمل وقاعدته وسبيل النجاة.
    إصلاح الظاهر والباطن
    تزكية النفوس تتطلب تخليصها من آفاتها وإصلاح القلب وتطهيره من أمراضه، فإن أمراض القلوب الباطنة أشدُّ ضررًا وأعظم فتكًا من معاصي الجوارح الظاهرة، ولذلك نجد القرآن يركّز على إصلاح الظاهر والباطن معًا، ويدعو لترك ظاهر الإثم وباطنه؛ حيث قال: {وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} (الأنعام: ١٢٠)، والآية تفيد الابتعاد عن الإثم ظاهرِه وباطنِه، لأنَّنا قد نعتني بترك الإثم الظاهر لاطِّلاع الناس عليه، ونقع فيما هو أشد منه وهو الإثم الباطن، من الكبر، والحسد، والحقد، وحب الظهور والرياء.
    محبة الله -عز وجل

    قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله-: محبة الله للعبد، هي أجل نعمة أنعم بها عليه، وأفضل فضيلة، تفضل الله بها عليه، وإذا أحب الله عبدًا يسَّر له الأسباب، وهوَّن عليه كل عسير، ووفَّقه لفعل الخيرات، وترك المنكرات، وأقبل بقلوب عباده إليه، بالمحبة والوداد، ومن لوازم محبة العبد لربه، أنه لابد أن يتصف بمتابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ظاهرًا وباطنًا، في أقواله وأعماله، وجميع أحواله، كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (آل عمران: 31)، ومن لوازم محبة الله للعبد أن يكثر العبد من التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل، ومن لوازم محبة الله معرفته -تعالى-، والإكثار من ذكره، فمن أحب الله أكثر من ذكره.
    ثمار التقوى

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كلما جاهد العبد نفسه على تحقيق التقوى وجد التيسير في أموره، ونال الرزق الطيب، وهدي إلى المخرج المناسب والملائم فيما يعرِض له من مشكلات، إضافة إلى تكفير السيئات وغفران الذنوب ورفعة الدرجات، والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة إلى غير ذلك من الثمار والآثار التي لا حصر لها ولا عد.
    اذهب فأنتَ لا تعرفه
    جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يشهد على قضية، فقال له عمر: «ائتِ بمن يَعرِفُك، فجاء برجل، فقال له: هل تُزكِّيه؟ هل عرفته؟ قال: نعم، فقال عمر: وكيف عرفته؟ هل جاورته المجاورة التي تعرف بها مدخله ومخرجه؟ قال: لا، قال عمر: هل عاملته بالدينار والدرهم اللذين تعرف بهما أمانة الرجال؟ قال: لا، فقال: هل سافرت معه السفر الذي يكشف عن أخلاق الرجال؟ قال: لا، فقال عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -: فلعلَّك رأيته في المسجد راكعًا ساجدًا، فجئت تزكِّيه؟! قال: نعم يا أمير المؤمنين، فقال له عمر بن الخطاب: اذهب، فأنتَ لا تعرفه، إذًا فميزان الشَّرع في الحكم على الأشخاص ليس بكثرة العبادة وأدائها ظاهرًا، ما لم يُختبر بالمعاملة ويُبتلَى بالمعاشرة، حتى يعرف حقيقة معدنه، فقد يكون صاحب عبادة في الظاهر لكن أخلاقه سيئة ومعاملته كذلك.
    أتدرون ما المُفْلِسُ؟
    قال رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أتدرون ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ، فقال: إنَّ المفلسَ من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فطُرِحَت عليه، ثم طُرِحَ في النار»، هذا الحديث يؤكد - صلى الله عليه وسلم - على أن العبادة مهما كانت كثيرة، فإنها فاقدة لجوهرها وهي وبالٌ على صاحبها إذا م يكن لها أثر على سلوك الشخص وأخلاقه ومعاملاته.
    كتب ننصح بالمداومة على قراءتها
    من أفضل كتب التفسير التي ننصح الشباب بالاهتمام بها ودوام مطالعتها حتى يتدبروا كتاب الله -تعالى-، تفسير العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله- المسمى : (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)، وقد أثنى عليه العلماء، قال العلَّامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: من أحسن التفاسير؛ حيث كان له ميزات كثيرة منها: سهولة العبارة ووضوحها، تجنب الحشو والتطويل، السير على منهج السلف في آيات الصفات، دقة الاستنباط، ومنها أنه كتاب تفسير وتربية على الأخلاق الفاضلة، وقال: هو من أفضل التفاسير كتاب جيد وسهل ومأمون، وقال: أشير على كل مريد لاقتناء كتب التفسير ألَّا تخلو مكتبته من هذا التفسير القيم.




  8. #88
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1239


    الفرقان




    نهوض الشباب
    التاريخ شاهد على أن في الشباب من يبلغ في حصافة العقل، وحسن التدبير، المنزلة الكافية لأن يلقى على عاتقه ما يلقى على عواتق الكهول أو الشيوخ من عظائم الأمور، وإذا قلبنا صفحات التاريخ، دلتنا على رجال ظهرت عبقريتهم، وكفايتهم للقيام بأعمال جليلة وهم في أوائل عهد شبيبتهم، فقد ولّى النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل على اليمن وهو دون سن العشرين، وولّى أسامة بن زيد إمارة جيش فيه الشيخان أبو بكر وعمر، وسن أسامة يومئذ تسع عشرة سنة، وولّى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كعب بن صور قضاء البصرة وهو في سن العشرين، وكان عمر - رضي الله عنه - يدعو ابن عباس في المعضلات ويجلسه بين الأشياخ وهو دون سن العشرين.
    السعادة كلها في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
    اعلموا يا شباب أنَّ السعادة كلها في طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم : {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} (الأحزاب: 36)، والطاعة لله ورسوله تتمثَّل بالعمل بما يأتي: إخلاص الدين لله وحده لا شريك له في القول والاعتقاد والعمل، والحب والبغض، والفعل والترك: {قُل إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} (الأنعام: 162).
    العناية بالقرآن الكريم تلاوة وحفظًا وتدبرًا وتفسيرًا وعملًا، فهو خير كتاب أُنزِل على أشرف رسول إلى خير أمَّة أُخرِجت للناس بأفضل الشرائع وأسمحها وأسماها وأكملها، كما قال -تعالى-: {اليَوْمَ أَكْمَلتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا} (المائدة: 3).
    العناية بالسنَّة المطهَّرة والسيرة النبوية، فلنا فيهما عِظَة وعبرة، ولنا فيهما قدوة حسنة لِمَن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا.
    المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة، فهي عماد الدين، والصلة برب العالمين، والفارقة بين الإسلام والكفر.
    حفظ الأوقات فيما ينفع؛ فأنت مسؤول عن وقتك في أيِّ شيء قضيته؟ والأوقات محدودة والأنفاس معدودة، فاغتنم حياتك النفيسة، واحتفظ بأوقاتك العزيزة، فلا تضيعها بغير عمل، ولا تفرط بساعات عمرك الذاهب بغير عوض؛ فإنك محاسَب عليها ومسؤول عنها، ومجازى على ما عملت فيها.
    اختيار الأصحاب الصالحين والجلساء الناصحين الذين عرفوا الحق واتبعوه والباطل واجتنبوه، والمرء معتبر بقرينه، وسوف يكون على دين خليله فلينظر مَن يخالل، وأنت مع مَن أحببت يوم القيامة.
    الشباب وصلاة الفجر
    صلاة الفجر واحدة من تلك الصلوات الواجبات، ولا تختلف عن غيرها في الأمر بالمحافظة عليها في وقتها وفي المسجد، غير أننا قد نجد بعض الناس يحافظ على معظم الصلوات ولكنه يتهاون في صلاة الفجر فلا يحضرها في المساجد، وربما نام عنها حتى تطلع الشمس فلا يصليها إلا بعد وقتها، حتى إنك تنظر لصفوف المصلين في الفجر ترى أن أكثرهم من الشيبان وكبار السن، فليعلم الشباب أنَّ صلاة الفجر في الجماعة علامة الإيمان ومحبة الرحمن وبراءة من النفاق؛ فالمنافق يتحين الفرص للفرار من العبادة، وقد روى البخاري ومسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا».
    من مشكلات الشباب
    الانحراف عن الدين وترك العبادة
    من المشكلات المعاصرة للشباب الانحراف عن الدين وترك العبادة والعيش في هذه الحياة بلا هدف ولا رسالة ولا دين، قال الله -تعالى-: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}. (مريم:59). أي أنهم لم ينكروا الإيمان والصلاة والطاعة بل أضاعوا ذلك فاستحقوا عقوبة الله، والإنسان الذي يدع دينه ويتحلل من عقيدته سيقع في خطيئتين كبيرتين الأولى: أن فطرته التي فطره الله عليها إن لم تدن بالدين الحق سوف تدين بالدين الباطل وسيعبد الإنسان آلهة أخرى من دون الله، والثانية أنه سيظل في حالة افتقار وفي حاجة إلى من يملأ عليه فقر قلبه، يقول الإمام ابن القيم: «لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا صلاح إلا بأن يكون إلهه وفاطره وحده هو معبوده وغايته ومطلوبه، وأحب إليه من كل ما سواه».
    الحب في الله والبغض في الله

    قال ابن العثيمين -رحمه الله-: يكون الحب في الله بأن ترى شخصًا صاحب دين وعلم وعبادة، وصاحب خلق حسن فتحبه لما قام به من طاعة الله والإيمان به، فهذه هي المحبة في الله، وأما البغض في الله: بأن ترى شخصًا عاصيًا متهاونًا بدينه لا يبالي، فتكرهه وتبغضه لما هو عليه من التهاون بدين الله -عزوجل-، والحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، ولهذا يجب علينا أن يكون حبنا وبغضنا لله -عز وجل-، لا نحب إلا من أحبه الله، ولا نبغض إلا من أبغضه الله.
    أبرُّ الأصحاب

    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ أبرَّ الأصحاب وخير الرفقاء عمل المرء الصالح، ولن يدخل معه في قبره إلا هذا الصاحب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ ابْنِ آدَمَ وَمَالِهِ وَعَمَلِهِ مَثَلُ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخِلَّاءَ، قَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: أَنَا مَعَكَ مَا دُمْتَ حَيًّا، فَإِذَا مُتَّ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَا أَنَا مِنْكَ، فَذَلِكَ مَالُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ، فَإِذَا بَلَغْتَ إِلَى قَبْرِكَ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَسْتُ لَكَ، فَذَلِكَ وَلَدُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ حَيًّا وَمَيِّتًا فَذَلِكَ عَمَلُهُ».
    الغاية التي من أجلها خُلقنا
    إن من أهم الواجبات على الشباب أنَّ يعرف الغاية التي من أجْلها خُلق، وهذه الغاية هي عبادة الله -تعالى-، التي من معانيها إخلاص النيَّة لله في القول والعمل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والولاء والبَراء لله ورسوله، واتِّباع هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً، ظاهرًا وباطنًا، في الأمر والنهي، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد.
    من واجبات الشباب المسلم اليوم
    من أهم واجبات الشباب المسلم اليوم التسلح بالعلم والثقافة، والتفوق في اختصاصه؛ فنحن -مع الأسف- موسومون بأننا من العالم المتخلف الذي يسمونه العالم الثالث، فلا زال بعض الناس يعتقدون أن سبب تخلف المسلمين هو الإسلام، وهذا غير صحيح بالمرة، فيوم كان المسلمون متمسكين بدينهم، كانوا هم الأمة الأولى، والعالم الأول في هذه الدنيا، قادت حضارتهم العالم حوالي عشرة قرون، كان المسلمون فيها السادة والقادة، وكان العالم يتعلم على أيديهم، ويتعلم في مدارسهم وجامعاتهم، وكانت اللغة العربية هي لغة العلم، ومن يريد من أبناء أوروبا أن يظهر أنه إنسان مثقف أو متقدم تكلم بعض ألفاظ بالعربية، كما يفعل كثيرون الآن حينما يكلِّمونك فيدخلون في كلامهم كلمات بالإنجليزية أو بالفرنسية ليشعروك أنهم من أهل التقدم والحضارة، هكذا كنا وينبغي أن نعود إلى ما كنا عليه.
    نور اليقين في سيرة خير المرسلين
    إنّ شخصية الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - تعد نبراسا لكل من أحبّ أن يهتدي إلى الطريق السوي {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، قال سيدنا سعد بن أبي وقّاص: «كنا نعلّم أولادنا سيرة الرسول ومغازيه كما كنا نعلّمهم القرآن»؛ ولا يوجد كتاب مختصر وسهل يلم بهذا الموضوع ككتاب (نور اليقين) للشيخ محمد الخضري؛ فإنه من أكثر الكتب المتداولة في السيرة النبوية في العالم الإسلامي؛ لذا ننصح الشباب بقراءته واقتنائه.


  9. #89
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1240


    الفرقان



    بأخلاقي يزداد إيماني
    ما أحلاه من شعارٍ (بأخلاقي يزداد إيماني)! ذلك أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أوضح أنَّ الأخلاق تَتَنَاسَب طرديًّا مع الإيمان؛ فكلَّما زاد معدَّل الإيمان في القلْب، سَمَتِ الأخلاقُ، والعكس بالعكس، وفي هذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَكْمَلُ المؤمنين إيمانًا، أحسنُهم خُلُقًا»، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه»؛ والحديث صحيح، ويقول: «المسلم مَن سلِم المسلمون مِن لسانه ويده، والمؤمِن مَن أمِنَه الناسُ على دمائهم وأموالهم»؛ ويقول: «واللهِ لا يؤمِن، واللهِ لا يؤمِن، واللهِ لا يؤمِن»، قيل: وَمَن يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يأمَن جارُه بوائقَه».
    حاجة الشباب إلى منهج يصحح عقيدته
    نحن - أيها الشباب - في حاجة إلى منهجٍ تربوي صحيح، في حاجةٍ إلى منهج الإسلام الهادي، منهج القرآن والسنة؛ للخروج من هذه الفتن الحالكة المحيطة بهم، والأهواء والأفكار الباطلة من حولهم، والمغريات والمستغربات، من الشهوات والشبهات الباطلة، فالإنسان بطبيعته لا يمكن له أن يعيش عيشة سوية دون منهج. ولهذا كان الوحي نفسه منهاجًا له كما قال -سبحانه-: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (المائدة: 48)، والمنهاج هو الطريق الواضح السهل، فلم يترك الله خلقه دون منهج أو منهاج يسيرون عليه وهم في ابتلاء الحياة الدنيا وسيرهم نحو الآخرة؛ ولهذا فالمنهج ليس قضية تكميلية أو تحسينية، بل هي قضية ضرورية لا يمكن استقامة الحياة من دونها، وذلك لأسباب عدة، منها: المنهج يُصحح للشباب عقائدهم وأخلاقهم، التي ربما يشوبها شيء من الشُّبهات والانحرافات؛ بسبب تعدُّد مناهج التربية، وربما تناقضها واضطرابها في عرض تصور صحيح عن العقيدة الإسلامية ومباحثها، وبيان سبل الوقاية من خطر الزيغ والانحراف عنها.
    مكر الأعداء بشباب الأُمَّة الإسلامية، والكيد لهم في الليل والنهار؛ بُغيةَ إفسادهم وإبعادهم عن حقيقة دينهم ومَحاسنه السامية، وما كل ذلك إلا ليتمكنوا من خلق أجيال تنتسب إلى الإسلام شَكلاً، ولا تعرفُ عن حقيقة الإسلام شيئًا يُذكر، فتنقلب مَوازينُ الأخلاق والقيم في نفوسهم.
    الإيمان والأخلاق لا يفترقان
    ابني الحبيب لابد أن تعلم أنَّ العبادة هي علاقة بينك وبين ربك، أما السلوك فهو علاقة بينك وبين الناس، فلابد أن تنعكسَ العلاقة بينك وبين ربك على العلاقة بينك وبين أفراد المجتمع، فتحسِّنها وتهذِّبها، وإلا فما علاقة أنَّ الصلاة - مثلًا - تنْهى عن الفحْشاء والمنكَر، كما في قوله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر} (العنكبوت:45)، فالفحشاءُ والمنكَر هما جِماع الأقوال البذيئة والأفعال السيئة، وهما لا يظْهران إلا في التعامُل مع الناس في المجتمع، كما أن العبادة وإن كانتْ هي علاقة بينك وبين ربك، إلَّا أنَّ السلوك يَتَجَلَّى فيها أيضًا، ففي الصلاة أنتَ مأمور بأداء الصلاة في جماعة، لكي تَحْتَكَّ بالناس وتتفاعَل معهم، وفي الحج أنتَ مأمور بضبط الأخلاق في أثناء الزحام... وهكذا، ففي كل عبادة يَتَجَلَّى مظهر من مظاهر السلوك، الذي يجب أن تتحلَّى به وتلتزم به.
    الذكر ودوام الصلة بالله -تعالى
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: من حكمة الله -عزوجل- أنه جعل لذكره أسبابًا حتى يستيقظ الإنسان وينتبه لذكر الله -تعالى-؛ لأن الإنسان قد تستولي عليه الغفلة وينسى ذكر الله؛ فجعل الله -تعالى- لذكره أسبابا كثيرة فدخول المنزل فيه ذكر، ولبس الثوب الجديد فيه ذكر، والأكل فيه ذكر، والانتهاء من الأكل فيه ذكر، حتى يكون الإنسان دائمًا على صلة بالله -عزوجل- بذكر الله -تبارك وتعالى.
    فضائل حسن الخلق
    بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - فضائلَ الخلق الحسن في أحاديثَ كثيرةٍ، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «البِرُّ حسن الخلق»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من أحبِّكم إليَّ، وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنَكم أخلاقـًا»، وسئل - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أفضل؟ فقال: «حسن الخلق»، وسئل عن أكثر ما يُدْخل الجنة، فقال: «تقوى الله، وحسن الخلق»، فالأخلاق الحسنة ركن ثابت في الإسلام، حثَّ عليه، ودعا إليه، ودائمًا ما قرنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بتقوى الله، وجعله سببًا في دخول الجنة؛ ذلك لشرف فضله، وفوائده فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن المؤمن لَيدركُ بحسن خلقه درجةَ الصائم القائم».


    مَثَل العالم في الأمَّة
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: العلم نورٌ وضياءٌ لصاحبه، ومَثَل العالم في الأمَّة مَثَل أُناس في ظُلمة، وبينهم شخصٌ بيده مصباحٌ، يضيء لهم بمصباحه الطَّريق، فيسلَمُون منَ العِثار، ويتَّقون الشَّوك والأخطار، ويسيرون في جادَّة سويَّة وصراط مستقيم.
    مكانة الصحابة في قلوب المسلمين
    إنّ لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مكانةً عظيمةً في قلوب المسلمين؛ فهم أفضل البشر بعد الأنبياء والمرسلين، فحبهم من حبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو جزءٌ لا يتجزأ من عقيدة المسلم، وقد أخبر النبي بأنّهم خير القرون؛ حيث قال: «إن خيرَكم قرني، ثم الذين يلونَهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»، فهم نقلهم الشريعة من رسول الله إلى الأمة من بعده؛ فكانوا أعلام الهدى، ومنارات العلم، ونشروا الفضيلة، والأخلاق، والأدب، والصدق.
    اتبـاع الهدى
    لا يكون الشاب متبعًا للهدى إلا بأمرين: تصديق خبر الله تصديقًا جازمًا من غير اعتراض شبهة تقدح في تصديقه، وامتثال أمره -تبارك وتعالى- من غير اعتراض شهوة تمنع من امتثال أمره، وعلى هذين الأصلين مدار الإسلام.
    الطريق إلى اكتساب الأخلاق الراقية
    إن الطريق إلى اكتساب الأخلاق الراقية هو الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لذلك فإننا في أمسِّ الحاجة إلى العودة الصحيحة إلى تلك الأخـلاق والآداب التي دعا الإسلام إليها، ورغَّب فيها ديننا الحنيف، وحثَّ عليها نبينا الكريم، في الوقت الذي نرى نتائج انسلاخ الكثير من الناس عنها؛ لذلك كان من واجب كل مسلم الدعوة إلى هذا المسلك النبيل في كل سانحة؛ لأنها من صميم رسالة المصطفى - صلى الله عليه وسلم .
    القوَّة الحقيقيَّة
    القوَّة الحقيقيَّة هي قوة الأخلاق، أما القوة الموهومة فهي مهترئة سريعة الزوال، وإذا صار الإنسان قويًّا فتَسَلَّط على الناس، واسْتطال عليهم وظَلَمَهم، فإنَّه في داخله وفي حقيقته ضعيفٌ، لا يَثِق حتى في نفسه، وإن بدا للناس عكس ذلك، وإذا قوي الإنسان وأصبحتْ له شَوْكة وسُلطة، كان ذلك امتحانًا عسيرًا لقوَّتِه الحقيقية، قوة أخْلاقه، وأما العاجزُ الذي لا يستبد، فذلك ضعيفٌ عند الله وعند الناس.
    العاصم من كل الفتن
    اعلموا يا شباب أن العاصم من الفتن هو ملازمة منهج القرآن الكريم، الذي جعله الله -تعالى- عصمةً من كل ضلالة وزيغ وفتنة، وفي متابعة سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة الثابتة عنه، قال -تعالى-: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم} (المائدة: 15 - 16).


  10. #90
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1241


    الفرقان



    من الأخطاء التي يقع فيها الشباب
    إضاعة وقت الفراغ
    كثير من الشباب يقضي وقتَ فراغه فيما لا ينفعهم في دينِهم ولا في دنياهم، فتراهم يضيعون ساعاتٍ طويلةً فيما لا فائدة منه، فيجلِسون أمام وسائل التواصل، أو يتحدثون فيما لا يُفيدهم، ولا شك أنّ هذه من الأخطاء التي يقع فيها الشباب؛ وما ذلك إلا أنه لا يدرك أنَّ رأس مال المسلم في هذه الحياة الدنيا، وقد حثَّنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - على الاستفادة من وقت الفراغ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتانِ مَغْبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»، وقوله: (مغبون فيهما)؛ أي: ذو خسران فيهما، والمغبون هو: الخاسر في التجارة.
    صفات الشاب المسلم
    الشاب المسلم خُلُقُه القرآن، فالشابُّ رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، فلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا».
    الشاب المسلم متواضَع؛ لأنه يعلم أن التواضُع من شِيَم الكِبار، وما تواضَعَ عبدٌ إلَّا رَفَعَه الله؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ».
    الشاب المسلم إذا تكلَّم لا يتكلم إلا بالحقِّ والصِّدْق؛ لقول الله -عزوجل-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق: 18)، وإذا شهد لا يشهد إلا بالحقِّ؛ لأنه يعلم أن شهادة الزور هي من أكبر الكبائر؛ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ - ثَلاثًا - أَوْ: قَوْلُ الزُّورِ»، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ.
    الشاب المسلم شعاره الرفق واللين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مادِحًا للرِّفْق ذامًّا لغيره: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ».
    الشاب المسلم لا يقابل السيئة بالسيئة، وإنما يقابلها بالحسنة؛ لأنه يريد أن يكون من ذوي الحظ العظيم؛ كما قال الله: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34، 35).
    الشاب المسلم لا يرفع صوته على أبٍ أو أمٍّ؛ لقوله -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23)، ولا يرفع صوته على شيخ مُسِنٍّ، ولا ضعيف مسكين، فيعفو ويصفح، ويُسامح ويكرم، ويغفر ويرحم؛ لقوله -تعالى-: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (النور: 22).
    الشباب الذي ينفع دينه وبلده
    الشاب الذي ينفع دينه وبلده هو الشباب الذي يتربّى على الدين والأخلاق والقيم المجتمعية الصحيحة، فيساعد على بناء مجتمع متحضر؛ وبالتالي تقل الجريمة في المجتمع والمظاهر السلبية للشباب في الشوارع العامة من المعاكسات والتخريب للممتلكات العامة والخاصة، ولن يتم ذلك إلا إذا تسلح الشباب بالعلم والمعرفة والفِكر السليم والتوجه الصحيح في الأفكار والمعتقدات ليكون قادرًا على بناء مجتمعٍ متحضر؛ فالشباب الفارغ اللاهث خلف المغريات والملهيات، والمغيب وراء الشهوات والنزوات، والمفرغ علميا وثقافيا وفكريا -بعد أن فرغ عقديا ودينيا- لا قيمة له في أي مجتمع بل هو عبء على مجتمعه، وعالة عليه.
    من أسباب صلاح القلب
    الإكثار من تلاوة القرآن واستماعه: فهذا من أسباب لين القلوب وصلاحها، ولاسيما إذا قرأه متدبرًا لِما يمر عليه من آيات.
    كثرة ذكر الله- جل وعلا- على كل حال؛ قال ابن القيم: «إن في القلب قسوةً لا يذيبها إلا ذكر الله -تعالى». وقال رجل للحسن: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوة قلبي، قال: «أذِبْهُ بذكر الله -عز وجل».
    زيارة المرضى: للاعتبار بحال أهل البلاء، ومخالطة المساكين والفقراء، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: «انظروا إلى من هو أسفلَ منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقَكم؛ فإنه أجدَرُ ألا تزدَروا نعمةَ اللهِ عليكم».
    مجالسةُ الصالحين: الذين ينتقون أطايبَ الكلمات كما يُنتقى أطايب الثمر، وربنا يأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الكهف: 28).
    احذر كمائن النفس!

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله: الإنسان في نفسه كمائنُ لا يَعلَمُها إلا الله، فاحذَر هذه الكمائنَ! والكمائن كثيرة؛ فقد تكون شِركًا بالله -تعالى- وقد تكون رياءً؛ فالإنسان يحبُّ الرياء، وأن يراه الناس على عملٍ صالح، وقد تكون حسدًا لعباد الله وهو مِن خصال اليهود، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (المنافقون: 9)، وقد تكون بكراهة الحق وتثاقُلِه، وقد تكون بالعداوة والبَغضاء للمؤمنين، وغير ذلك مما لا يُحصى.
    اللسان بريد القلب

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: اللسان بريد القلب وترجمانه والواسطة بينه وبين الأعضاء؛ فإن استقام استقامت، وإن اعوج اعوجت، عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا».
    اهتم بصلاح قلبك
    على الشباب أن يعلم أنَّ صلاح القلب طريق السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة؛ فالمسلم الذي يُصلح قلبه يُصبح أقرب إلى الله -تعالى-، وينال رضاه، ويسعد في الدارين، وهذا يُفسّر أنّ القلب هو محل نظر الله من العبد، وبصَلاحه تستقيم الجوارح، وتصلح الأعمال، وتطيب الحياة، وصاحب القلب النقي الصالح ينزعج من التفريط، ويتحسر على فوات الطاعة، فإذا فاته ورده من القرآن الكريم حَزِن، وإذا شغله عن العبادة أمرٌ من أمور الدنيا تحسّر على ما فاته.
    السلف الصالح قدوتنا
    اعلموا يا شباب، أنّ السلف الصالح من الصحابة -رضوان الله عليهم-، هم قدوة لكل مسلمٍ، فهم خير هذه الأمة إيمانًا، وأقربهم إلى الله وسيلةً، وأعلمهم بسُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقهًا وتطبيقًا، وأقلها تكلُّفًا، وأقومها هدْيًا -رضي الله عنهم أجمعين- قال -تعالى-: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة: 100).
    أخلاق الشاب المسلم
    الشابُّ المسلم الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم -؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا».


  11. #91
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1242


    الفرقان



    عناية الإسلام بالشباب
    اعتنى الإسلام بالشّباب عناية فائقة، ووجَّههم توجيهًا سديدًا نحو البناء والنّماء والخير، واهتمّ الرّسول - صلى الله عليه وسلم - بالشّباب اهتمامًا كبيرًا، فقد كانوا الفئة الأكثر الّتي وقفت بجانبه في بداية الدّعوة فأيّدوه ونصروه ونشروا الإسلام وتحمّلوا في سبيل ذلك المشاق والعنت. قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: «ما آتى الله -عزّ وجلّ- عبدًا علمًا إلاّ شابًّا، والخيرُ كلُّه في الشّباب»، ثمّ تلا قوله -عزّ وجلّ-: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}، وقوله -تعالى-: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}، وقوله -تعالى-: {وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}، وعمل -عليه الصّلاة والسّلام- على تهذيب أخلاق الشّباب، وشحذ هممهم، وتوجيه طاقاتهم، وإعدادهم لتحمّل المسؤولية في قيادة الأمّة، كما حفّزهم على العمل والعبادة، فقال -عليه الصّلاة والسّلام-: «سبعة يُظلّهُم الله في ظِلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: وعدَّ منهم: وشاب نشأ في عبادة الله»، وحثّ الرّسول - صلى الله عليه وسلم - الشّباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة، أقوياء في البنيان، أقوياء في العمل، فقال: «المؤمن القويّ خيرٌ وأحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف وفي كلّ خير»، غير أنّه نوَّه إلى أنّ القوّة ليست بقوّة البنيان فقط، ولكنّها قوّة امتلاك النّفس والتحكّم في طبائعها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الشّديد بالصّرعة، إنّما الشّديد الّذي يملك نفسه عند الغضب».
    من الواجبات المهمة على الشباب
    من الواجبات المهمة التي يجب على الشباب القيام بها: بناء أنفسهم إيمانيا وعقليا وجسديا، تنمية جيِّدة سليمة؛ فإن ذلك ينتج شبابًا يحمل همّ الأمّة، متوجّها للخير نافعًا ومطوّرًا للمجتمع، ومواجها لتحديات الحاضر، ويسعى لنمو المجتمع وازدهاره وبلوغه أعلى درجات الكمال الحضاري، اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، فأمّا إذا كانوا بخلاف ما سبق، من وجود شباب غير مهتم بما خصّه الله من خصال، منصرف إلى حياة اللّهو والدّعَة، بحجّة أنّهم يريدون أن يعيشوا شبابهم، وأنّ الشّباب للمتعة والاستمتاع فقط، غير مدركين أنّ هذه المرحلة من حياتهم قد ألقي فيها على عاتقهم أمر الأمّة والمجتمع، فهذا ضياع لطاقة فعالة وإهدار لأكبر قوى منتجة.
    المستقبل للإسلام

    قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: بكل جزمٍ ويقين، بلا ظنٍ ولا تخمين، نقول: إنّ المستقبل لهذا الدِّين، إنّ المستقبل للإسلام، ما التزم المسلمون دينهم، وكانوا أهلاً لحمل دين الله، ومحلا لنصر الله، الذي لا يتخلف أبداً؛ لقوله -تعالى-: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (الروم: ٤٧)، وإنّ الاعتقاد بأن المستقبل للإسلام هو الذي صنع جيل القدوة الأول: محمداً والذين معه، وهذا اليقين جعلهم يرتبطون بالعروة الوثقى التي تشدهم إلى الله، وتمنعهم من السقوط، وتُجدِّد فيهم الأمل المنشود، وتحفظهم من القنوط؛ فكانوا بهذا أنموذجًا فريدًا في الثبات على الدِّين.
    آثار التفكر على إيمان المسلم
    إن التفكر في خلق الله -تعالى- عبادة يقوم بها الأصفياء الذين يقودون مجتمعاتهم لله -عزوجل-؛ ولذلك فهي من الأمور التي يجب على الشباب الاهتمام بها؛ لما لها من آثار عظيمة على إيمانهم وأخلاقهم ويقينهم بالله -عز وجل-، ومن آثار التفكر ما يلي: اطمئنان القلب لقدرة الله -عزوجل-: حيث إن معرفة عظم قدرة الله وسعتها تطمئن القلب المؤمن إلى أنه في رحاب رب عظيم، يستحق العبادة وحده دون غيره، وهو وحده القادر على تلبية حاجاته وحمايته.
    التفكر يدفع المسلم لحسن الطاعة وحسن العبادة، وتجنب معصيته، فخالق بهذه العظيمة يجب ألا يعصى في الأرض.
    الصبر على الابتلاءات، فبالتفكر يدرك الإنسان أن ربه حكيم، لا يخلق شيئاً عبثاً حتى البلاء، فيصبر المسلم ويرضى وينتظر فرجه.
    انشغال القلب بالأهم، فالقلب المدرك لعظمة الكون وهو المخلوق ينشغل بما هو أعظم من ذلك بالخالق القدير.
    زيادة اليقين في وجود الله الخالق وترسيخ الإيمان بقلب المؤمن، وصدق الله القائل: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (فصلت: 53).
    من غرور الشيطان للإنسان

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله: الشيطانُ يغُرُّ الإنسان بالله -سبحانه وتعالى-، فمثلًا يقول له: لو أنك على باطل لعاقبك الله -تعالى-، أو يقول له: إن رحمة الله واسعة والله غفور رحيم، أو يُمنِّيه بالتوبة، يقول: صحيح هذه معصية، والإنسان معرض نفسه للعقوبة، لكن التوبة أمامك، فالآن تمتع بهذه المعصية وبعدئذٍ تتوب. ولا شك أن هذا خطر عظيم يجب على الشباب على وجه الخصوص الانتباه له.
    الحلاوة الدائمة

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إن الطاعة والعبادة والبعد عن المعاصي والذنوب قد تكون في أول وهلة مرارة، ولكنها مرارة قليلة تعقبها حلاوة دائمة غير منقطعة؛ فإن مرارة الدنيا قصيرة وحلاوة الآخرة دائمة غير منقطعة؛ ولأن يصبر العبد على مرارة في الدنيا منقطعة فينال حلاوة الآخرة غير المنقطعة خير له من أن ينشغل في هذه الحياة بحلاوة زائفة ولذة فانية تعقبها حسرة دائمة ومرارة باقية.
    بسواعد الشباب تنهض المجتمعات
    الشباب هم عُمُدُ مجتمعاتهم العتيدة، وهم أساس أركانها الوطيدة، وعلى سواعدهم تنهض أممهم وتتطور، وهم وسط العمر، ووسط كلِّ شيء خِيَارُه، وكان أصحاب الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - شباباً.
    القرآن يعلمنا
    < يعلمنا القرآن كيف نتحرى الصدق في حديثنا، وهي فضيلة امتلاك الشجاعة الأخلاقية التي تبنى بها الثقة، لقوله -تعالى-: {قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} (المائدة: 119). < يعلمنا القرآن كيف نتعامل مع الناس، وألا نميز بين أحد منهم إلا بالتقوى، وأن نتحرى أحسن الألفاظ حين نتحدث، أما إذا أساء إلينا أحد، فيعلمنا القرآن كيف نتحكم في مشاعرنا، قال -تعالى-: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 134). < يعلمنا القرآن أيضًا شكر النعم واستشعارها وعدم القنوط من رحمة الله في الملمات والصعاب، يقول ربنا: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم ْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (إبراهيم: 7). أخطاء يقع فيها الشباب من الأخطاء التي يقع فيها بعض الشباب: الاستغراق في الغيبة والنميمة، فلا تكاد تخلو مجالسُ الشباب من هذه المُوبِقات، إلا مَن حفِظه الله -تعالى-، ولا شك أنَّ هذه الآفات تنشرُ العداوة والحقد بين الشباب، وقد حذَّرنا الله -تعالى- في كتابه العزيز، وكذلك نبينا -[- في سنته المباركة من هذه الأمراض الخطيرة، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} (الحجرات: 12).


  12. #92
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1243


    الفرقان



    التراحم . . من مكارم الأخلاق
    الإسلام يحثّ على مكارم الأخلاق ويدعو إليها، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ»، وفي رواية: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ». وقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» ومن مكارم الأخلاق المنشودة «التراحم»: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّاحِمُونَ *يَرْحَمُهُمُ *الرَّحْمَنُ، *ارْحَمُوا *مَنْ *فِي *الأَرْضِ *يَرْحَمْكُمْ *مَنْ *فِي *السَّمَاءِ» والمقصود بالتراحم: إشاعة الرحمة بين الناس في جميع مجالات التعامل، ولا شك أن حاجتنا ماسة جدا إلى التراحم، ولا سيما في هذا الزمان الذي شاعت فيه القسوة والغلظة والعنف، وصارت أخبار القسوة والعنف تطالعنا في كل لحظة تقريبًا، بل نجد من الأفلام ما يصور العنف والقسوة على أنه بطولة، حتى صار كثير من الشباب يقلدون هؤلاء، ظنًّا أن ذلك من مظاهر الرجولة، بينما التراحم من أعظم صفات المؤمنين: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كمَثَلُ الْجَسَدِ الواحد؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، والتراحم من أسباب المحبة والاجتماع بين أفراد المجتمع: قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كمَثَلُ الْجَسَدِ الواحد؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (متفق عليه).
    ملاطفة الخلق
    قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به». مدارج السالكين (4/ 2744)
    نماذج مضيئة من سلفنا الصالح
    من النماذج الشبابية المضيئة في تاريخنا الإسلامي مصعب بن عمير، الذي بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - أول سفير في الإسلام؛ ففتح الله على يديه قلوب الأوس والخزرج، فدخلوا في الإسلام جميعهم، وكانوا اللبنة الأولى والصخرة الصلبة التي قامت عليها دولة الإسلام وحضارة الإسلام، وهذا أسامة بن زيد يؤمّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جيش المسلمين الذي توجه لقتال الروم في بلاد الشام، ولم يتجاوز عمره ثمانية عشر عامًا، وكانت الروم يومها أكبر إمبراطورية في التاريخ، وهذا محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية (عاصمة الدولة البيزنطية)، وكان عمره ثلاثة وعشرين عامًا.
    رسالة إلى الشباب
    اعلموا يا شباب، أن الإسلام لَم ترتفع رايتُه، ولَم يمتدَّ على الأرض سُلطانه، ولَم تَنتشر في العالمين دعوته، إلاَّ على يد هذه الفئة المؤمنة التي تَربَّت في مدرسة النبي - صلى الله عليه وسلم -، هؤلاء الشباب من الرعيل الأوَّل الذين حمَلوا راية الدعوة إلى الله، فحقَّق الله على أيديهم النصر، وقامت بهم دولة الإسلام الفتيَّة، ولا يُمكن للشباب أن يقوموا بما قام به أسلافهم، ويَنهضوا بمسؤوليَّاتهم، ويؤَدُّوا رسالتهم، إلاَّ إذا اقتدوا بهم وساروا على طريقهم واتبعوا منهجهم وسلكوا مسلكهم.
    أمور تعين على زيادة الرحمة في القلوب
    طلب العلم الشرعي؛ لأنه يزيد الخشية، والرحمة من ثمرات الخشية: قال -تعالى-: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر: 28).
    اجتناب مواطن القسوة والغفلة والعنف قال -تعالى-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} (الكهف: 28).
    حضور مجالس الذكر، وارتياد المساجد: قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُون َهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
    اغتنام مواسم وأوقات زيادة الرحمة: قال - -: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٌ فَتَعَرَّضُوا لَهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا، فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا» (رواه الطبراني، وصححه الألباني).
    الدعاء وسؤال الله خلق الرحمة: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} (آل عمران:8)، {رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} (الكهف:10).
    صلاة الفجر مع الجماعة

    قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ المحافظةَ على صلاة الفَجر مع الجماعة من علاماتِ صدق الإيمان، ومؤشِّرٌ على قوَّة الإسلام، وإذا كانَ الرَّجلُ لا يشهدها مع الجماعة فهذا برهانٌ على ضعف إيمانه ودينه، ودليلٌ على استِسلامه لنفسه وهواه، وانهِزامه أمام شهواتِه، وكيف يَهنَأ المتخلِّف عنها بالنَّوم؟ وكيف يتلذَّذ بالفِراش والمسلمون في المساجد في بيوت الله مع قرآن الفَجر يعيشون؟! وكيف يُؤثِر لذَّة النَّوم والفِراش على لذَّة المُناجاة والعبادة، وأداء هذه الطَّاعة العظيمة؟! لا يفعل ذلك إلَّا خاسِرٌ محرُومٌ.
    مفاهيم خطأ..
    هل العبرة بما وقر في القلب فقط؟!
    إن من المفاهيم الخطأ الشائعة عند كثير من الشباب أنه إذا أُنكر عليه خطأ ما قال: أهم شيء القلب، لا تحاسبني على أفعالي، إنما العبرة بالقلب. ويُقال لهؤلاء: لا شك أن القلب هو الأصل، وأن الأعضاء والجوارح واللسان تبع للقلب، لكننا محاسبون على أقوالنا وعلى أعمالنا كما تقدم: «إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يُلقي لها بالًا! تهوي به سبعين خريفًا في النار»، وأخرج الإمام مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم». فنحن مؤاخذون بأعمالنا وأقوالنا ولا يصح لأحد أن يتحجج في فعل خطأ قولي أو فعلي بأن قلبه سليم وليس مطالبًا إلا بقلبه، لو كان قلبك سليمًا لما أخطأ لسانك ووقعت فيما حرم الله، ولما أخطأت جوارحك ووقعت فيما حرم الله، فإن القلب إذا صلح صلحت جوارحه؛ لذا ينبغي ألا نغتر بهذه المقولة الشائعة بين كثير من الشباب.
    التحذير من القسوة والغلظة
    حذر الإسلام من الغلظة والقسوة؛ لما لهما من آثار سيئة على الفرد والمجتمع؛ فالقسوة والغلظة من أسباب نفرة الناس عن صاحبها: قال -تعالى-: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: 159)، والقسوة والغلظة من أسباب العذاب والإبعاد عن رحمة الله -سبحانه-: قال -تعالى-: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (الزمر:22)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لَا يَرحَمِ النَّاسَ لَا يَرْحَمْهُ اللهُ»، وقال صلى الله عليه وسلم : «لَا *تُنْزَعُ *الرَّحْمَةُ *إِلَّا *مِنْ *شَقِيٍّ».
    أخطاء عقائدية يقع فيها الشباب
    من أخطاء العقيدة التي يقع فيها الشباب الحلف بغير الله، مثل الحلف بالأمانة أو بالآباء، أو بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو بالكعبة، أو بغير ذلك، فمن فعل ذلك فقد أشرك بالله -تعالى-؛ فإن الحلف لا يكون إلا بالله، فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلًا يحلف بأبيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ينهاكم عن أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت»، وروى الترمذي: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» -والعياذ بالله.


  13. #93
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1244


    الفرقان



    أهمية الاستقامة في حياة الشباب
    أمَر الله -سبحانه وتعالى- نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه من المؤمِنين بالاستِقامة على الدين، كما قال -تعالى-: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (هود: 112)، وقد قال عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «شيَّبتني هودٌ وأخواتها»، كما بيَّن -سبحانه وتعالى- عاقِبةَ أهلِ الاستقامة بقوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (فصلت:30). كما قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأحقاف: 13-14)، والاستقامة في حياة الإنسان على درجات: أولها: الثَّبَات على التوحيد، والبراءة من الشرْك وأهله، فقد سُئِل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - عن الاستقامة قال: «ألَّا تُشْركَ بالله شيئًا»، أي: لزوم التوحيد الخالص.
    ثانيًا: لُزُوم الأَوامِر والنواهي بفعل الأمر وترك النهي، وهي إتيان الطاعات واجتِناب المعاصي، كما قال بذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «أن تستَقِيم على الأمر والنهي، ولا تَرُوغ روغان الثعلب»، وذلك بِلُزُوم الطاعات في كلِّ الأحوال حتى ينشَغِل الإنسانُ بما فيه النفْع والخيْر، ويترُك المَعاصِي والمحرَّمات، لتَحقِيق الثَّبات على طاعة الله -عز وجل-؛ لأنَّ التذبذب وعدم الثَّبات من صِفات المنافقين، كما قال -تعالى-: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} (النساء: 143)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدَّث كذب، وإذا وعَد أخلف، وإذا اؤتُمِن خان»، فجِماع الاستقامة هي إخلاص التوحيد لله -عز وجل-، وترْك النواهي والثَّبات على ذلك، فهي بجَمِيع أحوال الإنسان مِن أقوال وأعمال وثَبات.
    الأسباب المُعِينة على الاستقامة
    تقوى اللهِ ومُراقَبته.
    دعاء الله -سبحانه وتعالى- بالهداية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الفاتحة: 6).
    الاستِعانة بالله -عزَّ وجلَّ، والتوكُّل عليه، «احفَظِ اللهَ يَحفظْك».
    لزوم المساجد وطلَب العِلم الشرعي.
    لزوم الرفقة الصالحة (الجليس الصالح).
    الأعمال الصالحة مِن برِّ الوالدين، وصِلة الرَّحِم وغيرها، وكثرة النوافل.
    التوبة النَّصُوح.
    قراءة القرآن الكريم وتدبُّره.
    كثْرة الذِّكْر، قال -تعالى-: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} (الأحزاب: 41).
    محاسبة النفس وتذكُّر الموت والآخرة.
    النظر في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح.
    حقيقة الاستقامة
    الاستِقامة هي لُزُوم طاعة الله -عز وجل-، وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن جوامِع كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -: قولُه للصحابي سفيان بن عبدالله - رضي الله عنه - حين سألَه قائلًا: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرَك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «قُلْ: آمنتُ بالله، ثم استقِمْ» رواه مسلم. أي: استَقِم بعد الإيمان بالله، وهو لُزُوم طاعة الله؛ فلا يجدك حيث نَهاك، ولا يفقدك حيث أمرك.
    أيها الشباب: احذروا الكِبر!
    بعضُ الشباب يُعجَب بنفسه، فيتكبَّر على الناس إما بعائلته، أو بعلمه، أو بماله، أو بجماله، أو بقوَّته، أو بغير ذلك، هذا أمر خطير؛ لأنه ينشر الحقد والحسد والكراهية بين الناس، وليَعلَمِ الشابُّ أن المال والجمال والعلم وغير ذلك - هبةٌ مِن عند الله -تعالى-، فيجب عليه أن يشكر الله -تعالى- على فضله، ولا يستخدم نعمة الله في التكبُّر على غيره من الناس، ولقد حذَّرنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - من التكبر على الناس فقال: «لا يدخلُ الجنةَ مَن كان في قلبه مثقال ذرة مِن كِبْرٍ»، قال رجلٌ: إن الرجل يحبُّ أن يكونَ ثوبُه حسنًا ونعله حسنةً، قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْر بَطَرُ الحقِّ، وغَمْطُ الناس».
    احذروا ذنوب الخلوات!
    قال الشيخ صالح بن حميد: مِنْ أخطرِ مسالكِ المهالكِ ذنوبُ الخلوات، وقد كثرَتْ وسائلُها، يقول ابن القيم -رحمه الله-: «ذنوب الخلوات سبب الانتكاسات، وعبادة الخلوات سبب الثبات، وكلَّما طيَّب العبدُ خَلوَتَه بينَه وبينَ ربِّه طيَّب اللهُ خلوتَه في قبره»، فليأخُذِ الشباب حذرَهم من ذنوب الخلوات، ولا سيما مع وسائل التواصل، واعلموا أن عبادة السرِّ تَقِي نوازع الشهوات، والمراقَبة في الخلوات تُرسِّخ قدمَ الثبات، فمَنْ أكثَر العبادةَ في الخلوات ثبَّتَه اللهُ عند الشدائد والمدلَهِمَّات.
    فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: «{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن» الله أكبر ما أعظم هذا الفضل وأجزله! فإنَّ حروف القرآن عددها: 361180 حرفا، وقيل: 323015 حرفا، وقيل 340740 حرفا، كما ذكر ذلك ابن كثير، وإذا كان من قرأ حرفا من القرآن فله به عشرُ حسنات كما في حديث ابن مسعود فكم له من الأجر إذا قرأ القرآن كله؟! وقراءة قل هو الله أحد ثلاث مرات وهي سطر واحد تعدل ذلك كله، فلله ما أعظمه من أجر! هذا فضلها لا أنها يكتفي بتلاوتها ثلاث مرات عن تلاوة القرآن.
    احذروا هذه الألفاظ الثلاثة!
    قال ابن القيم -رحمه الله-: «وليحذر كل الحذر من طغيان «أنا»، «ولي»، «وعندي»؛ فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلي بها إبليس، وفرعون، وقارون، فإبليس قال: {أنَا خَيْرٌ مِنْهُ}، وفرعون قال: {لِى مُلْكُ مِصْرَ}، وقارون قال: {إنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِى}، وأحسنُ ما وضعت فيه هذه الألفاظ: «أنا» في قول العبد: أنا العبد المذنب، المخطئ، المستغفر، المعترف ونحوه، «ولي»، في قوله: لي الذنب، ولي الجرم، ولي المسكنة، ولي الفقرُ والذل: «وعندي» في قوله: «اغفر لي جدي، وهزلي، وخطئي، وعمدي، وكل ذلك عندي».
    أسباب الانحِراف عن الاستقامة
    رفقة السوء.
    ضعْف الإيمان، والبُعد عن الله، وترْك الصلاةِ ومجالسِ الذكْر.
    الغلوُّ والتشديد على النفس حتى يملَّ فيترُكها وينحرف قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تكُن كالمُنْبَتِّ لا أرضًا قطَع، ولا ظهرًا أبقَى».
    الفَراغ كما قال الشاعر:
    إِنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَهْ
    مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيَّ مَفْسَدَهْ
    وسائل الإعلام المضلِّلة (إنترنت، وقنوات فضائية، وإذاعة، ومجلَّات وصحف).
    عدم وضوح الهدف في الحياة، وعدم تحديد الوجهة والغاية.

    نور اليقين في سيرة خير المرسلين
    إنّ شخصية الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - تعد نبراسا لكل من أحبّ أن يهتدي إلى الطريق السوي {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، قال سيدنا سعد بن أبي وقّاص: «كنا نعلّم أولادنا سيرة الرسول ومغازيه كما كنا نعلّمهم القرآن»؛ ولا يوجد كتاب مختصر وسهل يلم بهذا الموضوع ككتاب (نور اليقين) للشيخ محمد الخضري؛ فإنه من أكثر الكتب المتداولة في السيرة النبوية في العالم الإسلامي؛ لذا ننصح الشباب بقراءته واقتنائه.


  14. #94
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1245


    الفرقان



    الوقت ثمين وأعز من الذهب
    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: الوقت ثمين، أعز من الذهب، فينبغي أن يشغل بما ينفع، قراءة القرآن، بالتسبيح والتهليل والذكر، بحضور مجالس العلم، وحلقات العلم، عيادة المريض، ومن أحسن ما يستغله فيه قراءة القرآن، والإكثار من ذكر الله، والصلاة تطوعًا، فإذا تيسر له أن يعود مريضًا من إخوانه، أو يزور صديقًا له، يعينه على الخير، أو يذهب إلى حلقة علم إن وجدت، يحضرها، أو ما أشبه ذلك.

    الشباب وإدارة الوقت
    من التحديات الكبيرة التي تواجه الشباب المسلم في العصر الحالي كيفية إدارة أوقاتهم بطريقة فاعلة، وسط المشتتات والملهيات التي تستنزف حياتهم، تلك الملهيات التي لا تستهدف قيمهم ومبادئهم فقط، بل تستهدف أعمارهم وأوقاتهم وهي أغلى ما يملكون، وأغلى ما يقدمون لأمتهم إذا قضوها فيما ينفع، فما أدركت أمة من الأمم قيمة الوقت إلا قويت ونهضت. وما أهدرت أمة قيمة الوقت إلا وذلت وضعفت، وهكذا كانت أمة الإسلام ورجالها، فقد عظَّم الإسلام من قيمة الوقت وحث على استثماره بمختلف الوسائل والسبل، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك». وإن مما يحزُّ في النفس، ويؤلمُ القلب، ويحيرُ العقل: أنَّ استشعار قيمة الوقتِ، والحرصَ على حُسن استثمارهِ، أمرٌ مفقودٌ لدى كثير من الشباب، فهناك شباب كُثُر يُفرطونَ في أوقاتهم تفريطاً عجيباً، ويضيِّعون الساعات الطويلة بلا أدنى فائدةٍ، ووالله لو وفقَ هؤلاء أن يستثمروا أوقاتهم بالنهج الصحيح لتغيرَ طعمُ الحياةِ في حِسهم، ولصنعَوا فارقاً ضخماً لأنفسهم وأمتهم.
    الوقتُ هو الحياة
    اعلموا يا شباب أن الوقت هو رأسُ مالِ الانسانِ الحقيقي، وهو أغلى وأنفسُ ما وُهب له بعد الإيمان، فكلّ دقيقةٍ منه أغلى من كنوز الدنيا ونفائسها، وما ضاع منه فلا يمكنُ تعويضه أبدًا، والعمر الحقيقي للإنسان إنما يُحسبُ بمقدار الوقتِ الذي يستثمرهُ لعِمارة آخرتهِ، وما عداهُ فهو خسارةٌ لا تُحسب، وإذا كان الوقتُ هو الحياة، فإنَّ الوقتَ لا يتجدَّدُ ولا يتمدَّدُ ولا يتراجع، وإنما يمضي للأمام.
    نماذج مشرقة
    كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شديد الحرص على استغلال وقته في خدمة الإسلام والمسلمين، وكان قليل النوم يقسّم الليل إلى ثلاثة أقسام: قسم للنوم، وقسم للصلاة والقيام، وقسم لإدارة شؤون المسلمين، وكان يقول: «لو نمتُ بالنهار ضاعت رعيتي، ولو نمت بالليل ضاعت نفسي، فكيف بالنوم مع هذين؟!».
    وكان الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - معروفًا بحرصه على الوقت واستغلاله في طاعة الله، وكان يقول: «ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي».
    كيف يستثمر الشباب أوقاتهم؟
    من أراد أن يستثمرَ أوقاتهُ بكفاءةٍ عالية، وأنَّ يحقِّقَ لنفسه فارقاً هائلاً في الإنجاز، فعليه القيام بثلاثة أمورٍ مهمة، وأن يحذر ثلاثة أمور ضارة:
    ثلاثة يجب فعلها
    الأمر الأول: احترامُ الوقت، وأن يكونَ جادا في تنظيمه وتقسيمهِ، عازماً في حُسنِ استثمارهِ والاستفادةِ منهُ.
    الأمر الثاني: أن يتعلَّمَ فنَّ إدارةِ الوقت، وأن يتعوَّدَ على تنظيم الوقت، وجدولةِ الأعمالِ، وترتيبِ المهام، (فلكل امرئٍ من دهره ما تعودا «المتنبي»)، ولكل جهدٍ منظم، مردودٌ مضاعف، ومتى أحسنتَ تقسيمَ وقتك، وتنظيمَ مهامِّك: كان يومُكَ كصندوقٍ رُتبَ جيداً فاتسعَ لأشياءَ كثيرةً.
    الأمر الثالث: ضبطُ النفسِ والتحكّم بها: فبقليلٍ منْ التفكير والجدِّيةِ سيتمكنُ الإنسانُ منْ توظيفِ الكثير من الأوقات المهدرةِ، والساعات الضائعة، فإن لم يكن كُلها فبعضها.
    ثلاثة يجب الحذر منهم
    أولها: الغفلة، فالغفلة هي أشدُّ ما يضرُ القلوب، والغافلُ يظنُّ أنه يقتلُ الوقت، والحقيقةُ أنَّه يقتلُ نفسه، وصدق الله -تعالى-؛ إذ يقول:{وَأَنذِرْه ُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}(مري م:39)، وقال -تعالى-: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ}(ال أنبياء:1).
    وثانيها: الكسل، فالكسلُ من أكبر مضيعات الوقت، ومن أشدِّ أعداءِ النَّجاح، والشاعرُ يقول:
    الفوزُ بالجِدِّ والحِرْمَان في الكَسَلِ
    فانصبْ تُصِبْ عن قريبٍ غايةَ الأملِ
    قد هيئوك لأمرٍ لو فطنت له
    فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
    وثالثها: الانشغالُ بالتوافه ورفقةُ البطالين، فبقدر الانشغالِ بالأمور التافهةِ يكونُ الانصرافُ عن الأمور المهمة والعظيمةِ، ومن باع الياقوت بالحصى فهو لا شك مغبونٌ خاسر، وعن المرء لا تسأل وسل عن قرينه، فالمرءُ على دين خليله.
    إضاعة الأوقات عقوبة إلهية!
    إضاعة الأوقات لون من ألوان العقوبة الإلهية للعبد، قال ابن القيم -رحمه الله - في ذكر عقوبات الذنوب: «قلة التوفيق، وفساد الرأي، وخفاء الحق، وفساد القلب، وخمول الذكر، وإضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه»، ولا شك أن إضاعة الوقت من أشد قطاع الطريق إلى الله والدار الآخرة، كما قال -رحمه الله-: إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.
    احذر هذا مصطلح: «قتل الوقت»!
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: يتضايق بعض الناس من الوقت ويعمل على تضييعه حتى ولو في الحرام، ولهذا تجد عند بعض الغافلين التعبير بكلمة «قتل الوقت» كأنه عدو!، والوقت غنيمة وما ذهب منه لا يعود، والعاقل هو من يغتنم أوقاته ويحاذر من قتلها وتضييعها.

    أشياء ضائعة لا ينتفع بها الإنسان
    علم لا يعمل به.
    عمل لا إخلاص فيه ولا اتباع.
    مال لا ينفق منه في سبيل الله.
    قلب فارغ من محبة الله والشوق إليه.
    بدن معطل من طاعة الله وعبوديته.

    وقت معطل عن استدراك فارطه أو اغتنام بر وقربة.
    فكر يجول فيما لا ينفع.
    قال ابن القيم -رحمه الله-: أعظم الإضاعات إضاعتان، هما أصل كل إضاعة: إضاعة القلب، وإضاعة الوقت، فإضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة، وإضاعة الوقت من طول الأمل، فاجتمع الفساد كله في اتباع الهوى وطول الأمل، والصلاح كله في اتباع الهدى والاستعداد للقاء الله.


  15. #95
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1246


    الفرقان



    أهمية الصدق في حياة المسلم
    اعلموا يا شباب أنَّ الصدق هو أساس الإيمان، وقد جاءت نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تأمر بالصدق وتبين فضله وعظم مثوبته وتحذر من ضده، وتتوعد عليه بأشد الوعيد، كقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة: 119) .
    قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا»، ويكفي في بيان فضيلة الصدق أن الله -تعالى- جعل مرتبة الصدق في مرتبة تلي مرتبة النبوة، كما قال -تعالى-: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (النساء: 69)، ووعد الصادقين بالجنة والرضوان والفوز العظيم، كما في قوله -سبحانه-: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (المائدة: 119)، فالصدق ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة أعظمَ النفع؛ إذ هو من أسباب الهداية إلى البر والنجاح في الدعوة، بل في كل عمل نافع، وهو من أسباب محبة الخلق، وكثرة الرزق، وتيسير الأمر، وكثرة الأجر، ورفعة الدرجة، والنجاة من النار، والفوز بأعلى درجات الجنة، قال -تعالى-: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} (محمد: 21).
    من علامات الصدق سلامة القلب
    إن من علامة الصدق سلامة القلب، وخلوه من الغش والحقد والحسد للمسلمين؛ فالشاب المؤمن الصادق في إيمانه لا يضمر في قلبه غلا للمؤمنين ولا شرا، بل إن حب الخير والنصح لإخوانه هو طبعه وعادته، وهذه الحال الإيمانية تظهر علاماتها على أعماله، فتجده يتجنب الظلم والعدوان والاستعلاء على الناس، وتجده يسعى لقضاء حاجات المسلمين، وإغاثة الملهوفين، ودفع الظلم عنهم، والحزن على مصابهم، والفرح لفرحهم.
    الصدق مع الله -تعالى-
    الصدق مع الله -تعالى- يكون بأمور، منها: ألا يخالف المسلم ظاهره باطنه، وأن يخلص لله وحده لا شريك له في كل شيء، بعيدًا عن الرياء والسمعة، وكل ما من شأنه أن يشوب صفاء عقيدته شائبة، من التعبد لغير الله، كأن يجعل بينه وبين الله وساطة، أو أن يشرك معه أحدًا في عبادته من بشر، أحياء كانوا أم أمواتًا.
    الصدق في القصد والقول والعمل
    الصدق الحقيقي غير قاصر على صدق القول فقط، بل يكون في القصد والقول والعمل: فمعناه في القصد: الإخلاص لله -تعالى-، وقوة الإرادة على السير إليه -سبحانه وتعالى-، ويكون ذلك بالمبادرة إلى أداء ما افترضه الله عليه، ومنه الدعوة إلى الله -تعالى.
    وأما الصدق في القول فمعناه: نطق اللسان بالحق والصواب، فلا ينطق بالباطل أيًّا كان.
    والصدق في الأعمال: بأن تكون خالصة لله صوابًا على سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم .
    الفرق بين الشهوات والشبهات
    «الشبهات» و «الشهوات» هما أصلا الشّرّ في الحياة، وهما من أمراض القلوب الخطيرة، التي تنافي الخشية من الله -تعالى-، والفرق بين الشهوة والشبهة: أن الشهوة هي تقديم الهوى على طاعة الله ومرضاته، كمن يفعل الأمور المحرمة، ومن يتلذذ بشرب المسكرات، وأما الشُّبْهَة فهي التباس الحق بالباطل واختلاطه، ومرض الشبهات والشهوات، كلاهما مذكور في القرآن الكريم، قال -تعالى-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} (الأحزاب:32)، فهذا مرض الشهوة.

    وصايا للشباب
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: أيها الشاب الموفق: عليك أن تعمل على صيانة شبابك بتجنب الشرور والفساد بأنواعه مستعينا في ذلك بالله متوكلًا عليه وحده -جل في علاه-، وكلّ باب أو مدخلٍ أو طريقٍ يفضي بك إلى شر أو فساد فاجتنبه واحذره غاية الحذر!
    وعليك أن تكون محافظًا تمام المحافظة على فرائض الإسلام وواجبات الدين ولا سيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل، ومعونة على الخير ومزدجر عن كل شر وباطل.
    وعليك أن تكون مؤديًا حقوق العباد التي أوجبها الله عليك، وأعظمها حق الأبوين؛ فإنه حق عظيم وواجب جسيم.
    وعليك أن تكون قريبًا من أهل العلم وأكابر أهل الفضل، تستمع إلى أقوالهم، وتسترشد بفتاواهم، وتنتفع بعلومهم، وتستشيرهم فيما أهمَّك.
    قالوا عن الصدق
    قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «عليك بالصدق وإن قتلك».
    قال الإمام الشعبي -رحمه الله-: عليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك فإنه ينفعك، واجتنب الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك.
    وقال عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- :ما كذبت مذ علمت أن الكذب يشين صاحبه.
    قال ابن القيم -رحمه الله-: الصدق هو الطريق الأقوم الذي من لم يسر فيه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان، وسكان الجنان من أهل النيران.
    من أصول الاعتقاد التي لا يسع المسلم جهلها
    من أصول الاعتقاد الواجب على المسلم أن يعتقدها: أن الله -تعالى- مستوٍ على عرشه، وعرشه فوق سماواته، وأنه بائن من خلقه -جلَّ وعلا- ليس حاّلاً فيهم، فهو العلي الأعلى، فوق جميع مخلوقاته -سبحانه وتعالى وتقدس-، وهذا ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم من أهل القرون المفضلة، قال الله -تعالى-: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى}، وقال الله -تعالى-: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ}، وقال الله -تعالى-: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} في سبعة مواضع من القرآن، وكذلك دلت نصوص السنة على ذلك من حديث معاوية بن الحكم السلمي في قصة ضربه لجاريته وفيه: فقلت: يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال: ادعها، فدعوتها، فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها، فإنها مؤمنة. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء».
    حقيقة الصدق
    ينبغي للشاب أن يكون صادقًا مع ربه في العمل له، وصادقًا مع الخلق في وعوده وعهوده وعقوده، وفيًّا في كل ذلك، وعلى الشاب الصادق أن يحذر الكذب، فليس الكذب من صفات المؤمنين، وما أضره على الإيمان برب العالمين! ولذا عدَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - من صفات النفاق، ومن علامات المنافقين في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «آيةُ المُنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا ائْتُمِنَ خان».


  16. #96
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1247


    الفرقان



    الشباب وقيمة الاحترام
    وجهنا الله - تعالى - إلى شيء عظيم، يرسخ فضيلة الاحترام؛ حيث قال: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}، أي كلموهم بالكلام الطيب، وألينوا لهم جانبًا، ولاطفوهم، وناصحوهم بما يصلح شأنهم، فكلما درج الناس في سلم الحضارة فالمفترض أن يكون بينهم احترام أكبر ولطف أعظم؛ ولهذا فإنَّ علينا جميعًا أن نكون دقيقين في تعبيراتنا وتصرفاتنا؛ حتى لا يؤذي بعضنا بعضًا من غير قصد.
    والقاعدة الذهبية في هذا هي أن نخاطب الناس بالأسلوب الذي نحب أن يخاطبونا به، ولو أننا عملنا بهذه القاعدة لتخلصنا من كثير من مشكلاتنا الاجتماعية، وما أجمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسُ مُحَمَّدٍ بيدِهِ لا يُؤْمِنُ أحدُكُم حتى يُحِبَّ لِأَخِيهِ ما يُحِبُّ لنفسِهِ من الخيرِ»، فالناس بفطرتهم في حاجة ماسة إلى من يقدرهم، ويثني عليهم، ويحفزهم ويهتم بهم. فعلينا إلقاء السلام على من نلقاه في طريقنا، والتبسم في وجهه، وسؤاله عن حاله، والاعتذار إليه عند الخطأ، والمسارعة إلى مساعدته في ساعة ضيق أو كرب، والثناء على أعماله الحسنة، كل ذلك من الأمور التي تعبر عن الاحترام والاهتمام. احذروا يا شباب من التكبر على الآخرين وإهمالهم والاستخفاف بهم! وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا قدره»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط». نحن جمعيًا في حاجة إلى أن ننمي في نفوسنا مشاعر (الحياء)؛ لأننا -حينئذ- سنحترم الناس ونقدرهم؛ وعلى رأسهم الأبوان والمعلمون وكبار السن، ومن لهم أيادٍ بيضاء في خدمة الناس والإحسان إليهم، وفي خدمة البلاد ورفعة شأنها.
    {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
    قال الله -تعالى-: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34-35)، أي: إذا أساء إليك مُسيء مِنَ الخَلق -خصوصًا مَن له حَقٌّ كبير عليك، كالأقارب، والأصحاب، ونحوهم- إساءةً بالقول أو بالفعل، فقابله بالإحسان إليه؛ فإن قَطعك فصِلْه، وإن ظلمك فاعف عنه، وإن تكلَّم فيك غائبًا أو حاضرًا فلا تُقابلْه، بل اعف عنه، وعامله بالقَول الليِّن، وإن هجرك وترك خطابك فطَيّبْ له الكلام، وابذُل له السَّلام، فإذا قابَلت الإساءة بالإحسان حَصَل فائِدةٌ عَظيمةٌ.
    المرء بأصغريه
    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: كثيرٌ من النَّاس يهتمُّ بصورته الخارجيَّة ومظهره المشاهَد ولا يهتمُّ بالمخْبَر، ولهذا يكون منه أنواع من الزَّلل والخطل ولا يبالي بذلك مما يخرِم مكانته ويضعف منزلته ويوقعه مواقع الذُّل والهوان، بينما إذا اعتنى المرء بهذين العضوين (اللِّسان والقلب) عنايةً تامَّة، وحافظ عليهما، واهتم بإصلاحهما وتقويمهما في ضوء هدي الشَّريعة وآدابها القويمة، صَلَحت حاله كلُّها، قال النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا صَادِقًا» فجمَع - صلى الله عليه وسلم - في هذا الدُّعاء بين هذين العضوين الخطيرين العظيمين.

    مفهوم الاحترام والتوقير
    الاحترامُ هو الإكبارُ والمهابةُ ومراعاة الحُرمةِ وحُسنُ المعاملةِ، قال ابنُ تَيميَّةَ -رحمه الله-: التَّوقيرُ: اسمٌ جامعٌ لكُلِّ ما فيه سكينةٌ وطمأنينةٌ من الإجلالِ والإكرامِ، وأن يُعاملَ الإنسان من التَّشريفِ والتَّكريمِ والتَّعظيمِ بما يصونُه عن كُلِّ ما يخرِجُه عن حَدِّ الوَقارِ، وقد أمرَت السُّنَّة بحُسن المعاملة والبشاشة، والقولِ الحَسَن وبَذل السَّلام، ودعت إلى تهذيب اللّسان، والتَّحلي بالتَّسامح، ونبذ الفُحش والبذاءة.
    من صور الاحترام المحمودة
    من صور الاحترام المحمودة إكرام الصغير لمن هو أكبر منه سنًا، أو أكثر منه فضلا، فإن ابن عمر -رضي الله عنهما- لما عرف جواب سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشجرة التي تشبه المسلم لم يُجب، يقول: «فأردت أن أقول هي النخلة، فنظرت فإذا أنا أصغر القوم، فسكتُّ» وفي الحديث: «البركة مع أكابركم»، والكبير في قومه لا يليق أن يقابل بغير الإكرام جاء في الحديث الحسن: «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه».
    مجاهدة النفس لاكتساب محاسن الأخلاق
    الخلق الحسن نوع من أنواع الهداية، ومن أسباب حصولها للعبد مجاهدة نفسه، قال -عز وجل-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} {العنكبوت:69}، فمن جاهد نفسه على التحلي بالفضائل، وجاهدها على التخلي من الرذائل حصل له خير كثير، واندفع عنه شر مستطير؛ فالأخلاق منها ما هو غريزي فطري، ومنها ما هو اكتسابي يأتي بالدربة والممارسة، والمجاهدة لا تعني أن يجاهد المرء نفسه مرة أو مرتين أو أكثر، بل تعني أن يجاهد نفسه باستمرار؛ ذلك أن المجاهدة عبادة، والله- تبارك وتعالى- يقول: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر: 99).
    من ثمرات الإيمان بتوحيد الربوبية
    الرضا بما كتبه الله -سبحانه وتعالى- على العبد؛ لأنه يعلم أن الله هو الذي يدبر أموره كلها.
    عدم الجزع عند المصيبة، وعلى فوت شيء من متاع الدنيا الزائل؛ لأن الله قدر كل شيء، ودبَّره تدبيرا محكَمًا.
    الإيمان بتوحيد الربوبية يجعل القلب مطمئنًّا، آمناً، مهتدياً للحق؛ قال الله -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28).
    خطأ التهاون في صلة الأرحام
    من الأخطاء التي يقع فيها بعض الشباب، عدم الحرِصُ على صلة أقاربه، وهذه ظاهرة خطيرة؛ لأنها تؤدي إلى انتشار الجفاء بين الأقارب في العائلة الواحدة، ولعل أحدَهم يقابل بعض أقاربه في مكان ما فلا يعرِفهم، إلا بعد أن يذكروا أسماءهم، ولقد حثنا الإسلام على صلة الأرحام، والتعرف على أحوالهم، وزيارة مرْضاهم، وقضاء حوائجهم، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّحِم مُعلَّقة بالعرش، تقول: مَن وصلني وصله الله، ومَن قطعني قطعه الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقِه، أو يُنسَأ له في أثره؛ فليَصِلْ رَحِمَه».
    توحيد الربوبية من أصول العقيدة
    من أصول العقيدة التي يجب على الشباب تعلمها أنواع التوحيد، وأول أنواع التوحيد هو: توحيد الربوبية، والربوبية صفة من صفات الله -سبحانه وتعالى-، وهي مأخوذة من اسم الرب، والرب في كلام العرب يطلق على معان منها: المالك، والسيد المطاع، والمُصْلِح، ومعنى توحيد الربوبية: أن يعتقد العبد أن الله خالق، ورازق، ومدبِّر، وأفعال الله -سبحانه وتعالى- كثيرة منها: الخلق، والرَّزْق، والسيادة، والإنعام، والتصوير، والعطاء والمنع، والنفع والضر، والإحياء والإماتة، والتدبير المحكَم، والقضاء والقدر، وغير ذلك من أفعاله التي لا شريك له فيها؛ ولهذا فإن الواجب على العبد أن يؤمن بذلك كله.


  17. #97
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1248


    الفرقان



    علامات الجدية في حياة الشباب
    إن الجد الذي يجب أن تتصف به نفوس الشباب له علامات من أهمها ما يلي: - الشاب الجاد: حريص على اغتنام وقته؛ فهو يدرك قيمة عمره، قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: «إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما»؛ لذلك كان السلف -رحمهم الله- عندهم حرص على اغتنام الأوقات في كل ما يمكن عمله.
    ومن علامات الشاب الجاد: الاهتمام بالمسؤوليات؛ لأنه يعلم أن الواجبات التي عليه كثيرة، فإنه لابدّ من إعطاء كل ذي حق حقه، وهذا لابدّ من ترتيب للوقت؛ ولذلك عمر - رضي الله عنه - لما قال: «إن لله عملا في الليل لا يقبله في النهار، وعملا في النهار لا يقبله في الليل» (المصنف لابن أبي شيبه: 3).
    ثم من صفات الشاب الجاد، أنه دائم الارتقاء؛ فبعض الشباب في مسيرتهم متذبذبون، تارة ينزل، وتارة يصعد، بينما الشخص الذي يعمل باستمرار وعنده جدية يرتقى باستمرار، قال إبراهيم الحربي -رحمه الله-: «لقد صحبت أحمد بن حنبل عشرين سنة صيفًا، وشتاء، وحرا، وبردًا، وليلاً، ونهارًا، فما لقيته في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس. ومن صفات الجادين: أن عملهم أكثر من كلامهم، فإذا أراد الله بعبد خيرًا فتح له باب العمل، وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد الله بعبد غير ذلك فتح عليه باب الجدل، وأغلق عنه باب العمل.
    الله -تعالى- أمرنا بالجِدّ
    الله -تعالى- أمرنا بالجد كما أمر من قبلنا، وقال: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} (البقرة: 63) أي: بجد واجتهاد، فلا بدّ من المبادرة، والعمل، والتحذير البالغ من التفريط، والإهمال، والكسل؛ لأن الندم هو العاقبة، قال الله -تعالى-: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} (المؤمنون: 99 - 100).
    المثابرة في فكر الصديق - رضي الله عنه -
    لما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق - رضى الله عنه - إلى الإسلام فأسلم، إذا بالصديق - رضي الله عنه - يستشعر المسؤولية، ويجدُّ في الدعوة الفردية، فيسلم على يديه صفوة من خيار الصحابة: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وطلحة بن عبيد الله؛ رضي الله عنهم فكانوا نعم الأعمدة الشامخة لدعوة الله، ونصرة الإسلام؛ فأبو بكر الصديق - رضي الله عنه - كان قوي الهمة والإرادة، وكان يقول عن نفسه: «والله ما نمت فحلمت، ولا سهوت فغفلت، وإنني على الطريق ما زغت»، هذه الكلمات تعبر عن مدى تغلغل مفهوم الإخلاص والمثابرة في نفس أبي بكر]؛ فالعمر قصير والهدف سام، ولا وقت للهزل، فمن جد وجد.
    الجدّية صفة لازمة للشباب
    الجدية صفة أساسية وخلق لازم للشباب؛ حيث تطبع بصماتها على جُل مواقفهم وأحوالهم، ونلمس هذا المعنى من ذلك النداء الرباني في قوله -تعالى-: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} (مريم: 12)، يقول الإمام ابن كثير: تعلم الكتاب بقوة، أي بجد وحرص واجتهاد، {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (مريم: 12) أي الفهم والعلم، والجد والعزم، والإقبال على الخير والانكباب عليه، والاجتهاد فيه، وهو صغير حدث.
    خطر الهزل على الشباب
    عدم الجدية يؤدي إلى الوقوع في المعصية والنفاق والعياذ بالله، فسبب المعصية الأولى هو النسيان وقلة العزم والجدية، وهذا يتقاسمه كل بني البشر، وهي المنافذ الأولى التي يخترقها الشيطان من الإنسان، {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} (طه: 115)؛ لذا كان الرسل ودعواتهم على مستوى من الجدية بقدر ما يمنع عنهم الخطأ ويحقق العصمة، وتفاوت بعضهم في العزم حتى تميّزوا بـ»أولوا العزم من الرسل»، ولو تأملنا آيات القرآن الكريم ونظرنا إلى أهم صفات المنافقين، وأول ملحظ تلحظه هو انعدام الجدية من حياة هؤلاء، قال -تعالى- {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ } (التوبة: 65)، وكذا عند معرض وصفه لعبادتهم: قال -تعالى- {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء: 142).
    احذر هذه العوائق!

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الواجب على الشباب في كلِّ حين الحذر من العوائق التي تعوق الإنسان في سيره إلى الله وبلوغه رضوانه، وهي عوائق ثلاثة خطيرة: الشرك بالله، والبدعة في الدين، والمعاصي بأنواعها. أما عائق الشرك فإن التخلص منه يتم بإخلاص التوحيد لله وإفراده -جلّ وعلا- بالعبادة، وأمَّا عائق البدعة فيتم التخلص منه بلزوم السنة والاقتداء بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما عائق المعصية فيتم التخلص منها بمجانبتها وبالتوبة النصوح منها عند الوقوع فيها.
    الجدية أمر لازم لإنجاز المهام
    إن الجدية أمر لازم لإنجاز المهام وتحقيق الأهداف، وقد استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من العجز والكسل فقال: أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من عذاب القبر»، وإن النوم والترف والكسل أحد الأسباب التي أقعدت الأمة، وأخرتها عن ركب الأمم مع أن مكانها صدارة الأمم وريادتها، وهكذا كانت، والمطلوب أن نزكي هذه القيمة ونعلي منها لتزداد تعمقاً وتجذراً في نفوسنا.
    التسويف معول هدم للجدية
    ينبغي أن يكون الشاب حذرًا من الأمور التي تقضي على الجدية في حياته، ومن أهمها التسويف، فكلما جاء طارق الخير صرفه: لعل، وعسى، وكلما جاءك خاطرك خير جاء لك الشيطان ببواب: لعل، وعسى، بعدين، سوف، لعل، فرصة قادمة، وهكذا لا يزال يثبطك حتى تترك العمل، والإنسان إذا أراد أن يقاوم التسويف: يعلم أن الفرصة التي تأتي الآن ربما لا تأتي بعد ذلك.
    الترويح عن النفس لا ينافي الجدية
    الجدية لا تعني ألا يكون هناك أوقات للترويح عن النفس؛ لأن النفوس إذا كلت عميت؛ ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - تعقيبًا على السماح للسيدة عائشة -رضي الله عنها- بالنظر إلى ألعاب الحبشة-: «ليعلم يهود أن في ديننا فسحة». وكان العلماء من السلف يذكرون الملح والطرائف في أثناء دروس العلم حتى لا يمل طالب العلم، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمزح ولا يقول إلا حقا، وكان إذا أعجبه شيء تبسم.
    تساهل الشباب في مصاحبة أصدقاء السوء
    يتساهل بعض الشباب في مصاحبة أصدقاء لا دين لهم ولا أخلاق، فيترتَّب على ذلك كثير مِن المفاسد؛ فالصديق السُّوء له أثرٌ سيِّئ على صاحبه، وإن مجالسة الأصدقاء الصالحين ومرافقتَهم خيرُ وسيلةٍ للاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم؛ فللأصدقاء تأثيرٌ كبير على مَن في سنِّهم؛ فالصديق الصالح له أثر طيب على صاحبه؛ من أجل ذلك حثنا نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - على حسن اختيار الصديق.


  18. #98
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1249


    الفرقان



    الشباب والإحسان
    من الأخلاق العظيمة التي يجب على الشباب التمسك بها خلق الإحسان؛ فالإحسان خُلقٌ جميل؛ فالمحسن لا يؤذي أحدًا، وإن آذاه أحد عفا وصبر وصفح وغفر، وإذا عامل الناس عاملهم بالفضل والإحسان، فيعطيهم وإن منعوه، ويَصِلهم وإن قطعوه، ويمنّ عليهم وإن حرَموه، وإنما كان كذلك؛ لأنه كان بالله غنياً، وبه راضياً، ومنه قريباً، ولديه حبيبًا.
    فمَن أحسن مع الله أحسن مع الناس، ووجد في قلبه سهولة الإحسان إليهم، كما قال -تعالى-: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34-35)، ومن أهم أنواع الإحسان التي يجب على الشباب التخلق بها، الإحسان في العبادة، ومعناها أن يأتي بها على الوجه المشروع دون زيادة ولا نقصان، فيتقن صلاته وزكاته وحجه وصيامه، وأن يحسن في كل قول أو عمل يتقرب به إلى ربه -سبحانه-.
    كتب الله الإحسان على كل شيء
    لقد كتب الله الإحسان على كل شيء، فما من قول أو عمل يقوم به المسلم إلا ويجب عليه أن يحسنه ويتقنه، سواء كان ذلك في العبادات والطاعات، أم في أمور الحياة؛ لقوله النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء»، فالإحسان واجب في كل شيء، في الأقوال والأفعال والأخلاق والمعاملات، والفساد منهي عنه في كل شيء، قال -سبحانه-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل: 90).
    حقيقة الإحسان
    الإحسان هو إتقان العمل، وبذل الجهد لإجادته ليصبح على أكمل وجه، ويعد الإحسان مرتبة عالية من مراتب الدين الثلاثة، بعد الإسلام والإيمان، فقد ورد في السنة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعريف الإحسان-: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، وقال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (سورة النحل٩٠).
    ما لا يسع الشباب جهله في العقيدة
    من أمور العقيدة التي يجب على الشباب تعلمها توحيد الله -عز وجل-، ومعرفة أصول التوحيد وأقسامه، ومن أنواع التوحيد التي يجب على الشباب فهمها والعمل بمقتضاها: توحيد الألوهية، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: «أما توحيد الألوهية: فهو توحيد الله بأفعالك أنت، تخصه بالعبادة دون كل ما سواه، من صلاة، وصوم، ودعاء، ونذر، وزكاة، وحج، وغير ذلك، وهو معنى لا إله إلا الله، أي لا معبود بحق إلا الله، وهو أن تخص ربك بأفعالك، بعباداتك، بقرباتك، لا تدعو مع الله إلهًا آخر، لا تعبد معه سواه من شجر، أو حجر، أو صنم، أو نبي، أو ولي، فلا تدعُ غير الله».
    من الواجبات العظيمة للشباب

    قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: من الواجبات العظيمة التي يجب على الشباب الاعتناء بها: بر الوالدين والإحسان إليهما، وصلة الرحم، وإكرام الضيف، وصدق الحديث، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأداء الأمانة، والنصح لكل مسلم، مع الحذر من جميع ما حرم الله، ومن واجب الشباب أن ينشؤوا على ذلك، وأن يوطنوا أنفسهم على الخير، وأن يجاهدوها في هذا المقام حتى يؤدوا ما أوجب الله، وحتى يبتعدوا عما حرم الله عليهم، ومن ذلك الحذر من المخدرات وسائر المسكرات؛ فإن شرها عظيم، وفسادها كبير؛ فيجب البعد عنها والحذر من مجالسة أهلها؛ لأن المجالسة تجر إلى أخلاق الجليس، فالواجب صحبة الأخيار والحذر من صحبة الأشرار.
    تجنب أذى المسلمين

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كما أنَّ الإسلام استسلام لله بالعبودية صلاةً وصيامًا وصدقةً، فهو في الوقت نفسه قيامٌ بحقوق المسلمين وبعدٌ عن أذاهم، فمن تعدى وتجاوز وألحق بإخوانه المسلمين شيئا من الأذى أو التعدي أو الظلم أو نحو ذلك، فقد عرض إسلامه للنقص والضعف بحسب ذلك؛ مما يعرِّض نفسه بذلك لعقوبة الله -سبحانه وتعالى-.
    الإحسان إلى الخلق
    من أنواع الإحسان: الإحسان إلى العباد: بحسن الخُلُق، وصدق التعامل، وبذل النصيحة، وتفريج الكربة، وإعانة الضعيف، وإغاثة الملهوف، وإطعام الجائع، والتصدق على المحتاج، وإرشاد التائه، وتعليم الجاهل، والتيسير على المعسر، والإصلاح بين الناس، إلى غير ذلك من أخلاق الإسلام الرفيعة، وآدابه العظيمة؛ فإنّ مِن أجلّ نعم الله -تعالى- على العبد: أن يوَفقَ مع القيام بحق الله -تعالى- إلى القيام بحقوق عباد الله، من الإحسان إليهم، والسعي في مصالحهم، وبذل المعروف لهم، ومن أقرب الناس الواجب الإحسان إليهم والداك، وذلك: ببرهما وطاعتهما في المعروف، بإيصال الخير إليهما، وكف الأذى عنهما، بالدعاء والاستغفار لهما في حياتهما وبعد موتهما، أحسن إليهما في نظرة العين، ونبرة الصوت وابتسامة الوجه، واحفَظ فيهما وصية ربك -سبحانه-: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} (العنكبوت: 8).
    المعين على التخلق بخلق الإحسان
    من أهم الأمور التي تعين الشباب على التخلق بالإحسان استشعار العبد لمراقبة الله -عزوجل-، وأن يعلموا أن الله -عزوجل- معهم، رقيب عليهم، مطلع عليهم في كل زمان وفي كل مكان، قال -تعالى-: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا}. فمَن علم علمَ يقين أنّ الله -عزّوجلّ- ناظر إليه مطّلع على عمله، هل يجدر به بعد ذلك أن يضيع عمله، وأن يفرط فيما يجب عليه؟ أم هو في حاجة إلى من يراقبه من البشر؟ {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}.
    أمور تخالف العقيدة
    من المخالفات التي يقع فيها بعض الشباب، أن يطلب من المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الخالق، سواء أكان هذا المخلوق حيا أم ميتًا، كأن يطلب شفاء مريض، أو كشف كربة، أو أن يغيثه، أو أن يعيذه، وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله، فهذا كله شرك أكبر، مخرج من الملة بإجماع المسلمين؛ لأنه دعا غير الله، واستغاث به، واستعاذ به، وهذا كله عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله بإجماع المسلمين، وصرفها لغيره شرك، ولأنه اعتقد في هذا المخلوق مالا يقدر عليه إلا الله -سبحانه وتعالى-.


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •