تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 60 من 98

الموضوع: تحت العشرين

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1191



    الفرقان



    الطموح كنز لا يفنى
    لا يسعى للنجاح من لا يملك طموحًا؛ ولذلك كان الطموح هو الكنز الذي لا يفنى، فكن طموحًا وانظر إلى المعالي، هذا عمر بن عبدالعزيز (خامس الخلفاء الراشدين) يقول -معبرًا عن طموحه-: «إن لي نفسًا تواقة، تمنت الإمارة فنالتها، وتمنت الخلافة فنالتها، وأنا الآن أتوق إلى الجنة وأرجو أن أنالها».
    رسالة إلى أبنائنا الطلاب
    أبناءنا الطلاب: هذا عامٌ جديدٌ من الجِدّ أقبل عليكم، فأحسنوا استقباله بالعزم الأكيد، والهمة العالية، والاستثمار الأمثل للوقت، والنية الصالحة الصادقة، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سلك طريقاً يطلب فيه علمًا، سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع». أبناءنا الطلاب: طلب العلم فضله عظيم، فهو أفضل من نوافل العبادات؛ لأن نفعه متعدٍ، فبالعلم ترفعون الجهل عن أنفسكم وعن الآخرين، وطلب العلم عبادة جليلة تتقربون بها إلى ربكم، بل هو فرضٌ على كل مسلم، ألم يقل رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: «طلب العلم فريضةٌ على كل مسلم»، فصححوا نياتكم، واستثمروا أوقاتكم، واستعينوا بالله -تعالى-، وربكم جواد كريم، يوفق ويعين ويؤجر ويثيب، فاطلبوا من الله العون والتوفيق، وليكن لسان حالكم ومقالكم: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (هود: 88). أبناءنا الطلاب: لا تصاحبوا الأشرار ولا الأراذل، ولا تصاحبوا تاركي الصلاة، ولا الفساق الذين يصدونكم عن كل ما فيه صلاحكم وفلاحكم ونجاحكم، لا تصاحبوا الذين يسهرون إلى ساعة متأخرة من الليل على ما لا يرضي الله، احذروا: جليس السوء! فجليس السوء يؤذيك ويضرك في دنياك وأخراك، ويعلمك كل خَصلة ذميمة، ويؤخر مستواك الدراسي، ويكون سبباً رئيساً في تأخر حياتكم العلمية والعملية، وجليس السوء يسوؤه أن تنجح في دراستك، ويزعجه جدا أن يراك متفوقاً وهو فاشل في حياته الدراسية، فاحذر أن تماشي!
    نصيحة للطلاب
    من وصايا الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: على كل طالب علم ألا يكون أكبر همه أن ينجح في الامتحان، بل يكون أكبر همه أن يهضم العلم، ويرسخه في قلبه، ولذا عليه أن يجتهد من أول السنة، لأنه إذا ترك الاجتهاد في أول السنة تراكمت عليه الدروس؛ لذلك ننصح كل طالب وطالبة أن يكون اجتهادهم من أول السنة حتى يهضموا العلوم شيئًا فشيئًا، حتى إذا جاء وقت الامتحان إذا هم مستريحون، وهاضمون للعلوم، ومنتفعون بمدة الدراسة، أما من يهمل ويتكاسل، فإذا جاء وقت الامتحان شد على نفسه، وأتعب نفسه، ثم لم ترسخ العلوم في ذهنه، حتى إنك لو سألته غدًا عما اختبر به أمس لم تجد عنده حصيلة منه.
    صفات من يقتدى بهم
    قال ابن القيم -رحمه الله في الكلام على قوله -تعالى-: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: 28)-: «فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر: هل هو من أهل الذكر أو هو من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى، وهو من أهل الغفلة، وأمره فرط لم يقتد به ولم يتبعه؛ فإنه يقوده إلى الهلاك، ومعنى الفرط قد فسّر بالتضييع، أي: أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به، وبه رشده وفلاحه ضائع قد فرط فيه، وفسّر بالإسراف، أي: قد أفرط، وفسّر بالهلاك، وفسّر بالخلاف للحق، وكلها أقوال متقاربة، والمقصود أن الله -سبحانه وتعالى- نهى عن طاعة من جمع هذه الصفات، فينبغي للرجل أن ينظر في شيخه وقدوته ومتبوعه؛ فإن وجده كذلك فليبعد عنه، وإن وجده ممن غلب عليه ذكر الله -تعالى- واتباع السنة، وأمره غير مفروط عليه، بل هو حازم في أمره فليستمسك بغرزه».
    البداية الصحيحة سر النجاح
    البداية الصحيحة هي البوابة الواسعة التي ستمر من خلالها بعناصر النجاح، من: تصميم وإرادة وطموح ويقين ووضع الأهداف والخطط، هي كل شيء؛ فالبدايات كالنور الذي يمكن أن يرافقك طوال مسيرتك بطريقة واضحة، أو كالنور في آخر الطريق البعيد الذي من الصعب الوصول إليه بسهولة؛ فاحرص على البداية الجيدة والاستمرار بها استمرار صحيحا، ومدروسا، وممنهجا؛ فإن استطعت أن تكمل مسيرة نجاحك كما البداية فأنت ستنجح وتتفوق، وتصل إلى طموحك بطريقة احترافية، ممتناً لنفسك ولصبرك ولتعلمك.
    القضاء على التسويف والمماطلة
    من أضرار التسويف والمماطلة أنها من أكثر مضيعات الوقت خطورة، ويخرج خطتك عن مسارها، ويراكم عليك الأعمال، وقد يحرمك من النجاح؛ حيث إننا -غالبًا- ما نؤجل الأعمال الصعبة، المتعبة، غير المحببة، والثقيلة على النفس، وللقضاء على هذا المرض يتبع الآتي: وضع وقت محدد للإنهاء من كل مهمة.
    خذ على نفسك عهدًا، وقل لنفسك لن أختلق الأعذار لتأجيل الأعمال.
    تعاهد مع نفسك بأنك لن تقوم من مكانك حتى تنتهي من الجزء الذي قررت أن تنهيه لهذا اليوم.
    اكتب قائمة بالأشياء التي تؤجلها دائمًا، وحلل هذه القائمة، ولاحظ وجود نمط معين من هذه الأعمال.
    شجع نفسك واسألها: ما المشكلات التي سوف أسببها لنفسي حين أؤجل هذا العمل؟
    احذر الكسل!
    الكسل آفة ومرض، جاءت السنة بالتعوذ بالله منه، لا يتولد عنه إلا الإضاعة والتفريط والحرمان وأشد الندامة، ومن نام على فراش الكسل أصبح ملقى بوادي الأسف، حين يرى سبق المشمرين.
    علامات السعادة
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من علامات السعادة على العبد: تيسير الطاعة عليه، وموافقة السنة في أفعاله، وصحبته لأهل الصلاح، وحسن أخلاقه مع الإخوان، وبذل معروفه للخلق واهتمامه للمسلمين، ومراعاته لأوقاته.
    همة ابن تيمية في العلم
    قال ابن القيم -رحمه الله-: «حدثني شيخنا قال: ابتدأ بي مرض، فقال لي الطبيب: إن مطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض، فقلت له: لا أصبر عن ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك: أليست النفس إذا فرحت وسُرّت قويت الطبيعة، فدفعت المرض؟ فقال بلى! فقلت له: فإنّ نفسي تُسرّ بالعلم، فتقوى به الطبيعة، فأجد راحة. فقال: هذا خارج عن علاجنا».
    الحفاظ على صحتك
    أيها الطالب عليك الاعتناء بصحتك إذا كنت ترغب في الانتباه والتركيز، والاستفادة من المعلومات والملاحظات التي يتناولها الأستاذ أو المحاضر، ويشتمل ذلك النوم الجيد؛ حيث يتأثر مستوى التركيز بدرجة كبيرة بقدر النوم الذي نحصل عليه، والتغذية السليمة، فعندما نحصل على غذاء سليم، فإن قدراتنا الذهنية تعمل بطريقة متميزة.




  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1192



    الفرقان




    اختيار الصحبة الصالحة
    معشر الشباب: إنَّ اختيار الصحبة الصالحة مطلب مهم قال - صلى الله عليه وسلم -: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ» وقد قيل: الصاحب ساحب، والصاحب الفاسد يدل على الشر، ويمنع من الخير ويزين المعصية ويقود إليها.
    الشباب والعلم
    يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: «ما آتى الله -عز وجل- عبدًا علمًا إلا شابًا، والخير كله في الشباب، ثم تلا قوله -تعالى-: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (الأنبياء:60)، وقوله: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف:13)، وقوله -تعالى-: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (مريم:12)»؛ فالشباب هم الذين يحملون أمانة العلم على عاتقهم، ويعملون على نشره والدعوة إليه، فالذين حملوا هذا العلم ونشروه، ودوَّنوا الكتب، وحفظوا حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثرهم من الشباب: فابن عباس -رضي الله عنهما- وكان عمره عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة عشر عامًا، وقد جمع العلم الكثير، وكان ترجمان القرآن، يقول عنه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: «نِعْمَ ترجمان القرآن ابن عباس»، وكان أصحابه يسمونه الحَبْر.
    وها هو ذا معاذ بن جبل - رضي الله عنه - الذي أسلم وله ثماني عشرة سنة، وقد شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه يأتي يوم القيامة يتقدم العلماء بِرَتْوة، مات وهو ابن ثلاث وثلاثين، وقيل: «مات وهو ابن ثماني وعشرين سنة، وهذا ما رجحه الإمام مالك ووافقه الذهبي وهو الأشهر، فمدة تحصيله للعلم لا تبلغ عشر سنوات، ومع هذا فهو إمام العلماء، وقد قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل».
    ونحن نريد من شبابنا أن يقتدوا بهذا الجيل الفريد الذي نشر هذا العلم وخدموا هذا الدين، وكانوا نجومًا مضيئة في دياجير الظلام، فيجب أن يتربَّى الشباب تربية دينية صحيحة، يتعوَّد فيها الاستقامة والاعتدال، ويجب تحصينهم بالعلم، وبث روح الوعي، والتَّصدي لكل مَن يبث مكرا للنيل من شباب الإسلام.
    واجبات على الشباب المسلم
    على الشباب أن يعرفوا أنَّ أمتهم هي خير أمة أخرجت للناس، وأن هذه الخيرية ثابتة لها ما دامت متمسكة بدينها، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.
    على الشاب أن يكون همه -بعد إصلاح نفسه- إصلاح الآخرين، وتعبيد الناس لرب العالمين.
    وعلى الشباب أن يعرفوا ما لوطنهم من الحق؛ فهو بلد الإسلام الذي ولد فيه، وعلى أرضه نشأ، وأن عليه لولاة أمره الطاعة في المعروف، وليحذر أن يكون آلة يستخدمها الأعداء للإفساد في الأرض.
    وعلى الشاب أن يكونوا دائمي الارتباط بالله -تعالى-، من خلال أداء الصلاة في وقتها، وكثرة الذكر والدعاء، والاستعانة به في جميع الأمور، والتوكل عليه، والمحافظة على الأوراد والأذكار الشرعية.
    أقسام التوحيد
    ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام هي: الإيمان بأن الله -سبحانه- هو الخلاق العليم وخالق كل شيء وهذا توحيد الربوبية.
    الإيمان بأنه هو المستحق للعبادة، وأن العبادة حقه دون غيره فلا يدعى إلا الله، ولا يستغاث إلا به، ولا يصلى إلا له.. إلى غير ذلك من أنواع العبادة، وهذا هو توحيد الألوهية.
    الإيمان بأسمائه وصفاته وأنه -سبحانه- لا شبيه له، ولا كفء له ولا ند له، وأن الواجب إثبات أسمائه وصفاته الواردة في القرآن العظيم أو السنة الصحيحة على الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل بل على حد قوله -سبحانه-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى من الآية: 11).
    قيمة الوقت في الإسلام
    الإسلام لا يعرف الفراغ في الأوقات والأعمال، ولا يعرف ذهاب الأعمار فيما لا يعود على الإنسان بالنفع العاجل أو الأجل، لأن أعمال الدنيا والآخرة في الإسلام أمران متلازمان؛ فالمسلم إما في عمل دنيوي أو أخروي حتى التفكير والاعتبار في ملكوت الواحد القهار، فينشأ عنه خشوع وتدبر وأذكار؛ فقيمة الوقت في الإسلام، مرتبطة بعمر الإنسان وبمرحلة الشباب خصوصا؛ فهي أغلى مرحلة وأثمنها.
    سبب رسوخ العلم

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: على المتعلمين أن يعدوا لهذا العام الجد، والنشاط، وأن يحرصوا ما استطاعوا على تحصيل العلم من كل طريق وباب، وأن يبذلوا غاية الجهد لرسوخ العلوم في قلوبهم، فيجتهدوا عليها من أول العام؛ ففي ذلك سبب لرسوخ العلم وتيسير حصوله.
    ابدأ بالأهم فالأهم
    قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: إن الإنسان يولد جاهلا، ويرزقه الله سمعا وبصراً وعقلا، ويكلفه أن يتعلم حتى يزيل الجهل الذي هو وصف له ذاتي، وليس عليه أن يحيط بكل المعلومات ويقرأ كل الفنون، وإنما عليه أن يبدأ بالأهم فالأهم، ويتعلم ما ينفعه، سواء في المدارس والجامعات أم في الحلقات، والمحاضرات والندوات، أم من الكتب والرسائل.
    ماذا نريد من شبابنا؟
    نريد من شبابنا أن يجتهدوا في التحصيل العلمي النافع، وأن يُطوّروا من مهاراتهم ويعملوا على تنمية طاقاتهم عبر العلم التخصصـي، والمهارات المكتسبة من دورات تدريبية متخصصة، تحقيقًا لقول الله -تعالى-: {اقـرأ باسم ربك الذي خلق}، فمن برع في مجال تخصصه العلمي (الطب أو الصيدلة أو الهندسة أو الفيزياء....) فقد خدم أمة حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ونريد مع هذا العلم معرفة بالله -تعالى- ومخافة منه -سبحانه.
    علمني شيخي
    يقول الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - فإذا قيل لك بما عرفت ربك؟ فقل بآياته ومخلوقاته {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (فصلت: من الآية37)، ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضين السبع وما فيهن، ومن مخلوقاته ما ذرأه في هذا الكون من البحار والجبال والبراري والأشجار والأنهار وغير ذلك مما لا تحيط به العقول، ولا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى.
    العلم ميزان
    بالعلم توزنُ الأمور، ويُعرَفُ الحلالُ والحرامُ، وبه تميَّز الأحكامُ، ويُعرف الحقُّ من الباطل، والهدى من الضَّلال؛ ولهذا كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول كلَّ يوم بعد صلاة الصُّبح: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا صَالِحًا»، فبدأ بالعلم النَّافع؛ لأنَّه به يميِّز الإنسانُ بين الرِّزق الطَّيِّب والخبيث، وبين العمل الصَّالح والطَّالح، أمَّا إذا لم يكن مع الإنسان علمٌ نافعٌ، فكيف يميِّز بين حلال وحرام، وطيب وخبيث، وصالح وطالح؟




  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1193



    الفرقان




    حقيقة اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم
    اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الشرط الثاني من شرطَي قَبول العمل الصالح؛ فيجب على كل مسلم ومسلمة طاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألَّا يعبدَ الله إلا بما شرع، وهذا من معاني الإيمان بأنه رسول الله حقًا وصدقًا.
    من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم
    إن من أعظم ما يتقرب به المسلم والمسلمة إلى الله -تعالى- محبةَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومتابعتَه، ونشر سُنَّتِهِ والذَّبَّ عنها، فلا يتذوق العبد حلاوة الإيمان، إلا بتمام محبته - صلى الله عليه وسلم - ومن علامات محبته - صلى الله عليه وسلم - ما يلي:
    (1) الإيمان به وتصديقه فيما أخبر - صلى الله عليه وسلم قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (النساء: 136)، وقال -تعالى-: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (التغابن: 8).
    (2) توقيره حيًّا وميتًا وتوقير سُنَّته - صلى الله عليه وسلم قال الله -تعالى-: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (الفتح: 8- 9)، وأثنى الله -تعالى- عليهم: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف: 157).
    (3) طاعته فيما أمر ونهى عنه وزجر طاعته فيما أمر ونهى عنه وزجر، والاستجابة والامتثال لِشَرْعِهِ؛ فقد أوجب الله -تعالى- علينا طاعته - صلى الله عليه وسلم -، قال الله -تعالى-: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (التغابن: 12)، وأخبر الله -تعالى- أن طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - هي طاعة لله -تعالى-، فهما قرينتان؛ فقال -تعالى-: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} (النساء: 80).
    (4) متابعته وترسُّم خُطاه وتطبيق سنته فهو الأسوة والقدوة الحسنة، والنموذج الكامل الجدير بالمتابعة، قال -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21)، وقال -تعالى-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الحشر: 7).
    من أدب الحديث
    عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد » الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي، قال الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه، وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك، وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
    حكم ترك الصلاة في جماعة

    قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: ترك الصلاة في الجماعة دون عذرٍ من باب المعاصي؛ لأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بالصلاة في جماعةٍ، وقال للأعمى -لما قال له: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد-، قال: هل تسمع النِّداءَ بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب.
    من غدا إلى المسجد أو راح

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح»، ظاهر الحديث أن من غدا إلى المسجد أو راح، سواء غدا للصلاة أم لطلب العلم أم لغير ذلك من مقاصد الخير، أن الله يكتب له في الجنة نزلاً، والنزل: ما يقدم للضيف من طعام ونحوه على وجه الإكرام، أي أن الله -تعالى- يعد لهذا الرجل الذي ذهب إلى المسجد صباحاً أو مساءً يعد له في الجنة نزلاً إكراماً له.
    موعظة وتذكير
    إن شبابَ الإسلام اليوم تتقاذَفُ بهم أمواجُ الفتن، من أفكارٍ مُنحرِفة، ومشارِبَ ضالَّة، وشهواتٍ جامِحة، وغزوٍ فكريٍّ لا ساحلَ له، حتى إن أحدَهم ليحمِلُ تلك الوسائل في يدِه فيما يُسمَّى بالجوَّالات، فهم في ضرورةٍ مُلِحَّةٍ إلى الالتِحام بعُلماء الأمة المشهُود لهم في الأمة بالعلمِ والورَع، والديانة والصلاح، والعقل والثبات، إنهم بحاجةٍ إلى أن يصدُروا عنهم ولا سيما في القضايا المهمة التي حصلَ من الخطأ في فهمِها نتائجُ وخيمةٌ عبر تأريخ الأمة، كقضية التكفير، وقضية الولاء والبراء، وكمسائل الإنكار، كالبَيعة والجهاد، ونحو هذه القضايا الخطِرة التي أضرت الأمة أيما ضرر!.
    مَعلَمٌ عظيمٌ من معالم الرُّجولة

    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ شهود الصَّلاة مع الجماعة في بيوت الله ومساجد المسلمين كما أمر بذلك ربُّ العالمين وكما أمر بذلك رسوله الكَريم - صلى الله عليه وسلم - شعيرةٌ عظيمَةٌ من شعائر الإسلام، ومَعلَمٌ عظيمٌ من معالم الرُّجولة، نعم إنَّه معلَمٌ عظيم من معالم الرُّجولة بتبيان ربِّ العالمين، قال الله -تعالى-: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ} هكذا قال رب العالمين {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} (النُّور:36-37)، فأين هذه الرُّجولة ممَّن يتخلَّف عن الصَّلاة مع الجماعة أو يهون من شأنها ويقلِّل من مكانتها؟!.
    طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - والحذر من مخالفته
    أمر الله بطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من ثلاثين موضعاً من القرآن، وقرن طاعته بطاعته، وقرن بين مخالفته ومخالفته، كما قرن بين اسمه واسمه، وحذَّر الله -سبحانه- من مخالفته أشد التحذير فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور:63)، وكذلك ألبس الله -سبحانه- الذلة والصغار لمن خالف أمره.




  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1194



    الفرقان




    معرفة الله غاية كل مطلب
    إن من مقامات دين الإسلام العظيمة ومنازله العلية الرفيعة معرفةَ الرب العظيم والخالق الجليل، بمعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلا، وما تعرَّف به إلى عباده في كتابه وسنة رسوله -[-، بل إنّ هذا أساسٌ من أسس الدين العظيمة، وأصل من أصول الإيمان المتينة، وقِوام الاعتقاد وأصلُه وأساسُه.
    الشباب وتعظيم الله -عز وجل
    إن من أهم الواجبات على الشباب في هذا العصر المادي الذي انتشرت فيه الدعوة إلى الإلحاد، وإنكار وجود الرب -سبحانه وتعالى-، هو تعظيم الله -عز وجل- وتقديره حق قدره، فكيف يفلح قلب ويسعد لا يعظم ربه وخالقه وسيده ومولاه؟ ومن عظَّم الله عرف أن الذل والخضوع والخشوع والانكسار لا يكون إلا له -سبحانه-، وعظّم شرعه، وعظّم دينه، وعرف مكانة رسله، وهذا التعظيم لله -سبحانه- يعد أساسا متينا يقوم عليه دين الإسلام، بل إن روح العبادة في الإسلام هو التعظيم، ومن أسماء ربنا وخالقنا ومولانا الحسنى (العظيم)، وهو -جل وعلا- عظيم في أسمائه، وعظيم في صفاته، وعظيم في أفعاله، وعظيم في كلامه، وعظيم في وحيه وشرعه وتنزيله، بل لا يستحقّ أحدٌ التّعظيم والتكبير والإجلال والتمجيد غيره، فيجب على العباد أن يعظّموه بقلوبهم وألسنتهم وأعمالهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته ومحبّته والذّل له والخوف منه، ومن تعظيمه -سبحانه- أن يطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، ومن تعظيمه وإجلاله أن يُخضع لأوامره وشرعه وحكمه، وأن لا يُعترض على شيء من شرعه.
    من صفات الشاب المسلم
    الشابُّ المسلم هو شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان خُلُقه عظيمًا بشهادة الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم: 4)، وكان صلى الله عليه وسلم خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في التفضيل بين الصحابة: (إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أي: أفضلكم أَحَاسنكم أخلاقا). ١ - الشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان صلى الله عليه وسلم؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا). ٢- الشابُّ المسلم رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ (آل عمران: 159)، ولَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا. ٣- الشاب المسلم لا يغضب؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصِنِي، قَالَ: (لَا تَغْضَب فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ-: لَا تَغْضَبْ وإذا غضب لا يغضب إلَّا لله. 4- الشاب المسلم يتواضَع لأنه يعلم أن التواضُع من شِيَم الكِبار، وما تواضَعَ عبدٌ إلَّا رَفَعَه الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ)، وإذا تكلَّم لا يتكلم إلا بالحقِّ والصِّدْق؛ لقول الله عز وجل: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (ق: 18).
    كن دائماً مع الله -عزوجل
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: احرص أن تكون دائماً مع الله -عز وجل- مستحضراً عظمته متفكراً في آياته الكونية مثل خلق السموات والأرض، وما أودع فيهما من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله ولا سيما خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن يكون قلبك مملوءًا بمحبة الله -تعالى- لما يغذوك به من النعم ويدفع عنك من النقم ولا سيما نعمة الإسلام والاستقامة عليه حتى يكون أحب شيء إليك.
    الأمور الجالبة لمحبة الله -عزوجل
    من الأمور الجالبة لمحبة الله -عزوجل- معرفة أسمائه الحسنى وصفاته العليا؛ فإن العبد كلما كان أعظم معرفة بالله كان لله أحب ولعبادته أطلب وعن معصيته أبعد، وكيف يستقيم أمر البشرية وتصلح حال الناس دون معرفة بخالقهم وبارئهم ورازقهم، وينبغي أن يعلم أن معرفة الله -سبحانه- نوعان: الأول: معرفة إقرار، وهي التي اشترك فيها الناس البر والفاجر والمطيع والعاصي، والثاني: معرفة توجب الحياء منه والمحبة له وتعلق القلب به والشوق إلى لقائه، وخشيته والإنابة إليه والأنس به، والفرار من الخلق إليه، وهذه المعرفة هي المصدر لكل خير، والمنبع لكل فضيلة، وأنفع الأمور الجالبة للمحبة.
    الحذر من إشاعة الفاحشة ونشرها
    قال الشيخ: بكر أبو زيد -رحمه الله-: على كل مسلم الحذر من إشاعة الفاحشة ونشرها، وليعلم أن محبتها لا تكون بالقول والفعل فقط، بل تكون بذلك، وبالتحدث بها، وبالقلب، وبالركون إليها، وبالسكوت عنها، فإن هذه المحبة تُمَكِّن من انتشارها، وتُمَكن من الدفع في وجه من ينكرها من المؤمنين، فليتق الله امرؤ مسلم من محبة إشاعة الفاحشة، قال الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَ*ةِ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النور:19).
    علمني شيخي
    علمني شيخي أنَّ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- رضوان الله عليهم- هم قدوتنا: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (التوبة:100)، يجب علينا أن نتأسى بهم، وأن نقتبس من أفعالهم الحسنة؛ لأن الله رضي عنهم بالإيمان، ورضوا عنه بالثواب، رضي عنهم في العبادة، ورضوا عنه بالجزاء، رضي عنهم بطاعتهم لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، ورضوا عنه بقبول وحيه وشرعه، هؤلاء قدوتنا، هؤلاء الذين حملوا الدين، هؤلاء الذين انتشر بهم الإسلام، هؤلاء الذين توسعت بهم رقعة أمة الإسلام شرقاً وغرباً.
    حكم من مات على المعاصي ولم يتب
    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: إنْ من مات على المعاصي ولم يتب فهو تحت المشيئة، إن شاء الله غفر له، وإن شاء أدخله النار حتى يُطَهَّر من سيئاته، فإذا طُهِّرَ منها في النار أخرجه الله من النار إلى الجنة بفضل رحمته -جلَّ وعلا-، ولا يبقى في النار إلا الكفَّار، لا يُخلَّد فيها إلا الكفرة الذين قال فيهم -سبحانه-: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (البقرة:167).
    حاجة الشباب إلى المنهج الصحيح
    الشباب المسلم في حاجةٍ مُلحَّة وماسة إلى منهج صحيح يعينهم على الخروج من هذه الفتن الحالكة المحيطة بهم، والأهواء والأفكار الباطلة من حولهم، والمغريات من الشهوات والشبهات الباطلة، منهج يُصحح لهم عقائدهم وأخلاقهم، التي ربما يشوبها شيء من الشُّبهات والانحرافات، إنهم بحاجة إلى منهجٍ تربوي صحيح، في حاجةٍ إلى مَنهج الإسلام الهادي، مَنهج القرآن والسنة، الذي يستطيعون به النجاة من تلك الفتن، قال -تعالى-: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15 - 16).




  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1195



    الفرقان



    أمتنا خير أمة
    على الشاب أن يعلم أن أمته هي خير أمة، وأن هذه الخيرية ثابتة لها ما دامت متمسكة بدينها، وعليه أن يعلم أن أمته بقيت دهراً طويلاً رائداً للعالم، وأنه يجب أن تبقى لها هذه الريادة، وذلك لا يتحقق إلا بالالتزام بتعاليم الإسلام.
    من عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشباب غرس الإيمان في نفوسهم
    حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على غرس الإيمان في نفوس الشباب حتي لا ينحرفوا يمنة أو يسرة عن منهج الله -عز وجل-: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله -عز وجل-، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه»، فنجده - صلى الله عليه وسلم - «خَصَّ الشَّابَّ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْبَاعِثِ عَلَى مُتَابَعَةِ الْهَوَى فَإِنَّ مُلَازَمَةَ الْعِبَادَةِ مَعَ ذَلِكَ أَشَدُّ وَأَدَلُّ عَلَى غَلَبَةِ التَّقْوَى»، وفي الحديث حثٌّ للشباب للإقبال على الله -عز وجل-، والنشأة في عبادته -سبحانه وتعالى- من مقتبل عمرهم وريعان شبابهم، وبذلك يستحقون هذه المكانة الرفيعة، وخصهم بذلك؛ لأن سن الشباب قد يغري بمواقعة المعاصي واقتراف الذنوب، نظرا لما يغُلب على المرء من التسويف، وما قد يتاح له من الأسباب المؤدية إلى المعاصي أو المعينة عليها، كالصحة، والفراغ».
    ملاطفة الخلق
    قال ابن القيم -رحمه الله-: «فليس للقلب أنفع من معاملة الناس باللطف، فإن معاملة الناس بذلك: إما أجنبي فتكسب مودته ومحبته، وإما صاحب وحبيب فتستديم صحبته ومحبته، وإما عدو ومبغض، فتطفئ بلطفك جمرته، وتستكفي شره، ويكون احتمالك لمضض لطفك به دون احتمالك لضرر ما ينالك من الغلظة عليه والعنف به».
    الشباب والالتفاف حول العلماء الثقات
    قال الله -تعالى-: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَ هُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء:83)، والشاب المسلم لا توجهه عاطفته، ولا تقوده حماسته، إنما يسير على طريق الهداية بتوجيه العلماء الثقات، والشيوخ الكبار، ممن لهم علم واسع، وتجارب نافعة، فيهتدي بنصحهم، ويعمل بمشورتهم، ويُرجى أن يكون بعد ذلك أكثر نفعاً لأمته، ودينه، ويكون أكثر حماية ممن يكيد بالشباب لصرفهم عن رسالة الحق، ونشر النور في الأرض.
    طيش الشباب
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: يكثر الطيش في الشباب؛ وذلك أنَّ الشباب مظنَّة الجهل ومطية الذنوب، ولهذا يقال طيش شباب أو شباب طائش إمَّا على سبيل الانتقاد أو الاعتذار، وما من ريب أنَّ الشاب مسؤول عن سفهه وطيشه يوم يقف بين يدي ربه، فلا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، منها شبابُه فيما أبلاه، وإن لم يزمَّ الشاب نفسه بزمام الشرع والعقل والحكمة أوردته المهالك.
    الشباب هم العمود الفقري للأمة
    قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: «الشباب في أي أمَّة من الأمم هم العمود الفقري الذي يشكل عنصر الحركة، والحيوية؛ إذ لديهم الطاقة المنتجة، والعطاء المتجدد، ولم تنهض أمَّة من الأمم -غالباً- إلا على أكتاف شبابها الواعي، وحماسته المتجددة، ولقد علم أعداء الإسلام هذه الحقيقة، فسعوا إلى وضع العراقيل في طريقهم، أو تغيير اتجاههم، إما بفصلهم عن دينهم، أو إيجاد هوة سحيقة بينهم وبين أولي العلم، والرأي الصائب، في أمتهم، أو بإلصاق الألقاب المنفِّرة منهم، أو وصفهم بصفات ونعوت، غير صحيحة، وتشويه سمعة من أنار الله بصائرهم في مجتمعاتهم».
    من أدب الحديث
    عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد»، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك وسلامتك من سوء الأدب فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
    الأعرابي أعقل من الملحدين
    من يسمون أنفسهم بـ»الملحدين» يدَّعون أن هذا الكون كله بمجراته وفضائه ونجومه وكواكبه جاء بمحض الصدفة! وأنه لا خالق له، ولا إله له! تعالى الله عما يهرفون! لقد كان الأعرابي الأمي الذي يعيش في وسط الصحراء أعقل منهم وأعلم، فقد سئل بعض الأعراب: بم عرفت ربك؟ فقال: «البعرة تدل على البعير، والروث يدل على الحمير، وآثار الأقدام تدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وبحار ذات أمواج، أما يدل ذلك على العليم القدير».
    همة الشباب وهمومهم
    على الشباب أن تكون همتهم -بعد إصلاح أنفسهم- إصلاح الآخرين، وتعبيد الناس لرب العالمين، وليحذروا أن يكونوا دعاة سوء، وعليهم أن يكونوا دائمي الارتباط بالله -تعالى-، من خلال أداء الصلاة في وقتها، وكثرة الذكر والدعاء، والاستعانة به في جميع الأمور، والتوكل عليه، والمحافظة على الأوراد المشروعة كأذكار الصباح والمساء، والدخول والخروج، والركوب، ونزول المكان، وغير ذلك، وعليهم أن يعلموا أن قدوتهم الحقيقية هو نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وليحذروا من التقليد الأعمى الذي يفقدهم شخصيتهم وهويتهم.
    قاعدة في حسن الخلق
    أحسن إلى المسيء تملك قلبه
    قال الله -تعالى-: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)، قال ابن كثير: - رحمه الله تعالى -: أي من أساء إليك فادْفَعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر - رضي الله عنه -: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، هذه قاعدة مهمة في حسن الخلق، وهي عدم مقابلة السيئة بالسيئة، ولكن مقابلة السيئة بالحسنة؛ فعلى الشباب أن يقابلوا الغضب بالهدوء، والكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والبسمة الحانية، ولو قوبل المسيء بمثل فعله، ازداد غضبًا وتبجُّحًا، وخلع حياءه نهائيًّا، وأفلت زمامه، وأخذته العزة بالإثم.

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1196



    الفرقان



    الشباب الذين نفتخر بهم
    إن الشباب الذين نفتخر بهم، هم الشباب الذين تمسكوا بدينهم وأخلاقهم الإسلامية النابعة من كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - اللذين لن يضل من تمسك بهما ولن يشقى، هم الشباب العاملون بما يجب عليهم من واجبات تجاه أمتهم وبلادهم والذود عنها وعن مقدساتها والعمل على رخائها وسعادتها وعزها وكرامتها، هؤلاء هم الشباب الذين تفتخر الأمة وتعتز بهم.
    الفتح الأيوبيّ لبيت المقدس
    عزم صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- على فتح بيت المقدس وطرد الصليبيين منه، وذلك بعد فتح عسقلان وما جاورها من المدن؛ حيث أدرك سكان بيت المقدس أنَّهم محاصرون، وأنَّ مصيرهم كمصير بقية المدن التي فتحها صلاح الدين الأيوبيّ. ولذلك أرسلوا وفدًا إلى صلاح الدين، فعرض عليهم صلاح الدين تسليم المدينة بالشروط التي استسلمت بها المدن الأخرى، ومنها الأمان على الأرواح، والنساء، والأولاد، والأموال، والسماح لأيّ شخص بالخروج سالمًا من المدينة، ولكنَّهم رفضوا تسليمها، واستمرّ صلاح الدين في عرض شروطه على سكان بيت المقدس؛ وذلك تجنّبًا للعنف، ولكنَّهم أصرّوا على الرفض، فقرر -رحمه الله- اقتحام المدينة، وفي العشرين من شهر أيلول عام 1187م وصل صلاح الدين إلى مدينة القدس، وعسكر أمام أسوارها وحاول البدء في المهاجمة، ولكنَّه وجدها محكمة الجانب ومليئةً بالمقاتلين، وأخذ بالطواف حول المدينة مدّة خمسة أيام، وفي الليل نصبوا المجانيق، وبدأت ضربات المجانيق بين الطرفين، ولمَّا أدرك الصليبيين أنَّهم على وشك الهلاك، عقدوا اجتماعًا بينهم، وقرّروا طلب الأمان، وأرسلوا وفدًا إلى صلاح الدين لتحقيق ذلك، وكان من شروطهم احترام الصليبيين الموجودين في المدينة، والسماح لمن يشاء بمغادرتها، وبعد التشاور سُمح للصليبيين بمغادرة المدينة مقابل الشروط التي حدّدها صلاح الدين، وهكذا استطاع فتح بيت المقدس، ودخلها فاتحًا في يوم الجمعة الموافق الثاني من تشرين الأول (أكتوبر).
    مهمتك في الحياة
    إن للمسلم دورًا كبيرًا ومهما في هذه الحياة، ومن أجله خلق الله -عزوجل- الثقلين، وهو عبادته وحده لا شريك له، وأرسل الله -سبحانه- الرسل -عليهم الصلاة والسلام- لدعوة الناس إلى هذا الواجب وتوضيح هذا الأمر العظيم وتبصيرهم في ذلك وتوجيههم إلى الخير، وتحذيرهم عما سواه، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (الذاريات: 56-58) فأبان -سبحانه وتعالى- أنه خلق الثقلين ليعبدوه وحده لا شريك له، خلقهم لعبادته وتعظيمه والخضوع والذل له بفعل أوامره وترك نواهيه، عن محبة خاصة وعن صدق وإخلاص وعن رغبة ورهبة.
    هنيئًا لهؤلاء الشباب
    هنيئًا لشباب أتقياء تعلقت قلوبهم بالمساجد ومجالس العلم والخير وعمل الصالحات، واغتنموا شبابهم قبل هرمهم، وصحتهم قبل سقمهم، وغناهم قبل فقرهم، وفراغهم قبل شغلهم، وحياتهم قبل مماتهم، هنيئًا لشباب تسلحوا بالعلم والمعرفة، وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهاهم الله عنه ورسوله، فإن السعادة كلها في طاعة الله ورسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا} (الأحزاب: 36).
    الصراع بين الحق والباطل
    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله: «اعلم -وفقني الله وإياك وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه-: أن شياطين الإنس والجن لم يزالوا ولن يزالوا يوردون الكثير من الشبه على أهل الإسلام وغيرهم للتشكيك في الحق وإخراج المسلم من النور إلى الظلمات، وتثبيت الكافر على عقيدته الباطلة، وما ذاك إلا لما سبق في علم الله وقدره السابق من جعل هذه الدار دار ابتلاء وامتحان، وصراع بين الحق والباطل، حتى يتبين طالب الهدى وغيره، وحتى يتبين الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق».
    حقيقة الإسلام
    قال البشير الإبراهيمي -رحمه الله-: أهتف بشباب الإسلام ليعلموا أنَّ الإسلام ليس لفظًا تلوكه الألسنة المنفصلة عن القلوب، إنما الإسلام هو إسلام الوجه لله، هو المعنى الذي خالطت بشاشته قلب نبي التوحيد إبراهيم -عليه السلام-، فقال: أسلمت وجهي، وتذوقته بلقيس حين هداها الله -تعالى- فقالت: وأسلمت مع سليمان، هو استسلام الجوارح -وسلطانها القلب- لله ولعظمته وقدرته، وعلمه حتى توحده وحده، وتعبده وحده، وتدعوه في النائبات وحده، وتنيب إليه وحده، وتُذعن إلى سلطانه وحده، وتخشاه وحده.
    فتح بيت المقدس
    قام خليفة المسلمين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بفتح بيت المقدس؛ إذ تمكّن من فتحها في السنة الخامسة أو السادسة عشرة للهجرة، واستمرَّ بيت المقدس تحت حكم المسلمين مدّة خمسة قرون، وفي أثناء حكم العبيديين للشام وقع بيت المقدس تحت سيطرة الصليبيين، ومكث تحت سيطرتهم مدّة تسعين عاماً، وبعد ذلك تمكّن المسلمون -في ظل حكم الأيوبيين- من استرجاعه، وبقي في رحاب المسلمين لمدّة تجاوزت ثمانية قرون، وفي أواسط القرن الهجري الماضي سيطر اليهود على بيت المقدس إلى الآن.
    من واجبات الشباب في زمن الفتن
    حتى ينجو الشاب المسلم في زمن الفتن، عليه العمل بشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة القولية والاعتقادية والعملية، وفي مقدمة ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره، والإيمان بالبعث والجزاء والثواب والعقاب والجزاء والثواب والعقاب والجنة والنار، وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله بمعرفة معناها والعمل بمقتضاها، والقيام بشروطها ولوازمها، وإقامة الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة، والحفاظ على صوم رمضان وحج بيت الله الحرام، وبر الوالدين وطاعتهم في غير معصية الله، وصلة الأقارب والإحسان إليهم، والإحسان إلى المسلمين وعدم التسبب في أذيتهم بأي نوع من الأنواع.
    بشرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم
    أراد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُدخِل السُّرور على أمثالنا ممَّن لم يُتَحْ لهم شرفُ الصُّحبة بسبب مُرور الزمان، فجعَل المسلمين كلَّهم إخوانه، كما جاء في حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخَل المقبرة فقال: «السلامُ عليكُم دارَ قومٍ مؤمنين، وإنَّا - إنْ شاء الله - بكم لاحِقون، وَدِدت أنَّا رأينا إخواننا»، قالوا: أوَلَسْنا إخوانَك؟! قال: «أنتم أصْحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعدُ». قالوا: كيف تعرفُ مَن لم يأتِ بعدُ من أمَّتك يا رسول الله؟ فقال: «أرأيت لو أنَّ رجلاً له خيلٌ غرٌّ محجَّلة بين ظَهراني خيلٍ دُهمٍ بُهمٍ، ألا يعرف خيلَه؟». قالوا: بلى يا رسولَ الله. قال: «فإنهم يَأتُون غُرًّا محجَّلين من الوضُوءِ...» الحديث، وهذا شرفٌ لِمَن رُزِقَ ذلك، جعَلَنا الله منهم.




  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1197



    الفرقان




    ثمرة تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة
    أثمرت تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعليمه للصحابة جيلاً مجاهداً شجاعاً يبذل النفس والمال، ويضحي بكل ما يملك في سبيل إعلاء كلمة التوحيد ونصرة دين الله، ولقد كان للشباب بطولات رائعة ومواقف خالدة، في نصرة دين الله -عزوجل- والدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
    أثر توجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - على الشباب
    لقد بلغ المنهاج النبوي غايته وحقّق أهدافه في تربية شباب الصحابة رضوان الله عليهم؛ فقد برز الشباب في جوانب كثيرة في العلم والإيمان، والدعوة والجهاد، وسائر الأعمال الصالحة.
    فهذا معاذ بن جبل يأتي إمامًا للعلماء يوم القيامة كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة إمام العلماء برتوة»، ولقد كانوا أعلم الناس بكتاب الله، وأجمع الناس له، وأدرى الناس بمعانيه وأحكامه، قال عبدالله بن مسعود: ما أنزلت سورة إلا وأنا أعلم فيما نزلت، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأخذ القرآن من الشباب: «استقرئوا القرآن من أربعة: من عبدالله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل»، وقد أمر أبوبكر الصديق زيد بن ثابت بجمع القرآن؛ مما يؤكد مكانة الشباب، ولقد أثمرت توجيهاته - صلى الله عليه وسلم - جيلاً مؤمناً محباً لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد شهد بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر حينما قال: «لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحبُّ الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله».
    أضعف الإيمان تجاه قضية فلسطين
    من أضعف الإيمان أن يجعل المسلم في قلبه همَّ تحرير المسجد الأقصى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن ماتَ ولَمْ يَغْزُ، ولَمْ يُحَدِّثْ به نَفْسَهُ، ماتَ علَى شُعْبَةٍ مِن نِفاقٍ»، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: إنه إذا لم يُجاهد فليُحدِّث نفسه، يقول: لعله يتيسر لي، ينوي في قلبه: إذا تيسر لي جاهدتُ، إذا أمكن لي جاهدتُ، يعني: يكون في قلبه، في باله شيء من هذا المعنى، ما يكون غافلًا، يرجو ما عند الله -جلَّ وعلا-، وما ذاك إلا لأنَّ الجهاد نصرٌ لدين الله، وإعلاء لكلمة الله، ودعوة إلى ما فيه صلاح الأمة ونجاتها وسعادتها، وتقوية للمؤمنين، وإعزاز لهم.

    واجبنا تجاه المسجد الأقصى
    فلسطين دولة عربية إسلامية، والاعتداء عليها يعني الاعتداء على كل المسلمين، والمسجد الأقصى هو أولى القبلتين، وثالث المسجدين، وعلى المسلمين تجاه فلسطين والمسجد الأقصى أمور عدة أهمها ما يلي: الدعاء: وهو السلاح الذي لا يستطيع أحد أن يسلبه من المسلمين، فعلى المسلم ألا يغفل عن الدعاء لإخوانه بظهر الغيب، وأن يلجأ إلى الله -تعالى- بأن يرد المسجد الأقصى والقدس الشريف إلى أمة الإسلام، وأن يخلصهما من أيدي الغاصبين.
    الأمل في نصر الله وعدم اليأس، وعلينا أن نوقن أن النصر من عند الله، وأنه كائن لا محالة، والشاك في ذلك عليه أن يصحح إيمانه.
    الدعم المعنوي والجهاد المالي ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ومد يد العون بكل ما نستطيع لإخواننا المستضعفين هناك.
    البعد عن الذنوب والمعاصي، والرجوع إلى الله، وليعلم كل منا أن ذنبه قد يكون سبباً لتأخير النصر.

    من صفات الشباب المستقيم
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الشباب المستقيم يؤمن بالقدر خيره وشره؛ فيؤمن بأن كل شيء بقضاء الله وقدره مع إيمانه بالأسباب وآثارها، وأن السعادة لها أسباب، والشقاء له أسباب، شباب يدين بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم؛ فيعامل المسلمين بالصراحة والبيان كما يحب أن يعاملوه بها؛ فلا خداع ولا غش ولا التواء ولا كتمان.


    صمود شباب الصحابة أمام الدنيا وزينتها
    كان من ثمرات تربيته النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب صمودهم أمام الدنيا وزينتها، فقد أراد عمر بن الخطاب أن يمتحن معاذ بن جبل وأبا عبيدة بن الجراح بالمال، فأعدّ عمر لكل واحدٍ منهما أربعمائة دينار، وجعل كل واحدة في صرة، وقال للغلام: اذهب بها إلى معاذ ثم إلى أبي عبيدة، وتشاغل في البيت قليلاً لتنظر ما يصنع كلٌ منهما، فما كان من معاذ إلا أن فرّقها جميعًا ولم يبق لأهله إلا دينارين، وكذلك فعل أبو عبيدة، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره فسُرّ بذلك عمر وفرح وقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض.
    الرحمة من الإيمان
    كلَّما قوي إيمان الشَّخص قويت رحمته بإخوانه؛ فقوَّتها في العبد من قوة إيمانه، وضعفها من ضعف إيمانه، وهـذا ظاهر في قوله -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ»، وذلك أنَّ الله -تعالى- المقصود المعبود رحيم، يحب الرحماء، ودِيننا دين الرَّحمة، ونبيّنا نبيّ الرّحمة، وكتابنا القرآن كتاب الرحمة، والله نعت عباده المؤمنين فيه بقوله: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.
    مواقف خالدة لا تنسى
    لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، نزل على أدنى ماء هناك، أي: أول ماء وجده، فتقدم إليه الحباب بن المنذر - رضي الله عنه -، فقال: يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته، منزل أنزلكه الله، فليس لنا أن نجاوزه، أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ فقال: «بل منزل نزلته للحرب والمكيدة»، فقال: يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزل؛ ولكن سِرْ بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم، ونغور ما وراءه من القلب، ونستقي الحياض، فيكون لنا ماء، وليس لهم ماء، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففعل كذلك.
    من آداب الصحابة -رضي الله عنهم
    لقد تربى ذلك الجيل من الصحابة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتصفوا بصفات كثيرة من الأخلاق الحسنة، والآداب النبيلة، ومن جملة هذه الآداب، الأدب مع الوالدين والبر بهما، فهذا أسامة بن زيد رضي الله عنه يعمد إلى نخلة فينقرها ويخرج جمارها فيطعمها أمه، فقال له: ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال: إن أمي سألتنيه ولا تسألني شيئاً أقدر عليه إلا أعطيتها.




  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1198



    الفرقان




    شبابنا وقضية فلسطين
    أثبتت الأحداث الأخيرة في غزة أن قضيّة فلسطين تحتل مكانة متميزة في قلوب كثير من شباب الأمة العربية والإسلامية وعقولهم وفكرهم، في ظل جهود عديدة سعت لتغييب هذه القضية من ذاكرة المجتمعات المسلمة، وحصرها ببعدها الداخلي فقط؛ لذلك من الضروري التركيز على بناء الوعي بقضايا الأمة في قلوب الشباب والناشئة وعقولهم، لتكون دائمًا على رأس أولوياتهم حتى نخرج أجيالا مهتمة بأمتها ومدركة لما يحيط بها من أخطار.
    عناية الإسلام بالشباب
    عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه -تعالى-، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ».
    اعتنت السنة النبوية بالشباب عنايـة خاصة، تتجلى في الإشــادة بكل شاب طبـع حياته بطابـع الاستقامـة وروح الامتثال والتقـوى، وخاف الله في جميع حركاتـه، كما نجــد أن القرآن الكريم كذلك خـص الشباب بالتوجيه من خـلال القصص التي ساقها؛ تكريمـا للشباب الذي سبق ظهــور الإسلام، واستحق الفضـل بما حاز من كريم الصفات وجلائـل الأعمال، يقول الله -تبارك وتعالى-، في سورة الكهف، {نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا}، فبهـذه الآيات ومثلهـا أشار القرآن الكريم إلى أن الشباب قد خلد في الصالحــات ذكره بما أوتى من عقل وتبصر وحكمة، والقرآن الكريم يسوق لنا القصص للاستفادة والتثبيت مصداقــا لقوله -تعالى-: {وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}، ومن هنا نلاحـظ الغاية المقصودة في إظهــار العناية بالشباب وحثه على اقتباس السنن الحسنة من ماضي الأمم السابقة.
    القراءة أساس العلم والمعرفة
    في عصرنا الحديث تعددت وتنوعت وسائل اكتساب العلم والمعرفة ما بين وسائل مقروءة ومسموعة ومرئية، ولكن مع كثرة هذه الينابيع واختلافها تبقى القراءة هي أساس العلم والمعرفة، ومفتاح الرقي والحضارة، وسبب التقدم والتطور، ولا يمكن أن تتقدم أمة أبناؤها قد هجروا القراءة ونبذوا العلم، ولما كان الإسلام دين العلم، والعلم أصله القراءة والكتابة، كانت أول كلمة نزل بها الوحي، ونطق بها الشرع هي الأمر بالقراءة والكتابة والتعلم {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم} (العلق)؛ لذلك يجب علينا أن نعي ونستشعر أنه لا سبيل للارتقاء والتقدم إلا عن طريق القراءة، ونشر حبها وأهميتها بين أطياف المجتمع ولا سيما جيل الشباب.
    احفظ الله يحفظك
    روى الترمذيُّ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ»، وقوله: «احفظ الله تجده تجاهك»؛ أي: تجده أمامك، يدلك على كل خير، ويقربك إليه، ويهديك إليه، وأن تعمل بطاعته، ولا يراك في مخالفته، فإنك تجده في الشدائد.
    فائدة جامعة في التوبة وشروطها

    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: التوبة تجب الذنوب وتمحوها جميعًا، إذا كانت صادقة ويخرج منها كيوم ولدته أمه، يعني إذا تاب توبة عامة صادقة، أما إذا تاب من ذنبه الذي أخذ به فالتوبة مقيدة، فمن تاب من العقوق وحده قبل منه، ومن تاب من القطيعة وحدها قبل منه، لكن لابدّ من استيفاء الشروط، لابدّ أن يندم على الماضي من سيئاته، ويقلع منها ويتركها ويعزم عزمًا صادقًا ألا يعود فيها، ولابدّ من رد المظالم كالسرقة يردها على أهلها.
    الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر

    قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: يجب أن نعلم أن الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر لابد أن تكون متلقاة من الشرع؛ لأن مثل هذا الأمر لا يكون إلا بتقدير الله -عزوجل- فلابد أن نسلك الطريق الذي جعله الله -سبحانه وتعالى- طريقا يوصل إلى ذلك، أما مجرد الأوهام التي لا تبنى على أصل شرعي فإنها أوهام لا حقيقة لها.
    الرحمة من الإيمان

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كلَّما قوي إيمان الشَّخص قويت رحمته بإخوانه فقوَّتها في العبد من قوة إيمانه، وضعفها من ضعف إيمانه، وهـذا ظاهر في قوله -[-: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ»، وذلك أنَّ إلهنا المقصود المعبود رحيم يحب الرحماء ودِيننا دين الرَّحمة، ونبيّنا نبيّ الرّحمة، وكتابنا القرآن كتاب الرحمة، والله نعت عباده المؤمنين فيه بقوله: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.
    من مشكلات الشباب
    الانحراف عن الدين وترك العبادة والعيش في هذه الحياة بلا هدف ولا رسالة ولا دين، أو الإيمان بعقائد الدين نظريا وتركها عمليا من أهم المشكلات التي تواجه شبابنا في العصر الحالي، قال الله - تعالى -: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}. (مريم:59). أي أنهم لم ينكروا الإيمان والصلاة والطاعة بل أضاعوا ذلك فاستحقوا عقوبة الله؛ فاحذروا أيها الشباب أن تكونوا من هؤلاء، فالإنسان الذي يدع دينه ويتحلل من عقيدته سيقع في خطيئتين كبيرتين الأولى: أن فطرته التي فطره الله عليها إن لم تدن بالدين الحق؛ ولذلك ستدين بالدين الباطل، وسيعبد الإنسان آلهة أخرى من دون الله، والثانية: أنه سيظل في حالة افتقار وفي حاجة إلى من يملأ عليه فقر قلبه، يقول الإمام ابن القيم: «لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا صلاح إلا بأن يكون إلهه وفاطره وحده هو معبوده وغايته ومطلوبه وأحب إليه من كل ما سواه».
    الشباب والدعوة إلى الله
    حفظت لنا سير الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- نماذج فريدة من جهود الشباب المبارك في الدعوة، فلقد كان جُلّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شبابًا طاهرًا زاكيًا مباركًا، وكانت لهم جهود مباركة في السبق إلى الإسلام وقت الغربة والتعليم والتربية والدعوة، والصبر عند المحنة والمبادرة إلى الهجرة والنصرة، فهنيئًا لمن سلك طريقهم واقتدى بهم واهتدى بهديهم.




  9. #49
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1199


    الفرقان

    القدس للمسلمين مهما طال الزمان
    بقي المسجد الأقصى في أيدي الصليبيين قرابة التسعين عامًا، حتى حرَّره صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-، وما نسي المسلمون أبداً طيلة تلك السنوات قضية القدس والمسجد الأقصى، فبقاؤها في أذهاننا حاضرة واجب من الواجبات مهما تردَّت أوضاعنا، وساءت أحوالنا، ومهما نزل بنا من البلاء، ولابد أن نكون موقنين بموعود الله -تعالى- للمؤمنين: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (المجادلة: 21)، فالقدس لنا مهما طال الزمان أو قصر.
    الشباب ومعالي الأمور
    روى الإمام البيهقي عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -: قال
    رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها»، ومعالي الأمور: هي الأمور الجليلة، رفيعة القدر عالية الشأن.
    سميت بذلك؛ لأنها في الأعمال من أجلها وأعلاها، أو لأنها تُعلي شأنَ أصحابها في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعا، والسفاسف أو السفساف: هي التوافه، والأمور الحقيرة والدنيئة التي تنبئ عن خسة نفس صاحبها وهمته، وهي الحقير والتافه من الأقوال والأعمال والمطالب والاهتمامات، ولا يهتم الإنسان بالمعالي ويكره السفاسف إلا إذا علت همته وسمت نفسه وروحه، فتتطلع إرادته إلى طلب الكمالات والمراتب العالية، فكلما عظمت الهمم علت المطالب، كما قال ابن تيمية رحمه الله -تعالى-: العامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب؛ لذلك فإن الإنسان المسلم يجب أن يكون عالي الهمة صاحب هدف كبير، حتى إذا جاءت الفرصة استغلها فإن الفرص ربما لا تتكرر.
    أعظم قدوة لشبابنا
    إن نهضة الأمم تتوقف كثيرًا على إظهار القدوات الصالحة، وكثرة النماذج الطيبة، وإحياء تاريخ الأماجد من أبنائها وعلمائها، وحرص الشباب والناشئة وأبناء الأمة على اتخاذ الأماثل وأصحاب الهمم العالية والمنجزات الرائعة إسوة وقدوة، هو سبيل الصلاح والفلاح، وقد ربى الله هذه الأمة على ذلك، وأمرها أن تتخذ لها قدوة وإسوة، وأنها لن تجد أعظم من رسولها صلوات الله عليه ليكون في مقدمة من تقتدي بهم، قال الله -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب).
    الشباب وصلاة الفجر
    صلاة الفجر واحدة من تلك الصلوات الواجبات، ولا تختلف عن غيرها في الأمر بالمحافظة عليها في وقتها وفي المسجد، غير أننا قد نجد بعض الناس يحافظ على معظم الصلوات ولكنه يتهاون في صلاة الفجر فلا يحضرها في المساجد، وربما نام عنها حتى تطلع الشمس فلا يصليها إلا بعد وقتها، حتى إنك تنظر لصفوف المصلين في الفجر ترى أن أكثرهم من الشيبان وكبار السن، فليعلم الشباب أنَّ صلاة الفجر في الجماعة علامة الإيمان ومحبة الرحمن وبراءة من النفاق؛ فالمنافق يتحين الفرص للفرار من العبادة، وقد روى البخاري ومسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولُ اللَّهِ -[- قال: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا».
    من الموفق حقا؟
    الموفق حقا: هو الذي يعلم أن أعظم النعم على الإطلاق هي نعمة الإيمان؛ فيلزم الشكر على أن جعله الله من المسلمين.
    الموفق حقا: هو الذي يعلم أن العبودية هي مراد الله من خلقه فيلزم عتبتها ويتمسك بها، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
    الموفق حقا: هو الذي يعلم أن الصلاة هي ركن الإسلام الأول والأكبر بعد الشهادتين، فيحافظ عليها ولا يفرط فيها.
    الموفق حقا: هو الذي يعلم أن الأعمال لا تقبل إلا بالإخلاص، فلا يرجو بعمله -مهما قل- إلا وجه الله وحده لا شريك له.
    الموفق حقا: هو الذي يعلم أن الجنة لا يوصل إليها إلا باتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - والسير على منهجه، فيلزم غرزه ويقتفي أثرة ويعمل بسنته.
    إذا أردت معرفة تقصيرك فانظر إلى حال من سبقك

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: لا تنظر إلى تقصيرك باعتبار زمانك، فإنك إن فعلت فقد تُعجب بنفسك، إنك قد ترى كلَّ من حولك أقل منك في عبادة الله، لكن انظر إلى تقصيرك بالنسبة لمن سبقك، انظر إلى حال النبي - صلى الله عليه وسلم - وحال الصحابة -رضي الله عنهم-، وإذا نظرنا إلى حال الصحابة وحال التابعين وجدنا أن بيننا وبينهم كما بين الثرى والثريا، وعرفنا تقصيرنا تمامًا.
    ثمار التقوى

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كلما جاهد العبد نفسه على تحقيق التقوى وجد التيسير في أموره، ونال الرزق الطيب، وهدي إلى المخرج المناسب والملائم فيما يعرِض له من مشكلات، إضافة إلى تكفير السيئات وغفران الذنوب ورفعة الدرجات، والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة إلى غير ذلك من الثمار والآثار التي لا حصر لها ولا عد.
    هل أنت متقدم أم متأخر؟
    قال ابن القيم -رحمه الله-: العبد سائر لا واقف؛ فإما إلى فوق وإما إلى أسفل، إما إلى أمام وإما إلى وراء، وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار، فمسرعٌ ومبطئ، ومتقدمٌ ومتأخر، وليس في الطريق واقف البتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير، وفي السرعة والبطء {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}(الم دثر:35-37)، فمن لم يتقدم بالأعمال الصالحة فهو متأخرٌ بالأعمال السيئة.
    المعالي لا تنال بالأماني
    إنما تنال المعالي بالسعي والعمل، لا بالأماني والكسل، وإنما الأماني رأس مال المفاليس؛ لما قال ربيعة - رضي الله عه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أسألك مرافقتك في الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «فَأَعِنِّى عَلَى نفسك بكثرة السُّجود»، وقال لابن عمر - رضي الله عنه -: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يقوم الليل»، وإنما كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أفضل هذه الأمة؛ لأنه كان أعلاهم همةً وأحسنَهم عملا، فإذا أردت أن يحبك الله فاطلب المعالى واسعَ إليها، ودعِ السفاسفَ وترفعْ عنها.
    النفس على ما عودتها
    إن النفس إذا عودتها المعالي تعوَّدَتْها، وإذا نزلت بها إلى السفاسف ربما رضيتها وقبلتها، فاسمُ إلى المعالي والقمم، وإياك والرضى بالدون! فإن الراضي بالدون دنيء، وإن أعلى المطالب وأزكاها أن تطلب رضا الله، وتسعى لتحصيل جواره ليس في الجنة فحسب، بل في الفردوس الأعلى، فإنه أوسط الجنة وأعلاها، وسقفه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة.
    من زكاة النفس حسن أخلاقها
    لو أن الإنسان سمع ما يقول الناس وما يعترضون به ما مشي خطوة، لكن أنت أصلح ما بينك وبين الله ولا يهمك أحد؛ فإذا التمست رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنك وأرضى عنك الناس، وكفاك مؤونتهم.


  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1200


    الفرقان




    انتهاز الفرص
    قال ابن القيم -رحمه الله-: «الرجل إذا حضرت له فرصة القربة والطاعة، فالحزم كل الحزم في انتهازها، والمبادرة إليها، والعجز في تأخيرها، والتسويف بها، ولا سيما إذا لم يثق بقدرته وتمكنه من أسباب تحصيلها، فإن العزائم والهمم سريعة الانتقاض قلما ثبتت، والله -سبحانه- يعاقب من فتح له بابا من الخير فلم ينتهزه، بأن يحول بين قلبه وإرادته، فلا يمكنه بعد من إرادته عقوبةً له».
    اهتمام الإسلا م بالشباب
    حرص ديننا الإسلامي الحنيف على الاهتمام بالشباب في القرآن والسنة؛ فقد ذكر الله -سبحانه وتعالى- كل ما فيه هداية البشر؛ لنأخذ منهم العبرة في الدعوة إلى الله -سبحانه- قال الله -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (يوسف: 111)، أو يؤخذ منهم القدوة كما قال -تعالى- بعد ذكر الأنبياء مخاطباً رسوله - صلى الله عليه وسلم -:- {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (الأنعام: 90). وقال -تعالى-: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَه} (الممتحنة: 4)، وقد قال الله -تعالى- في قصة إبراهيم -عليه السلام- يحكي ما قاله قومه:- {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (الأنبياء: 60) قال ابن كثير: أي شابا، ويذكر ربنا -عز وجل- أصحاب قصة الفتية أصحاب الكهف فقد قال الله -تعالى-: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13) قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: فذكر الله -تعالى- أنهم فتية، وهم الشباب، وهم أقبل للحق، وأهدى للسبيل، وأيضًا فقد اهتمت السنة النبوية المطهرة بالشباب وأولت لهم اهتماماً بالغاً، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبعةُ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منهم وشاب نشأ في طاعة الله»، وقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك»، وقال - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس -رضي الله عنهما-: «يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك...»، لقد اهتم القرآن والسنة النبوية المطهرة بالشباب حتى نشروا هذا الدين العظيم، وفتحوا الفتوحات الإسلامية بعد أن درس هؤلاء الشباب في مدرسة المربي والمعلم الأول نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأخذوا منه أحسن الأخلاق، وتربوا على هذا الدين، وتخلقوا بأخلاقه الكريمة.
    وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ
    {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان: 14)، لما أمر الله -تبارك وتعالى- بالقيام بحقه، بترك الشرك الذي من لوازمه القيام بالتوحيد، أمر بالقيام بحق الوالدين فقال: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ} أي: عهدنا إليه، وجعلناه وصية عنده، سنسأله عن القيام بها، وهل حفظها أم لا؟ فوصيناه {بِوَالِدَيْهِ} وقلنا له: {اشْكُرْ لِي} بالقيام بعبوديتي، وأداء حقوقي، وألا تستعين بنعمي على معصيتي ،{وَلِوَالديك} بالإحسان إليهما بالقول اللين، والكلام اللطيف، والفعل الجميل، والتواضع لهما، وإكرامهما وإجلالهما، والقيام على خدمتهما واجتناب الإساءة إليهما من كل وجه، بالقول والفعل.
    الصلاة ميزان
    عن أبي العالية -رحمه الله- قال: «كُنْتُ أَرْحَلُ إِلَى الرَّجُلِ مَسِيْرَةَ أَيَّامٍ لأَسْمَعَ مِنْهُ، فَأَتَفَقَّدُ صَلاَتَهُ، فَإِنْ وَجَدْتُهُ يُحْسِنُهَا، أَقَمْتُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَجِدْهُ يُضِيِّعُهَا، رَحَلْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَقُلْتُ: هُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ» سير أعلام النبلاء للذهبي (4/209)، فالصلاة ميزان الإيمان، وعلى حسب إيمان العبد تكون صلاته وتتم وتكمل، فإذا صلحت صلح له سائر عمله، وإذا فسدت فسد سائر عمله، وهي محك دقيق يستطيع المرء أن يزن نفسه وغيره من خلال حظه منها واهتمامه بها، وهي مرآة حال العبد ومدى عظمة دين الله في قلبه، ومن ضيعها فهو لما سواه أضيع، وهي المقياس الصحيح لمتانة دين الرجل ومكانته في الإسلام وحظه ونصيبه منه.
    من سمات المؤمنين سلامة الصدر واللسان
    إنَّ من سمات المؤمنين العظيمة وصفاتهم الكريمة الدالة على كمال إيمانهم وتمام دينهم ونُبل أخلاقهم، سلامة صدورهم وألسنتهم تجاه إخوانهم المؤمنين؛ فليس في قلوبهم حسد أو غل أو بُغض أو ضغينة، وليس في ألسنتهم غيبة أو نميمة أو كذب أو وقيعة، بل لا يحملون في قلوبهم إلا المحبة والخير والرحمة والإحسان والعطف والإكرام، ولا يتلفظون بألسنتهم إلا بالكلمات النافعة والأقوال المفيدة والدعوات الصادقة .هؤلاء هم الذين قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر:10).
    تعلم أسماء الأنبياء
    عن الضحاك رحمه الله قال: «عَلِّمُوا أَوْلاَدَكُمْ وَأَهَالِيَكُمْ وَخَدَمَكُمْ أَسْمَاءَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِهِمْ، وَيُصَدِّقُوا بِمَا جَاؤوا بِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}»، هذه لفتة تربوية مهمة لينشأ الأبناء على معرفة الأنبياء وحبهم والاقتداء بهم، فإن الله لما ذكر عبده وخليله إبراهيم -عليه السلام- في سورة الأنعام، وذكر بعده سبعة عشر نبيا أتبع ذلك -سبحانه- بقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} أي: اتبع طريقتهم في الإيمان بالله وتوحيده، والأخلاق الحميدة، والنهج القويم، والأفعال المرضية، والصفات الرفيعة، وهم الذين أمرنا الله أن نسأله الهداية لسبيلهم في قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فهو يحب لنا ويأمرنا أن نتبع صراط هؤلاء وهو سبيل من أناب إليه، وذلك أنهم لما قاموا بحقيقة الإيمان علما وعملا ودعوة وجهادا جعلهم الله أئمة للخلائق، وجعل الخلائق تبعا لهم يأتمون بأمرهم ويهتدون بهداهم، وخص بالسعادة والفلاح والهدى أتباعهم وبالشقاء والضلال مخالفيهم.
    من أدب الحديث
    عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- قال: «إن الشاب ليتحدث بحديث فأستمع له كأني لم أسمع، ولقد سمعته قبل أن يولد»، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-: «ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه ولم يَمُرَّ عليه وتريه أنك استفدته منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه، وفيه من الفوائد: تنشيطُ المحَدِّث وإدخالُ السرور عليه وسلامتك من العجب بنفسك وسلامتك من سوء الأدب فإن منازعة المحَدِّث في حديثه من سوء الأدب».
    مكفرات الذنوب
    قال العلَّامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله تعالى-: إنّ التوبة تجب ما قبلها، والإيمان والإسلام يهدم ما قبله، والعمل الصالح الذي هو الحسنات، يذهب السيئات، وسلوك طرق الهداية بجميع أنواعها، من تعلم علم، وتدبر آية أو حديث، حتى يتبيّن له معنى من المعاني يهتدي به، ودعوة إلى دين الحق، ورد بدعة أو كفر أو ضلالة، وجهاد، وهجرة، وغير ذلك من جزئيات الهداية، كلها مكفرات للذنوب محصلات لغاية المطلوب.




  11. #51
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1201


    الفرقان



    إصلاح القلوب
    إنَّ أهمَّ ما ينبغي على الشاب إصلاحه والعناية به قلبه؛ فإن القلب هو أساس الأعمال، وأصل حركات البدن، وهو لها بمثابة الملك لجنده؛ فإن طاب القلب طاب البدن، وإن فسدَ فسد، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يهتم بإصلاح القلب غاية الاهتمام ويعنى به تمام العناية، ويوصي بذلك في كثير من أحاديثه الشريفة، ويضمِّن ذلك كثيراً من أدعيته المنيفة، فكان - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا»، ويقول في دعائه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ».
    التوسط في الأمور كلها
    المتأمل في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - يجد عنايته بالشباب من أعظم الأمور التي خصها بالتوجيه والإرشاد، ومن ذلك: توجيههم إلى التوسط في الأمور كلها. ففي الحديث الشريف الذى رواه مجاهد أن عبد الله بن عمرو حدثه قال: «كنت مجتهدا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا رجل شاب، فزوجني أبي امرأة من المسلمين، فجاء يوما يزورنا، فقال كيف تجدين بعلك؟ قالت نعم الرجل! لا ينام الليل، ولا يفطر، قال فوقع بي أبي وقال: زوجتك امرأة من المسلمين، فعضلت وفعلت، قال: فجعلت لا ألتفت إلى قوله؛ مما أجد من القوة، إلى أن ذكر ذلك لرسول الله -[- فقال: لكني أنام و أصلي وأصوم وأفطر، فصم من كل شهر ثلاثة أيام، قال: قلت إني أقوى من ذلك فلم يزل حتى قال: فصم صوم داود، صم يوما و أفطر يوما، واقرأ القرآن في كل شهر قال: قلت إني أقوى أكثر من ذلك قال: إلى أن قال: خمسة عشر، قال: قلت: إني أقوى من ذلك، قال: اقرأه في كل سبع حتى انتهى إلى ثلاث، قال: قلت ثلاث....»، في هذا الحديث الشريف نري عنايته - صلى الله عليه وسلم - بالشباب، وحرصه عليهم؛ حيث بين للصحابي عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما- أن الإسلام لم يقتصر اهتمامه على الجانب الروحي فقط، بل وازن بين الجانبين موازنة دقيقة، وضبط العلاقة والنسبة بينهما، وبذلك يلتقي العمل للدين والدنيا معا.
    الشباب وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم
    على الشباب وغيرهم من المسلمين أن يعتنوا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي أحاديثه وسيرته، ويتفقهوا فيها ويحفظوا ما تيسر منها، ويدعوا الناس إلى ذلك؛ لأنها الوحي الثاني والأصل الثاني من أصول الشريعة بإجماع أهل العلم كما قال -عزوجل معظما شأن الكتاب والسنة في آخر سورة الشورى-: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشـاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ} (الشورى: 52، 53) فأخبر -سبحانه- في هذه الآية الكريمة أن القرآن والسنة روح تحصل به الحياة للعباد ونور تحصل به الهداية لمن شاء الله منهم، فجدير بالشباب وغيرهم أن يعضوا على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالنواجذ، وأن يتفقهوا فيهما، وأن يهتدوا بهما إلى صراط الله المستقيم الموصل إليه وإلى دار كرامته.
    الصراع بين الحق والباطل

    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: «اعلم -وفقني الله وإياك وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه- أن شياطين الإنس والجن لم يزالوا ولن يزالوا يوردون الكثير من الشبه على أهل الإسلام؛ للتشكيك في الحق وإخراج المسلم من النور إلى الظلمات، وتثبيت الكافر على عقيدته الباطلة، وما ذاك إلا لما سبق في علم الله وقدره السابق من جعل هذه الدار دار ابتلاء وامتحان، وصراع بين الحق والباطل حتى يتبين طالب الهدى وغيره، وحتى يتبين الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق».
    الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر

    قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: يجب أن نعلم أن الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر لابد أن تكون متلقاة من الشرع؛ لأن مثل هذا الأمر لا يكون إلا بتقدير الله -عزوجل-؛ فلابد أن نسلك الطريق الذي جعله الله -سبحانه وتعالى- طريقا يوصل إلى ذلك، أما مجرد الأوهام التي لا تبنى على أصل شرعي فإنها أوهام لا حقيقة لها.
    العقيدة الصحيحة أساس النجاة

    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: ليحمد الله من هداه الله لعقيدة السلف ونجاه من العقائد الباطلة؛ فالعقيدة الصحيحة أساس النجاة وقاعدة الفوز والفلاح، وعند الموت لا مجال للاستكثار من الأعمال الصالحة، وفي الدعاء «اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان».
    اغتنم حياتك النفيسة
    قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لرجلٍ وهو يَعِظُه: «اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك»؛ لذلك فإن على الشباب حفظ الأوقات فيما ينفع، مثل: تلاوة القرآن الكريم، وقراءة الكتب النافعة، وزيارة الأحباب لله وفي الله، ثم مراقبة الله -تعالى- في المتجر والمصنع والمزرعة والوظيفة وفي جميع المجالات والأزمنة والأمكنة؛ فإن الله يراك ويسمعك ويعلم ما يكنه ضميرك، وأنت مسؤول عن وقتك في أي شيء قضيته، والأوقات محدودة والأنفاس معدودة؛ فاغتنم حياتك النفيسة، واحتفظ بأوقاتك العزيزة، فلا تضيعها بغير عمل، ولا تفرط في ساعات عمرك الذاهب بغير عوض؛ فإنك محاسب عليها ومسؤول عنها، ومجازى على ما عملت فيها.
    علمني شيخي
    يقول الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - فإذا قيل لك بما عرفت ربك؟ فقل بآياته ومخلوقاته {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (فصلت: من الآية37)، ومن مخلوقاته السماوات السبع والأرضين السبع وما فيهن، ومن مخلوقاته ما ذرأه في هذا الكون من البحار والجبال والبراري والأشجار والأنهار وغير ذلك مما لا تحيط به العقول، ولا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى.
    من سبل تقدم الأمة ونهضتها
    لا يمكن للأمة أن تتقدم إلا إذا تكاتف شبابها وتعاونوا فيما بينهم على ما يحقق وحدتهم ورقيهم وسعادتهم، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: 103)، وتسلحوا بالعلم والمعرفة، وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله، وانتهوا عما نهاهم الله عنه ورسوله، فإن السعادة كلها في طاعة الله ورسوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا} (الأحزاب: 36).


  12. #52
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1202


    الفرقان




    من أهم أخلاق الإسلام
    من أهم أخلاق الإسلام، خلوّ القلب من الحِقد والحَسد والكراهية والبغضاء، فهي صفة من صفات الأنبياء والصالحين التي تجعل الإنسان يعيش في سلام وطمأنينة، وتجعله محبوبًا بين الناس، وتساعده على النجاح في حياته، ومن صورها العفو عن الإساءة، والصفح عن الزلات، ومن رَضِيَ الله عنه يرزقه هذه النعمة التي تكشف عن قلبٍ سليم يُحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه.
    سلامة الصدور من أسباب النجاة
    حرص الإسلام حرصًا شديدًا على تأليف قلوب أبناء الأمة؛ بحيث تشيع المحبة وترفرف رايات الألفة والمودة بينهم، وتزول العداوات والشحناء والبغضاء والغل والحسد والتقاطع. لذا منَّ الله على النبي محمد- صلى الله عليه وسلم - بانشراح الصدر، وسلامة القلب، وطهارة النفس؛ فقال -سبحانه-: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} (الشرح: 1-4)، وامتن الله على المؤمنين بهذه النعمة العظيمة فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} (آل عمران:103)، وحتى تشيع الألفة والمودة بيننا فلابد من سلامة الصدور، وطهارتها من الغل والحقد والبغي والحسد، خصوصًا أن الله -تعالى- قد علَّق النجاة يوم القيامة بسلامة القلوب: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء:88، 89)، وأخبر الله -تعالى- عن حال أهل الجنة فقال: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ} (لأعراف:43). {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (الحجر:47)، ونهى النبي- صلى الله عليه وسلم - عما يُوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء، فقال- صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تقاطعوا ولاَ تدابروا ولاَ تباغضوا ولاَ تحاسدوا وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا ولاَ يحلُّ لمسلمٍ أن يَهجرَ أخاهُ فوقَ ثلاثٍ».
    أسباب معينة على سلامة القلب
    يمكن للمسلم أن يتحلى بخلق سلامة الصدر مع الناس جميعًا من خلال بعض الطرائق التربوية، منها: الدعاء: فهو من أعظم الأسباب لتحقيق سلامة القلب، وكان من دعاء النبي- صلى الله عليه وسلم -: «وأسألك قلبًا سليمًا»، كما أثنى الله على المؤمنين لدعائهم: {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا}.
    حُسن الظن: قال عمر: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً.
    التماس الأعذار: فلابد من إقالة العثرات والتغاضي عن الزلات، والتماس الأعذار للآخر، يقول ابن سيرين: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه.
    ادفع بالتي أحسن: وليس هذا من العجز، بل من القوة والكياسة قال الله -تعالى-: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت:34).
    علاج النفس من العيوب
    إنّ علاج النفس من العيوب، له أهمية كبيرة في حياة المسلم، سواء على المستوى الشخصي الذي ينعكس عليه بالسعادة والنجاح، والصحة النفسية، أم على المستوى الاجتماعي، بالقدرة على بناء علاقات اجتماعية قوية وصحية، وبناء مجتمع سليم وسوي، أو على المستوى الديني بالقرب من الله -تعالى-، والنجاة من العذاب يوم القيامة؛ لذا كان سلفنا الصالح- رضوان الله عليهم- يحاسبون أنفسهم باستمرار، ويقومونها ويعالجونها كما يعالج الطبيب مريضه، فصلح حالهم، وعاشوا في أمن وأمان، وحقَّقُوا بذلك السعادة العاجلة والآجلة.
    من أسباب السعادة

    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: «من أسباب السعادة أنه كلما وقعت منك زلة فبادر بالتوبة والإصلاح، وكن متفقها في دينك، لا تنشغل بحظك من الدنيا عن حظك من الآخرة، بل اجعل للدنيا وقتا، وللتعلم وللتفقه في الدين، والتبصر والمطالعة والمذاكرة والعناية بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وحضور حلقات العلم ومصاحبة الأخيار غالب وقتك، فهذه الأمور هي أهم شأنك، وسبب سعادتك».
    الأخلاق مواهب

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحيسن البدر: عن عبدالله ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «إنَّ الله -تعالى- قَسَمَ بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم»، فالأخلاق هباتٌ من الله، وقسمةٌ منه، وتفضُّلٌ؛ فالذي يُعطي الأرزاق هو الذي يُعطي الأخلاق، قال ابن القيم -رحمه الله-: «فإنَّ الأخلاق مواهب، يهب الله منها ما يشاء لمن يشاء»؛ ولهذا كما أنَّه مطلوب في باب اكتساب الرزق أمران لابد منهما: اللجوء إلى الله -سبحانه وتعالى- والتوكل عليه، والسعي في طلب الرزق من وجوهه المشروعة المباحة، فكذلك في باب الأخلاق مطلوب اللجوء إلى الله -تعالى- ليمن علينا بالأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة، مع السعي ومجاهدة النفس على تحقيقها.
    اتركُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا
    عن أبي هريرة- رضي الله عنه -، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: «تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يَومِ خَمِيسٍ واثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ- في ذلكَ اليَومِ، لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، إلَّا امْرَءًا كانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ، فيُقالُ: اتركُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا، اتركُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا».
    الاستعانة بالله والتوكل عليه

    قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: إن الله -تعالى- قد ينزل البركة للإنسان في وقته؛ بحيث يفعل في الوقت القصير ما لا يفعل في الوقت الكثير، ومن أعظم ما يعينك أن تستعين بالله -عزوجل- في جميع أفعالك، بأن تجعل أفعالك مقرونة بالاستعانة بالله حتى لا توكل إلى نفسك؛ لأنك إن وكلت إلى نفسك وكلت إلى ضعف، وعجز وإن أعانك الله فلا تسأل عما يحصل لك من العمل والبركة.
    فن التواصل مع الآخرين
    يُعد التواصل مع الآخرين بأمانة وصدق من الأخلاقيات التي حثَّ عليها الإسلام؛ حيث أكد ضرورة إحياء الروابط الإنسانية وزرع المحبة وتنميتها في النفوس، لتؤدي بدورها إلى تقوية التعاون في إطار العلاقات الطيبة البناءة، ومن ثم خَلق مجتمعات فاضلة متماسكة ومتمسكة بدينها وقيمها، وفي الوقت نفسه تخلو من المنازعة والمشاجرة.




  13. #53
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1204


    الفرقان





    بأخلاقنا لا بأخلاقهم
    الإنسان منا يجب عليه أن يتعامل مع الناس بأخلاقه، لا بأخلاق الناس ومعاملتهم؛ لأنَّ الناس منهم الكاذب، ومنهم المنافِق، ومِنهم الغشاش، وغير ذلك؛ فلو أنَّك عاملت كل صنف من الناس بمعاملته وبأخلاقه، اجتمعت فيك كل مساوئ الأخلاق التي في الناس، ولتعلم أن: «كل إناء بما فيه يَنضح»، عامِلِ الناس بأخلاقك لا بأخلاقِهم؛ فإن لم يكونوا أهلًا للجنة بأخلاقهم، فكن أنت أهلًا للجنَّة بخلُقِك.
    الشباب والتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
    الشابُّ المسلم شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان ذا خُلق عظيم، بشهادة الله -تعالى- له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، فكان - صلى الله عليه وسلم - خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ». فالشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم -؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا»، ومن أهم صفات الشاب صاحب الأخلاق أنه رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، لقول الله -عزوجل- لنبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم -: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: 159)، و»لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا»، ولا يغضب، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم - أَوْصِنِي، قَالَ: «لَا تَغْضَب، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ»، وإذا غضب لا يغضب إلَّا لدين الله كما رُوي عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاةِ فِي الفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلانٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -، مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ»، شعاره الرفق واللين، فالله يقول لموسى وهارون -عليهما السلام-، لما أرسلهما إلى طاغية الأرض فرعون؛ قال -تعالى-: { فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } (طه: 44)، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم - مادِحًا للرِّفْق ذامًّا لغيره: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ».
    الركائز الثلاث الأساسية
    المعاملة الحسنة مع الناس مِن حسْن الخلُق، وحسْن الخلُق من الركائز الثلاث الأساسية التي قام عليها الإسلام؛ وهي: العقائد، والعبادات، والمعاملات؛ لذلك حثَّنا المولى تبارك و-تعالى- على حسْن الخلق في كتابه الكريم إذ يقول: {وَالْكَاظِمِين الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 134)، وقد جمع الله مكارم الأخلاق في آيةٍ واحدةٍ فقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف: 199)، قال مجاهد: «خذ العفو، يعني: العفو من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تجسُّس، وذلك مثل قبول الاعتذار، والعفو، والمساهلة، وترك البحث عن الأشياء، ونحو ذلك».
    درر من أقوال العلماء
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «إذا افتقر العبدُ إلى اللَّه ودَعَاهُ، وأدمنَ النَّظَر في كلام اللَّه، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكلام الصحابة والتابعين وأئمَّة المسلمين: انفَتَحَ له طريق الهُدَى».
    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: من أراد عز الدنيا، والرزق الحلال فيها، والنعيم في الآخرة، فعليه بالتقوى.
    قال العلامة محمد بن عثيمين -رحمه الله-: ينبغي لكُلِّ إنسان رأى من النّاس جمعًا أو عدوانًا عليه أن يقول: «حسبنا الله ونعم الوكيل»؛ فإذا قال هكذا، كفاهُ الله شرّهُم، كما كفى إبراهيم ومحمدًا -عليهما الصّلاة والسّلام.
    قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله -تعالى-: الفتن مثل الطوفان، ولا ينجي منها إلا التمسك بالسنة، ولا يمكن أن تتمسك بالسنة إلا إذا عرفتها.
    صفات من يقتدى بهم
    قال ابن القيم -رحمه الله- في الكلام على قوله -تعالى-: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: 28)، «فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر: هل هو من أهل الذكر أو هو من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى، وهو من أهل الغفلة، وأمره فرط لم يقتد به ولم يتبعه، فإنه يقوده إلى الهلاك، ومعنى الفرط هو التضييع، أي: أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به، وبه رشده وفلاحه ضائع قد فرط فيه.
    من أخلاق الشاب المسلم
    من أخلاق الشاب المسلم أنه لا يقابل السيئة بالسيئة؛ وإنما يقابلها بالحسنة؛ لأنه يريد أن يكون من ذوي الحظ العظيم؛ كما قال الله: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34، 35)، ولا يرفع صوته على أبٍ أو أمٍّ؛ لقوله -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23).
    الاقتداء بالصحابة فضيلة
    أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنهم، وأوجب لهم الجنة -كما في كتابه-، هم قدوتنا: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (التوبة:100)، يجب علينا أن نتأسى بهم، وأن نقتبس من أفعالهم الحسنة؛ لأن الله رضي عنهم، رضي عنهم بالإيمان، ورضوا عنه بالثواب، رضي عنهم في العبادة، ورضوا عنه بالجزاء، ورضي عنهم بطاعتهم لنبيه -صلى الله عليه وسلم -، ورضوا عنه بقبول وحيه وشرعه، هؤلاء قدوتنا، الذين حملوا الدين، وانتشر بهم الإسلام.
    خصال التائبين
    قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: «وخصال التائب قد ذكرها الله في آخر سورة براءة، فقال: {*التَّائِبُونَ *الْعَابِدُونَ}، فلابد للتائب من العبادة والاشتغال بالعمل للآخرة، وإلا فالنفس إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل، فلابد للتائب من أن يبدل تلك الأوقات التي مرت له في المعاصي بأوقات الطاعات، وأن يتدارك ما فرط فيها، وأن يبدل تلك الخطواتِ بخطوات إلى الخير، ويحفظ لحظاتِه وخطواتِه، ولفظاتِه وخطراتِه.
    عظم أمنيات الصحابة تدل على عظم نفوسهم
    شباب الصحابة كانت أمنياتهم تدل على ما فيه نفوسهم، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لشاب صغير من الصحابة، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي: (سل) اطلب ما تريد (سل)، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: (أو غير ذلك؟) قلت: هو ذاك، قال: (فأعني على نفسك بكثرة السجود).
    يا خير جيل على الأرض التي بُسطت
    ما سار مثلكم في البر والبحر
    يا خير جيل صحبتم خير من وطأت
    أقدامه الأرض في حل وفي سفر
    فرسان حرب إذا ما الحرب قد حميت
    رهبان ليل إذا ما جُلْت في السحر
    هم الذين لشرع الله قد حملوا
    هم الهداة بآي الله والسور



  14. #54
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1205


    الفرقان



    هنيئًا للشباب الأتقياء
    هنيئًا لشاب تقي تعلّق قلبه بعبادة ربه، واعتاد المساجد لتأدية الصلوات المكتوبة وللجلوس في مجالس الخير، وعمل الصالحات وقراءة القرآن وذكر الله، وسار في الطريق الصحيح السليم، ومن تعوّد الطاعة في صغره يفعلها سجية في كبره، وما أكثر الشباب الذين تعلقت قلوبهم بالعبادة والتقى! آخذين بأزمة نفوسهم نحو رضا الله -سبحانه وتعالى-، يرجون رحمته ويخافون عذابه؛ فهؤلاء الصنف من الشباب هم الذين عناهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله:
    شاب نشأ في عبادة الله
    عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعةٌ يظلُّهم الله في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله، ورجلٌ معلَّقٌ قلبُه في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه. ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِماله ما تُنفِقَ يمينُه، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضَتْ عيناه»، وحديثنا عن هذا الشاب الصالح الذي نشأ على طاعة الله -تعالى-، فعلم أنه مسؤولٌ عن شبابه فيما أبلاه، وعمل بوصية نبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم - التي أوصى بها؛ حيث قال: «اغْتَنِم خمسًا قبل خَمْسٍ: شبابَك قبل هَرَمِكَ، وفراغَك قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك، وصحتَك قبل سقمك، وغِنَاك قبل فَقْرك»، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قَدَما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمسٍ: عمره فيم أفناه؟، وعن شبابه فيم أبلاه؟، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟، وماذا عمل فيما عَلِم؟»، فهذا الشاب وفَّقَهُ الله -منذ نَشأ- للأعمال الصالحة، وحبَّبها إليه، وكَرَّه إليه الأعمال السيئة، وأعانه على تركها: إما بسبب تربية صالحة، أو رِفْقة طيبة، أو غير ذلك؛ وقد حفظه الله من اللهو واللَّعب المذمومين، وإضاعة الصلوات، وقد أثنى الله على هذا النشء المبارك بقوله: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13).
    قم فأدِّ دورك في الحياة
    الشاب الإيجابي يعلم أنه لم يأت إلى الدنيا ليعيش بلا رسالة ولا هدف، ثم يخرج بلا أثر، إنما جاء في هذه الحياة ليترك فيها بصمته؛ لذلك لَمَّا أتى النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- الوحي، وأصاب منه ما أصاب، وهزَّه هزةً شديدة، أسرع إلى خديجة يقول: «زملوني زملوني، دثروني دثروني»، فإذا بالحق يوحي إليه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (المزمل: 1 - 4)، وفي الأخرى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (المدثر: 1 - 5)، أي قم فأدِّ دورك في هذه الحياة؛ فقد مضى وقت النوم، أنت الآن مرسل من قبل رب العالمين بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.
    الْأَخْلَاقُ مَنَائِحُ
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الموفق من يجاهد نفسه على القيام بمحاب الله مستعينًا به وحده راجيًا مده وعونه، ملتمسًا أن يمنحه من منائح رفده ومواهب بره، لا يأتي بالحسنات إلا هو ولا يدفع السيئات إلا هو، يهدي لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو، ويصرف عن سيئها لا يصرف عن سيئها إلا هو، قال طَاوُسٍ بن كيسان -رحمه الله-: «إِنَّ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ مَنَائِحُ يَمْنَحُهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ -عَزَّوَجَلَّ- بِعَبْدٍ خَيْرًا مَنَحَهُ مِنْهَا خُلُقًا صَالِحًا».
    أكرم الناس نفسًا وأطيبهم قلبًا
    الشاب المؤمن التقي، أكرم الناس نفسًا، وأنداهم كفًّا، وأطيبهم قلبًا، وأرقهم عاطفة، وأصدقهم عزمًا، هو الذي يجلّ الكبير ويحترمه، ويحنّ على الصغير ويرحمه، فلا تسمعه إلا مهنئًا أو معزيًا أو مشجعًا أو مسلِّمًا، ولا تراه إلا هاشًّا باشًّا طلق الوجه مبتسمًا، يحلّيه إيمانه بمكارم الأخلاق، وجدير بشاب هذا شأنه أن يكون آمنًا إذا فزع الناس أجمعون، وأن يظله الله - تحت ظل عرشه يوم القيامة: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13).
    ألا بذكرِ اللّه تطمئنُّ القلوب
    قال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله تعالى في تفسيره-: ذَكَرَ الله -تعالى- علامة المؤمنين، فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ}؛ أي: يزول قلقها واضطرابها، وتحضُرُها أفراحها ولذَّاتها، {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}؛ أي: حقيق بها وحريٌّ ألا تطمئنَّ لشيءٍ سوى ذكره؛ فإنَّه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها والأنس به ومعرفته، وعلى قَدْرِ معرفتها باللّه ومحبَّتها له يكون ذِكْرُها له.
    شكر نعم الله -عز وجل
    قال الشيخ: عبدالمحسن العباد البدر: إن أعظم نعمة أنعم الله بها على المسلمين أن هداهم للإسلام وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وهي النعمة التي لا يماثلها نعمة ولا يدانيها نعمة، ومن أعظم نعم الله على المسلم بعد نعمة الإسلام نعمة العقل ونعمة الصحة والعافية، ومن شكر الله -عزوجل- على هذه النعم أن يستعملها المسلم في طاعة الله، وفي كل ما فيه سعادته في الدنيا والآخرة، وألا يستعملها في معصية الله ولا في ما فيه مضرته في الدنيا والآخرة.
    الشباب الذي نريد
    إننا نريد شبابًا طامحين، لا يرتضون إلا ذرى الجبال مطيةً لهم، ونريدُ شبابًا على طريق الهدى والتقى سائرين، وبنهج سيدنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - مقتدين، نريد من شبابنا أن يتجهوا صوب المعالي، وأن يسلكوا سبل الرشاد، وأن يديروا ظهورهم لهذا السيل الغازي من الأفكار الوافدة التي تتعارض مع ديننا وقيمنا وأخلاقنا، إننا اليوم في حاجة شديدة إلى الشباب المؤمن، الذي يشعر بواجبه تجاه دينه وأمته، شباب يعرف ما عليه من واجبات، وما له من حقوق.
    من وصايا الحكماء للأبناء
    يا بني: إذا رأيت قومًا يذكرون الله فاجلس معهم؛ فإن تك عالمًا ينفعك علمك، وإن تك جاهلًا يعلموك.
    يا بني: إياك وصاحب السوء! فإنه كالسيف يحسن منظره، ويقبح أثره.
    يا بني: احذر الحسد! فإنه يفسد الدين، ويضعف النفس، ويعقبه الندم.
    يا بني: لا تؤخر التوبة؛ فإن الموت يأتي بغتة.
    يا بني: إذا كنت في الصلاة فاحفظ قلبك، وإن كنت في بيت الآخر فاحفظ بصرك، وإن كنت بين الناس فاحفظ لسانك.
    من روائع الشعر
    شباب ذللوا سبلَ المعالي
    وما عرفوا سوى الإسلام دينا
    إذا شهدوا الوغى كانوا كماةً
    يدكون المعاقل والحصونا
    وإن جنَّ المساء فلا تراهم
    من الإشفاق إلا ساجدينا
    وما عرفوا الأغاني مائعات
    ولكن العلا صيغت لحونا
    ولم يتشدقوا بقشور علم
    ولم يتقلبوا في الملحدينا
    كذلك أخرج الإسلام قومي
    شبابًا مخلصًا حرًّا أمينا
    وعلمه الكرامة كيف تُبْنَى
    فيأبى أن يذل وأن يهونا


  15. #55
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1206


    الفرقان





    الشاب المستقيم في ظل عرش الرحمن
    الشاب المستقيم في ظل عرش الرحمن يوم القيامة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعةٌ يظلُّهم الله -تعالى- في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله، ورجلٌ معلَّقٌ قلبُه في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِماله ما تُنفِق يمينُه، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضَتْ عيناه».
    من أسباب استقامة الشباب
    لا شك أن الله -عزوجل- جعل للاستقامة على الدين والخير أسبابًا برحمته وفضله، فمن أخذ بهذه الأسباب جنى ثمارها اليانعة، وتتلخص هذه الأسباب في أمور عدة: أولها: وجود القدوة الحسنة
    فوجود القدوة الحسنة للشاب في التربية والرعاية الحسية والمعنوية سبب مهم من أسباب استقامته؛ لذلك ينبغي على الشباب البحث عن القدوة الحسنة، وأسمى قدوة حسنة في حياتنا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو الأسوة الحسنة، ثم العلماء الربانيون الذين ساروا على منهج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته. ثانيًا: الارتباط بالمساجد
    من أسباب استقامة الشباب الارتباط بالمساجد لأداء الفرائض، والحرص على السنن الرواتب، ولا سيما الوتر وسنة الفجر، والحرص على قيام الليل، فالتزام الشباب بذلك له أعظم الأثر في حسن سلوكهم، وسداد حالهم، وصلاح نفوسهم وقلوبهم، وفي استقامتهم وفي الثبات على هذه الاستقامة. ثالثًا: مجالسة العلماء
    من أسباب استقامة الشباب الحرص على مجالسة العلماء وطلبة العلم الشرعي، واختيار الصاحب الصالح، والصديق الذي يعين على الخير، الذي شبهه النبي - صلى الله عليه وسلم - بحامل المسك الذي إذا جلست إليه إما أن يعطيك من المسك وإما أن تجد منه ريحا طيبة. رابعًا: استثمار أوقات الحياة
    من أسباب استقامة الشباب استثمار أوقات الحياة في كل علم نافع وعمل صالح، بل وفي كل ما من شأنه أن يكون نافعًا في دينهم ودنياهم؛ فالشباب مسؤولون أمام الله -عزوجل- عن أعمارهم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟». خامسًا: الحذر من أصحاب السوء
    إنَّ مجالسة الأشرار والسفهاء والفساق، تؤثر على استقامة الشباب، فليس عند هؤلاء إلا لغو القول، وقبيح الفعل، وسوء الخلق، وعاقبة ذلك خسارة الدنيا والآخرة، والنبي -صلى الله عليه وسلم - شبه الصاحب السيء بنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا كريهة.
    الحذر من إضاعة الأعمار والأوقات
    احذروا يا شباب أشدَّ الحذر من هدر أعماركم في غير طاعة واجتهاد، أو إضاعته في الذُّنوب والسيئات! فإنَّ الخاسر يومَ القيامة من يَجد نفسَه بلا حسنات تثقل ميزانه، فيتمنى يومَها العودة إلى دار العمل، فلا يُجاب، كما أخبر الله - تعالى - عن هذا الصنف في كتابه؛ فقال -تعالى-: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون: 99 - 104).
    الطريق الأمثل للاستقامة
    قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: إن الطريق الأمثل ليسلك الشباب طريق الاستقامة في الدين هو أن يستقيم على النهج القويم بالتفقه في الدين ودراسته، وأن يعنى بالقرآن الكريم والسنة المطهرة، وأنصحه بصحبة الأخيار والزملاء الطيبين، وملازمة العلماء المعروفين بالاستقامة حتى يستفيد من علمهم ومن أخلاقهم، كما أنصحه بالمبادرة بالزواج، وأن يحرص على الزوجة الصالحة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
    كن دائمًا مع الله -تعالى
    من وصايا الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- للشباب: احرص على أن تكون دائماً مع الله -عزوجل- مستحضراً عظمته متفكرًا في آياته الكونية مثل خلق السموات والأرض وما أودع فيهما من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله ولا سيما خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن يكون قلبك مملوءًا بتعظيم الله -عزوجل- حتى يكون في نفسك أعظم شيء، وباجتماع محبة الله -تعالى- وتعظيمه في قلبك تستقيم على طاعته قائماً بما أمر به لمحبتك إياه تاركاً لما نهى عنه لتعظيمك له.
    الشباب وعلو الهمة
    دعا القرآن الكريم المؤمنين إلى علو الهمة في الأعمال الصالحة، قال -تعالى-:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وقال -تعالى-:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ}، ويقول ابن القيم: «وهمة المؤمن إذا تعلقت بالله-عزوجل- طلبا صادقا خالصًا محضًا، فتلك هي الهمة العالية»، فعلى المؤمن أن يوجه همته لعلو الدين.
    السعيد من اتعظ بغيره
    قال مطرف: «اللهم إني أعوذ بك، أن يكون أحدٌ أسعد بما علمتني مني، وأعوذ بك أن أكون عبرة لغيري»، يا لها من دعوة عظيمة وصفها شيخ الإسلام ابن تيمية بأنَّها (من أحسن الدعاء)، ومن لم يعمل بعلمه ودعا الناس إليه كانوا أسعد بعلمه منه، ومن لم يعتبر بحال غيره من المفرطين الذين سبقوه كان لمن بعده عبرة.
    حال الناس مع الحق
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الناس في تحري الحق وطلبه قسمان: قسم يريده ويطلبه وإذا ظفر به فرح وتلقاه بالقبول، وقسم آخر نفسه عازفة عن الحق وغير مقبلة عليه، وإذا عرض له شيء من الحق تكلف في رده، ولكلٍّ منهما علامة، قال الدارمي -رحمه الله في كتابه الرد على الجهمية-: «الَّذِي يُرِيدُ الشُّذُوذَ عَنِ الْحَقِّ، يَتَّبِعُ الشَّاذَّ مِنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، وَيَتَعَلَّقُ بِزَلَّاتِهِمْ، وَالَّذِي يَؤُمُّ الْحَقَّ فِي نَفْسِهِ يَتَّبِعُ الْمَشْهُورَ مِنْ قَوْلِ جَمَاعَتِهِمْ، وَيَنْقَلِبُ مَعَ جُمْهُورِهِمْ».
    علو الهمة عند شباب الصحابة
    «كان شباب الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- يتأسون بنبيهم وفخرهم في الدنيا والآخرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأوصلتهم همتهم إلى العلياء؛ فقد أسلم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو ابن ثماني سنين، ودعت همة أرقم بن أبي الأرقم لأن يفتح داره للدعوة في أول الإسلام، ويتعلم زيد بن ثابت لغة اليهود في نصف شهر، ولقد دفعت همة ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه -، أن يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -،: «أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار»؛ لما قال له رسول الله- - صلى الله عليه وسلم - «سلني يا ربيعة أعطك




  16. #56
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1207


    الفرقان




    حاجتنا إلى قدوات ونماذج عملية
    لابد للشباب المسلم أن يتمثل العقيدة ويتشربها لتتحول إلى واقع عملي في حياته وفي تعامله مع الأنام، تأسياً بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، الذين تحولوا إلى نماذج فريدة سلوكاً وإخلاصاً وطهراً، وهو المطلوب اليوم في واقعنا؛ فالمطلوب إخراج نماذج وقدوات عملية تدعو بواقعها كما تدعو بلسانها، وتعيش بهذا الدين وتنعم به، وتُنعم غيرها برؤيته واقعا مُعاشا فتنجذب له النفوس وتَصلح به أخلاق وأحوال.
    الخير كله في الشباب
    اعتنى الإسلام بالشباب عناية فائقة، ووجههم توجيها سديدا نحو البناء والنماء والخير، واهتم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالشباب اهتماما كبيرا، فقد كانوا الفئة الأكثر التي وقفت بجانبه في بداية الدعوة فأيدوه ونصروه ونشروا الإسلام وتحملوا في سبيل ذلك المشاق والعنت.
    قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «ما آتى الله -عز وجل- عبدا علما إلا شابا، والخير كله في الشباب»، ثم تلا قوله -عز وجل-: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}، وقوله -تعالى-: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}، وقوله -تعالى-: {وآتيناه الحكم صبيا}، وعمل - صلى الله عليه وسلم - على تهذيب أخلاق الشباب، وشحذ هممهم، وتوجيه طاقاتهم، وإعدادهم لتحمل المسؤولية في قيادة الأمة، كما حفزهم على العمل والعبادة، فقال -صلى الله عليه وسلم -: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وعد منهم: «شاب نشأ في عبادة الله»، وحث الرسول - صلى الله عليه وسلم - الشباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة، أقوياء في البنيان، أقوياء في العمل، فقال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير»، غير أنه نوه إلى أن القوة ليست بقوة البنيان فقط، ولكنها قوة امتلاك النفس والتحكم في طبائعها، فقال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».
    المؤمن صاحب همة عالية
    إن المؤمن بالله ولقائه عالي الهمة سامي الهدف؛ ولذا يغتنم كل حال من أحواله، وكل لحظة من لحظات عمره فيما يقربه إلى الله -تعالى- ويرفع درجته عنده، ويحصل به مغفرته ورحمته، مهتديًا بالقرآن وبما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيان فيخلص التوحيد، ويحافظ على الصلوات المكتوبات، ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج ويعتمر، ويجاهد ويصبر ويصل الرحم ولو قطعت، ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ويعطي كل ذي حق حقه؛ فيفعل الخير ويعين على البر وييسر ولا يعسر، ويقول الكلمة الطيبة ويجود بالصدقة والنفقة ولو بالتمرة؛ فإن الله -تعالى- يقبلها ويربيها لصاحبها حتى تكون كالجبل العظيم، ويلهج بالباقيات الصالحات: (سبحان الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)؛ فإنها غراس في الجنة، وبها تبنى قصور الجنة، ويرحم البهيمة حتى يسقى الكلب من العطش؛ لأنه من أسباب المغفرة، ويميط الأذى عن الطريق؛ فإنه سبب لدخول الجنة، ويصدق في بيعه وينصح لكل مسلم، ويحسن إلى أصحابه وجيرانه، ويهدي لإخوانه، ويحب للناس ما يحب لنفسه، ويكره لهم من الشر كما يكرهه لنفسه.
    القرآن الكريم يدعونا لعلو الهمة
    دعا القرآن الكريم المؤمنين إلى علو الهمة في الأعمال الصالحة، قال -تعالى-:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وقال -تعالى-:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ}، ويقول ابن القيم: «وهمة المؤمن إذا تعلقت بالله-عز وجل- طلبا صادقا خالصا محضا، فتلك هي الهمة العالية»، «وعلى المؤمن أن يوجه همته لعلو الدين»، ويمدح القرآن الكريم رجالا لم تشغلهم تجارتهم، ولا بيعهم عن عبادة الله -عز وجل-؛ لهمتهم العالية، قال -تعالى-: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} وآخرون دعتهم المضاجع للنوم والراحة، ولكنهم رفضوها مع نعومتها، واحتياجهم لها، يدعون ربهم خوفا وطمعا، قال -تعالى-: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَهُمْ يُنفِقُونَ}، وكان الجزاء على قدر الهمم، قال -تعالى-: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي: «فكان الجزاء من شيء نفيس تقرّ به أعينهم وتسرّ».
    أثر عقيدة الإيمان في السلوك والأخلاق
    إن سلوك الإنسان وأخلاقَه وتصرفاتِه في الحياة مظهرٌ من مظاهر عقيدته في حياته الواقعية وممارساته اليومية، فإن صلَحت العقيدة الإيمانية صلَح السلوك واستقام، وإذا فسَدت فسد واعوجَّ، ومن ثَمَّ كانت عقيدة التوحيد والإيمان بالله ضرورةً، لا يستغني عنها الإنسان؛ ليستكمل شخصيته، ويحقق إنسانيته، وقد كانت الدعوة إلى عقيدة التوحيد أول شيء قام به الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتكون حجر الزاوية في بناء الأمة المسلمة. فثمرة كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) ثمرة طيبة تُؤتِي أُكُلَها في كلِّ حين بإذن ربها، والمؤمن كذلك لا يزال يُرفع له عمله الصالح في كل وقت حتى بعد مماته، وقد قال الله عنها: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (إبراهيم: 24 - 25).
    غاية المسلم الأساسية من الأخلاق
    غاية المسلم الأساسية في أخلاقه، أن يحقق مرضاة ربِّه في الآخرة، قال -تعالى-: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (الزلزلة: 7، 8)، كما أن المسلم يحقِّق سعادته في الدنيا قبل الآخرة، يقول -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28)، فالسرور ثمرة عملية لمن يتحلَّى بالأخلاق الفاضلة، والطمأنينة القلبية والشعور بخيرية الذات وخيرية المصير، وهذه من ثمرات الانسجام بين الإيمان والأخلاق، وذلك نتيجة طبيعية؛ لأن الإنسان عندما يتصرَّف بمقتضى عقيدته يشعرُ بأنه إنسان خيِّر قويُّ الإرادة، يتغلب على نوازعه الشريرة وشهواته، ويرتفع بنفسه إلى ما يُرضِي ربه، هذا في الدنيا، فهو في كل عمل يعمله - سواء كان هذا العمل مع نفسه، أم مع ربه، أم مع الناس - يدرك أن الله معه، ويتذكر دائمًا أن الله مطَّلع عليه، يقول: «الله مطلع علي، الله يراني»، ويتذكر قوله -تعالى-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق: 18)، رقابة من الله ومن الملائكة لحظة بلحظة، فهل يمكن أن يفكِّر أن يعصيه، أو يتمرد عليه وهو تحت رقابته؟ وإذا هو استطاع أن يفلت من عقوبة الدنيا ومحاكم الدنيا، فهل يمكنه أن يهرب من عقوبة الله في الآخرة؟ قال -تعالى-: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (الأنبياء: 47).
    حكم ترك الصلاة في جماعة

    قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: ترك الصلاة في الجماعة دون عذرٍ من باب المعاصي؛ لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالصلاة في جماعةٍ، وقال للأعمى لما قال له: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، قال: هل تسمع النِّداءَ بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب.
    حال الناس مع الحق

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الناس في تحري الحق وطلبه قسمان: قسم يريده ويطلبه وإذا ظفر به فرح وتلقاه بالقبول، وقسم آخر نفسه عازفة عن الحق وغير مقبلة عليه وإذا عرض له شيء من الحق تكلف في رده، ولكلٍّ منهما علامة، قال الدارمي -رحمه الله- في كتابه الرد على الجهمية: «الَّذِي يُرِيدُ الشُّذُوذَ عَنِ الْحَقِّ، يَتَّبِعُ الشَّاذَّ مِنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، وَيَتَعَلَّقُ بِزَلَّاتِهِمْ، وَالَّذِي يَؤُمُّ الْحَقَّ فِي نَفْسِهِ يَتَّبِعُ الْمَشْهُورَ مِنْ قَوْلِ جَمَاعَتِهِمْ، وَيَنْقَلِبُ مَعَ جُمْهُورِهِمْ».




  17. #57
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1208


    الفرقان




    حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته
    حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته كثيرة وهي حقوق يجب على كل فرد معرفتها والعمل بها وتطبيقها قولاً وعملاً؛ إذ كيف يدعي مسلم حب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم لا يقوم بما هو مطلوب منه تجاه من يحب؛ فالخير كل الخير فيما أمر به -عليه الصلاة والسلام- أو حث أمته عليه، والشر كل الشر في مخالفة أمره ونهيه، وقد حذر المولي -عزوجل- من مخالفة أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم ! فقال -تعالى- {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: 63).
    الشباب ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم
    محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليست كلامًا يُقال، ولكنها متابعة له وترَسُّم هديه في كل أمر من أمور الدِّين والدنيا، فلا ينبغي للمسلم الصادق أن يقدم هواه ومراد نفسه على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -. فمحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - تقتضي قبول ما جاء به، فيصدقه فيما أخبر، ويطيعه فيما أمر، وينتهي عن كل ما حذَّر منه وزجر، بل وتقتضي حسن التأسي به -عليه الصلاة والسلام- في كل شيء، وتحقيق الاقتداء به في أخلاقه وآدابه ونوافله وتطوعاته، وأكله وشربه ولباسه، وجميع أموره، فيا أيَّها الشباب المحبون لرسولكم محمد - صلى الله عليه وسلم -، تمسكوا بسنته، واتبعوا هديه ظاهرًا وباطنًا، في عبادته، وفي أخلاقه، وفي معاملاته، بل في طريقة أكله وشربه وهيئة جِلسته؛ فالمحبة ليست كلامًا يقال، ولا شعارات ورايات تُرفع، لكن محبة المصطفى متابَعة وتطبيق، وتنفيذ لأوامره، واجتناب نواهيه، والتسليم له في كل شيء، كما قال ربَّنا -عز وجل-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
    الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
    من حق النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته أن يصلوا عليه كلما ذكر اسمه -عليه الصلاة والسلام-، قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب: 56)، فالصلاة والسلام عليه واجبة على كل مؤمن ومؤمنة في بعض الأوقات، ومستحبة في أوقات أخرى؛ لما في ذلك من الأجر العظيم من الله -جل وعلا-، ولما في ذلك أيضًا من طاعة لله -تعالى- عندما أمر المؤمنين بالصلاة والسلام عليه.
    من جواهر الكلام
    عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «لَا يَرْجُو عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ، وَلَا يَخَافَنَّ إِلَّا ذنبه» هذه الكلمة كما قال ابن تيمية -رحمه الله- من جواهر الكلام ومن أحسنه وأبلغه وأتمه، فمن رجا نصرا أو رزقا من غير الله خذله الله، والرجاء يكون للخير، والخوف يكون من الشر، ففي الترمذي عن أنس - رضي الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟، قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -[-: لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ».
    علمني شيخي
    علمني الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- أنَّ الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، كما دلت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في مواضع كثيرة، فإذا اجتهد العبد في طاعة الله زاد إيمانه، وإذا أتى بعض المعاصي أو ترك بعض الواجبات نقص إيمانه، والحب في الله والبغض في الله من الإيمان؛ فحب المؤمنين حب للرسل وحب لما شرع الله من الإيمان، فالإيمان: قول وعمل، تصديق بالقلب وقول باللسان، وعمل بالقلب والجوارح، والإيمان يزيد وينقص.
    حقيقة العبادة
    قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: العبادة هي التقرب إلى الله -تعالى- بما شرعه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وهي حق الله على خلقه، وفائدتها تعود إليهم، فمن أبى أن يعبد الله فهو مستكبر، ومن عبد الله وعبد معه غيره فهو مشرك، ومن عبد الله وحده بغير ما شرع فهو مبتدع، ومن عبد الله وحده بما شرع فهو المؤمن الموحد، ولما كان العباد لا يمكنهم أن يعرفوا بأنفسهم حقيقة العبادة التي ترضي الله -سبحانه- وتوافق دينه، أرسل إليهم الرسل، وأنزل الكتب لبيان حقيقة تلك العبادة، كما قال -تعالى-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} (النحل:36).
    المسجد الأقصی
    المسجد الأقصى أولى القبلتين في الإسلام، يقع داخل البلدة القديمة بالقدس في فلسطين، وهو كامل المنطقة المحاطة بالسور، واسم لكل ما هو داخل سور المسجد الأقصى الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة المسورة، تبلغ مساحته قرابة 144,000 متر مربع، ويشمل قبة الصخرة ومعالم أخرى يصل عددها إلى 200 معلم، ويقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تُسمى هضبة موريا، وتعد الصخرة أعلى نقطة فيه، وتقع في قلبه، وسُمِّيَ الأقصَى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام، وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يعظَّم بالزيارة.
    قدر الأدب في الدين
    قال عبد الله بن المبارك: «كاد الأدب أن يكون ثلثي الدين»، إنَّما كان الأدب بهذه المكانة؛ لأنَّه خُلق عظيم يكون في العبد؛ فيحمله على فعل ما يُحمد من الأقوال والأعمال، فما استُجلبت الخيرات بمثله، وما استُدفعت الشـرور بمثله، يقود صاحبه إلى كلِّ فضيلة وخير، ويحجزه عن كلِّ سوء وشرّ، وهو عنوان فلاحه وسبيل سعادته في دنياه وأخراه.
    السنَّةُ سفينة النجاة
    قال مالك بن أنس -رحمه الله-: «السنَّةُ سفينةُ نوحٍ، مَن ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق»، وكان علماء السلف -رحمهم الله- يقولون: الاعتصام بالسنة هو النجاة، فكيف يرجو نجاة من تخلف عن سبيل النجاة وأخذ في سبل الهلكة، وما أجمل هذا التشبيه للسنة بالسفينة !.
    هذه عقيدتنا
    إنَّ مِنْ عقيدة أهْل السُّنَّة والجماعة حبَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الطحاوي - رحمه الله -: «ونحبُّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نفرِّط في حب واحدٍ منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم،.... ولا نذكُرهم إلا بخير، وحبُّهم دين وإيمان وإحسان».




  18. #58
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1209


    الفرقان




    العمل التطوعي سعادة
    إن المتطوع في أثناء قيامه بعمله التطوعي، يجد مشاعرَ من السعادة والرضا عن النفس، والراحة النفسية بما قدَّمه من مساعدة للآخرين، وهذه السعادة والطمأنينة مطلب جميع البشر؛ فهم يبحثون عن كل ما يزيل عنهم الغم والهم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتحب أن يلين قلبك، وتُدرِك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطْعِمْه من طعامك يَلِنْ قلبُك، وتُدرِك حاجتك»؛ صحيح الجامع.
    الشباب والعمل التطوعي
    حث الإسلام على التطوع في الكتاب والسنة النبوية، وحثت الكثير من آيات القرآن الكريم على التطوع، قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، ففي هذه الآية تجسيد لمعنى التطوع بين أفراد المجتمع المسلم. وحث على القيام بكل عمل يؤدي إلى البر والتقوى، والمجالات عديدة بين الناس سواء كانت مادية أو معنوية، كما حثت الأحاديث النبوية على التطوع في العديد من المجالات الإنسانية والاجتماعية والخيرية، وجاءت أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيغة العموم في الحث على فعل الخير، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صَنائعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ، وصدَقةُ السِّرِّ تُطفئُ غضبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ تَزيدُ في العُمُرِ»، ويدخل في باب المعروف كل عمل يقوم به الفرد من غير إلزام، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ»، ولما كان الشّباب هم المحرّك الرّئيس للعمل والإنجاز في شتّى أنواع المجتمعات الإنسانيّة، ففئة الشّباب هي التي تمتلك الحماس المطلوب، والتّفكير المُستنير، والطّاقة البَدنيّة العالية التي تُمكِّنهم من القيام بالأعمال التي قد تعجز عنها فئات أُخرى عديدة، ومن هنا فقد ارتبطت أنواعٌ معيّنة من الأعمال بهذه الفئة، ولعلَّ أبرز هذه الأعمال؛ الأعمالُ التّطوّعيّة التي تتّسم غالبًا بالتّنظيم، وتَستهدف تحقيق إنجازات مُتنوِّعة، وخدمةِ المُجتمعِ.
    مفهوم التطوع
    التطوّع هو العمل أو الجهد الذي يُقدّم دون مقابل أو عوض مادي؛ بدافع تحمل مسؤولية معينة، وتقديم خدمة إنسانية للمجتمع أو البيئة، والمتطوع هو الشخص الذي يسخّر نفسه عن طواعية ودون إكراه لمساعدة الآخرين ومؤازرتهم؛ بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد الجماعي في موضوع معيّن، ويسعى العمل التطوعي لخلق روح إنسانية تعاونية بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة؛ فالتطوع ممارسة تتطلب ثقافةً ووعياً بما يقدم لنا وللآخرين؛ لأن التطوع هو منا ولأجلنا، وهو نابع عن خلق العطاء العظيم ويعد عملاً سامياً وجميلاً، انطلاقًا من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «... فالكلمة الطيِبة يتكلم بها الرجل صدقة، وعَون الرجل أخاه على الشيء صدقة، والشربة من الماء يسقيها صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة».
    الطمأنينة في الصلاة

    علمني الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- «أنَّ من أهم أركان الصلاة التي يجب على المسلم رعايتها والعناية بها، الطمأنينة في ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها؛ فكثير من الناس يصلي صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها، ولا شك أن الطمأنينة من أهم أركان الصلاة؛ فمن لم يطمئن في صلاته فهي باطلة».
    حقيقة الدنيا
    قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: الدنيا ليست بدار مقام، وإنما هي ممر إلى الآخرة، وسوق يتزود منه المسافر زاد سفره، فتزودوا منها بالأعمال الصالحة {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (البقرة:197)؛ فما عيبت الدنيا بأكثر من ذكر فنائها وتقلب أحوالها، وهو أول دليل على انقضائها، وزوالها، فتتبدل صحتها بالسقم، ووجودها بالعدم، وشبيبتها بالهرم، ونعيمها بالبؤس، وحياتها بالموت، وعمارتها بالخراب، واجتماعها بفرقة الأحباب، وكل ما فوق التراب تراب.
    من فتاوى العلماء للشباب
    - سئل الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير: من المعلوم أن الشباب أكثر حماسًا وعاطفة من غيرهم، فما نصيحتك للشباب في هذه الأحداث التي تقاسيها الأمة اليوم في الداخل والخارج؟ فقال: الشباب عليهم أن يلتفُّوا حول العلماء، وألَّا يتفرَّدوا ببعض التصرفات، وهم ينقصهم الخبرة والحنكة؛ لأنهم ما زالوا شبابًا يحتاجون إلى شيء من الخبرة، والأمور إنما تُدرك بالتجارب، والعلماء الكبار أكثر تجربة منهم.
    من توجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب
    كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يولي جانبًا من توجيهاته إلى الشباب فيقول -صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه -: «يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ» ويقول - صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه -: «يا مُعاذُ أتَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى العِبادِ؟، قالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، أتَدْرِي ما حَقُّهُمْ عليه؟، قالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ألا يُعَذِّبَهُمْ»، ويقول -صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة رضي الله عنه وهو طفل صغير وجالت يده في الصفحة-: «يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ».
    أهمية العمل التطوعي للشباب
    تظهر أهمية العمل الاجتماعي التطوعي للشباب بما يحققه من نتائج كثيرة لديهم، من خلال تعزيز الانتماء الوطني، وتنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية العلمية والعملية من خلال مشاركتهم في أنشطة المجتمع المختلفة، وإعطائهم الفرصة لإبداء آرائهم وأفكارهم في القضايا العامة وإبداء الحلول لها.
    مواقف لا تنسى من حياة الصحابة
    قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: كنت بارًّا بأمي، فأسلمت، فقالت: لتدعنَّ دينك، أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتُعيَّر بي، ويقال: يا قاتل أمه، وبقيت يومًا ويومًا، فقلت: يا أماه، لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، ونزلت: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (العنكبوت: 8).
    مفهوم الإحسان
    الإحسان، هو الإتقان والإجادة والإتيان بالعمل على أطيب صورة وأجمل وجه، ويكون في عبادة الخالق، وفي معاملة المخلوق، والإحسان في العبادة بينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، والإحسان في معاملة المخلوق بيَّنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بقوله: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِى يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ»، ومن ثمرات الإحسان محبة الله -عز وجل-: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة:195).




  19. #59
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1210


    الفرقان




    قيمة العلم وأهميته
    علمني الشيخ ابن باز -رحمه الله- «أن العلم هو مفتاح كل خير، وهو الوسيلة إلى أداء ما أوجب الله وترك ما حرم الله؛ فإن العمل نتيجة العلم لمن وفقه الله، وهو مما يؤكد العزم على كل خير؛ فلا إيمان ولا عمل ولا كفاح ولا جهاد إلا بالعلم؛ فالأقوال والأعمال التي بغير علم لا قيمة لها، ولا نفع فيها بل تكون لها عواقب وخيمة، وقد تجر إلى فساد كبير».
    (مجموع فتاوى ابن باز: (4/ 59)
    الشباب والانتماء للوطن
    الانتماء للوطن أمر عُرف في الإسلام، وقد ثبت في القرآن الكريم والسُّنة المطهرة ما يُدَلِّل على أن الانتماء للوطن من منطلق إسلامي صحيح متأصل في النفوس، وكامن في القلوب، يقول الله -تعالى-: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} (النساء: 66). وقال -سبحانه على لسان الرّجل المؤمن-: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْـمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إن جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} (غافر: 29)، وهذا نبي الله موسى- عليه السلام- بعد غربة طويلة الأجل، طلب الرجوع إلى أهله، وحن إلى وطنه، وفي الرجوع إلى الأوطان تقتحم المشاعر والحنين، قال -تعالى-: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا}(القصص:29)، وهذا الانتماء للوطن هو الذي ملك وجدان النبي- [- حتى إنه عبّر عنه حينما أخبره ورقة بن نوفل بإخراج قومه له من وطنه فقال- [-:»أَو مُخْرِجِيّ هم؟!» (البخاري)، وحينما تحقق ما أخبره به ورقة بن نوفل، وقف على الحزورة (سوق)، ونظر إلى البيت وقال:»والله إنك لأحب أرض الله إليّ، وإنك لأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت منك» (الترمذي والنسائي)، وعندما خرج من مكة خرج حزينا مكلومًا فبشره ربه قائلًا: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَاد} (القصص: 85)، وقد جاء في تفسير القرطبي أن النبي لما خرج من مكة مهاجرًا فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة، فأوحى الله إليه هذه الآية.
    طهارة اللسان من السِّباب والكلام الفاحش
    إنّ من أهم صفات المؤمنين، طهارة اللسان من السِّباب والكلام الفاحش، وقد يكون السباب لفظيًّا، مثل الشتائم واللعنات، أو غير لفظي، مثل الإشارات والإيماءات، وكلها تتسبب في إثارة الفتن والصراعات بين الناس، وإفساد العلاقات الاجتماعية، وتحطيم الأخلاق والقيم، وإغضاب الله -تعالى- ودخول النار، لذا على المسلم أن يحفظ لسانه من هذه الآفات، وعليه أن يربي نفسه على قول الخير والابتعاد عن الشر، ويستطيع ذلك بالدعاء والتضرع إلى الله -تعالى- أن يطهّر قلبه ولسانه من السّباب، ويحافظ على قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه، ومجالسة الصالحين، فإنهم يؤثرون في الإنسان بكل خير، ولا بد من تذكر عاقبة السباب وهي دخول النار.
    الباطل لا يرتفع على الحق أبدًا

    قال الشيخ صالح فوزان الفوزان: الذي يظن أن الله يرفع الباطل على الحق، وأن الحق يزول ويذهب وأن الباطل يستمر، هذا ما قَدَرَ الله حق قَدْره، فإن الله -جل وعلا- لا يليق بحكمته أن يرفع الباطل على الحق رفعا مستمرا، وإن حصل شيء على أهل الحق من الهزيمة أو من النكبة فإن هذا شيء مؤقت، فإذا تابوا ورجعوا إلى الله أعاد الله لهم العزة والكرامة.
    مفهوم إتقان العمل
    يُعرف إتقان العمل بأنه أداء العمل دون خللٍ فيه، والالتزام بمتطلّباته والتقيد بضَوابطه، وأدائه في الوقت المحدد دون تأخير، وهو ما يعبر عنه في الإسلام بالإحسان، وهو أيضًا فعل الشيء على أكمل وجه دون تقصير أو نقصان، وهو من الأخلاق التي يحث الدين الإسلامي على الالتزام بها، وهو من الأمور الواجبة فلا ينبغي أن يهمل المسلم عمله أو يسوفه ويقصر في تأديته على الوجه المطلوب، والأدلة على ذلك كثيرة منها: قوله -تعالى-: {وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة: 195).
    إدراك أهمية الإتقان في العمل
    إنّ إتقان الشاب المسلم لعمله واجبٌ شرعيّ وأخلاقيّ، وله آثار عديدة، أبرزها الأجر والثواب الذي أعدّه الله-سبحانه- و-تعالى- في الآخرة لمن أتقن عمله في الدنيا، والتوفيق والنجاح في الدنيا، ودعم النجاح في المُجتمع ورفع مُعدّل الإنتاجِ ونوعيّته، ونشر الخير والفائدة، وإن مَن لا يدرك أهمية العلم ورفع الجهل لن يقدم على التعلم بقوة، ومن لا يدرك أهمية المحافظة على الصحة لن يعير هذا الجانب ما ينبغي من الاهتمام، وكذلك من لا يدرك أهمية الإتقان والإحسان في أداء العمل، فإنه لن يعطيه ما يكفي من الجهد والوقت بل قد تكون أعماله فوضوية عبثية لا تؤتي المرجو منها.
    إتقان العمل.. من أخلاق المسلمين
    يحض الإسلام على إتقان العمل باعتباره وسيلة من وسائل تحصيل الرزق الحلال، ودافع لاستشعار مُراقبة الله -تعالى- في كل خطوة، ومن ثم أداء العمل على أتمّ وجه وأحسن حال، وقد أخبر الله -سبحانه وتعالى-، ونبيه الكريم- صلى الله عليه وسلم - بأنّ العمل عبادة يُؤجر عليها المسلم إنْ قام بها وأدّاها بحقّها، وأخلص في عمله بما أتاه الله من قوّة وعزيمة صادقة، بل إنّ إتقان المسلم لعمله فريضةٌ، سواء كان هذا العمل صَغيرًا أم كبيرًا، بشرط أن يكون صالحًا والنية فيه خالصة لله وحده.
    الدُّر الثَمِيْن مِنْ نَصَائِح ابْنِ عثَيْمِين

    احرص يا بني أن يكون قلبك مملوءًا بتعظيم الله -عزوجل- حتى يكون في نفسك أعظم شيء، وباجتماع محبة الله -تعالى- وتعظيمه في قلبك، تستقيم على طاعته قائماً بما أمر به لمحبتك إياه، تاركاً لما نهى عنه لتعظيمك له، وأن تكون مخلصًا له -جل وعلا- في عباداتك، متوكلاً عليه في جميع أحوالك لتحقق بذلك مقام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
    الصحابة قدوتي
    إن لأصحاب رسول الله علينا معروفًا لا نستطيع رده، لقد نقلوا إلينا نعمة الله الكبرى؛ وهي الدين الإسلامي الذي ارتضاه لنا الله دينًا، وبه قام العدل في الأرض، وبه أصبحنا خير أمة أخرجت للناس، وأصبحنا أعزة آمنين؛ لذلك فإن لأصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - علينا حقوقًا كثيرة، من أهمها محبتهم بالقلب والثناء عليهم باللسان؛ بما لهم من السابقة، وما ثبت لهم من الفضل، وما أسدَوه من المعروف والإحسان، وتحبيبهم إلى الأمة من أجل ذلك، والتلقي عنهم وحسن التأسي بهم في العلم والعمل، والدعوة والأمر والنهي.




  20. #60
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    47,902

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين -1211


    الفرقان




    الصيام عبادة وليس عادة
    قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»، ومعنى قوله: (إيمانًا) أي: إيمانًا بالله وبما أعده من الثواب للصائمين، ومعنى قوله: (احتسابًا) أي: طلبًا لثواب الله، لم يحمله على ذلك رياء ولا سمعة، ولا طلب مال ولا جاه.
    همسات للشباب في رمضان
    الهمسة الأولى: احمد الله -سبحانه وتعالى- - أن بلغك رمضان، فكثير ممن كانوا معنا في رمضان الماضي قد غيبهم الموت، فاحمد الله واشكره أن منّ عليك لتكون ممن يتقرب إليه بفعل الطاعات، وجمع الحسنات، في هذا الشهر المبارك.
    الهمسة الثانية: ليكن رمضان فرصة لك، للابتعاد عن المعاصي وعما يغضب الله - جل وعلا -.. وأعلنها صراحة وداعًا لكل ما يُبعِد عن الله -جل وعلا.
    الهمسة الثالثة: رمضان شهر القرآن، فأوصيك بتدبر معانيه، وفهم آياته، واحرص على قراءته والتلذذ بتلاوته، وليكن لك ورد يومي تقرؤه بتمعن وتدبر.
    الهمسة الرابعة: إياك أن تكون ممن جعل نهار رمضان نومًا وغفلة، وليله سهرًا على معصية الله -سبحانه وتعالى-!، واحرص على أن تملأ نهارك بالذكر وتلاوة القرآن، وليلك بالصلاة والقيام.
    الهمسة الخامسة: أذكرك بأن لله -سبحانه وتعالى- - في كل ليلة عتقاء من النار لمن أتم الصيام، وأدى القيام، وأكثر من الحسنات، وتزود من الطاعات، فلا تغفل عن ذلك، واحرص على أن تكون ممن منحه الله هذه الجائزة العظيمة، جعلني الله وإياك من عتقائه من النار.
    الهمسة السادسة: أوصيك بكثرة حضور مجالس الذكر؛ فإنها مراتع المؤمنين، ومحط الصالحين، يكفيك أن الله -جل وعلا- يذكرك ويثني عليك في الملأ الأعلى، ثم تقوم وقد غُفِرت ذنوبك بإذن الله، فأكثر من الحضور، وداوم على ذلك.
    من فوائد الصوم

    قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: من فوائد الصوم أنه يعرف العبد نفسه وحاجته وضعفه وفقره لربه، ويذكره بعظيم نعم الله عليه، ويذكره أيضًا بحاجة إخوانه الفقراء فيوجب له ذكر شكر الله -سبحانه-، والاستعانة بنعمه على طاعته، ومواساة إخوانه الفقراء والإحسان إليهم، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:183)، فدل ذلك على أن الصيام وسيلة للتقوى، والتقوى هي: طاعة الله ورسوله بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه، عن إخلاص لله -عز وجل-، ومحبة ورغبة ورهبة، وبذلك يتقى العبد عذاب الله وغضبه.
    ما التقوى؟


    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: التقوى أن يتخذ الإنسان الوقاية من عذاب الله، وذلك بأن يقوم بأوامر الله -عزوجل- عن علمٍ وبصيرة، وأن يترك ما نهى الله عنه عن علمٍ وبصيرة، وأما مراتبها فهي تختلف باختلاف ما فعل الإنسان من المأمورات وما ترك من المنهيات، فكلما كان الإنسان أقوم في ثوب الطاعة كان أتقى لله -عزوجل-، وكلما كان أبعد عن محارم الله كان أتقى لله -عزوجل-؛ ولهذا كان أتقى الخلق محمداً - صلى الله عليه وسلم - كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأخشاكم لله وأتقاكم له»؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أقوم الناس بأمر الله وأبعدهم عن محارم الله.
    شهر الصِّيام مدرسة
    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: الصِّيام مدرسةٌ تربويَّةٌ عظيمةٌ مباركَةٌ، يتخرَّج فيها المؤمنون المتَّقون، ويتزوَّد فيها المؤمنون بأعظم زادٍ يمضي معَهم في حياتهم كلِّها، وفي أيَّامهم جميعِها، على أنَّ هذه المدرسةَ لا يستفيد منها كثيرٌ من النَّاس؛ إذ تمضي عليهم هذه المدَّة الشَّريفة وهُم يتعايشون معها تعايشَ الطَّالب البليد في مدرسته يتخرَّج ولا يستفيد، بينما المؤمن المجدُّ الحريص يدخل هذه المدرسة المباركة فيأخُذ منها دروسًا تربويَّةً إيمانيَّةً علميَّةً تمضي معَه في حياته كلِّها.
    لماذا رمضان فرصة؟
    رمضان فرصة حقيقية، لو تفكَّر كل واحد منَّا في طبيعة حياته ومسيرة أوقاته فسيدرك أنَّنا نعيش كل ثانية وكل دقيقة بفرصٍ وأنفاسٍ لن تعود، وأنَّ هذه الأيام التي نقطعها ونفرح بها لبلوغ غاية أو لنيل مقصدٍ محبَّبٍ للنفس، ستؤول في النهاية إلى النقصان من العمر، سواء شعرنا أم لم نشعر، وحينها لا مناص ولا فرار من الله إلا إليه، لاغتنام هذه الأوقات بالنافع المفيد، وترك اللهو واللعب والأوقات الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل قد تجلب الحسرة والمرارة التي تعتصر قلب المرء، يوم أن يقول لربه: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ}.
    صوَرٌ من اجتهاد السلف
    هذه - أخي الشاب - نماذج مضيئة وصور مشرقة تشير إلى اجتهاد سلفنا الكرام في عبادة الله -تعالى- وطاعته، لعلك إن نظرت فيها أورثك ذلك علوّ الهمة والإقبال على العبادة: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تفطَّرت قدماه، فراجعوه في ذلك فقال: «أفلا أكون عبداً شكورًا».
    وكان أبو بكر - رضي الله عنه - كثير البكاء ولا سيما في الصلاة وعند قراءة القرآن.
    وكان علي - رضي الله عنه - يبكي في محرابه حتى تَخْضَل لحيته بالدموع، وكان يقول: يا دنيا غرِّي غيري، قد طلَّقتُك ثلاثاً لا رجعة فيه.
    وكان قتادة يختم القرآن في كل سبع دائمًا وفي رمضان في كل ثلاث.
    ابدأ بالتوبة
    أخي الشاب، التوبة هي بداية الطريق ونهايته، وهي المنزلة التي يفتقر إليها السائرون إلى الله في مراحل سفرهم وهجرتهم إليه -سبحانه-، فليست التوبة قاصرة على العصاة فحسب كما يظن كثير من الناس، بل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد الطائعين وإمام العابدين، «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلى اللهِ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ إلَيْهِ مِئَةَ مَرَّةٍ»، ولما أمر الله عباده بالتوبة ناداهم باسم الإيمان فقال -سبحانه-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور:31)، ونحن جميعًا ذوو ذنوب وأخطاء ومخالفات، فمن منا لا يخطئ؟ ومن منا لا يُذنب؟ ومن منا لا يعصي؟
    زرع القرآن

    عن مالك بن دينار -رحمه الله- أنه كان يقول: «يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمنين كما أن الغيث ربيع الأرض»، فمن أراد لقلبه الحياة الحقيقية فليتعاهده على الدوام بربيع القلوب وسقيها وغذائها، وأن يرتع قلبه في رياض القرآن، وأن يستضيء به في ظلمات الشبهات والشهوات، وأن يتسلى به عن كل فائت، ويتعزى به عن كل مصيبة، ويستشفي به من أدواء صدره، فيكون جلاء حزنه، وشفاء همه وغمه.




الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •