ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً


يقول الله تبارك وتعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى} [طه:١٢٤]
معنى ذلك: لا تحسبن أن من أعرض عن ذكر الله سبحانه وتعالى وهرب من مشقة التكاليف والانقياد لأمر الله عز وجل بحثاً وراء السعادة في الحياة الدنيا ووراء الفرحة والتمتع بالدنيا لا تحسب أن هذا سوف يصفو له عيشه، بل بالعكس، سينغص الله عيشه، فقد قضى الله سبحانه وتعالى قضاءً محكماً لا يرد أن من آثر عليه غيره عذبه الله به ولا بد، وكل من أحب شيئاً ضد محبة الله سبحانه وتعالى، أو فضل شيئاً على محاب الله لا بد من أن يجعل الله نفس هذا الشيء سبباً في عذابه.
فمثلاً: من أطاع زوجته في معصية الله كي يرضيها وكي لا يتكدر عيشه، فإذا طاوعها في معصية الله عز وجل فإنه يعاقب بأن الله سبحانه وتعالى يجعلها سبباً في عذابه ونكده.كذلك من آثر مصلحة أو محبة ولده على محبة الله عز وجل يجعل الله ابنه هذا سبباً في عذابه، من أحب أو عشق امرأة بحيث أفسدت عليه دينه ودنياه كما هو معلوم ومتواتر فتكون نفس هذه المحبوبة سبباً في شقائه وعذابه، وصده عن سبيل الله تبارك وتعالى، فكل من أحب شيئاً غير الله عذب به ولا بد.
كذلك من سعى وراء الدنيا ليسعد بها تجد نفس الدنيا تكون سبباً في شقائه، فكم من رجل سعى إلى زواج ابنته مثلاً بالحسب والنسب والتفاخر بمظاهر الدنيا، فيزوج ابنته -مثلاً- برجل من عائلة كبيرة جداً، ثم يشاء الله سبحانه وتعالى أن تحصل الخلافات، ويذوق الويل والدمار والوبال على يد نفس هذه العائلة، وتكون قوة هذه العائلة ومراكزها وجاهها سبباً في زيادة النكال حينما يحصل بينهم خصومة.
فالشاهد أن الإنسان إذا أعرض عن ذكر الله بنية أن يتمتع بالدنيا أكثر ويأمن أكثر فإنه لن ينال الأمن ولا الراحة، ولا السعادة، ولا ينال إلا المعيشة الضنك كما قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} [طه:١٢٤].أي: القرآن {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [طه:١٢٥ – ١٢٦].
وقال سبحانه وتعالى في المنافقين: {وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء:١٤٢].

وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ } [المنافقون:٩ ]

المصدر : كتاب دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - الشبكة الإسلامية
منقول