الشيخ الواسطي رحمه الله ولد ونشأ رافضياً عام 1394ه ثم تحول إلى معتقد أهل السنة عام 1412ه ، وقتل غدراً 1424ه في بغداد من قبل الرافضة ، وهذه بعض سيرته كتبها أحد أصدقائه .
----------------------------------------------

ورقات في سيرة الشيخ أبي السجاد محمد بن عودة بن ماهود الواسطي رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

سأتكلم بإجمال عن شيخنا واستاذنا الشيخ محمد بن عودة بن ماهود الواسطي رحمه الله تعالى وسأتكلم بما اعرفه عنه من خلال مشاهداتي ، ومن خلال قربي منه في سرد هذه الاحداث التي شاهدتها. وعلمتها ، أقول وبالله التوفيق ؟

اسمه ونشأته :

الشيخ محمد عودة من سكان بغداد ، واسطي الأصل ، لكن نشأ في بغداد ، واكمل كلية الزراعة في جامعة بغداد ، وتخرج مهندساً زراعياً ، وكان رحمه الله ، شخصاً غير عادي في بداية شبابه كان رافضيا جلدا سبابا للصحابة، مندفعاً متحمساً في ذمهم ،وفي سبهم ولما هداه الله عز وجل للحق تغير وانقلب ، ولم يضعف او لم تضعف همته وحماسته ، في الامس كانت حماسته في الذب عن عقيدته الباطلة ، بعد الهداية كان همه واهتمامه هو في الدفاع عن الصحابة ، وفي معرفة العقيدة الصحيحة التي تعّرف على مبادئها واصولها .

قراءته وطلبه للعلم :

الشيخ رحمه الله في بواكير هدايته وفي الأيام الأولى من هدايته انطلق للإحاطة وللتعّرف على العقيدة الحق ، فحرص رحمه الله عز وجل على دراسة كتب التوحيد ، ودرس وقرأ جُل كتب أئمة الدعوة النجدية ، وعلى رأسهم الامام محمد بن عبد الوهاب وابنائه واحفاده ، وقرأ الشروحات وسمع الشروحات على تلكم الكتب ، التي تعتني بتوحيد الالوهية ، وتصحيح العبادة ،فبعد احاطته بكل او بجُل تلكم الكتب ، وبعبارة ادق لم يترك كتابا موجوداً في المكتبة العلمية في العراق الا وحرص كل الحرص على قراءته ودراسته ، ثم بعد ان توسع واحاط بمسائل توحيد الالوهية شّمر ساعديه للانتقال الى التوحيد الثالث وهو الأسماء والصفات ، فانكب بدراسة وقراءة القواعد المثلى للعلامة ابن عثيمين و بتعليقات ابن عثيمين على لمعة الاعتقاد ، ثم رحمه الله شرع بقراءة الواسطية، العقيدة الواسطية دراسة هذه العقيدة وقراءة الشروحات ، المتوفرة في العراق يومئذ على الواسطية ، و اهم الشروح اللي كانت متوفرة ، في منتصف التسعينات من القرن الماضي كانت شروح العلامة ابن عثيمين والشيخ خليل الهراس المصري ، وشرح الشيخ صالح الفوزان والشيخ عبد العزيز وغيرها من شرحات ، ثم بعد ان درس الواسطية ، انتقل الى دراسة التدمرية ، وقبل التدمرية الحموية ، وقرأ تلخيص الحموية. ثم الحموية ثم التدمرية. وقرأ بعض الشروحات المتوفرة عليها ، ثم حرص كل الحرص على قراءة الرسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية ، كالوصية الكبرى ، الوصية الصغرى ، الفرقان بين أولياء الرحمن واولياء الشيطان ، قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة هذه الرسائل التي طُبعت مفردة ، حرص على قراءتها ودراستها ، ثم انتقل الى مرحلة هي اعلى. شرع بقراءة مجموع فتاوى ابن تيمية ، كان اهتمامه في هذه المرحلة بدراسة الإثني عشر مجلداً الأولى ، ومن تلكم الفتاوى المجلدات المتعلقة بالاعتقاد ، فدرسها دراسة متأنية وكانت الكتب في فترة التسعينات ، أيام وأبان الحصار الاقتصادي على العراق عزيزة نادرة ، لكن اهل الخير كانوا يحرصون على إيصال الكتب الى طلاب العلم ، فأذكر مجموع الفتاوى التي كان يقرأ بها شيخنا طبعة ابن قاسم رحمه الله ،الطبعة التي طبعت على نفقة الملك فهد ، ثم بعد ان انهى مجلدات الاعتقاد الإثنى عشر من مجموع الفتاوى ، انكب بالكلية على حفظ كتاب الله عز وجل ، وفي ظني كان قد انجز حفظ القرآن قبل ان يكمل دراسة العقيدة ، المهم لم ينتهِ من العقيدة الا وقد لم ينتهِ من العقيدة ولم يشرع بالسنة وحفظ السنة الا بعد ان تمكن من حفظ القرآن ، بدأت رحلته مع السنة النبوية ، وهي رحلة نادرة ، نادرة جدا ، لم اسمع رحالة قد ارتحل هذه الرحلة في هذه العصور ، الشيخ محمد بن عودة رحمه الله ابتدأ بالسنة بحفظ صحيح مسلم ، فحفظ الصحيح بأشهر قليلة ، ثم ثنّى بالبخاري ،ثم بالسنن الاربعة ، ابي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ، ثم انطلق الى حفظ مسند الامام احمد ، ثم الى صحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة ، ثم الى معاجم الطبراني الثلاثة ، ثم الى سنن البيهقي. ثم الى المختارة للضياء المقدسي ، ثم المستدرك للحاكم ، ثم مسند البزار ، ثم مسند الشهاب القضاعي. مسند ابي يعلى. هذه كتب كلها قد حفظها حفظاً متقناً ، وبأشهر قليلة فكان حفظه لها من عجب ومن الامور التي تثير الدهشة ، كيف تمكن من حفظ هذا الكم وهذه الكتب الكثيرة في اشهر قليلة ، لكن الهمة العالية ، كان ذو همة عالية لم اسمع ولم ارى همة كهمته كان يمكث الساعات الطوال وهو منكب على الكتاب لا يفارقه. شهدت ذلك بعيني ، يجلس من الصباح لا يقوم الا بعد ساعتين او ثلاث ساعات يذهب ، يتوضأ ليصلي الضحى. ثم يعود. ولا يكلم احداً ، يعود الى الكتاب الى مكانه الذي هيأهُ في المحل الذي كان يعمل به ، فيعود الى القراءة ، وقراءته رحمه الله لن قراءة نظر فحسب وانما كانت الاوراق والاقلام بين يديه يحفظ الحديث وبعد ان يحفظ الحديث يعود الى كتابته ، ويقول لا يمكن ان يرسخ الحفظ في النفس الا بكتابة المحفوظ ،فكانت اوراقه كثيرة ، يجلس كما قلت حتى يؤذن الظهر ، فيقوم لصلاة الظهر، وبعدها يعود الى كتابه ، ويستمر حتى يتجهز او يشعر بالجوع فيأكل طعامه وبعد الطعام يعود الى كتابه، ويمضي مع كتابه الى صلاة العصر ويصلي العصر ، ثم يعود الى كتابه ولا يذهب الى اهله الا قبيل المغرب ، ودواليك هكذا كل يوم ، كنا نجلس معه وانا كنت اعمل قريب من مكان عمله كنت اجلس معه اظفر بجلسات معه في وقت الغداء ، وفي وقت الصلاة ، الدقائق التي نجلسها على وجبة الطعام ، هي حظنا منه في تلك الفترة ، والدقائق التي نتهيأ للصلاة، فكنا نتكلم ويتكلم معنا بفوائد ونصائح وبكلام يرفع من هممنا ، استمر معنا على هذه الحالة لأشهر طويلة. حتى استطاع ان يحفظ ما انتهى اليه نظره ويده من الكتب في بلادنا كتب الحديث دواوين السنة ، ولا يوجد كتاب في السنة الا وقد حفظه واعني بالمكتبة في العراق في فترة التسعينات ، لم يكتفي بحفظ دواوين السنة ،بل شرع في حفظ كتب العقيدة، التي الُفت على المسانيد كالسنة للأمام احمد ولعبدالله ابن الامام احمد ، والسنة لابن ابي عاصم وشرح اعتقاد اهل السنة للالكائي ، والابانة ، بل لم يقتصر على ذلك وانا شاهد على ما اقول ، وشهادتي الله عز وجل يعلم ويرى وهو الرقيب، حرص على حفظ الاثار في مصنف ابن ابي شيبة ومصنف عبد الرزاق ، وفي الاثار في تفسير ابن جرير ، يعني بعد ان ارتحل في حفظ السنة ارتحل في حفظ في حفظ اثار فكان يحفظ الاثار في المصنفات وفي كتب التفسير وعلى رأسها تفسير ابن جرير والكتب المسندة ، ولا عجب ان تذكرنا ان الشيخ كان يومه كله في الحفظ ، وفي الدراسة ، وكان حريص في تلك الفترة على ان لا ينشغل بما يحول بينه وبين التركيز في الحفظ ، فلا يريد ان يسمع اموراً تجعله منشغلاً عن حفظه وعن الكتب التي بين يديه ، كنا في الكتب كما قلت عزيزة ونادرة ، فكان الكتاب يُؤتى اليه استعارة ، ويعطى له وقتا محددا ، يعني تفسير ابن جرير مثلا خمسة عشر مجلداً او اكثر ، او اقل قليلا يُدفع اليه يُعطى هذا التفسير ويُقال له لك شهرا او لك شهرين فكان يمكث ويواصل الليل بالنهار لحفظ و تلخيص ، وكان عنده عمل الزوائد ، زوائد الكتب سواء في الحديث او في الاثار، فكان يحفظ ويسجل ويدوّن الزوائد ، وهكذا في كل كتاب، حتى انتهى به الامر الى كتب الرجال والتاريخ و سير اعلام النبلاء فكان يحفظ بعد ان حفظ الاثار عن الصحابة ، شرع بحفظ الاثار عن السلف في سير اعلام النبلاء ، والتاريخ للذهبي وايضا ، وانا اذكر يوم اوتي بسير اعلام النبلاء كان سعيدا جدا ، اعطاه النسخة إعارة نسخة سير اعلام النبلاء فكان سعيدا جدا، وحُدد له وقتا ، لان هناك طلاب علم اخرين يريدون القراءة في هذا الكتاب ، فكان الكتاب يدور بين طلاب العلم ، سواء السير او غيره ، فمكث وجلس في الفترة التي حُددت له فانجز حفظ وتدوين الاثار من كتاب سير اعلام النبلاء والتاريخ الكبير للذهبي .

طريقته في القراءة :

طريقته في قراءة كتب الاثار وكتب التأريخ او الرجال ، لم تكن قراءة عابرة ، وانما كان يقرأ ويحفظ ما يجده من اثار زائدة عما حفظه في الكتب السابقة التي حفظها ، بعد هذه الرحلة من حفظ السنة وحفظ و اثار الصحابة والتابعين ،شرع رحمه الله بدراسة كتب المصطلح ، ولعل دراسته في كتب المصطلح مرافقة لحفظه لأثار الصحابة والتابعين ،فبعد ان حفظ دواوين السنة التي بين يديه في المكتبة في زماننا في العراق ، بدأ بقراءة ودراسة كتب الاصطلاح وقراءته ودراسته لكتب الاصطلاح كانت مرافقة لحفظه لأثار السلف ، واستمر على هذا المنوال رحمه الله تعالى .

حالته المادية :

ولم يكن رحمه الله غنياً ذا مال ، لأسباب اهمها ان الفترة التي شرع او نبغ نجمه وبرز نجمه كان العراق يمر في فترة اقتصادية صعبة في تاريخه، فترة الحصار الاقتصادي في التسعينيات ،هذا سبب جعل كثير من العوائل في العراق تعاني العوز والحاجة. والسبب الثاني لكون صاحب دين وصاحب همة عالية في الحفظ ، وفي دراسة الكتب ، وفي القراءة فما كان يعمل اي عمل ،وعلاقته بأهله والنفرة التي حصلت بسبب اختياره لعقيدة اهل السنة ايضا سبب جعله يستقل بنفسه ، مالياً ومادياً ، فهيأ الله عز وجل له احد الاخوة السلفيين في تلك الفترة فكان صاحب تجارة في ما يسمى عندنا في العراق (الصحيات) يعني بيع التخم الغربي الصحيات التي تستعمل في الحمامات والشرقي ، فأجلسه في مخزن ، بعيد عن السوق وعن الناس ، فكان الشيخ محمد يعمل في هذا المخزن ، في منطقة بعيدة عن الناس. وهذا وفر له وقتا ، وابتعادا عن الناس، فالمخزن يجلس فيه لعل في اليوم يأتيه احد الناس يأخذون منه جملة من الصحيات ، فمكث يعمل في هذا المحل وكانت الاجواء تناسبه جدا جدا ، فالمحل ليس فيه اختلاط مع الناس وفي معزل عن الناس ، فكان يوفر له الوقت الطويل، والاموال التي ينالها من العمل ، كان يصرف منها على نفسه في شراء ما يحتاجه من كتب ، ويصرف على اهله ، فكان كان رحمه الله باراً بهم ، بأمه وبأبيه وبأخوته ، وبسبب بره بهم ، تأثروا به كثيرا حتى ان احد اخوته صار سنياً وامه رحمها الله اقتربت من ان تكون سنية ، لكنها امرأة عامية ، امية فكان رحمه الله حريصا على هدايتها ، وعلى ان تنأى عن الخرافة وعن العقائد الباطلة ونجح في ذلك رحمه الله ، فأقول كان يعمل وفقه الله الى هذا العمل الذي جمع فيه بين سد حاجاته الدنيوية ، واعانه في توفير الوقت الذي يحتاجه في الحفظ والدراسة والقراءة ،

لقاءاته واجتماعاته ودروسه :

كان الشيخ رحمه الله لا يلتقي مع كل احد وانما كان يحرص على لقاء من يسمع به انه على خير ، او انه صاحب همة ، وصاحب ذكاء ، فكان ينتقي اصحابه وينتقي جلساءه ، فاذا بلغه عن شاب صاحب نباهة وصاحب ذكاء ، وصاحب همة يحرص على ان يلتقي به لينصحه ، وحتى يوجهه التوجيه الصحيح في طلب العلم ، وفي التدرج العلمي فكانت مجالسه مع الخواص ، لا يجلس مع كل من هب ودب ، واستطاع تلك المجالس مع خواص الطلاب ، ان ينفع الكثير منهم ، وان يمضي ويسير أصحابه على المنهج السوي في تحصيل العلم .

مناظراته :

فبعده ان قُبض عليه قبل الامن في العراق واخذ عليه التعهد الا يجلس في المجالس العامة ، وان لا يناظر ، فكان حريصا على الا يجادل ، وان لا يجلس مجالس مناظرة ، لان هذه المجالس سينتشر صداها وتصل الاخبار الى الجهات الأمنية وقد اُخذت عليه التعهدات في عدم المناظرات ، والمجالس العامة ، فكانت مجالسه خاصة ، لكن مجالس مع طلاب علم مع مشايخ يجلسون ويتناقشون وفي أحيان يتناظرون ، مجالس خاصة ..

وكتب أبو محمدٍ الطائي .