فلولا أنْ تَغَلَّبَ رَهْطُ أُمِّي
وكعبٌ، وَهْوَ مِنِّي ذُو مَكَانِ
تَرَاجَمْنا بصدرِ القول حتى
نصيرَ كأنَّنا فرَسَا رهَانِ[42]
••••
لولا ابنُ حارثة الأمير لقد ♦♦♦ أغضيتُ من شَتْمِي على رغم[43]
••••
وفي شعر النابغة لونٌ من التَّكرار يقوم على ذكر اللفظة أولًا مفردةً ثم ذكرها بعد ذلك مضافةً[44]:
ومن دون ذاك هُوِيٌّ له ♦♦♦ هَوِيُّ القطاميِّ للأرنبِ[45]
••••
فلما دنا للخرج خرج عُنيزة ♦♦♦ وذي بقر ألقى بهنَّ المراسيا[46]
••••
هدير هدير الثورِ ينفضُ رأسَه ♦♦♦ يذُبُّ بروقيه الكلابَ الضواريا[47]
••••
أتاك أبو ليلى يجوبُ به الدُّجَى ♦♦♦ دجى الليلِ جوَّابُ الفلاةِ عَثَمْثَمُ[48]
••••
لا أخدع البوَّ بوَّ الزعمِ أَرْأَمُه ♦♦♦ ولا أُقيم بدار العجز والهُون[49]
••••
رأيتُ البكرَ بكرَ بني ثمودٍ ♦♦♦ وأنت أراكَ بكرَ الأشعرينا[50]
••••
أقفرت منهم الأجاربُ فالنَّه
يُ وحَوْطِي فروضةُ الأدحال
فَحُبَيُّ فالثغرُ فالصفحُ فالأج
دادُ قفرٌ فالكورُ كورُ أثالِ[51]
••••
وثمة تركيب تردَّدَ عدة مرات في شعر النابغة يقوم على النفي المزدوج ويتخذ غالبًا الشكل التالي: "لا... ولا...":
جَوْنٌ كجوزِ الحمار جرَّده الـ ♦♦♦ ـخراس لا ناقسٍ ولا هزمٍ[52]
••••
فلا هِي ترضى دون أمرد ناشئٍ ♦♦♦ ولا أستطيع أن أردَّ شبابيا[53]
••••
وحلَّت سوادَ القلب لا أنا باغيا ♦♦♦ سواها، ولا عن حبِّها متراخيا[54]
••••
ألم تعلمي أني رُزئت محاربًا ♦♦♦ فما لَكِ منه اليوم شيءٌ ولا ليا[55]
••••
ولم يمسِ بالسيدان نبحٌ لسامع ♦♦♦ ولا ضوءُ نارٍ إن تنوَّر راكب[56]
••••
دار حيٍّ كانت لهم زمن التو ♦♦♦ بة لا عُزل ولا أكفال[57]
••••
لا ضئال ولا عواوير حما ♦♦♦ لون يوم الخطابِ للأثقال[58]
••••
وعند النابغة عددٌ طيب من التعبيرات والصور الطازجة، ومن ذلك "الموت الصهابي" و"الشر العريان":
فجئنا إلى الموتِ الصهابيِّ، بعدما ♦♦♦ تجرَّد عريان من الشر أخدب[59]
••••
وكذلك العبارة التي تصوِّر الرنينَ العميق والضخم لصهيل حصان وكأنه خارج لا من صدره، بل من جوف بئر عميق:
ويصهلُ في مثل جوف الطوى ♦♦♦ صهيلًا يبين للمغرب[60]
••••
ولعل جريرًا قد استلهم هذه الصورة في قوله:
يَشْتَفْنَ للِنَّظَرِ الْبَعِيدِ كأَنَّمَا ♦♦♦ إِرْنَانُهَا بِبَوَائِنِ الأَشْطَانِ [61]
••••
ولنتأمل أيضًا الصورة التي في البيت الأخير من الأبيات الثلاثة الآتية، حيث يشبه الشاعر بربرةَ ثور وحشيٍّ ببربرة رجل من الروم ضُرِبَ على ظهره ضربًا مبرِّحًا دون جريرة، فأخذ يتوسَّل ويجأرُ طالبًا النجدة:
فهايجها[62] حمْش القوائم سابحٌ
رعى بجواء الجِنِّ بالصيف أشهرا
أتيحَ لها من أرضهِ وسمائهِ
فلمَّا رآها مطلعَ الشمس بربرا
كبريرةِ الرومي أرجعَ ظهره
على غير جرمٍ فاستضافَ لينصرا[63]
••••
وكذلك وَصْفُه الأرضَ بأنها "بلاد الله"، وهو التعبير نفسه الذي تستعمله الآن لغتنا العامية في قولنا: "بلاد الله... خلق الله". فهذه النكهة الشعبيَّة تكسبه حلاوةً ولطافةً:
فَسِرْ في بلادِ اللهِ والْتمسِ الغنى ♦♦♦ تعشْ ذا يسارٍ أو تموت فتُعذرا[64]
••••
يتبع