يعالج القضايا التربوية والإيمانية والدعوية - على طريق الربانية من البناء الإيماني إلى الانطلاقة الدعوية


مجلة الفرقان



بين أيدينا مصنف متميز في بابه، يعالج قضية من أهم القضايا التربوية والإيمانية والدعوية في وقتنا الحاضر، وسماه مؤلفه د. أبو بكر القاضي (على طريق الربانية من البناء الإيماني إلى الانطلاقة الدعوية). وقد أكد المؤلف في مقدمة مصنفه أنّ الانطلاق الصحيح يبدأ في الحقيقة من الداخل، ببناء القلب والروح على موازين الوحي حبا وشوقا وإخلاصا ويقينا ورغبة ورهبة؛ حتى يمتلأ القلب ويفيض على الجوارح صلاحا وإصلاحا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد، وإذا فسدت فسد سائر الجسد»، فصلاح الباطن تنعكس أنواره على صلاح الظاهر، و كذلك فساد الباطن ترى ثماره العلقم في فساد الظاهر ولابد.


ولذلك بناء الشخصية المسلمة المتكاملة -في اعتقادها ووجدانها وسلوكياتها عبادة ومعاملة ودعوة للحق، المطلوبة لمواجهة التحديات في واقعنا المعاصر الممتلئ بفتن الشبهات والشهوات- ينطلق من إصلاح القلب، و ذلك يتأسس على أساسين، وهما: التخلية والتحلية.

التخلية من الأمراض والتحلية بعبادات القلوب ومنازل السالكين إلى رب العالمين.

خريطة البناء والانطلاق


جاء ذلك الكتاب ليرسم لك خريطة البناء والانطلاق؛ حيث كتبت خلال ثلاث عشرة سنة من مجموع المقالات والرسائل الدعوية الحية المختلطة بواقع الصحوة الإسلامية شبابا وكهولا في الرؤية والتطبيق.

البناء القلبي الإيماني


يبدأ الكتاب بالبناء القلبي الإيماني ليتأهل القارئ والدارس بعد ذلك لمعالم الدعوة والإصلاح والبلاغ المبين لرسالات رب العالمين، و يحلقه قريبا -بإذن الله- كتاب آخر، يفصل أكثر في هذه الخريطة، و سنعنون له بكتاب (الحياة من منازل اليقين إلى معارج الإصلاح) من أكثر من تسعمائة صفحة.


فصول الكتاب


كتاب (على طريق الربانية) يتكون من ثمانية فصول، تضمنت تلك الأطروحة التي تنطلق بالمصلح من الداخل إلى الخارج تربية وتصفية، وتلقٍ لرسالات الله وترقٍّ في منازل العبودية.

الفصل الأول: في الشوق إلى الله


جاء الفصل بعنوان: (الشوق إلى الله) وبين القاضي أنه الشرارة الأولى التي تقذف في قلب السائر التحرك واليقظة، وانزعاج قلبه لإطفاء أشواق الروح الملتهبة من آثار الفطرة العطشى التي لم تروَ بعد؛ بسبب كثافة الطبع وحجب النفس والهوى والذنوب؛ فتأتي منزلة الشوق إلى الله لتنطلق بالسائر في الطريق، وتجعله يجاهد ويقاوم ويكدح ويتكبد، ونظره معلق بالمطلوب الأعلى رؤية وجه ربه ورضوانه في جنة الخلد، وهو ليس حالة وجدانية عقيمة عن العمل والحركة تتسم بالبطالة كما يدعي الصوفية، بل حال قلبي و هيئة وجدانية تتحول إلى بذل وجهاد وتضحية و استقامة على الأوامر والنواهي، وقد حشي قلب العبد حبا ورضا بربه.

الفصل الثاني: تنقية القلب وحرثه


ثم يأتي الفصل الثاني في تنقية القلب وحرثه؛ لتلقي بذور الخير لتحقيق الاستقامة والربانية في كل زمان ومكان، وأن تكون مواسم الطاعات مستمرة معه طيلة العام، لا يتغير ولا يتلون، بل يزداد ويترقى.

الفصل الثالث منزلة الشهود والحضور مع الله


ثم يأتي الفصل الثالث في منزلة الشهود والحضور مع الله، وهي منزلة المراقبة التي تزرع في قلبه الحب والخوف والرجاء باستحضار نظر ربه له، وقربه منه في الجلوة والخلوة، والسر والعلن، في عباداته ومعاملاته؛ فتنبت في القلب عينا ترى بها أنك واقف بين يديه، فيغتسل القلب بالحياء والخجل والانكسار من أدناس أمراضه الباطنة، وذنوب الخلوات، ويتطلع لمنازل النور بحسنات الخلوات و إصلاح السر مع الله، وذلك بالتضلع من فهم معاني أسمائه البصير السميع القريب الحفيظ الرقيب.

الفصل الرابع: أعظم وظيفة لإصلاح القلوب


ثم يأتي الفصل الرابع في الدخول في أعظم وظيفة لإصلاح القلوب ولتحقيق العبودية وبناء المصلحين، وهي تدبر القرآن {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا} فواد كبير يسع ماء كثيرا، و واد ضيق يسع ماء قليلا، و هكذا القلوب في تلقيها لعلوم الوحي فهما واستيعابا وتدبرا واستنباطا، قلب واسع وقلب ضيق، يضيق ويتسع بحسب ذكره وطاعته؛ فيفتح له على قدر ذلك في الفهم.


نجول جولة عميقة في أعماق عملية التدبر ومكوناتها وشروطها ومفاتيحها ثم نحيا مع بعض الآيات نتذوق حلاواته.

الفصل الخامس


ثم ننتقل في فصلين بعد هذا الفصل لتطبيق عملية التفسير والتدبر الموضوعي على سورتين من القرآن، يجمعان للإنسان ميثاق العلم والعمل والجهاد، وهما: سورة النور وسورة محمد - صلى الله عليه وسلم .

الفصل السادس: نقوش في جدار الدعوة والإصلاح


ثم يأتي الفصل السادس وهو لب الكتاب ومحور ارتكازه: نقوش في جدار الدعوة والإصلاح وبداية انطلاق الداعية -بعد بناء صدقه وإخلاصه وحبه وشوقه ومراقبته وأنسه و تدبره وعلاقته الوطيدة بالوحي قرآنا وسنة - إلى ميادين الحياة، يحولها إلى محاريب؛ فهو في صلاة في المسجد وخارج المسجد، ينتقل بحالته الوجدانية التي تمثلت له في محراب الصلاة إلى محراب الحياة؛ فالأرض كلها مسجد، يعمرها بطاعة الله والسعي؛ لأن تكون كلمة الله هي العليا.


والتحديات على مستوى الأفراد والجماعات والمجتمعات والشعوب والأمم التي ينبغي أن يستوعبها ويتغلب عليها الداعية في خطابه العالمي الأممي ليبلغ الحق للخلق، وما الوسائل لتحقيق ذلك؟ ومراعاة السنن الكونية والشرعية في مراحل الاستضعاف والتمكين من خلال قصص الأنبياء والرسل.

وكذلك عبودية قلب الداعية التي لا ينبغي أن ينفك عنها مع الابتلاء والأذى وتأهيل نفسه لذلك.


الفصل الأخير: رد شبهات أهل الباطل


ثم ختم المؤلف مصنفه بفصل في رد شبهات أهل الباطل من الصوفية المتفلسفة عن حقيقة الولاية، وكيف خلطوا الحق بالباطل، أمثال شمس التبريزي و جلال الدين الرومي؛ بزعم أن الإنسان لا يتحقق فيه الولاية إلا بحلول الرب في جسده واتحاده به بعقيدتهم الفاسدة من الحلول والاتحاد، الذين هم بها أكفر من اليهود والنصارى، وقد أتيت برواية قد لاقت رواجا في سوقهم تسمى (قواعد العشق الأربعون)، تزيف الحقائق عن الولاية والعبودية واتباع السنة، واصطناع الصراع بين الحقيقة القلبية والشريعة الظاهرة، وبين المواجيد والأذواق بالابتداع في الاعتقادات والعبادات بزعم الولاية والعلم اللدني والإلهام والمنامات؛ فيردون الشرع الثابت بمثل هذه الخرافات، وينشرون في المجتمعات العقائد الفلسفية الكفرية، ويسمون ذلك عشقا إلهيا، و يكتب الرومي ٢٤ ألف بيت في عشق الإله، يسميه المثنوي في سبع مجلدات، وكأنه كتاب ثان بعد القرآن.


خريطة الصلاح والإصلاح


على «طريق الربانية» يرسم لك خريطة الصلاح والإصلاح بالاستقامة مع الشريعة و إصلاح باطنك وظاهرك بها، و التلبس بالحقائق الإيمانية الصحيحة التي جاءت في القرآن وفي السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لتعمر الداخل والخارج، وتنطلق داعيا إلى الله بإذنه على بصيرة من أمرك بالحكمة والموعظة الحسنة.