الشذوذ الجنسي انحراف نفسي
تشيع اليوم الدعوةُ إلى تطبيع الشذوذ الجنسي، وتقبُّله باعتبار أنه خيار من حق صاحبه أن يقرِّر ميوله وجنسه، ويدعم هذه الدعوة وسائل إعلام عالمية ودول كبرى أقرت الشذوذ حقًّا شخصيًّا، وسمحت بالشذوذ سلوكًا مقبولًا لدى الأفراد، وسمحت بالزواج بين الشواذ، حتى أصبح بعض الوزراء ورؤساء لدول من الشواذ المتزوجين بشواذ بطريقة قانونية ومعلنة، وهنالك عدد من مجموعات الضغط "اللوبيات" التي تمارس ضغوطها لنشر الشذوذ وتطبيعه على مستوى العالم، وقد ناقشت ذلك في مقال سابق بعنوان إعلان جمهورية المثليين، وماذا بعد؟
وفي هذا المقال سنناقش قضية الشذوذ من الناحية النفسية من جهة أسبابه وآثاره الفردية والأسرية والصحية والمجتمعية من خلال مراجعة لكتاب "الرجولة إنجاز".
وفي البداية حين نتساءل عن تحول الطفل إلى الشذوذ الجنسي من أين جاء ؟ وماهي أسبابه؟
وكيف تقوده مشاعر الألم إلى سيطرة الأفكار الشاذة التي تغير سلوكه ثم تقوده إلى الشذوذ؟
وبقراءة مدققة يُمكن أن نلخص الأسباب النفسية التي قد تكون مجتمعة وقد تكون متفرقة؛ من حيث العدد أو حتى من حيث درجتها - في الجوانب التالية:
1- شعور الشاذ بأنه شخص غير محبوب (شعوره بعدم القبول).
2- افتقاده لدور الأب القدوة في جوانب الرجولة في مراحله الأولى لتكوين شخصيته.
3- افتقاد دور الأب يؤدي إلى ارتباطه الزائد بالأم مما يجعل سلوك الأنثى هو القدوة.
4- رفض الأنداد والانعزال عنهم؛ مما يقلِّل من فرص السلوك المناسب للذكورة بالنسبة للأولاد والسلوك المناسب للأنثى بالنسبة للبنات.
5- ينتج عما سبق ضعف الثقة بهويته الجنسية.
6- في بعض الحالات قد يكون تعرض لاعتداء الجنسي في مراحل مبكرة.
7- ممارسة تجارب جنسية مبكرة وقد يكون مارس فيها دور الأنثى.
♦♦ ♦♦ ♦♦
ويتضح للمتأمل أن السبب الرئيس للشذوذ الجنسي يعود إلى أنه مشكلة نفسية وتربوية بالدرجة الأولى تحدث بسبب خلل في عملية التنشئة، وانحراف في النمذجة السلوكية، فافتقاد القدوة المناسبة والتعرض لخبرات سيئة من قبل عالم الكبار يقود إلى الانحراف عن السلوك السوي.
وفي تجربة الذكور الذين تعالجوا من الشذوذ يتضح أنه:
"لا يوجد شاذ لم يعان من جراح في علاقته بعالم الذكور"، "لم نجد حالة واحدة لرجل يتألم من ميوله الشاذة، لم تعان علاقته مع الرجال الآخرين أو مع عالم الرجال من النفور العاطفي والإقصاء، كل طفل لديه حنين إلى حب الأب، وإلى احتضانه له، وإلى من يقوده ويرشده إلى عالم الرجال، وإلى أن يعترف بطبيعته الرجولية؛ إذا لم تتوفر له مثل هذه العلاقات للترحيب به في عالم الذكورة، فسوف يبقى بعيدًا فقط يتطلع إلى الرجال الآخرين باشتياق ورغبة"، ذلك ما بيَّنه "ريتشارد ويلر" وهو يتحدث نيابة عن مجموعة من الرجال الذين شُفوا من الشذوذ - وهو أحدهم وتأكيدًا لكلام ويلر، يقول مؤلف كتاب الرجولة إنجاز: فأنا لم أقابل حالة واحدة لشاذ لم يعان من جراح في علاقته مع عالم الذكور.
ويبدو كما يرى البعض أن مشاعر اليأس من تكاليف الرجولة قد تقود بعض الأطفال إلى الشذوذ الجنسي! إذ إن تعوُّدَ الليونة والدلع في الطفولة المبكرة، وحب الراحة والهرب من المسؤوليات قد تكون بداية الانزلاق في وحل الشذوذ.
يقول آلان ميدينجر: "الطريق إلى الرجولة طويل جدًّا، وهو مليء بالتعلم والمحاولة والفشل والمحاولة مرة أخرى، بعض الصبية لا يكملون الطريق، في مرحلة ما تصبح الضغوط كبيرة، فالهزائم والفشل مريرة جدًّا، ويقرر الصبي الانسحاب من مواصلة الرحلة، وينعطف في مسار جانبي، لقد كنت واحدًا من هؤلاء الصبية، وقادني هذا المسار الجانبي إلى عالم الشذوذ..".
نفس هذا الرأي الذي يرى الرجولة تكليفًا يحتاج إلى بذل جهد من قِبل الطفل تؤيده الناشطة السحاقية کاميلی باجليا إذ تقول: "المرأة مرأة، ولكن الرجل لا بد أن يسعى ليكون رجلًا، فالرجولة مفهوم محير ومحفوف بالمخاطر، ولا يمكن اكتسابه إلا من خلال التمرد على الأنوثة، ولا يؤكد الرجولة إلا رجال آخرون..".
هذه المشاعر بتكاليف الرجولة ووجوب سعي الطفل الناشئ للقيام بها؛ ليلتحق بعالم الرجال قد تتعرض لهزة عنيفة..
"فعندما يحدث له اعتداء من قبل الذكور الآخرين.. فإن ارتباكًا مريرًا يعصف بالصبي يفقده القدرة على تمييز الأشياء من حوله، فيخلط بين الحب والإيذاء، وبين الأنوثة والذكورة".
ومن هنا ينبع الخطر، فحين يفقد الصبي الانسجام مع هويته الجنسية، يشعر أنه أقل ذكورة من أقرانه،
ولذلك فهو يعجب بالذكورة أو الفحولة التي تبدو على الذكور الآخرين، والتي يشعر أنه يفتقدها مما يجعله ينكفئ إلى والدته بحثًا عن الشعور بالأمان الذي يفتقده بين الذكور..
وهذا السقوط يبدأ حينما يبتعد الصبي عن والده الذي يفترض أن يكون قدوته في عالم الرجولة، وذلك حين يفقد من والده:
1- الإشباع العاطفي.
2- والاهتمام.
3- والقبول والرضا.
حينها تتآكل علاقة الصبي مع والده وتصبح عديمة الأهمية فتسقط القيمة الرمزية للأب؛ مما يقود الصبي للبحث عن معالم الفحولة لدى الذكور الآخرين!
وفي تلك الحال يقوم الصبي بترميز رموز للفحولة والرجولة، ويجعلهم مقصدًا يتسول منهم إشباع جوعه العاطفي، "ومنذ تلك اللحظة، تبدأ علاقتهم – الشاذين - مع آبائهم بالتآكل، وتصبح عديمة الأهمية، فتسقط رمزية الأب بالنسبة لهم، وهو الأمر الأكثر خطورة، فتجدهم لا يهتدون عندما يكبرون أن يصبحوا مثل آبائهم، وفي الحقيقة هذا يعني أنهم يعلنون تنازلهم عن أي طموح لتحقيق ذكوريتهم الفطرية، وبعد ذلك عندما يتجنبهم الأطفال الأسوياء يستغرقون في وحل الانطواء والوحدة، وهو ما يكرِّس شعورهم بالدونية، وبأنهم ليسوا ذكورًا بالقدر الكاف، وفي نهاية المطاف يقودهم كل هذا إلى أن يزداد إعجابهم بمعالم الفحولة البادية على الذكور الآخرين..
يكشف ذلك بوضوح أحد الشاذين المتعافين حين يقول:
"شعورنا بالنقص - نحن الرجال - يجعلنا نتوق ونتلهف لأن يقبل بنا الآخرون، وخاصة من يملكون ذكورة طاغية، نبدأ بالإعجاب بمعالم الفحولة التي تبدو على الذكور الآخرين، والتي نشعر أننا نفتقدها، وهذا الإعجاب يعمق الفجوة التي صنعناها بأوهامنا بيننا وبين الرجال الحقيقيين، وإعجابنا المفرط بهم يعمق من شعورنا بنقص الرجولة، ويدفعنا إلى تجريد هؤلاء الرجال من إنسانيتهم والتعامل معهم كرموز بعيدة المنال".
يؤيد ذلك اعتراف كولن ويلسن في سيرته الذاتية - رحلة نحو البداية - أن سلوكه كان أنثويًّا وهو طفل، وأنه كان متعلقًا بأمه وعلاقته بوالده سيئة، وذكر شيئًا مما يقوده إلى الشذوذ يقول في ذلك:
"ولقد كانت هناك باعتراف الجميع مظاهر قليلة لأشياء تظهر لي الآن على أنها كانت أنواعًا من الانحراف الجنسي، لقد أحببت أن أرتدي ثياب أمي، بما في ذلك ثيابها الداخلية، وأعرف عن هذا من خلال ما قاله هافلوك إليس: إن هذا السلوك دائمًا ما يعبر عن ميل إلى الشذوذ الجنسي - مثلما يشير إليه ارتباطي العصبي بأمي ومقتي لأبي، وفي الحقيقة فإنه لم يحدث أبدًا أن لاحظت أي أثر للشذوذ الجنسي في تكويني في أي فترة من الفترات، رغم ما سمعته من حين إلى حين من بعض الأصدقاء المصابين بالشذوذ الجنسي من أن كل إنسان يتضمن في فترة مراهقته جانبًا يعبر عن الشذوذ الجنسي، فإذا كان لدي مثل هذا الجانب، إذًا فإنني قد فشلت في ملاحظته، ولقد ظهرت لدي أيضًا ميول واضحة نحو النزعة السادية، هذه الميول التي برزت في عدم التسامح بصورة عنيفة...".
لكن ما ذكره عن علاقته بجده وأعمامه وعلاقاته بأصدقائه وشجاراته العنيفة وهو طفل، يبدو أنها حدَّت من تحوله إلى الشذوذ الجنسي؛ إذ ضمنت له تلك التجارب والعلاقات مصدرًا غنيًّا لتغذيته بمشاعر الرجولة التي تغلبت على نزعته الأنثوية التي مر بها في طفولته الأولى.
في الأسرة يكمن الداء وفيها الدواء:
ونظرًا إلى أهمية الأسرة في تأثيرها على سلوك الطفل وميوله إلى الشذوذ، فإن هنالك أبحاثًا علمية مهمة تظهر أن عائلات الصبية الذين يعانون اضطراب الهوية الجنسية، تميل إلى الحياة الفوضوية، وقد كشفت إحدى الدراسات التي أُجريت على 610 من هؤلاء الصبية، عن وجود مستوى عال من الخلافات الأسرية، ولاحظ الكثير من الأطباء وجودَ نسبة أعلى من حالات الطلاق والانفصال، والتعاسة الزوجية في عائلات مرضاهم الشاذين، وسبق أن لجأ الكثير من آباء هؤلاء الصبية وأمهاتهم لطلب الاستشارة الزوجية قبل أن تظهر حاجة أطفالهم إلى الرعاية الطبية بسبب اضطراب الهوية الجنسية لديهم.
كما وجد أن هنالك سمة مشتركة بين آباء الرجال الشواذ وهي: العجز عن استحضار القدرة على حل مشكلات علاقاتهم مع أبنائهم، وبدلًا من التواصل بقوة، فإن هؤلاء الآباء كانوا يميلون إلى الانسحاب والتجنب والشعور بالألم، وبالتالي انعكس هذا على علاقتهم بأطفالهم وحرمانهم من النشأة السوية.
وحين تتبع انحرافات الأبناء فغالبًا ستجد أنها ظهرت ضمن أسرة غير سوية، وتعدت آثارها لتصبغ سلوك أبنائها في بقية أعمارهم، كما تدل على ذلك الدراسات النفسية والتربوية والاجتماعية.
وظهر في بعض الحالات النادرة أن تريد أمهات الصبية الشواذ جنسيًّا أن يصبحن رجالًا، فيبدأنَ في التنافس مع أولادهن؛ مما يشوه مفهوم الذكورة لدى هؤلاء الصبية، وحين تصبح المرأة المسترجلة قدوة لطفلها، فإن ذلك سيجعل معالم الرجولة لديه مشوهة!
تغيير الهوية الجنسية لن يغير الواقع:
على المجتمع أن يقاوم تضليل الذات وتضليل الأفراد الذي تمارسه جماعات دعم الشواذ:
فإن قطع أجزاء من الجسم
وتكبير حجم الثدي
وحقن الهرمونات
وقص اللحية
لن تحول الرجل إلى امرأة
بل ستجعل منه أقل من شخص خصيٍّ!
يقول ديل أوليري مؤلف كتاب أجندة الهوية الجنسية:
"إنه يجب على المجتمع أن يقاوم تضليل الذات والفتى في - مدينة بروكتون، بولاية ماساشوستس - لا تجب الإشارة إليه بالضمير "هي"، ولا يهم في ذلك عدد القضاة والاختصاصيين المعالجين الذين يد عون بأنه كذلك، بل هو في الحقيقة يعاني اضطرابًا حادًّا في الهوية الجنسية، ولذلك فهو في أمس الحاجة إلى المساعدة الجادة، وللأسف فإن الكثير من اختصاصيي الصحة العقلية والطبية يرون أن تقديم الدعم لهذه الصورة المضللة يعتبر أساسًا للعلاج بدلًا من العمل على إيجاد علاج لهذا النوع من المشكلات النفسية، والأدهى من ذلك، أنهم يتمادون في ضلالهم من خلال السماح بإجراء عملية جراحية تستهدف تغيير جنس الفرد.
إن المرضى الذين يعانون الاعتقاد بأنهم رجال محبوسون أجساد النساء، (أو أنهم نساء محبوسات في أجساد الرجال)، يحتاجون إلى مساعدة حقيقية، إن قطع الأجزاء الخاصة بجسم الرجل وتكبير حجم الثدي، وحقن الجسم بالهرمونات الأنثوية، وقص اللحية لن تجعل من هذا الرجل امرأة - بل ستجعل منه شيئا أقل من شخص خصي - إن إجراء العملية الجراحية لن يغير من حقيقة أن كل ذرة وكل خلية في جسد هذا الرجل تُظهر بوضوح الجينات الذكورية.
ويشير "أوليري" أيضًا إلى أن كل هذه الجهود هي جزء من حركة اجتماعية تهدف إلى إثارة البلبلة حول الهوية الجنسية للفرد، وزعزعة استقرار الحياة الجنسية السوية".
علاقة الشواذ بعالم ديزني:
علاقة الشواذ بعالم ديزني علاقة إشباع الجانب الأنثوي في تكوينهم الشاذ!
"يشعر الرجال الشواذ بالانجذاب نحو الصور الأنثوية المثيرة للإعجاب والجدل، ولا يختارون الرجال رموزا لهم، فيشعرون بسحر شخصيات نسائية يتسمن بالصرامة والحزم والإغراء مثل "جودي جارلاند"، و"باربرا سترايساند"، و"بيتي ديفيس" و"بيتي ميدلر"، أو شخصيات مأساوية أُسِيَء فَهْمُهنَّ مثل "مارلين مونرو"، و"جودي جارلاند"، و"الأميرة ديانا"، وعندما كان هؤلاء الشواذ أطفالًا، كانت تأسرهم صور كرتونية مثل الأميرة الهندية "بوكاهانتس"، وعروس البحر الصغيرة و"سندريلا"، وكانت مسايرة الرموز الأنثوية تتيح لهم النفاذ إلى التصورات الأنثوية السرية لعالم الطفولة؛ مما كان يسمح لهم بالهروب من تحدي تنمية قدراتهم الذكورية.
ويتساءل "توم هيس" كبير المحررين سابقًا في "عين على العائلة"، وهي مؤسسة كنسية تهتم بشؤون الأسرة: "لماذا ينجذب الرجال الشواذ إلى عالم ديزني في شهر يونيو من كل عام؟
إن كل من يشكك في أن الاضطراب الجنسي هو أساس الشذوذ الجنسي لدى الرجال، سوف تزول شكوكه بعد أن يرى احتفال ديزني السنوي بما يسمى يوم الشاذين، يقول "هيس" ملاحظًا: "إن الإعجاب الشديد برموز عالم ديزني - مثل "أليس" - هو أحد الأمور المفضلة التي تجذب انتباه الشواذ الذين يتقاطرون على ديزني في يوم الشواذ في كل عام.
ويضيف "هيس" تنزل سنووايت ومعها الأقزام السبعة من عربة الغابة المسحورة، وابتسامة عريضة تعلو وجوههم، ويدعون الكثير من الأطفال تحت سن السادسة للانضمام إليهم والرقص معهم، ولكن في هذا اليوم يوم الشواذ هناك رجل يرقص بمرح مع سنووايت، بينما يرتدي تاجًا من الماس لفتاة صغيرة.
ويقول "هيس": وهناك أيضًا آلاف الشواذ الذين يشاهدون ذلك، والذين يظهرون الفرحة مثل الأولاد الصغار.. فهناك بحر من الرجال الذين يصفقون ويهتفون".
منقول