تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: القصة الشعرية في العصر الجاهلي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,461

    افتراضي القصة الشعرية في العصر الجاهلي

    القصة الشعرية في العصر الجاهلي
    د. إبراهيم عوض




    والآن إلى شواهد من القصص الجاهلي الذي أوردته لنا كتب الأدب ودواوين الشعر: ونبدأ بقصيدتي تأبط شرًّا في لقائه بالغول؛ حيث يتحدث عن ذلك الوحش الخرافي حديث المصدق بوجوده؛ إذ كان الإيمان بالغول واحدًا من الاعتقادات الجاهلية، وقد يكون تأبط شرًّا توهم رؤية الغول فعلًا، ثم أضاف إلى وهمه بعض التفاصيل والتحابيش، أو يكون قد اخترع القصة كلها اختراعًا، وقد...، وقد... إلا أن الأبيات مع ذلك تصور اعتقادًا كان سائدًا بين الجاهليين كما ذكرنا، أو فلنقل: إنها تصور خرافة من خرافاتهم، ومعروف أن أهل الريف في بلادنا إلى وقت قريب كانوا هم أيضًا يؤمنون بالغول، وأذكر أنني كنت في طفولتي أرتعب من ذكر تلك الغول؛ إذ كان اعتقادنا أنها تنبش القبور وتأكل جثث الموتى، فكنت أتخيلني وقد مت ووسدت الثرى في القبر وتركني أهلي ومضوا إلى بيوتهم لتنفرد بي الغول في الظلام تأكل لحمي أكلًا وتنهش عظامي نهشًا، وأنا من العجز في حالة تامة! وبطبيعة الحال فإن مثل هذا الاعتقاد قد تقلص إلى حد بعيد ولم أعد أسمع بشيء من ذلك مع انتشار التعليم ودخول الكهرباء القرية، وربما كان تكرُّر حديث شاعرنا في قصيدتين على الأقل عن الغول راجعًا إلى أنه كان كثيرًا ما يجوب الصحراء في الظلام الدامس وحيدًا؛ إذ كان صعلوكًا متمردًا لا يأوي إلى المجتمعات، بل كان يشكل، مع أمثاله من الصعاليك المتمردين، عصابات لقطع الطريق، فكانت حياتهم قلقًا وخوفًا وتشرُّدًا مستمرًّا، فإذا أضفنا الجهل الذي كان سائدًا آنذاك في المجتمع العربي تبين لنا أن انتشار مثل تلك الخرافة بين الجاهليين أمر طبيعي تمامًا، وبخاصة في ظروف شخص كتأبط شرًّا.


    وقد تكرر ذكر "الغول" في شعر العرب قبل الإسلام بما يدل على أن هذه الخرافة كانت تسكن عقول الجاهليين كما قلنا؛ فمن ذلك قول طارقة الشاعرة الجاهلية، حين اقترن زوجها بامرأة أخرى، إنه قد اتخذ بدلًا منها "هوجاء مقاء كشبه الغول"، ومنه قول امرئ القيس تهكمًا بغريم له كان يهدده بالقتل:
    أيقتُلني، والمَشرفيُّ مُضاجعي ♦♦♦ ومسنونةٌ زرقٌ كأنيابِ أغوالِ؟

    وقول زهير بن أبي سلمى يصف ناقته:
    تُبادر أغوالَ العشيِّ وتتَّقي ♦♦♦ عُلالةَ مَلويٍّ مِن القدِّ مُحْصَدِ
    والآن إلى القصيدتين اللتين قص فيهما تأبط شرًّا حكايته مع الغول، وفيهما يتبدى قصَّاصًا بارع التصوير والتشويق والفكاهة والمقدرة على إجراء الحوار، والتحول من السرد إلى الحديث بين بطلي قصته في اقتدار ومهارة، إلى جانب انتقاله في القصيدة الأولى من الفعل الماضي إلى التعبير بالفعل المضارع عما مضى من وقائع بينه وبين الغول بما يجعلنا نشعر أننا نشاهد حوادث تقع الآن تحت أعيننا، لا أمورًا مضت وانقضت، كما في قوله:
    "فشدت... فأهوى لها كفي... فأضربها... فخرت:
    ألا مَن مبلِغ فتيانَ فهمٍ
    بما لاقيتُ عند رحى بطان


    بأني قد لقيتُ الغولَ تهوي
    بشُهب كالصحيفةِ صَحْصحان


    فقلتُ لها: كلانا نضوُ أينٍ
    أخو سفرٍ فخلِّي لي مكاني


    فشدَّت شدة نحوي فأهوى
    لها كفِّي بمصقولٍ يماني


    فأضربها بلا دهَشٍ فخرت
    صريعًا لليدينِ وللجِرَان


    فقالت: عُد، فقلت لها: رويدًا
    مكانكِ إنني ثَبْتُ الجَنان


    فلم أنفَكَّ متكئًا عليها
    لأنظرَ مُصبِحًا ماذا أتاني


    إذا عينانِ في رأسٍ قبيحٍ
    كرأس الهِرِّ مشقوقِ اللسان

    وساقا مُخْدجٍ وشَواةُ كلبٍ
    وثوبٌ مِن عَباءٍ أو شِنان؟


    وأدهمَ قد جُبت جلبابه
    كما اجتابتِ الكاعبُ الخيعلا


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,461

    افتراضي رد: القصة الشعرية في العصر الجاهلي

    كما اجتابتِ الكاعبُ الخيعلا

    إلى أن حدَا الصبحُ أثناءه
    ومزَّق جلبابَه الأليلا


    على شيمِ نارٍ تنوَّرْتها
    فبتُّ لها مدبرًا مقبلا


    فأصبحت والغولُ لي جارةً
    فيا جارتا، أنتِ ما أهولا


    وطالبتُها بُضعَها فالتوت
    بوجهٍ تهوَّل فاستغولا


    فقلت لها: يا انْظري كي ترَيْ
    فولَّت، فكنتُ لها أغولا


    فطار بقحفِ ابنة الجنِّ ذو
    سفاسقَ قد أخلَق المِحمَلا


    إذا كَلَّ أمهيتُه بالصفا
    فحد ولم أُرِه صيقلا


    عظاءةُ قفرٍ لها حُلَّتا
    ن مِن ورقِ الطَّلح لم تُغزَلا


    فمَن سال: أين ثوَتْ جارتي؟
    فإن لها باللّوَى منزلا

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,461

    افتراضي رد: القصة الشعرية في العصر الجاهلي


    وأما الشاهد الثاني فمن شعر للنابغة الذبياني يصف فيه مطاردة الكلاب للثور الوحشي حين يطلقها صاحبها عليه أثناء اصطياده لها، ومثل تلك القصة التي تتكرر كثيرًا في الشعر الجاهلي تدل على شيوع صيد الثور الوحشي في بلاد العرب قبل الإسلام، والأبيات مأخوذة من معلقة الشاعر المشهورة، ولا ينبغي أن يفوتنا ما تتميز به تلك الأبيات من وصف مفعم بالحيوية والدقة في التشبيه والتنبيه للتفصيلات الموحية، ولا بد من التنبيه ثانية إلى أن القصة التي نحن بصدد الكلام عنها لا تستقل بقصيدة كاملة، بل تشكل فقط جزءًا من قصيدة أكبر، شأنها في ذلك كشأن أغلب القصص الجاهلي الشعري:

    كأنَّ رَحْلي وقد زال النهارُ بنا
    يومَ الجليل على مستأنس وحِدِ


    مِن وحشِ وجرةَ موشيٍّ أكارعُه
    طاوي المصيرِ كسيفِ الصيقل الفرَد


    سرَتْ عليه مِن الجوزاء ساريةٌ
    تُزجي الشِّمالُ عليه جامدَ البرَد


    فارتاع مِن صوتِ كلَّابٍ فبات له
    طوعَ الشوامتِ مِن خوفٍ ومِن صرَد


    فبثَّهن عليه واستمر به
    صُمْع الكعوبِ بريئات من الحرَد


    وكان ضُمْرانُ منه حيث يُوزِعه
    طَعْنَ المعاركِ عند المحجر النجُد


    شكَّ الفريصةَ بالمِدْرَى فأنفَذها
    طَعْن المبيطِرِ إذ يشفي مِن العضَد


    كأنه خارجًا مِن جنبِ صفحتِه
    سفُّودُ شَربٍ نسُوه عند مفتأَد



    لما رأى واشقٌ إقعاصَ صاحبِه
    ولا سبيلَ إلى عقلٍ ولا قَوَدِ


    قالت له النفسُ: إني لا أرى طمَعًا
    وإن مولاك لم يسلَمْ ولم يصِدِ





    يتبع


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,461

    افتراضي رد: القصة الشعرية في العصر الجاهلي

    القصة الشعرية في العصر الجاهلي
    د. إبراهيم عوض






    كذلك تصور الأبيات التالية، وهي لامرئ القيس، واقعة من وقائع الصيد، إلا أن الفريسة هنا أرنب بري، لا ثور وحشي، ثم تنتهي بالحديث عن تناول الطعام بعد انتهاء المطاردة بالنجاح، فهي إذًا قصة من قصص القنص واللهو:

    كأن غُلامي إذ علا حال متنِه
    على ظهرِ بازٍ في السماء محلِّق

    رأى أرنبًا فانقضَّ يهوي أمامه
    إليها وجلَّاها بطَرف مُلَقلق


    فقلتُ له: صوِّبْ ولا تجهَدَنَّه
    فيذرك مِن أعلى القطاة فتزلق

    فأدبرنَ كالجزع المفصَّل بينه
    بجِيدِ الغلام ذي القميص المطوَّق


    وأدركهن ثانيًا مِن عِنانه
    كغيثِ العشيِّ الأقهب المتودّق

    فصاد لنا عَيرًا وثورًا وخاضبًا
    عِداءً ولم ينضح بماءٍ فيعرَق

    وظل غلامي يُضجِع الرمح حوله
    لكلِّ مَهاةٍ أو لأحقَبَ سَهْوق


    وقام طوال الشخص إذ يخضبونه
    قيامَ العزيزِ الفارسيِّ المنطق

    فقلنا: ألا قد كان صيدٌ لقانص
    فخبوا علينا كلَّ ثوبٍ مزوَّق


    وظلَّ صِحابي يشتَوُون بنَعمةٍ
    يصفُّون غارًا باللكيك الموشَّق


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,461

    افتراضي رد: القصة الشعرية في العصر الجاهلي


    أما الأبيات التي نحن مقبلون عليها الآن، وهي للملك الضليل أيضًا، فتتوسع في الحديث عن نزوله هو وأصحابه في بعض الطريق بغية الأكل والاستراحة، حيث نصبوا لأنفسهم ما يشبه الخيمة يستترون بها، ثم راحوا بعد ذلك يتناولون ما أعدوه من شواء لم يجدوا بدًّا حين انتهوا منه من مسح أيديهم في أعراف خيولهم؛ لعدم وجود مناديل معهم، كذلك لم يفت الشاعر التلفت حوله وتسجيل ما كان يراه من حيوان وحشي يقف على مقربة منهم ويتطلع إليهم بعيونه التي تشبه حبات الجَزع غير المثقوب، كما يقول، والجَزع حجر كريم تتخذ منه العقود التي تزين نحور الجميلات، وهو تشبيه عجيب، وهناك كلمة ليست شائعة الاستعمال في الأدب العربي، حتى في القديم منه، هي كلمة "نمش"، ولها علوق بالقلب رغم ذلك، وهي قريبة من "نمس"، وإن لم يقتصر معناها على مجرد المس، بل تضم إليه أيضًا معنى مسح اليد في شيء خشن بغية إزالة ما علق بها من دسم، وهذه هي الأبيات:
    وقلت لفتيان كرام: ألا انزلوا
    فعالوا علينا فضلَ ثوبٍ مطنَّب


    وأوتاده مازيَّة، وعماده
    رُديْنيَّة فيها أسنَّة قُعْضب


    وأطنابه أشطانُ خوصٍ نجائبٍ
    وصهوتُه مِن أتحميٍّ مُشَرْعب


    فلمَّا دخَلْناه أضفنا ظهورَنا
    إلى كلِّ حاريٍّ جديدٍ مُشَطَّب

    فظلَّ لنا يومٌ لذيذ ونَعمة
    فقُلْ في مقيلٍ نحسُه متغيِّب

    كأنَّ عيونَ الوحش حول خبائِنا
    وأرْحُلنا الجَزْعُ الذي لم يُثقَّبِ

    نمشُّ بأعرافِ الجياد أكُفَّنا
    إذا نحن قُمْنا عن شواءٍ مُضهَّب


    إلى أن تروَّحْنا بلا متعنّت
    عليه كسيِّدِ الرَّدهةِ المتأوِّب


    يتبع

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,461

    افتراضي رد: القصة الشعرية في العصر الجاهلي

    القصة الشعرية في العصر الجاهلي
    د. إبراهيم عوض





    ونظل مع امرئ القيس في لهوه، ولكن في غير ميدان القنص، أو قل: إنه في ميدان القنص أيضًا، إلا أنه قنص من نوع آخر، قنص المرأة لا قنص الحيوان، وفي الأبيات التي سنوردها من فورنا يروي لنا الشاعر، صدقًا أو كذبًا، بعض مغامراته في دنيا النساء، حيث يتبدى شخصًا عابثًا فاجرًا لا يرعوي عن فاحشة، بل يباهي بما يجترحه من عدوان على الحرمات والأعراض حين يتسلل في جنح الليل البهيم إلى حيث اتَّعَد مع إحدى صواحبه في الخلاء، أو إلى حيث يقتحم على أخرى خباءها، وهي تناشده أن يتركها ولا يفضحها، إلا أنها مناشدة غير صادقة فيما يبدو، وإلا ما استجابت له رغم ذلك وتمادت معه فيما أراده منها... إلخ، وهو في كل ذلك يصف حبيباته وصفًا حيًّا عجيبًا، ويحكي ما وقع منهن ومنه غير متحرج من شيء، موردًا كثيرًا من التفصيلات الدالة، التي تعيد لنا المنظر والحدث كأنهما ابنا اللحظة، مشهرًا بهن لما مرد عليه من استهتار؛ إذ كان ابن ملك لا يبالي بما يأتي أو يدع، وعجيب أنه، حين يصور ما يقع من النساء من تصرفات أو ما يصدر عنهن من كلام، قادر على تقمصهن، فكأن امرأة هي التي تتكلم أمامنا أو تتصرف، لا أننا نقرأ شِعرًا:
    ويومَ دخلتُ الخِدرَ خِدر عنيزة
    فقالت: لك الويلاتُ إنك مُرْجلي

    تقول وقد مال الغبيطُ بنا معًا:
    عقرتَ بعيري يا امرأَ القيس فانزِل

    فقلتُ لها: سيري وأرخي زمامه
    ولا تُبْعديني مِن جَناك المعلَّل

    فمثلِك حُبلى قد طرقتُ ومرضعٍ
    فألهيتُها عن ذي تمائمَ محوَلِ

    إذا ما بكى مِن خلفها انصرفَتْ له
    بشِقٍّ، وتحتي شِقُّها لم يُحوَّل

    ويومًا على ظهرِ الكثيبِ تعذَّرَتْ
    عليَّ وآلَتْ حَلفةً لم تحَلَّلِ

    أفاطمُ، مهلًا بعضَ هذا التدلُّلِ
    وإن كنتِ قد أزمعتِ صرمي فأجمِلي

    وإن تكُ قد ساءَتْك مني خليقةٌ
    فسُلِّي ثيابي مِن ثيابِك تنسُلِ

    أغرَّكِ مني أن حُبَّكِ قاتلي
    وأنكِ مهما تأمُرِي القلبَ يفعَلِ؟

    وما ذرفَتْ عيناكِ إلا لتضرِبي
    بسهمَيْك في أعشارِ قلبٍ مُقتَّلِ




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,461

    افتراضي رد: القصة الشعرية في العصر الجاهلي

    وبيضةِ خدرٍ لا يُرامُ خباؤُها
    تمتَّعْتُ مِن لهوٍ بها غيرَ مُعْجَلِ

    تجاوزتُ أحراسًا إليها ومعشرًا
    عليَّ حِراصًا لو يُسرُّونَ مقتلي

    إذا ما الثُّريا في السماءِ تعرَّضَتْ
    تعرُّضَ أثناءِ الوشاحِ المُفصَّلِ

    فجئتُ وقد نضَّتْ لنومٍ ثيابَها
    لدى السِّترِ إلا لِبسةَ المتفضِّلِ

    فقالت: يمينَ اللهِ ما لك حيلةٌ
    وما إن أرى عنكَ الغَوايةَ تَنْجلي

    خرَجْتُ بها أمشي تجرُّ وراءَنا
    على أثرَيْنا ذيلَ مِرطٍ مُرَحَّلِ

    فلما أجَزْنا ساحةَ الحيِّ وانتحى
    بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ

    هصَرْتُ بفَوْدَيْ رأسِها فتمايلَتْ
    علَيَّ هضيمَ الكَشْحِ ريَّا المُخَلْخَلِ

    مُهَفْهَفةٌ بيضاءُ غيرُ مفاضةٍ
    ترائبُها مصقولةٌ كالسَّجَنْجَلِ

    كبِكرِ المقاناةِ البياضِ بصفرةٍ
    غذَاها نميرُ الماءِ غيرِ المُحلَّلِ

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,461

    افتراضي رد: القصة الشعرية في العصر الجاهلي

    نصيحٍ على تَعْذالِه غير مُؤْتَلِ

    وتبقى الأبيات التالية، وهي لسلامة بن جندل، وفيها يصور انتصار قومه على أعدائهم، ساردًا ما وقع لكل واحد من كبار محاربي أولئك الأعداء: فمنهم من صُرع في التراب، ومنهم من نجاه الفرار من الهلاك؛ إذ نالته طعنة كان من شأنها أن ترديه قتيلًا لولا أن أجله لم يحِنْ بعد، ومنهم من وقع أسيرًا في أيديهم فاقتادوه إلى مضاربهم مكبلًا بالأغلال تتفرج عليه نساء القبيلة ويشمتن به وبقومه، وكما نرى فهو يطلعنا في كل لوحة على صورة من صُور تلك الهزيمة التي مُني بها هؤلاء الأعداء، والملاحظ أنها مجرد سرد ووصف لا حوار فيها ولا توسع في التفاصيل، إلا أن الروح القصصية ظاهرة فيها رغم ذلك:
    ومن كان لا تُعتد أيامُه له
    فأيامُنا عنا تُجلي وتعربُ

    جعلنا لهم ما بين كتلة رَوْحة
    إلى حيث أوفى صوَّتيه مثقَّبُ

    غداةَ تركنا في الغبار ابنَ جحدر
    صريعًا، وأطراف العوالي تصَبَّبُ

    لقوا مِثل ما لاقى اللُّجَيميُّ قبله
    قتادة لما جاءنا وهْو يطلُب

    فآبَ إلى حجر، وقد فض جمعه
    بأخبثِ ما يأتي به متأوّبُ

    وقد نال حدُّ السيف من حُرِّ وجهه
    إلى حيث ساوى أنفه المتنقَّبُ

    وجشَّامة الذُّهْلي قد وسَّجَتْ به
    إلى أهلنا محزومةٌ، وهْو مُحْقَبُ

    تعرَّفَه وسْطَ البيوت مكبَّلًا
    ربائبُ مِن أحسابِ شيبانَ تثقب

    وهوذة نجَّى بعدما مال رأسُه
    يمانٍ إذا ما خالط العظمَ مِخدَبُ



    غداةَ كأنَّ ابني لجيمٍ ويَشْكرًا
    نعامٌ بصحراءِ الكديدينِ هُرَّبُ


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •