3373- (يجيء الرجل يوم القيامة من الحسنات ما يظن أنه ينجو بها، فلا يزال يقوم رجل قد ظلمه مظلمة، فيؤخذ من حسناته؛ فيعطى المظلوم حتى لا تبقى له حسنة، ثم يجيء من قد ظلمه؛ ولم يبق من حسناته شيء، فيؤخذ من سيئات المظلوم فتوضع على سيئاته).

قال الالباني في السلسلة الصحيحة :

أخرجه البزار في مسنده "البحر الزخار" (6/ 490- 491/2524) وعنه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/316ـ317/6153): حدثنا عبدالله بن إسحاق العطار قال: أخبرنا خالد بن حمزة العطار قال: أخبرنا عثمان بن غياث قال: أخبرنا أبو عثمان عن سلمان رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات من رجال "التهذيب "؛ غير خالد بن حمزة العطار، وذكره المزي في الرواة عن عثمان بن غياث، ووصفه بـ (الأحمر)، ولم أجد له ترجمة. وأما الهيثمي؛ فقال (10/353):
"رواه الطبراني، والبزار عن عبدالله بن إسحاق العطار عن خالد بن حمزة ، ولم أعرفهما، وبقية رجاله رجال (الصحيح) ".
قلت: الأول مترجم في "التهذيب "؛ كما تقدمت الإشارة إليه، وهو عبدالله ابن إسحاق بن محمد الناقد أبو جعفر الواسطي، ويقال: البغدادي، وذكره ابن
حبان في "الثقات " (8/362)، وروى له في "صحيحه " (8/142- 143/6455) بواسطة شيخ له، وهو من شيوخ جمع من الحفاظ ، كابن ماجه وابن جرير، وبحشل الواسطي في "تاريخ واسط " (ص 237)، فالإسناد صحيح، لولا خفاء حال خالد بن حمزة علينا، لكنه قد توبع، فقال خالد الحذاء: سمعت أبا عثمان النهدي يحدث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"يرفع للرجل الصحيفة يوم القيامة، فما تزال مظالم بني آدم تتبعه... " الحديث نحوه باختصار، قال:
فقلت له، أو قال له عاصم: عمن يا أبا عثمان ؟! فقال: عن سلمان، وسعد، وابن مسعود، حتى عد ستة أو سبعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال شعبة: فسألت عاصماً عن هذا الحديث؟ فحدثنيه عن أبي عثمان عن سلمان، وأخبرني عثمان بن عتاب أنه سمع أبا عثمان يحدث بهذا عن سلمان وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
أخرجه الحاكم (4/ 574)، وقال:
"صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي!
وأقول: إنما هو على شرط مسلم؛ لأن أبا داود الراوي عن شعبة لم يخرج له البخاري إلا تعليقاً ، وهو الطيالسي.
ورواية الحاكم هذه مما فات المنذري؛ فإنه ساقها في "الترغيب " (3/145/13) من طريق أبي عثمان عن سلمان الفارسي وسعد.. إلخ قالوا: إن الرجل لا ترفع له يوم القيامة صحيفته حتى يرى أنه ناج، فما تزال مظالم بني آدم... إلخ، هكذا ذ كره موقوفاً. وقال:
"رواه البيهقي في "البعث "، واسناده جيد".
قلت: كتاب "البعث " هذا لم يطبع منه إلا الجزء الثاني والأخير منه، ولذلك لم يتيسر لي الوقوف على إسناده، ويغلب على الظن أنه من طريق الطيالسي. والله أعلم.
وللحديث شواهد كثيرة في "مجمع الزوائد"؛ من أحسنها حديث أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
"يجيء الظالم يوم القيامة؛ حتى إذا كان على جسر جهنم بين الظلمة والوعرة؛ لقيه المظلوم، فعرفه؛ وعرف ما ظلمه به، فما يبرح الذين ظلموا يقتصون من الذين ظلموا؛ حتى ينزعوا ما في أيديهم من الحسنات، فإن لم يكن لهم حسنات؛ رد عليهم من سيئاتهم مثل ما ظلموا، حتى يوردوا الدرك الأسفل من النار".
أخرجه البخاري في "التاريخ " (2/1/228ـ229)- ولم يسق لفظه-، وحسين المروزي في "زوائد الزهد" (499/1420)، والطبراني في " المعجم الأوسط " (6/455/5973)- والسياق له- من طريق حسين المعلم عن أيوب عن الجهم بن فضالة عنه. وقال الطبراني:
"لم يروه عن أيوب إلا حسين المعلم، تفرد به ابن أبي عدي ".
قلت: تابعه عند البخاري روح- وهو ابن عبادة-، ورجاله ثقات معروفون من رجال الشيخين؛ غير الجهم بن فضالة، لم يوثقه غير ابن حبان (4/113)، وذكر أنه روى عنه سويد أبو قزعة.
قلت: وسويد ثقة، ومثله أيوب هنا، فقد روى عنه ثقتان، فهو حسن الحديث أو قريب منه، فيصلح للاستشهاد به.
ومن تلك الشواهد حديث أنس بن مالك، وقد تقدم تخريجه برقم (3265). *