منهج تدريس اللغة العربية (المحادثة) لغير الناطقين بها
فراس رياض السقال



مقدمة:
الحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعدُ:
فإنَّ لكل مادة تعليمية طريقة ومنهجية مُتَّبعة في تدريسها؛ حيث تتبايَن الحصص الدراسية بعضها عن بعض لسببين:
1- طبيعة المادة الدراسية.
2- طريقة عَرْضها مِن قِبل المعلِّم.


ومادة اللغة العربية مادة أدبية حسِّيَّة ثقافية، تعتمد على "النطق والسماع والإدراك والتقليد"، وتكون الحاجةُ ماسَّةً لهذه العناصر الأربعة في قسم "المحادثة" أكثر مِن غيرها.


والمحادثة: هي الكلام المُتَبادل بين شخصين أو أكثر؛ لإيصال فكرةٍ معينة، إضافة إلى إظهار مجموعة المشاعر والأحاسيس عبر وسيلة النطق بالحروف العربية أو باللغة التي يتعلَّمها الطالب.


أركان المحادثة الصحيحة، هي:
أ*- الأشخاص المتحدِّثون؛ اثنان فأكثر.
ب*- التعبير الصادق.
ت*- الاستماع الجيد للألفاظ بشكل صحيح ومركَّز.
ث*- فهم الشيء المسموع.
ج*- النطق السليم.
ح*- أداء المسموع وتقليده.



طريقتي في التدريس:
1- التدرُّج من السهل والانتقال بشكل لطيف للأصعب.
2- تعريف الطالب بمزايا اللغة العربية وفوائدها وفضائلها وعِظمها، وتيسيرها له.
3- تحبيب الطالب في اللغة العربية؛ فالإنسان عدوُّ ما يجهله.
4- الإشارة وسيلة تعليمية مهمة جدًّا في دروس المحادثة، يجب الاعتماد عليها.
5- الصور والإيضاحات مِن الوسائل والأدوات التعليمية المهمة في كل المواد، وفي المحادثة أَوْلَى.


6- التكلُّم والشرح والسؤال (الدرس يكون كاملًا) باللغة العربية فقط، دون التعرُّض لكلمة واحدة باللغة المغايرة، وتعود الفائدة على الطالب بهذا الأسلوب، في:
أ*- سماع الطالب أكبر قدر ممكن مِن ألفاظ اللغة العربية.
ب*- تعرُّف الطالب على إيحاءات وتعبيرات الأستاذ بنُطقه الكلمة العربية.
ت*- مساعدة الطالب على التركيز بشكل كامل (الرؤية - السماع - الفهم) ليفهم معنى الكلمة.
ث*- حثُّ الطالب على السؤال عن أي شيء يجهله في اللغة.
ج*- إعطاء الطالب اللفظ الأصح والأمثل للكلمة.
ح*- تشجيع الطالب على البحث في المعاجم والقواميس لإيجاد الكلمة المطلوبة.
خ*- تقوية مخارج الحروف لدى الطالب (الأجنبي) عند تقليده الأستاذ وتكراره للَّفظ.
د*- محاولة الطالب عدم تفويت أي لحظة في الدرس؛ ليسمع الكلمة بشكل صحيح.
ذ*- الكلمة العربية المغايِرة للغة الطالب تجعله مُتيقِّظًا مُبتعِدًا عن الشُّرود.
ر*- تنبيه الطالب على الفوارق والمتشابهات بين الكلمات العربية وبين لغته الأُمِّ.
ز*- الإكثار مِن سماع الشيء يُنمِّي عند الطالب حُبَّ التقليد والتكرار.
س*- أخيرًا وهو الأهم: اللغة أساسها النطق، وباب النطق للعقل الأذن، فالسماع أولى في تعليم اللغة.


7- سؤال الطلاب جميعًا بشكل (جماعي أو فردي) عمَّا فَهِموا من النص أو الجملة أو الكلمة "قبل الشرح"، وعن أي أمر صَعُب فهمُه.


8- إعطاء الطالب الوقت الكافي للتفكير في الإجابة، وإعادة السؤال إن لم يفهم.
9- التخلُّص والابتعاد عن جوِّ الملل، بالانتقال من موضع لآخر، ومن فكرة لأخرى عند الإحساس بثقل الدرس.
10- استعمال كل الأدوات والوسائل التعليمية الحديثة المتاحة؛ فهي تُساعد على فهم أفضل، وسرعة إيصال الفكرة.
11- الاهتمام بالواجبات البيتيَّة والأنشطة الفردية والجماعية.
12- إجراء الاختبارات المتعدِّدة خلال الفصل الواحد لتحديد مستوى الطالب.
13- بعد كل ما تقدَّم، التوكُّل على الله عز وجل، فهو وليُّ الأمر والتدبير، وهو الموفِّق سبحانه وتعالى.

معايير تحديد مستوى الطالب:
أ*- في المستوى الأول: يُختبر الطالب في قدرته على إخراج مخارج الحروف والكلمات بشكل جيد، وإتقانه للمواضيع اليسيرة المطلوبة منه.


ب*- في المستوى الثاني: يُختبر في قدرته على تكوين الجملة الاسمية والفعلية والتمييز بينهما، والتدريب على ذكر المضاد والمفرد والجمع.


ت*- في المستوى الثالث: يختبر في استيعابه للكلام الذي يسمعه وقدرته على الإجابة بشكل صحيح، واختباره في بعض المرادفات والمضادات (ضمن المواضيع المحددة).


ث*- في المستوى الرابع: يجب أن يكون قادرًا على الإجابة عن أي سؤال "ضمن ما درسه"، والتعبير الصحيح عما يُخالجه من مشاعر وأحاسيس (في إطار الكلمات والألفاظ التي اكتسبها خلال العام).

الطرق والوسائل والآليات المناسبة في تعليم الطالب اللغة العربية "مِن خلال تجربتي بتدريسها":
التكلُّم باللغة العربية فقط.
قراءة وكتابة أسماء الطلاب باللغة العربية.
إسماع الطلاب الحروف الأبجدية، والسماع منهم بشكلٍ يومي.
حث الطالب على سَماع القرآن الكريم بشكل دائم.
إسماع الطلاب بعض آيات مِن القرآن الكريم بشكل يومي (ثلاث أو أربع دقائق).
تعليم الطلاب بعض القصائد الشعرية المفيدة، وتحفيظهم إياها والسماع منهم أيضًا، وجَعْلها نشيد البداية.
سؤال الطلاب دائمًا عن كل فكرة بشكل واسع.
سماع الكلمات والجمل والنصوص مِن كل الطلاب.
التلقين الصحيح لكل جديد مِن النصوص، مع تكرار اللفظ من الأستاذ والطالب.
عرض مقاطع صوتية يسيرة للطلاب من (القصائد الشعرية - أناشيد للأطفال).
عرض أفلام ومسلسلات كرتونية هادفة لتشجيعهم على الحِوار.
انتقاء المقاطع والنصوص والمسلسلات والأناشيد باللغة الفصحى والابتعاد عن العامِّية.
سؤال الطلاب ماذا فهِموا من المقطع الذي سمِعوه؟
تكليف الطلاب بواجب سماع المقطع في المنزل ثم كتابته.
تكليف الطالب بالوقوف أمام رفاقه ليتكلَّم باللغة العربية بشكل كيفيٍّ (خمس دقائق).
تكليف الطالب بالوقوف أمام رفاقه والإجابة عن أسئلتهم (خمس دقائق).
سؤال الطالب أسئلة كيفيَّة من قِبل الأستاذ.
تكليف الطلاب بكتابة بعض الجمل في البيت (فعلية - اسمية).
حث الطالب على الاستماع للقنوات الإخبارية العربية التي تلتزم الفُصحى.
حث الطالب على الاستماع لقناة الحديث النبوي الشريف في المدينة المنوَّرة.
إجراء بعض المسابقات بين الطلاب بشكل (فِرَق أو ثنائي) يكون الطالب فيها السائل والمجيب.
صهر الآداب والأخلاق العربية والإسلامية مع اللغة في درس المحادثة.
تفعيل دور العارض في الدروس الصوتية والمرئية.
استخدام السبورة؛ فلها دور مهم في الفهم والاستيعاب، وخاصة مع وجود الأقلام الملوَّنة.
إملاء الطلابِ بعضَ الكلمات لكتابتها غيبًا.
مَنْع الطالب من التكلُّم بأي لغة غير العربية بشكل دائم، وعدم السماح بالسؤال بغير العربية.
مساهمة الطُّرْفة والابتسامة في المشاركة في الدرس؛ لتُبعِد الطالب عن الملَل والسآمة.
تعليم الطالب بعض الجموع والمضادات والمرادفات، حتى ولو كانت من خارج الدرس.
تحفيظ الطالب أيام الأسبوع وأشهر السنة والفصول والأرقام.
التكلُّم مع الطالب باللغة العربية، حتى خارج الصف، وفي غرفة المعلم وساحة الاستراحة.
حث الطلاب على التكلُّم معًا في البيت والشارع والمطعم باللغة العربية.
شراء بعض القصص العربية اليسيرة وفتح باب الإعارة من مكتبة المدرسة أو المعهد أو الجامعة.
تكليف الطالب بدفتر صغير (للجيب) يكتب فيه المفردات التي حفظها؛ فتكون كالمعجم الشخصي.
تكليف الطالب بتحويل برامج الهاتف والحاسب والتلفاز إلى اللغة العربية.
تدريب الطلاب على بعض المسرحيات الملتزمة.
توجيه هواة الاستماع للموسيقا عبر هواتفهم بإبدالها بالقرآن الكريم والأناشيد والقصائد الإسلامية العربية.
حث الطالب على مصاحَبة أو مرافقة العرب ليأخذ منهم اللغة بشكل جيد.
تحضير الطلاب بعض المواضيع التي سيدرسها في الدروس القادمة.
تيسير القواعد للطلاب لأبعد الحدود، والخروج عن النمَطية القديمة.
تعليم الطالب الإيجاز في إنشاء الجُمَل وعدم تطويلها.
زَرْع حب اللغة العربية في قُلوب الطلاب، والتخلُّص من فكرة صعوبتها.
استخدام الأفضل في التدريس، والبحث عن الأحدَث في تطوير طُرُق تدريس اللغة.
طرح فكرة السفر في العطلة، وزيارة بعض الدول العربية لممارسة التكلُّم بشكلٍ واسع.


حث الأساتذة في قسم اللغة العربية (النحو والصرف والبلاغة) على التكلُّم مع الطلاب باللغة العربية، ويُعدُّ هذا البند مِن أهم البنود.


السعي في إنشاء وتأسيس مكتبة حافلة بكتب اللغة العربية والأدب في المدرسة والمعهد والجامعة، إضافة لمجموعة صوتيات ومرئيات.


حث الأساتذة في قسم اللغة العربية على كتابة أسمائهم على الأبواب وفي غرفهم باللغة العربية.
إقامة بعض المناسبات الخاصة باللغة العربية، والتحدُّث عنها بتوسُّع مثل: (اليوم العالمي للغة العربية).

حث الطالب على اصطحاب المعجم بشكل دائم.
عدم التكلُّم مع الطالب بالعامِّية أو باللهجة المحلية لبعض البلدان العربية.


ملحوظة: تتضمَّن هذه الرسالة بعض الفقرات الصالحة لتكون منهجًا لتدريس أكثر المواد غير اللغة، إضافة لكونها منهجًا لتدريس كثير من اللغات العالمية أيضًا.


وأخيرًا: ما كتبته في هذه السطور خلاصة خبرتي في هذا الطريق، وقد وفقني ربِّي به في تدريسي للغة العربية مع الإخوة الطلبة غير العرب، أرجو من الله عز وجل أن يوفقني لما فيه الخير والسداد، ويجعل الهداية والرشاد ثمرة عملنا، فهو الموفق، وهو ولي الأمر والتدبير، والحمد لله رب العالمين.