تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: سبب امتناع الائمة من التحديث ببعض نصوص الصفات ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي سبب امتناع الائمة من التحديث ببعض نصوص الصفات ؟



    .............................. ......

    السلَفُ يُثبِتُونَ حقائقَ الصفاتِ ومَعانِيَها الصحيحةَ بالإجماع؛ وهذا ما جاءت به النصوصُ، ويفرِّقُونَ بين سياقاتِ الأقوال، والزَّمَنِ الذي تَنتشِرُ فيه البِدَعُ عن غيرِه: فربَّما منَعُوا روايةَ حديثٍ صحيحٍ؛ خشيةَ فَهْمِهِ على غيرِ وَجْهِه، وربَّما حظَرُوا إطلاقَ لفظةٍ واردةٍ؛ لأنَّ فهمَ الناسِ قد تَغيَّرَ، ولم يكونوا على السليقةِ الأُولَى؛ فتعامَلُوا مع فهم، لا مع مجرَّدِ النصِّ؛ وهذا مِن الفقهِ والحِكْمة ، وربما جاء مزيدُ توضيحِ بإشارةٍ أو عبارةٍ تناسِبُ أذهانَ السامعينَ عند الحديث.

    ومِن ذلك: أنه جاء في الإشارةِ باليَدِ إلى عُضْوٍ في الإنسانِ أو غيرِهِ؛ لإثباتِ صفةِ مِن الصفاتِ الإلهيَّةِ؛ وذلك لإثباتِ حقيقتِها، لا للتشبيهِ ؛ كما جاء مِن حديثِ أبي هُرَيْرةَ؛ أنه قرَأَ قولَهُ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ... } [النساء: ٥٨]، إلى قولِهِ تعالى: {سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: ٥٨]، ثُمَّ قال: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِه، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ"، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقْرَؤُهَا، وَيَضَعُ إِصْبَعَيْهِ " .

    ومرادُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: إثباتُ حقيقةِ السمع والبصر، لا التشبيهُ

    وهكذا فَهِمَهُ السلفُ؛ كما قال ابنُ يُونُسَ: "قال المُقرِئُ ؛ يعني: إنَّ اللهَ سميعٌ بصيرٌ؛ يعني: أنَّ للهِ سَمْعًا وبَصَرًا" . وجعَلَهُ أبو داودَ رَدًّا على المعطِّلة، فقال: "هذا رَدٌّ على الجهميَّة" .
    ولم يَجعَلُوهُ حُجَّةً للمشبِّهة، بل هم يَنقُضُونَ قولَهم وَيرُدُّونَهُ؛ فهم يَعرِفُونَ سياقاتِ الأدلَّةِ، والمرادَ منها، والجمعَ بينها وبين بقيَّةِ النصوصِ في الباب.

    وجاء في معنى ذلك: حديثٌ في صِفَةِ التجلِّي؛ مِن حديثِ أنَسٍ عندَ التِّرْمِذيِّ ، وفي صفةِ القبضِ للأرضِ والطَّيِّ للسمواتِ؛ مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ عند أحمدَ ، وأصلُهُ في مسلِم ، وفي وضعِ الأرضِ على إصبَعٍ، والسماءِ على إِصْبَعٍ؛ مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ عند أحمدَ والتِّرْمِذيِّ ، وبنحوِهِ مِن حديثِ ابنِ مسعودٍ ، وأصلُهُ في البخاريِّ ، وقد حدَّث به يحيى بنُ سعيدٍ أحمدَ بنَ حنبلٍ وأشارَ بإصبعِه، وحدَّث به أحمدُ ابنَه عبدَ الله وأشار بإصبعِه .

    وهذه الأحاديثُ لا تَخفَى على الأئمَّةِ؛ كمالكٍ، وأحمدَ؛ كيف وقد رَوَوْا بعضَها، ويَعلَمُونَ المقصودَ منها. ومع ذلك: فإنَّهم نهَوْا عن الإشارةِ باليَدِ عند الحديثِ عن صفاتِ الرَّبِّ؛ لاختلافِ الفهم، وضعفِ اللسانِ؛ فتَبِعَها ضعفُ إدراكِ المعنى المراد، وربَّما اختلَفَ قولُهم مِن حالٍ إلى حال، ومِن سياقٍ إلى سياق .

    وقد قال مالكٌ: "مَن وصَفَ شيئًا مِن ذاتِ اللهِ؛ مثلُ قولِهِ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: ٦٤]، وأشار بيَدِهِ إلى عُنُقِه، ومثلُ قولِهِ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، فأشارَ إلى عَيْنَيْهِ وأذُنَيْهِ، [أو شَيْءٍ] مِن بدَنِهِ -: قُطِعَ ذلك منه؛ لأنَّه شَبَّهَ اللهَ بِنَفْسِه" .
    وقد قرَأَ رجلٌ عند أحمدَ قولَهُ تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧]، ثُمَّ أومَأَ بيَدِهِ، فقال له أحمدُ: "قطَعَها اللهُ! قطَعَها اللهُ! "، ثُمَّ حرَدَ وقام .
    مع أنَّه قد روَى الخَلَّالُ في "كتاب السُّنَّة"، عن أبي بكرٍ المَرْوَزِيّ، عن أحمَد؛ أنه روَى حديثَ وضعِ السماءِ والأرضِ وغيرِها، كلَّ واحدٍ على إِصْبَعٍ، وقال: "ورأيتُ أبا عبد اللهِ يُشِيرُ بِإصْبَعٍ إِصْبَعٍ" .
    ومِثْلَهُ فعَلَ الأَعمَشُ ، وسُفْيانُ الثَّوْريُّ، عند حديثِ وضعِ القلوبِ بين إِصْبَعَيْنِ مِن أصابعِ الرحمنِ ، وجاء ذلك مِن فعلِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- عند الدارَقُطْنيِّ في "الصفاتِ" .


    وقصدُ الأئمَّةِ -كمالكٍ، وأحمدَ- في نَهْيِهم عن التحديثِ ببعضِ الحديثِ، والتحديثِ مع الإشارةِ، ولو كان واردًا وصحيحًا-: خوفُ تغريرِ العامَّة؛ وعليه نصَّ مالكٌ لمَّا سُئِلَ عن حديثِ: (إنَّ العَرْشَ اهْتَزَّ لِمَوْتِ سَعْدٍ) ، قال: " لا يُتحدَّثْ به، وما يدعو الإنسانَ إلى الحديثِ بذلكَ، وهو يَرَى ما فيه مِن التغرير؟ ! " .

    وحديثُ اهتزازِ العرشِ في "الصحيحَيْنِ"، ولكنَّ صِحَّتَهُ بابٌ، وفَهْمَهُ بابٌ آخَر؛ فما كلُّ صحيحٍ يَصِحُّ التحديثُ به، وقد كان مالكٌ ربَّما وصَفَ مَن يَفعَلُ ذلك بعدَمِ الفقهِ؛ فقد سُئِلَ عمَّن تحدَّث بالحديثِ: (إِن اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ) ، و (إِنَّ اللهَ يَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) ، و "إنَّه يُدْخِلُ يَدَهُ فِي جَهَنَّمَ، فيُخْرِجُ مِنْهَا مَنْ أَرَادَ" ؟ فأنكَرَ ذلك إنكارًا شديدًا، ونهى أن يُحدَّثَ به، قيل: قد تَحدَّثَ به ابنُ عَجْلانَ؟ قال: لم يكنْ مِن الفُقَهاءِ .

    ورُبَّما امتَنَع أحمدُ عن التحديث ببعضِ الحديثِ الصحيح، بل: ما تلقَّتْه العلماءُ بالقَبُول -كحديثِ جابرٍ مرفوعًا، وفيه: (فَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ ... ) - كان أحمدُ يَصِفُه بأن العلماءَ تلقَّتْه بالقبول، ومع هذا يقول: "ما أعلَمُ أني حدَّثتُ به إلا لمحمدِ بنِ داودَ المصِّيصِي" ؛ وسببُ ذلك -كما قال أحمد- أنه شُنِّعَ به.

    والأئمَّةُ عند إرادةِ الإثباتِ يَختلِفُونَ في طَرِيقَتِهم عند النفيِ؛ فربَّما تجوَّزوا بعبارةٍ وإشارةٍ لإثباتِ الحقيقةِ، وإيصالِ المرادِ مِن النصِّ للسامع، وليس مرادُهُمُ التشبيهَ؛ فسياقاتُ الكلامِ لا بُدَّ مِن مَعرِفَتِها لتمييزِ الألفاظ؛ وقد سُئِلَ ابنُ إِدْرِيسَ عن قومٍ يقولون: "القرآنُ مخلوقٌ"؟ فاستشنَعَ ذلك، وقال: "سُبْحانَ اللهِ! شَيْءٌ منه مخلوقٌ! "، وأشار بِيَدِهِ إلى فِيهِ .

    وأراد بهذا: إثباتَ الحقيقةِ، لا إثباتَ الفَمِ والشفتَيْنِ، واللسانِ واللَّهَاة، والحاجةِ إلى الهواء، وغيرِ ذلك .


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سبب امتناع الائمة من التحديث ببعض نصوص الصفات ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة


    .............................. ......

    السلَفُ يُثبِتُونَ حقائقَ الصفاتِ ومَعانِيَها الصحيحةَ بالإجماع؛ وهذا ما جاءت به النصوصُ، ويفرِّقُونَ بين سياقاتِ الأقوال، والزَّمَنِ الذي تَنتشِرُ فيه البِدَعُ عن غيرِه: فربَّما منَعُوا روايةَ حديثٍ صحيحٍ؛ خشيةَ فَهْمِهِ على غيرِ وَجْهِه، وربَّما حظَرُوا إطلاقَ لفظةٍ واردةٍ؛ لأنَّ فهمَ الناسِ قد تَغيَّرَ، ولم يكونوا على السليقةِ الأُولَى؛ فتعامَلُوا مع فهم، لا مع مجرَّدِ النصِّ؛ وهذا مِن الفقهِ والحِكْمة ، وربما جاء مزيدُ توضيحِ بإشارةٍ أو عبارةٍ تناسِبُ أذهانَ السامعينَ عند الحديث.



    بارك الله فيك
    يقول الشيخ صالح ال الشيخ - ما فَرَقُ هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه, ويهلكون عند متشابهه) هذا لما لم يعرف هذه الصفة انتفض لأنه فهم من هذه الصفة المماثلة أو التشبيه فخاف من تلك الصفة، والواجب على المسلم أنه إذا سمع صفة من صفات الله -في كتاب الله أو في سنة النبي (- أن يجريها مُجرى جميع الصفات، وهو أن إثبات الصفات لله جل وعلا إثبات بلا تكييف, إثبات بلا تمثيل, فإثباتنا للصفات على وجه تنزيه الله جل وعلا عن المثيل والنظير في صفاته وأسمائه، فله من كل اسم وصفة أعلى وأعظم ما يشتمل عليه من المعنى، ولهذا قال ابن عباس هنا (ما فرق هؤلاء؟) يعني ما سبب خوف هؤلاء, لماذا فَرَقُوا؛ خافوا من هذه الصفة ومن إثباتها؟ (يجدون رقة عند محكمه) يعني إذا خوطبوا بالمحكم الذي يعرفون، المحُكم هو ما يعلم والذي يعلم هو سامعه، هذا هو المحكم، (يجدون رقة عند محكمه) يعني إذا خوطبوا بما يعلمونه وجدوا في قلوبهم رقة لذلك، (ويهلَكون عند متشابهه) فإذا سمعوا في الكتاب أو السنة شيئا لا تعقله عقولهم هلكوا عنده وخافوا وفَرَقُوا وأوَّلوا ونفوا أو جحدوا ، وهذا من أسباب الضلال.
    https://majles.alukah.net/t158/

    ****
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة


    .............................. ......

    ويفرِّقُونَ بين سياقاتِ الأقوال، والزَّمَنِ الذي تَنتشِرُ فيه البِدَعُ عن غيرِه:................... فتعامَلُوا مع فهم، لا مع مجرَّدِ النصِّ؛ وهذا مِن الفقهِ والحِكْمة ، وربما جاء مزيدُ توضيحِ بإشارةٍ أو عبارةٍ تناسِبُ أذهانَ السامعينَ عند الحديث.



    نعم
    في صحيح البخاري قال علي رضي الله عنه: " حدثوا الناس بما يعرفون؛ أتريدون أن يُكَذَّب الله ورسوله؟----------- وقال ابن مسعود: (( ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة )). رواه مسلم.قوله: "أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟!"، الاستفهام للإنكار; أي: أتريدون إذا حدثتم الناس بما لا يعرفون أن يكذب الله ورسوله، لأنك إذا قلت: قال الله وقال رسوله كذا وكذا، قالوا: هذا كذب؛ إذا كانت عقولهم لا تبلغه، وهم لا يكذبون الله ورسوله، ولكن يكذبونك بحديث تنسبه إلى الله ورسوله; فيكونون مكذبين لله ورسوله، لا مباشرة ولكن بواسطة الناقل.
    فإن قيل: هل ندع الحديث بما لا تبلغه عقول الناس، وإن كانوا محتاجين لذلك؟
    أجيب: لا ندعه، ولكن نحدثهم بطريق تبلغه عقولهم، وذلك بأن ننقلهم رويدا رويدا؛ حتى يتقبلوا هذا الحديث ويطمئنوا إليه، ولا ندع ما لا تبلغه عقولهم ونقول: هذا شيء مستنكر لا نتكلم به.------------------------ بعض الصفات لا تحتملها أفهام العامة، فيمكن إذا حدثتهم بها كان لذلك أثر سيئ عليهم، كحديث النزول إلى السماء الدنيا.
    مع ثبوت العلو، فلو حدثت العامي بأنه تعالى نفسه ينزل إلى السماء الدنيا مع علوه على عرشه، فقد يفهم أنه إذا نزل; صارت السماوات فوقه وصار العرش خاليا منه، وحينئذ لا بد في هذا من حديث تبلغه عقولهم، فتبين لهم أن الله عز وجل ينزل نزولا لا يماثل نزول المخلوقين مع علوه على عرشه فهذه قاعدة للمتحدِّثين في كل وقت: أنّ المتحدِّث يراعِي أحوالَ السّامعين: إنْ كان في وسطٍ علمي يتحدّث بما يناسِبه، وإن كان في وسط عامِّي يتحدّث بما يناسبه، وإنْ كان في وسط مختَلِط من العلماء ومن الجُهّال ومن العوام فإنه يلاحظ الواقع، فيتحدّث بحديث يستفيدُ منه الحاضرون ويفهمونه من أُمور دينهم، ويدرِّسون العقائد والعلوم شيئاً فشيئاً حتى تتسع لها عقولهم، وتتقبلها أفهامهم.[صالح الفوزان]-----قال(وفي صحيح البخاري: قال علي:حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذَّب الله ورسوله؟!) هذا فيه دليل على أن بعض العلم لا يصلح لكل أحد، فإن من العلم ما هو خاص ولو كان نافعا في نفسه ومن أمور التوحيد؛ لكن ربما لم يعرفه كثير من الناس، وهذا من مثل بعض أفراد توحيد الأسماء والصفات، من مثل بعض مباحث الأسماء و الصفات، وذكر بعض الصفات لله جل وعلا فإنها لا تناسب كل أحد، حتى إنّ بعض المتجهين إلى العلم قد لا تطرح عليهم بعض المسائل الدقيقة في الأسماء والصفات؛ ولكن يؤمرون بالإيمان بذلك إجمالا، والإيمان بالمعروف والمعلوم المشتهر في الكتاب و السنة، أما دقائق البحث في الأسماء والصفات فإنما هي للخاصة ولا تناسب العامة ولا تناسب المبتدئين في طلب العلم؛ لأن منها ما يشكل ومنها ما قد يؤول بقائله إلى أن يكذب الله ورسوله كما قال هنا علي ( (حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله).
    فمناسبة هذا الأثر بهذا الباب أن من أسباب جحد الأسماء والصفات أن يحدث المرء الناس بما لا يعقلونه من الأسماء والصفات، الناس عندهم إيمان إجمالي بالأسماء والصفات يصح معه توحيدهم وإيمانهم وإسلامهم، فالدخول في تفاصيل ذلك غير مناسب، إلا إذا كان المخلص يعقل ذلك ويعيه، وهذا ليست بحالة أكثر الناس.
    ولهذا الإمام مالك رحمه الله لما حُدِّث عنده بحديث الصورة فنهي المتحدث بذلك؛ لأن العامة لا يحسنون فهم مثل هذه المباحث، وهكذا في بعض المسائل في الأسماء و الصفات لا تناسب العامة، فقد يكون سبب الجحد أن حدثت من لا يعقل البحث فيؤول به ذلك -وهو أن البحث فوق عقله، وفوق مستواه، وفوق ما تقدمه من العلم- أن يؤدى به ذلك إلى أن يجحد شيئا من العلم بالله جل وعلا، أو أن يجحد شيئا من الأسماء و الصفات.
    فالواجب على المسلم وخاصة طالب العلم أن لا يجعل الناس يكذبون شيئا مما قاله الله جل وعلا أو أخبر به رسوله (، ووسيلة ذلك التكذيب أن يحدِّث الناس بما لا يعرفون، يحدث الناس بحديث لا يبلغه عقولهم، كما جاء في الحديث الآخر «ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا إذا كان لبعضهم فتنة»، وقد بوب على ذلك البخاري في الصحيح في كتاب العلم لقوله: باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقفوا فيما أشد منه.
    وهذا من الأمر المهم الذي ينبغي للمعلم وللمتحدث وللواعظ وللخطيب أن يعيه؛ في أن يحدث الناس بما يعرفون و أن يجعل تقوية التوحيد، وإكمال توحيدهم والزيادة في أيمانهم بما يعرفون لا بما ينكرون.[كفاية المستزيد]
    المصدر-
    الموضوع: الاحتجاج لرواية احاديث الصفات بعدم انكار الائمة

    https://majles.alukah.net/t163605/

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •