تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: البيان والتّوضيح لما في العامّية من الفصيح

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,494

    افتراضي البيان والتّوضيح لما في العامّية من الفصيح

    - البيان والتّوضيح لما في العامّية من الفصيح (1)


    الشيخ عبد الحليم توميات



    الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
    فلا أرى مفرّا ولا بدّا، من أن أنبّه إلى أمر مهمّ جدّا، وهو أنّ هذه المقالات ليست فيها دعوةٌ إلى التحدّث بالعامّية، كما هو شعار من تربّى على موائد الدّول الغربيّة، فإنّ كثيرا ممّن كتب في هذا الباب قصد من وراء ذلك الخراب اليباب، حتّى يصلوا إلى إبعاد بني قومنا عن لغة القرآن، والتبصّر بلغة النبيّ العدنان.
    إنّما هذه الأسطر مقالات يُقصَد منها أمران اثنان:

    - بيان أصالة كثير من الألفاظ العامّية، فهي إن لم تكن اللّغة الفصحى أو الفصيحة، فإنّ كثيرا منها - ولله الحمد - مشتقّ من أصل عربيّ.

    - لحثّ النّاس على الابتعاد عن التحدّث باللّغات الأجنبيّة من غير حاجة، فبعد أن كنّا نحثّ النّاس على أن يتحدّثوا باللّغة الفصيحة ونقول لهم ( قل .. ولا تقل .. )، فإنّنا نقول اليوم: تكلّموا بأيّ لهجة وعلى أيّ وجهعلى أن تكون عربيّة الأصل.
    ونظير ذلك ما قاله أحمد بن الهاشميّ في " البصائر " العدد 8 ص 1: بعد غربة اللّغة العربيّة أصبحنا نخشى على اللّغة الدّارجة ! وعدّ الكلام بما ليس أصله عربيّا هو نفاق جديد طفا على سطح المجتمع العربيّ.
    وقد اخترت من كلّ حرف هجائيّ كلمتين أو ثلاثا، نقف عند بيان أصلها، ثمّ نذكر بعض الفوائد المتعلّقة بها.
    فالله المستعان، وعليه التّكلان، وأقول:
    ( الهمزة )
    - أُبَّـيْ:
    هذه اللّفظة يستعملها أهل الرّيف والبدو خاصّة، وهي تصغير لكلمة " أب " مضافة إلى ياء المتكلّم، أو إلى غيرها من الضّمائر.
    فيقولون: أبيّك، وأبيّو، وأبّيهم ..الخ. والأصل: أَبِـي، فعند التّصغير يقال: أُبَيَّ، إلاّ أنّهم يفخّمون ويشدّدون الباء.
    وليت شعري ما الّذي حملهم على ذلك ؟ أهو الشّعور بذنب التّصغير والتّحقير لهاته الكلمة الشّريفة الّتي عظّمها العليّ القدير، وأشاد بها البشير النّذير ؟ أيريدون أن يكفّروا عن التّصغير بالتّشديد والتّفخيم ؟
    فإن كان ذلك هو الحامل لهم على التّفخيم، فإليهم بُشرى من أخٍ لهم حميم، وهو أنّ التّصغير لا يفيد دائما التّحقير، فإنّه قد يفيد أحيانا التّعظيم والتّقدير، وهو على ندرة وقلّة، لكنّه أفضل من تشديد الباء من غير علّة.
    تقول العرب تكنِّي عن الدّاهية العظيمة: بعد الّتي واللّتياّ، على غير قياس، لأنّ اسم الموصول مبنيّ لا يدخله التّصغير.
    ويشهد لذلك: قول لبيد رضي الله عنه - وهو من أصحاب المعلّقات أسلم وحسن إسلامه- في لاميّته:
    ( وكلّ النّاس سوف تدخل بينهم***دُوَيهِيَّة تصفرّ منها الأنامـل )
    قال في " خزانة الأدب ": " وقد جاء التّصغير في كلامهم للتّعظيم، كقوله:" دويهيةٌ تصفرّ منها الأنامل "، أراد بالدّويهية الموت، ولا داهية أعظم منها "اهـ.
    ومن الشّواهد على ذلك أيضا قول رجل ( مِنْ الْأَنْصَارِ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ) والحديث في صحيح البخاري، وكان ذلك يوم سقيفة بني ساعدة.
    و( الْعُذَيْق )-بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة تَصْغِير عَذْق- وهو النّخلة، والمرجَّب -بالجيم- أي يدعّم النّخلة إذا كثر حملها.
    و( الْجُدَيْل ):-بالتّصغير أيضا- والجدل عود ينصب للإبل الجرباء لتحتكّ فيه، لذلك وصفه بـ الْمحكّك )، فأراد رضي الله عنه أنّه يستشفى برأيه [انظر " فتح الباري "].
    والشّاهد: أنّه صغّر هاتين اللّفظتين وهو لا يريد التّحقير، ولكنّه يريد المدح والتّعظيم.
    فقد بانت لكم بذلك طريق ومحجّة، وهو مذهب الكوفيّين وحسبكم بهم حجّة.
    ثمّ اعلم يا أُخَيَّ، أنّ التّصغير قد يستعمل للاستعطاف والترحّم والتّقريب، وكلّ هذه المعاني يشملها تصغيرك لكلمة (أُبَيَّ)، ويدلّ على ذلك: قوله صلّى الله عليه وسلّم - كما في الصّحيحين وهو يتحدّث عمّن تمنعهم الملائكة من ورود الحوض-: (( أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي )) فهو صلّى الله عليه وسلّم - على أحد التّأويلات - مشفق متحسّر عليهم.
    فوائد عارضة:
    - الأولى: لاميّة لبيد رضي الله عنه هذه، منها البيت الّذي قال عنه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : (( أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: " أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ " )) [رواه البخاري].
    وتتمّته:" وكلّ نعيم لا محـالة زائـل "، ولكنّه صلّى الله عليه وسلّم لم يتمّه لبطلان معنى العموم الّذي حواه، فإنّ نعيم الجنّة دار السّلام لا ينفد.
    وقيل: لم يُتمّه لأنّه صلّى الله عليه وسلّم منزّه عن قول الشّعر، وما ثبت أنّه أنشده إنّما هو بيت أو بيتان من الرّجز الّذي لم يعدّه بعضهم شعرا، والصّواب القول الأوّل والله أعلم.
    - الثّانية: قوله صلّى الله عليه وسلّم : (( أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي )) لا يعني به أصحابه الّذين نصروه وعزّروه واتّبعوا النّور الذي أنزل معه باتّفاق علماء أهل السنّة، وإنّما المقصود إمّا:
    المنافقون الّذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، أو أهل الرّدّة وجُفاة العرب؛ لذلك حمل بعضهم التّصغير في هذا الحديث على التّقليل، فقد كانوا قلّة.
    أو أنّه يحمل أيضا - كما ذكر النّوويّ - على العصاة وأهل البدع من هذه الأمّة الّذين غيّروا وبدّلوا، لذلك جاء في رواية الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ أنّه صلّى الله عليه وسلّمقَالَ: (( إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُهُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، فَلَيُقَطَّعَنّ َ رِجَالٌ دُونِي،فَلَأَقُولَنَّ:يَارَبِّأُمَّتِي ! أُمَّتِي! فَلَيُقَالَنَّ لِي:إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ،مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ))، فهذه ذكرى لكلّ مدّكر، ولا داعي لأن يصطاد الرّافضة في الماء العكِر. ولئلاّ تغضب علينا الأمّهات، ويحرمننا من بعض الدّعوات، فإليهنّ:
    ( أُمَّ )
    فيستعلمون لنداء الأمّ أو الإخبار عنها كلمة ( أُمَّ ) أو ( أُمّا )، وهي لغة في نداء كلّ اسم صحيح مضاف إلى ياء المتكلّم، قال ابن مالك رحمه الله في " الخلاصة ":
    ( وَاجْعَلْ مُنَادًى صَحَّ إِنْ يُضَفْ لِيَا***كَعَبْدِ عَبْدِي عَبْدَ عَبْدَا عَبْدِيَا )
    فقولهم " أمَّ " من الثّالث كـ( عبدَ ) و" أُمَّا " من الرّابع كـ( عَبْدَا )، قال الإمام ابن عقيل رحمه الله عن المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم:
    " إن كان صحيحا جاز فيه خمسة أوجه:
    أحدها: حذف الياء، والاستغناء بالكسرة، نحو " يَا عَبْدِ "، وهذا هو الأكثر.
    الثّاني: إثبات الياء ساكنة، نحو " يَا عَبْدِي " وهو دون الأوّل في الكثرة.
    الثّالث: قلب الياء ألفا، وحذفها، والاستغناء عنها بالفتحة، نحو " يَا عَبْدَ ".
    الرّابع: قلبها ألفا وإبقاؤها، وقلب الكسرة فتحة، نحو " يَا عَبْدَا ".
    الخامس: إثبات الياء محركة بالفتح، نحو " يا عبدي ".
    وفاته رحمه الله وجه سادس لم يذكره، وهي " يا عَبْدُ "، ذكره ابن هشام رحمه الله في " أوضح المسالك ".
    فتبيّن لنا من كلام أهل العلم أنّه لا تستعمل كلمة ( أمَّ ) في الإخبار عنها ألبتّة، وإنّما جازت الأوجه الخمسة بل الستّة، في النّداء خاصّة لا غير ذلك.
    ثمّ إنّي أقول: ليت شعري لماذا يلاحقنا شبح التّفخيم هناأيضا ؟
    فإنّهم يفخّمون ميم ( أمَّ) ولا أعلم علّة لذلك، وليس لها مسلك من المسالك. إلاّ أن يكونوا قد أصيبوا بعقدة المساواة بين الرّجل والمرأة، فكما فخّموا باء ( أبّي ) رأوا أنّه يجب تفخيم ميم (أمَّ) !
    فنقول: رويدكم يا إخوة العرب مهلا، إنّنا نرى الأمّ لأكثر من ذلك أهلا .. فتوقيرها عبادة، وبرّها مثل برّ الوالد أو زيادة .. ولكن حسبكم أن توسّعتم فخرجتم عن الفصيح، والكلام السّديد الصّحيح، فاستعلمتم هذا اللّفظ في الإخبار، وهو لم يُسمَع إلاّ في النّداء كما بيّنه العلماء الأخيار.
    والله أعلم وأعزّ وأكرم.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,494

    افتراضي رد: البيان والتّوضيح لما في العامّية من الفصيح

    - البيان والتّوضيح لما في العامّية من الفصيح (2)


    الشيخ عبد الحليم توميات



    ( حرف الباء )

    (بَهْ بَهْ)

    بَهْ بَهْ: لطالما سمعنا هاتين اللّفظتين من أفواه الشّيوخ والأولاد، وخاصّة على ألسنة من يتسمّون بـ( اوْلاَدْ البْلاَدْ ) ..

    فما شأن هذا الاستعمال ؟ أهو فصيح يستحقّ الإجلال، أم أنّه دخيل يحكم عليه بالإهمال ؟


    فاعلم- وفّقني الله وإيّاك - أنّ أصل هذه الكلمة ( بَخْ بَخْ )، ومنه قول العرب عن الأشياء المستعظمة: ( مُبَخْبَخَة ) أي يقال فيها (بخ بخ) [انظر "اللّسان" (1/253) تحت مادّة ج ب ب، وخ ب ب، وب خ خ].

    وتقول العرب: بخبخ الرّجل إذا قال بخْ بخْ، و( رجل بخٌّ ) أي سَرِيٌّ وشريف ومعظّم، وقال ابن الأنباري رحمه الله: بخ بخ معناه تعظيم الأمر، وقال الأزهريّ رحمه الله: هي كقولكعجبا.

    ومن اللّغات فيها عن العرب قولهم: بَهْ بَهْ.

    جاء في صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه: مَا أَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يُصَلِّي بِاللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قَالَ أَنَسٌ: قُلْتُ: فَإِنَّمَا أَسْأَلُكَ مَا أَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ ؟ فَقَالَ: بَهْ بَهْ ! إِنَّكَ لَضَخْمٌ..".

    قال ابن السِّكِّيت رحمه الله: هي لتفخيم الأمر بمعنى ( بَخٍ بَخٍ ) ..

    ولنا مع هذه اللّفظة وقفات:

    الأولى: كثير من يفخّمون الباء، فتبقى مشكلتنا تفخيم ما لا يستحقّ التّفخيم، ولعلّ عذر بني قومي في ذلك أنّ الكلمة للتّعظيم، ولا يخفى على أهل النُّهى والبصائر، أنّ مناسبة الألفاظ للمعاني لها أشباه ونظائر.

    الثّانية: من العوامّ من يكرّر اللّفظة أكثر من مرّتين، قتسمعه يقول: بهْ بهْ بهْ بهْ... متعجّبا في انبهار، ولولا قطع النّفس لظلّ يكرّرها طوال النّهار !.. فأقول له راحما مشفِقاً، حتّى لا يموت بين أيدينا خَنِقًا:

    إنّ من أساليب العرب إطلاقَ لفظ المثنّى وإرادة الجمع، لأنّ " التّثنية " في اللّغة معناها التّكرار وثنيُ الشّيء على الآخر، وقولهم: ثنيت الثّوب أعمّ من أن يكون مرّتين فقط، فحينها يكون المراد من التّثنية ( جنس التّعديد ) من غير اقتصار على اثنين فقط، كقولهم: قلت له مرّة بعد مرّة، أي: مرّات كثيرة، وتقول: هو يقول كذا ويقول كذا، وإن كان قد قال مرّات.

    ومنه قوله عزّ وجلّ:{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ } [الملك:4] والمراد: كرّات.

    ومنه-على الأصحّ- قوله تعالى:{ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ } [البقرة: من الآية 90] أي: بغضب على غضب على غضب على آخر [انظر " تفسير القرطبيّ "(2/252)، وكذا تفسير الطّاهر بن عاشور].

    ومنه قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي ))، قال ابن تيمية رحمه الله – كما في " مجموع الفتاوى "(14/470)-:

    " لم يُرد: أنّ هذا قاله مرّتين فقط كما يظنّه بعض النّاس الغالطين، بل يريد: أنّه جعل يثنّي هذا القول ويردّده ويكرّره كما كان يثنّي لفظ التّسبيح.

    وقد قال حذيفة رضي الله عنه في الحديث الصّحيح الّذي رواه مسلم: إِنَّهُ رَكَعَ نَحْواًً مِنْ قِيَامِهِ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: (( سُبْحَانَ رَبِّي العَظِيمِ سُبْحَانَ رَبِّي العَظِيمِ ))، وذكر أنّه سجد نحوا من قيامه يقول في سجوده: ربِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي ))، وقد صرّح في الحديث الصّحيح ( أنّه أطال الرّكوع والسّجود بقدر البقرة والنساء وآل عمران ) فإنّه قام بهذه السّور كلّها، وذكر أنّه كان يقول: (( سُبْحَانَ رَبِّي العَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّي العَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى، سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى ))، فعلم أنّه أراد بتثنية اللّفظ: جنس التّعداد والتّكرار لا الاقتصار على مرّتين " اهـ.

    فإذا عُلِم ذلك، فلْيقتَصِر المتعجّب بالبخبخة والبهبهة على التّثنية، فإنّ ذلك أصون للسانه، وأبقى لأنفاسه.

    الثّالثة: تُعرب كلمة ( بَخْ ) أو ( بَهْ ) اسم فعل مضارع بمعنى: أستعظم، والفاعل مستتر تقدير أنا.

    الرّابعة: إذا دخل التّنوين هذه الكلمة وقيل ( بَخٍ ) أو ( بَهٍ ) فإنّ ذلك للتّنكير، والمراد من التّنكير هنا زيادة التّعظيم لا الجهل بالشّيء وعدم تعيّنه، فالنّحاة عندما سمّوا بعض أنواع التّنوين بـ( تنوين التّنكير ) فهذه التّسمية باعتبار اللّفظ، وإلاّ فإنّه لا بدّ من الوقوف دائما أمام معاني التّنكير نفسِه، والله أعلم وأعزّ وأكرم.


    (بْـنِـيـنْ)

    بْـنِـيـنْ: معناها في استعمالنا ( طيّب )، وأطيب منه موافقة استعمالنا لاستعمال العرب، فإنّ الأكثرين لا يطلقونها إلاّ على ما يُتذوّق، والصّواب أنّه يشمل أيضا ما يُشمّ.

    قال ابن منظور رحمه الله:

    " البَنَّة: الرّيح الطيِّبة كرائحة التُّفّاح ونحوها، وجمعُها ( بِنانٌ ) تقول: أَجِدُ لهذا الثوب بَنَّةً طيِّبة من عَرْف تفاح أَو سَفَرْجَل ".


    وإطلاق هذا الكلمة لا تختصّ بما هو طيّب، إنّما يغلب ذلك، وإلاّ فقد تطلق على الرّائحة المكروهة أيضا، كما قال الأصمعيّ رحمه الله، وقال الجوهريّ: " البَنَّةُ: الرائحة كريهةً كانت أَو طيبةً ".

    والله أعلم.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •