نظرة في عقيدة الإمام


عاش الإمام مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِالوَهَّاب ِ في فترة انتشر فيها الشرك في جزيرة العرب؛ فأخذ يدعو الناس إلى التوحيد ونبذ الشرك، والتمسك بعقيدة أهل السنة والجماعة.

- فأكد أن من الإِيمان بالله، الإِيمان بما وصف به نفسه في كتابه، على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف، ولا تعطيل، وأن الله ليسَ كمثله شيءٌ وهو السميع البصير. فلا ينفي عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرِّف الكلم عن مواضعه، ولا يلحد في أسمائه وآياته، ولا يُكَيِّف ولا يمثل صفاته بصفات خَلْقه، فالله أعلم بنفسه وبغيره، وهو أصدق قيلا، وأحسن حديثًا، فنَزَّه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل، وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل.

- ويؤمن الإمام مُحَمَّدُ أن القرآن كلام الله، مُنزل غير مخلوق، منه بدأ وإِليه يعود، وأنه تكلم به حقيقة، وأنزله على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويؤمن أيضا بأن الله فعّال لما يريد، ولا يكون شيء إلا بإِرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيءٌ في العالم يخرج عن تقديره، ولا يصدر إِلا عن تدبيره، ولا مَحيد لأحد عن القدر المحدود، ولا يتجاوز ما خطَّ له في اللوح المسطور.

- ويعتقد بما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يكون بعد الموت، فيؤمن بفتنة القبر ونَعيمه، وبإِعادة الأرواحِ إِلى الأجساد؛ فيقوم الناس لرب العالمين، فتنُصب لهم موازين الحق والعدل.

- ويؤمن ابنُ عَبْدِالوَهَّاب ِ بحوض نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وبأن الصراط منصوب على شَفير جهنم، يمر به الناس على قدر أعمالهم.

- ويؤمن بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه أول شافع، وأول مُشفَّع، ولا يُنكرها إِلا أهل البدع والضلال، لكنها لا تكون إِلا من بعد الإذن والرضا، وهو لا يرضى إِلا التوحيد، ولا يأذن إِلا لأهله، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب.

- ويؤمن بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما اليوم موجودتان، وأنهما لا يفنيان، وأن المؤمنين يَرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة كما يرون القمر ليلة البدر لا يُضامون في رؤيته.

- ويؤمن بأن نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خاتَم النبيين والمرسلين؛ فلا يصح إِيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته. وأن أفضل أمته، أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان، ثم سائر الصحابة -رضي الله عنهم.

- ويتولَّى ابن عبدالوهاب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويذكر محاسنهم، ويترضى عنهم، ويكف عن مساويهم، ويسكت عما شجر بينهم، ويعتقد فضلهم، ويترضَّى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء، ويقر بكرامات الأولياء، إِلا أنهم لا يَستحقون من حق الله -تعالى- شيئًا، ولا يُطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله، ولا يشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار، إلا من شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه يرجو للمحسن، ويخاف على المسيء.

- ولا يكفر أحدا من المسلمين بذنب، ولا يخرجه من دائرة الإسلام، ويرى الجهاد ماضيا مع كل إمام برا كان أم فاجرا، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماض منذ بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل.

- ويرى ابن عبدالوهاب وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين، برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله. ومن ولي الخلافة وجبت طاعتهم، ويحرم الخروج عليهم.

- ويرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا، ويحكم عليهم بالظاهر، ويكل سرائرهم إلى الله، ويعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة، ويعتقد أن الإِيمان قولٌ باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، ويرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة المحمدية.

- ويتضح أن الإمام محمد بن عَبْدِالوهاب لم يبتدع شيئا جديدا في أصول الاعتقاد، بل مشى على خطى الأولين فجدد الدعوة إلى الله، وكان يقول: «عقيدتي وديني الذي أدين الله به، هو مذهب أهل السنة والجماعة».



سالم الناشي