الرجاء -
معناه:

هو تعلق القلب بحصول شيء محبوب في المستقبل والاستبشار بجود الله وفضله، والطمع في إحسانه وعطائه، مع بذل الجهد وحسن التوكل
الرجاء نقيض اليأس، وهو طمع القلب في حصول منفعة.
قال الله تعالى: {وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين}
وقال عن أوليائه المتقين: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون}
فالرجاء :
عبادةٌ قلبية من أعظم العبادات، وعليه وعلى الحب والخوف مدارُ السَّير إلى الله تعالى؛
{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 57]،
فابتغاء الوسيلة إليه: طلب القرب منه بالعبودية والمحبة، فذكر مقامات الإيمان الثلاثة التي عليها بناؤه:
الحب، والخوف، والرجاء.
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - قبل موته بثلاث -: ((لا يموتنَّ أحدُكم إلا وهو يُحسِن الظنَّ بربه)).وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: (( يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، فليظنَّ بي ما شاء)).الرجاء عبادة:
مدح الله أهلها وجعلها صفة لعباده المؤمنين،
فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218]،
وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]
فمَن كان يرجو ثواب الله ولقاءه، ورؤيته في الجنة والنظر إلى وجهه، فليعمل عملًا صالحًا، و امتدح مَن قام بالرجاء فيصدق عليه حينئذٍ حد العبادة،
فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
فالرجاء لله مرضي محبوب، إذًا فهو عبادة،
أقسام الرجاء
والرجاء على قسمين:

القسم الأول: رجاء العبادة.
القسم الثاني: رجاء نفع الأسباب.

- فرجاء العبادة لا يجوز صرفه لغير الله جل وعلا ، ومن صرفه لغير الله تعالى فهو مشرك لأنه يحمل معاني العبادة من التذلل والخضوع والمحبة والانقياد واعتقاد النفع والضر وتفويض الأمر وتعلق القلب والتقرب إلى المعبود ، وهذه كلها عبادات عظيمة تقتضيها عبادة الرجاء فمن صرفها لغير الله جل وعلا فهو مشرك كافر.
وهذا كرجاء المشركين في آلهتهم التي يعبدونها من دون الله أنها تشفع لهم عند الله أو أنها تقربهم إلى الله زلفى ، وكرجاء بعض عباد الأولياء والقبور بأنهم ينجونهم من الكربات ويدفعون عنهم البلاء ويجلبون لهم النفع ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى.

- القسم الثاني:
رجاء نفع الأسباب مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله جل وعلا.

درجات رجاء نفع الأسباب
وهذا على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: رجاء جائز، وهو رجاء نفع الأسباب المشروعة
مع عدم تعلق القلب بها،
فهذا جائز ، وليس بشرك ،
وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من يُرجى خيره ويُؤمَنُ شرُّه، وشرُّكم من لا يُرجَى خيره ولا يُؤمن شره)). وإسناده صحيح.

فهذا الرجاء ليس هو رجاء العبادة، وإنما هو رجاء نفع السبب مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله جل وعلا.
الدرجة الثانية:
رجاء محرم، وهو الرجاء في الأسباب المحرمة ليستعين بها على معصية الله جل وعلا.

الدرجة الثالث :
شرك أصغر، وهو تعلق القلب بالأسباب؛ كتعلق بعض المرضى بالرقاة والأطباء تعلقاً قلبياً يغفلون معه عن أن الشفاء بيد الله عز وجل؛ فهذا من شرك الأسباب .

*************
الرجاء الطبيعى
هو رجاء المخلوق فيما يقدر عليه؛ مثل قولك لإنسان: أرجوك أن تفعل كذا، أو ترجوه أن يعطيك مالًا، أو يعينك على القيام بعمل معين. حكمه: هذا النوع ليس داخلًا في العبادة، فهو جائز. بشرط ألا يعلق قلبه بهذا المخلوق، فإذا رجا المخلوق فيما يقدر عليه، مع اعتماده بقلبه على هذا المخلوق، فهذا (شرك أصغر).

رجاء العبادة-لغير الله- وهذا شرك أكبر
هو رجاء ما لا يقدر عليه إلا اللهُ عز وجل؛ مثل أن يطمَع في شفائه مِن مرض، أو يرجو ألا يصاب بمصيبة، أو يرجو الولد أو الرزق الواسع، أو أن يدخل الجنة.
فهذا النوع لا يمكن أن يرجى إلا من الله، وهذا هو رجاء العبادة. حكمه: لا يجوز صرفه لغير الله. فمن رجا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا اللهُ، فهذا (شرك أكبر)؛ لأن الله هو الذي بيده كل شيء، فيجب أن يخلص هذا الرجاء لله وحده.
*************
أنواع رجاء العبادة
رجاء محمود وهو
1-رجاء المحسن ثواب ربه على إحسانه.
2- رجاء المذنب التائب قَبول توبته والعفو والمغفرة.
وهذان الأمران يجتمعان للمؤمن.
فالمؤمن إذا أحسن وأطاع ربه، فهو يرجو ثواب الله، وإذا أساء فعصى، ثم تاب واستغفر، فهو يرجو مغفرته وعفوه.
رجاء مذموم
رجاء رجل متمادٍ في التفريط والخطايا، يرجو رحمة الله بلا عمل، فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب.
***************
الرجاء يُورث العبد فعلَ الطاعات والمواظبة عليها، ويبعثه على الاجتهاد في العبادة،فالله يحب مِن عباده أن يسألوه ويرجوه، فالرجاء يحدو بالعبد في سيره إلى الله، فيحثه على السير، ويطيب مسيره،
فلولا الرجاء ما سار أحد
وعلى قدر رجاء العباد وخوفهم يكون فرحهم يوم القيامة بحصول المرجو الأعظم، وهو نَيل رضا الله والجنة ورؤية الله عز وجل فيها.