تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: الخوف من الله تعالى واجب ، بل هو من أوجب الواجبات

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الخوف من الله تعالى واجب ، بل هو من أوجب الواجبات

    الخوف من الله تعالى واجب ، بل هو من أوجب الواجبات
    قال عز وجل : ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) آل عمران/ 175 .
    وقال عز وجل : ( أَتَخْشَوْنَهُم ْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) التوبة/ 13 .
    وقال تعالى : ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) الرحمن/ 46 .
    وقال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) الملك/ 12 .
    وقال تعالى – في وصف حال الأنبياء - : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) الأنبياء/ 90 . والعبادة الشرعية عند أهل السنَّة تشمل المحبة والتعظيم ، والمحبة تولِّد الرجاء ، والتعظيم يولِّد الخوف .
    قال ابن القيم رحمه الله :
    " الخوف : أحد أركان الإيمان والإحسان الثلاثة التي عليها مدار مقامات السالكين جميعها ، وهى : الخوف ، والرجاءُ ، والمحبة .
    وانتفاءُ الإيمان عند انتفاء الخوف : انتفاءٌ للمشروط عند انتفاءِ شرطه ، وانتفاءُ الخوف عند انتفاءِ الإِيمان : انتفاءٌ للمعلول عند انتفاءِ علته .
    فالخوف من لوازم الإيمان وموجباته ؛ فلا يتخلف عنه .
    وقد أثنى سبحانه على أقرب عباده إليه بالخوف منه ، فقال عن أنبيائه بعد أن أثنى عليهم ومدحهم : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) الأنبياء/ 90 " . انتهى باختصار من "طريق الهجرتين" (ص282).
    ثانيا :
    هذا الكلام المنقول كلام من لم يقدر الله حق قدره ، ولا خاف مقام ربه ، ولا فرق بين دين الموحدين ، ودين المشركين والملحدين ، بل لبس على نفسه ، فالتبس الأمر عليه ، وصار الكل عنده سواء ، إذا ما حققوا دينه الذي دعاهم إليه !!
    فمن صلى - أية صلاة ، على أي وجه كان ، صلاة المسلمين أو صلاة الوثنيين - ليتحرر من قيود العبودية ، ولا يطلب بها جنة ولا يخاف بها من نار ، وليس له من ورائها مطلب ، سواء في الدنيا أو الآخرة : فهو المصلي حقا ، عند هذا الدجال ، وهو الذي يعرف قدر الصلاة وحقيقتها .
    ومن المعلوم من الدين بالضرورة ، الذي يعرفه كل من له أدنى معرفة بدين الله : أن ما يقوله هذا الأفاك : هو عين المحادة لله ورسوله ، والمنابذة لما جاءت به الرسل ، وأنزل الله به الكتب .
    فما خلق الله الخلق ولا أرسل إليهم رسلا ، إلا لعبادته وطاعته ، والخوف منه ومن عذابه ، وابتغاء وجهه ، وسؤال جنته ، وطلب رحمته وعفوه ومغفرته ، ولولا ذلك لما كان في الناس وازع يزعهم عن الشر ، ولا رادع يردعهم عن المنكر ، ولا تقوى تنهاهم عن الخبائث ، ولا إيمان يأمرهم بالمعروف .
    بل لولا ذلك ، لما كان للجنة والنار شأن ، ولا لبعث الناس وقيامهم إلى رب العالمين خطر في دين ، ولا صار ذلك من أركان الإيمان ، ومعالم الديانة .
    والواقع أن هذا القول المجمل يغني عن تتبع عبارات هذا الدجال الذي لم يعظم شعائر الله ، ولا عرف حدوده ، ولا قدر الله حق قدره .
    فصلاة المسلمين قائمة ، بل عبادتهم وديانتهم التي بها يدينون لرب العالمين : قائمة على المحبة والخوف والرجاء ، وبهذه الثلاثة ينصلح حال العالم العلوي والسفلي ، وتتم سعادة الدارين ، وكل منها يستلزم الآخر .
    قال ابن القيم رحمه الله :
    " هَذِهِ الثَّلَاثَةُ : الْحُبُّ وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ ، هِيَ الَّتِي تَبْعَثُ عَلَى عِمَارَةِ الْوَقْتِ بِمَا هُوَ الْأَوْلَى لِصَاحِبِهِ وَالْأَنْفَعُ لَهُ ، وَهِيَ أَسَاسُ السُّلُوكِ ، وَالسَّيْرِ إِلَى اللَّهِ ، وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الثَّلَاثَةَ فِي قَوْلِهِ : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) الإسراء/ 57 ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ قُطْبُ رَحَى الْعُبُودِيَّةِ . وَعَلَيْهَا دَارَتْ رَحَى الْأَعْمَالِ " .
    انتهى من " مدارج السالكين " (3/ 128).
    وغاية أمثال هذا المفتري على الله : أن ينتهي إلى الزندقة ، والتحلل من أمر الله ونهيه ، والاتكال على الأماني والغرور ، أو الانتكاس في ضلالات أهل " الحلول والاتحاد " !!
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " وَفِي آيَةِ الدُّعَاءِ : ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ؛ فَذَكَرَ التَّضَرُّعَ فِيهِمَا مَعًا ، وَهُوَ التَّذَلُّلُ وَالتَّمَسْكُنُ وَالِانْكِسَارُ ، وَهُوَ رُوحُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ ...
    وَخَصَّ الذِّكْرَ بِالْخِيفَةِ : لِحَاجَةِ الذَّاكِرِ إلَى الْخَوْفِ ؛ فَإِنَّ الذِّكْرَ يَسْتَلْزِمُ الْمَحَبَّةَ وَيُثْمِرُهَا ؛ وَلَا بُدَّ لِمَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أَنْ يُثْمِرَ لَهُ ذَلِكَ مَحَبَّتَهُ .
    وَالْمَحَبَّةُ مَا لَمْ تَقْتَرِنْ بِالْخَوْفِ : فَإِنَّهَا لَا تَنْفَعُ صَاحِبَهَا ، بَلْ تَضُرُّهُ ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ التواني وَالِانْبِسَاطَ ، وَرُبَّمَا آلَتْ بِكَثِيرِ مِنْ الْجُهَّالِ الْمَغْرُورِينَ إلَى أَنْ اسْتَغْنَوْا بِهَا عَنْ الْوَاجِبَاتِ ، وَقَالُوا : الْمَقْصُودُ مِنْ الْعِبَادَاتِ إنَّمَا هُوَ عِبَادَةُ الْقَلْبِ وَإِقْبَالُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَحَبَّتُهُ لَهُ فَإِذَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ فَالِاشْتِغَالُ بِالْوَسِيلَةِ بَاطِلٌ !!
    وَلَقَدْ حَدَّثَنِي رَجُل أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ خَلْوَةً لَهُ تَرَكَ فِيهَا الْجُمُعَةَ ؟
    فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ : أَلَيْسَ الْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ : إذَا خَافَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ ، فَإِنَّ الْجُمُعَةَ تَسْقُطُ ؟
    فَقَالَ لَهُ : بَلَى .
    فَقَالَ لَهُ : فَقَلْبُ الْمُرِيدِ أَعَزُّ عَلَيْهِ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ - أَوْ كَمَا قَالَ - وَهُوَ إذَا خَرَجَ ضَاعَ قَلْبُهُ ، فَحِفْظُهُ لِقَلْبِهِ عُذْرٌ مُسْقِطٌ لِلْجُمُعَةِ فِي حَقِّهِ .
    فَقَالَ لَهُ : هَذَا غُرُورٌ ؛ بِل الْوَاجِبُ الْخُرُوجُ إلَى أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
    فَتَأَمَّلْ هَذَا الْغُرُورَ الْعَظِيمَ كَيْفَ أَدَّى إلَى الِانْسِلَاخِ عَنْ الْإِسْلَامِ جُمْلَةً ؛ فَإِنَّ مَنْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ : انْسَلَخَ عَنْ الْإِسْلَامِ الْعَامِّ ، كَانْسِلَاخِ الْحَيَّةِ مِنْ قِشْرِهَا ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ خَاصَّةِ الْخَاصَّةِ !!
    وَسَبَبُ هَذَا : عَدَمُ اقْتِرَانِ الْخَوْفِ مِنْ اللَّهِ بِحُبِّهِ وَإِرَادَتِهِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالْحُبِّ وَحْدَهُ : فَهُوَ زِنْدِيقٌ ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ : فَهُوَ حروري [ الحرورية: هم الخوارج ] ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ : فَهُوَ مُرْجِئٌ . وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْحُبِّ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ .
    وَالْمَقْصُودُ أَنَّ تَجْرِيدَ الْحُبِّ وَالذِّكْرِ عَنْ الْخَوْفِ : يُوقِعُ فِي هَذِهِ الْمَعَاطِبِ ، فَإِذَا اقْتَرَنَ بِالْخَوْفِ : جَمْعُهُ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَرَدُّهُ إلَيْهَا كَالْخَائِفِ الَّذِي مَعَهُ سَوْطٌ يَضْرِبُ بِهِ مَطِيَّتَهُ ؛ لِئَلَّا تَخْرُجَ عَنْ الطَّرِيقِ ، وَالرَّجَاء : حَادٍ يَحْدُوهَا ، يَطْلُبُ لَهَا السَّيْرَ ، وَالْحُبُّ قَائِدُهَا وَزِمَامُهَا الَّذِي يُشَوِّقُهَا ؛ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَطِيَّةِ سَوْطٌ وَلَا عَصًا يَرُدُّهَا إذَا حَادَتْ عَنْ الطَّرِيقِ : خَرَجَتْ عَنْ الطَّرِيقِ ، وَضلَّتْ عَنْهَا .
    فَمَا حَفِظَتْ حُدُودَ اللَّهِ وَمَحَارِمَهُ ، وَوَصَلَ الْوَاصِلُونَ إلَيْهِ : بِمِثْلِ خَوْفِهِ وَرَجَائِهِ وَمَحَبَّتِهِ ؛ فَمَتَى خَلَا الْقَلْبُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ : فَسَدَ فَسَادًا لَا يُرْجَى صَلَاحُهُ أَبَدًا ، وَمَتَى ضَعُفَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ : ضَعُفَ إيمَانُهُ بِحَسَبِهِ .." .
    انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/19-21) .
    المصدر الاسلام سؤال وجواب

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الخوف من الله تعالى واجب ، بل هو من أوجب الواجبات

    قال ابن قدامة:
    (( اعلم بأن الخوف سوط الله يسوق الله به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل لينالوا بهما رتبة القرب من الله عزوجل، والخوف سراج القلوب به يبصر ما فيه من الخير والشر))..
    وكل أحد إذا خفته هربت منه إلا الله عزوجل فإنك إذا خفته هربت إليه ،
    فالخائف هارب من ربه إلى ربه فأين المفر..؟!!!،
    وما فارق الخوف قلباً إلا خربه فإذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات فيها وطرد الدنيا عنها..
    فكم أطلق الخوف من سجين في لذته كانت قد استحكمت عليه سكرته
    وكم فك من أسير للهوى ضاعت فيه همته
    وكم أيقظ من غافل التحف بلحاف شهوته
    وكم من فاجر في لهوه قد أيقظه الخوف من رقدته،
    وكم من عابدٍ لله قد بكى من خشيته
    وكم من منيب إلى الله قطع الخوف مهجته
    وكم من مسافر إلى الله رافقه الخوف في رحلته
    وكم من محبٍّ لله ارتوت الأرض من دمعته،
    فلله ما أعظم الخوف لمن عرف عظيم منزلته..
    والخوف يتعلق بالأفعال ، والمحبة تتعلق بالذات والصفات، ولهذا تتضاعف محبة المؤمنين لربهم إذا دخلوا دار النعيم ولا يلحقهم فيها خوف.
    قال ابن رجب :
    (( والله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ونصب الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه خوف الإجلال ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه ليتقوه بصالح الأعمال )).

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الخوف من الله تعالى واجب ، بل هو من أوجب الواجبات

    القدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم فإن زاد على ذلك، بحيث صار باعثاً للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات والكف عن دقائق الكروهات (يعني فعل المستحبات وترك المكروه والشبهة)، كان ذلك خوفاً محموداً فإن تزايد الخوف بحيث أدّى إلى مرض أو موت أو همٍّ لازم أو قعود عن العمل بحيث يقطع السعي عن اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة إلى الله عز وجل لم يكن خوفاً محموداً.
    بعض الناس من شدة خوفهم من العذاب والنار يصابون باليأس والاحباط والقعود عن العمل ويقولون لا فائدة!!..، ليس هذا هو المطلوب ..، وهذه الزيادة مذمومة..
    الخوف المطلوب: الذي يحمل على فعل المستحبات وفعل الواجبات قبلها وعلى ترك الشبهات والمكروهات وترك المحرمات قبلها وهناك خوف ضعيف أقل من هذا ، لا يؤدي إلى ترك المحرمات كلها أو فعل الواجبات كلها فهو خوف ناقص..
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
    "الخوف المحمود هو ما حجزك عن محارم الله"؛ اهـ، أما إذا زاد الخوف بحيث يؤدي إلى القنوط واليأس، فهو خوف مذموم؛ لذلك لا بد أن تتوازن عبادةُ الخوف مع عبادة الرجاء.
    ذكر البخاري في قوله : (باب الخوف من الله عز وجل ).
    قال ابن حجر: هو من المقامات العليّة وهو من لوازم الإيمان ، قال الله تعالى : ((وخافونِ إن كنتم مؤمنين))(( فلا تخشوهم واخشونِ))((إنما يخشى الله من عباده العلماء))، وتقدم حديث (( أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية ))، وكلما كان العبد أقرب إلى ربه كان أشد له خشية ممن دونه وقد وصف الله الملائكة بقوله : (( يخافون ربهم من فوقهم ))، والأنبياء بقوله : (( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله )) ، وإنما كان خوف المقربين أشد لأنهم يطالبون بما لا يطالب به غيرهم فيراعون تلك المنزلة ولأن الواجب لله منه الشكر على المنزلة فيضاعف بالنسبة لعلو تلك المنزلة..
    فالعبد إن كان مستقيماً فمن أي شيء يخاف؟!!، فخوفه من سوء العاقبة لقوله تعالى : (( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه))، وكذلك يخاف من نقصان الدرجة..
    وإن كان مائلاً منحرفاً وعاصياً فخوفه من سوء فعله و ينفعه ذلك مع الندم والإقلاع..
    متى ينفع الخوف؟
    ينفع مع الندم والإقلاع، فإن الخوف ينشأ من معرفة قبح الجناية والتصديق بالوعيد أو أن يحرم التوبة أو لا يكون ممن شاء الله أن لا يغفر له.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الخوف من الله تعالى واجب ، بل هو من أوجب الواجبات

    أنواع الخوف
    1- الخوف من الله تعالى:
    • ويسمى (خوف العبادة)، وهو الخوف المقترِن بالمحبة والتعظيم والتذلل والخضوع، وهو الذي يحمل العبدَ على الطاعة والبعد عن المعصية.
    • حكمه: واجب في حق الله تعالى، وصرفه لغير الله تعالى شرك أكبر.
    ******
    2- الخوف من غير الله:
    1- الخوف الطبيعي: هو خوف الإنسان مما يُؤذيه؛ مثل خوف الإنسان من السَّبُع أن يأكله، ومن النار أن تُحرقه.
    • حكمه: مباح إذا وجدت أسبابه.
    • وهذا الخوف ليس بعبادة، ووقوعه في القلب لا ينافي الإيمان.
    • قال تعالى عن سيدنا موسى: ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ﴾ [القصص: 21].
    • ولكن يجب ألا يزيد عن الحد، وألا يستقر في القلب، بل يُذهبه العبد ويَدفعه عن قلبه بالتوكل على الله واللجوء إليه سبحانه؛ ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173].
    • فالخوف الطبيعي لا يُلام عليه العبد، بشرط ألا يؤدي إلى ترك واجب أو فعل محرَّم، وإذا كان بلا سبب، أو سببه ضعيفًا؛ كمن يخاف من الظلام، أو كان سببًا وهميًّا - فهو مذموم.

    2- الخوف المحرَّم:
    وهو الخوف الذي يحمل على ترك واجب أو فعل محرم.
    • هو الخوف من الخلق في حدٍّ من حدود الله، فيعصي الله خوفًا من الناس، أو يترك واجبًا من الواجبات خوفًا من الناس؛
    • حكمه: محرم.

    3- خوف السر:
    هو خوف غيرِ الله فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ كمَن يخاف مِن إنس أو جن، أن يصيبه بمرض أو مكروه أو أذى مما لا يقدر عليه إلا اللهُ.
    ﴿ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ﴾ [هود: 54].
    • حكمه: شرك أكبر.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الخوف من الله تعالى واجب ، بل هو من أوجب الواجبات

    يقول ابن القيم
    "القلب في سيره إلى الله عزَّ وجلَّ بمنزلة الطائر؛
    فالمحبة رأسه
    والخوف والرجاء جناحاه،
    فمتى سلم الرأس والجناحان فالطير جيد الطيران،
    ومتى قطع الرأس مات الطائر،
    ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر ..
    ولكن السلف استحبوا أن يقوى في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء،
    وعند الخروج من الدنيا يقوى جناح الرجاء على جناج الخوف"
    [مدارج السالكين (15:7)]
    **************
    فأساس العبادة لله جل وعلا، محبته وتعظيمه، وخوفه تعالى ورجاؤه، وعلى قدر محبة العبد لربه يكون الخوف والرجاء.
    وكما سبق فى كلام الامام ابن القيم:
    قلب المؤمن كالطائر، رأسه المحبة وجناحاه الخوف والرجاء، فإذا حصل النقص في أحدهما حصل النقص في الطير لا محالة، وإذا ذهبا ذهب الطير بذهابهما.
    الخوف من الله تعالى، من أجل العبادات وأفضل القربات.الخوف من الله تعالى شرط الإيمان به سبحانه،
    يقول سبحانه: ﴿ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175].
    أثنى الله على المؤمنين بمخافتهم منه فقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الأنفال: 2].وأعظم الناس مخافة من الله، أعلمهم بربه وأقومهم بحقه نبينا محمد - صلى اله عليه وسلم - القائل: (والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له).تقول عائشة - رضي الله عنها - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر ودخل وخرج وتغير وجهه، فإذا أمطرت سري عنه، فعرفته عائشة ذلك فقال: (ما أدري لعله كما قال قوم - فيما حكى الله عنهم - ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأحقاف: 24].
    المؤمن، من يجعل نفسه بين مخافتين؛ ذنب مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقي لا يدري ما تصير عاقبته إليه.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الخوف من الله تعالى واجب ، بل هو من أوجب الواجبات

    فضل الخوف من الله
    1- يُحقق الإيمان ويُرضي عنك الرحمن .. فلو ملأ الخوف قلبك، ستُحقق معنى الإيمان الحقيقي؛ يقول تعالى {..فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] .. ويرضي الله عزَّ وجلََّ عنك إن كنت تخشاه؛ يقول تعالى {..رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}[البينة: 8]. 2) يورث الإخلاص .. فمن يخشي الله سيكون صادقًا مخلصًا، لا يرائي النــاس .. وهذه صفة أهل الجنة، الذين يقصدون بأفعالهم وجه الله تعالى وحده .. كما يقول تعالى عنهم {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}[الإنسان: 9,10].
    3) صفة لأولي الألبــــاب ..الذين يخافون ربهم ويخشون عذابه، كما يقول تعالى {..وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} [الرعد: 21].
    4) أعظم رادع عن المعصية .. فعندما يعلم المرء عقوبة المعصية في الدنيا وشدة عذاب ربِّه في الآخرة، سيردعه هذا الخوف عن فعلها ..
    كان هارون الرشيد يقول: ما رأت عيناي مثل فضيل بن عياض، دخلت عليه، فقال لي:"فرِّغ قلبك للحزن وللخوف حتى يسكناه، فيقطعاك عن المعاصي، ويباعداك من النار" [سير أعلام النبلاء (15:458)]
    5) من أعظم أسبــــاب المغفرة .. يقول تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}[الملك: 12].. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي قال "كان رجل يسرف على نفسه، فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح، فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابًا ما عذبه أحدًا. فلما مات فُعِلَ به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت فإذا هو قائم، فقال: ما حملك على ما صنعت؟، قال: يا رب خشيتك (وفي رواية: مخافتك يا رب)، فغفر له" [صحيح البخاري].
    6) يطرد الدنيـــا من قلبك .. قال إبراهيم بن سفيان "إذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات منها وطرد الدنيا عنها" [مدراج السالكين (1:513)] .. فعندما يستحضر المرء الآخرة في قلبه ويستشعر اقتراب آجله، لن يهتم للدنيـــا بما فيها؛ لأنه سيخشى أن يُقابل ربِّه بقلب ملوث بالشهوات وحب الدنيـــــا.
    7) يحرق الشهوات ويُبددهــا .. فالخوف من الله عزَّ وجلَّ واستشعارك برؤيته لك في كل وقت وحين، سيردعك عن الوقوع تحت أثر الشهوات .. كما قال النبي عن السبعة الذين يظلهم الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم : "رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخـــــــــاف الله"[متفق عليه].
    8) سبيــــل الهدايــة والبُعد عن الضلال .. قال بشر للفضيل: عظني يرحمك الله، فقال "من خاف الله تعالى دلَّه الخوف على كل خير" [الزواجر عن اقتراف الكبائر (1:52)] .. وكان ذو النون يقول "الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف ضلوا عن الطريق" [مدارج السالكين (1:513)].
    9) يقوي إيمـــانـــــك .. فالخوف يُزيد من إيمانك ويُلقي المهابة في صدور أعدائك، فلن تخشى مع الله أحد .. كان الفضيل يقول "من خاف الله، لم يضره أحد، ومن خاف غير الله، لم ينفعه أحد" [سير أعلام النبلاء (15:444)].
    10) أعظم سبيــــل للنجـــــاة .. فمن خاف في الدنيا، أمِنَ يوم القيامة .. أما إذا أمِنَ في الدنيــا، فليحذر الخوف يوم القيامة .. قال رسول الله "وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين؛ إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفته في الآخرة" [رواه ابن حبان وقال الألباني: حسن صحيح، صحيح الترغيب والترهيب (3376)] ..
    عن إبراهيم التيمي، قال: "ينبغي لمن لم يحزن أن يخاف أن يكون من أهل النار؛ لأن أهل الجنة قالوا: {..الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ..} [فاطر: 34] .. وينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة؛ لأنهم قالوا: {..إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} [الطور: 26]" [حلية الأولياء (2:175)].

    11) يُبلِّغ منــــازل الأبرار .. فقد قال تعالى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن: 46]، وقال رسول الله "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة"[رواه الترمذي وصححه الألباني] .. فمن خاف ربَّه، واصل السعي بالليل والنهار حتى يُبلَّغ الجنة بإذن الله.
    12-أن تكون في ظل عرش الرحمن: فان الخائف، دائم الدمعة لا قرار له إلا في دار القرار فان غزارة الدمع تطفئ حرارة الشهوات وتكف المرء عن معصية ربه، لذا كان جزاؤه أن يكون في ظل عرش الرحمن قال النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " وذكر منها " ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه " أخرجه البخاري.
    [موقع الكلم الطيب]

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الخوف من الله تعالى واجب ، بل هو من أوجب الواجبات

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    أنواع الخوف
    مزيد بيان وتفصيل
    أقسام الخوف
    الخوف على قسمين:

    القسم الأول: خوف العبادة:
    وهو الذي يحمل معنى العبادة من التذلل والرهبة والخشية من إيقاع الضرر ممن يملك إيقاعه ،
    فيقوم بالقلب عبادات عظيمة من الرهبة والخشية والإنابة والتوكل وتعلق القلب
    فهذا الخوف لا شك أن صرفه لغير الله جل وعلا شرك أكبر مخرج عن الملة ،
    قال الله تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُون} وهذا الخوف هو من عمل المشركين ،
    ولذلك إذا أردت أن تعرف معنى الخوف الشركي فاعرف حال المشركين الذي يخافون هذا الخوف، وقد ذكر الله لنا من أخبارهم ،
    قال الله تعالى حكاية عن خليله إبراهيم عليه السلام في محاجته لقومه: {وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

    وقال عن عاد قوم هود في مجادلتهم لنبيهم:
    {قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

    وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَك َ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) }
    قال ابن جرير رحمه الله:
    (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ويخوّفك هؤلاء المشركون يا محمد بالذين من دون الله من الأوثان والآلهة أن تصيبك بسوء، ببراءتك منها، وعيبك لها، والله كافيك ذلك).

    وقال قتادة:
    (بعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خالد بن الوليد إلى شعب بسُقام ليكسر العزّى، فقال سادنها -وهو قيمها -: يا خالد أنا أحذّركها، إن لها شدّة لا يقوم إليها شيء، فمشى إليها خالد بالفأس فهشّم أنفها).

    وقال مجاهد: ( {وَيخوفونك بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} يعني : « يخوفونك بالأوثان التي يعبدون من دون الله عز وجل » ).
    ومن عباد الأوثان والقبور اليوم من يخوِّف الناس من هؤلاء الذين يعبدونهم من دون الله بأن لهم قدرة وتصرفاً وإذا غضبوا على شخص أرسلوا له من يعذبه ويصيبه بالأمراض وربما يشل جسده أو يقتله ونحو ذلك من التخويف الذي لا يجوز لمؤمن أن يخافه.

    يذكر بعض العلماء عبارة (خوف السر) ويقصدون به خوف التعبد كما صرَّحوا بالتمثيل له بخوف عباد القبور والأوليا، وهؤلاء في الحقيقة جمعوا أنواعاً من الشرك منها اعتقادهم أن أولئك الأموات يطلعون على ما يعملون ، واعتقادهم قدرتهم على المؤاخذة وإحلال العقوبة والسخط ، وخوفهم أن يقطعوا عنهم المدد أو يتخلوا عن الشفاعة لهم ونحو ذلك؛ فلذلك تجد بعضهم إذا سمع أحداً يذكر أحد أولئك الأموات بسوء أو ينهى عن الغلو فيهم يُرى عليه أثر الخوف من غضب ذلك الولي بزعمهم.
    وخوف السر هذا فيه معاني التعبد من الرهبة والخشية وتعلق القلب بالمعبود والالتجاء إليه، وهذه عبادات عظيمة من صرفها لغير الله تعالى فقد أشرك ، والعياذ بالله تعالى من الشرك.

    فالخوف التعبدي عبادة من أجل العبادات صرفه لغير الله تعالى شرك أكبر.
    ***************
    درجات الناس في خوف العبادة
    الناس في خوف العبادة على درجات:
    الدرجة الأولى:
    السَّابِقون المقرَّبون وهم الذين حملهم الخوف من الله تعالى على المسارعة في الخيرات والتقرُّب إلى الله تعالى بالفرائض والنوافل والورع واجتناب المحرمات والشبهات؛ فهؤلاء بخير المنازل وهم الذين أثنى الله تعالى عليهم بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}
    وقوله: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}

    الدرجة الثانية:
    المقتصدون وهم الذين حملهم الخوف من الله تعالى على اجتناب المحرمات وفعل الواجبات فهؤلاء هم المتقون المقتصدون.
    الدرجة الثالثة:
    المفرِّطون الظالمون لأنفسهم من المسلمين ، وهؤلاء معهم أصل الخوف من الله تعالى بحيث يمنعهم من الشرك الأكبر وارتكاب ناقض من نواقض الإسلام ، لكنهم لضعف خوفهم من الله تعالى يرتكبون الكبائر ويتركون بعض الفرائض الواجبة والعياذ بالله ، فهؤلاء مذنبون مستحقون للعذاب بقدر ما وقعوا فيه من المخالفة، وهم باقون في دائرة الإسلام.
    الدرجة الرابعة:
    الغلاة المُفْرِطُون وهم الذين حملهم الخوف الشديد على نوع من اليأس من رحمة الله والقنوط من رحمته ؛ فهؤلاء مذنبون غلاة، ولا يجوز للمؤمن أن ييأس من روح الله ، ولا يقنط من رحمته.
    الدرجة الخامسة:
    المشركون وهم الذين صرفوا هذه العبادة العظيمة لغير الله جل وعلا ؛ فهؤلاء مشركون كفار خارجون عن دين الإسلام والعياذ بالله.

    فهذه درجات الناس في خوف التعبد وهم في كل درجة تتفاوت منازلهم .

    القسم الثاني من الخوف: الخوف الطبيعي،
    وهو ما خلا من معاني التعبد ، وهذا حكمه بحسب ما يحمل عليه:
    مثاله:
    خوف العبد من السباع والهوام والظلمة الطغاة فهذا لا يلام عليه العبد بل قد يعذر بسببه في أحوال؛ فقد يسقط عن الرجل وجوب صلاة الجماعة للخوف، وقد يجوز له جمع ما يجمع الصلوات بسبب الخوف، ونحو ذلك.
    أما إن حمل هذا الخوف صاحبَه على ترك بعض الواجبات التي لا يعذر بتركها أو ارتكاب محظور لا يعذر بارتكابه فهو محرم لا يجوز.
    مثاله:
    جماعة من المسلمين ظاهرون في بلد من البدان حملهم الخوف من العدو على ترك الجهاد في سبيل الله عز وجل؛ وترك إعداد العدة لذلك؛ فهؤلاء مذمومون مفرطون مذنبون بتركهم فريضة الجهاد في سبيل الله عز وجل ، وسنة الله تعالى جارية بأن يسلط الله عليهم أعداءهم وينزع مهابتهم من صدور الكافرين بسبب مخالفتهم لاتباع هدى الله جل وعلا، وتقديمهم خوف العدو على الخوف من الله جل وعلا، وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}
    {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} أي يعظمهم في نفوسكم حتى تخافوهم.
    فهذا الخوف من أولياء الشيطان محرم لا يجوز.
    بل قد يصل الخوف من غير الله تعالى بالعبد إلى الكفر والعياذ بالله ؛
    كمن يحمله الخوف على الرضا بالكفر واختياره خوفاً وجبناً
    كما قال الله تعالى: { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ }
    وهذا هو أصل خوف الأتباع من المتبوعين من أئمة الكفر
    كما قال الله تعالى فيهم: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
    وقال تعالى: { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48)}
    فهؤلاء حملهم خوفهم الطبيعي على الكفر والعياذ بالله.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: الخوف من الله تعالى واجب ، بل هو من أوجب الواجبات

    بارك الله فيك ...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •