تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: العدوان على الأدب العربي وتشويهه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,457

    افتراضي العدوان على الأدب العربي وتشويهه

    العدوان على الأدب العربي وتشويهه (2)


    د. محمد بن لطفي الصباغ







    كنتُ قد ذكرتُ في الحلقة الأولى من هذا الموضوعِ عدوانَ لويس شيخو على الأدبِ في عصورِه المختلفة، ولا سيما على الأدبِ في القرن التاسع عشر، وذكرتُ كلمة العلاَّمة الأستاذ أحمد تيمور باشا في تحريف لويس هذا لقصيدةِ البحتريِّ التي قال عنها بحقٍّ: إنها من أجودِ شعر البحتري، وذكر تحريفَه لها وحذْفَه كلمةَ: (النبي) في موضعينِ، ووضع محلَّها كلمة: (الرشيد) مرة، وكلمةَ (الخطيب) مرة أخرى.



    وأودُّ أن أذكرَ في هذه الكلمة تحريفَه لشعر أبي العتاهية، وأن أُوردَ كلمةَ العلاَّمة الشيخ أحمد شاكر، وكلمة الدكتور شكري فيصل في ذلك.



    كتب أستاذُنا الدكتور شكري فيصل - رحمه الله - فصلاً طويلاً في نقدِ نشرةِ الأب لويس شيخو لديوان أبي العتاهية، الذي عَنونه بـ: "الأنوار الزاهية في ديوان أبي العتاهية".



    فذكر الدكتور فيصل في مقدِّمته للديوان الذي نشَره نشرةً علميةً جيدة في دمشق سنة 1385هـ، 1965م وطُبع في مطبعة جامعة دمشق، وقال: "... وقرأتُ للشيخ أحمد شاكر في "الشعر والشعراء" تعليقةً على ترجمةِ أبي العتاهية قال فيها: وديوانُه معروفٌ مطبوع، طبعه الآباءُ اليسوعيون بمطبعتِهم في بيروت، وهم قومٌ لا يُوثَقُ بنقلِهم؛ لتلاعبِهم وتعصُّبِهم وتحريفهم، ولكن هذا الذي وُجد بأيدي الناس"[1].



    وقال: فكانت هذه القالةُ منارًا جديدًا لي، كيف يكون التلاعبُ والتعصب في نشر ديوانٍ شعريٍّ قديم؟ ما طريق التعصُّبِ إلى هذا الشِّعر الذي يتحدَّث عن الحياة والموت والآخرة؟ وكيف يكون الأمرُ على هذا النحوِ الذي وُجد بين أيدي الناس؟



    ثم قال[2]:

    "وما كنتُ أعرفُ من هذه المخطوطات إلا تلك التي في الظاهرية، صنعها ابنُ عبدالبر النَّمِري... ولكني حين أخذتُ أقابلُ بين الذي فيها والذي في مطبوعةِ الأب شيخو، لفتني - في شيءٍ من العنف - تحريفاتٌ غريبةٌ وقعتُ عليها، فلما مضيتُ أستقصي بدتْ لي هذه التحريفاتُ وكأنها عملٌ مقصودٌ... وتجاوز الأمرُ التحريفَ إلى بترِ بعضِ الأبياتِ ذوات العدد من بعض القصائد... وذكرتُ قولةَ الشيخ شاكر - رحمه الله - وكنتُ أظنُّ فيه بعض الحدَّة، فإذا حديثُه دون أن ينهضَ لهذا التضليل الذي انساقَتْ إليه طبعةُ الأب شيخو، والتي أرادتْ أن تسوقَ إليه الناسَ في شيءٍ كثير من الاستخفافِ بكلِّ أمانةِ العلم وخُلُقِ العلماء".



    وذكر في صفحة 12 أمثلةً على تغيير الكلمة بغيرها عندما تكونُ كلمةً قرآنية... فيغيِّر كلمة (نشور) إلى (نزول) في قوله:

    أسقامٌ ثم موتٌ نازلٌ ♦♦♦ ثم قبرٌ ونشورٌ وجَلَب

    واللفظ القرآني: (سائق وشهيد) فيتحوَّل في البيتِ إلى: (سابق وشهيد).



    وأبعدُ من هذا أنَّ الأب شيخو كان لا يُطيق - فيما يبدو - أن يرى لفظةَ: (محمد) الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- في شِعر أبي العتاهية؛ ولذلك فإنه يحرِّف هذه اللَّفظة - ما صادفها - التحريفَ الذي يشملُ أكثرَ البيت حتى لا ينتقض الوزن، فينقُل البيت:

    وإذا ذكرتَ محمَّدًا ومصابَه ♦♦♦ فاذكر مُصابَك بالنبي محمَّدِ



    ينقُله إلى:

    وإذا ذكرتَ العابدين وذُلَّهم ♦♦♦ فاجعَلْ ملاذَك بالإلهِ الأوحدِ



    ويحوِّر البيت:

    بنبيٍّ فتحَ اللهُ به ♦♦♦ كلَّ خيرٍ نِلْتُموه وشرَحْ



    إلى:

    بخطيبٍ فتحَ اللهُ به ♦♦♦ كلَّ خيرٍ نِلتُموه وشرَحْ



    وينقُل لفظة (مرسل) إلى لفظة (ابن من) في البيت الذي يليه:

    مُرسَل لو يُوزَن الناسُ به ♦♦♦ في التُّقى والبِرِّ شالوا ورجَحْ



    فإن لم يجِدْ إلى التحريف سبيلاً حذف البيتَ كلَّه؛ كما فعل في البيت:

    وهو الذي بعث النبيَّ محمَّدًا ♦♦♦ صلَّى الإلهُ على النبيِّ المصطفى



    ويتجاوز التحريفُ الكلمةَ الواحدة إلى التعبيرِ الكامل، ومن أمثلة ذلك: أن الأبَ لويس شيخو كان يستبعد التعبيرَ الإسلاميَّ: (لا شريك له) في كل مكانٍ يرِدُ فيه، ويضع مكانه تعبيرًا آخرَ: (لا مثيلَ له)، أو (لا شبيهَ له).



    وتعبير (رسول الله) يصير إلى (نذير الخير) في البيت الآتي:

    فرسولُ الله أَوْلى بالعُلى ♦♦♦ ورسولُ اللهِ أَوْلى بالمدح



    وتعبير (لستَ والدًا)، يؤول إلى (لستَ مُحدَثًا).

    شهِدنا لك اللهمَّ أن لستَ والدًا ♦♦♦ ولكنك المولَى، ولستَ بمولودِ



    ويحذف البيتَ كلَّه، كما فعل في هذا البيت الآتي:

    الحمدُ لله لا شريك له ♦♦♦ حاشا له أن يكونَ مشتركَا



    وقال الدكتور شكري[3]: ويمضي التحريفُ وكأنما ليست هناك حرمةٌ للنصوص، ولا رعاية للصِّدق، ولا اعتبار لأية واحدة من هذه القِيَم التي لا يكونُ العالِمُ عالِمًا إلا بها، فإنَّ ناشرَ الديوان يطوي أبياتًا برُمَّتِها كهذه الأبيات الخمسة في مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهي:


    سلامٌ على قبرِ النبيِّ محمَّدِ

    نبيِّ الهدى والمصطفى والمؤيَّدِ



    نبيّ هدانا اللهُ بعد ضلالة

    به لم نكنْ لولا هُداه لنهتدِي



    فكان رسولُ الله مِفتاحَ رحمةٍ

    من اللهِ أهداها لكلِّ موحِّدِ



    وكان رسولُ الله أفضلَ من مشى

    على الأرضِ إلا أنه لم يُخلَّدِ



    شهدتُ على أنْ لا نبوةَ بعده

    وأنْ ليس حيٌّ بعده بمخلَّدِ





    وقال: ويستطيع القارئُ المتتبِّع أن يقعَ عليها... وأن ينتهيَ مهما يكن لونُه إلى أنَّ مثلَ هذه التحريفات تتجاوز كلَّ حدودِ التعصُّبِ والتلاعب التي أشار إليها الشيخُ أحمد شاكر - رحمه الله - في قالتِه التي مرت بنا، وأن هذه التحريفاتِ تتناول كلَّ ما يتَّصلُ بألفاظ القرآن وتعابيره، وكل ما يتصل بالنبيِّ - صلوات الله وسلامه عليه - ورسالته، وكل ما يتصل بمفاهيمِ الإسلام من الوَحدانية والنُّشور والآخرة.

    -------------------------------------



    [1] مقدمة ديوان أبي العتاهية، تحقيق د. شكري فيصل، ص 6.




    [2] المقدمة، ص 7.




    [3] مقدمة ديوان أبي العتاهية، ص 13.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,457

    افتراضي رد: العدوان على الأدب العربي وتشويهه

    العدوان على الأدب العربي وتشويهه (3)


    د. محمد بن لطفي الصباغ




    ما زلت أتحدَّث عن عُدْوَان "لويس شيخو" على الأدب العربي[1]، وقد رأينا عُدْوَانه على المختارات التي وضعها في كتابه "مجالي الأدب"؛ وذلك عندما أَوْرَد قصيدة البُحْتُري الرائية الرائعة في الجزء الخامس منه، فحرَّف فيها ما حرَّف [2]، ورَأَينا عُدْوَانه على ديوان أبي العَتَاهِيَة، وكذلك عبثه الذي حرَّف فيه نصوصَ كتابِ "فقه اللغة" للثعالبي، وقد سجَّلتُ هذا في كتابي: "المكتبة العربية"، الذي ما يزال مخطوطًا.

    وسأتحدَّث في هذه الحلقة عن عُدْوَانه على الأدب العربي في القرن التاسع عشر، والرُّبع الأوَّل من القرن العشرين، وعنوان الكتاب كما يلي:
    "الآداب العربية في القرن التاسع عشر"، للأب "لويس شيخو" اليسوعي - مدير مجلة المشرق، الجزء الأول من سنة 1800 إلى سنة 1870 - ويقع في 140 ص - الطبعة الثانية 1924.
    والجزء الثاني من السنة 1870 إلى سنة 1900 - ويقع في 192 ص - الطبعة الثانية 1926.
    "تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين"، ظهر تباعًا في مجلة المشرق - ثم طبع في 1926، ويقع في 208 صفحة.
    إن هذا الكتاب بقسميه يعطي صورةً مشوَّهة، بعيدةً كلَّ البعد عن واقع هذا العصر، وقد أسَفَّ مؤلِّفُه عندما صوَّر هذا العصرَ بأنه العصرُ الذي نهض به النصارى بالأدب وباللغة، وانتقَص المسلمين.
    وترجَم لعددٍ من القساوسة في بلاد الشام، وحاوَل أن يُضفِي عليهم صفةَ تمثيل هذا العصر، وهي فِرْيَةٌ كبيرة.
    لقد زعم أن الأدبَ في هذه الحقبة كان أدبًا نصرانيًّا، وأن الأدبَ والعربية إنما قاما على جهودِ رجال الكنيسة، وقرَّر - زورًا وبهتانًا - أن المسلمين رَضُوا أن يكونوا مقصِّرين بحق لغةِ قرآنِهم، وإنني أَخشَى إن لم يُرَدَّ عليه أن يتأثَّر به مَن يقرؤه، ويَستَسلِم لطغيانِ أعدائنا الفكري والسياسي؛ لأن المؤلِّف كان - في ثنايا الكتاب - يَمدَح الأوربيين، ويُبَالِغ في ذكر مزاياهم، يريد أن يُمَهِّد لقَبول الانحراف عن الإسلام.
    كان ذلك بمكر مركَّز، وبصورة غيرِ مباشرة، والمؤلِم في الموضوع أنني لا أعلمُ كتابًا ألِّف بهذا العُنْوَان يصحِّح الأغلاطَ الفادحة التي أوردها.

    لما رأيتُ هذا العُدْوَان الأثيم على لغتنا وأدبنا وديننا، زرتُ الأستاذ الكبير الفاضل الشيخ "ناجي الطنطاوي"، الذي كان مستشارًا في إحدى الوَزَارات في الرياض، وذكرتُ له هذا العُدْوَانَ، وعرضتُ عليه نماذجَ مما ورد في هذا الكتاب، واقترحتُ عليه أن يكون لقاء للإخوان أهلِ العلمِ وأصحاب الغَيْرَة من المختصِّين، فوافق ودعا نخبةً من أهل الفضل إلى بيته لبحث هذا الموضوع، وقد حضر كلٌّ من السادة: الشيخ عبدالرحمن الباني، وسعيد الطنطاوي، وعبدالرحمن الباشا، وعبدالقدوس أبو صالح، وعبدالكريم عثمان، ومحمد بن لطفي الصبَّاغ.

    وقد كتب الأستاذ الباني - بخطه الجميل - خلاصةَ ما جرى في هذه الجلسة، وسأُورِدُه في آخرِ هذه الكلمة، وقد كانت هذه الجلسة في سنة 1385 أو 1386، وكان رأيي الذي عرضته في تلك الجلسة ما يأتي:
    1- أرى أنه من الواجبِ على القادرين أن يُعِدُّوا كتابًا في تاريخ الأدب العربي في هذه الحقبة.
    2- وأرى أن يكونَ عُنْوَانه مطابقًا لعنوان ذاك الكتاب الخبيث؛ حتى يكون في المكتبة العربية مجاورًا له؛ ليَكشِفَ زَيْفَ ذاك الكتاب، ويُبطِل كيدَه.
    3- أن يُتَرجم فيه لشعراءِ هذه الحقبة - وهم كثيرون - وغالبُهم من علماء اللغة بفروعها، ومن علماء الشريعة، وأن يُختَار شيءٌ من شعرهم ونثرهم.
    4- وينبغي أن يكونَ الكتاب شاملاً لكل أدباء بلاد العرب: من الشام، ومِصْر، والعراق والحجاز، ونَجْد، واليمن، والبَحْرَين، وليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، وموريتانيا.
    5- وأرى أن يوزَّع العمل في هذا الكتاب بين باحثينَ؛ لأن الموضوعَ واسعٌ، ويحتاج إلى: همة، وعلم، وصبر، ودأب.
    6- وليكن هذا العمل هادئًا وموضوعيًّا، ومخدومًا خدمة منهجية، ومدعمًا بالوثائق.
    وقد تفضَّل الأساتذة المشاركون بإبداءِ آرائهم، وقد سجَّل الأستاذ عبدالرحمن الباني آراءهم، وسنذكرُها في الحلقة الآتية.
    والحمد لله رب العالمين.
    ----------------------------------
    [1] كنتُ نشرتُ خاطرة عن "لويس شيخو"، عنوانُها: "لويس شيخو شخصية خبيثة"، دعوتُ فيها القادرينَ إلى الردِّ على إساءاته الكثيرة، وتحريفاته الخطيرة، وكشفِ تزييفه للحقائق، وإنها لمسؤولية.

    [2] كنتُ اشتركت مع صديقي الأستاذ الدكتور "عبدالرحمن الباشا" الذي كان يقدم برنامجًا أسبوعيًّا في إذاعة الرياض عنوانُه: "بيت من الشعر"، وكانت الحلقة عن البحتري، وقد اشتركت معه في كشف حقيقة هذا العُدْوَان، الذي يقوم به لويس هذا - عليه من الله ما يستحق.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,457

    افتراضي رد: العدوان على الأدب العربي وتشويهه

    العدوان على الأدب العربي وتشويهه (4)


    د. محمد بن لطفي الصباغ





    عدوان لويس شيخو على الأدب العربي في القرن التاسع عشر



    تحدثتُ في الحلقات السابقة عن هذا العدوانِ الأثيم، وذكرتُ أنني أَثَرت هذه القضيةَ عند نفر من أهل العلم والاختصاص، وعقَدنا جلسةً لمناقشة هذا الموضوع، وأود أن أذكر بعض العبارات التي تدلُّ على عدوان هذا المؤلِّف وكتابِه على الحقيقة والأدبِ العربي.

    ثم أختم هذه الحلقةَ الأخيرة بإيراد الملخَّص الذي كتبه الأستاذُ الكبير الشيخ عبدالرحمن الباني - رحمه الله رحمة واسعة - لآراء الأساتذة المشاركين في تلك الجلسة.

    فمن هذه العبارات ما أَوْرده هذا المعتدي لويس شيخو في ص 6 من الجزء الأول:
    "ومما نقَض حبلَ الآداب في ذاك العهد قلةُ المدارس التي يتخرَّج فيها الأحداثُ، فغاية ما يرى فيها بعضُ الكتاتيب الابتدائية، لا سيما قريبًا من أديرة الرُّهبان".
    ومعلوم أن الكتاتيبَ مدارسُ قائمةٌ على تدريس القرآن، وقد قامت بدورٍ كبير في تعليم الناس على مر القرون، وكان يقوم عليها في كثير من البلدان ناسٌ علماءُ أجلاء، وإني لأتساءل: وما علاقةُ الأديرةِ بهذه الكتاتيبِ؟

    وذكر في الصفحة نفسِها أن قومَه هم الذين جاؤوا بالمطابع فقال: "وفي لبنان كانت مطبعة واحدةٌ عربية، وهي مطبعة الشوير... أما مطبعة قزحيا فكانت سريانية، ولم تتجدد إلا بعد ثماني سنوات بهمة الراهب اللبناني سيراميم جوتا، وكذلك مطبعة حلب التي كان أنشأها البطريرك أثناسيوس دباسي".
    وذكر في صفحة 7 أكذوبة، وهي أن الكَتَبةَ في الدولة العثمانية كانوا نصارى.
    وذكر في صفحة 8 أن النصارى امتازوا في كلِّ مكان، فقال: "وأما في مصرَ، فكذلك ممَّن امتازوا المعلِّمانِ القبطيانِ جرجس الجوهري وغالي".
    ومعلوم أنَّ لويس كاثوليكي، والأقباط أرثوذكس، وبينهما خصوماتٌ، ومع ذلك فإنه يريد أن يمسحَ أيَّ شأن للمسلمين، وهو في هذا غيرُ صادق؛ ففي مصرَ كان الأزهرُ، وهو أضخمُ جامعة في العالم الإسلامي، وقد نبغ فيه عباقرة وعلماءُ ومؤلِّفون وشعراء.

    وقال في صفحة 9:
    "وممن ساعدوا على النهوض الأدبي في أوائل القرن التاسع عشر رؤساءُ الطوائف الكاثوليكية الأجلاء".
    ترجم في صفحة 30 من الجزء الثاني لليازجي ترجمةً موسَّعة، وأورد أبياتًا يفخر بها الناظمُ بدين النصرانية، ويشرح عقيدتَها.
    إذا ذكر أديبًا مسلمًا، فإنه يحرصُ على أن يَذكرَ أنه مدح نصرانيًّا؛ كما في ترجمة البربير 1/ 25 - 26.
    وكما في ترجمة عبدالله الحلبي 1/ 29.

    وكما في ترجمة شهاب الدين محمد بن إسماعيل المولود في مكة سنة 1803م، والقاطن في مصر؛ إذ أورد له أبياتًا من قصيدة يمدحُ بها بطرس قنصل روسيا ص85.
    وذكر في ترجمة شهاب الدين هذا أنه نظَم لكاثوليكي قصيدةً يمدح فيها البابا، يقول فيها ص85:
    بابا النصارى مربي رُوح ملّتهم
    حامي حِمى كلِّ شَمَّاس وقسيسِ

    شخصٌ، ولكن هيولى، رُوحُه ملك
    وجسمُه صورة في شكل قدِّيسِ

    أقام وهو وحيد العصر مفرده
    دينَ النصارى بتثليث وتغطيسِ

    تسعى الملوكُ إلى تقبيل راحته
    في البحر والبر فوق الفلك والعِيسِ

    وهي أبيات مهلهلةٌ ركيكة.

    في كتابه عنايةٌ كبرى بالمستشرقين، فهو يعطيهم أكثَر مما يستحقون، ولا سيما إن كانوا فَرَنسيين.
    وهو يرى أن الدخولَ في الإسلام ضلالٌ، قال ذلك في ترجمة طنوس الشدياق في ص111، قال ما يأتي: "توفِّي سنة 1861، وله شعرٌ لم يطبع، وكان شديدَ التمسُّك بالدين، مستقيمَ السريرة، وهو أخو فارسٍ الشدياق، لكنه لم يتبعْه في ضلاله".
    وفارس هو الذي أسلم وتسمَّى بأحمد فارس، وقد ذكره بسوءٍ في الجزء الثاني 2/82 وما بعدها.

    وإليكم الملخَّص الذي كتبه الأستاذ الشيخ عبدالرحمن الباني - رحمه الله - وقد وجدته مكتوبًا بخطه:
    ذكر الأخ الأستاذ سعيد أن هناك ثلاثة مستويات:
    1- المستوى الأول: تأليف تاريخ يُترجِم رجال الأدب.
    بيدَ أن المصادرَ عن القرنين الماضيين قليلةٌ جدًّا، وأن المصادر الحية (الرجال الذين يعرفون شيئًا ذا قيمة عن هؤلاء) على خطر الزوال بالموتِ. ذكر أمثلة.
    2- المستوى الثاني: تاريخ الأدب العربي في العصرين.

    3- المستوى الثالث - الذي تُخدَم به الفكرة -: تأليفُ كتب مدرسية، تَحمي الناشئة من خطر سوءِ الاختيار على الأقل، وتُعْرَض عليهم، وعرض نماذج من كتاب مَدْرسي ما فيه إلا مختارات سيئة خطرة على توجيه الناشئين والناشئات! (يدرَّس في تونس)!
    الأخ الأستاذ أبو صالح: يرى أن بالإمكان توجيهَ الشباب الذين يدرُسون دراسات عليا لتناول أقسامٍ من هذا العصر.
    الأخ الدكتور عبدالكريم: هناك مشروعان مجالان، البدء بهذا العمل - تاريخ القرن 19... وما يذكره الأستاذ سعيد، فذلك عملٌ آخر.
    الأستاذ ناجي يرى أن نضعَ قائمة بأسماء من يُترجَمون، ومن نتصلُ بهم لاستقاء المعلومات.
    الأستاذ الباشا: الجَلسة أدت غرضًا لها، هو تعريفنا لهذه المشكلة، وبقاء حلها في الذهن، وتوجيه من يمكِنُ لحلها، إلا أن القيامَ بهذا العمل بذاته عائدٌ لظروف كلٍّ.
    هذا ووجودُ مختارات - كما اقترح الأستاذ سعيد - أمرٌ جليل، يعرف عناء العمل فيه من مارسه.
    أشار إلى عمل الندوي في مختاراته.
    وأما القصةُ الإسلامية - التي ذكرها بعض الإخوان - فكذلك الحاجة إليها ماسَّة.
    الأستاذ عبدالقدوس: يمكن تأليفُ لجان لكل كتابٍ من الكتب المدرسية من إخواننا الذين يمكِنُ أن يتفرَّغوا لهذا العمل، وهناك عددٌ منهم، وهم إذا عرفوا أن الكتابَ يقرَّر رسميًّا أو يطبع، فإنهم يندفعون للعمل.
    الأستاذ الباشا يرى أن يُتناوَلَ موضوعُ "أدباء الشام في القرن 19"، لا بأس أن يكونَ موضوعًا جامعيًّا أيضًا، ويستعين بالإخوة الطنطاويين.

    أما في موضوع المختارات، فقد ذكر الأستاذ ناجي أن لديه كتابَ مختارت (اسمه الطراز) والأستاذ الباشا ألَّف للصف الخاص من دار المعلمين كتابًا أصبح مقرَّرًا في سورية، والأستاذ أبو لطفي له كتابٌ للصف الثاني الثانوي في المختارات، وهناك أيضًا كتب مقرَّرة فعلاً تصلح للأخذ منها.
    فكلُّ كتب اللغة العربية المقرَّرة في سورية يمكن الأخذُ منها، كتاب الثاني الإعدادي (تأليف محمد الصباغ وإسماعيل عبدالكريم وحقي المحتسب)، وكتاب الثالث الإعدادي للأستاذ الباشا ومحمد خير أبو حرب.
    وكتاب الطرف - المقرر سابقًا - جيد بالجملة.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •