تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: معنى أنَّ الله هو الغني المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه...من سلم الوصول من علم الاصول - بشرح الحازمى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي معنى أنَّ الله هو الغني المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه...من سلم الوصول من علم الاصول - بشرح الحازمى

    قال ابن القيم في ((طريق الهجرتين)) كلام يتعلق بالغني وفقر الخلق إليه وهو في أوائل الكتاب ذكر فصلاً جميلاً وهو طويل أخذنا منه شيئًا نحتاجه،
    قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
    فصل: في أن الله هو الغني المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه
    .ثَمَّ شيئان متقابلان: غنى، وضده الفقر، والفقر وضده ونقيضه الغنى،
    فالله تعالى غني بذاته، والخلق فقراء بذواتهم،
    فالفقر وصف ذاتي لكل مخلوق جمادات وغيرهم ليس خاصًا بالإنسان،
    وكما أن الغنى وصف ذاتي للبارئ جل وعلا.
    قال ابن القيم: فصل:
    في أن الله هو الغني المطلق، والخلق فقراء محتاجون إليه،
    قال الله سبحانه:
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15].
    بين سبحانه في هذه الآية أن فقر العباد إليه أمر ذاتي لهم لا ينفك عنهم كما أن كونه غنيًّا حميدًا أمر ذاتي له،
    فغناه وحمده ثابت له لذاته لا لأمر أوجبه.
    يعني:
    لا لأمر خارج عنه، لا لكون الخلق محتاجين إليه فصار غنيًا، لا، إنما لذاته،
    ولذلك لو لم يكن أحد من الخلق موجودًا فالله غني، أليس كذلك؟
    فهو مستغنٍ جل وعلا عن الخلق ولو لم يخلقهم حتى قبل أن يخلق الخلق فهو مستغنٍ عن الخلق.
    قال هنا:
    فغناه وحمده ثابت لذاته، لا لأمر أوجبه، وفقر من سواه إليه ثابت لذاته، لا لأمر أوجبه.
    فهما صفتان متقابلتان، فلا يُعَلَّلُ هذا الفقر بحدوث ولا إمكان،
    يعني:
    لكون المخلوق حادثًا أو مفتقرًا، لا، لا يُعَلَّلُ، لماذا؟ لأنه ذاتي،
    ولذلك عند المناطقة الفرق بين الذاتيّ والعرضيّ:
    أن الذاتيّ لا يُعلَّل، يعني لا تُذكر له علة، والعرضيّ يُعَلَّل، مريض لأنه، يمشي لأنه، يضحك لأنه ... إلى آخره،
    فحينئذٍ تأتي بعلة، وأما كونه إنسانًا كونه ناطقًا كونه يفكر هذا لا يُعلّل هذا الأصل فيه، حينئذٍ ما كان ذاتيًّا لا تُذكر له علة لا يُعلَّل، هذا من الفوارق بين الذاتيّ والعرضيّ،
    التقسيم عندهم للكليّ:
    ذاتيّ وعرضيّ.
    ولذلك قال:

    فلا يُعلَّل هذا الفقر بحدوث ولا إمكان، بل هو ذاتي للفقير،
    فحاجة العبد إلى ربه لذاته لا لعلة أوجبت تلك الحاجة كما أن غنى الرب سبحانه لذاته لا لأمر أوجب غناه، ك
    ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - والكلام لابن القيم -:
    والفقر لي وصف ذات لازم أبدًا ... كما الغنى أبدًا وصف له ذاتي
    فهما متقابلان، هذه صفة للخالق جل وعلا،
    وهو أنه غني ليس بمحتاج إلى أحد، وأنه مستغنٍ عن الخلق وهذا وصف ذاتي لا ينفك عنه بحال من الأحوال،
    ولا نقول:
    لأنه مستغنٍ عن الخلق لأن الخلق إلى آخرهم محتاجون إليه، لا نعلِّله وإنما لذاته دون نظر إلى ماذا؟ إلى الخلق،
    والفقر لي - وهذا كلام ابن تيمية - وصف ذات لازم أبدًا، لا ينفك عن الإنسان،
    كما الغنى أبدًا وصف له ذاتي، ولذلك الإنسان لو استغنى بماله وملكه .. إلى آخره
    فهو فقير، أليس كذلك؟ تصفه بأنه فقير، يعني هذا المال كيف يحفظه؟ قد يزول في لحظة واحدة، ما الذي يحفظه؟ الله عز وجل. قال: فالخلق فقير محتاج إلى ربه بالذات لا بعلة، وكل ما يذكر ويقرر من أسباب الفقر والحاجة فهي أدلة على الفقر والحاجة لا علل لذلك، إذ ما بالذات لا يعلل. هكذا يقول ابن القيم رحمه الله تعالى.
    هذا مصطلح المناطقة:
    ما بالذات لا يعلل. فالفقير بذاته محتاج إلى الغني بذاته، فما يذكر من إمثال وحدوث واحتيال فهي أدلة على الفقر لا أسباب له.والمقصود أنه سبحانه أخبر عن حقيقة العباد وذواتهم بأنها فقيرة إليه عز وجل، كما أخبر عن ذاته المقدسة وحقيقته أنه غني حميد،
    فالفقر المطلق من كل وجه ثابت لذواتهم وحقائقهم من حيث هي، والغنى المطلق من كل وجه ثابت لذاته تعالى وحقيقته من حيث هي، فيستحيل أن يكون العبد إلا فقيرًا، لا يمكن أن ينفك عنه البتة، ولو كان من أغنى الناس، ولو ادَّعَى ما ادَّعَى من كونه لا يحتاج إلى غيره البتة، ويستحيل أن يكون الرب سبحانه إلا غنيًّا كما أنه يستحيل أن يكون العبد إلا عبدًا والرب إلا ربًّا، لأن هذا وصف للبارئ جل وعلا وهذا وصف للمخلوق،
    إذا عُرِفَ هذا يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:

    فالفقر فقران:
    فقر اضطراري وهو:
    فقر عام لا خروج لبَرٍّ ولا فاجر عنه، وهذا الفقر لا يقتضي مدحًا ولا ذمًا ولا ثوابًا ولا عقابًا، بل هو بمنزلة كون المخلوق مخلوقًا ومصنوعًا.كونه مخلوقًا هذا يدل على فقره كل مخلوق هذا فقر عام.
    والفقر الثاني فقر اختياري وهو: نتيجة علمين شريفين، هذا الفقر الذي يمتاز به المؤمن عن غيره،
    فقر إلى معرفة ربه جل وعلا هو نتيجة علمين شريفين:
    أحدهما: معرفة العبد بربه.
    والثاني: معرفته بنفسه.لأن الغنى وصف للباري جل وعلا، فلا بد أن يعرف ربه، والفقر وصف له هو فلا بد أن يعرف نفسه، حينئذٍ لا بد من العلمين،
    ولا بد من المعرفتين:
    -
    معرفة العبد بربه كمال صفاته وجميل إحسانه.- ومعرفة العبد بنفسه بظلمه ونحو ذلك فمتى حصلت له هاتان المعرفتان
    أنتج له فقرًا هو عين غناه، يعني يستغني بخالقه جل وعلا هو عين غناه وعنوان فلاحه وسعادته
    وتفاوت الناس في هذا الفقر بحسب تفاوتهم في هاتين المعرفتين،
    فمن عرف ربه بالغنى المطلق عرف نفسه بالفقر المطلق، ومن عرف ربه بالقدرة التامة عرف نفسه بالعجز التام، ومن عرف ربه بالعز التام عرف نفسه بالمسكنة التامة، ومن عرف ربه بالعلم التام والحكمة عرف نفسه بالجهل، والله سبحانه أخرج العبد من بطن أمه لا يعلم شيئًا ولا يقدر على شيء،
    انظر المقابلة هنا بين ماذا وماذا؟
    بين صفات الباري جل وعلا وبين صفات المخلوق، ولذلك علم الأسماء والصفات
    هذا علم جليل يُورث في القلب ما قد لا يورثه غيره،
    فعلمك بكمال الله جل وعلا وعلمك بنقصك أنت يورث عندك هذا الغنى الذي أراد ابن القيم أن يصل إليه هنا،
    فالله سبحانه أخرج العبد من بطن أمه لا يعلم شيئًا ولا يقدر على شيء،
    ولا يملك شيئًا ولا يقدر على عطاء ولا منع ولا ضُرٍّ ولا نفع ولا شيءَ البتة،
    فكان فقره في تلك الحال إلى ما به كماله أمرًا مشهودًا محسوسًا لكل أحد، ومعلوم أن هذا له من لوازم ذاته وما بالذات دائم بدوامها.
    قال:
    وهو لم ينتقل من هذه الرتبة إلى رتبة الربوبية والغنى، يعني لا يمكن أن ينفك عن كونه مفتقرًا إلى الباري جل وعلا إلا إذا انفك عن هذه الصفة إلى صفة الربوبية وهذا محال،
    لأنهما متقابلان خالق ومخلوق، خالق بصفات الكمال، مخلوق بصفات النقص، لا يمكن أن ينفك المخلوق عن صفات النقص إلا إذا انتقل من رتبة المخلوق إلى رتبة الخالق وهذا محال في شأنه،
    ولذلك قال:
    وهو لم ينتقل من هذه الرتبة إلى رتبة الربوبية والغنى، بل لم يزل عبدًا فقيرًا بذاته إلى بارئه وفاطره. هذا الأصل فيه أنه خُلِقَ لا يعلم ولا يملك إلى آخر ما ذكره، فلما أسبغ عليه نعمته وأفاض عليه رحمته وساق إليه أسباب كمال وجوده ظاهرًا وباطنًا وخلع عليه ملابس إنعامه وجعل له السمع والبصر والفؤاد، وعلمه وأقدره وصرَّفه وحرَّكه ومكَّنه من استخدام بني جنسٍ وسخر له الخيل والإبل، وسلَّطه على دواب الماء، واستنزال الطير من الهواء وقهر الوحش العادية، وحفر الأنهار، وغرس الأشجار، وسقي الأرض، وجعلية البناء والتحيّل على مصالحه، والتحرز والتحفظ لما يزيل هذا كله من تعليم الباري جل وعلا للإنسان، فهو الذي مكنه، وهو الذي علمه، وهو الذي عرَّفه، وهو الذي أزال ما قد يكون عارضًا بينه وبين هذه المسخرات. لما كان كذلك ظن المسكين أن له نصيبًا من الملك، يعني: لما جاءه المال وعرف وتعلم .. إلى آخره ظن ماذا؟ صار له إعجاب بنفسه، ظن المسكين أن له نصيبًا من الملك وادَّعَى لنفسه مُلْكًا مع الله تعالى ورأى نفسه بغير تلك العين الأولى، ونسي ما كان فيه من حالة الإعدام والفقر والحاجة حتى كأنه لم يكن هو ذلك الفقير المحتاج، بل كأن ذلك شخصًا آخر غيره ..
    إلى أن قال:
    ومنها هنا خُذِلَ من خُذِل، ووُفِّقَ من وُفِّقَ فحُجِبَ المخذول عن حقيقته ونسي نفسه فنَسِيَ فقره وحاجته وضرورته إلى ربه، فطغى وطغى وعتا فحقت عليه الشقوة، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6، 7] استغنى عن باريه، وقال: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5]
    إذًا خُلِقَ فقيرًا معدومًا لا يعلم، ثم مكَّنه الله تعالى بأسباب العلم والقدرة ومكَّنَه وعلمه وأعطاه ما لم يُعْطِ غيره من الموجودات كالجمادات، ثم حصل له غرور بأنه قد حصل على ما قد حصل وكأنه قد صار له نصيب من الملك.
    قال ابن القيم:
    فأكمل الخلق، من هم؟ فأكمل الخلق أكملهم عبودية، وأعظهم شهودًا لفقره وضرورته وحاجته إلى ربه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -، أكمل الخلق هو أكملهم في هذه الصفات، وهذا ما يسمى بالشهود والفناء عند بعضهم، بمعنى أنه لا يرى ما عنده إلا أنه من عند الله تعالى، وليس له حظ فيه ونصيبٌ البتة، ولهذا كان من دعائه - صلى الله عليه وسلم - «أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحدٍ من خلقك». «ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين». وهذا ما يسمى بالتوفيق، والخذلان أن يخلِّي الله عز وجل بين العبد وبين هواه وهوى نفسه، والتوفيق ألا يخلي بينه وبين النفس.
    هكذا حكا الإجماع ابن القيم رحمه الله تعالى في ((مدارج السالكين)) أن التوفيق بإجماع أهل المعرفة
    ألا يخلي الله تعالى بينك وبين نفسك. يعني ألا تكون النفس هي قائدة، لأنها إذا كانت قائدة
    فالنفس الأصل فيها ماذا؟ أنها أمارة بالسوء فهلك، وأما إذا كان مرده إلى ارتفاع الوحيين فوفقه الله تعالى لذلك، فحينئذٍ حصل له التوفيق، ولذلك من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين».
    الإنسان إذا وكل إلى لنفسه خذل،
    و (كان يدعو:
    «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك». هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم - صلى الله عليه وسلم - أن قلبه بيد الرحمن عز وجل لا يملك منه شيئًا،
    وأن الله سبحانه يُصَرِّفه كيف يشاء، وهذا معنى الفقر هنا، النظر في مثل هذه المسائل هو تحقيق لهذا الفقر.
    قال هنا:
    وأنا الله سبحانه يصرفه كيف كما يشاء،
    ولذلك قال:
    «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك». فيعلم أن الله تعالى هو الذي بيده القلوب وهو الذي يثبته إن شاء أزاغه وإن شاء ثبته. يقول ابن القيم: كيف وهو يتلو قوله تعالى -
    يعني: كيف لا يدعو بهذا الدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلو قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74].
    يعني:
    لولا التثبيت من الله تعالى لكان ثَمَّ ما يوافق الفطرة من الميل ونحو ذلك، لذلك الأصل في الأنبياء أنهم بشر وإن كانوا ليس كالبشر كسائر البشر، فتأمل قوله تعالى في الآية -
    قول ابن القيم - فتأمل قوله تعالى في الآية: {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}.يعني لا إلى غيره، {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}، {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ}
    هذا فيه حصر أو لا؟
    فيه حصر تعريف الجزئين، {أَنْتُمُ} مبتدأ وهو معرفة،
    و {الْفُقَرَاءُ} هذا خبر وهو معرفة وفيه حصر، والمتعلق بالخبر داخل في المحصور،
    لأن {إِلَى اللَّهِ} هذا متعلق بالفقراء،
    لأن الفقراء جمع فقير، وفقير هذا فَعِيل ويتعلق به الجار والمجرور،
    حينئذٍ {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} لا إلى غيره، كيف أخذنا هذا الوزن؟
    نقول:
    من تعريف الجزأين،
    وتعريف الجزأين عند كثير من أهل البيان أنه من صيغ الحصر {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2]،
    {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} تعلق الفقر إليه باسم الله دون اسم الربوبية، يعني ما قال أنتم الفقراء إلى ربي،
    وإنما قال:
    {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}. علَّق الفقر هنا بماذا؟ باسم الألوهية وهو الله،
    والله كما مر معنا:
    عَلَمٌ على الباري جل وعلا دال على ذات وصفة على الصحيح.
    بخلاف من قال:
    إنه جامد. يعني: لا يدل إلا على الذات، وإنما يدل على ذات وصفة، ما هي هذه الصفة؟ الألوهية كونه مألوهًا معبودًا كونه مستحقًا للعبادة،
    حينئذٍ ذاتٍ وصفةٍ وهذه الصفة صفة ذاتية، ذات وصفة، كما أن الرحمن دال على ذات وصفة، ذات وصفة هي الرحمة،
    هنا قال:
    {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}.
    علَّقه باسم الإلوهية ولم يعلقه باسم الربوبية ليُؤذن بنوعي الفقر،
    يعني مر معنا أن الفقر نوعان:
    عام، وخاص.ا
    لعام هذا يشترك فيه الكافر والمؤمن، الأول من الجمادات.والخاص هذا خاص بالمؤمنين.
    فلو قال:
    أنتم الفقراء إلى ربكم. اختص بالنوع الأول وهو العام،
    لأن الربوبية هي التي تجمع، والألوهية هي التي تفرق، صحيح؟
    الربوبية تجمع، دخل فيها الكافر والمؤمن، البر والفاجر،
    وأما الألوهية فهي التي تُفَرِّق بين المؤمن وغيره،


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى أنَّ الله هو الغني المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه...من سلم الوصول من علم الاصول - بشرح الحازمى

    حينئذٍ لو قال: أنتم الفقراء إلى ربكم. لدلّ ماذا؟
    على أن الفقر المراد به هنا الفقر العام الذي هو يستوي فيه المؤمن والكافر، وليس الأمر كذلك،
    وإنما يجمع الأمرين الفقر العام ولا يستلزم الخاص، أليس كذلك؟
    والخاص يستلزم العام، فلما قال: {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}. دخل فيه النوعان،
    ولذلك قال ابن القيم -
    هذه فائدة لغوية تُسَطّر بماء الذهب إن صح التعبير -:
    تعلق الفقر إليه باسم الله دون اسم الربوبية ليؤذن بنوعي الفقر،
    فإنه كما تقدم نوعان:-
    فقر إلى ربوبيته وهو فقر المخلوقات بأثرها.- وفقر إلى إلوهيته وهو فقر أنبيائه ورسله وعباده الصالحين،
    وهذا هو الفقر النافع.
    إذًا {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} هنا عم {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} خَصَّ اسم اللهِ عز وجل دون لفظ الربوبية
    ليعم النوعين، إذ الفقر نوعان: فقر عام يشمل كل مؤمن وفاجر وكافر يشمل الموجدات،
    وفقر خاص وهذا هو النوع النافع للعبد.
    وقال رحمه الله تعالى في ((إغاثة اللهفان)):
    أن الله سبحانه غني كريم عزيز رحيم فهو محسن إلى عبده مع غناه عنه -
    يعني:
    الله عز وجل يحسن للعباد مع كونه مستغنيًا عنه - يريد به الخير ويكشف عنه الضر، لا لجلب منفعة إليه من العبد، ولا لدفع مضرة، بل رحمةً منه وإحسانًا، فهو سبحانه لم يخلق خلقه ليتكثر بهم من قلة، كذلك مستغنٍ عنهم قبل الخلق وبعد الخلق، ولا ليعتز بهم من ذلة، ولا ليرزقوه قوة، ولا لينفعوه، ولا ليدفعوا عنه
    كما قال تعالى:
    {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ} [الذاريات: 56، 57].
    {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ}، {رِزْقٍ} هذا نكرة في سياق النفي فيعم، و {مِنْ} زائدة للتوكيد، ما أريد رزقًا هذا الأصل {مِنْ رِزْقٍ}، {رِزْقٍ} هذا مفعول به، ومن هذه زائدة، {وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} وما أريد إطعامي وهو كذلك، {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58]،
    وقال تعالى:
    {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: 111].
    فهو سبحانه لا يوالي من يواليه من الذل كما يوالي المخلوق المخلُوق، وإنما يوالي أولياءه إحسانًا ورحمةً ومحبةً لهم، وأما العباد، هذا فيما يتعلق بالباري جل وعلا، هو مستغنٍ عن الخلق ويحسن إليهم إحسانًا ورحمةً ومحبة، هل ثَمَّ حاجةً تعود إلى الباري جل وعلا مقابل هذا الإحسان؟ الجواب: لا، لماذا؟ لكونه الغنيّ، وعرفنا الغني المراد به ماذا؟ أنه [غير] المحتاج إليه المستغني عن غيره،
    وأما المخلوق مع المخلوق حدّث ولا حرج،
    ولذلك قال رحمه الله تعالى في كلام يُفهم فقط قال:

    وأما العباد فإنهم كما قال الله تعالى: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} [محمد: 38]. فهم لفقرهم وحاجتهم إنما يُحسن بعضهم إلى بعضٍ لحاجته إلى ذلك،
    يعني: إذا أحسن بعض الخلق إلى البعض فثَمَّ حاجة، لحاجته إلى ذلك وانتفاعه به عاجلاً أو آجلاً، يعني إما في الدنيا وإما في الآخرة، الجميع العباد إذا أحسن بعضهم إلى بعض حينئذٍ ثَمَّ حاجة لا بد منه لا ينفك لماذا؟ لأنه فقير بالذات، فلا يفعل فعلاً ولا يقول قولاً ولا يترك شيئًا إلا لمصلحة تعود إليه، سواء كانت هذه المصلحة في الدنيا أو في الآخرة، وهذا لا يعيبه كما سيأتي، وانتفاعه به عاجلاً أو آجلاً
    قال رحمه الله تعالى: ولولا تصور ذلك النفع لما أحسن إليه. لولا أنه تصور بذهنه ذلك النفع وعرف ما يترتب عليه لما أحسن إليه، إذًا يدور مع العلة وجودًا وعدمًا، فالنفع نفع الغير من الإنسان لا يكون إلا لما يرجوه من ذلك المنتفع، ولولا تصوره لذلك المعنى في النفس لما حصل، يعني: لا ينتفي عنه كل إحسان من الإنسان،
    ولذلك قال: لولا تصور ذلك النفع لما أحسن إليه.
    فهو في الحقيقة إنما أراد الإحسان إلى نفسه، وجعل إحسانه إلى غيره وسيلةً وطريقًا إلى وصول نفع ذلك الإحسان إليه، فإنه إما أن يحسن إليه لتوقع جزائه في العاجل، صحيح؟
    يعني:
    يحسن الإنسان إلى .. ، أنت تحسن نَزِّل على نفسك لا تذهب إلى الغير لأنك ستنتفع،
    ولذلك ابن القيم يقول:
    ما حجب الناس عن القرآن إلا ماذا؟ أنه يقرأ الآيات ولا يُنَزِّلُها على نفسه، وإنما يستحضر فلانًا وفلانًا، والبيئة والمجتمع .. إلى آخره وينسى نفسه كأنه معصوم،
    هنا كذلك لأن هذا المعنى داخل في قوله:
    {الْفُقَرَاءُ}. فما معنى الفقر؟ وما معنى الغنى؟ فهو يكون من تدبر الآيات ومن تدبر معاني الأسماء والصفات، لذلك ابن القيم رحمه الله تعالى له كلام جميل في كثير من الأسماء والصفات، فالنظر فيه يكون نظرًا في فهم هذه الأسماء والصفات. قال: إذا أحسن العبد إلى غيره إما أن يحسن إليه لتوقع جزائه في العاجل.
    وهو كذلك يعني:

    ينتظر أن يأتي الرد فهو محتاج إلى ذلك الجزاء، وإما معاوضة بإحسانه، إحسان بإحسان مقابلة، أو لتوقع حمده وشكره، يريد الثناء ونحو ذلك، وهو أيضًا إنما يحسن إليه ليحصل منه ما هو محتاج إليه من الثناء والمدح، فهو محسن إلى نفسه بإحسانه إلى الغير، وإما هذه الرابعة التي يعتني بها أهل الصلاح، وإما أن يريد الجزاء من الله تعالى في الآخرة، ولذلك لا بد من الانتفاع شئت أم أبيت، لا تقول قولاً ولا تفعل فعلاً إلا لمصلحة، هذه المصلحة إما عاجلة وإما آجلة، والثانية هي التي يعتني بها أهل الصلاح. قال: وإما أن يريد الجزاء من الله تعالى في الآخرة فهو أيضًا محسن إلى نفسه بذلك، وإنما أخر جزاءه إلى يوم فقره وفاقته، فهو غير ملوم في هذا القصد. والحمد لله، فإنه فقير محتاج وفقره وحاجته أمر لازم له من لوازم ذاته، فكماله أن يحرص على ما ينفعه ولا يعجز عنه. إذًا الحرص على المصلحة وعلى المنفعة في الدين في الدنيا والآخرة إنما هو أمر فطري، ولذلك لا يقال بأن فلان يفعل لمصالحه فقط، نقول: هذا أمر فطري الناس مجبولة على ذلك، لكن النظر يكون في ماذا؟ أن ما يترتب على الإحسان إما يكون عاجلاً في الدنيا، وإما أن يكون آجلاً في الآخرة والثاني نظر أهل الصلاح وأهل العلم وطلاب العلم.
    وقال تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} [الإسراء: 7]. لا لله عز وجل، وقال: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272]. وقال تعالى فيما رواه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عبادي إنكم لم تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولم تبلغوا ضُرِّي فتضروني، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن جد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه».
    قال رحمه الله تعالى:
    فالمخلوق لا يقصِد منفعتك بالقصد الأول بل إنما يقصد انتفاعه بك. هذه الحقيقة، والرب تعالى إنما يريد نفعك لا انتفاعه بك، فرق بين الإحسانين، الله تعالى يحسن إلى المخلوق، لماذا؟ هل يريد أن ينتفع به؟
    الجواب:
    لا، إنما انتفاعه انتفاعك أنت به جل وعلا على العكس بالمخلوق، وذلك منفعة محضة لك خالصة من المضرة، بخلاف إرادة المخلوق نفعك فإنه قد يكون فيه مضرة عليك ولو بتحمل منته، يعني لو نفعك المخلوق قد يكون ثَمَّ منة وهذه شيء من المضرة. قال رحمه الله تعالى فتدبر هذا:
    فإن ملاحظته - انتبه - تمنعك أن ترجو المخلوق، أو تعامله دون الله عز وجل، أو تطلب منه نفعًا، أو دفعًا، أو تعلّق قلبك به، فإنه إنما يريد انتفاعه بك لا محض نفعك، وهذا حال الخلق كلهم بعضهم مع بعض، وهو حال الولد مع والده، والزوج مع زوجه، والمملوك مع سيده، والشريك مع شريكه، كل هؤلاء إنما يتعاملون على منافع أنفسهم في الدنيا أو في الآخرة، والسعيد من عاملهم لله تعالى لا له، وأحسن إليهم لله تعالى وخاف الله تعالى فيهم ولم يخفهم مع الله تعالى، ورجا الله تعالى بالإحسان إليهم ولم يرجهم مع الله، وأحبهم بحب الله ولم يحبهم مع الله تعالى، كما قال أولياء الله عز وجل ... {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: 9] .. إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى أنَّ الله هو الغني المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه...من سلم الوصول من علم الاصول - بشرح الحازمى

    إذًا (وَهُوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ)، (بِذَاتِهِ) يعني بنفسه،
    الذات بمعنى النفس، وسيأتي أن النفس هذا قدر زائد على الذات أم لا،
    [فهو غني] فهو غِنًى ذاتيٌّ (بِذَاتِهِ)، أي: بنفسه دون حاجة إلى الغير، [يعني لم يكن ثَمَّ غير جعل الله تعالى ذاتيًّا غنيًّا] (1) لم يكن ثَمَّ غير الله تعالى جعله غنيًّا غير محتاج إلى غيره، فهو غنى ذاتيٌّ فله الغنى المطلق فلا يحتاج إلى شيء، فللخالق مطلق الغنى وكماله، وللمخلوق مطلق الفقر إلى الله وكماله،
    (سُبْحَانَهُ ** جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَعَالى شَأنُهُ)،
    (سُبْحَانَهُ) مرّ معنا مصدر مثل غفران يلزم الإضافة، ويراد به التسبيح التنزيه،
    (سُبْحَانَهُ) كما قال تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: 17]، {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا} [البقرة: 32].
    (سُبْحَانَهُ) وبحمده تنزيهًا له وتحميدًا،
    (جَلَّ) أي عظم،
    (ثَنَاؤُهُ) قالوا: أثنى عليه خيرًا على التقييد والاسم الثناء وهو ما يذكر في محامد الناس فيثنى حالاً فحالاً ذكره يقال أثنى عليه، (تَعَالى) أي تعاظم،
    (شَأنُهُ) الشأن الأمر والحال، الذي يتفق ويصلح ولا يقال إلا فيما يعظم من الأحوال والأمور،
    قال تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29].
    (تَعَالى شَأنُهُ) تعظيمًا له وتمجيدًا، فالله تعالى ذكر اسمه الغني وذكر ما يتعلق بذلك في آيات كثيرة يخبر تعالى بكمال غناه عن خلقه، وأنه لا يزيد في غناه طاعة من أطاع ولا ينقص معصية من عصى، وأنه لم يخلق الخلق لحاجة إليهم، وأنه لو شاء لم يخلقهم فهو مستغنٍ عنهم، ولو شاء لذهب بهم وجاء بغيرهم، ويخبر أنهم كلهم فقراء إليه لا غنى لهم عنه في نَفَسٍ من الأَنْفَاس وهم يعلمون ذلك من أنفسهم وأنهم لم يكونوا موجدين حتى أوجدهم، ولا قدرة لهم على شيء من أنفسهم ولا غيرها إلا بما أخبرهم عليه الغني الحميد الفعال لما يريد.
    ثم قال رحمه الله تعالى:وكُلُّ شَيْءٍ رِزْقُهُ عَليْهِ ... وَكُلُّنَا مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ
    ذكر وصفًا وهو مدلول اسمه الرزاق حينئذٍ الوصف هنا هو مدلول الاسم، جاء بالفعل يرزق نرزق .. إلى آخره،
    (وكُلُّ شَيْءٍ رِزْقُهُ عَليْهِ) كلية، يعني كل فرد من الأفراد الذي يصدق عليه الشيء، المراد بالشيء هنا المخلوقات، لأنه ليس ثَمَّ إلا خالق ومخلوق، فلم يدخل الباري جل وعلا حتى نحتاج إلى مخصص،
    (وكُلُّ شَيْءٍ) أي من المخلوقات (رِزْقُهُ عَليْهِ)، (رِزْقُهُ) الضمير يعود إلى (شَيْءٍ) إلى المضاف إليه على الصحيح أنه جائز، وثَمَّ من يمنع هل يعود الضمير إلى المضاف إليه والصواب الجواز
    (وكُلُّ شَيْءٍ رِزْقُهُ)
    أي رزق ذلك الشيء
    (عَليْهِ) أي على الباري جل وعلا على الله تعالى، والرزق ما يُنْتَفَعُ به،
    يقال:
    رَزَقَ الخلق رَزْقًا وَرِزْقًا. رَزَقَ الخلق رَزْقًا بفتح الراء ورِزْقًا، الأول المصدر والثاني الاسم، الأول وصف للباري والثاني اسم للمخلوق، أليس كذلك؟ العطاء وصف للباري جل وعلا الذي هو الرَّزْق، حينئذٍ يكون صفةً للباري الرَّزق، والرِّزق هذا اسم للعين هذه رِزْق مَرْزُوقَة، لماذا؟ لأنها بالكسر، وإذا جاء بالكسر فهو الاسم، إذًا رَزَقَ الخلق رَزْقًا وَرِزْقًا فالرَّزق بالفتح وهو المصدر الحقيقي وهو العطاء وهو الوصف للباري جل وعلا، والرِّزق الاسم بالكسر لغةً الحظ والنصيب، وشرعًا هو ما يَنْفَعُ من حلال أو حرام، يعني الرزق الذي هو الاسم لا يختص بالحلال، بل ما يَنْتَفِعُ به المرء فيأكل الحلال فيَنْتَفِعُ به يتقوى، ويأكل الحرام فيتقوى أو لا؟ أي نعم، إذًا هذا يسمى رِزْقًا وهو ما يَنْفع من حلال أو حرام، حينئذٍ لا يختص - على مذهب أهل السنة والجماعة - لا يختص الرِّزق بمن؟ بالحلال، وإنما يشبه الحلال والحرام، إذًا الرِّزق الاسم بالكسر وهو العين المرزوقة ما ينفع من حلال وحرام - كما ذكرنا -، ويجوز أن يوضع موضع المصدر الرِّزق يراد به الرَّزق والجمع أَرْزَاق.
    إذًا الحاصل أن الرِّزق اسم للعين المخلوقة، والرَّزق هذا وصف للباري جل وعلا فرق بين النوعين، ومن أسمائه تعالى الرَّزَّاق فَعَّال رَزَّاق، إذًا من أبنية المبالغة، وقد ورد مرة واحدة بالإفراد في قوله تعالى:
    {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58]. سورة الذاريات،
    وقرأ ابن محيصن (الرَّازِق) (إِنَّ اللَّهَ هَوُ الرَّازِقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) حينئذٍ يكون اسمًا، الرَّزَّاق اسم، والرَّازِق كذلك اسم، الأول من صيغة مبالغة والثاني لا، وجُمِعَ في خمسة مواضع منها قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة: 11]. رَازِقِين جَمْع رازق وهو جمع لاسمه تعالى.
    قال ابن جرير:
    هو الرَّزَّاق خلقه المتكفل بأقواتهم. يعني معنى الرَّزَّاق رِزَّاق، الرَّزَّاق خلقه، يعني يَرْزُقُ مَنْ؟ الخلق، الْمُتَكَفِّل بأقواتهم ز وقال الخطابي في معنى الرَّزَّاق: هو الْمُتَكَفِّلُ بالرِّزْق، والقائم على كل نفس بِمَا يقيمها من قُوتِهَا، وَسِعَ الخلق كلهم رِزْقُهُ ورحمته، فلم يختص بذلك مؤمنًا دون كافر ولا وليًّا دون عدو، يسوقه إلى الضعيف الذي لا حَيْلَ له ولا مُكْتَسَبٌ فيه، ولا مُتَكَسَّبٌ فيه، كما يسوقه إلى الْجَلْدِ القوي للمِرَّةِ السَّوِيّ. قال سبحانه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} [العنكبوت: 60]. وقال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} [هود: 6]. {عَلَى} على أصلها على بابها، {عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} هذا يدل على أنه ما من دابة تأكل، الدابة يطلق على الإنسان وعلى غيره كل ما يَدُبُّ على الأرض على وجه الأرض، حينئذٍ فهو مرزوق فكل ما يَقْتَاتُهُ يُعْتَبَرُ من الرِّزْق، وهذا يدل على ماذا؟ على أنه سواء أخذه بطريق حلال أو بطريق محرم، لأننا لو أخرجنا المحرم عن كونه رِزْقًا حينئذٍ لو عاش مخلوق ما حياته كلها على المحرم حينئذٍ رَزَقَهُ الله أم لا؟ لَمْ يَرْزُقْهُ الله، لو قيل بأنه اختص بالحلال للزم من ذلك أنه قد يوجد ولا إشكال فيه يوجد عبد ما لم يذق طعم الحلال وإنما نبت لحمه ودمه وعظمه على الحرام، حينئذٍ لو اختص الرزق بالحلال لقلنا: هذا لم يرزقه الله، والله تعالى يقول: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ}هذا حصر بل أعلى صيغ الحصر، يعني لا يوجد في لسان العرب صيغة تدل على الحصر وهو إثبات الحكم بالمذكور ونفيه عن ما عداه مثل (ما) و (لا)، أعلاه هو هذا النوع {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} وهذا دابة يدب قد يكون ممتلئ من الحرام ومع ذلك نقول: الله تعالى رزقه، ولو كان محرمًا خلافًا للمعتزلة، والرزاق كما مر صيغة مبالغة، حينئذٍ يكون المعنى، أي الرزاق رزقًا بعد رزقٍ، والمكثر والْمُوسِع له ولا إشكال فيه، وتسميت بعض الأسماء كعليم والرَّزَّاق أنه صيغة مبالغة لا يقال منه ماذا؟ المبالغة التي تكون في شأن المخلوق
    ، بعضهم يتحرج يقول: كيف نقول صيغة مبالغة؟ مبالغة يعني عندما تقول تبالغ بمعنى أنه لن يصل إلى هذا الحد، أليس كذلك؟ هذا في شأن المخلوق، واللفظ هنا لفظ لغوي، وصيغة المبالغة هذه اصطلاح عند النحاة وله مدلول، قد يكون حقيقيًّا وقد لا يكون، عندما تبالغ وتأتي بصيغة تتعلق بالمخلوق لا يلزم منه أنه يكون الشيء منه مرةً بعد مرة، يعني على جهة الأمل والأبد، وإنما قد يكون في حالٍ دون حال هذا يكون ادعاءً ويكون مبالغةً تليق بشأن المخلوق،
    وأما الباري جل وعلا عندما نقول:
    رَزَّاق صيغة مبالغة بمعنى أنه ماذا؟
    يحصل منه الرزق مرةً بعد مرة إلى أبد الآباد حتى بعد دخول الجنة، هذا معنى المبالغة الوقوع مرةًً بعد مرة
    ، قد يكون له منتهى وقد لا يكون له منتهى،
    حينئذٍ لا بأس أن يقال بصفات الباري جل وعلا أنها صيغة مبالغة كما نقول:
    صيغة مشبهة.
    هذا اصطلاح نحوي، صفة مشبهة يعني بماذا؟ باسم الفاعل،
    قال هنا:
    والرَّزَّاق صيغة مبالغة، أي الرَّزَّاق رِزْقًا بعد رِزْقٍ والمكثر الموسع له
    وقال ابن الأثير:
    الرَّزَّاق وهو الذي خلق الأرزاق وأعطى الخلائق أرزاقها وأوصله إليهم.
    وقال السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره: الرَّزَّاق لجميع عباده فما من دابة في الأرض إلا على الله رِزْقها، ورِزْقه لعباده نوعان،
    كما أن الفقر نوعان:
    عام وخاص.
    كذلك الرزق هنا:
    عام، وخاص.
    أو إن شئت قل:
    رزق مطلق، ومطلق الرزق.عام رِزْق عام شمل البر والفاجر،
    كالفقر هناك شمل البر والفاجر والأولين والآخرين وهو رِزْق الأبدان، فالكافر مَرْزُوق، ورَزَفَه الله تعالى يأكل ويشرب كالبهيمة مَرْزُوق أو لا؟ نعم، البهيمة مرزوقة تأكل وتشرب، وكذلك هذا يأكل ويشرب، حينئذٍ ما يقتاته ويحصل به النفع في الأبدان هذا حاصل، لا فرق بين الآدمي سواء كان مؤمنًا أو كافرًا، إذا كان لا هم له إلا بدنه لا فرق بينه وبين البهيمة هذه تأكل وهذا يأكل، هذا يشرب وهذه تشرب،
    إذًا نقول:
    هذا رزق يُسمى رزقًا، إذًا رزق عام شمل البر والفاجر والأوليين والآخرين وهو رِزْق الأبدان.
    الثاني: ورزق خاص، وهو رِزْق القلوب وتغذيتها بالعلم والإيمان، والرزق الحلال الذي يعين على صلاح الدين، وهذا خاص بالمؤمنين على مراتبهم منه بحسب ما تقتضيه حكمته ورحمته.إذًا هو قسمان عَبِّر إن شئت بالعام والخاص،
    أو إن شئت قل: الرزق المطلق، ومطلق الرزق.
    الرِّزْق المطلق يعني: الكامل، إذا جاء المطلق وصفًا فهو الكامل، وإذا جاء مقدمًا مطلق الرزق فليس الكامل، أليس كذلك؟ وهذا ما يقرب ما يكون ماذا عندنا؟ الإيمان المطلق ومطلق الإيمان، نعم؟ هذه مهمة، الإيمان المطلق كامل، ومطلق الإيمان دخل فيه الفاسق، مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، الإيمان المطلق مطلق الإيمان، الماء المطلق ومطلق الماء، الماء المطلق الطاهر، ومطلق الماء دخل فيه ماذا؟ النجس، دخل فيه النجس انتبه لهذا،
    وهذه شرحها ابن القيم في ((بدائع الفوائد)) مطلق الشيء والشيء المطلق،
    فهذه من القواعد المهمة، الرزق المطلق وهو المستمر نفعه في الدنيا والآخرة،
    وهو رزق القلوب العلم والإيمان فهو الرزق الحلال للمؤمنين وهو الرزق النافع الذي لا تبعة فيه
    كما قال تعالى:
    {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} [المائدة: 93].
    ليس عليهم جناح نفى الجناح، {فِيمَا طَعِمُوا} متى؟ {إِذَا مَا اتَّقَوْا}، يعني إذا اتقوا {مَا} زائدة، {إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ... الآية، وقال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ} أي: هذه الطيبات {لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 32]
    دلت الآيتان على أن الرزق والطيبات في الدنيا إنما يكون للمؤمن فقط دون غيره،
    فالكافر حينئذٍ يكون فعله أكله وشربه قد فعل محرمًا، ومطلق الرزق وهو سوق القوت لكل لمخلوق فهو عام،
    يكون فيه قِوام البدن فقط ويكون من الحلال والحرام، والله رازقهم جل وعلا نوعين، لا رازق له سواه، ومنه رزق الكفار،
    رزق الكفار من الثاني أو من الأول؟ من الخاص أو العام؟ من الرزق المطلق أو مطلق الرزق؟
    من الثاني من العام وليس من الخاص، من مطلق الرزق وليس من الرزق المطلق، لماذا؟
    لأنه حرام كله حرام، الكافر لا يأكل أكلةً ولا يطعم طعمةً ولا يشرب شربةً إلا وهو عليه أو له؟ عليه،
    يعني تبعته ثابتة بمعنى أنه قد فعل ما لا يستحقه أو جنى على غيره واعتدى،
    فإن الكافر لا يرفع لقمةً إلى فيه ولا يتجرع جرعةً ماء إلا حُوسِبَ عليه لأنه فعل محرمًا،
    فكل كافر الرزق الذي يأكله ويشربه فهو حرام، ماله كله حرام،
    فإن مفهوم الآيتين السابقتين يدل على ذلك، والله أعلم، الآية واضحة لأنه قال ماذا؟
    {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا}
    هذا قيد، إذا شرطية مضمنةً معنى الشرط والشرط معلوم أنه ماذا؟ يُدور معه الحكم وجودًا وعدمًا،
    أليس كذلك،
    .....................[قال هنا] إذًا الآية تدل على ماذا؟ على التقييد {إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} حينئذٍ يكون الرزق حلالاً،
    ولذلك قال هنا:
    {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا}، {هِيَ لِلَّذِينَ} تعريف الجزأين
    {هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
    دل ذلك على أن المأكولات والمشروبات والملبوسات وجميعَ ما ينتفع به في الدنيا إنما هي من خصائص المؤمنين، فما كان كذلك وأخذه الكفار حينئذٍ يكون الحساب عليه.
    قال السفاريني رحمه الله تعالى:
    والرِّزق ما ينفع من حلال ... أو ضده فحُل عن المحال
    لأنه رازق كل الخلق ...وليس مخلوق بغير [رَزق] بغير رِزق، هكذا بعضهم ضبطها بالكسر،
    والأول أولى رَزقوا لرِّزق ما ينفع من حلال ... أو ضده فحُل عن المحال
    قال ابن مالك:

    والرِّزق ما ينفع، أي: المرتزق ينتفع بحصوله سواء كان ذلك المنتفع به من حلال وهو من حلت عنه التبعات ضد المحرم، أو ضده، أي ضد الحلال وهو الحرام، أي ما منع منه شرعًا إما لصفة في ذاته ظاهرة كالسّمِّ والخمر، أو خفيةً كالربا ومذكى المجوس وغيره، لأنه في حكم الميتة، وإما لخلل في تحصيله كالربا أو الغصب ونحو ذلك، إذًا سواء كان لذاته أو لوسيلته، المحرم قد يكون لذاته أو لوصفه بكسبه، حينئذٍ الرز في الأصل ماذا؟ يقال الأَرْزُ والرُّزُّ لغتان لا إشكال فيه، الأصل فيه ماذا؟ جواز البيع لكن قد يدخله ماذا؟ يدخله الربا، قال هنا: فكل ذلك رِزق لأن الله يسوقه للحيوان فيتغذى به.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
    والرِّزق يراد به شيئان:
    أحدهما: ما ينتفع به العبد.
    والثاني: ما يملكه العبد.ينتفع يملك انتبه،
    فهذا الثاني وهو ما يملكه العبد هو المذكور في قوله:
    {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} أي مما يملك، وقوله: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [المنافقون: 10]. وهذا مما يملكه العبد، وهذا هو الحلال الذي مَلَّكَهُ الله إياه، وأما ما كان بطريقه محرم فلا يمتكله البتة، فالكافر لا يمتلك شيء، والمسلم إذا حصل شيئًا بطريق محرم لا يمتلكه، إذًا هذا الذي عناه بهاتين الآيتين،
    قال هنا:
    وأما الأول يعني: ما ينتفع به العبد فهو المذكور في قوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها». ونحو ذلك،
    والعبد قد يأكل الحلال والحرام فهو رزق بهذا الاعتبار لأنه ينتفع به، لا بالاعتبار الثاني لأنه لا يمتلكه وما اكتسبه ولم ينتفع به هو رزق بالاعتبار الثاني دون الأول، فإن هذا في الحقيقة مال وارثه لا ماله، والله أعلم
    وقول الناظم رحمه الله تعالى:
    (وَكُلُّنَا) أي معشر المخلوقات
    (وَكُلُّنَا مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ) أي معشر المخلوقات،
    (مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ) أفرده، (مُفْتَقِرٌ) فلم يقل مفتقرون هذا باعتبار لفظ كل، يجوز أن اعتبر المعنى يُعتبر ماذا؟ مفتقرون هذا ضمير، وعود الضمير على الكل قد يراد به اللفظ وقد يراد به المعنى، فيفرد إذا أرد به اللفظ ويجمع إذا أراد به المعنى.
    يقال:
    افتقر فهو مفتقرٌ وفقير، والفقير الذي لا شيء له، والمسكين مثله
    . قال ابن أعرابي: فرق بعضهم بين الفقير والمسكين.
    قيل:
    الفقر وجود الحاجة الضرورية وذلك عامٌ للإنسان ما دام في دار الدنيا، بل عامٌ للموجودات كلها، ويطلق على عدم المقتنيات كما في قوله: {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ} [البقرة: 273]. على ما ذكره ابن تيمية رحمه الله تعالى،
    فكلنا أي:
    الخلق مفتقرٌ إلى خالقه لا غنى لنا عنه طرفة عين، فكما أن جميع المخلوقات مفتقرةٌ إليه تعالى في وجودها فلا وجود لها إلا به، فهي مفتقرةٌ إليه في قيامها، فلا قوام لها إلا به، فلا حركة ولا سكون إلا بإذنه تعالى
    ، فهو الحي القيوم القائم بنفسه فلا يحتاج إلى شيء،
    القيم لغيره فلا قِوام لشيءٍ إلا به،
    فقال تعالى فيما رواه عنه رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضالٌ إلا من هديت فاستهدوني أهديكم، يا عبادي كلكم جائعٌ إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تُخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوي ضُرِّي فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحد ما نقص ذلك في ملكي شيئًا». لكمال غناه «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحدٍ فسألوني فأعطيت كل إنسانٍ مسألته ما نقص ذلك من ما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدْخل البحر، ولو أن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم» كما في بعض الروايات «اجتمعوا على أتقى قلب عبدٍ من عبادي ما زاد ذلك في ملكي جناح بعوض، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا فليحمد لله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه». رواه مسلم عن أبي ذرٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه.
    وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عنه - صلى الله عليه وسلم - قال:
    «يد الله ملى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، أفرأيتم ما أنفق ربكم منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه». فسبحانه من وسع خلقه بغناه وافتقر كل شيءٍ إليه، وهو الغني وعمَّا سواه
    {وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [لقمان: 12].
    هكذا قال المصنف رحمه الله تعالى، ونقف عند هذا والله أعلم.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    كتاب شرح سلم الوصول في علم الأصول
    [أحمد بن عمر الحازمي]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •