من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم ، كتب الله له به حسنة

[احمد ابو انس]

2306 - " من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم ، كتب الله له به حسنة ، و من كتب له
عنده حسنة ، أدخله الله بها الجنة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 386 :
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 94 / 2 من الجمع بين المعجمين ) عن أبي بكر
بن أبي مريم حدثني حميد بن عقبة بن رومان عن أبي الدرداء مرفوعا ، و قال :
" لا يروى عن أبي الدرداء إلا بهذا الإسناد ، تفرد به أبو بكر " .
قلت : و هو ضعيف لاختلاطه . و حميد بن عقبة بن رومان ترجمه ابن أبي حاتم ( 1 /
2 / 226 ) برواية ثقتين عنه . و كذلك صنع ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 41 -
هندية ) . و الحديث أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 3 / 135 ) بهذا اللفظ
، و قال : " رواه الطبراني في الأوسط " ، و لفظه في " الكبير " عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له به
مائة حسنة " ، و لم يزد . و فيه أبو بكر بن أبي مريم ، و هو ضعيف " . و للحديث
شاهد من رواية الخليل بن أحمد قال : حدثنا المستنير بن أخضر قال : حدثني معاوية
بن قرة قال : كنت مع معقل المزني ، فأماط أذى عن الطريق ، فرأيت شيئا ، فبادرته
، فقال : ما حملك على ما صنعت يا ابن أخي ؟ قال : رأيتك تصنع شيئا فصنعته ، قال
: أحسنت يا ابن أخي ! سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من أماط أذى عن
طريق المسلمين ، كتب له حسنة ، و من تقبلت له حسنة دخل الجنة " . أخرجه البخاري
في " الأدب المفرد " ( 593 ) و الطبراني في " الكبير " ، إلا أنه قال : "
المستنير بن الأخضر بن معاوية عن أبيه قال : كنت مع معقل بن يسار ... " إلخ ..
فجعله من رواية المستنير عن أبيه ، و ليس من روايته عن معاوية بن قرة و هو جده
كما في البخاري ، و قال الهيثمي : " قال المزي : ( الصواب كما رواه البخاري ) .
فإن كان كما قال المزي فإسناده حسن إن شاء الله تعالى ، و إن كان فيه ( عن أبيه
أخضر ) ، فلم أجد من ذكر ( أخضر ) . و الله أعلم " .
و أقول : ليس بحسن لأن المستنير بن أخضر لم يوثقه أحد ، بل قال ابن المديني : "
مجهول ، لا أعرفه " . نعم ، لو قيل : إنه حسن بالذي قبله لم يكن بعيدا ، و
لاسيما و له شاهد آخر يرويه أبو شيبة المهري قال : كان معاذ يمشي و رجل معه ،
فرفع حجرا من الطريق ، فقال : ما هذا ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : " من رفع حجرا من الطريق كتبت له حسنة ، و من كانت له حسنة دخل
الجنة " . قال الهيثمي : " رواه الطبراني في " الكبير " ، و رجاله ثقات " . كذا
قال ، و أبو شيبة هذا لم يوثقه غير ابن حبان ( 1 / 306 - هندية ) ، و قال
الذهبي : " لا يدرى من ذا ؟ " . و جملة القول أن الحديث بشاهديه حسن على أقل
المراتب . و الله تعالى أعلم . ثم وجدت لحديث معاذ طريقا أخرى ، يرويه النضر بن
كثير السعدي حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عنه به . أخرجه
المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( 7 / 1 / 2 ) . و رجاله ثقات غير النضر هذا ،
و هو ضعيف عابد كما في " التقريب " . ( تنبيه ) : لقد أورده السيوطي في "
الجامع " كما هو أعلاه ، برواية الطبراني في " الأوسط " ، فادعى المناوي أن
تخريجه إياه غير محرر ! ثم ذكر أن لفظ " الأوسط " هو لفظ " الكبير " الذي ليس
فيه : " و من كتب له عنده حسنة .. " ! فكأنه لما قرأ كلام الهيثمي المتقدم ، لم
تقع عينه على قوله فيه : " .. في الكبير " ، فوقع في الخطأ ، نسأل الله العصمة

[عبد الرحمن هاشم بيومي]

قلت : و هو ضعيف لاختلاطه . و حميد بن عقبة بن رومان ترجمه ابن أبي حاتم ( 1 /
2 / 226 ) برواية ثقتين عنه . و كذلك صنع ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 41 -
هندية ) .

قلتُ: رواية يحيى بن أبي عمرو السيباني عنه فيها نظر، ففيما خرجه أبو العباس الأصم في الثالث من حديثه [78]، فقال:
حَدَّثَنَا أَبُو عُتْبَةَ، نَا بَقِيَّةُ، نَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ ، عَنْ حُمَيْدٍ الْمُقْرِئِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
يعني حديث: (صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي كِلاهُمَا فِي النَّار)، ومع إرساله ففي الإسناد أبو عتبة أحمد بن الفرج الكندي فيه ضعف.
ولعل من أجل ذلك مرَّض ابن حبان في الثقات قوله عنه مقرئ، وتبعه ابن حجر وابن قطلوبغا.
فتبقى رواية الوليد بن سليمان بن أبي السائب وهو في طبقة السيباني، ولم أقف عليها وكذلك رواية حميد عن ابن عمر.
وقد شك في سماع أبي بكر ابن أبي مريم من حميد بن عقبة، فقال عبد الله بن أحمد: حدثني أبي، قال:
حدثنا أبو المغيرة، قال: وسألت أبا بكر، قلت: حميد بن عقبة أراه كبيرًا، وأنت تحدث عنه، عن أبي الدرداء؟
قال: حدثني، أن كل شيء حدثني به عن أبي الدرداء، سمعه من أبي الدرداء. «العلل» (2087 و5300) .
قلتُ: أبو بكر ضعيف، والأشبه أن حميد بن عقبة لم يدرك أبا الدرداء، فقد خرج ابن أبي حاتم في تفسيره [848] من طريق:
عبد الله بن يوسف التِّنِّيسِيّ، قال: ثنا خَالِدُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَسَدِ بْنِ وَدَاعَةَ، فذكر عنه أثرا مقطوعا.
وذكر البخاري روايته عن عَبد العزيز أَخي حُذَيفة وهو مختلف في صحبته.
وعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الحمصي وهو ضعيف في طبقة أبي بكر روى عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ.
واختلف في صحبة شرحبيل بن السمط، وليس لحميد بن عقبة إلا حديثان فيما ذكر الذهبي.
ولم يذكر ابن أبي حاتم في ترجمة حميد بن عقبة روايته عن أبي الدرداء، كأنه لم يثبت عنده.

شاهد من رواية الخليل بن أحمد قال : حدثنا المستنير بن أخضر قال : حدثني معاوية
بن قرة قال : كنت مع معقل المزني
و الطبراني في " الكبير " ، إلا أنه قال : "
المستنير بن الأخضر بن معاوية عن أبيه قال : كنت مع معقل بن يسار ... " إلخ ..
فجعله من رواية المستنير عن أبيه ، و ليس من روايته عن معاوية بن قرة و هو جده
كما في البخاري ، و قال الهيثمي : " قال المزي : ( الصواب كما رواه البخاري ) .
و إن كان فيه ( عن أبيه أخضر ) ، فلم أجد من ذكر ( أخضر ) . و الله أعلم " .
و أقول : ليس بحسن لأن المستنير بن أخضر لم يوثقه أحد، بل قال ابن المديني : " مجهول ، لا أعرفه " .

قلتُ: لا يختلف في إثبات ذكر المستنير بن أخضر عن معاوية.
ورواية الطبراني خرجها في معجمه الكبير من طريق:
(العباس بن عبد العظيم العنبري وإبراهيم بن محمد بن عرعرة وابن أبي سمينة) ثلاثتهم يروونه عن الْخَلِيل بْنُ أَحْمَدَ:
عن الْمُسْتَنِيرُ بْنُ أَخْضَرَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ فِي بَعْضِ الطُّرُقَاتِ، إلخ.
قَالَ الْعَبَّاسُ الْعَنْبَرِيُّ: حَدَّثَنِي الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِشْرِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ السُّلَمِيُّ.
فهي متابعة لرواة البخاري في إثبات المستنير في الإسناد إلا أن في رواية البخاري عن المسندي عن الخليل، به ولم يذكر قرة.
قلتُ: والمتن يرجح رواية البخاري، فإن معقل يقول يا ابن أخي ولا يكون هذا إلا لمعاوية بن قرة.
وفي رواية العنبري يظهر تسلسل بالأبوة في الإسناد بأن المستنير والد جد الخليل .

له شاهد آخر يرويه أبو شيبة المهري قال : كان معاذ يمشي و رجل معه ،
فرفع حجرا من الطريق ، فقال : ما هذا ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : " من رفع حجرا من الطريق كتبت له حسنة ، و من كانت له حسنة دخل
الجنة " . قال الهيثمي : " رواه الطبراني في " الكبير " ، و رجاله ثقات " . كذا
قال ، و أبو شيبة هذا لم يوثقه غير ابن حبان ( 1 / 306 - هندية ) ، و قال
الذهبي : " لا يدرى من ذا ؟ " .

خولف في رفعه فيما خرجه مسدد كما في الإتحاف للبوصيري، فقال:
وثنا يَحْيَى، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِبَّانَ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ إِذَا صَلَّى جَهَرَ بِقِرَاءَتِهِ،
وَإِنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَقَدَهُ فَقَالَ: " أَيْنَ الَّذِي كَانَ يُوقِظُ الْوَسْنَانَ، وَيُوحِشُ الشَّيْطَانَ؟
قَالُوا: اشْتَكَى، فَخَرَجَ يَعُودُهُ وَمَعَهُ رَجُلٌ، فَكَانَ مُعَاذٌ إِذَا مَرَّ بِأَذًى فِي الطَّرِيقِ تَنَاوَلَهُ فَأَخَذَهُ.
وَكَانَ الرَّجُلُ يَسْبِقُ مُعَاذًا إِذَا رَأَى الْأَذَى، فَيَأْخُذُهُ فَيُنَمِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ،
فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: " مَنْ أَمَاطَ أَذًى عَنِ الطَّرِيقِ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ، وَمَنْ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ دَخَلَ الْجَنَّةَ ". اهـ.
وقد خرجه هناد في الزهد [1079]، فقال:
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: فذكره القصة إلا أنه رواه عن معاذ مرفوعا.
ويحيى القطان أثبت وعلى كل، فهذا منقطع.
وقد ثبت هذا موقوفا على ابن عباس رضي الله عنهما دون لفظة: (ومن كتب له حسنة دخل الجنة).
وذلك فيما خرجه البيهقي في السنن الكبرى [10780 ] أَمن طريق:
عُبَيْد اللَّهِ بْن مُعَاذٍ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ الْقَصَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
" مَنْ عَزَلَ أَذًى عَنِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَنْ مَشَى بِدِينِهِ إِلَى غَرِيمِهِ كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ،
وَمَنْ أَعَانَ ضَعِيفًا عَلَى حِمْلِ دَابَّةٍ كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ ".
قَالَ سَعِيدٌ: " وَمَنْ قَتَلَ وَزَغًا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ ". اهـ.
والله أعلم.

[احمد ابو انس]

جزاكم الله خيرا.