تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: معنى قول رسول الله في حجته : (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    911

    افتراضي معنى قول رسول الله في حجته : (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض)

    مجموع فتاوى ابن تيمية
    المجلد الخامس والعشرون
    http://209.85.135.104/search?q=cache...lnk&cd=3&gl=sa

    .. فإنه قد كانت العرب في جاهليتها قد غيرت ملة إبراهيم بالنسيء الذي ابتدعته، فزادت به في السنة شهرًا جعلتها كبيسًا؛ لأغراض لهم، وغيروا به ميقات الحج والأشهر الحرم، حتى كانوا يحجون تارة في المحرم، وتارة في صفر، حتى يعود الحج إلى ذي الحجة، حتى بعث الله المقيم لملة إبراهيم فوافى حجه صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وقد استدار الزمان كما كان، ووقعت حجته في ذي الحجة، فقال في خطبته المشهورة في الصحيحين وغيرهما‏:‏ ‏(‏إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات‏:‏ ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان‏)‏‏.‏ وكان قبل ذلك الحج لا يقع في ذي الحجة، حتى حجة أبي بكر سنة تسع كان في ذي القعدة، وهذا من أسباب تأخير النبي صلى الله عليه وسلم الحج، وأنزل الله ـ تعالى ـ‏:‏ ‏{‏إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 36‏]‏‏.
    اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: معنى قول رسول الله في حجته : (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات وال

    جزاك الله خيراً

    و أنا أحاول أن أجمع موضوعاً في علم الفلك عند ابن تيمية لعله يخرج قريباً في المنتدى

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    1,184

    افتراضي رد: معنى قول رسول الله في حجته : (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات وال

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة من صاحب النقب مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيراً
    و أنا أحاول أن أجمع موضوعاً في علم الفلك عند ابن تيمية لعله يخرج قريباً في المنتدى
    لعلك لم تخطيء هذا الموضع:

    سئل : - عن رجلين تنازعا في " كيفية السماء والأرض " هل هما " جسمان كريان " ؟ فقال أحدهما كريان ؛ وأنكر الآخر هذه المقالة وقال : ليس لها أصل وردها فما الصواب ؟

    فأجاب : السموات مستديرة عند علماء المسلمين وقد حكى إجماع المسلمين على ذلك غير واحد من العلماء أئمة الإسلام : مثل أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي أحد الأعيان الكبار من الطبقة الثانية من أصحاب الإمام أحمد وله نحو أربعمائة مصنف . وحكى الإجماع على ذلك الإمام أبو محمد بن حزم وأبو الفرج بن الجوزي وروى العلماء ذلك بالأسانيد المعروفة عن الصحابة والتابعين وذكروا ذلك من كتاب الله وسنة رسوله وبسطوا القول في ذلك بالدلائل السمعية . وإن كان قد أقيم على ذلك أيضا دلائل حسابية . ولا أعلم في علماء المسلمين المعروفين من أنكر ذلك ؛ إلا فرقة يسيرة من أهل الجدل لما ناظروا المنجمين فأفسدوا عليهم فاسد مذهبهم في الأحوال والتأثير خلطوا الكلام معهم بالمناظرة في الحساب وقالوا على سبيل التجويز يجوز أن تكون مربعة أو مسدسة أو غير ذلك ؛ ولم ينفوا أن تكون مستديرة لكن جوزوا ضد ذلك . وما علمت من قال إنها غير مستديرة - وجزم بذلك - إلا من لا يؤبه له من الجهال . ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى { وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون } وقال تعالى : { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون } . قال ابن عباس وغيره من السلف : في فلكة مثل فلكة المغزل . وهذا صريح بالاستدارة والدوران وأصل ذلك : أن " الفلك في اللغة " هو الشيء المستدير يقال تفلك ثدي الجارية إذا استدار ويقال لفلكة المغزل المستديرة فلكة ؛ لاستدارتها . فقد اتفق أهل التفسير واللغة على أن " الفلك " هو المستدير والمعرفة لمعاني كتاب الله إنما تؤخذ من هذين الطريقين : من أهل التفسير الموثوق بهم من السلف ومن اللغة : التي نزل القرآن بها وهي لغة العرب . وقال تعالى : { يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل } قالوا : و " التكوير " التدوير يقال : كورت العمامة وكورتها : إذا دورتها ويقال : للمستدير كارة وأصله " كورة " تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا . ويقال أيضا : " كرة " وأصله كورة وإنما حذفت عين الكلمة كما قيل في ثبة وقلة . والليل والنهار . وسائر أحوال الزمان تابعة للحركة ؛ فإن الزمان مقدار الحركة ؛ والحركة قائمة بالجسم المتحرك فإذا كان الزمان التابع للحركة التابعة للجسم موصوفا بالاستدارة كان الجسم أولى بالاستدارة . وقال تعالى : { ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت } وليس في السماء إلا أجسام ما هو متشابه - فأما التثليث والتربيع والتخميس والتسديس وغير ذلك : ففيها تفاوت واختلاف بالزوايا والأضلاع - لا خلاف فيه ولا تفاوت ؛ إذ الاستدارة التي هي الجوانب . وفي الحديث المشهور في سنن أبي داود وغيره { عن جبير بن مطعم أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله جهدت الأنفس وهلك المال ؛ وجاع العيال فاستسق لنا ؛ فإنا نستشفع بالله عليك ونستشفع بك على الله : فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه وقال : ويحك إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك إن عرشه على سمواته هكذا وقال بيده مثل القبة وأنه يئط به أطيط الرحل الجديد براكبه } . فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العرش على السموات مثل القبة وهذا إشارة إلى العلو والإدارة . وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفه عرش الرحمن } والأوسط لا يكون أوسط إلا في المستدير وقد قال إياس بن معاوية السماء على الأرض مثل القبة والآثار في ذلك لا تحتملها الفتوى ؛ وإنما كتبت هذا على عجل . والحس مع العقل يدل على ذلك فإنه مع تأمل دوران الكواكب القريبة من القطب في مدار ضيق حول القطب الشمالي ثم دوران الكواكب المتوسطة في السماء في مدار واسع وكيف يكون في أول الليل وفي آخره ؟ يعلم ذلك . وكذلك من رأى حال الشمس وقت طلوعها واستوائها وغروبها في الأوقات الثلاثة على بعد واحد وشكل واحد ممن يكون على ظهر الأرض علم أنها تجري في فلك مستدير وأنه لو كان مربعا لكانت وقت الاستواء أقرب إلى من تحاذيه منها وقت الطلوع والغروب ودلائل هذا متعددة . وأما من ادعى ما يخالف الكتاب والسنة فهو مبطل في ذلك وإن زعم أن معه دليلا حسابيا ؛ وهذا كثير فيمن ينظر في " الفلك وأحواله " كدعوى جماعة من الجهال أنه يغلب وقت طلوع الهلال لمعرفة وقت ظهوره بعد استسراره بمعرفة بعده عن الشمس بعد مفارقتها وقت الغروب وضبطهم " قوس الرؤية " وهو الخط المعروض مستديرا - قطعة من دائرة - وقت الاستهلال ؛ فإن هذه دعوى باطلة اتفق علماء الشريعة الأعلام على تحريم العمل بذلك في الهلال . واتفق أهل الحساب العقلاء على أن معرفة ظهور الهلال لا يضبط بالحساب ضبطا تاما قط ؛ ولذلك لم يتكلم فيه حذاق الحساب ؛ بل أنكروه ؛ وإنما تكلم فيه قوم من متأخريهم تقريبا وذلك ضلال عن دين الله وتغيير له شبيه بضلال اليهود والنصارى عما أمروا به من الهلال إلى غاية الشمس وقت اجتماع القرصين الذي هو الاستسرار ؛ وليس بالشهور الهلالية ونحو ذلك . و ( النسيء الذي كان في العرب : الذي هو زيادة في الكفر - الذي يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما - ما ذكر ذلك علماء الحديث والسير والتفسير وغيرهم . وقد ثبت في الصحيحين عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته } . فمن أخذ علم الهلال الذي جعله الله مواقيت للناس والحج بالكتاب والحساب فهو فاسد العقل والدين . والحساب إذا صح حسابه أكثر ما يمكنه ضبط المسافة التي بين الشمس والقمر وقت الغروب مثلا وهو الذي يسمى بعد القمر عن الشمس لكن كونه يرى لا محالة أو لا يرى بحال لا يعلم بذلك . فإن " الرؤية " تختلف بعلو الأرض وانخفاضها وصفاء الجو وكدره وكذلك البصر وحدته ودوام التحديق وقصره وتصويب التحديق وخطؤه وكثرة المترائين وقلتهم وغلظ الهلال وقد لا يرى وقت الغروب . ثم بعد ذلك يزداد بعده عن الشمس فيزداد نورا ويخلص من الشعاع المانع من رؤيته ؛ فيرى حينئذ . وكذلك لم يتفقوا على قوس واحد لرؤيته بل اضطربوا فيه كثيرا ولا أصل له وإنما مرجعه إلى العادة وليس لها ضابط حسابي . فمنهم من ينقصه عن عشر درجات . ومنهم : من يزيد . وفي الزيادة والنقص أقوال متقابلة من جنس أقوال من رام ضبط عدد التواتر الموجب لحصول العلم بالمخبر وليس له ضابط عددي إذ للعلم أسباب وراء العدد كما للرؤية . وهذا كله إذا فسر الهلال بما طلع في السماء وجعل وقت الغيم المطبق شكا أما إذا فسر الهلال بما استهله الناس وأدركوه وظهر لهم وأظهروا الصوت به : اندفع هذا بكل تقدير . والخلاف في ذلك مشهور بين العلماء في مذهب الإمام أحمد وغيره والثاني قول الشافعي وغيره . والله أعلم .
    ============================
    منقول عن موقع الإسلام.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,018

    افتراضي رد: معنى قول رسول الله في حجته : (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات وال

    جزاك الله خيراً يا أخ عبد الله الشهري

    و المواضع التي تكلم فيها شيخ الإسلام في الفلك موجودة في فهرسة مجموع الفتاوى لآل قاسم ، و لعل منها هذا الموضع

  5. #5

    افتراضي رد: معنى قول رسول الله في حجته : (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات وال

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله_ في مجموعة الفتاوى: (اعلم أن الأرض قد اتفقوا على أنها كروية الشكل، وهي في الماء المحيط بأكثرها؛ إذ اليابس السدس وزيادة بقليل، والماء ـ أيضًا ـ مقبب من كل جانب للأرض، والماء الذي فوقها بينه وبين السماء كما بيننا وبينها مما يلى رؤوسنا، وليس تحت وجه الأرض إلا وسطها ونهاية التحت المركز ؛ فلا يكون لنا جهة بينة إلا جهتان‏:‏ العلو والسفل، وإنما تختلف الجهات باختلاف الإنسان ‏.‏
    فعلو الأرض وجهها من كل جانب، وأسفلها ما تحت وجهها ـ ونهاية المركز ـ هو الذي يسمى محط الأثقال، فمن وجه الأرض والماء من كل وجهة إلى المركز يكون هبوطًا، ومنه إلى وجهها صعودًا، وإذا كانت سماء الدنيا فوق الأرض محيطة بها فالثانية كُرِّية، وكذا الباقي‏.‏ والكرسي فوق الأفلاك كلها، والعرش فوق الكرسي، ونسبة الأفلاك وما فيها بالنسبة إلى الكرسي كحلقة في فَلاة، والجملة بالنسبة إلى العرش كحلقة في فلاة ‏.‏
    والأفلاك مستديرة بالكتاب والسنة والإجماع، فإن لفظ ‏[‏الفلك‏]‏ يدل على الاستدارة، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ‏}‏ ‏[‏يس‏:‏40‏]‏؛ قال ابن عباس‏:‏ في فلكة كفلكة المغزل، ومنه قولهم‏:‏ تَفَلَّكَ ثدى الجارية‏:‏ إذا استدار، وأهل الهيئة والحساب متفقون على ذلك ‏.‏
    وأما ‏[‏العرش‏]‏ فإنه مقبب، لما روى في السنن لأبي داود عن جبير بن مطعم قال‏:‏ أتى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال‏:‏ يارسول اللّه، جهدت الأنفس، وجاع العيال، وذكر الحديث إلى أن قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن اللّه على عرشه، وإن عرشه على سمواته وأرضه كهكذا‏)‏ وقال بإصبعه مثل القبة ‏.‏
    ولم يثبت أنه فلك مستدير مطلقًا، بل ثبت أنه فوق الأفلاك وأن له قوائم، كما جاء في الصحيحين عن أبي سعيد قال‏:‏ جاء رجل من إليهود إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد لُطِم وجهُه فقال‏:‏ يامحمد، إن رجلا من أصحابك لَطم وجهى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ادعوه‏)‏ فدعوه‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏لم لطمتَ وجهَه‏؟‏‏)‏ فقال‏:‏ يارسول اللّه، إني مررت بالسوق وهو يقول‏:‏ والذي اصطفي موسى على البشر، فقلت‏:‏ يا خبيث، وعلى محمد، فأخذتني غضبة فلطمته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يُصعَقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جُوزِى بِصَعْقَة الطور‏؟‏‏)‏‏.
    وفي ‏[‏علوه‏]‏ قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس، فإنه وسط الجنة وأعلاها، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة‏)‏‏.‏
    فقد تبين بهذه الأحاديث أنه أعلى المخلوقات وسقفها، وأنه مقبب وأن له قوائم، وعلى كل تقدير فهو فوق، سواء كان محيطًا بالأفلاك أو غير ذلك، فيجب أن يعلم أن العالم العلوي والسفلى بالنسبة إلى الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ في غاية الصغر؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ‏}‏ الآية ‏[‏الأنعام‏:‏91، الزمر‏:‏ 67‏]‏‏.

    هذا وقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏37‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 33‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ‏}‏ ‏[‏يس‏:‏ 40‏]‏ قال ابن عباس‏:‏ في فلكة مثل فلكة المغزل، وهكذا هو في لسان العرب‏:‏ الفلك‏:‏ الشيء المستدير، ومنه يقال‏:‏ تفلك ثدي الجارية إذا استدار، قال تعالى‏:‏ ‏{‏يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 5‏]‏، والتكوير هو التدوير، ومنه قيل‏:‏ كار العمامة وكورها، إذا أدارها، ومنه قيل‏:‏ للكرة‏:‏ كرة، وهي الجسم المستدير؛ ولهذا يقال للأفلاك‏:‏ كروية الشكل؛ لأن أصل الكرة كورة، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقبلت ألفا، وكورت الكارة، إذا دورتها، ومنه الحديث‏:‏ ‏(‏إن الشمس والقمر يكوران يوم القيامة كأنهما ثوران في نار جهنم‏)‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ‏}‏ ‏[‏الرحمن‏:‏ 5‏]‏، مثل حسبان الرحا، وقال‏:‏ ‏{‏مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ‏}‏ ‏[‏الملك‏:‏ 3‏]‏، وهذا إنما يكون فيما يستدير من أشكال الأجسام دون المضلعات من المثلث، أو المربع، أو غيرهما، فإنه يتفاوت؛ لأن زواياه مخالفة لقوائمه، والجسم المستدير متشابه الجوانب والنواحي، ليس بعضه مخالفا لبعض‏.)


    وقال أيضا (وهذا هو الذي أوقع الاتحادية في قولهم‏:‏ هو نفس الموجودات؛ إذ لم تجد قلوبهم موجودًا إلا هذه الموجودات، إذا لم يكن فوقها شيء آخر، وهذا من المعارف الفطرية الشهودية الوجودية‏:‏ أنه ليس إلا هذا الوجود المخلوق، أو وجود آخر مباين له متميز عنه، لاسيما إذا علموا أن الأفلاك مستديرة وأن الأعلى هو المحيط؛ فإنهم يعلمون أنه ليس إلا هذا الوجود المخلوق، أو موجود فوقه‏.‏)


    وقال (إنه لقائل أن يقول‏:‏ لم يثبت بدليل يعتمد عليه أن العرش فلك من الأفلاك المستديرة الكرية الشكل، لا بدليل شرعي، ولا بدليل عقلي‏.‏
    وإنما ذكر هذا طائفة من المتأخرين، الذين نظروا في علم الهيئة وغيرها من أجزاء الفلسفة، فرأوا أن الأفلاك تسعة، وأن التاسع ـ وهو الأطلس ـ محيط بها، مستدير كاستدارتها، وهو الذي يحركها الحركة المشرقية، وإن كان لكل فلك حركة تخصه غير هذه الحركة العامة، ثم سمعوا في أخبار الأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ ذكر عرش الله، وذكر كرسيه، وذكر السموات السبع، فقالوا بطريق الظن‏:‏إن العرش هو‏:‏الفلك التاسع، لاعتقادهم أنه ليس وراء التاسع شىء، إما مطلقًا وإما أنه ليس وراءه مخلوق‏.‏)


    وقال رحمه الله (والشمس والقمر في الفلك، كما أخبر الله ـ تعالى ـ لا تنتقل من سماء إلى سماء‏.‏
    وليست السموات متصلة بالأرض، لا على جبل قاف ولا غيره، بل الأفلاك مستديرة، كما أخبر الله ورسوله، وكما ذكر ذلك علماء المسلمـين وغيرهم ، فذكـر أبو الحسين ابن المنادي، وأبو محمد بن حزم، وأبو الفرج بن الجوزي، وغيرهم إجماع المسلمين على أن الأفلاك مستديرة، وقال ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ‏}‏ قال‏:‏ في فلكة مثل فلكة المغزل، والفلك في لغة العرب الشىء المستدير، يقال‏:‏تفلك ثدي الجارية إذا استدار‏.‏)


    وقال أيضا (ولما كانت الأفلاك مستديرة، ولم يمكن معرفة حسابها إلا بمعرفة الهندسة وأحكام الخطوط المستقيمة والمنحنية، تكلموا في ‏[‏الهندسة‏]‏ لذلك ولعمارة الدنيا؛ فلهذا صاروا يتوسعون في ذلك، وإلا فلو لم يتعلق بذلك غرض إلا مجرد تصور الأعداد والمقادير، لم تكن هذه الغاية مما يوجب طلبها بالسعي المذكور، وربما كانت هذه غاية لبعض الناس الذين يتلذذون بذلك، فإن لذات النفوس أنواع، ومنهم من يلتذ بالشطرنج والنرد والقمار، حتى يشغله ذلك عما هو أنفع له منه‏.‏



    ورأى الطالب أن هذا مرتبته فوق مرتبة الفقهاء الذين إنما يعرفون الشرع الظاهر، وفوق مرتبـة المحـدث الذي غايتـه أن ينقـل ألفاظـًا لا يعلم معانيها، وكذلك المقرى والمفسر، ورأى مـن يعظمـه من أهل الكلام، إما موافق لهم وإما خائف منهم، ورأى بحوث المتكلمـين معهم في مواضع كثيرة لم يأتوا بتحقيق يبين فساد قولهم، بل تارة يوافقونهم على أصـول لهم تكـون فاسـدة، وتارة يخالفـونهم في أمـر قالته الفلاسفة ويكون حقًا، مثل من يرى كثيرًا من المتكلمين يخالفهم في أمور طبيعية ورياضية ظانًا أنه ينصر الشرع، ويكون الشرع موافقًا لما اعلم بالعقل، مثل استدارة الأفلاك، فإنه لم يُعْلَمْ بين السلف خِلاَفٌ في أنها مستديرة والآثار بذلك معروفة، والكتاب والسنة قد دلا على ذلك‏.‏ وكذلك استحالة الأجسام بعضها إلى بعض، هو مما اتفق عليه الفقهاء، كما قال هؤلاء، إلى أمور أخر‏.‏)


    وقال رضي الله عنه (فأما قوله تعالى ‏:‏ ‏{‏وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 96‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ‏}‏ ‏[‏الرحمن‏:‏ 5‏]‏، فقد قيل‏:‏ هو من الحساب‏.‏ وقيل‏:‏ بحسبان كحسبان الرحا، وهو دوران الفلك، فإن هذا مما لا خلاف فيه، بل قد دل الكتاب والسنة وأجمع علماء الأمة على مثل ما عليه أهل المعرفة من أهل الحساب من أن الأفلاك مستديرة لا مسطحة‏.‏)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •