القصة الشعرية عند أمير الشعراء أحمد شوقي


د. أحمد الخاني






ولد أمير الشعراء أحمد شوقي عام 1868م درس في مصر وأتم دراسته في أوربا وتأثر بالشعر الأوربي تأثراً كبيراً، قدم لديوانه الدكتور محمد حسين هيكل يقول:

(وإنك لتكاد تشعر حين مراجعتك أجزاء ديوانه أنك أمام رجلين مختلفين جد الاختلاف لا صلة بين أحدهما والآخر؛ أحدهما مؤمن عامر النفس بالإيمان، والآخر رجل دنيا يرى في المتاع بالحياة ونعيمها خير آمال الحياة وغاياتها)[1] له ديوان (الشوقيات) وهو رائد المشرح الشعري للكبار، توفي عام 1932 م.



كبار الحوادث في وادي النيل:

قصيدة بلغت (264) بيتاً ومطلعها[2]

همَّت الفلك واحتواها الماء ♦♦♦ وحداها بمن تقلُّ الرجاء



يراوح شوقي في بدايتها بين أسلوب التقرير والإنشاء يقول:

لبثت مصر في الظلام إلى أن ♦♦♦ قيل: مات الصباح والأضواء



وهو يعرض تاريخ الفراعنة بإكبار وإعظام ويذكر حروب قمبيز الفارسي قاهر الفراعنة ثم يذكر الشاعر قصة موسى مع فرعون ثم يذكر عيسى إلى أن يصل إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ويذكر عواصم الدول الإسلامية وينتقل إلى ذكر الدولة الأيوبية ثم دولة الأتراك وينتهي إلى ذكر نابليون بونابرت وهزيمته في (واترلو).



يبدأ الأسلوب القصصي من البيت (52):

لبثت مصر في الظلام إلى أن ♦♦♦ قيل: مات الصباح والأضواء



ثم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم



أشرق النور في العوالم لما

بشرتها بأحمد الأنباء




أشرف المرسلين آيته النط

ق مبيناً وقومه الفصحاء




تشهد الصين والبحار وبغدا

د ومصر والغرب والحمراء








إلى أن يأتي على ذكر آل أيوب:



واذكر الغر آل أيوب وامدح

فمن المدح للرجال جزاء




هم حماة الإسلام والنفر البي

ض الملوك الأعزة الصلحاء








ويذكر الترك ثم يذكر نابليون. ويختم شوقي مطولته بهذين البيتين:



سكتت عنه يوم عيّرها الأه

رام لكنْ سكوتها استهزاء




فهي توحي إليه أن تلك (واتر

لو) فأين الجيوش أين اللواء؟








شوقي في هذه المطولة شاعر إخباري أكثر منه شاعر قصصي، فأخبار التاريخ يلقيها دون مراعاة للأسلوب القصصي الفني الذي نجده في شعرنا العربي كأسلوب عمر بن أبي ربيعة أو أساليب القصة الشعرية الجاهلية، ويبدو واضحاً أن الشاعر لم يضع في حسبانه أن ينسج هذه الأخبار على المنوال القصصي الشعري، ومطولته هذه ليست من الملحمة أو القصة في شيء.




ويتجلى أسلوب القصص الشعري في مقطعاته التي جاء أكثرها على لسان الحيوان محاكياً (لافونتين، جمعت في آخر الديوان في فصل بعنوان: (الحكايات) ومنها: الصياد والعصفورة، الديك الهندي والدجاج البلدي، العصفور والغدير المهجور، السلوقي والجواد، فأر الغيط وفأر البيت، وهذه الحكايات وضعها شاعرها لغاية تعليمية.





[1] من مقدمة ديوانه، الشوقيات.




[2] من مقدمة ديوانه، الشوقيات.