هو الموت الذي لابد منه

. عبدالسلام كامل عبدالسلام يوسف


وتسفينا مع الريح السوافي

أهذا بعــدُ مختَتـم المطـــــافِ؟

أهذا الرَّمسُ موئلُنا جميعاً

متى عزريلُ أقْـــــبلَ لاقتطافِ

ذَوَتْ أحلامنا يا ويحَ حلمٍ

مجيء الصبح يذوي وهو خافِ

سِنيُّ العمرِ قد ولَّت سراعاً

رِهاماً كنَّ في السبع العجـــافِ

وها فينا لحاظ الموت ترنُو

لِـمَن عنها غفُــــــولٌ ذو التفافِ

ويحســـب أنه ناءٍ بعــــيدٌ

كبُعد البُحْـــتريِّ عن الزحافِ

ولكنَّ الـمَـــــنايا خافيـــــاتٌ

كتمْساح تخبَّأ في الضِـــــفافِ

وتخدَعُنا الأماني عن مصير

تدثَّــــر في نهــــايات القوافي

وكم ذا من فتىً حرٍّ طليـــقٍ

سنابلُـــه تدانَتْ لاقتطــافِ

مضى للموت لا يلوي سريعاً

أَلَا يا موتُ يا صعبَ التلافي!

وكم حسناءَ كالعسل المصفَّى

قضتْ أيامُــــها يومَ الزِّفافِ!

هو الموت الذي لا بدَّ مــنه

مـريرُ الطعـــْم كالسمِّ الزُّعافِ

بنو الدنيا جميعاً ناهلُـــوه

فما للحَـــوض يوماً من جفــافِ

يسوقُهمُ ملاكُ الموتِ جمعاً

كما سيـــق القطيعُ منَ الخِرافِ

وآسٍ باذلٌ علــــماً وجهْـــداً

ليُعْـــــطى ثمَّ ترياق التعافي

فلما جَــــاءه رسُل المــــنايا

درى أن ذاك موعده الموافي!

وأيقنَ أنه لا علْــــم يُجدي

لتأخــــير المنونِ ولا نوافــــي

أَلَا يا نفسُ هل جهَّزتِ زاداً

من التقْــــوى وتُبْتِ؛ فما تخافي؟

وهل صلَّيتِ في جوفِ الليالي

لتبتــهلي هنالك في اعتكـــافِ

أَهَل قرءانَ ربِّك صُنتِ دوماً

وهل رتَّلْتِه والقلبُ صَـــــافــي؟

أَهَل شاهدتِ كيف مصير قومٍ

طغوْا وبغوْا ولجُّوا في الخلافِ؟

فكَان مصيـــرُهم ناراً تلظَّــى

وأغلالاً تصفَّــد من خِـــلاف

ألا ثُـــوبي قُبَيـــــل مجــــيء يومٍ

بحشــْرجةٍ ولا خِلٌّ موافــي


وتحضرك الملائك - إي وربِّي -

فمن سَيبلُّ روحَك من جفاف؟