البكور: لحياة تبدأ من الفجر


تصلي الفجر في غير وقتها؟
لديك مشكلة في الانضباط بأوقات العمل؟
صباحات مدارس الأبناء مزعجة؟
تعاني من الأرق واضطرابات النوم؟
لاتجد وقتًا للمحاسبة، والتأمل، والتخطيط؟
لديك الكثير من الأحلام والأهداف ولا تعرف من أين تبدأ؟
لا وقت لديك للورد القرآني؟
لا وقت للقراءة وتطوير النفس؟
إذا كانت إجابتك بلا عن جميع هذه الأسئلة؛ فهذه التدوينة ليست لك، أما إذا كنت تعاني من بعضها، فربما أساعدك في تجاوزها، لأني قد وجدت الحل.
كانت لي دوماً مذكراتي الخاصة، التي أكتب فيها أحلامي وطموحاتي، أتأمل فيها، أحياناً، وأتساءل بأسى: متى ستتحقق هذه الأحلام؟ كيف سأجد الطاقة والوقت الكافي لتحقيقها؟ أم أنها مجرد أمنيات، كأحلام العاجزين؟
تأملتُ كيف يمضي الزمن على جميع البشر بنفس عدد الساعات لكل يوم، فنرى إنسانًا قد حقق كثيراً مما يطمح إليه في أمور دينه ودنياه، كالحصول على إجازة في القرآن الكريم، أو مشروع ناجح، أو اختراع غيّر مسار البشرية، أو إصلاح فسادٍ، أو إنتاج علم ينفع الآخرين، أو ثروة طائلة متمتعاً بوافر الصحة، بينما نجد آخرًا متحسراً على الأوقات التي ضيعها، يُقلب هاتفه في تصفح أحلام الآخرين. كيف سيجيب حين يُسأل عن عمره فيم أفناه؟!
هل لدى هؤلاء الناجحين المنجزين مصابيح سحرية تساعدهم في تحقيق أهدافهم؟ أم أن لهم قوى خارقة وقدرات خاصة؟ طبعا لا؛ وإنما اجتمع لديهم الالتزام المستمر الذي يستعين بمصباح (البركة). “البركة تعني ثبوت الخير الإلهي في الشيء وهي جند خفي من جنود الله ﷻ.
إننا نحتاج البركة الآن أكثر من أي وقت مضى، في زمنٍ يمضي الشهر فيه كأسبوع، والأسبوع كيوم، واليوم كساعة، لتقارب الزمان، وقد أخبرنا النبي ﷺ في الحديث الصحيح «لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة».
زوفي شرح الحديث يقول الإمام النووي رحمه الله: (المراد بقصره: عدم البركة فيه، وأن الانتفاع باليوم يصير بقدر الانتفاع بالساعة الواحدة)، ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: (والحق أن المراد: نزع البركة من كل شيء حتى من الزمان). وهذا مُشاهدٌ الآن، فرغم سهولة المعطيات من حولنا إلا أن الأعباء تضاعفت، والانشغال أصبح سمة العامل والعاطل، والصغير والكبير.
بحثت عن طرق نيل البركة، ووجدت العلماء يذكرون طرقاً متعددة؛ أولها: التقوى «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب»، وكذلك الاستغفار، والدعاء، والبر، وصلة الرحم، كلها أعمال لا تقدر بثمن، ومن تمسك بها فهو الموفق، ولكني أضيف عليها طريقاً آخر، استعنت بالله للسير فيه، وهو طريق البكور، الذي دلنا عليه الحبيب ﷺ حين قال: «بورك لأمتي في بكورها»، فهذا الحديث يحثنا على المبادرة للعمل والسعي منذ الصباح الباكر، والموفق من تحقق دعاء النبي ﷺ له بالبركة.
وقد قيل: “إنَّ أَوَّلَ اليوم بمنْزلة شبابه، وآخرَه بمنزلة شيخوخته، ومَن شبَّ على شيءٍ شاب عليه، ولهذا فإنَّ ما يكون من الإنسان في باكورة اليوم وأوَّله ينسحب على بقيَّة يومه، إن نشاطاً فنشاطٌ، وإن كسلاً فكسل، ومَن أمسك بزمام اليوم وهو أوَّلُه سلم له يومُه كلُّه بإذن الله، وأُعين فيه على الخير، وبُورِك له فيه.
بل وجدت كثيرًا من الكتب الإنجليزية التي تحث على استغلال فترة الفجر مثل:

كتاب نادي الخامسة صباحا لروبن شارما وكتاب معجزة الصباح لهال الرود، وقد استفدت منها كثيراً، هذه الكتب تحاول أن تعلمنا نظاماً أصيلاً عندنا، ابتعدنا عنه لجهلنا أوتفريطنا، لذلك، هذه المقالة محاولة مني لبيان أهمية البكور في حياتنا من منطلق ديني، وهي دعوة لاستثمار وقت البكور الاستثمار الأمثل، لأنّ في هذا النظام عودة لفطرة الإنسان التي جعل الله له النهار معاشاً، والليل لباساً، وكلما اقترب الإنسان من فطرته؛ زاد تناغمه مع منظومة الخلق الكونية، فينطلق في يومه بكل حيوية مغموراً بالبركة والسكينة، مستشعراً رعاية الله وحفظه.
منقول