تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الأدب الإسلامي في ميدان التحدي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,480

    افتراضي الأدب الإسلامي في ميدان التحدي

    الأدب الإسلامي في ميدان التحدي (1)


    محمد شلبي محمد







    لا زالت قضيَّةُ "الأدب الإسلامي" تمثِّلُ إشكاليةً كبيرةً في البحث الأدبيِّ المعاصر.

    فما زال كثيرٌ من الدَّارسين يختلفُ في تعريف المصطلحِ فيما يخصُّ تحديدَ مقوِّماتِ الأدب، وتحديدَ مقوِّمات الأديب.

    ففيما يتعلَّقُ بالنصِّ الأدبي - والشِّعري خاصة - نجدُ أنَّ هناك جدلاً كبيرًا بين الشَّكلِ والمضمون.

    وفيما يتعلَّق بالأديبِ: هل يُعتبَرُ الأديبُ إسلاميًّا بحسَب نصوصِه أم بحسَبِ انتمائِه؟

    هذا بالإضافة إلى إشكاليَّةٍ أخرى، تفوق مشكلةَ المصطلح؛ إنها مشكلةُ الظُّهورِ والذاتيَّةِ والمنافسة.

    والحقيقةُ أن الحديثَّ في هذا الجانب من البحثِ الإسلاميِّ له منزلةٌ خاصَّةٌ بين البحوثِ، أبيِّنُها في السُّطور التالية:
    أولاً: بين الكلمة الطيِّبة والكلمة الأدبيَّة:
    إذا كانت النُّصوصُ الدِّينيةُ قد بيَّنَتْ قيمةَ الكلمة في كثيرٍ من الأحاديثِ، حتى قامت الكلمةُ مقامَ العملِ؛ حيث تُعتبَرُ "الكلمة الطيِّبة صدقة"، وكذلك فإنَّ الكلمةَ لها بالغُ الأثَرِ على مصيرِ قائلِها في الآخرةِ: ((إنَّ الرَّجلَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ -تعالى- ما يظنُّ أنْ تبلغَ ما بلغتْ، فيكتبُ اللهُ له بها رضوانَه إلى يوم القيامةِ، وإنَّ الرَّجلَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخَطِ اللهِ -تعالى- ما يظنُّ أن تبلغَ ما بلغت، فيكتبُ اللهُ عليه بها سخَطَه إلى يوم القيامةِ))؛ [صحَّحه الألبانيُّ في الجامعِ الصغير وزياداته: 2499].

    إذا كان ذلك لمجرَّدِ الكلمةِ، فإنَّ الكلمةَ الأدبية أكثرُ خطرًا، وأعلى مقامًا؛ ولذلك نزل القرآنُ الكريم في أفصحِ بيان.

    فالكلمةُ الأدبيَّةُ لَم تزَلْ في البيئةِ العربيَّةِ لها مفعولُ السِّحرِ، حتى أكَّد ذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنَّ من البيانِ لسِحْرًا)).

    قد كانت الكلمةُ تُقيم حربًا وتُطفئ حربًا، وكانت تشُقُّ الخصوماتِ، وتلأَمُ الصُّدوعَ، وما زالت حتى عصرِنا الحديث، ورِثَت فيه الكلمةُ الأدبيةُ شيئًا من مكانتِها القديمة؛ إذ نراها في الحربِ والسِّلمِ، في الثَّورةِ والرِّضا، في المجتمعات والتجمُّعاتِ - لها فاعليَّةٌ لا تُجحَدُ ولا تُنسى.

    ثانيًا: "الأدب الإسلامي" رؤية تحليلية للمصطلح:
    دائمًا تظهرُ المصطلحاتُ عند الحاجة إليها، فلم يكن مصطلحُ "الأدب الإسلامي" معروفًا فيما مرَّ منذ عصر صدرِ الإسلامِ، مرورًا بالعصر الأمويِّ، فالعباسيِّ فما بعده حتى العصرِ الحديث، رغم أنَّ العصرَ الأمويَّ والعباسيَّ خاصةً شهِدَا نصوصًا موغلةً في "الأدب المرفوض" عُرفيًّا وشرعيًّا؛ كالنُّصوصِ التي تصِفُ الخمرَ، وتحرِّضُ عليها، والتغزُّل في النِّساءِ والغِلمان، والهِجاء والتفاخر بالأنسابِ وما شابه.

    أمَّا في العصر الحديث، فقد ظهر مصطلحُ "الأدب الإسلامي"، ولعلَّ السبب في ظهورِه هو الحاجةُ إلى الردِّ على بعضِ النُّصوصِ الأدبيَّةِ التي تمثِّلُ فكرًا وافدًا، يحمل كثيرًا من الإلحادِ بما ينشره من تحرُّرٍ ورذيلةٍ.

    وكان "الشِّعرُ النثريُّ" - بما يحملُه من تناقضٍ في ذات الاصطلاحِ - أولَ حاملٍ لهذه الثقافةِ التي تُناقِضُ الثَّقافةَ الإسلاميَّةَ.

    وساوق ظهور الشِّعرِ النثريِّ على يد أدونيس وغيرِه بما استوفدوه من الأدبِ الفَرنسي ثورةً على كلِّ إسلاميٍّ تراثيٍّ أو معاصر، وكان هذا الأدبُ الحديث أحدَ المنابرِ التي تروِّج لهذه الثَّورةِ، والخروجِ على المأثورِ.

    وتحت مسمَّى "التجديد" الخادع - وكم تخدَعُنا المصطلحاتُ! - أخذوا ينشرون وينتشرون.

    ولَم يكنْ هدفُ هذا الأدبِ التَّجديدَ، بقدرِ ما كان هدفُه الاستهزاءَ بالإسلامِ، والطَّعنَ في عقيدتِه، والتحرُّرَ من الكلمةِ العُليا؛ كلمةِ اللهِ ربِّ العالَمين.

    أحدُ رؤوس المناصب الأدبيَّةِ في مصر يقول: كنتُ قديمًا أقرأُ القرآنَ الكريم، الآن أقرأ طرفةَ بنَ العبد.

    وهو خروجٌ ظاهرٌ عن شعائرِ الإسلامِ، واستبدالٌ لشريعتِه.

    وأدونيس يملأ كتُبَه بما يضيق المقامُ عن ذكرِه من استهزاءٍ بالقرآنِ والدينِ.

    وشعر الزهاوي في العراق، الذي يمجِّدُ العلمَ، ويُزْرِي بالشريعةِ.

    وعامَّةً فالحدَاثةُ ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالخروجِ على الثَّوابتِ الدِّينيةِ.

    فلَم تعُدِ القضيَّةُ إذًا قضيةَ أدبٍ مخالفٍ للأخلاقٍ كالذي كان في العصر العباسيِّ مثلاً، وظهر في شِعر أبي نُواسٍ وابن الرُّومي؛ وإنما أصبح هذا النَّوعُ من الأدبِ مُعَدًّا - في الأصلِ - لنقض الثوابتِ الإسلاميَّةِ، والطَّعنِ في العقيدةِ الإسلاميَّةِ.

    فاقتضت الحاجةُ أن يظهرَ مصطلحٌ ينقُضُ هذا التوجُّهَ، فكان مصطلحُ: "الأدب الإسلامي".

    ثالثًا: مفهوم مصطلح "الأدب الإسلامي":
    هل "الأدب الإسلامي" يعني نوعيَّةً خاصةً من المبدِعين، أو نوعيَّةً خاصَّةً من الإبداعِ؟
    لا شكَّ أنَّ الأدبَ الإسلاميَّ هو كلُّ أدبٍ ينتجُه أحدُ النَّاسِ غيرَ معارضٍ للمبادئِ الإسلاميَّةِ.

    فليس شرطًا أن يكونَ الأدبُ الإسلاميُّ منتَجًا من أحدِ المسلمين، فالحكمةُ ضالَّةُ المسلم، ونحن نُنشِدُ في ذلك أبياتًا كتبها الجاهليُّون على كفرِهم وعبادتِهم للأصنامِ؛ لأنَّ فيها حكمةً عاليةً.

    وكذلك ليس شرطًا في الأدبِ الإسلاميِّ أن يتناولَ أمورَ العقيدةِ والشريعةِ، بل إنَّ علماءَ الأدبِ الأوَّلين - كابن سلاَّمٍ في طبقاته - لَم يذكرْ مطلَقًا شِعْرَ أناسٍ صنعوا متونًا في الفقهِ والعقيدةِ ونحوهما، رغم جلالةِ ما كتبوا، إلا أنَّه لَمَّا لَم يكنْ مقصودًا منه الإبداعُ بقدر ما كان مقصودًا منه تقعيدُ العلومِ، لَم يُدرجوا ذلك ضمن الأدبِ الإسلاميِّ.

    وبالمثلِ، فإنَّ أيَّ شِعرٍ أو أدبٍ يتناول قضايا إنسانيَّةً؛ كالأمنِ والخوفِ، أو وصفِ زهرةٍ، أو مظهرٍ من مظاهرِ الجمالِ، أو ما شابه مما تطوف فيه المشاعرُ الإنسانية - يجب أن يكون أدبًا إسلاميًّا.

    وكنوعٍ من التَّمثيلِ إذا وصف أحدُ الشُّعراءِ روعةَ الطَّبيعةِ لبيان إبداعِ الخالقِ - عز وجل - فهو لا شكَّ من الأدب الإسلاميِّ.

    أما إذا هيَّج الشَّهواتِ بوصف جمال النِّساءِ، فليس من الأدبِ الإسلاميِّ بالطبع.

    وكان الأستاذ الدكتور: محمد عوض يتندَّرُ بقوله: لو جاع أحدُهم فكتب شِعرًا عن جوعِه، فهو أدبٌ إسلاميٌّ. يقصد: ما دام أنه عبَّرَ عن شعورٍ إنسانيٍّ، لا يعارضُ مبدأً دينيًّا.

    وهذا ميزانُ الأمر.

    لا شروطَ في الأديبِ، ولا شروطَ في الأدب.

    كلُّ الأمرِ ألاَّ يخالفَ الأدبُ مبدأً أخلاقيًّا أو عقديًّا، وليقُلْ كلُّ قائلٍ ما يقول.

    أما أنْ يكفُرَ الإنسانُ أو يفسُقَ بحجَّةِ "حرية الأدب"، فهذا ما لا يقبَلُه عقلٌ.

    ولذلك كان من حكمةِ سيدنا عمرَ - رضي الله عنه - أنْ سجَنَ الحُطَيْئَةَ - إن صحَّتِ الرِّوايةُ - لَمَّا هجا الزِّبْرِقانَ هجاءً مُقذعًا، فقال:
    دَعِ الْمَكَارِمَ لاَ تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا

    وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي

    وهل كلُّ مقولٍ مقبولٌ؟!!
    • • •


    أردتُ في هذا المقالِ الحديثَ عن مصطلح "الأدب الإسلاميِّ"، وقد بيَّنَّا نشأتَه ومعناه؛ ولكن...

    أرى أنَّ للأدب الإسلاميِّ اعتباراتٍ "فنيةً"، لا يمكِنُ التغاضي عنها لمجرَّدِ اندراجِ النَّصِّ الأدبيِّ تحت باب الأخلاقِ، أو المشاعرِ الإنسانيةِ، أو ما شابه من المرضياتِ في الشَّرعِ.

    وهو كلامٌ يصبُّ بنا مباشرةً إلى أزمةِ الأدبِ الإسلاميِّ في العصر الحديثِ.


    وهذا ما نتحدَّثُ عنه في المقالِ التالي - إن شاء اللهُ.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,480

    افتراضي رد: الأدب الإسلامي في ميدان التحدي

    الأدب الإسلامي في ميدان التحدي (2)


    محمد شلبي محمد





    الشعر نموذجاً


    إن الحق يفرض علينا أن نكون مقسطين.

    والعدل يقتضي منا أن نقول: إن الأدب الإسلامي - بوصفه ظاهرةً معاصرة - لم يَرْقَ حتى الآن إلى مستوى المنافسة.

    أعني المنافسة مع الأدب العالمي، والأدب المحلي "غير الإسلامي".

    وذلك من ناحية "الفنيات"؛ لأن الكلام الأدبي شيء أكبر من مجرد التعبير عن المعاني العظيمة، ولو قدم أحد الناس هديةً قيمةً في علبة رديئة، كان ذلك انتقاصًا للهدية.

    فالأدب في عنصريه الأساسيين: اللفظ والمعنى، يجب أن يكون مميزًا في كليهما عن سائر التعابير.

    وفيما يلي نرصد الواقع والمفروض في موضوع الأدب الإسلامي من زاوية إبداعية في مجال الشعر خاصةً.

    أولاً: مشكلة "النموذج" في الأدب الإسلامي:
    لقد وقع الأدباء الإسلاميون - جملةً وليس تفصيلاً - في مشكلة جعلت طرحهم الأدبي على غير مستوى المقارنة؛ وذلك أن المعاني الشريفة شغلتهم عن التجويد الفني للنصوص، فمن الأمور التي لم يراعها الأدباء الإسلاميون في نصوصهم الأدبية:
    1- الخطابية:
    وهذه قاصمة الظهر لأي عمل إبداعي شعري؛ لأن الأصل أن الشعر طرف، والنثر طرف مناقض، فإذا صار النص الشعري لا فرق بينه وبين النثر إلا الوزن والقافية، انهدم رونقه.

    فمن الطبيعي أن يكون الشعر له مكونات أكبر من الوزن والقافية؛ إذ هما بالنسبة له كالجسد بالنسبة للروح.

    وتأتي الخطابية نتيجةً طبيعيةً للبعد عن التعابير الفنية البلاغية، ونتيجةً طبيعية لدنو التحليق الخيالي باللغة، وقلة توظيف الأساليب بطريقة غير اعتيادية.

    2- السطحية:
    ويوازيها الرمز في الفن الشعري، والسطحية تضادُّ العمقَ، فالشاعر الذي يتكلم كلامًا شديد الظهور لا يقدم جديدًا بالنسبة للقراء، ولا يستثير عقل القارئ، ومن ثم يفقد القارئ الاستمتاع بالنص الأدبي الذي كان يفترض أن يرقى بالأحاسيس والخيالات، ويترك مساحةً لعمل العقل، وتفجير طاقاته.

    ودائمًا كانت قيمة الشيء مرهونةً بالجديد الذي يقدمه، والأمرُ المكرر مملول.

    فإذا كرر الشاعر فكرةً قيلت مئات المرات، فسوف تمل، ولو كان معناها جيدًا.

    أو إذا ذكر معنًى سهلاً يدركه كلُّ الناس، فسوف يمل، ولو كان التعبير عنه جيدًا.

    3- ضعف الصورة الشعرية:
    الصورة الشعرية روح الشعر ومائيتُه.

    والصورة محض تصوير يسبح بالعقل في مجال الخيال.

    فإذا لم تحلق الصورةُ بالذهن في الآفاق التي يجب أن تحلق به فيها، أصبحت رديئةً ولا قيمة لها.

    كما يغلب على الشاعر مثلاً استخدامُ أسلوب التشبيه بأركانه الأربعة أو الثلاثة، وهي صورة مغرقة في التراثية المحضة التي يقتلها التقليد.

    والأصل أن توظيف التراث وتقليده لا يجب أن يكون إلا في إطار من التجديد، يضفي عليه روحًا معاصرةً، ويصوغ له حياةً جديدة.

    وليس كل تشبيه يجوز أن يكون صورةً شعريةً رائعةً.

    ولكن لما كان لكل شيء ميزانٌ، فإنه لا يجوز أن يكون النص الشعري تراكمًا خياليًّا، فتموت الفكرة على حساب الصورة، ولكن يكون الأمر باعتدال بين الصورة والفكرة.

    فالملاحظ في الصورة الشعرية لدى الشعراء الإسلاميين أنها إما شحيحة وإما رديئة؛ نظرًا لطغيان التراثية المحضة الخالية من التجديد.

    وليس هناك حكم مطلق في أي شيء.

    فأنا أتكلم هنا عن غالب النصوص الأدبية الإسلامية، ولا أتكلم عن شذوذ القاعدة، فهناك أمثلة على درجة من الروعة في الصياغة والخيال، ولكن لم تزل بعدُ في مجال الفردية، ونحن نريدها في مجال العموم.

    4- غلبة السمت اللغوي على السمت الفني:
    اللغة عنصر عظيم من عناصر التعبير الفني في الشعر وغيره، ولا شك أن للشعر معجمَه اللفظي الفريد، وأسلوبَه اللغوي الخاص.

    لكن يحدث أن بعض النصوص لدى الشعراء الإسلاميين يكون موغلاً في اللغة إيغالاً يأكل عناصرَ النص الأخرى من فكرة وصورة، شيء يشبه التراثية الأولى في لغتها دون صورها وتشبيهاتها.

    واعتماد النص الشعري على اللغة فقط أمرٌ يقصر به في مجال المقارنة بالنصوص الأخرى.

    والمشكلة نابعةٌ من اعتماد الشاعر على اللفظ اللغويِّ دون التركيب اللغوي.

    ثانيًا: أسباب ضآلة الصوت الإبداعي الإسلامي:
    1- سرقة المنابر الأدبية من الإسلاميين:
    من له إحاطة بالقنوات الإعلامية والمؤسسات الثقافية يعلم علم اليقين كيف يُحارَب الإسلاميون الشعراء، وكيف يُضيَّق عليهم في المسابقات والندوات، وكيف يقاوَمون في الظهور على الفضائيات والقنوات الإعلامية مقاومةً صار من نتائجها ضمورُ الشكل الإسلامي، وخُفوت صوته بين شتى المجالات الأدبية، حتى ابتلعت الحداثة بمضامينها الخبيثة النبعَ الإسلامي الصافي.

    2- تقصير الشعراء الإسلاميين في تطوير المقدرة الفنية:
    إن الثقافة الأدبية تقتضي الاطِّلاعَ على جُل النصوص المبدعة في كافة العصور وكافة المبدعين، فيكون مخالفة بعض النصوص للمبادئ الإسلامية، أو اعوجاج بعض المبدعين عن الطريق السوي - حائلاً لبعض المبدعين من الإسلاميين أن يقرؤوا هذه النصوص أو يقرؤوا لهؤلاء الشخوص؟

    ومن شأن الاطلاع على متنوع الأدب أن يصقل المقدرةَ الفنية؛ لأن الكلام من الكلام كما يقول العرب، فالإبداع مرحلةٌ يسبقها التقليدُ، بالإضافة إلى التلاقح الفكري الذي ينتج لدى الشاعر المطَّلع صهارةً من مختلف الألوان الإبداعية، وكافة الأساليب الفنية، تكون في النهاية أسلوبه الخاص.

    3- عدم اعتبار النشاط الأدبي مجالاً أساسيًّا:
    قد يكون سبب ذلك أيضًا عدم الاهتمام بالنشاط الأدبي باعتباره طريقًا للمنافسة، وعرض الفكر الإسلامي.

    كثير من الشعراء الإسلاميين قد يكتب الشعر، ولكن لا يتخذه منهجًا لعرض الفكر الإسلامي عامةً، فهو عنده مجرد تعبير عن الأفكار والمشاعر بطريقة توافق - في نظره - مبادئ الإسلام.

    ولكن لم يوجد شاعر - حتى الآن - ينتمي للاتجاه الإسلامي يتخذ الشعر منهجًا لعرض المبدأ الإسلامي بشموليته وعمقه.


    وهذه القضية تمثل سكينًا من الداخل؛ إذ عدم اهتمام الشاعر إسلاميِّ التوجُّهِ بقضية الشعر يكون أول معول يهدم فيه.

    فالاتجاه لكي يظهر لا بد أن يكون مؤسسةً كبرى، لها منتمون يعملون ليلَ نهارَ على إعلائها وتنميتها، والنضال من أجل رفع صوتها ونشره في الآفاق.

    بغير العمل المستمر سيموت كلُّ صوت قبل أن يصل إلى الآذان.

    ولعل أفضل ما أغادر به هذا المقامَ التنبيهُ على قيمة الأدب الإسلامي؛ لأنه يعتبر ميدانًا أصيلاً في مقاومة الثقافة الوافدة، والسمومِ التي تسكبها في عقولنا ونفوسنا نصوصٌ أدبية معادية تخطت حدَّ السحر إلى الشعوذة!
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •