تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قِيَم ومبادئ إنسانية عامة لتنظيم الحياة بلا انحرافٍ أو اعوجاج

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي قِيَم ومبادئ إنسانية عامة لتنظيم الحياة بلا انحرافٍ أو اعوجاج



    قِيَم ومبادئ إنسانية عامة لتنظيم الحياة بلا انحرافٍ أو اعوجاج (1)

    رسالة الإسلام للإنسانية









    كتبه/ سعيد السواح

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فنحن نعيش سويًّا في مجتمع يجمعنا، وثَمَّ علاقات لا بد أن تتم بين أفراد المجتمع؛ فعلينا أن نسعى إلى الاجتماع والائتلاف والترابط، وأن نسعى في المقابل لنبذ الفرقة والاختلاف.

    نريد أن نعيش سويًّا ونحيا في أمن وأمان، أن أأمن على نفسي وعلى مالي، وعلى بدني وعرضي، أأمن على أولادي وعلى أهلي؛ فلا بد أن نتفق أولًا على قِيَم وقواعد نعتمدها جميعًا في حياتنا، وهي قيم وقواعد لا تصادم الفطرة السليمة والعقول الصحيحة.

    فكلنا لا يختلف أن الصدق قيمة مهمة في حياتنا، ولا نجد مَن يأباها إلا أصحاب الأمراض والشهوات، ولا نختلف أن الكذب قيمة منكرة تأباها الفطرة السليمة والعقول الصحيحة.

    فما القِيَم والقواعد التي نعتمدها كأفراد نتربَّى عليها ونتعامل من خلالها، وكذلك ما القيم والقواعد المجتمعية حتى نصل إلى مجتمع متماسك مترابط لا مجال فيه للبغضاء أو الشحناء، أو التدابر أو الغش، أو الحقد والحسد، وغيرها من القيم التي تأباها الفطر السليمة، وكذلك تأباها العقول الصحيحة، ولا بد كذلك مِن الاتفاق على أسس وقواعد يعاقب مِن خلالها مَن أخل بهذه القيم أو يسعى جاهدًا للإخلال بهذه القيم، فجميعًا لا نسمح له بذلك حتى لا يُخرِّب المجتمع ولا يُحدث خلخلة أو زعزعة في استقراره الداخلي والخارجي.

    ولا بد من الاتفاق على سلطان يقوى على المحافظة على الأفراد والمجتمع، وعلى عقوبة كل مَن سعى محاولًا لهدم أو تفتيت المجتمع، وأن هذا السلطان لا بد أن يتسم بالحكمة والحلم، والعلم والقوة والقدرة، نخاف منه وهو لا يخاف من أحد.

    فتطبيق هذه القيم والحفاظ عليها وصيانتها دون مساس حيث لا يسمح لا لفرد أو مجتمع أن يخل بهذه القيم؛ وإلا كان نتاج ذلك الفوضى بكلِّ معناها وشمولها، فنحن نحتاج إلى قوة تحمي هذه القيم وتعاقب أي مخالف لها.

    فما الذي نريده في هذه القوة؟

    قوة قادرة على إنزال العقوبة على المخالف دون خوف من أحد أو من بطشه، وفي نفس الوقت قوة تتسم بالعدل والحكمة والعلم، قوة غير عاجزة مع حلمها ورحمتها قوة لا تغيب في أي وقت، بل حاضرة دومًا غير غائبة، ولها علم بعواقب الأمور، ولا بد أن تكون هذه القوة تسمع ولا تنشغل بسمع عن سمع ولا بلغة عن لغة ولا بلهجة عن لهجة، قوة باصرة لا يخفى عليها شيء سواء كان بليل أو نهار، قوة تُعرف بالعفو والصفح، وأن يكون العفو أحب إليها من العقوبة، فإذا بحثنا ما هذه القوة، ومَن الذي يتصف بهذه الصفات التي يعجز أن نراها في إنسان؛ فلن نجد إلا الخالق عز وجل.

    فلنتفق جميعًا على أهمِّ هذه القيم الإنسانية، وهي وجود خالق نتوجه إليه بأفعالنا، وله الحق في حساب كلِّ مَن يخالف لعدله وحكمته، وعدم ظلمه لأحدٍ؛ لسعة علمه، وقوته وقدرته، مع رحمته وحلمه، وعفوه وصفحه، فيلزمنا جميعًا عند ذلك أن نقول: "رضينا بالله ربًّا".

    1- العبودية لله وحده لا شريك له: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ"، وهذا هو النداء الأول بترتيب المصحف (أول نداء للإنسانية)؛ حيث نادى الله على جميع خلقه بلا استثناء أن يتوجَّهوا إلى عبادة ربهم الذي خلقهم وتكفل بأرزاقهم؛ هذا النداء للإنسانية جمعاء ليس لطائفةٍ دون أخرى، أو إقليم دون إقليم آخر، نداء لكل إنسان دب بالحياة على الأرض في أي زمان وفي أي مكان.

    فإن قلنا: لماذا لا تُصرف العبودية لغير الله؟

    قلنا: لأن الله هو "الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ"، فالله سبحانه متفرد بالخلق والإيجاد، ومتفرد برزق جميع مخلوقاته؛ فغيره مخلوق ومرزوق؛ فلا يشابهه في ذلك أحدٌ ولا يماثله، فتفرده بهاتين الصفتين (الخلق والرزق) تجعله متفردًا بالعبادة دون سواه.

    ونقول: هل مِن خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض؟! "فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ"، فالعبودية لله وحده أهم قيمة لقيام المجتمع الإنساني؛ فكل الإنسانية لها إله واحد وليست آلهة متعددة متفرقة.

    وإليكم وصف الإله الذي نعبده الذي انفرد بهذه الأوصاف، فلا نجد ندًّا له ولا نظيـرًا، ولا شبيهًا له ولا مثيلًا: "وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ . إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ".

    أأله مع الله فعل ذلك أو ساعده وعاونه؟! "هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه"، "خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ . خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ . وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ . وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ . وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ . وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ . وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ . هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ . يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ . وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُو ا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ . وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ . أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ . وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ . وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ . وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ . أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ . إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ . لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِ ينَ".

    أإله مع الله فعل ذلك أو عاونه أو ساعده؟!

    ما لكم كيف تحكمون؟! "وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ".

    2- التنزه عن الحرام والخبائث: فلا نطعم إلا الحلال الطيب، فمقومات الحياة: طلب الحلال الطيب، ورفض الخبيث المحرم، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ . إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ".


    فربكم الخالق الرازق أحلَّ لنا الطيبات (فباب الحلال واسع وباب الحرام ضيق)، وأمر الله تعالى عباده ألا يطعموا إلا الحلال الطيب ليطيب عيشهم، وربكم الخالق وحده هو الذي يعلم ما يصلح الإنسان وما يفسده، وهو أحق في تحديد الطيب من الخبيث؛ لأنه هو الخالق لكل شيء.

    وللحديث بقية إن شاء الله.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: قِيَم ومبادئ إنسانية عامة لتنظيم الحياة بلا انحرافٍ أو اعوجاج



    قِيَم ومبادئ إنسانية عامة لتنظيم الحياة بلا انحرافٍ أو اعوجاج (2)

    رسالة الإسلام للإنسانية









    كتبه/ سعيد السواح

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فمن القيم والمبادئ الإنسانية العامة التي جاء بها الإسلام لتنظيم الحياة بلا انحرافٍ أو اعوجاجٍ:

    الشيطان عدو الإنسانية:

    فالشيطان عدو متـربص يسعى لإضلال الإنسان فكريًّا وسلوكيًّا وأخلاقيًّا، وله هدف معلن، فالحذر الحذر فالشيطان الذي يدعونا لنشاركه الجحيم، وذلك بصرف العبادة لغيـر الخالق الرازق والإشراك به، وعدم الإيمان بالبعث: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ . إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ".

    كيف بدأت عداوة الشيطان للإنسانية؟ وما سببها؟

    قال الله تعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ . وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ . وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ . فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ . إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ . قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ . قَالَ لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ . قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ . وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ . قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ . قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَ . إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ . قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُ مْ أَجْمَعِينَ . إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ".

    عقيدة الشيطان في الله:

    يؤمن أن الله إله واحد، وأنه هو الخالق لا خالق سواه، وأنه رب كل شيء، ويؤمن كذلك بالبعث، بل انظر كيف يتبرأ الشيطان ممن جعله شريكًا لله -تعالى-: "إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ ي مِنْ قَبْلُ"، "كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ".

    ماذا صنع الشيطان مع أبوينا (آدم وحواء عليهما السلام)؟

    قال الله تعالى: "وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ . فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ . وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ . فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ . قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ . قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ . قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ . يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ".

    فما زال بهما حتى أكلا من الشجرة الممنوعة بعد ما زيَّنها الشيطان لآدم وحواء عليهما السلام فأنساهما تحذير الله لهما أن يأكلا من هذه الشجرة، فكان ما كان من كشف عوراتهما.

    فهل علمت ماذا يريد الشيطان منا؟!

    الترابط الإنساني (الوحدة الإنسانية):

    فنحن جميعًا كنفس واحدة؛ فقد خرجنا من رحمٍ واحد، فمرجع الإنسانية إلى أب واحد، وأم واحدة؛ فكل الإنسانية من كيان واحد غير متعدد؛ "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".


    ونكمل بإذن الله في المقال القادم.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: قِيَم ومبادئ إنسانية عامة لتنظيم الحياة بلا انحرافٍ أو اعوجاج



    قِيَم ومبادئ إنسانية عامة لتنظيم الحياة بلا انحرافٍ أو اعوجاج (3)









    كتبه/ سعيد السواح


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فمِن القيم والمبادئ الإنسانية العامة التي جاء بها الإسلام لتنظيم الحياة بلا انحرافٍ أو اعوجاجٍ:

    الرسالة المنظِّمة للعلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع الإنساني والمنظمة للحياة الإنسانية:

    فالله عز وجل لم يترك الإنسانية لتغرق في وحل الفرقة والاختلاف، أو يستحوذ عليهم الشيطان ويتلاعب بهم ويُضلهم عن الطريق، لكنه أرسل لهم رسالة تشتمل على قواعد وضوابط في التعامل بين أفراد المجتمع الإنساني حتى لا يكون شقاق أو تصدع أو جور وظلم، فكان من عناية الخالق بالخليقة هذه الرسالة لعموم الإنسانية، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا"، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً . فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُم ْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا"، يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ".

    فكان القرآن هو رسالة الله إلى الإنسانية جميعًا؛ اتسمت بالوضوح والجلاء والسطوع؛ فهو النور الذي يضيء لنا الحياة، ويضيء لنا الطريق، وهو الحق من الله الذي اشتمل على الحق المبين، "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ . وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ"، فرسالة الله للإنسانية هي التي ترسم للإنسان خط سيره في الحياة حتى يأمن عدم الانحراف والاعوجاج عن الطريق المستقيم؛ فهي النور التي أنزل الله تعالى للبشرية جمعاء".

    مُعَلّم الإنسانية شخصية راقية مكتمل الجوانب الإنسانية:

    فالحاجة ماسة إلى مُعلِّم نتعلَّم منه الجوانب النظرية والجوانب العملية التطبيقية؛ لكي ييسر لنا سبيل التعامل مع الرسالة، "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ".

    فما رسالته التي بُعِث بها؟

    - يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

    - يحل الطيبات ويحرم الخبائث.

    - المرونة والسهولة واليسر؛ فلا تعنت ولا تضييق.

    فرسالته لا تتعارض مع الفطرة والنفوس الطيبة، والعقول السليمة الصحيحة، فهو مبلِّغ عن الخالق الرازق ومبين للمآلات، وللطريق الذي يسلكه الإنسان (فالناس بين قابل للرسالة ورافض لها)، "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ . فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ . وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ".

    بغي الإنسان وفساده مردود عليه وكلٌ يجازى بعمله:

    فالانحراف الفكري والسلوكي لا بد من محاربته وتعديله وتقويمه؛ حتى لا يتصدَّع الكيان الإنساني، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"، "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ . وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ"، "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ . فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ . وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ"، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ".


    وللحديث بقية إن شاء الله.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •