تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: ومضات عن الآجال والارزاق

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي ومضات عن الآجال والارزاق

    الله سبحانه و تعالى هو الرزاق ، وهو سبحانه قد قدَّر للرزق أسباباً ، ومن اختلت عقيدته : جعل الأسباب بمنزلة مسببها وموجدها ، والإسلام ليس فيه اعتماد المسلم على الأسباب مع غض الطرف عن مسببها ، وليس فيه قطع الأسباب والتخلي عنها .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " ومما ينبغي أن يعلم : ما قاله طائفة من العلماء ، قالوا : " الالتفات إلى الأسباب : شرك في التوحيد ، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً : نقص في العقل ، والإعراض عن الأسباب بالكلية : قدح في الشرع ، وإنما التوكل ، والرجاء : معنى يتألف من موجب التوحيد ، والعقل ، والشرع " .
    وبيان ذلك : أن الالتفات إلى السبب هو اعتماد القلب عليه ، ورجاؤه ، والاستناد إليه ، وليس في المخلوقات ما يستحق هذا ؛ لأنه ليس مستقلاًّ ، ولا بد له من شركاء ، وأضداد ، ومع هذا كله : فإن لم يسخِّره مسبِّب الأسباب : لم يسخَّر ، وهذا مما يبين أن الله رب كل شيء ، ومليكه ، وأن السموات ، والأرض ، وما بينهما ، والأفلاك ، وما حوته : لها خالق ، مدبِّر ، غيرها " انتهى .
    " مجموع الفتاوى " ( 8 / 169 ) .
    وقال – رحمه الله - :
    " فعلى العبد أن يكون قلبه معتمداً على الله ، لا على سببٍ من الأسباب ، والله ييسر له من الأسباب ما يصلحه في الدنيا والآخرة ، فإن كانت الأسباب مقدورة له ، وهو مأمور بها : فَعَلَها ، مع التوكل على الله ، كما يؤدي الفرائض ، وكما يجاهد العدو ، ويحمل السلاح ، ويلبس جُنَّة الحرب ، ولا يكتفي في دفع العدو على مجرد توكله بدون أن يفعل ما أُمر به من الجهاد ، ومَن ترك الأسباب المأمور بها : فهو عاجز ، مفرط ، مذموم " انتهى .
    " مجموع الفتاوى " ( 8 / 528 ، 529 ) .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ومضات عن الآجال والارزاق

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "لفظ " الرزق " يراد به ما أباحه الله تعالى للعبد وملكه إياه ويراد به ما يتغذى به العبد." انتهى من "مجموع الفتاوى" (8/545).
    وحينئذ، فما مات الإنسان قبل أن يملكه في يده ، أو قبل أن يمتع ، أو ينتفع به : ليس من رزقه الذي كتب له ؛ وهذا واضح ، مفهوم ؛ حتى لو عمل عملا ، فمات قبل أن يتقاضى أجره: لم يكن هذا الأجر من رزقه المقسوم في الدنيا . ولو مات قبل أن يمتع بعافيته، لم تكن هذه العافية من رزقه المقسوم له في الدنيا؛ وهكذا كل ما لم يدخل في جوفه ، أو لم يدخل تحت ملكه وسلطانه، وهو في الدنيا : لم يكن رزقا له.
    *****
    أما أجل الإنسان : هو مدة بقائه في هذه الدنيا ، وهو الرزق الذي إذا انتهى يموت الإنسان، هو أجله .

    والإنسان كسائر المخلوقات التي لها آجال، لا تتقدَّم ولا تتأخَّر؛ فإنّ أجل الشيء هو نهاية مدّته، وعمره مدة بقائه، فالعمر مدة البقاء، والأجل نهاية العمر بالانقضاء.
    وقد ثبتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قدَّرَ الله مقادير الخلائق قبل أن يَخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشُه على الماء رواه مسلم(2653).
    وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذِّكْر كلّ شيء، وخلق السموات والأرض)، وفي لفظ: ثم خلق السموات والأرض. وقد قال تعالى: فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف: 34]، رواه البخاري: (3191).
    والله يعلم ما كان قبل أن يكون، وقد كتب ذلك، فهو يعلم أن هذا يموت بالبطن، أو ذات الجنب، أو الهدم أو الغرق أو غير ذلك من الأسباب، وهذا يموت مقتولًا إما بالسمِّ وإما بالسيف وإما بالحجر وإما بغير ذلك من أسباب القتل والموت

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ومضات عن الآجال والارزاق

    فنصوصُ الكتاب والسُّنَّة دلت على أن الله كَتَب الاجال والارزاق ، فلا يَزيد فيهما حرصُ حريص، ولا يردُّهما كراهِيةُ كارِهٍ
    وهذه قصة لطيفة
    رجل سأل بحار: أين مات أبوك؟
    قال: في البحر.
    فسأله: وجدك أين مات؟
    قال: في البحر.
    فصرخ الرجل مستغرباً وتركب البحر بعد هذا؟!

    إبتسم البحار ورد بالسؤال نفسه:
    وأنت يا هذا أين مات أبوك؟

    قال: على فراشه.
    وجدك؟

    فأجاب: على فراشه.
    فالتفت البحار عنه عائداً إلى قاربه وهو يقول: وتنام على الفراش بعد هذا؟!

    فالآجال بيد الله وهي عنده مكتوبة ومعلومة ،
    والأرزاق من عنده سبحانه وتعالى مقسومة

    ، فإذا عزمت لفعل أمرٍ
    فاجعل التوكل مركبة العبور
    وإذا تعسرت عليك يوماً
    فاسأل المولى عز وجل تسهيل الأمور
    ولا تجزع لضيق الرزق أبداً
    فاللهُ يرزق العصفور من بين النسور
    وهو سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين
    وما تخفي الصدور
    وكن حامداً شاكراً للمولى الغفور ما دمت حياً
    واعلم بأن الدنيا أيامٌ تدور، فالآجال والأرزاق بيد الله تعالى ،
    قدرها وحددها، فلا يزاد فيها ولا ينقص
    . قال تعالى ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها)
    [المنافقون: 11]
    وقال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون* ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون* إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) [الذريات: 58]
    وقال تعالى وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)
    [هود: 6]
    وقال تعالى وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم ) [العنكبوت:60].




  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ومضات عن الآجال والارزاق

    فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد...»صحيح البخاري، باب ذكر الملائكة، جـ 4، صـ 111.
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى وغفر له:
    "الرزق هنا: ما ينتفع به الإنسان؛
    وهو نوعان: رزق يقوم به البدن، ورزق يقوم به الدين.
    والرزق الذي يقوم به البدن: هو الأكل والشرب، واللباس والمسكن والمركوب، وما أشبه ذلك.
    والرزق الذي يقوم به الدين: هو العلم والإيمان، وكلاهما مراد بهذا الحديث
    شرح الأربعين النووية، لابن عثيمين،

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ومضات عن الآجال والارزاق

    يقول ابن القيم : فرغ خاطرك لله بما أمرت به .. ولا تشغله بما ضمن لك ،
    فإن الرزق والأجل قرينان مضمونان .
    فما دام الأجل باقيا, كان الرزق آتيا
    وإذا سد عليك بحكمته طريقا من طرقه,
    فتح الله لك برحمته طريقا أخر أنفع لك منه.
    فتأمل حال الجنين فى بطن أمه يأتيه غذاؤه, وهو الدم , من طريق واحدة وهو السرة ,
    فلما خرج من بطن الأم , وانقطع هذا الطريق , فتح له طريقين اثنين وأجرى له فيهما رزقا أطيب وألذ من الأول ,
    لبنا خالصا سائغا.
    فإذا تمت مدة الرضاع وانقطع الطريقان بالفطام
    فتح طرقا أربع أكمل منها : طعامان وشرابان , فالطعامان من الحيوان والنبات,
    والشرابان من المياه والألبان وما يضاف إليهما من المنافع ..
    فسبحان الله رب العالمين .. ( الفوائد ابن القيم )
    ***************
    وقال ابن القيم
    فهكذا الرب سبحانه ، لايمنع عبده المؤن شيئا من الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له.
    وليس ذلك لغير المؤمن ، فإنه الحظ الأدنى الخسيس ، ولايرضى له به ، ليعطيه الحظ الأعلى النفيس ، والعبد – لجهله بمصاح نفسيه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه – لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له ، بل هو مولع بحب العاجل ، وإن كان دنيئا ، وبقلة الرغبة في الاجل وإن كان عليا .
    ولو أنصف العبد ربه –وأنى له بذلك – لعلم أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذتها ونعيمها: اعظم من فضله عليه فيما اتاه من ذلك ، فما منعه إلا ليعطيه، ولا ابتلاه إلا ليعافيه ، ولا امتحنه إلا ليصافيه ، ولا أماته إلا ليحييه ، ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتأهب منها للقدوم عليه ، وليسلك الطريق الموصلة إليه ، ف ( جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد يذكر أو أراد شكورا 9 الفرقان ك 62 ( فأبي الظالمون إلا كفورا ) الإ سراء : 99.
    والله المستعان

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ومضات عن الآجال والارزاق

    قال ابن القيم
    لَيْسَتْ سَعَةُ الرِّزْقِ وَالْعَمَلِ بِكَثْرَتِهِ، وَلَا طُولُ الْعُمُرِ بِكَثْرَةِ الشُّهُورِ وَالْأَعْوَامِ،
    وَلَكِنَّ سَعَةَ الرِّزْقِ وَطُولَ الْعُمُرِ بِالْبَرَكَةِ فِيهِ.وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عُمْرَ الْعَبْدِ هُوَ مُدَّةُ حَيَاتِهِ،
    وَلَا حَيَاةَ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ، بَلْ حَيَاةُ الْبَهَائِمِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِهِ
    ، فَإِنَّ حَيَاةَ الْإِنْسَانِ بِحَيَاةِ قَلْبِهِ وَرُوحِهِ،
    وَلَا حَيَاةَ لِقَلْبِهِ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ فَاطِرِهِ، وَمَحَبَّتِهِ، وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَالطُّمَأْنِين َةِ بِذِكْرِهِ، وَالْأُنْسِ بِقُرْبِهِ،
    وَمَنْ فَقَدَ هَذِهِ الْحَيَاةَ فَقَدَ الْخَيْرَ كُلَّهُ،
    وَلَوْ تَعَرَّضَ عَنْهَا بِمَا تَعَوَّضَ مِمَّا فِي الدُّنْيَا،
    بَلْ لَيْسَتِ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا عِوَضًا عَنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ،
    فَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَفُوتُ الْعَبْدَ عِوَضٌ، وَإِذَا فَاتَهُ اللَّهُ لَمْ يُعَوِّضْ عَنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ.
    الجواب الكافى
    وقال ابن القيم
    قال بعض العارفين اليس المريض إذا منع الطعام والشراب والدواء يموت قالوا بلى قالوا فكذلك القلب إذا منع عنه العلم والحكمة ثلاثة ايام يموت وصدق فان العلم طعام القلب وشرابه ودواؤه وحياته موقوفة على ذلك فإذا فقد القلب العلم فهو موت لو كان لا يشعر بموته كما ان السكران الذي قد زال عقله والخائف الذي قد انتهى خوفه الى غايته والمحب والمفكر قد يبطل احساسهم بألم الجراحات في تلك الحال فإذا صحوا وعادوا الى حال الاعتدال ادركوا آلامها هكذا العبد إذا حط عنه الموت احمال الدنيا وشواغلها اختص بهلاكه وخسرانه
    فحتام لا تصحوا وقد قرب المدى ... وحتام لا ينجاب عن قلبك السكر بل سوف تصحو حين ينكشف الغطا ... وتذكر قولي حين لا ينفع الذكر فإذا كشف الغطاء وبرح الخفاء وبليت السرائر وبدت الضمائر وبعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور فحينئذ يكون الجهل ظلمة على الجاهلين والعلم حسرة على الباطلين
    مفتاح دار السعادة

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ومضات عن الآجال والارزاق

    قال ابنُ عُثيْمين - رحمَه اللهُ -:
    يقول النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حاثًا أمَّتَه على التَّوكُّلِ: «لو أنَّكم تتوكَّلون علي اللهِ حقَّ توَكُّلِه»؛ أي: توكُّلًا حقيقيًّا، تعتمدون علي اللهِ - عزَّ وجلَّ - اعتمادًا تامًّا في طلبِ رزقكم وفي غيرِه «لرزَقَكم كما يَرْزقُ الطَّيرَ»؛ الطيرُ رزقها علي الله عزَّ وجلَّ، لأنَّها طيور ليس لها مالك، فتطير في الجوِّ، وتغدوا إلى أوْكارِها، وتستجلبُ رزقَ اللهِ عزَّ وجلَّ.
    «تغْدُوا خِماصًا»: تغدُوا؛ أي: تذهبُ أوَّلَ النهارِ، لأنَّ الغدوة هي أول النهار. وخِماصًا يعني: جائعةً كما قال الله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: من الآية 3]. مخْمَصة: يعني: مجاعة.«تَغْدوا خِماصًا»؛ يعني: جائعة، ليس في بطونها شيءٌ، لكنَّها متوكلة على ربِّها عزَّ وجلَّ.«وتَروُحُ»؛ أي: ترجعُ في آخرِ النَّهار، لأنَّ الرواح هو آخرُ النَّهارِ.«بِطانًا»؛ أي: ممتلئةَ البطونِ، من رزقِ الله عزَّ وجلَّ. ففي هذا دليلٌ علي مسائل:أوَّلًا: أنَّه ينبغي للإنسانِ أنْ يعتمِدَ على الله – تعالى - حقَّ الاعتماد.ثانيًا: أنَّه ما من دابة في الأرض إلَّا علي اللهِ رزقها، حتى الطير في جو السماء، لا يمسكه في جوِّ السماءِ إلَّا الله، ولا يرزقه إلا الله عزَّ وجلَّ. كلُّ دابةٍ في الأرض، من أصغر ما يكون كالذَرِّ، أو أكبر ما يكون، كالفيلةِ وأشباهِها، فإنَّ على الله رزقُها، كما قال الله: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَه َا ﴾ [هود: من الآية 6]، ولقد ضلَّ ضلالًا مبينًا من أساء الظنَّ بربِّه، فقال لا تُكثروا الأولاد تضيق عليكم الأرزاق! كذبوا وربِّ العرش، فإذا أكثروا من الأولاد أكثر الله في رزقهم، لأنَّه ما من دابةٍ على الأرض إلا علي الله رزقها، فرزقُ أولادك وأطفالك علي اللهِ عزَّ وجلَّ، هو الذي يفتح لك أبواب الرزق من أجل أن تنفق عليهم، لكن كثير من الناسِ عندهم سوءُ ظنٍّ بالله، ويعتمدون على الأمور الماديَّة المنظورةِ، ولا ينظرون إلى المدى البعيد، وإلى قدرة الله عزَّ وجلَّ، وإنَّه هو الذي يرزق ولو كثر الأولاد. أكثرْ من الأولاد تكْثرُ لك الأرزاق، هذا هو الصحيح. وفي هذا دليلٌ – أيضا - على أنَّ الإنسان إذا توكلَّ على الله حقَّ التوكل فليفعل الأسباب. ولقد ضلَّ من قال لا أفعلُ السَّببَ، وأنا متوكِّلٌ، فهذا غير صحيحٍ، المتوكلُّ: هو الذي يفعل الأسباب متوكِّلًا علي الله عزَّ وجلَّ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «كما يرْزقُ الطَّيْرَ تغدُوا خِماصًا» تذهب لتطلب الرزق، ليست الطيور تبقي في أوْكارِها، لكنَّها تغدو وتطلبُ الرِّزقَ.فأنت إذا توكَّلتَ على اللهِ حقَّ التوكُّلِ، فلا بدَّ أن تفعل الأسباب التي شرعَها الله لك من طلبِ الرزقِ من وجهٍ حلالٍ بالزراعة، أو التجارة، بأي شيءٍ من أسباب الرزق، اطلبِ الرزقَ معتمدًا على الله، ييسر الله لك الرزق.ومن فوائدِ هذا الحديث: أنَّ الطيورَ وغيرَها من مخلوقات الله تعرف الله، كما قال الله تعالى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الإسراء: من الآية 44]، يعني: ما من شيءٍ إلَّا يُسَبِّحُ بحمْدِ اللهِ، ﴿ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾، ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: من الآية 18].فالطيور تعرفُ خالقها عزَّ وجلَّ، وتطيرُ تطلبُ الرِّزقَ بما جلبها اللهُ عليه من الفطرةِ التي تهتدي بها إلى مصالِحها، وتغدو إلى أوكارِها في آخر النَّهار بطونها ملأى، وهكذا دوَاليك في كلِّ يومٍ، والله عزَّ وجلَّ يرزقها ويُيَسِّرُ لها الرزقَ. وانظرْ إلى حكمةِ الله، كيف تغدو هذه الطيور إلى محلاتٍ بعيدة، وتهتدي بالرجوع إلى أماكنِها، لا تخطئها، لأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - أعطى كلَّ شيءٍ خلْقَه ثمَّ هدَي.
    المصدر: «شرح رياض الصالحين» (1 /557 - 560)



  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ومضات عن الآجال والارزاق

    ولو أن في صخرة صماء ململمة في البحر راسية ملس نواحيها
    رزقا لعبد براها الله لانفلقت حتى تؤدي إليه كل ما فيها
    أو كان فوق الطباق السبع مسلكها لسهل الله في المرقى مراقيها
    حتى ينال الذي في اللوح خط له فإن أتته وإلا سوف يأتيها

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ومضات عن الآجال والارزاق

    الأخذ بالأسباب من شيم المرسلين وأولي الألباب والصالحين ومن تمسك به تمسك بالهدى المستقيم، وتركه من شيم البطالين
    فها هو نوح عليه السلام أمره ربه تبارك وتعالى بإعداد سفينة عملاقة لحمل الأحياء من كل زوجين اثنين ومن آمن من البشر ولو شاء الله أن ينجيه لنجاه ولكنه أرشده إلى الأخذ بالأسباب.
    وها هو موسى عليه السلام أمره ربه تبارك وتعالى أن يضرب البحر بعصاه، وهل تشق العصى البحر؟! ولكنها الأسباب, فإذا بالبحر فرقتين كل فرق كالطود العظيم ولو شاء الله أن يجعله كذلك من غير ضرب بالعصا لفعل ولكنه يُعلِّم أنبياءه وعباده الصالحين الأخذ بالأسباب، وكذا ضربه الحجر بالعصا لينفجر منه اثنتا عشرة عينا كل هذا لتأخذ الأسباب نصيبها من حياة الإنسان.
    وها هي مريم عليها السلام أمرها ربها تبارك وتعالى -وهي فى المخاض- أن تهز النخلة لتسقط عليها رطبًا جنيًا، ومعلوم أن المرأة أضعف ما تكون قوة في هذه الحال، ومع هذا أيضًا لو هز النخلة عشرة رجال من جذعها لما تساقطت ثمرة واحدة ولكنها الأسباب.

    ألم تر أن الله أوحى لمريم *** وهزى إليك الجذع تسَّاقط الرطب
    ولو شاء أن تجنيه من غير هزها *** جنته ولكن كل شيء له سبب

    وها هو ذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جاهد الكفار والمشركين وحفر الخندق حول المدينة، وكان يمشى فى الأسواق لتحصيل الرزق, وكان يقول: (جُعْلَ رِزْقِى تَحْتَ ظِلِ رُمْحِى), (صحيح): أحمد ، صحيح الجامع 2831.
    وروي عنه أنه قال: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة وإن الله يقول {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة10].
    فالذى ينام فى بيته ويريد أن يرزقه الله دون أدنى تعب أو أخذ بأسباب الرزق مخالف لمنهج الأنبياء والصالحين، بل إن هذا المذهب كان له تأثيره السلبي على الإسلام والمسلمين فى عصور الضعف حيث قعد بهم عن الأخذ بأسباب القوة والتفوق على الأعداء وقد كان يُرجى منهم أن يكونوا محركين العالم فى تفوقه ورفعته بل وقيادته، ولكن ما هم فيه أكبر دليل على تخلفهم عن الأخذ بالأسباب

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: ومضات عن الآجال والارزاق

    بارك الله فيك ...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •