تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: نعت أهل الإيمان في السنَّة الغرَّاء

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي نعت أهل الإيمان في السنَّة الغرَّاء

    نعت أهل الإيمان في السنَّة الغرَّاء(1)







    موفَّق شيخ إبراهيم





    الحمد لله الذي أنشأ فأحسن الإنشاء، وقدَّم وأخَّر كما شاء، وسلامٌ على من اصطفى واختار، وبعد:

    ففي الصحيحين واللفظ لمسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، تفيئها الريح وتصرعها مرَّة، وتعدلها أخرى حتى تهيج؛ ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذبة على أصلها، لا يفيئها شيءٌ حتى يكون انجعافها مرة واحدة ".

    معنى الحديث والله أعلم، أن المسلم يجزى بمصائب الدنيا فتكون له كفَّارة، روى هذا أبيُّ بن كعب وعائشة ومجاهد، وروي عن الحسن وابن زيد أنه فى الكفَّار خاصة، والقول الأول له ما يشهده من نصوص السنَّة الغرَّاء، وروي عن ابن مسعود أنه قال: الوجع لا يكتب به الأجر ولكن تُكفَّر به الخطيئة. وقد ذكر البخاريُّ فى كتاب الجهاد فى باب يكتب للمسافر ماكان يعمل فى الإقامة في حديث أبي موسى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إذا مرض العبد أو سافر كتِب له ما كان يعمل مقيماً صحيحاً ". وفي الحديث أنه من كانت له عادة من عمل صالح، ومنعه الله منه بالمرض أو السفر، وكانت نيِّته لو كان صحيحاً أو مقيماً أن يدوم عليه ولايقطعه، فإن الله تعالى يتفضَّل عليه بأن يكتب له ثوابه، وأما من لم يكن له تنفُّل ولاعمل صالح، فلا يدخل فى معنى الحديث؛ لأنه لم يكن يعمل فى صحته أو لإقامته مايكتب له فى مرضه وسفره.

    والخامة الغضَّة الرطبة الليِّنة من الزرع، وإنما نحن مثل خامة زرع فمتى يأنِ يأت محتصده.

    حال المؤمن كما يصوره الحديث، من حيث جاء أمر الله انطاع له ولان ورضيه، وإن جاءه مكروه رجا فيه الخير والأجر، فإذا سكن البلاء عنه اعتدل قائماً بالشكر له على البلاء والاختبار، وعلى المعافاة من الأمر والاجتياز، ومنتظراً لاختيار الله له ماشاء مما حكم له بخيره فى دنياه وكريم مجازاته فى أخراه، فالمؤمن كثير الآلام في بدنه أو أهله أو ماله، وذلك مكفِّرٌ لسيئاته، ورافع لدرجاته، والكافر كالأرزة، والأرزة بتسكين الراء هي شجر معروف بالشام، يقال له: الأرز، واحدها: أرزة، وهو الذي يسمَّى بالعراق الصنوبر، وإنما الصنوبر ثمر الأرز، سمِّي الشجر صنوبراً من أجل ثمره.

    إذن الكافر كالأرزة صمَّاء معتدلة لا يتفقده الله باختبار، بل يعافيه فى دنياه وييسِّر عليه فى أموره ليعسر عليه فى معاده، حتى إذا أراد الله إهلاكه قصمه قصم الأرزة الصماء، فيكون موته أشدَّ عذاباً عليه، وأكثر ألماً في خروج نفسه من ألم النفس المليَّنة بالبلاء المأجور عليه؛ والأرز من أصلب الخشب، فالكافر قليل ابتلاؤه، وإن وقع به شيءٌ لم يكفِّر شيئاً من سيئاته، بل يأتي بها يوم القيامة كاملة.

    وأعود للتأكيد على المعنى، ففي الحديث تشبيه المؤمن بالخامة التي تميلها الريح لأنه مرزأ في نفسه، وأهله، وولده، وماله، والكافر كمثل الأرزة التي لا تميلها الريح أي لا يرزأ شيئاً، وإن أرزي لم يؤجر عليه حتى يموت، فشبَّه موته بانجعاف تلك، حتى يلقى الله عز وجل بذنوبه. نسأل الله العافية والعصمة من الزلل، ونرجو امتنانه وفضله.

    وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,495

    افتراضي رد: نعت أهل الإيمان في السنَّة الغرَّاء

    نعت أهل الإيمان في السنَّة الغرَّاء(2)


    موفَّق شيخ إبراهيم




    الحمد لله الذي أنشأ فأحسن الإنشاء، وقدَّم وأخَّر كما شاء، وسلامٌ على من اصطفى واختار، وبعد:

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بسندٍ حسنٍ في بيانه الناصع الأغرِّ:" مَثَلُ المؤمن مَثُلُ النحلة لا تأكل إلا طيباً ولا تضع إلا طيباً ".

    إذا أطلق المؤمن غالباً أنه يعني به المؤمن الذي تكاملت فيه خصال الخير باطناً، وأخلاق الإسلام ظاهراً، وفي الحديث تشبيه المؤمن بالنحلة لقلة مؤنتها وكثرة نفعها؛ إن وقفت على عودٍ نخرٍ لم تكسره، وإن وردت على ماء لم تكدِّره.

    قال عليٌّ رضي الله عنه:" كونوا في الدنيا كالنحلة، كلُّ الطير يستضعفها! وما علموا ما ببطنها من النفع والشفاء!".

    هي لا تأكل بمرادها وما يلذُّ لها، بل تأكل بأمر مسخرٍّها من كلِّ الثمرات، حلوها ومرِّها لا تتعدَّاه إلى غيره من غير تخليط! فلذلك طاب وصفها لذة وحلاوة وشفاء؛ فكذا المؤمن لا يأكل إلا طيباً وهو الذي نبت واهتدى بمنهج ربه لا بهوى نفسه، فلذلك لا يصدر من باطنه وظاهره إلا طيب الأفعال وذكيَّ الأخلاق وصالح الأعمال فلا يطمح في صلاح الأعمال إلا بعد طيب الغذاء، وبقدر صفاء حلِّه تنمو أعماله وتذكو.

    قال ابن الأثير رحمه الله:" وجه المشابهة بين المؤمن والنحلة، حذق النحلة وفطنته وقلة أذاه وقنوعه وسعيه في الليل وتنزهه عن الأقذار وطيب أكله، وأنه لا يأكل من كسب غيره، ونحوله وطاعته لأميره، وإن للنحل آفاتٌ تقطعه عن عمله منها: الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار، وكذلك للمؤمن آفات تقطعه عن عمله: ظلمة الغفلة، وغيم الشك، وريح الفتنة، ودخان الحرام، وماء الخمر، ونار الهوى ".

    إذن المعنى الذي رامه المربِّي الأول صلوات الله وسلامه عليه، أنَّ المؤمن طيِّب المعدن مبارك المنبت سليم الطويَّة عفيف النفس كريم السجايا لطيف المعشر خفيف الظلِّ والمحمل نزيه التعامل سمح التقاضي جواد اليد سخيَّ العطاء زكيَّ الخلال نبيل المناقب نجيب الخليقة ليٍّن الجانب مستعجل الفيء والرضا، تجمَّل بالمحامد وتحلَّى بالوداعة واتخذ من أحسن الخلق مطيِّة ومن اليد البيضاء علامة ومن صنيعة المعروف زمالةً ومن إغاثة الملهوف مسلكاً ومن الإحسان سجيٍّة، قريباً من الكمال، سريع المبادرة، حثيث الخطى في التفاني، أسر الآخرين بجميل فضله وامتنانه، واختار لمطعمه ومشربه أطايبه!.

    جميعنا يناشد المولى القريب المجيب أن يجعلنا من أهل الإيمان، ومن أهل القبول عنده وعند عباده القانتين المخبتين، ولا غرو في ذلك فهو تبارك في علاه أفضل من دُعيَ وأكرم من استجاب.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •