تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: لا يستقيم معرفة التوحيد بتفاصيله إلا بالإيقان بنفي الشرك بأنواعه.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي لا يستقيم معرفة التوحيد بتفاصيله إلا بالإيقان بنفي الشرك بأنواعه.

    قول الطحاوى رحمه الله (إن الله واحد لا شريك له) دل على أن التوحيد أعظم ما يفسر به نفي الشريك عن الله - عز وجل -، (نقول في توحيد الله إن الله واحد لا شريك له)
    فالتوحيد يفسر بضده وهو نفي الشرك
    كما قال الشاعر:
    فالضد يظهر حسنه الضد ****** وبضدها تتبين الأشياء
    فقد لا يستقيم معرفة التوحيد بتفاصيله إلا بالإيقان بنفي الشرك بأنواعه.
    لهذا نقول هنا قوله (لا شريك له) هذا عام
    يشمل نفي الشريك في الربوبية،
    ونفي الشريك في الألوهية،
    ونفي الشريك في الأسماء والصفات.
    1
    - النوع الأول من أنواع نفي الشريك في قوله (لا شريك له) نفي الشريك لله في ربوبيته:-
    والشركة في الربوبية راجعة إلى جعل المخلوق له من صفات الرب - عز وجل - في صفات الربوبية؛
    يعني أن يجعل للمخلوق تصرفا.
    إذا جعل للمخلوق تصرفا في الكون مما يختص به الله - عز وجل -،
    فهذا ادعاء للشريك معه في الربوبية.
    أو أن يعتقد أن الله معه معين أو ظهير أو وزير.
    وهذا كله منفي، وكل هذا داخل في الاشتراك في الربوبية، كما قال - عز وجل - {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير}[سبإ:22]،
    فذكر أنواع الاشتراك في الربوبية:
    - إما شركة مستقلة {لا يملكون مثقال ذرة} يعني استقلالا.
    - أو معاونة.
    - أو اتخاذ ظهير ووزير لله - عز وجل -.
    وهذه المعتقدات موجودة في طوائف من هذه الأمة.
    والإيمان بتوحيد الربوبية ونفي الشركة في الربوبية
    على درجتين:
    أ - الدرجة الأولى:
    واجبة على كل مكلف، ومن لم يأت بها فليس بموحد، بل هو مشرك،
    وهو ما ذكرنا من الاعتقاد بأن الله واحد في ربوبيته؛ في أفعاله سبحانه، فهو الخالق وحده، وهو الرزاق وحده، وهو المحيي المميت وحده، وهو النافع الضار وحده - عز وجل -،
    وهو مدبر الأمور وحده، وهو خالق الخلق وحده، إلى آخر أفراد ذلك، وهذه واجبة على كل أحد.
    ب - الدرجة الثانية:
    وهي مرتبة للخاصة وأهل العلم وهي شهود آثار الربوبية في خلق الله - عز وجل -، وهذه بحيث لا يرى غير الله - عز وجل - مؤثرا في هذا الملكوت، ولو كان تأثير معلولات عن علل، أو تأثير مسببات عن أسباب، فإنه يرى أن لا مؤثر في الحقيقة ولا خالق إلا الله - عز وجل -، وينظر لذلك في الملكوت متفكرا، متدبرا.
    وهذه حال الخاصة وهي مستحبة،وهي لأهل العلم ولأهل الإيمان، وليست واجبة على كل أحد،
    كما قال سبحانه {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب(190)الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا}[آل عمران:190-191]، وكما وصف الله - عز وجل - بعض عباده بالتفكر والنظر والتدبر في خلق الله - عز وجل -،
    بل أمر بذلك في بعض الآيات بقوله {قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون}[يونس:101]، وكقوله {أولم يتفكروا}[الأعراف:184]، وكقوله - عز وجل - {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا}[سبإ:46]، فهذا التفكر في ربوبية الله - عز وجل -، في خلق الله يدل على توحيده في الربوبية، وهو حال الخاصة، كما قال الحسن البصري رحمه الله(عاملنا القلوب بالتفكر فأورثها التذكر، فرجعنا بالتذكر على التفكر، وحركنا القلوب بهما، فإذا القلوب لها أسماع وأبصار)(1).
    وهذه عند أهل البدع وأهل الكلام مطلوبة وواجبة لمن كان أهلا لها.
    فيوجبون النظر، ويوجبون التفكر، ولا يصح إيمان أحد - عند طائفة منهم- ممن كان أهلا للنظر إلا بالنظر.
    فلو مات المتأهل للنظر من غير نظر لم يكن مؤمنا بربوبية الله - عز وجل -، وإن كانت تجري عليه أحكام أهل الإسلام في الدنيا فإنهم لا يجرون عليه أحكام أهل الإسلام في الآخرة على تفصيل مذهب أهل الكلام في ذلك.
    2 -
    النوع الثاني من أنواع نفي الشريك في قوله (لا شريك له) نفي الشريك لله في إلهيته:-
    والإلهية معناها العبادة، يعني لا شريك له في عبادته، كما دلت عليها كلمة التوحيد (لا إله إلا الله وحده لا شريك له).
    فيعتقد أن الله - عز وجل - ليس معه إله يستحق العبادة، وأن كل من أدعي فيه الإلهية وأنه يعبد، فإنما عبد بالبغي والظلم والعدوان والتعدي.
    وكل من أشرك بالله - عز وجل - فهو ظالم أبشع الظلم وأكبر الظلم؛ لأنه سبحانه توعد أهل الشرك بالنار، بل أوجب لهم النار في قوله {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}(2) وكما قال المسيح عليه السلام {وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}[المائدة:72].
    لبيان هذا التوحيد وما يتصل به كتب توحيد العبادة المعروفة ومن أعظمها وأشملها كتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
    3 -
    النوع الثالث من أنواع نفي الشريك في قوله (لا شريك له) نفي الشريك لله في الأسماء والصفات:-
    وذلك بأن يعتقد أن الله - عز وجل - لا شريك له في كيفية اتصافه بالصفات.
    يعني لا مماثل له، ولا مشابه له في كيفية اتصافه بالصفات.


    وأنه سبحانه لا شريك له في المعنى المطلق لصفاته سبحانه ولأسمائه، ولا مشابه له في المعنى المطلق لأسمائه وصفاته.
    وأن اشتراك بعض خلقه معه سبحانه في الصفات إنما هو اشتراك في مطلق المعنى وفي أصله لا في المعنى المطلق ولا في كماله ولا في الكيفية.
    فيعتقد أنه لا شريك له في صفاته ولا في أسمائه ولا في أفعاله سبحانه، بل {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}[الشورى:11].
    لأجل هذا المعنى العام، عطف عليها المصنف بقوله (ولا شيء مثله ولا شيء يعجزه ولا إله غيره) كما سيأتي تفصيل الكلام على هذه المسائل في ذكر معنى هذه الجمل الثلاث.
    إذا هذا إجمال لمعنى التوحيد ونفي الشريك، ويأتي تفصيلها مع بيان كل مسألة:
    توحيد الربوبية وأبحاثه، توحيد الأسماء والصفات وأبحاثه، توحيد الإلهية وأبحاث توحيد الإلهية.
    بقي أن نقول: إن في قوله (نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله إن الله واحد لا شريك له) إن هذه العبارة (لا شريك له) تفسيرها على طريقة أهل السنة ذكرناها.
    وأما أهل البدع فيقولون في تفسير (واحد لا شريك له) عبارات مختلفة تجدونها في التفاسير، ويكثر منها أهل البدع.
    فيقولون في تفسير (واحد):
    واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شريك له، وواحد في أفعاله لا ند له.
    وفي قولهم في أولها (واحد في ذاته لا قسيم له) هذه من التعبيرات المحدثة، وإن كان يمكن أن تحتمل معنى صحيحا؛ لكن التوحيد والأحدية تفسر بواحديته سبحانه وأحديته في ربوبيته وإلهيته وفي أسمائه وصفاته.
    وأهل البدع في التوحيد اختلفت عباراتهم؛ وسبب اختلاف عباراتهم في التوحيد أنهم نظروا في تعريف التوحيد إلى حال النصارى وأهل الملل، ففسروا التوحيد بما يخالف ما عليه بعض الطوائف.
    فقالوا (واحد في ذاته لا قسيم له) يعني نفيا للأقانيم الثلاثة التي هي صور لله - عز وجل - مختلفة كما هو اعتقاد النصارى أو طائفة من النصارى، وكذلك اعتقاد السنوية والذين يقولون أن ثم إلهين، هو إله واحد لكن له أقنومان شيء للخير وشيء للشر.
    والله ـ واحد في ذاته وأسمائه وصفاته، واحد في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ـ.[شرح الطحاوية للشيخ صالح ال الشيخ]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: لا يستقيم معرفة التوحيد بتفاصيله إلا بالإيقان بنفي الشرك بأنواعه.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    ب - الدرجة الثانية:
    وهي مرتبة للخاصة وأهل العلم وهي شهود آثار الربوبية في خلق الله - عز وجل -، وهذه بحيث لا يرى غير الله - عز وجل - مؤثرا في هذا الملكوت، ولو كان تأثير معلولات عن علل، أو تأثير مسببات عن أسباب، فإنه يرى أن لا مؤثر في الحقيقة ولا خالق إلا الله - عز وجل -، وينظر لذلك في الملكوت متفكرا، متدبرا.
    وهذه حال الخاصة وهي مستحبة،وهي لأهل العلم ولأهل الإيمان، وليست واجبة على كل أحد،
    س1/ قد يفهم من الدرجة الثانية من توحيد الربوبية نفي الأسباب أو آثارها؟
    ج/ لا يفهم ذلك؛ لأن المقصود أن يرى، أن يشهد آثار الأسماء والصفات، وشهود آثار الأسماء والصفات، هذا ليس نفيا للأسباب، بل هو جعل الأسباب أسبابا، وعدم مجاوزتها لكونها أسبابا، فيرى أن الفاعل هو الله - عز وجل -، وأنه سبحانه أجرى الأسباب بجعلها أسبابا، وأنتج سبحانه وتعالى عنها مسبباتها، وأن العلل تنتج معلولاتها، وأن المؤثرات تنتج الآثار، إلى غير ذلك مما هو معلوم من اعتقاد أهل التوحيد.[شرح الطحاوية للشيخ صالح ال الشيخ ]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •