تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة

    858 - " اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، و اتقوا الشح ، فإن الشح أهلك
    من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم و استحلوا محارمهم " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 538 :
    أخرجه مسلم ( 8 / 18 ) و البخاري في " الأدب المفرد " ( 483 ) و أحمد ( 3 / 323
    ) عن داود بن قيس عن عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله
    صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
    و طرفه الأول ورد من حديث عبد الله بن عمر مرفوعا بلفظ : " أيها الناس اتقوا
    الظلم ، فإنه ظلمات يوم القيامة " . أخرجه أحمد ( 2 / 92 ، 106 ، 136 ) من طريق
    عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن عمر به . و هذا إسناد رجاله ثقات رجال
    البخاري لكن عطاء كان اختلط . و له طريق أخرى عنه مختصر بلفظ : " الظلم ظلمات
    يوم القيامة " . أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 3 / 113 ) و في " الأدب المفرد "
    ( 475 ) و مسلم و أحمد ( 2 / 137 ، 146 ) عن عبد الله بن دينار عنه .
    و له شاهد بتمامه دون قوله " اتقوا الظلم " من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص
    مرفوعا به و لفظه : " الظلم ظلمات يوم القيامة و إياكم و الفحش ، فإن الله لا
    يحب الفحش و لا التفحش و إياكم و الشح ، فإن الشح أهلك من كان قبلكم ، أمرهم
    بالقطيعة فقطعوا و أمرهم بالبخل فبخلو و أمرهم بالفجور ففجروا " . أخرجه أحمد
    ( 2 / 159 ) و إسناده صحيح . و أخرج الدارمي ( 2 / 240 ) منه أوله بلفظ : "
    إياكم و الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " . و أخرج منه " إياكم و الشح
    ... " أبو داود ( 1 / 268 ) و الحاكم ( 1 / 415 ) و قال : " صحيح الإسناد " .
    و وافقه الذهبي . و أخرجه أحمد ( 2 / 195 ) أيضا مثل رواية الدارمي مع اللفظ
    الذي قبله . و له بهذا التمام طريق أخرى عن ابن عمرو ، فقال الحسن بن عرفة في "
    جزئه " ( رقم 91 - منسوختي ) : أنبأنا عمر بن عبد الرحمن أبو حفص الأبار عن
    محمد بن جحادة عن بكر بن عبد الله المزني عنه به .
    قلت : و إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير الأبار هذا ، و هو ثقة .
    و له بهذا التمام شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به . أخرجه أحمد ( 2 / 331 )
    من طريقين عن سعيد بن أبي سعيد عنه .
    قلت : و إحداهما صحيح الإسناد على شرط الشيخين ، و الأخرى جيدة . و قد أخرجها
    ابن حبان ( 1566 ) .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة

    79 من: (باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم)
    26- باب تحريم الظلم والأمر بردِّ المظالم
    قَالَ الله تَعَالَى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18]، وقال تعالى: وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [الحج:71].
    وأمَّا الأحاديث: فمنها حديث أبي ذرٍّ المتقدم في آخر باب المجاهدة.
    1/203- وعن جابرٍ : أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حملَهُمْ عَلَى أَنْ سفَكوا دِماءَهُمْ، واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ رواه مسلم.
    2/204- وعن أَبِي هريرة : أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: لَتُؤَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقيامَةِ حَتَّى يُقَادَ للشَّاةِ الْجَلْحَاء مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاء رواه مسلم.
    3/205- وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال: كُنَّا نَتحدَّثُ عَنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالنَّبِيُّ ﷺ بَيْن أَظْهُرِنَا، وَلا نَدْرِي مَا حَجَّةُ الْوَدَاع، حَتَّى حَمِدَ اللَّهَ رَسُولُ اللَّه ﷺ، وَأَثْنَى عَليْهِ، ثُمَّ ذَكَر الْمسِيحَ الدَّجَالَ، فَأَطْنَبَ في ذِكْرِهِ، وَقَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبيٍّ إلَّا أَنْذَرَهُ أُمَّتَهُ: أَنْذَرَهُ نوحٌ وَالنَّبِيُّون مِنْ بَعْدِهِ، وَإنَّهُ إنْ يَخْرُجْ فِيكُمْ فَما خَفِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ أنَّ رَبَّكُمْ لَيس بأَعْورَ، وَإِنَّهُ أَعورُ عَيْن الْيُمْنَى، كَأَنَّ عيْنَهُ عِنبَةٌ طَافِيَةٌ. ألا إنَّ اللَّه حرَّم علَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوالَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في بلدِكُمْ هذا، في شَهْرِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلاثًا وَيْلَكُمْ –أَوْ: ويحكُمْ- انظُرُوا: لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ رواه البخاري، وروى مسلمٌ بعضه.
    4/206- وعن عائشةَ رضي الله عنها: أنَّ رَسُول الله ﷺ قَالَ: مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ متفقٌ عليه.


    الشيخ:
    بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلِّمْ على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
    أما بعد:
    فهذه الآيات والأحاديث في تحريم الظلم، والظلم عاقبته وخيمة، وشرّه عظيم، وهو من الفساد في الأرض، ولهذا حرَّمه الله لما يترتب عليه من العدوان والشر والفساد والبغضاء والعداوة، يقول الله جل وعلا: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18]، والظلم إذا أُطلق يُراد به الشرك الأكبر، كما في هذه الآية: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18]، وقال تعالى: وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ [الشورى:8]، وقال تعالى: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان:19]، ويقول النبي ﷺ: يقول الله : يا عبادي، إني حرَّمْتُ الظلمَ على نفسي وجعلته بينكم محرَّمًا، فلا تظالموا، فالله حرَّم الظلم على نفسه لأنه الحكم العدل جل وعلا، فالواجب على العباد ألا يتظالموا، وأن يحذروا الظلم في النفس، وفي المال، وفي العرض.
    ويقول ﷺ: اتَّقوا الظلمَ؛ فإنَّ الظلم ظُلُماتٌ يوم القيامة، واتَّقوا الشُّحَّ؛ فإنه أهلك مَن كان قبلكم، الشح: البخل والحرص على المال بغير حقِّه حملهم -الشح والبخل- على أن سفكوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم.
    ويقول ﷺ: لَتُؤَدَّنَّ الحقوقُ إلى أهلها حتى يُقتصَّ للشاة الجلحاء من الشاة القرناء.
    الجلحاء: التي ما لها قرن، والقرناء: ذات القرون؛ لأنها قد تُؤذيها في الدنيا، فيُقتص لها يوم القيامة، فإذا اقتُصَّ للبهائم فكيف بالمكلفين؟ الأمر أعظم.
    ويقول ﷺ: كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه.
    ويقول ﷺ في حجة الوداع: إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟.
    فالواجب الحذر من الظلم في جميع الأحوال: في النفس والمال والعرض، في النفس: بالقتل أو غيره، وفي المال: بالسرقة وغيرها، وفي العرض: بالغيبة والشتم ونحو ذلك.
    فالواجب على المسلم أن يحذر أنواعَ الظلم كلها، وأن يتَّقي الله في ذلك، يرجو رحمته، ويخشى عقابه .
    وذكر في حديث الدجال أنه يكون في آخر الزمان، وأنه أعور العين اليمنى، كأنها عنبةٌ طافية.
    والدجال سُمِّيَ دجَّالًا لكثرة كذبه، فإنه يخرج في آخر الزمان ويدَّعي أنه نبي، ثم يدَّعي أنه ربّ العالمين، وهو كذّاب دجال كما سمَّاه الرسول ﷺ، وكما جاء في الأحاديث الكثيرة، وبيَّن ﷺ أنه لا ينبغي أن يخفى على أحدٍ؛ لأنه أعور العين اليمنى، كأنها عنبة طافية، والله جل وعلا ليس بأعور، ثم يمكث في الأرض أربعين يومًا، ثم يُهلكه الله، ولكن يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كأسبوع، وباقي أيامه كأيامنا، فيُهلكه الله في باب لُدٍّ في الشام، في بيت المقدس بعدما ينزل عيسى عليه الصلاة والسلام، ويكون قتله على يد عيسى عليه الصلاة والسلام، والمسلمون مع عيسى يُحاصرون الدجال واليهود، ويقتلونهم قتلًا عظيمًا، فيقتلون الدجال، ويقتلون اليهود مع الدجال -قبَّحه الله وكفانا شرّه-.
    وكذلك حديث عائشة رضي الله عنها، تقول: عن النبي ﷺ أنه قال: مَن ظلم قيد شبرٍ من الأرض طوَّقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين، هذا فيه تحذيرٌ من الظلم ولو قليلًا، وأنَّ مَن ظلم مقدار الشبر طُوِّق هذا من سبع أرضين، وهذا وعيدٌ عظيمٌ -نسأل الله العافية-.

    الأسئلة:

    س: ما معنى التطويق؟
    ج: يجعل طوقًا في عنقه –نسأل الله العافية-.
    س: ومَن قال أنه الخسف؟
    ج: يُروى في اللفظ الآخر: خُسِفَ به، وجاء أنه الطوق، ولا مانع أن يُخسف به ويجعل طوقًا جميعًا –نسأل الله العافية.
    س: الظلم عاقبته تُطبَّق على غير المسلمين؟
    ج: الظلم عام، المسلمين وغير المسلمين، لكن في حقِّ المسلم أشدّ؛ لأنَّه يعرف حكم الله ويتدين بحكم الله، والكافر قد يكون جاهلًا، لا يفهم، وإلا فهم مخاطبون بفروع الشريعة، ويُعذَّبون على معاصيهم وسيئاتهم مع الشرك -نسأل الله العافية-.
    س: هذا أحد الطلاب يسأل ويقول: ما رأيكم في حديث: قال رسول الله ﷺ: مَن قال: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه؛ غُفِرَ له ذنوبه ولو كان فارًّا من الزحف؟
    ج: هذا جاء عن النبي ﷺ، والمعنى -لو صحَّ- أنه إذا كان تاب توبةً صحيحةً، فالإنسان إذا استغفر باللسان ما يصير توبةً، التوبة تكون مع إقلاع القلب وندمه وعدم إصراره، فإذا تاب توبةً صادقةً محا الله ذنوبه كلها سبحانه، فالتوبة يمحو الله بها الذنوبَ كلها.
    س: مثلية الأرضون السبع كالسماوات السبع في قوله تعالى: وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ [الطلاق:12] مثليتها كذلك أن يكون بينها فاصلٌ؟
    ج: الله أعلم.
    س: يقول النبيُّ ﷺ عن الغيبة: ذكرك أخاك بما يكره، هل فيه تحديدٌ أنه الأخ المعلوم أو الأخ غير المعلوم؟
    ج: أخٌ مسلم، يعني: ذكرك أخاك المسلم: بخيل، شحيح، قاطع رحم، يذكره بالأشياء التي يسُبّه بها.
    س: "لا غيبة لمجهولٍ" هل هذا صواب؟
    ج: نعم، المجهول ما له غيبة، مثل: آل فلان فيهم كذا، أو بعض الناس يفعلون كذا، ما هي بغيبة، لا بدّ من تعيينه.
    س: قال أحد الذين تعرفهم لكن هم ستة فيهم كذا وكذا وكذا؟
    ج: الغيبة لا بد أن تكون لمعينٍ، أما المجهول فلا غيبةَ له.
    س: وأي شيءٍ الذي أخرج الحديث؛ لأنَّ النبي ﷺ قال: أخاك يعني: أي أخٍ؟
    ج: نعم؛ لأنَّ المجهول ما عرف ضرّه، إذا قال: فيه كذا وكذا، حتى يشيع البغضاء والعداوة، فما عرفوه، مثلما قال ﷺ لما مرُّوا بجنازةٍ وشهدوا لها شرًّا، فقال: وجبت، والآخر شهدوا لها خيرًا فقال: وجبت. ولم يُنْكِر عليهم؛ لظهور الشر، ولأنهم ما سموا وقالوا: فلان بن فلان.
    س: قوله تعالى: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان:19] هذا في الشرك الأكبر والأصغر؟
    ج: في الشرك الأكبر يقينٌ، وفي الشرك الأصغر إن لم يعفُ الله عنه، أو تكون له حسنات ماحية، ففي الشرك الأصغر قد يُعذَّب على قدر الشرك الأصغر، وقد يرجح ميزانُه بحسناتٍ عظيمةٍ فلا يدخل النارَ، بخلاف الشرك الأكبر فإنَّه محتِّمٌ لدخوله النار وخلوده فيها -نسأل الله العافية-.

    https://binbaz.org.sa/audios/2228/79...A7%D9%84%D9%85


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة

    شرح حديث جابر: "اتقوا الظلم"

    عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اتقُوا الظُّلْمَ؛ فإن الظلم ظلُمات يوم القيامة، واتقوا الشُّحَّ؛ فإن الشح أهلَكَ من كان قبلكم؛ حمَلَهم على أن سفَكوا دماءهم، واستحَلُّوا محارمهم))؛ رواه مسلم.الشرح:قال المؤلف – النووي رحمه الله -: باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم: قال الله تعالى: ﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [الحج: 71].وأما الأحاديثُ، فمنها حديث أبي ذر رضي الله عنه المتقدمُ في آخر باب المجاهدة.وعن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اتقُوا الظُّلْمَ؛ فإن الظلم ظلُمات يوم القيامة، واتقوا الشُّحَّ؛ فإن الشح أهلَكَ من كان قبلكم؛ حمَلَهم على أن سفَكوا دماءهم، واستحَلُّوا محارمهم))؛ رواه مسلم.

    قال سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: "باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم"؛ يعني إلى أهلها. هذا الباب يشتمل على أمرين:الأمر الأول: تحريم الظلم.والأمر الثاني: وجوب ردِّ المظالم.واعلم أن الظلم هوالنقص، قال الله تعالى: ﴿ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا ﴾ [الكهف: 33]، يعني لم تنقص منه شيئًا، والنقص إما أن يكون بالتجرُّؤ على ما لا يجوز للإنسان، وإما بالتفريط فيما يجب عليه، وحينئذٍ يدور الظُّلمُ على هذين الأمرين؛ إما ترك واجب، وإما فعلُ محرَّم.والظلم نوعان: ظلم يتعلَّق بحقِّ الله عز وجل، وظلمٌ يتعلَّق بحق العباد، فأعظَمُ الظلمِ هوالمتعلِّق بحق الله تعالى والإشراك به؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أيُّ الذنب أعظَمُ؟ فقال: ((أن تجعل لله نِدًّا وهوخلَقَك))، ويليه الظلم في الكبائر، ثم الظلم في الصغائر.أما في حقوق عباد الله، فالظلم يدور على ثلاثة أشياء، بيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم في خُطبة حجَّة الوداع، فقال: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم، كحُرمةِ يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)):الظلم في النفس هوالظلم في الدماء، بأنْ يعتدي الإنسان على غيره بسفك الدماء، أوالجروح، أوما أشبَهَ ذلك.والظلم في الأموال بأن يعتدي الإنسان ويظلم غيره في الأموال، إما بعدم بذلِ الواجب، وإما بإتيان محرَّم، وإما بأن يمتنع من واجب عليه، وإما بأن يفعل شيئًا محرمًا في مال غيره.وأما الظلم في الأعراض، فيشمل الاعتداء على الغير بالزنا، واللواط، والقذف، وما أشبه ذلك.وكل الظلم بأنواعه محرَّمٌ، ولن يجد الظالم من ينصُره أمام الله تعالى؛ قال الله تعالى: ﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18]؛ أي: إنه يوم القيامة لا يجد الظالمُ حميمًا - أي: صديقًا - يُنجيه من عذاب الله، ولا يجد شفيعًا يشفع له فيُطاع؛ لأنه منبوذ بظُلمِه وغشمه وعُدْوانه، فالظالم لن يجد من ينصره يوم القيامة، وقال تعالى: ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [البقرة: 270]، يعني لا يجدون أنصارًا ينصُرونهم ويُخرِجونَهم من عذاب الله سبحانه وتعالى في ذلك اليوم.ثم ذكر المؤلِّف - رحمه الله - حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: "اتقُوا الظُّلمَ" اتقوا: يعني احذروا، والظلم هوكما سبق يكون في حقِّ الله، ويكون في حق العباد، فقوله صلى الله عليه وسلم: "اتقُوا الظُّلمَ" أي: لا تظلموا أحدًا، لا أنفسَكم ولا غيرَكم، "فإن الظُّلم ظلماتٌ يوم القيامة"، ويوم القيامة ليس هناك نور إلا من أنار الله تعالى له، وأما من لم يجعل الله له نورًا، فما له من نور، والإنسان إن كان مسلمًا فله نور بقدر إسلامه، ولكن إن كان ظالمًا فقَدَ مِن هذا النور بمقدار ما حصل من الظلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة)).ومن الظلم: مَطْلُ الغنيِّ، يعني ألا يوفي الإنسان ما عليه وهوغني به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَطْلُ الغنيِّ ظُلمٌ))، وما أكثر الذين يماطلون في حقوق الناس، يأتي عليه صاحب الحق فيقول: يا فلان، أَعطِني حقِّي، فيقول: غدًا، فيأتيه من غدٍ، فيقول: بعد غدٍ، وهكذا، فإن هذا الظلم يكون ظلماتٍ يوم القيامة على صاحبه."واتقوا الشُّحَّ" الحرص على المال؛ "فإنه أهلَكَ من كان قبلكم"؛ لأن الحرص على المال - نسأل الله السلامة - يوجب للإنسان أن يَكسِبَ المال من أيِّ وجه كان، من حلال أوحرام؛ بل قال النبي عليه الصلاة والسلام: "حمَلَهم"؛ أي حمل مَن كان قبلنا "على أن سفَكوا دماءهم واستحَلوا مَحارمهم" يسفك الشحيح الدماء إذا لم يتوصل إلى طمعِه إلا بالدماء، كما هوالواقع عند أهل الشحِّ، يقطعون الطريق على المسلمين، ويقتُلون الرجل، ويأخذون متاعه، ويأخذون بعيرَه، وكذلك أيضًا يعتدُون على الناس في داخل البلاد، يقتُلونهم ويَهتِكون حُجُبَ بيوتهم، فيأخذون المال بالقوة والغلَبة.
    فحذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من أمرين: من الظلم، ومن الشحِّ؛ فالظلم هوالاعتداء على الغير، والشح هوالطمع فيما عند الغير، فكل ذلك محرَّم؛ ولهذا قال الله تعالى في كتابه: ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]، فدلَّت الآية على أن من لم يُوقَ شُحَّ نفسه فلا فلاح له.
    المفلح من وقاه الله شُحَّ نفسه، نسأل الله أن يُعيذنا وإياكم من الظُّلم، وأن يقينا شحَّ أنفسنا وشرورها.
    المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2/ 484 - 487)



  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •