عموم كلام الله عن اليهود



السؤال:







الملخص:


سائل يسأل عن كلام الله في القرآن عن اليهود، هل هو عام أو خاص بيهود المدينة فقط؟ تفاصيل السؤال:هل كلام الله حول اليهود ووصفه لهم في القرآن ينطبق على كل اليهود في كل الأزمنة والأمكنة، أو هو خاص بيهود المدينة في عصر النبوة فقط؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:أولًا: مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.
ثانيًا: اليهود - عليهم لعنة الله - طال شرهم وأذاهم الجميع، بل تطاولوا على ربِّ العالمين؛ فنسبوا له ولدًا؛ قال تعالى حكاية عنهم هذا الافتراء: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة: 30].
وقولهم: إن الله فقير، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا؛ قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [آل عمران: 181].
فالكفر ملة واحدة، ومشربهم واحد، فامتدت خبائثهم، وتتابعت رذائلهم، عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
ثالثًا: قد اشتُهِر اليهود بصِفاتٍ ذميمة، ذَكَرها الله تعالى في كتابِه عنهم، وهذه الصِّفات متأصِّلة في جميع اليهود إلى يوم القيامة، وعلى المسلم أن يكون على حذَرٍ منها؛ قال ابنُ جرير الطَّبري: "ألْزم اليهودُ المكذِّبون لمُحمَّد صلَّى الله عليْه وسلَّم الذلة أيْنما كانوا من الأرْض، وبأيِّ مكانٍ كانوا من بِقاعِها من بلاد المسلمين والمشركين، ﴿ إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [آل عمران: 112]؛ أي: بعهْد من الله وعهْد من النَّاس لهم، والمراد بالحَبْل السَّبب الَّذي يأْمنون به على أنفُسِهم من المؤْمنين، وعلى أموالهم وذراريهم؛ من عهْدٍ وأمان تقدم لهم عقده قبل أن يثقفوا في بلاد الإسلام"؛ [تفسير ابن جرير الطبري: (3/ 394)].
وسوف أذكر لك بعضها، وسوف تعلم أن هذه الصفات ما زالت فيهم؛ فمنها: الغدر والخيانة، ونقْض العُهُود والمواثيق؛ قال الله تعالى: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ [المائدة: 13].
ومنها عصيانُهم لله تعالى، واعتِداؤهم على الخلْق، وأنَّهم لا يتناهَون عن المنكرات فيما بينهم؛ قال الله تعالى: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة: 78، 79].
ومنها: أكْل أمْوال النَّاس بالباطل؛ قال الله تعالى: ﴿ وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّو نَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [المائدة: 62، 63].
ومنها الحسَد والبغضاء للمسلمين؛ قال الله تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 109].
ومنها: الجبن الشَّديد من مقاتلة المسْلمين؛ قال الله تعالى: ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُم ْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ [الحشر: 14].
وقال الله تعالى: ﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ [آل عمران: 111].
روى ابن جرير الطبري بسنده عن قتادة قال: "تجد أهل الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق"؛ [تفسير الطبري: (23/292)، وتفسير البغوي: (8/81)].
وقال الحافظ ابن كثير: "أي: تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين، وهم مختلفون غاية الاختلاف"؛ [تفسير ابن كثير: (8/75)].
ومنها السعي إلى الإفساد في الأرْض بكلِّ وسيلة يَملكونَها؛ وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [المائدة: 64].
ومنها: أنَّهم من أحْرصِ النَّاس على الحياة؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَلَتَجِدَنَّهُ مْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ [البقرة: 94 - 96].
ومنها: البُخل، فهم - قاتلهم الله تعالى - اتَّهموا الله تعالى بالبخل؛ فعندما نزل قول الله تعالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً [البقرة: 245]، قالوا: ((يا محمَّد صلى الله عليه وسلم، افتقَر ربُّك، فسأل عبادَه القرْض؟!))، فعاقبهم الله تعالى بنفْس الصِّفة الذَّميمة الَّتي اتَّهموه بها؛ قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة: 64].
لذلك فاليهود مِنْ أشدِّ الناس بخلًا، وأقلهم إنْفاقًا وبذْلًا حتى يومنا والواقع خير شاهد.
وللمزيد لك مطالعة: عقائد اليهود وصفاتهم النفسية

هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.