أهلي ارتدوا

السؤال:
الملخص:
فتاة ترى أن بعض أهلها قد ارتدوا، وهي مقصرة في نصحهم؛ ما أصابها بوسواس كفري، فظنت الكفر متلبسًا بها، وهي تسأل: ما النصيحة؟
تفاصيل السؤال:
ارتد بعض أفراد عائلتي عن جهلٍ، ولم أنصحهم؛ إذ كنت أمر بفترة صعبة من خوف وقلق، وكنت أفكر كثيرًا فيهم، وأبكي كثيرًا، سيما أنني صغيرة، وأنا أكثر من له علم في الدين من أهلي، وكنت أهدئ نفسي بأن أقول لها: عندما أنصحهم سيعودون ولا شك، فالأمر هين يسير، وأقول:
إني قد أعطيت الأمر أكبر مما يستحق، فهل ما فعلته تهوين للكفر والعياذ بالله؟
وهل كفرت بهذا الكلام؟
مع العلم أنني كنت أشك في أن ما أفعله كفرٌ، ولكني تجاهلت تلك الفكرة، أيضًا من الخواطر التي كانت تأتيني أن احمدي الله؛ إذ يوجد أشخاص عائلتهم بهم مرض وفقر، وأنتِ ما حدث سوى أن ارتدوا، وسيتوبون، ولن يصروا على الكفر، فكنت أنكر، وأقول في نفسي:
إن الكفر أعظم، ثم أعود فأقول:
إن وضعي أخف، ليس لأن الكفر أهون، بل لأن أهلي سيعودون، فهل كفرت بذلك؟
وفي فترة كنت مصابة بتبلد، وكنت مقتنعة أن ابتلاءات الناس في أهاليهم أعظم من كفر أهلي؛ إذ لم أكن أهتم بهم، وكنت أقول:
لن أنصحهم؛ لأن الكفر أمر عادي، وأن الوضع الذي أنا فيه عادي، فكثير من الناس مثلي، ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي، والآن مرت أشهرٌ وتحسنت كثيرًا، وأدعو لأهلي بالهداية، فهل وقعت في الكفر؟
أرشدوني، وجزاكم الله خيرًا.


الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
أولًا: مرحبًا بكِ أيَّتها الأخت الفاضلة، ونسأل الله لنا ولكِ الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.
ثانيًا: ما ظهر لي ما رسالتكِ أن ما أنتِ فيه أقرب للشك والوسوسة منه لليقين، فرسالتكِ على طولها لم تذكر فيها ما هو الكفر والردة التي وقع فيها بعض أفراد عائلتكِ، وقد ذكرتِ سنَّكِ، وهو صغير، وعدم علمكِ بمسائل الكفر، فكيف حكمتِ عليهم بذلك؟
وهل الكفر الذي وقعوا فيه على افتراضه، من المعلوم من الدين بالضرورة، أو يخفى على آحاد المسلمين، أو عندهم تأويل أو شبهة ونحوه؟!
ثالثًا: ينبغي على المسلم أن يبتعد عن هذا النوع من الكلام، ويترك تطبيق أحكام الكفر على المعين لأهل العلم، ويلتزم بشورى أهل العلم ورأي أهل العلم، وينشغل بدراسة المسائل وفهمها، فلا ينبغي التسرع في الحكم عليهم، إلا بعد استيفاء الشروط، وانتفاء الموانع، وإقامة الحجة، فمن الشروط: أن يكون عالمًا بمخالفته التي أوجبت أن يكون كافرًا أو فاسقًا.
ومن الموانع: أن يكون متأولًا، أو عنده بعض الشُّبَه التي يظنها أدلة، أو كان بحيث لا يستطيع فهم الحجة الشرعية على وجهها، فالتكفير لا يكون إلا بتحقق تعمد المخالفة وارتفاع الجهالة.
وهذا مرجعه لأهل العلم الراسخين، وليس لآحاد الناس، فضلًا عن صغارهم، وقليل العلم منهم، فلا يصح للإنسان أن يتخبط وهو طالب علم صغير أو شاب، أو لديه معلومات بسيطة في مثل هذه المسائل الخطيرة.
ولا يجوز التساهل في تكفير المسلم أو تفسيقه؛ لِما في ذلك من الافتراء على الله، والافتراء على عباده المسلمين، ولا يجوز تكفير المسلم أو تفسيقه إلا إذا جاء بما يوجب ذلك قولًا أو فعلًا بدلالة الكتاب والسنة.
لذا نصيحتي لكِ: تجاهُل هذه الأفكار وتغافلها، ونصْح أفراد عائلتكِ للالتزام بالفرائض، والبعد عن المعاصي، وتعلم العلم الشرعي الصحيح، وعرض مسألتكِ على أحد من أهل العلم حولكِ؛ حتى يتسنى له السؤال عن الأمور التي تظنين أنها كفر؛ كي يتضح له الأمر ويستطيع توجيهكِ توجيهًا صحيحًا.هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.