من الأسباب المعينة على قيام الليل .. مجاهدة النفس على قيام الليل



جهاد النفس وتعويدها على الطاعة من أعظم الوسائل المعينة على قيام الليل لأن النفس البشرية بطبيعتها أمارة تميل إلى الراحة والكسل بل إلى الشر والمنكر فمن أطاعها فيما تدعو إليه قادته إلى الهلاك والعطب، لذا أمرنا الحق تبارك وتعالى بتزكية أنفسنا حتى نصل إلى درجة الفوز والفلاح {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9].

كما أمرنا سبحانه بالمجاهدة وبين الأثر المترتب عليها من معية الله ونصرته وهدايته للمجاهدين فقال: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ} [الحج: 78].

وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].

وبين تبارك وتعالى أن حالهم دائمًا بين الخوف والرجاء فقال عز من قائل: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: 16].

وعن فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المجاهد من جاهد نفسه في الله» وفي رواية «المجاهد من جاهد نفسه في سبيل الله عز وجل» (رواه الترمذي وابن حبان، الصحيحة 549).

وعن عقبة بن عامر رضي تعالى الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرجل من أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عُقَد، فإذا وضَّأ يديه انحلت عقدة، وإذا وضَّأ وجهه انحلت عقدة، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضَّأ رجليه انحلت عقدة، فيقول الله عز وجل للذين من وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه، ويسألني، ما سألني عبدي فهو له».

صحيح الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد وابن حبان.
ومن مجاهدة العلماء قال محمد بن المنكدر: كابدت نفسي أربعين عامًا حتى استقامت لي.

وقال ثابت البناني: كابدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة وتلذذت به عشرين سنة.

وقال عمر بن عبدالعزيز: أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس.

وقال عبدالله بن المبارك: إن الصالحين فيما مضى كانت تواتيهم أنفسهم على الخير، وإن أنفسنا لا تكاد تواتينا إلا على كره فينبغي لنا أن نُكرهها.


وقال قتادة: يا ابن آدم: إن كنت لا تريد أن تأتي الخير إلا بنشاط، فإن نفسك إلى السآمة وإلى الفترة وإلى الملل أميل، ولكن المؤمن هو المتحامل.
______________________________ ______________________
الكاتب: د. محمد سليمان حمودة