(2317) - (قال صلى الله عليه وسلم: " فهلا قبل أن تأتينى به ".
* صحيح.
وهو من حديث صفوان بن أمية , وله عنه طرق:
الأولى: عن حميد ابن أخت صفوان عن صفوان بن أمية قال: " كنت نائما فى المسجد على خميصة لى ثمن ثلاثين درهما , فجاء رجل فاختلسها منى , فأخذ الرجل , فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به ليقطع , قال , فأتيته فقلت: أتقطعه من أجل ثلاثين درهما؟ أنا أبيعه , وأنسئه ثمنها , قال: فهلا كان هذا قبل أن تأتينى به ".
أخرجه أبو داود (4394) والنسائى (2/255) وابن الجارود (828) والحاكم (4/380) والبيهقى (8/265) عن عمرو بن حماد بن طلحة حدثنا أسباط بن نصر الهمدانى عن سماك بن حرب عن حميد به.
وخالفه سليمان بن قرن فقال: عن سماك عن حميد ابن أخت صفوان به.
أخرجه أحمد (6/166) . والصواب حميد بالحاء المهملة ثم ميم , ومن قال بجيم ثم عين فقد صحف كما حرره الحافظ فى " تهذيب التهذيب ".
ثم هو مجهول ما حدث عنه سوى سماك بن حرب كما فى " الميزان " , وقال الحافظ: " مقبول ".
وهو كما قال هنا , فإنه قد توبع كما يأتى.
الثانية: عن عكرمة عن صفوان.
أنه طاف بالبيت وصلى , ثم لف رداء له من برد فوضعه تحت رأسه , فنام , فأتاه لص فاستله من تحت رأسه فأخذه , فأتى به النبى صلى الله عليه وسلم ... ". الحديث نحوه.
أخرجه النسائى من طريق عبد الملك بن أبى بشير قال: حدثنى عكرمة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات , فهو صحيح إن كان عكرمة سمعه من صفوان فقد قال ابن القطان: " وعكرمة لا أعرف أنه سمع من صفوان ".
قلت: وقد خالفه أشعث , فقال: عن عكرمة عن ابن عباس قال: " كان صفوان نائما فى المسجد ورداؤه تحته ... " الحديث فجعله من مسند ابن عباس.
أخرجه النسائى والدارمى (2/172) .
لكن أشعث هذا وهو ابن سوار ضعيف , فلا يحتج به لاسيما عند المخالفة.
الثالثة: عن طاوس عن صفوان بن أمية: " أنه سرقت خميصة من تحت رأسه وهو نائم ... ".
أخرجه النسائى من طريق حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عنه. وخالفه زكريا بن إسحاق فقال: عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس: " أن صفوان بن أمية أتى النبى صلى الله عليه وسلم....." فذكره مختصرا.
أخرجه الدارقطنى (375) والحاكم وقال: " صحيح الإسناد " ... ووافقه الذهبى قلت: وهو كما قالا , ولكنى أتعجب منهما كيف لم يصححاه على شرط الشيخين فإنه من طريقين عن أبى عاصم الضحاك بن مخلد الشيبانى حدثنا زكريا بن إسحاق.
وهذا رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين.
وزكريا هذا ثقة اتفاقا , فلا يضره مخالفة حماد بن سلمة له فى إسناده , لكن قد خالفه أيضا سفيان بن عيينة فقال عن عمرو عن طاوس عن النبى صلى الله عليه وسلم فأرسله.
أخرجه البيهقى وقال: " وروى عن ابن كاسب عن سفيان بن عيينة بإسناده موصولا بذكر ابن عباس فيه , وليس بصحيح ".
قلت: إن لم يصح عن سفيان موصولا فقد صح عن زكريا بن إسحاق كما تقدم.
ويشهد لرواية حماد عن عمرو أنه تابعه ابن طاوس عن أبيه عن صفوان أنه قال: " ... فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلت يا رسول الله إن هذا سرق خميصة لى ـ لرجل معه ـ فأمر بقطعه ... ".
أخرجه أحمد (6/465 ـ 466) : حدثنا عفان قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا ابن طاوس.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله رجال الشيخين.
وقال ابن عبد البر:" سماع طاوس من صفوان ممكن , لأنه أدرك زمان عثمان ".
قلت: زد على ذلك أن طاوسا ليس موصوفا بالتدليس , فمثله يحمل حديثه على الإتصال , فالسند صحيح.
ويبدو أن طاوسا كان له فى هذا الحديث إسنادان: أحدهما عن ابن عباس , والآخر عن صفوان , وأنه كان تارة يرويه عن هذا , وتارة عن هذا , فرواه عمرو بن دينار عنه على الوجهين , وابنه على الوجه الآخر.
والله أعلم.
الرابعة: عن طارق بن مرقع عن صفوان بن أمية به مختصرا.
أخرجه أحمد (6/465) وعنه النسائى (2/255) من طريق محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد ـ يعنى: ابن أبى عروبة ـ عن قتادة عن عطاء عنه.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير طارق هذا قال الحافظ: " مقبول , من الثالثة , ويقال: إنه الذى خاصمه إلى النبى صلى الله عليه وسلم ".
قلت: وقد أسقطه بعضهم من السند فقال يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن عطاء عن صفوان , أخرجه النسائى.
وأرسله الأوزاعى فقال: حدثنى عطاء بن أبى رباح: " أن رجلا سرق ثوبا فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " أخرجه النسائى.
الخامسة: عن صفوان بن عبد الله بن صفوان: " أن صفوان بن أمية ... قدم المدينة , فنام فى المسجد وتوسد رداءه ... " الحديث.
أخرجه مالك (2/834/28) وعنه الشافعى (1509) وكذا ابن ماجه (2595) إلا أنه قال: " عن عبد الله بن صفوان عن أبيه ".قلت: فوصله , وهو وهم , والصواب: صفوان بن عبد الله أن صفوان بن أمية ... مرسلا.
كما وقع فى " الموطأ " و" الشافعى " وعنه البيهقى من طريق ابن شهاب عن صفوان.
ويؤيده أنه تابعه محمد بن أبى حفصة قال: حدثنا الزهرى به.
أخرجه أحمد (6/465) .
قلت: وهذا مرسل قوى يشهد للموصولات قبله.
وجملة القول أن الحديث صحيح الإسناد من بعض طرقه , وهو صحيح قطعا بمجموعها , وقد صححه جماعة , منهم من تقدم ذكره , ومنهم الحافظ محمد بن عبد الهادى , فقد قال فى " تنقيح التحقيق " (3/367) : " حديث صفوان صحيح , رواه أحمد وأبو داود والنسائى ابن ماجه ".
الكتاب : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني