تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الرد القاطع الصريح فى بطلان عقيدة التثليث وبطلان ألوهية المسيح

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الرد القاطع الصريح فى بطلان عقيدة التثليث وبطلان ألوهية المسيح

    إن الأنبياء ؛ قد أخبروا أن الرب إله واحد، وأنزل الله عليهم كتبه تقرر هذه الوحدانية،
    كما في القرآن الكريم،
    وفي العهد القديم،
    بل تقرير الوحدانية موجود في العهد الجديد أيضا. قال الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
    ثانيا:

    ونحن نجد تقرير وحدانية الله جل جلاله، في مواضع عديدة من كتبهم المقدسة، رغم ما وقع فيها من التحريف والتبديل لكلام رب العالمين:
    ففي العهد القديم: ففي سفر التثنية 6/ 4: " اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِد".
    وفيه 4/ 35: " إِنَّكَ قَدْ أُرِيتَ لِتَعْلَمَ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الإِلهُ. لَيْسَ آخَرَ سِوَاهُ" انتهى.
    وأما العهد الجديد، فمع التحريف المتتابع، إلا أن فيه ما يثبت الوحدانية، ويدل على أن عيسى ليس إلها ولا ابن إله.
    ففي يوحنا (17/ 3): " وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوعَ المسيحَ الذي أرسلته".
    وفي مرقص (13/ 32): " وأما ذلك اليوم ، وتلك الساعة : فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب".
    فكيف يكون المسيح إلها وهو لا يعلم تلك الساعة ؟! وكيف يقول النصارى : إن الابن والآب متساويان في القدرة ؟!
    وفي متى (27/ 46): "ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: ايلي ايلي لما شبقتني؟ أي إلهي إلهي لماذا تركتني".
    فلو كان إلها ، فكيف يستغيث بإله آخر، وكيف يصرخ ويتألم؟ وكيف يصدر عنه هذا القول: "لم تركتني؟" وهو النازل بزعمهم لأجل أن يصلب ؟!
    وفي يوحنا (20/ 17): " قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي. ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني وإلهي وإلهكم".
    وهذا نص صريح واضح في التسوية بين عيسى عليه السلام وبين سائر الناس، فهم جميعا أبناء الله - على المعنى المجازي- ، ويعبدون إلها واحدا هو الله. وهذا القول قاله المسيح قبل العروج بقليل ، مما يثبت أنه عليه السلام كان يصرح بأنه عبد الله وأن الله إلهه إلى آخر لحظة من بقائه في الأرض.
    و النصارى يدعون أنهم موحدون، وأن إثبات الأقانيم الثلاثة "الأب والابن وروح القدس" لا ينافي الوحدانية! كما ينصون على ذلك في قانون الإيمان. جاء في "قاموس الكتاب المقدس" ص 232، 233 : "عرّف قانون الإيمان هذه العقيدة بالقول: "نؤمن بإله واحد الأب والابن والروح القدس، إله واحد، جوهر واحد، متساوون في القدرة والمجد" .
    في طبيعة هذا الإله الواحد تظهر ثلاثة خواص أزلية، يعلنها الكتاب في صورة شخصيات (أقانيم) متساوية ... ويمكن أن نلخص العقيدة في هذه النقاط الست التالية:
    الكتاب المقدس يقدم لنا ثلاث شخصيات يعتبرهم شخص الله.
    هؤلاء الثلاثة يصفهم الكتاب بطريقة تجعلهم شخصيات متميزة الواحدة عن الأخرى.
    هذا التثليث في طبيعة الله ليس مؤقتا أو ظاهريا، بل أبدي وحقيقي.
    هذا التثليث لا يعني ثلاثة آلهة ، بل إن هذه الشخصيات الثلاث جوهر واحد.
    الشخصيات الثلاث - الأب والابن والروح القدس - : متساوون.
    ولا يوجد تناقض في هذه العقيدة ، بل بالأحرى إنها تقدم لنا المفتاح لفهم باقي العقائد المسيحية ... والكلمة نفسها " التثليث أو الثالوث" لم ترد في الكتاب المقدس، ويُظن أن أول من صاغها واخترعها واستعملها هو ترتليان في القرن الثاني الميلادي".
    ثم يقول المؤلفون: " وأخيرا نود أن نشير إلى أن عقيدة التثليث عقيدة سامية ترتفع فوق الإدراك البشري، ولا يدركها العقل مجردا !! لأنها ليست وليدة التفكير البشري بل هي إعلان سماوي يقدمه الوحي المقدس ويدعمه الاختيار المسيحي" انتهى من "قاموس الكتاب المقدس" ، تأليف نخبة من ذوي الاختصاص ومن اللاهوتيين.

    ومن تأمل هذا الكلام أدنى تأمل : تبين له بطلان هذه العقيدة المخترعة، ومناقضتها للعقل والفطرة؛ إذ كيف يؤمن عاقل بأن ثلاثة متمايزين من الأزل إلى الأبد، متساوين في القدرة ، هم شخص واحد !

    وأين هذا الوحي الذي تؤخذ منه هذه العقيدة، والنصارى يعلمون أنه لا وجود للإنجيل الذي نزل على عيسى عليه السلام، وأن الأناجيل الأربعة فيها من التناقض والاختلاف ما ينتفي معه القول بأنها كتبت بالإلهام ، مع فقدان السند إلى أصحاب هذه الأناجيل.. ومع ذلك فليس في الأناجيل نص أو نصوص تثبت هذا الاعتقاد المفصل ، بما فيه من التناقض والاضطراب !
    ثم يقال لهذا الذي يقول : لا نفهم طبيعة الإله ، ولا تقل لي : ليس كمثله شيء .. : عقيدة التثليث عقيدة سامية ترتفع فوق الإدراك البشري، ولا يدركها العقل مجردا !!

    وهذا أمر يذكر عامة علمائهم، ومحاوريهم، إذا ضاق عليهم مجال النظر، ولم يمكنهم أن يشرحوا هرطقاتهم، وضلالاتهم.
    ونحن نشير إلى شيء من ضلالهم في نقاط:
    1- يعتقد النصارى أن الابن هو كلمة الله المتجسدة ، وهو المسيح عليه السلام.
    فيقال لهم: المتحد بالمسيح : إما أن يكون الكلام مع الذات ، أو الكلام بدون الذات.
    فإن كان المتحد به: الكلام مع الذات، كان المسيح هو الأب ، وهذا باطل باتفاق النصارى.
    وإن كان المتحد به هو الكلمة فقط ، فالكلمة صفة ، والصفة لا تقوم بغير المتكلم بها.
    وأيضا: الصفة ليست إلها خالقا، والمسيح عندهم إله خالق، فبطل قولهم على التقديرين.
    ويقال أيضا: هذا المتحد بناسوت المسيح ، إما أن يكونا بعد الاتحاد ذاتين، كما كانا قبل الاتحاد، فليس ذلك باتحاد.
    وإما أن يقال: صارا جوهرا واحدا، وهذا يستلزم استحالة كل منهما، وانقلاب صفة كل منهما، فيلزم أن يكون اللاهوت استحال، وتبدلت صفته وحقيقته، والاستحالة لا تكون إلا بعدم شيء ووجود شيء آخر؛ فيلزم عدم شيء من القديم الواجب الوجود بنفسه، وهذا محال، فإن ما وجب قدمه، استحال عدمه.
    2- يعتقد النصاري: أن المسيح عليه السلام قام من بين الأموات وصعد إلى السماء، وجلس عن يمين أبيه، وهذا يقتضي أنهما ذاتان ، فكيف يقال بعد ذلك: إنهما شيء واحد !
    3-يعتقد النصارى أن المسيح عليه السلام مات، ثم عاش ، فنقول لهم:
    من أحياه؟ فإن قالوا : أحيى نفسه ؟ قلنا: محال أن يخلق الحياة من هو ميت.
    وإن قالوا: أحياه غيره، وهو الذي أماته، لزمهم أن يكون المسيح عبدا مربوبا ، وهو المطلوب.
    ولزمهم على كل تقدير أن يقولوا : هما اثنان في تلك اللحظة: حي وميت !
    فهل في الوجود رجل صحيح العقل يقول عن اثنين، أحدهما حي ، والآخر ميت : إنهما شخص واحد !!
    ثم ما مصير كلمة الله المتجسدة في المسيح حين صلب وتألم ، بل حين وضع في قبره، فما أعظم القبر الذي وسع كلمة الله !
    4-يقولون: إن المسيح الإله الحق : نزل من السماء.
    فنقول: النازل إن كان هو الأب، فيلزم لحوق النقائص له، من الأكل والشرب والجوع والخوف.
    وإن كان الكلمة التي هي العلم عندهم ، يلزم أن يبقى الباري تعالى بلا علم، لأن علمه نزل وتركه، أو يبقى عالما بعلم ليس قائما بذاته، وهو مستحيل ، فإن الصفة لا تقوم بغير الموصوف، وكل عاقل يعلم أن الإنسان أو غيره لا يعلم بعلم لم يقم به.
    5- يقولون عن المسيح : إنه أتقن العوالم وخلق كل شيء .
    فيلزم أن يكون خلق أمه، فتكون أمه ولدت خالقها، وهو خلق أمه ، وهذا لا يقوله إلا مجنون.
    6-يصفون الأب كذلك بأنه خالق كل شيء، فإن صح أن الأب خالق كل شيء ، فأي شيء بقي للابن ؟!
    وإن كان الابن خالق كل شيء ، فأي شيء بقي للأب ؟!
    وإن كان الخالق واحدا ، فكيف يقال: إنهما متساويان في القدرة ، متمايزان أزلا وأبدا ؟!!
    ومعلوم لكل عاقل أنه لو قلنا: فلان يساوي فلانا، للزم ضرورة أن المساوي غير المساوَى.
    فلا أضل ممن هذا اعتقاده، ولا أعجب منه إذا أراد أن يحاور غيره في التوحيد!
    ثالثا:
    النصارى بين ما في الذهن، وبين ما في الخارج والوجود.

    فكأنهم يقول: إنه لا يمكنك تصور الواحد ، إلا بتصور الاثنين والثلاثة.

    فيقال: هذا صحيح في الأعداد. وأما تصور الذوات، أي أن تتصور ذاتا واحدة، فلا يلزم حينئذ تصور ذات ثانية ، أو ثالثة. كما لو أردت أن تتصور "مريم واحدة" ؛ فلا تحتاج إلى تصور غيرها معها.
    بل الذهن يمكنه افتراض وتصور أشياء مستحيلة، فيكف يعجز عن تصور ذات واحدة ، دون تصور غيرها؟!
    والذي يهمنا هو ما في الخارج والوجود، فنحن نقول: ليس إلا إله واحد هو الرب الخالق، وما سواه فمخلوق.
    وهو واحد بالذات ، أو بالشخص، وليس واحدا بالنوع؛ لأنه لا شبيه له ولا مثيل، فلا إله غيره، حتى يقال: إن الله واحد بالنوع، كما يقال في الإنسان مثلا، لوجود أفراد كثيرين يطلق عليهم "إنسان".

    وأما الصفات، فالله تعالى موصوف بالصفات العظيمة، من الحياة والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر والخلق والرّزق وغير ذلك.
    ونحن نعتقد أن الله لم يكن معطلا عن الفعل، وأن هناك عوالم ومخلوقات لا نعلمها، وأنه سبحانه لم يزل خلاقا عليما.

    وهذا المحاور لا يستفيد شيئا من هذه النقطة، فلو قال: إن الله ثلاثة، فيقال له: إلهك هذا أليس له صفات؟ فسيقول: بلى.
    فيلزمه أن يقال: كيف تصبح صفة [الودود] والإرادة فاعلة ، بدون وجود مفعول به؟!

    فإما أن يقول كما قلنا: أن إلهه لم يزل خلاقا عليما. وإما أن يقول: كان معطلا، ثم خلق وتكلم وأراد، الخ.
    وقد بان بهذا أن ما يظنه شبهات، هو أوهى من بيت العنكبوت.
    ولا يمكن لنصراني أن يثبت في نقاشٍ "عقلي" في مسألة التثليث. ولهذا يلجأ إلى التشغيب والإلهاء ببعض الكلمات المموهة.
    انتهى.المصدر الاسلام سؤال وجواب بتصرف

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الرد القاطع الصريح فى بطلان عقيدة التثليث وبطلان ألوهية المسيح

    قال الدكتور بوست في قاموس الكتاب المقدس: طبيعة الله عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية: الله الأب، والله الابن، والله الروح القدس، فإلى الأب ينتمي الخلق بواسطة الابن، وإلى الابن الفداء، وإلى الروح القدس التطهير.
    وجاء في كتاب "سوسنة سليمان" لنوفل بن نعمة الله بن جرجس النصراني إن عقيدة النصارى التي لا تختلف بالنسبة لها الكنائس وهي أصل الدستور الذي بينه المجمع النيقاوي هي الإيمان بإله، واحد: أب واحد، ضابط الكل، خالق السماوات والأرض، كل ما يرى وما لا يرى، وبرب واحد يسوع، الابن الوحيد المولود من الأب قبل الدهور من نور الله، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساو للأب في الجوهر، ومن أجل خطايانا نزل من السماء، وتجسد من الروح القدس، ومن مريم العذراء تأنس، وصلب عنا على عهد بيلاطس، وتألم وقبر، وقام من الأموات في اليوم الثالث على ما في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس على يمين الرب، وسيأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات، ولا فناء لملكه، والإيمان بالروح القدس، الرب المحيي المنبثق من الأب، الذي هو الابن يسجد له، ويمجده، الناطق بالأنبياء.
    ثم تختلف المذاهب بعد ذلك في المسيح، هل هو ذو طبيعة لاهوتية وطبيعة ناسوتية؟ أم هل هو ذو طبيعة واحدة لاهوتية فقط؟ وهل هو ذو مشيئة واحدة مع اختلاف الطبيعتين؟ وهل هو قديم كالأب أو مخلوق؟... إلى آخر ما تفرقت به مذاهبهم، وقامت عليه الاضطهادات بين فرقهم المختلفة.
    وهذه المقولات بعينها من العقائد التي حاربها الإسلام، وهي تتضمن، القول بألوهية المسيح عليه السلام، والقول بأن الله ثالث ثلاثة، وإن حاولت الدراسة المذكورة إنكار ذلك، وقد حكم الله تعالى بأن هذه المقولات كلها كفر، وليس بعد قول الله سبحانه وتعالى قول، والآيات في تأكيد هذا المعنى كثيرة، قال الله تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً [النساء:171].
    وقال جل وعلا: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة:17].
    وقال عز وجل: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ* لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُو نَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المائدة:72-73-74-75].
    ونظرا لصعوبة تصور الأقانيم الثلاثة في واحد، وصعوبة الجمع بين التوحيد والتثليث، فإن الكتاب النصارى الذين كتبوا عن اللاهوت حاولوا تأجيل النظرالعقلي في هذه القضية، التي يرفضها العقل ابتداء، ومن ذلك ما كتبه القس بوطر في رسالة "الأصول والفروع" حيث يقول: قد فهمنا ذلك على قدر طاقة عقولنا، ونرجو أن نفهمه فهماً أكثر جلاء في المستقبل حين يكشف لنا الحجاب عن كل ما في السماوات وما في الأرض، وأما في الوقت الحاضر ففي القدر الذي فهمناه كفاية.
    ولهذا فإننا نقول: إن عقيدة الثالوث التي قدمها النصارى للمجتمع الإنساني عجيبة وغريبة، وتبدو غرابتها واضحة وجلية عند عرضها على صفحة العقل الذي كرم الله به الإنسان، ولكن النصارى يرون أن التثليث لا يعالج بمنطق العقل، ولكن بالإيمان والوجدان، وهذا هروب من النصارى من بداية الطريق، فلا بأس أن نعتمد على الإيمان القلبي في قضية من القضايا الغيبية، ولكن بشرط ألا يحكم العقل فيها حكماً بديهياً باستحالتها وتناقضها، وإذا كان النصارى يقولون إن التثليث يصعب تصوره على العقل فإننا نقول بل يستحيل تصوره لدى العقل، ومن أول جولة معه يخرجه بجذوره ويلقيه في دائرة اللامعقول، ومهما حاول النصارى أن يعللوا هذا التثليث فسيبقى مرا في حلوق العقلاء.
    ودعوى أن الأقانيم الثلاثة هذه ثلاث صفات لذات واحدة دعوى تبرهن على تناقضهم لأنه يلزمهم على ذلك أن لا يكون المسيح إلهاً خالقاً رازقاً لأن الصفة ليست إلها خالقا رازقا، وأيضاً فالصفة لا تفارق الموصوف وهم يقولون المسيح إله حق من إله حق من جوهر أبيه، وهذا يدل على استحالة الجمع بين التثليث والتوحيد.
    وسيظل العقل النصراني يئن تحت وطأة هذا التناقض، وكيف لا يئن ويشتكي أمام قول إثناسيوس الرسولي: فالأب هو الله والابن هو الله وروح القدس هو الله، وكلهم هو الله.
    وأما اعتقادهم بأن كل أقنوم من الثلاثة يختص بعمل معين، كما يقول الدكتور بوست في قاموس الكتاب المقدس: فإلى الأب ينتمي الخلق بواسطة الابن، وإلى الابن الفداء وإلى روح القدس التطهير؟ وأنه بعد صلبه صعد إلى السماء وجلس على يمين الرب. كما في الأمانة التي اتفق عليها النصارى.
    فبهذا يظهر أمامهم ثلاثة آلهة تبرز برؤوسها، والثلاثة معاً الله، والله يتفرق فيكون ثلاثة ويجتمع فيكون إلهاً، أين العقل الذي يحتمل ذلك؟
    وأما ما ادعته هذه الدراسة من كون القرآن قد دل على ألوهية المسيح بقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ [آل عمران:45]، وكما في قوله تعالى: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [النساء:171].
    فالجواب عنه أن الآية الأولى تبين أنه مخلوق، ويتضح ذلك في وجوه منها: أنه قال (بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) وقوله: (بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) نكرة في الإثبات، يقتضي أنه كلمة من كلمات الله، ليس هو كلامه كله كما يقوله النصارى.
    ومنها: أنه بين مراده بقوله (بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) أنه مخلوق، حيث قال: كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [آل عمران:47].
    وقال في الآية الأخرى: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [آل عمران:59]، وقال تعالى أيضاً: ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ* مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [مريم:34-35].
    فهذه ثلاث آيات في القرآن تبين أنه قال له "كن" فكان، وهذا تفسير كونه (بِكَلِمَةٍ مِنْهُ)، وقال: اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فأخبر أنه ابن مريم وأخبر أنه "وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين " ، وهذه كلها صفة مخلوق والله تعالى وكلامه الذي هو صفته لا يقال فيه شيء من ذلك، وقال تعالى على لسان مريم: أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ فتبين أن الكلمة هي ولد مريم لا ولد الله سبحانه وتعالى.
    فمع هذا البيان الواضح الجلي، هل يظن ظان أن مراده سبحانه بقوله (بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) أنه إله خالق، أو أنه صفة لله قائمة به، وأن قوله (وَرُوحٌ مِنْهُ) المراد به: أنه حياته أو روح منفصلة من ذاته؟ بل قوله تعالى (وَرُوحٌ مِنْهُ) معناه أي روح مخلوقة من جملة الأرواح، ولا إشكال في قوله (مِنْهُ) فإن المراد أن أمر الخلق كله راجع إلى الله ومبتدأ منه، وذلك كقوله سبحانه: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ [الجاثية:13].
    وإذا كان النصارى يستشهدون بآيات القرآن على ما يعتقدون، فإن عليهم أن يستشهدوا بجميع نصوص القرآن الواردة في الموضوع، فلا يقتصرون على جملة هنا أو جملة هناك، فهذا لا يفعله منصف، فالتعبيرات القرآنية عن المسيح بأنه كلمة الله أو روح من الله، لا بد أن تفهم على ضوء الآيات الأخرى التي تنفي ألوهية المسيح وبنوته، وتكفر من يقول بهما، والتي تثبت براءة المسيح ممن يؤلهه أو يؤله أمه، والتي تثبت كذلك اعترافه ببشريته ولكنهم لا يفعلون ذلك لئلا يظهر بطلان استشهادهم على عقيدتهم الزائفة بآيات القرآن من جهة، وبطلان عقيدتهم نفسها من جهة أخرى..المصدر الاسلام سؤال وجواب بتصرف

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الرد القاطع الصريح فى بطلان عقيدة التثليث وبطلان ألوهية المسيح

    الذي يعرف معنى الإله الحق، وما ينبغي له من صفات الكمال وما يتنزه عنه من صفات النقص، لا يشك ولا يماري في وحدانية الله الأحد الصمد جل وعلا. فنحن المسلمين نعتقد أن الإله الحق هو الخالق لكل شيء، العليم بكل شيء، القادر على كل شيء، الغني بذاته عن كل شيء، الذي يفتقر إليه كل شيء، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. هو الأول بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء، الحي الذي لا يموت، القيوم الذي لا ينام: سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ *هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ*هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ ترجع الامور يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. {الحديد:1-6}. ومن تدبر ذلك كان كافيا وشافيا له من وساوس شياطين الإنس والجن، فإن اتخاذ الولد لا يليق بمقام الربوبية والألوهية، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، ولذلك لما ذكر الله تعالى قصة عيسى عليه السلام في سورة مريم ختمها بقوله: مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. {مريم:35}.
    ثم قال سبحانه في آخر السورة: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا* لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا. {مريم:88، 93}.
    وهذا كثير في القرآن أن ينزه الله تعالى نفسه عن اتخاذ الولد.
    كما قال عز وجل: وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ* بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. {البقرة:117،116}.
    وقال تبارك وتعالى: قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ. {يونس:68}
    ثم إنه من المعلوم أنه لو كان لله سبحانه ولد، لكان إلها كما يعتقد النصارى، ووجود إلهين في الكون من أبطل الباطل وأمحل المحال.
    كما قال تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ. {المؤمنون:92،91}.
    ولظهور هذه الحقيقة قال الله تعالى مخاطبا أهل الكتاب: لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا. {النساء: 171}.
    ثم إن حياة المسيح عليه السلام لا تدع مجالا للشك أنه بشر من خلق الله، فإنه لا يصح أن يوصف بالألوهية من لا يتصف بكل صفات الكمال، فضلا عن أن يتصف بضدها، وهذا من أظهر وأيسر الحجج على بشرية المسيح، ولا يماري فيها إلا مكابر.
    قال تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ. {المائدة: 75}.
    قال ابن كثير: قوله: { كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ } أي: يحتاجان إلى التغذية به، وإلى خروجه منهما، فهما عبدان كسائر الناس وليسا بإلهين كما زعمت فرق النصارى الجهلة، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة. ثم قال تعالى: { انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ }. أي: نوضحها ونظهرها { ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }. أي: ثم انظر بعد هذا البيان والوضوح والجلاء أين يذهبون؟ وبأيّ قول يتمسكون؟ وإلى أيّ مذهب من الضلال يذهبون؟ اهـ.
    وقال البغوي: { كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ } أي: كانا يعيشان بالطعام والغذاء كسائر الآدميين، فكيف يكون إلها من لا يقيمه إلا أكل الطعام؟ وقيل: هذا كناية عن الحدث، وذلك أن من أكل وشرب لا بد له من البول والغائط، ومَنْ هذه صفته كيف يكون إلها. اهـ.
    وقال ابن عاشور: استدلّ على بشريتهما بإثبات صفة من صفات البشر، وهي أكل الطّعام. وإنَّما اختيرت هذه الصّفة من بين صفات كثيرة لأنّها ظاهرة واضحة للنّاس، ولأنّها أثبتتها الأناجيل؛ فقد أثبتت أنّ مريم أكلت ثَمر النخلة حين مخاضها، وأنّ عيسى أكل مع الحواريين يوم الفِصْح خبزاً وشرب خمراً، وفي إنجيل لوقاً إصحاح 22 «وقال لهم اشتهيت أن آكل هذا الفِصحَ معكم قبل أن أتألّم لأنّي لا آكل منه بعدُ، وفي الصبح إذْ كان راجعاً في المدينة جاع. اهـ.
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح): وهذا من أظهر الصفات النافية للإلهية، لحاجة الآكل إلى ما يدخل في جوفه، ولما يخرج منه مع ذلك من الفضلات، والرب تعالى أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. اهـ.
    وهاك دليل آخر لا يدع مجالا للشك عند من له مسكة من عقل، فقد قال عز وجل: بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. {الأنعام: 101}.
    قال ابن كثير: أي: كيف يكون له ولد ولم تكن له صاحبة؟ أي: والولد إنما يكون متولدا عن شيئين متناسبين، والله لا يناسبه ولا يشابهه شيء من خلقه؛ لأنه خالق كل شيء، فلا صاحبة له ولا ولد ... { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }. فبين تعالى أنه الذي خلق كل شيء، وأنه بكل شيء عليم، فكيف يكون له صاحبة من خلقه تناسبه؟ وهو الذي لا نظير له فأنى يكون له ولد؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. اهـ.
    وأما مسألة الاستدلال بخلق آدم على خلق عيسى عليهما السلام، فهو استدلال متين في غاية الظهور، ذكره الله تعالى بعد قصة المسيح عليه السلام في سورة آل عمران فقال: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. {آل عمران:59}.
    قال ابن عاشور: وهذا شروع في إبطال عقيدة النصارى من تأليه عيسى ورد مطاعنهم في الإسلام، وهو أقطع دليل بطريق الإلزام؛ لأنهم قالوا بإلاهية عيسى من أجل أنه خلق بكلمة من الله وليس له أب، فقالوا: هو ابن الله. فأراهم الله أن آدم أولى بأن يدعى له ذلك، فإذا لم يكن آدم إلها مع أنه خلق بدون أبوين فعيسى أولى بالمخلوقية من آدم. ومحل التمثيل كون كليهما خلق من دون أب، ويزيد آدم بكونه من دون أم أيضا، فلذلك احتيج إلى ذكر وجه الشبه بقوله: { خلقه من تراب }. أي خلقه دون أب ولا أم، بل بكلمة كن، مع بيان كونه أقوى في المشبه به على ما هو الغالب. وإنما قال: (عند الله) أي نسبته إلى الله لا يزيد على آدم شيئا في كونه خلقا غير معتاد لكم، لأنهم جعلوا خلقه العجيب موجبا للمسيح نسبة خاصة عند الله وهي البنوة. اهـ.
    المصدر الاسلام سؤال وجواب بتصرف

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الرد القاطع الصريح فى بطلان عقيدة التثليث وبطلان ألوهية المسيح

    نفي الألوهية عن عيسى عليه السلام من خلال الأناجيل:
    جاء في الأناجيل:
    1- قوله: ( فقال ( أي: عيسى) لها ( لأم ابني زبدي ) ماذا تريدين ؟ قالت له: قل، أن يجلس ابناي هذان واحداً عن يمينك والآخر عن اليسار في ملكوتك. فأجاب يسوع وقال: لستما تعلمان ما تطلبان، أما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أعدِّ لهم من أبي)
    قوله: (فأجاب يسوع وقال لهم: الحق أقول لكم، لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الأب يعمل). وقال: (ليس كل من يقول: يا رب. يدخل ملكوت السموات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات).
    ففي النصوص السابقة نفى عيسى عليه السلام القدرة على إدخال من شاء ملكوت الله، وأبان أنه لا يدخل ملكوت الله إلا من أراد الله وحده له ذلك، وليس ذلك للمسيح؛ لأن مشيئة المسيح تحت مشيئة الله، وقدرته تحت قدرة الله كما في النص- الآنف الذكر- حيث يقول: (لا يقدر الابن (المسيح) أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الأب (الله) يعمل) فالله وحده - سبحانه - هو القادر على كل شيء قدرة تليق بجلاله وعظمته. وقد جاء في نص آخر: (لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله). وكذا القول المنسوب إلى المسيح عليه السلام نفسه (عند الناس غير مستطاع، ولكن ليس عند الله؛ لأن كل شيء مستطاع عند الله).
    أما قدرة المسيح فهي قدرة محدودة تناسب مقامه، وليس له إلا ما أقدره الله عليه. ومشيئة المسيح تحت مشيئة الله وبإذن الله، كما قال المسيح، فيما نسب إليه: (يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس، ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت). نسب إلى عيسى في الإنجيل قوله: (لا يقدر أحد أن يُقبل إلي إن لم يجتذبه الأب الذي أرسلني). فهنا الاجتذاب أو الهداية هداية توفيق خاصة بالله سبحانه وتعالى، وليس للمسيح أن يهدي أحداً إلا أن يشاء الله له الهداية على يد المسيح أو غيره.
    2- نسب إلى عيسى قوله: (وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الأب). وفي نصٍ آخر عن الموضوع نفسه: (إلا أبي وحده)، وهذه النصوص في سياق إخباره لبني إسرائيل عن تهدم الهيكل. فعيسى هنا يخبر النصارى بأمر مستقبلي- وإن صح النقل عنه فهو بإعلام الله له- وعلى الرغم من هذا حينما سُئل عن وقت التهدم نفى علمه بوقت ذلك، وأخبر أنه لا أحد يعلم ذلك لا الملائكة ولا هو عليه السلام، وإنما الذي يعلم ذلك هو علام الغيوب وحده، وهو الله سبحانه وتعالى، وليس للمسيح من علم الغيب شيء إلا ما أطلعه الله عليه.
    وجاء في نص آخر (وفي الغد لما خرجوا من بيت عينا جاع فنظر شجرة تينٍ من بعيد عليها ورق، وجاء لعله يجد فيها شيئاً، فلما جاء إليها لم يجد شيئاً إلا ورقاً؛ لأنه لم يكن وقت التين). فسبحان الله هذا النص ظاهر جلي في بشرية عيسى عليه السلام ونفي لألوهيته من وجوه منها:
    أنه لا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه، فلو كان إلهاً- تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيراً- لما كلف نفسه مشقة الذهاب إلى الشجرة الخالية من إثمار التين.
    - ثم لو كان إلهاً لعلم أن هذا ليس وقت إثمار أشجار التين، فهل يجهل الإله أمراً كهذا ؟
    - ثم لو كان إلهاً لأمر الشجرة أن تنبت تيناً فأنبتت.
    - ثم هل الإله يجوع ؟ إن هذا نقص في إلههم المزعوم، أما الله الإله الحق فهو الغني جلَّ وعلا.
    3- ينسب إلى عيسى قوله: (لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون؛ لأنني قلت: أمضي إلى الأب؛ لأن أبي أعظم مني). فعيسى يصرح أن الآب (الله) أعظم منه، فهناك فارق كبير عبر عنه بأفعل التفضيل بينه وبين ربه وخالقه سبحانه وتعالى، وإذا كان عيسى قد نطق بأن الله أعظم منه، فإن هذا وفق مفهوم المخالفة يعني أن عيسى أقل من الله، وهو ما يوضح أنه ليس هو الله، ولا ابن الله كما تزعم النصارى حيث يقولون: إنه ابن الله الذي هو: (الله في المسيح). تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيراً.
    4- ينسب إلى عيسى قوله: (وإن سمع أحد كلامي ولم يؤمن فأنا لا أدينه (أحاكمه وأحاسبه) لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم، من رذلني فله من يدينه). إذاً يوضح عيسى أن مالك الحساب والجزاء إنما هو غيره، فعيسى لا يملك هذا، وإنما الذي يملكه هو الله سبحانه وتعالى وحده، كما يوضحه السياق بعده، وكما يوضحه قوله السابق: (أبي أعظم مني). وهذا أيضاً نفي لألوهية عيسى عليه السلام.
    5- قال عيسى: (اذهبي إلى إخوتي، وقولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم). فيُسمِّي المؤمنين به (إخوتي) ثم يقول: (أبي وأبيكم وإلهي والهكم). فمثله مثل المؤمنين به، ربه الله، وإلهه الله - سبحانه وتعالى - وهذا اعتراف بألوهية الله، وفي الوقت نفسه نفي قوي على لسانه لألوهيته المفتراة على الله- سبحانه وتعالى- ثم عليه، ثم كيف يكون هو إله نفسه ؟
    6- جاء في الإنجيل أن (الله لم يره أحد قط) وقول المسيح عن الله سبحانه وتعالى: (لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته). بينما أبصروا المسيح وسمعوا صوته، وكلمهم وكلموه، بل وأكل وشرب معهم وتفل على التراب، فعجن الطين وطلى به أعين عُمْيٍ، إلى غير ذلك مما سوف يمرُّ من دلائل بشريته، وهذا كله ينفي الألوهية عن المسيح عليه السلام.
    7- كثرت النصوص الإنجيلية التي توضح أن عيسى كان يدعو الله - سبحانه وتعالى - ويسجد له، ويخضع له، ويصوم له، حتى بلغ صيامه أربعين نهاراً وأربعين ليلة. وأنه يفعل ما يرضي الله سبحانه ويحفظ أقواله. فلمن يتوجه عيسى عليه السلام بهذه العبادات ؟ أ يعبد عيسى نفسه ؟ أم هل يدعو نفسه ؟ أم هل يصوم لنفسه ؟ هل العابد هو عين المعبود ؟ إن هذا محال عقلي، مثبت لعدم ألوهية عيسى عليه الصلاة والسلام، وأن الإله هو غير عيسى، وهو الذي يتوجَّه له عيسى بأنواع العبادات، إنه الله سبحانه وتعالى وحده.موقع الدرر السنية

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •