ما بعد رمضان


إن أوَّل ما ينبغي على المسلم شكر الله سبحانه وتعالى الذي وفَّقه الله لإدراك صيام شهر رمضان المبارك، ثم يسَّر له صيامه وقيامه والتلاوة فيه، ثم دعاء الله عز وجل قبول الأعمال والعتق من النيران.

عبادالله، بعد شكر الله سبحانه وتعالى، فيجب على المسلم المبادرة بإخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد صائمًا كان أو غير صائم، ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، بِمُدِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوت البلاد والعباد، وقيل: يجوز إخراجها بالقيمة للحاجة والمصلحة، وقد ورد في الحديث عن فرض إخراج زكاة الفطر عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

ولنعلم عباد الله أن زكاة الفطر طُهرة للصائمين، وطُعمة للمسكين في ذلك اليوم العظيم، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

عباد الله، ففي يوم عيد الفطر يُسنُّ للمسلم التكبير والتهليل والتحميد، وحضور صلاة العيد، واستماع الخطبة حتى الحُيَّض والنُّفَساء إن استطعنَ الحضور، فذلك خير لهنَّ لو كنَّ يعلمنَ، وأخذ الزينة في الأبدان والبيوت، وإعداد أشهى الطعام والشراب؛ كي يدخل الفرح والسرور لأهله والجيران؛ قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].

عباد الله، فمَن كان عليه دينٌ من شهر رمضان، فليعجِّل بقضائه، وليترك التكاسلَ، والتغافلَ عن قضاء هذا الواجب العظيم؛ إذ دين الله أحقُّ أن يقضى.

عباد الله، إن لصيام ست من شوال فضائل جمَّة، وخيرات عظيمة، فمن صامها فكأنما صام الدهرَ؛ كما ورد في الحديث عَنْ أَبي أَيوبِ أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ»؛ (رواهُ مُسْلِمٌ) .

عباد الله، فلا ترجعوا بعد رمضان عاصين مذنبين، فتقولوا: ذهَب شهر رمضان، فإن ذهب رمضان فلم يذهب الكرام الكاتبين الذين يعلمون ما تفعلون، واعلموا أن الله عز وجل مطَّلع على ما نفعل، وكفى به شهيدًا.

ختامًا:
اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين المقبولين، وارزُقنا شفاعةَ نبيِّك محمد صلى الله عليه وسلم، ورؤية وجهك الكريم، إنك مجيبُ الدعوات.


وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين.
______________________________ ______________________________
الكاتب: عبد الإله جاورا أبو الخير