تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    415

    افتراضي إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل

    سلسلة: الأحكام المتعلقة بالتسجيلات الصوتية (2)

    إتحاف الزميل

    بحكم الرقية بالتسجيل

    أعده
    العبد ُالذليلُ للهِ الجليلِ/
    عامرُ بن محمد فداء بن محمد بن بهجت
    المحاضر بالمعهد العالي للأئمة والخطباء- جامعة طيبة

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعدُ:
    فبعد أن منّ العلي القدير على العبد الفقير بإتمام كتاب (الأحكام المتعلقة بالتسجيلات الصوتية)، استعنت به –سبحانه- على إعادة النظر فيه مسألةً مسألةً تمهيداً لنشره، مع اعترافي بقلة البضاعة، وضعفي في هذه الصناعة، فالله يعفو ويسامح، وآمل ممن نظر فيه من المشتغلين بالعلم والفقه أن لا يحرمني من ملاحظاته وإضافاته وإفاداته، فالعلم رحم بين أهله.
    أولاً: تعريف الرقى: هي (أَلْفَاظٌ خَاصَّةٌ يَحْدُثُ عِنْدَهَا الشِّفَاءُ مِنْ الْأَسْقَامِ وَالْأَدْوَاءِ وَالْأَسْبَابِ الْمُهْلِكَةِ)( ) .
    ومن المقرر أن الرقية بالقرآن والسنة مشروعة، فقد قال الله عز وجل: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾( )، وقال سبحانه: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾( ) وقال النبيعن سورة الفاتحة: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ»( ) ، وقال صلى الله عليه وسلم: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»( )
    صورة المسألة:
    لهذه المسألة صور وتطبيقات موجودة في الواقع، فمنها:
    1. أشرطة تباع في التسجيلات باسم الرقية الشرعية بصوت قارئ من القراء، يتضمن الشريط آيات مختارة يُزعم أنها آيات الرقية من أمراض معينة ليشغّلها المريض أو المسحور أو غيرهما بنية الاستشفاء بتلك القراءة واعتبارها رقية.
    2. قناة فضائية للرقية الشرعية يسجّل فيها صاحبها بالصوت والصورة وهو يقرأ آيات وأدعية فيجلس أمام الشاشة بعض المرضى بنية الاستشفاء والرقية.
    وقبل الشروع في هذه المسألة أقدّم بالكلام على ثلاث مسائل:
    المسألة الأولى: هل الرقية اجتهادية أم توقيفية؟
    المسألة الثانية: هل النفث شرط في الرقية؟
    المسألة الثالثة: حكم رقية أهل الكتاب للمسلمين.
    فأما المسألة الأولى: هل الرقية اجتهادية أم توقيفية؟( )
    فقد اختلف فيها أهل العلم على قولين:
    القول الأول: أن الرقية توقيفية، وهو قول اللجنة الدائمة( ) بتوقيع المشايخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ~، عبد العزيز آل الشيخ، بكر أبو زيد، صالح الفوزان، عبد الله بن غديان.
    ودليله:
    1. أن الرقية دعاء وذكر وتلاوة قرآن، وهذه عبادات، والعبادات توقيفية لا يشرع منها إلا ما دل عليه الدليل.
    ونوقش: بأنها وإن كانت عبادات فهي من باب الاستشفاء والطب والتداوي، وباب الطب والتداوي اجتهاديٌّ تجريبيٌّ.
    2. أن القول بكون الرقى اجتهادية يفتح باب الخرافات والبدع على مصراعيه كما هو مشاهد.
    ونوقش: بأنّها وإن كانت اجتهادية فإنها مقيدة بما ثبت بالتجربة مما لم يثبت منعه شرعاً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :«اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»( ).
    3. أنّ الورد المعيّن بوصفه وعدده قد يفيد في حال دون حال، إما لاختلاف الراقي أو المرقي أو نوع المرض ودرجته أو مجموع ذلك، فكيف يزعم أحد أن ورده الذي حدده مجرّبٌ نافعٌ مطلقاً!.
    4. أنّ من شروط الرقية أن تكون معلومة المعاني، وكثير من المجرّبات لا يُعقل معناها ولا تعرف حقيقتها ولا يدرى ثبوتها.
    ونوقش: بأنّنا نشترط في الرقية التي لم ترد في النص معرفة معناها.

    القول الثاني: أن الرقية اجتهادية، وقد ورد ما يدلُّ عليه عن عدد من العلماء، فمنهم ابن تيمية ~ حيث نقل عنه ابن القيم( ) ~ أنه (كَانَ كَثِيرًا مَا يَقْرَأُ فِي أُذُنِ الْمَصْرُوعِ ﴿أَفَحَسِبْتُم أَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾( ))( )، ومنهم ابن القيم ~ حيث قال: (وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنّ بَعْضَ الْكَلَامِ لَهُ خَوَاصّ وَمَنَافِعُ مُجَرّبَةٌ فَمَا الظّنّ بِكَلَامِ رَبّ الْعَالَمِينَ الّذِي فَضْلُهُ عَلَى كُلّ كَلَامٍ كَفَضْلِ اللّهِ عَلَى خَلْقِهِ الّذِي هُوَ الشّفَاءُ)( )، ومنهم السفاريني~ ( )، ومنهم الشيخ ابن باز ~( )، وشيخنا عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين -حفظه الله-( )، والشيخ ناصر العقل( )، والشيـخ الراقـي عبد الله السدحان( ).
    ودليل هذا القول ما يلي:
    1. عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»( ).
    ووجه الدلالة: أنه أقر الرقى التي لم يرد بها النص بشرط خلوها من الشرك.
    2. عَنْ جَابِرٍ قال: نَهَى رَسُولُ صلى الله عليه وسلم عَنْ الرُّقَى فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنْ الْعَقْرَبِ وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنْ الرُّقَى قَالَ فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: «مَا أَرَى بَأْسًا مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ» ( )
    وجه الدلالة: أنهم كانوا يرقون بما لم يرد به نص ولم ينكر عليهم .
    3. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ وَإِنَّ نَفَرَنَا غَيْبٌ فَهَلْ مِنْكُمْ رَاقٍ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ فَرَقَاهُ فَبَرَأَ فَأَمَرَ لَهُ بِثَلَاثِينَ شَاةً وَسَقَانَا لَبَنًا فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً أَوْ كُنْتَ تَرْقِي قَالَ: لَا مَا رَقَيْتُ إِلَّا بِأُمِّ الْكِتَابِ قُلْنَا: لَا تُحْدِثُوا شَيْئًا حَتَّى نَأْتِيَ أَوْ نَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَاهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ»( )
    وجه الدلالة: أنه اجتهد في تخصيص الرقية بسورة معينة وهي سورة الفاتحة فأقره النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو كان الأصل في الرقية التوقيف لأنكر عليه اجتهاده فيما ليس محلاً للاجتهاد.
    والذي يترجح -والله أعلم- أن الرقى اجتهادية لما ذكر من الأدلة، بشروط ثلاثة:
    1. خلوها من الشرك والمحرم ووسائلهما.
    2. أن تكون بكلام مفهوم.
    3. أن لا يعتمد الراقي ولا المرقي عليها بل يعتمد على الله ويتخذها سبباً لا مؤثرة بذاتها.
    المسألة الثانية: هل النفث شرط في الرقية؟
    ثبت عن عائشة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَا تِ وَيَنْفُثُ فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا( )
    ومع ثبوت النفث في عدة أحاديث فقد اختلف العلماء في مشروعيته، قال الإمام النووي ~: (فِيهِ اِسْتِحْبَاب النَّفْث فِي الرُّقْيَة ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازه ، وَاسْتَحَبَّهُ الْجُمْهُور مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ . قَالَ الْقَاضِي : وَأَنْكَرَ جَمَاعَة النَّفْث وَالتَّفْل فِي الرُّقَى ، وَأَجَازُوا فِيهَا النَّفْخ بِلَا رِيق ، وَهَذَا الْمَذْهَب وَالْفَرْق إِنَّمَا يَجِيء عَلَى قَوْل ضَعِيف .)( )، ومع أنّ المرجّح هو قول الجمهور وهو مشروعية النفث إلا أنني لم أقف على قائلٍ من المتقدمين بأنّه شرط لصحة الرقية، قال ابن القيم: (فَإِنّ الرّقْيَةَ تَخْرُجُ مِنْ قَلْبِ الرّاقِي وَفَمِهِ فَإِذَا صَاحَبَهَا شَيْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ بَاطِنِهِ مِنْ الرّيقِ وَالْهَوَاءِ وَالنّفْسِ كَانَتْ أَتَمّ تَأْثِيرًا وَأَقْوَى فِعْلًا وَنُفُوذًا وَيَحْصُلُ بِالِازْدِوَاجِ بَيْنَهُمَا كَيْفِيّةٌ مُؤَثّرَةٌ شَبِيهَةٌ بِالْكَيْفِيّةِ الْحَادِثَةِ عِنْدَ تَرْكِيبِ الْأَدْوِيَةِ.)( ) والله أعلم.
    المسألة الثالثة: حكم رقية أهل الكتاب للمسلمين.
    اختلف العلماء في حكم رقية أهل الكتاب للمسلمين على قولين:
    القول الأول: الجواز، وهو مرويٌّ عن أبي بكر الصديق  وبه قال الشافعي ~ ، حيث جاء في كتاب الأم: (أَيَرْقِي أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُسْلِمِينَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ إذَا رَقُوا بِمَا يُعْرَفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ ذِكْرِ اللَّهِ فَقُلْت : وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ ؟ قَالَ : غَيْرُ حُجَّةٍ , فَأَمَّا رِوَايَةُ صَاحِبِنَا وَصَاحِبِك فَإِنَّ مَالِكًا أَخْبَرَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ( ) عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ( ) أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَشْتَكِي وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ( ) فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ : فَإِنَّا نَكْرَهُ رُقْيَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ : وَلِمَ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا أَعْلَمُكُمْ تَرْوُونَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافَهُ وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَنِسَاءَهُمْ وَأَحْسِبُ الرُّقْيَةَ إذَا رَقُوا بِكِتَابِ اللَّهِ مِثْلَ هَذَا أَوْ أَخَفَّ .)( ).
    القول الثاني: المنع، وهو قول الإمام مالك ~.
    ودليله:
    1. ما رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ { تَكَلَّمَ فِي مَجْلِسِهِ فَقَالَ : { نَهَى النَّبِيُّ  عَنْ رُقَى أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ  أَحْيَانًا تُوجِعُنِي عَيْنِي فَآتِي إلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ فَيَرْقِيهَا فَأَسْتَرِيحُ أَوْ كَمَا . قَالَ : فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ{ : (إنَّ الشَّيْطَانَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى عَيْنِك فَيُوجِعُهَا ثُمَّ يُوَسْوِسُ لَك حَتَّى تَأْتِيَ إلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ فَإِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَتَكَلَّمَ بِكَلَامِهِ رَفَعَ الشَّيْطَانُ يَدَهُ عَنْ عَيْنِك أَوْ كَمَا قَالَ وَنَهَاهُ عَنْ أَنْ يَعُودَ لِمِثْلِهَا)( )
    2. سداً للذريعة فإنه لا يدري أيرقون بكتاب الله تعالى أو بما يضاهي السحر من الرقى المكروهة.
    والقول الأول أرجح لصحة الأثر الوارد فيه -والله أعلم- ويتفرع من هذه المسألة أنه لا يشترط في الرقية نية التعبّد من الراقي لأن الكفار لا تصح منهم النية.
    إذا تقرر ما سبق، فما حكم الرقية بتشغيل المسجّل على آيات القرآن؟
    اختلف العلماء -رحمهم الله- في هذا على قولين:
    القول الأول: المنع وعدم صحة الرقية بالمسجّل، وهو قول اللجنة الدائمة( ) بتوقيع المشايخ: عبد العزيز بن باز ~ وعبد العزيز آل الشيخ( ) وعبد الله بن غديان وبكر أبو زيد وصالح الفوزان، وهو قول الشيخ عبد الرحمن البراك( ) والشيخ أحمد الحجي الكردي( ).
    ودليله:
    1. أن الرقى توقيفية، وهذه الطريقة في الرقية محدثة.
    وقد سبق الكلام عن هذه المسألة، وترجح أن الرقية اجتهادية.
    2. أنّه لا بد في الرقية من النفث.
    وقد سبق الكلام على هذه المسألة، وذكر أن النفث ليس شرطاً لصحة الرقية.
    3. أن في مباشرة الراقي القراءة بنفسه معان تقوم فيه لا بد من اعتبارها.
    ويناقش: بأنّ هذا من باب الكمال، وليس شرطاً لصحة الرقية ونفعها، وقد رخّص بعض العلماء في رقية الكتابي مع كفره كما سبق.
    4. أن الرقية لا تصح بغير نية.
    ويناقش: بأنّ الكتابي لا تصح منه النية ولا العبادة، ومع هذا فرقيته صحيحة كما ورد عن أبي بكر وقال به الشافعي -كما سبق-.
    5. أن الرقية لا تصح بدون وجود أركانها، وهي: الراقي والمرقي والرقية.
    ويناقش: بأنّ الأركان هنا متحققة وموجودة فالراقي هو القارئ الذي سجّل الشريط، أو هو المسجّل، ثم ما الدليل على اشتراط وجود هذه الأركان؟.
    القول الثاني: الصحة والجواز وهو قول الشيخ ابن جبرين -حفظه الله-( )، والشيخ خالد المصلح( )، ويُخرّج قولاً للشيخ ابن باز ~( )، وقول بعض الرقاة كالشيخ الراقي عبد الله السدحان( )، والشيخ الراقي أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني( ) وقال: (وقد ثبت عند أثبات المعالجين نفع وفائدة هذه الطريقة للحالات المرضية).
    ودليله:
    1. قول الله عز وجل: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾( )
    2. قوله سبحانه:﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾( )
    وجه الدلالة: أن الله وصف القرآن بأنه شفاء، والذي يصدر من المسجّل قرآن فكان شفاء.
    3. وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن سورة الفاتحة: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ»( )
    وجه الدلالة: أنه وصف الفاتحة بأنها رقية، فإذا قرئت حصلت الرقية سواء كان ذلك بالمسجّل أم لا.
    4. قال: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»( )
    وجه الدلالة: أن "الرقى" جمع معرف بأل وهي من صيغ العموم، فدخل فيه جميع الرقى مباشرة كانت أم مسجّلة.
    5. أن الرقى اجتهادية فما ثبت نفعه أخذ به، وقد ثبت نفع هذه الطريقة بالتجربة.
    ويناقش: بأنّنا لو سلّمنا بأنّ الرقى اجتهادية فإنّ بعض الرقاة ينفي نفع هذه الطريقة، ويعتبرها من الدجل، حيث قال الراقي منير عرب: (لا يمكن العلاج عبر الانترنت ولا التليفون ولا غيره دون حضور المريض الي مكان العلاج أو أن المريض يرقي نفسه بنفسه أو يرقيه أحدٌ من أهله أو ليذهب به الي أحد الرقاة المعروفين عندك في البلد الذي أنت فيه وان كنت من سكان المملكة فعليك بسؤال مكاتب الدعوة والارشاد وهم يدلوك علي أهل الرقية ولا تصدق المدعين الذين يعالجون عن بعد فكل من يدعي أنه يعالج عن بعد مسافة أو غير ذلك فهو دجال)( )
    ويردّ: بأنّ المثبت مقدّم على النافي، وكون أحد الرقاة لم يثبت لديه نفع هذه الطريقة لا يعني أنها غير نافعة.
    6. التخريج على رقية الكتابي، فإذا كانت رقية الكتابي صحيحة، فمن باب أولى رقية المسلم المسجّلة.
    7. أن النفث ليس شرطاً لصحة الرقية.

    الترجيح:
    ليس لمثلي أن يجزم بالترجيح في مثل هذه المسائل الاجتهادية لكن لعل الأولى أن تحمل أدلة القول الأول على الرقية الكاملة الفاضلة، وأدلة القول الثاني على الرقية المجزئة المفضولة، ولعلّ في هذا جمعاً بين الأدلة وهو أولى من إعمال أدلة أحد الفريقين دون الآخر.
    وأردّ العلم إلى العليم الخبير، وأصلي وأسلّم على البشير النذير وعلى آله وصحبه.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    415

    افتراضي رد: إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل

    القول الثاني: أن الرقية اجتهادية، وقد ورد ما يدلُّ عليه عن عدد من العلماء، فمنهم ابن تيمية ~ حيث نقل عنه ابن القيم () ~ أنه (كَانَ كَثِيرًا مَا يَقْرَأُ فِي أُذُنِ الْمَصْرُوعِ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} ()) ()، ومنهم ابن القيم ~ حيث قال: (وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنّ بَعْضَ الْكَلَامِ لَهُ خَوَاصّ وَمَنَافِعُ مُجَرّبَةٌ فَمَا الظّنّ بِكَلَامِ رَبّ الْعَالَمِينَ الّذِي فَضْلُهُ عَلَى كُلّ كَلَامٍ كَفَضْلِ اللّهِ عَلَى خَلْقِهِ الّذِي هُوَ الشّفَاءُ) ()، ومنهم السفاريني~ ()، ومنهم الشيخ ابن باز ~ ()، وشيخنا عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - حفظه الله- ()، والشيخ ناصر العقل ()، والشيخ الراقي عبد الله السدحان ().
    ودليل هذا القول ما يلي:
    1. عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَاسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ» ().

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    415

    افتراضي رد: إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل

    ووجه الدلالة: أنه أقر الرقى التي لم يرد بها النص بشرط خلوها من الشرك.
    2. عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قال: نَهَى رَسُولُ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الرُّقَى فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنْ الْعَقْرَبِ وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنْ الرُّقَى قَالَ فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: «مَا أَرَى بَاسًا مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ» ()
    وجه الدلالة: أنهم كانوا يرقون بما لم يرد به نص ولم ينكر عليهم - صلى الله عليه وسلم -.
    3. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ وَإِنَّ نَفَرَنَا غَيْبٌ فَهَلْ مِنْكُمْ رَاقٍ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَابُنُهُ بِرُقْيَةٍ فَرَقَاهُ فَبَرَأَ فَأَمَرَ لَهُ بِثَلَاثِينَ شَاةً وَسَقَانَا لَبَنًا فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً أَوْ كُنْتَ تَرْقِي قَالَ: لَا مَا رَقَيْتُ إِلَّا بِأُمِّ الْكِتَابِ قُلْنَا: لَا تُحْدِثُوا شَيْئًا حَتَّى نَاتِيَ أَوْ نَسْأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَاهُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ» ()
    وجه الدلالة: أنه اجتهد في تخصيص الرقية بسورة معينة وهي سورة الفاتحة فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان الأصل في الرقية التوقيف لأنكر عليه اجتهاده فيما ليس محلاً للاجتهاد.
    والذي يترجح -والله أعلم- أن الرقى اجتهادية لما ذكر من الأدلة، بشروط ثلاثة:
    1. خلوها من الشرك والمحرم ووسائلهما.
    2. أن تكون بكلام مفهوم.
    3. أن لا يعتمد الراقي ولا المرقي عليها بل يعتمد على الله ويتخذها سبباً لا مؤثرة بذاتها.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    415

    افتراضي رد: إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل

    المسألة الثانية: هل النفث شرط في الرقية؟
    ثبت عن عائشة - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَا تِ وَيَنْفُثُ فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا ()
    ومع ثبوت النفث في عدة أحاديث فقد اختلف العلماء في مشروعيته، قال الإمام النووي ~: (فِيهِ اِسْتِحْبَاب النَّفْث فِي الرُّقْيَة، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازه، وَاسْتَحَبَّهُ الْجُمْهُور مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ. قَالَ الْقَاضِي: وَأَنْكَرَ جَمَاعَة النَّفْث وَالتَّفْل فِي الرُّقَى، وَأَجَازُوا فِيهَا النَّفْخ بِلَا رِيق، وَهَذَا الْمَذْهَب وَالْفَرْق إِنَّمَا يَجِيء عَلَى قَوْل ضَعِيف.) ()، ومع أنّ المرجّح هو قول الجمهور وهو مشروعية النفث إلا أنني لم أقف على قائلٍ من المتقدمين بأنّه شرط لصحة الرقية، قال ابن القيم: (فَإِنّ الرّقْيَةَ تَخْرُجُ مِنْ قَلْبِ الرّاقِي وَفَمِهِ فَإِذَا صَاحَبَهَا شَيْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ بَاطِنِهِ مِنْ الرّيقِ وَالْهَوَاءِ وَالنّفْسِ كَانَتْ أَتَمّ تَاثِيرًا وَأَقْوَى فِعْلًا وَنُفُوذًا وَيَحْصُلُ بِالِازْدِوَاجِ بَيْنَهُمَا كَيْفِيّةٌ مُؤَثّرَةٌ شَبِيهَةٌ بِالْكَيْفِيّةِ الْحَادِثَةِ عِنْدَ تَرْكِيبِ الْأَدْوِيَةِ.) () والله أعلم.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    415

    افتراضي رد: إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل

    المسألة الثالثة: حكم رقية أهل الكتاب للمسلمين.
    اختلف العلماء في حكم رقية أهل الكتاب للمسلمين على قولين:
    القول الأول: الجواز، وهو مرويٌّ عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وبه قال الشافعي ~، حيث جاء في كتاب الأم: (أَيَرْقِي أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إذَا رَقُوا بِمَا يُعْرَفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ ذِكْرِ اللَّهِ فَقُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: غَيْرُ حُجَّةٍ , فَأَمَّا رِوَايَةُ صَاحِبِنَا وَصَاحِبِك فَإِنَّ مَالِكًا أَخْبَرَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ () عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ () أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَشْتَكِي وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ () فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَكْرَهُ رُقْيَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ: وَلِمَ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا أَعْلَمُكُمْ تَرْوُونَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافَهُ وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَنِسَاءَهُمْ وَأَحْسِبُ الرُّقْيَةَ إذَا رَقُوا بِكِتَابِ اللَّهِ مِثْلَ هَذَا أَوْ أَخَفَّ.) ().

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    415

    افتراضي رد: إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل

    القول الثاني: المنع، وهو قول الإمام مالك .
    ودليله:
    1. ما رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ {تَكَلَّمَ فِي مَجْلِسِهِ فَقَالَ: {نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ رُقَى أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْيَانًا تُوجِعُنِي عَيْنِي فَآتِي إلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ فَيَرْقِيهَا فَأَسْتَرِيحُ أَوْ كَمَا. قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ {: (إنَّ الشَّيْطَانَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى عَيْنِك فَيُوجِعُهَا ثُمَّ يُوَسْوِسُ لَك حَتَّى تَاتِيَ إلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ فَإِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَتَكَلَّمَ بِكَلَامِهِ رَفَعَ الشَّيْطَانُ يَدَهُ عَنْ عَيْنِك أَوْ كَمَا قَالَ وَنَهَاهُ عَنْ أَنْ يَعُودَ لِمِثْلِهَا) ()
    2. سداً للذريعة فإنه لا يدري أيرقون بكتاب الله تعالى أو بما يضاهي السحر من الرقى المكروهة.
    والقول الأول أرجح لصحة الأثر الوارد فيه -والله أعلم- ويتفرع من هذه المسألة أنه لا يشترط في الرقية نية التعبّد من الراقي لأن الكفار لا تصح منهم النية.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    415

    افتراضي رد: إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل

    إذا تقرر ما سبق، فما حكم الرقية بتشغيل المسجّل على آيات القرآن؟
    اختلف العلماء -رحمهم الله- في هذا على قولين:
    القول الأول: المنع وعدم صحة الرقية بالمسجّل، وهو قول اللجنة الدائمة () بتوقيع المشايخ: عبد العزيز بن باز وعبد العزيز آل الشيخ () وعبد الله بن غديان وبكر أبو زيد وصالح الفوزان، وهو قول الشيخ عبد الرحمن البراك () والشيخ أحمد الحجي الكردي ().
    ودليله:
    1. أن الرقى توقيفية، وهذه الطريقة في الرقية محدثة.
    وقد سبق الكلام عن هذه المسألة، وترجح أن الرقية اجتهادية.
    2. أنّه لا بد في الرقية من النفث.
    وقد سبق الكلام على هذه المسألة، وذكر أن النفث ليس شرطاً لصحة الرقية.
    3. أن في مباشرة الراقي القراءة بنفسه معان تقوم فيه لا بد من اعتبارها.
    ويناقش: بأنّ هذا من باب الكمال، وليس شرطاً لصحة الرقية ونفعها، وقد رخّص بعض العلماء في رقية الكتابي مع كفره كما سبق.
    4. أن الرقية لا تصح بغير نية.
    ويناقش: بأنّ الكتابي لا تصح منه النية ولا العبادة، ومع هذا فرقيته صحيحة كما ورد عن أبي بكر وقال به الشافعي -كما سبق-.
    5. أن الرقية لا تصح بدون وجود أركانها، وهي: الراقي والمرقي والرقية.
    ويناقش: بأنّ الأركان هنا متحققة وموجودة فالراقي هو القارئ الذي سجّل الشريط، أو هو المسجّل، ثم ما الدليل على اشتراط وجود هذه الأركان؟.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    415

    افتراضي رد: إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل

    القول الثاني: الصحة والجواز وهو قول الشيخ ابن جبرين -حفظه الله- ()، والشيخ خالد المصلح ()، ويُخرّج قولاً للشيخ ابن باز ~()، وقول بعض الرقاة كالشيخ الراقي عبد الله السدحان ()، والشيخ الراقي أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني ()
    وقال: (وقد ثبت عند أثبات المعالجين نفع وفائدة هذه الطريقة للحالات المرضية).
    ودليله:
    1. قول الله عز وجل: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } ()
    2. قوله سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} ()
    وجه الدلالة: أن الله وصف القرآن بأنه شفاء، والذي يصدر من المسجّل قرآن فكان شفاء.
    3. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سورة الفاتحة: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ» ()
    وجه الدلالة: أنه وصف الفاتحة بأنها رقية، فإذا قرئت حصلت الرقية سواء كان ذلك بالمسجّل أم لا.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    415

    افتراضي رد: إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل

    4. قال - صلى الله عليه وسلم -: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَاسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ» ()
    وجه الدلالة: أن "الرقى" جمع معرف بأل وهي من صيغ العموم، فدخل فيه جميع الرقى مباشرة كانت أم مسجّلة.
    5. أن الرقى اجتهادية فما ثبت نفعه أخذ به، وقد ثبت نفع هذه الطريقة بالتجربة.
    ويناقش: بأنّنا لو سلّمنا بأنّ الرقى اجتهادية فإنّ بعض الرقاة ينفي نفع هذه الطريقة، ويعتبرها من الدجل، حيث قال الراقي منير عرب: (لا يمكن العلاج عبر الانترنت ولا التليفون ولا غيره دون حضور المريض الي مكان العلاج أو أن المريض يرقي نفسه بنفسه أو يرقيه أحدٌ من أهله أو ليذهب به الي أحد الرقاة المعروفين عندك في البلد الذي أنت فيه وان كنت من سكان المملكة فعليك بسؤال مكاتب الدعوة والارشاد وهم يدلوك علي أهل الرقية ولا تصدق المدعين الذين يعالجون عن بعد فكل من يدعي أنه يعالج عن بعد مسافة أو غير ذلك فهو دجال) ()
    ويردّ: بأنّ المثبت مقدّم على النافي، وكون أحد الرقاة لم يثبت لديه نفع هذه الطريقة لا يعني أنها غير نافعة.
    6. التخريج على رقية الكتابي، فإذا كانت رقية الكتابي صحيحة، فمن باب أولى رقية المسلم المسجّلة.
    7. أن النفث ليس شرطاً لصحة الرقية.
    الترجيح:
    ليس لمثلي أن يجزم بالترجيح في مثل هذه المسائل الاجتهادية لكن لعل الأولى أن تحمل أدلة القول الأول على الرقية الكاملة الفاضلة، وأدلة القول الثاني على الرقية المجزئة المفضولة، ولعلّ في هذا جمعاً بين الأدلة وهو أولى من إعمال أدلة أحد الفريقين دون الآخر.
    وأردّ العلم إلى العليم الخبير، وأصلي وأسلّم على البشير النذير وعلى آله وصحبه.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    415

    افتراضي رد: إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل

    الكتاب: إتحاف الزميل بحكم الرقية بالتسجيل
    المؤلف: عامرُ بن محمد فداء بن محمد بن بهجت
    المصدر: الشاملة الذهبية

    ويمكن تحميل الملف
    https://ebook.univeyes.com/61601/pdf...AC%D9%8A%D9%84

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •