قَـال ابن عَبـاس -رضِي الله عنه-:
” يا لسَـان، قل خيرًا تغنم، أو اسكت عن شـر تسلم “
[الصمت لابن أبي الدنيا ٤٥]
ماصحة هذا الأثر؟
قَـال ابن عَبـاس -رضِي الله عنه-:
” يا لسَـان، قل خيرًا تغنم، أو اسكت عن شـر تسلم “
[الصمت لابن أبي الدنيا ٤٥]
ماصحة هذا الأثر؟
45 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يَا لِسَانُ، قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ، أَوِ اسْكُتْ عَنْ شَرٍّ تَسْلَمْ»
439 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي ابْنَ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِلِسَانِهِ: " وَيْحَكَ قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ، وَإِلَّا فَاعْلَمْ أَنَّكَ سَتَنْدَمُ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: أَتَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ لَيْسَ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدَّ مِنْهُ عَلَى لِسَانِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ خَيْرًا فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ "
18 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّهْشَلِيِّ، عَنِ [ص:54] الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ عَلَى الصَّفَا يُلَبِّي وَيَقُولُ: يَا لِسَانُ، قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ، أَوْ أَنْصِتْ تَسْلَمْ، مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنْدَمَ، قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَذَا شَيْءٌ تَقُولُهُ، أَوْ شَيْءٌ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ: لَا، بَلُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَكْثَرَ خَطَايَا ابْنِ آدَمَ فِي لِسَانِهِ»
خرجه ابن أبي الدنيا في الصمت واللسان، هذا إسناد منقطع، وإسماعيل بن مسلم المكي ضعيف منكر الحديث.
وقد أسقط سفيان الواسطة في رواية أخرى عنه فيما خرجه البيهقي في شعب الإيمان [4718] من طريق حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قال:
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، نا سُفْيَانُ، قَالَ: أَبْصرُوا ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَقُولُ: فذكره.
هذا إسناد شاذ، قد خولف عبد السلام من عبد الله بن المبارك فيما خرجه في الزهد [370]، فقال:
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَائِمًا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، آخِذًا بثَمَرَةِ لِسَانِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
" وَيْحَكَ، قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ، أَوِ اسْكُتْ عَنْ شَرٍّ تَسْلَمْ "، وَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا لَكَ آخِذًا بثَمَرَةِ لِسَانِكَ؟
قَالَ: " بَلَغَنِي أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ بأَحْنَقَ مِنْهُ عَلَى لِسَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". اهـ.
وتوبع فيما خرجه أحمد في الزهد [1046]، فقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فذكر مثله.
ورد في العلل لابن أبي حاتم [1796]، قال:
وَسألت أبي عَنْ حديث رَوَاهُ عَوْنُ بْنُ سَلامٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّهْشَلِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَكْثَرُ خَطَايَا ابْنِ آدَمَ فِي لِسَانِهِ.
قَالَ أَبِي: "هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ". اهـ.
والله أعلم.
فتح الله عليكم .
لعل بطلان هذا الحديث لعدة أسباب:
- أنه لا يصح أن أبا وائل شقيق بن سلمة لبى مع عبد الله بن مسعود كما في القصة، إنما روى عن مسروق أنه قال:
قَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُعْتَمِرًا، وَقَدِمَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ: أَيُّهُمَا أَبْدَأُ؟
فَقُلْتُ: أَلْزَمُ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ آتِي أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأُسَلِّمُ عَلَيْهَا.
قَالَ: فَلَزِمْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَبَدَأَ عَبْدُ اللَّهِ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ أَخَذَ عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا،
ثُمَّ أَتَى الْمَقَامَ فَصَلَّى وَرَاءَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا، فَقَامَ عَلَى صَدْعٍ فِيهِ فَأَهَلَّ،
فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يَنْهَوْنَ عَنِ الإِهْلالِ فِي هَذَا الْمَكَانِ قَالَ: " لَكِنِّي آمُرُكَ بِهِ، أَتَدْرِي مَا التَّلْبِيَةُ ؟ إِنَّمَا هِيَ اسْتِجَابَةٌ اسْتَجَابَ بِهَا مُوسَى لِرَبِّهِ "، ثُمَّ هَبَطَ.
فَلَمَّا أَتَى بَطْنَ الْوَادِي رَمَلَ وَقَالَ: " رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ ". اهـ.
خرجه الفاكهي في أخبار مكة [1330]، فقال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: فذكره.
- وأنه لا يتابع عون بن سلام في هذا إلا من ضعيف يورد مناكير من هذه الجهة أو متروك فيزداد وهاء.
خرج ابن أبي الدنيا في الصمت واللشان [18]، فقال:
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّهْشَلِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَنَّهُ كَانَ عَلَى الصَّفَا يُلَبِّي، وَيَقُولُ: يَا لِسَانُ، قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ، أَوْ أَنْصِتْ تَسْلَمْ، مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنْدَمَ،
قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَذَا شَيْءٌ تَقُولُهُ، أَوْ شَيْءٌ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ: لا، بَلُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: فذكره.
وقد تعقب العقيلي في الضعفاء (3/844) في أحد الأحاديث بهذا الإسناد، فقال: "لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ،
إِنَّمَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَوَاهُ أَبُو الأَحْوَصِ وَإِسْرَائِيلُ عَنْهُ، وَرَفَعَاهُ". اهـ.
وتابعه متروك فيما خرجه أبو سعد البصروي في أماليه [112]، فقال:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، به.
مرفوعا بلفظ: "إن أكثر هلاك الناس يوم القيامة من جنايات ألسنتهم". اهـ.
- بالإضافة إلى أن أبا بكر النهشلي وهو عبد الله بن قطاف له أحاديث مستنكرة.
قال عنه ابن حبان: "كان شيخا صالحا لكن غلب عليه التقشف حتى صار يهم ولا يعلم فبطل الاحتجاج به". اهـ.
وقال ابن سعد: "كان مرجئا، وكان عابدا ناسكا، وله أحاديث، ومنهم من يستضعفه". اهـ.
وذكره البيهقي في السنن الكبرى، ونقل عن عثمان بن سعيد الدارمي أنه قال: "ليس ممن يحتج بروايته أو تثبت به سنة لم يأت به غيره". اهـ.
ولا يقال بأن رواية عون بن سلام عن أبي بكر النهشلي على شرط مسلم إنما خرجه مسلم في المتابعات.
- ويعل المرفوع منه بالموقوف فيما خرجه ابن أبي عاصم في الزهد [23]، فقال:
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَنْبَسِ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " وَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا عَلَى الأَرْضِ شَيْءٌ أَحْوَجُ إِلَى طُولِ سَجْنٍ مِنْ لِسَانٍ ".
أَخْبَرَنَا أَبُو مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ.
والله أعلم.
جزاكم الله خيراً.