2189 - " والذي بعثني بالحق ، لوقرأها موقن على جبل لزال يعني آية : " أفحسبتم أنما
خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون " " .
قال الالباني في السلسة الضعيفة:
ضعيف
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( 2/163/673 ) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "
الموضوعات " ( 1/255 - 256 ) ، قال العقيلي : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل
قال : حدثنا أبي بحديث حدثنا به خالد بن إبراهيم أبو محمد المؤذن قال : حدثنا
سلام بن رزين - قاضي أنطاكية - قال : حدثنا الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود
قال :
بينما أنا والنبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرقات المدينة ، إذا برجل قد صرع
، فدنوت منه ، فقرأت في أذنه ، فاستوى جالسا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" ماذا قرأت في أذنه يا ابن أم عبد ؟ ! "
" فقلت : فداك أبي وأمي ، قرأت : " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا
لا ترجعون " ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : .. فذكره .
أورده العقيلي في ترجمة ( سلام ) هذا ، وقال عقبه :
" [ قال عبد الله : ] قال أبي : هذا الحديث موضوع ، هذا حديث الكذابين " .
قلت : كأنه يتهم به ( سلاما ) هذا . والراوي عنه ( خالد بن إبراهيم أبو محمد
المؤذن ) لم أجد له ترجمة ، وكأن العقيلي يعرفه ، ولذلك ذكر الحديث في ترجمة
( سلام ) ، وتبعه على ذلك الذهبي في " الميزان " ، والحافظ في " اللسان " ،
وأقروا الإمام أحمد على حكمه على الحديث بالوضع ، ولخص الذهبي كلامه في ترجمة
( سلام ) من " المغني " ، فقال :
" لا يعرف ، وحديثه كذب " ! وهذا عجيب منهم ، أما الإمام أحمد ، فيمكن أن يكون عذره أنه لم يطلع على طريقه
الأخرى السالمة من الضعف الشديد ، بخلاف الحفاظ المذكورين الذين جاؤوا من بعدهم
؛ كيف لم يتعقبوه بالطريق الأخرى عن ابن مسعود ، كما فعل السيوطي في " اللآلي
المصنوعة " ( 1/247 ) ، فإنه تعقبه بما عند أبي يعلى في " مسنده " ( 8/458/5045 ) -
ومن طريقه ابن السني في " عمله " ( 203/625 ) - قال : حدثنا داود بن رشيد
: حدثنا الوليد بن مسلم ، عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن حنش الصنعاني
عن عبد الله : أنه قرأ في أذن مبتلى ، فأفاق ، فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم :
" ما قرأت في أذنه ؟ " .
قال : الحديث مثله (1) . وقال السيوطي عقبه :
" وهذا الإسناد رجاله رجال الصحيح ؛ سوى ابن لهيعة وحنش ، وحديثهما حسن " .
وكذا قال ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 1/294 ) ، وأورده في " الفصل
الثاني " الذي خصه بما تعقب فيه ابن الجوزي .
وفيما قالاه في ابن لهيعة وحنش نظر ، خالفهما في أحدهما الهيثمي بقوله في "
مجمع الزوائد " ( 5/115 ) :
" رواه أبو يعلى ، وفيه ابن لهيعة ، وفيه ضعف ، وحديثه حسن ، وبقية رجاله
رجال الصحيح " . قلت : فأشار إلى أن ( حنشا ) من رجال ( الصحيح ) أيضا ، وهو الصواب ، وهو ثقة
أيضا .
وأما قولهم في ( ابن لهيعة ) أن حديثه حسن . فهو تساهل ، اللهم إلا فيما رواه
عنه أحد العبادلة ، فهو كذلك أوأعلى ، وقد رواه عنه أحدهم ، لكنه أرسله كما
يأتي بيانه . وقد فاتهم التنبيه على أن ( الوليد بن مسلم ) وإن كان من رجال (
الصحيح ) فإنه كان يدلس تدليس التسوية . لكنه قد توبع ، فقال ابن أبي حاتم في "
التفسير " ( 7/4/2 - آخر سورة المؤمنون ) : حدثنا بحر بن نصر الخولاني : حدثنا
ابن وهب : أخبرني ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن حنش بن عبد الله :
أن رجلا مصابا مر به على ابن مسعود ، فقرأ في أذنه .. الحديث .
وهكذا عزاه ابن كثير لابن أبي حاتم لكن وقع تحريف في أكثر من موضع في إسناده .
وأخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 12/312 - 313 ) من طريق أبي عمروعفيف بن سالم
، والبغوي في " تفسيره " ( 5/432 ) من طريق بشر بن عمر قالا : أخبرنا ابن
لهيعة به .
قلت : ويلاحظ القراء معي أن هؤلاء الثلاثة : ( ابن وهب ) و( عفيف ) و( بشر )
، وثلاثتهم ثقات ، بل والأول حديثه عن ابن لهيعة صحيح - قالوا : " عن حنش بن
عبد الله أن رجلا .. " ، فأرسلوه ، بخلاف الوليد بن مسلم ، فإنه قال : " عن حنش
عن عبد الله أنه قرأ .. " ، فجعله من مسند ابن مسعود ، وإن مما لا شك فيه أن
الإرسال هو الصواب ؛ لاتفاق الثلاثة عليه ، وقد خلط السيوطي في تخريجه للحديث
بين المرسل والمسند ، فإنه ساق أولا رواية الوليد المسندة ، ثم عطف عليها سائر
الروايات التي خرجها ، وفيها رواية ابن وهب وعفيف بن سالم المرسلتين ، وخرج
روايتين أخريين عطفهما أيضا على الرواية المسندة ، ولا أدري حالهما ، لأني لم
أقف على إسنادهما ، وغالب الظن أنهما مرسلتان أيضا لرواية بشر بن عمر التي لم
يذكرها السيوطي . وبناء على هذا الخلط ساق الحديث في " الدر المنثور " ( 5/17
) من مسند ابن مسعود معزوا لبن أبي حاتم وغيره ممن رواه مرسلا ، فاقتضى
التنبيه .
والخلاصة ؛ أن علة هذا الشاهد إنما هو الإرسال ، وإسناده صحيح ، فلا يجوز أن
يحكم على الحديث بالوضع . والله أعلم .
__________
(1) وهكذا أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 1/7 ) من طريق أخرى عن داود به . اهـ