هديه - صلى الله عليه وسلم - في الصوم


أحمد بن عثمان المزيد


أ هديُهُ - صلى الله عليه وسلم - في صَوْمِ رَمَضَانَ[1]:
1- كان من هديه أنه لا يَدْخُلُ في صوم رمضان إلا بِرُؤيةٍ مُحَقَّقةٍ، أو بشهادةِ شاهدٍ، فَإِنْ لم يَكُنْ رُؤْيةٌ ولا شهادةٌ أكملَ عِدَّةَ شعبانَ ثلاثينَ.
2- وكان إِذَا حالَ ليلةَ الثلاثين دُونَ مَنْظَرِهِ سحابٌ أكملَ شعبانَ ثلاثينَ، ولم يكن يصوم يومَ الإغْمَامِ، ولا أَمَرَ به.
3- وكان مِنْ هَدْيِهِ الخروج مِنْهُ بشهادةِ اثنينِ.
4- وكان إِذَا شَهِدَ شَاهِدانِ برؤيَتِه بعد خروج وَقْتِ العيدِ أَفْطَرَ وَأَمَرَهُم بالفطرِ، وصَلَّى العيدَ بعد الغَد في وَقْتِها.
5- وكان يُعَجِّل الفطرَ، ويحثُّ عليه، ويَتَسَحَّرُ ويحُثُّ عليه، ويؤخِّرُه ويُرَغِّبُ في تأخِيره.
6- وكان يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، وكانَ فِطْرُه على رُطَبَاتٍ إِنْ وَجَدَها، فَإِنْ لَمْ يَجِدْها، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يجد فَعَلَى حَسَواتٍ مِنْ ماءٍ.
7 – وكانَ يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ، وابْتَلَّتِ العُرُوقُ، وثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى» [د].
8 – وكان مِنْ هَدْيه في شهرِ رَمَضَانَ الإكثارُ من أنواعِ العبادةِ، وكانَ جبريلُ يُدَارِسُه القرآنَ في رمضانَ.
9 – وكان يُكْثرُ فيه مِنَ الصَّدَقَةِ والإحسانِ وتِلاوَةِ القرآنِ والصَّلاةِ والذِّكْرِ والاعْتِكَافِ.
10 – وكان يَخُصُّه مِنَ العباداتِ بما لا يَخُصُّ به غَيْرَه، حَتَّى إنه ليُواصل فيه أَحْيَانًا، وكان ينهى أصحابَه عن الوِصَال، وَأَذِنَ فيه إلى السَّحَرِ.

ب هَدْيُهُ - صلى الله عليه وسلم - في مَا يُحْظَرُ وَمَا يُبَاحُ فِي الصَّوْمِ:
1- نَهَى الصائمَ عن الرَّفَثِ والصَّخَبِ والسِّبَابِ، وجوابِ السِّبَابِ، وأَمَره أنْ يقولَ لِمَنْ سابَّه: إِنِّي صَائمٌ.
2- وسافَرَ في رَمَضَان فَصَامَ وَأَفْطَرَ، وَخَيَّر أَصْحَابَه بين الأمرين.
3- وكان يأمُرهم بالفِطْرِ إِذَا دَنَوا مِنَ العَدُوِّ.
4- ولم يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ تقديرُ المسافةِ التي يُفْطِرُ فيها الصائمُ بِحَدٍّ.
5- وكان الصحابةُ حِينَ يُنْشِئُون السَّفَرَ يُفْطِرُون مِنْ غَيْرِ اعتبارِ مجاوزةِ البيوتِ، ويخبرونَ أَنَّ ذلك هَدْيُهُ وسُنته صلى الله عليه وسلم.
6- وكان يُدْرِكُهُ الفجرُ وهو جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، فيغتسلُ بَعْدَ الفجرِ ويصومُ.
7- وكان يُقَبِّلُ بعضَ أزواجِهِ وهو صائمٌ في رمضانَ.
8 – وكان يستاكُ وهو صائمٌ، ويتمضمضُ ويستنشقُ وهو صائمٌ، وكان يَصُبُّ على رأسِهِ الماءَ وهو صائمٌ.
9 – وكانَ مِنْ هَدْيِه إسقاطُ القضاءِ عَمَّن أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا.
10 – وَرَخَّصَ للمريضِ والمسافرِ أَنْ يَفْطُرا وَيَقْضِيا، والحاملُ والمرضعُ إِذَا خَافَتا عَلَى أَنْفُسِهمَا كذلك.

ج هَدْيُهُ - صلى الله عليه وسلم - في صَوْمِ التَّطَوُّعِ:
1- كان هديه فيه أكملَ الهدي، وأعظمَ تحصيلٍ للمقصودِ وأسهلَه على النفوسِ فكان يصومُ حتى يُقَالَ: لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يُقَال: لا يَصُومُ. وما استكمل صيامَ شهرٍ غَيْرَ رمضانَ، وما كان يصومُ في شهرٍ أكثرَ مما كان يصومُ في شعبان، ولم يَكُنْ يخرُجُ عن شهرٍ حتى يَصُومَ منه.
2- وكان مِنْ هديه كَرَاهِيَةُ تخصيصِ يَوْمِ الجُمُعَةِ بالصَّومِ، وكان يَتَحرَّى صِيَامَ الاثنينِ والخميسِ.
3- وكان لا يُفْطِرُ أَيَّامَ البِيضِ في حَضَرٍ ولا سَفَرٍ وكان يَحُضُّ على صيامِها.
4- وكان يَصُومُ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ ثلاثةَ أيامٍ.
5- وقال في ستة شوال: «صِيَامُهَا مَعَ رَمَضَانَ يَعْدِلُ صِيَامَ الدَّهْرِ» [م] وكان يَتَحَرَّى صومَ يومِ عاشوراءَ على سائرِ الأيامِ، وأخبر أن صومه يكفر السنة الماضية [م].
6- وقال في يوم عرفة: «صَيَامُه يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضية والبَاقِيَةَ» [م]، وكان مِنْ هَدْيِهِ إفطارُ يومِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ.
7 – ولم يَكُنْ مِنْ هديه صيامُ الدهر، بل قال: «مَنْ صامَ الدَّهْرَ لا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» [ن].
8 – وكان أحيانًا ينوي صَوْمَ التَّطوعِ ثم يُفْطِر، وكانَ يدْخُلُ عَلَى أَهْلِهِ فيقول: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيءٌ» ؟ فإن قالوا: لَا، قال: «إِنِّي إِذًا صائِمٌ» [م].
9 – وقال: «إِذَا دُعِي أَحَدُكم إلى طَعَامٍ وَهُوَ صائِمٌ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ» [م].

د هَدْيُهُ - صلى الله عليه وسلم - في الاعْتِكَافِ[2]:
1- كانَ يَعْتكِفُ العشرَ الأواخرَ مِنْ رمضانَ حَتَّى توفاه الله عزَّ وجلَّ، وتَرَكَهُ مَرَّةً فَقَضَاهُ في شوالَ.
2- واعْتَكَفَ مَرةً في العَشْرِ الأُول، ثم الأَوْسَطِ، ثم العَشْرِ الأواخِرِ يلتمسُ ليلةَ القَدْرِ، ثم تَبَيَّنَ له أَنَّهَا في العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَدَاومَ عَلَى الاعتكافِ حَتَّى لَحِقَ بَرَبِّه عَزَّ وجلَّ.
3- ولم يَفْعَلْهُ إِلَّا مَعَ الصَّومِ.
4- وكان يَأْمُرُ بخباءٍ فيُضْرَبُ لَه في المسجدِ يَخْلُو فيه.
5- وكانَ إِذَا أَرَادَ الاعتكافَ صَلَّى الفجرَ ثُمَّ دَخَلَهُ.
6- وكان إذا اعْتَكَفَ طُرِح له فِرَاشُه وَسَرِيرُه في مُعْتَكَفِهِ، وكانَ يَدْخُلُ قُبَّتَهُ وَحْدَهُ.
7 – وكان لا يدخلُ بَيْتَه إِلَّا لحاجةِ الإنسانِ.
8 – وكان يُخرج رأسَه إلى بيتِ عائشةَ فَتُرَجِّلُه وهي حائضٌ.
9 – وكان بعضُ أزواجِه تزورُه وهو مُعتكِفٌ، فإذا قَامتْ تَذْهَبُ قَامَ مَعَها يَقْلِبُها وكانَ ذَلِكَ لَيْلًا.
10 – ولم يَكُنْ يُبَاشِرُ امرأةً مِنْ نِسَائِه وهو مُعْتكِفٌ لا بِقُبْلَةٍ ولا غَيْرِها.
11- وكان يَعْتكِفُ كُلَّ سنةٍ عشرةَ أيامٍ، فَلَمَّا كانَ العامُ الذي قُبِضَ فيه اعتكفَ عِشْرِينَ يَوْمًا.



[1] زاد المعاد (2/30).
[2] زاد المعاد (2/82).