تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قواعد في الاستعداد لشهر رمضان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي قواعد في الاستعداد لشهر رمضان

    قواعد في الاستعداد لشهر رمضان (1)






    كتبه/ محمد سرحان


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فهذه قواعد مهمة ليفوز الإنسان في رمضان، ولا يضيع منه هذا الموسم الكبير للطاعات والقربات:

    القاعدة الأولى:

    أن يدخل رمضان بشوقٍ إلى الله تعالى، وشوق إلى طاعته، ونيل رضاه سبحانه، فالشوق يدفع العبد إلى العمل وبذل الجهد، وحادٍ يحدوه للاجتهاد، وفي الحديث: "وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بِالْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ ... "، وشوقك لربك ولإرضائه قد أضعفه رين الشبهات والشهوات، ومرور الأزمان، فتحتاج إلى بعث هذا الشوق من جديد إن كان ميتًا، أو استثارته إن كان كامنًا.

    القاعدة الثانية: معرفة فضل المواسم، ومنة الله فيها، وفرصة العبد منها:

    فضَّل الله عز وجل بعض الأماكن على بعض، وبعض الأزمان على بعض، وبعض الشهور على بعض، وبعض الأيام على بعض، ففضل مكة والمدينة على غيرهما، وشهر رمضان على غيره من الشهور، وليلة القدر على غيرها من الليالي، وجعل للأشهر الحرم فضلًا، وما في هذه المواسم الفاضلة موسمٌ إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعته، يُتقرَّب بها إليه، ولله فيه لطيفة من لطائف نفحاته، يصيب بها مَن يعود بفضله ورحمته عليه.

    فالسعيد مَن اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرَّب فيها إلى مولاه بما فيها مِن وظائف الطاعات؛ فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار، وما فيها من اللفحات، ومعرفة العبد بفضائل هذه المواسم، وما يجب فيها وما يستحب من الأعمال، وما فيها من عظيم الأجر وجزيل الثواب، مما يعينه على الاجتهاد فيها، وأروع ما تقرأ في ذلك كتاب: "لطائف المعارف" للإمام ابن رجب، ومختصره للشيخ "أحمد فريد".

    القاعدة الثالثة: الإعداد المُسبَق:

    الإعداد للعمل علامة التوفيق، وأمارة الصدق في القصد، قال تعالى: "وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً"، والطاعة لا بد أن يُمهَّد لها بوظائف شرعية كثيرة حتى تؤتي أكلها ويُجتبني جناها، وخاصة في شهر رمضان حيث تكون الأعمال ذات فضل وثواب، وشرف مضاعف؛ لفضل الزمان.

    وكل عمل جليل لا بد له من إعداد وتجهيز مسبق حتى يخرج منه العبد بأكبر ثمرة، وذلك بأن يبدأ الإنسان بالمحافظة على أنواع من الطاعات؛ خاصة التي يريد الاجتهاد فيها في رمضان، ويجعل له أورادًا منها قبل دخول الشهر، ويبدأ في ذلك تدريجيًّا شيئًا فشيئًا، مِن الأقل إلى الأكثر، ومِن الأسهل إلى الأصعب، حتى يدخل الشهر وهو في قمة نشاطه واجتهاده، وكثير من الناس يعقد الآمال بفعل جملة من الطاعات في شهر رمضان، فإذا ما أتى الشهر أصبح خبيث النفس كسلان؛ وذلك لأنه لم يحل عقدة العادة، والكسل والقعود.

    القاعدة الرابعة: مطالعة أحكام الصوم وما يتعلق بشهر رمضان:

    وهذا من آكد الواجبات؛ حتى لا يبطل صيامه أو يُنْقِص أجره، وليعلم أيَّ العمل أفضل فيكون إليه أسبق، ومِن الكتب المهمة في ذلك: "صفوة الكلام في مسالك الصيام" للشيخ أبي إدريس محمد عبد الفتاح، و"الجامع لأحكام الصيام" للشيخ أحمد حطيبة، و"مختصر بغية الإنسان في وظائف رمضان" للشيخ أحمد فريد.


    وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: قواعد في الاستعداد لشهر رمضان

    قواعد في الاستعداد لشهر رمضان (2)


    كتبه/ محمد سرحان



    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فنستكمل القواعد المعينة على الاستعداد لهذا الموسم العظيم:

    القاعدة الخامسة: إعداد بيان عن طاعاتك التي تريد فعلها في رمضان، وآخر عن عيوبك وذنوبك، وعاداتك السيئة التي تريد التخلص منها في رمضان، في برنامج واضح صارم، مراعيًا فيه عملك ووقتك واحتياجاتك الحياتية، وفهرس كتاب "رياض الصالحين" أو "الترغيب والترهيب" يعطيك في ذلك ما تصبو إليه، فأعظم فرصة للتعود على الطاعات وجعلها لازمة للنفس: شهر رمضان، وأفضل وقت للتعود على عادات حسنة، وترك العادات السيئة، والتخلص من الآفات والسيئات: شهر رمضان.

    فإذا كنت مدخنًا أو مبتلىً بالنظر أو الوسوسة أو العشق، أو إطلاق اللسان، أو غيرها؛ فبادر إلى تقييد كل هذا البلاء، وابدأ العمليات الجراحية في شهر رمضان، ولا تتذرع بالتدرج فإنه مخدر، بل اهجر الذنب، وقاطع المعصية، وابتُر العادة، ولا تجزع من شدة آلام ترك المعصية والعادة، فإنه ثمن العلاج الناجح، وضرورة الشفاء الباتّ الذي لا يغادر سقمًا.

    ووجه كون شهر رمضان فرصة سانحة لعلاج الآفات والمعاصي والعادات، أنه شهر حمية؛ أي: امتناع عن الشهوات، والشهوات مادة النشوز والعصيان، كما أن الشياطين فيه تصفّد وهم أصل كل بلاء يصيب ابن آدم.

    أضف إلى ذلك: جماعية الطاعة، حيث لا يبصر الصائم في الغالب إلا أمةً تصوم وتتسابق إلى الخيرات؛ فتضعف همته في المعصية، وتقوى في الطاعة، مع عزيمة النفس الصادقة للإصلاح، فيستأصل الداء بإذن الله.

    القاعدة السادسة: محاسبة النفس:

    والمقصود بها: فحصُ الطاعة ظاهرًا وباطنًا، وأولًا وآخرًا، بحثًا عن الثمرة، وليتدارك النقص والخلل، والمحاسبة تكون قبل العمل وأثناءه وبعده؛ أما قبله: فبالاستعداد له، واستحضار ما قصّر فيه حتى يتلافاه، والنية الصالحة فيه، وأما أثناؤه: فبمراقبة العمل ظاهرًا وباطنًا، أوله وآخره، والمحاسبة بعد العمل: تكون بالنظر في إحسانه وإخلاصه، وإعادة ذلك العمل.

    وهذه المحاسبة إذا واظب عليها المرء صارت مسلكًا لا يحتاج إلى تكلّف ومعالجة، وسيجد أثر هذه المحاسبة وثمرتها تزايدًا في مقام الإحسان الذي سعى إليه كل السالكون، وهي أن يعبد الله كأنه يراه.

    ومثل هذه المحاسبة ينبغي أن تكون في الخفاء بين الإنسان ونفسه، وإن استطاع أن يحاسب العبد نفسه كل يوم في رمضان وفي غيره فليفعل، وفي رمضان يحاسب نفسه على برنامجه الذي أعدَّه ما أدَّى منه وما ترك، وما تخلص من عيوبه وذنوبه، وتكون المحاسبة كمحاسبة الشريك الشحيح لشريكه، لا محاسبة المهلك لنفسه بأن يلتمس لها الأعذار في كلِّ ما يفعل، وينقلب منها راضيًا عن نفسه، قال عمر رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، وتهيأوا للعرض الأكبر، يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية"، وقال الحسن البصري: "إنما خَفَّ الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب على قوم أخذوا هذا الأمر بغير جدٍّ فلم يحاسبوا أنفسهم".

    القاعدة السابعة: نبذ البطالة والبطالين، ومصاحبة ذوي الهمم:

    وهذه قاعدة أساسية في حياة الإنسان كلها، وليس هناك أشأم على السائر إلى الله مِن البطالة وصحبة البطالين، فالصاحب ساحب، والقرين بالمقارن يقتدي، وفي قصة قاتل المائة نفس دليل واضح على ذلك؛ فلا بد أن يترك بلده بلد الباطلين وأصحاب المعاصي، إلى بلد بها صحبة صالحة يعبد الله معهم، فلو صحب الإنسان مَن يظنون أن قيام ساعة مِن الليل إنجاز باهر، ومَن يصلون التراويح في أكثر المساجد تقصيرًا للصلاة، ثم يسمرون بقية الليل بين البرامج أو المباريات أو صفحات الإنترنت، وهم يظنون أنهم من السابقين؛ فهو مغبون لن يعْدُو قدره، بل سيظل راضيًا عن نفسه مانًّا على ربِّه بتلك الدقائق التي أجهد نفسه فيها، ولكنه لو رأى الأوتاد مِن حوله تقف الساعات الطوال في تهجد وتبتل وبكاء (وهم مُتَقَالُّونْهَ ا)؛ فأقل أحواله أن يظل كسيرًا حسيرًا على تقصيره، وابحث عن شيخ مربٍّ من أهل السنة على منهج السلف؛ لتستفيد مِن هديه وسمته وعلمه.

    والحمد لله أولًا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.

    وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •