تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: القلب السليم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي القلب السليم

    القلب السليم
    قال ابن القيم:
    "وقد اختلفت عبارات الناس في معنى القلب السليم والأمر الجامع لذلك :
    أنه الذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه
    ومن كل شبهة تعارض خبره
    فسلم من عبودية ما سواه وسلم من تحكيم غير رسوله
    فسلم في محبة الله مع تحكيمه لرسوله في خوفه ورجائه والتوكل عليه والإنابة إليه والذل له وإيثار مرضاته في كل حال والتباعد من سخطه بكل طريق وهذا هو حقيقة العبودية التي لا تصلح إلا لله وحده.
    فالقلب السليم :
    هو الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شرك بوجه ما بل قد خلصت عبوديته لله تعالى : إرادة ومحبة وتوكلا وإنابة وإخباتا وخشية ورجاء وخلص عمله لله
    فإن أحب أحب في الله وإن أبغض أبغض في الله
    وإن أعطى أعطى لله وإن منع منع لله
    ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الانقياد والتحكيم لكل من عدا رسوله صلى الله عليه وسلم
    فيعقد قلبه معه عقدا محكما على الائتمام والاقتداء به وحده دون كل أحد في الأقوال والأعمال .
    [ إغاثة اللهفان - ص: 7-8 ] .
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية :
    " لا يكون العبد ملتفتا إلى غير الله ولا ناظرا إلى ما سواه : لا حبا له ولا خوفا منه ولا رجاء له
    بل يكون القلب فارغا من المخلوقات خاليا منها لا ينظر إليها إلا بنور الله
    فبالحق يسمع وبالحق يبصر وبالحق يبطش وبالحق يمشي
    فيحب منها ما يحبه الله ويبغض منها ما يبغضه الله
    ويوالي منها ما والاه الله ويعادي منها ما عاداه الله
    ويخاف الله فيها ولا يخافها في الله
    ويرجو الله فيها ولا يرجوها في الله
    فهذا هو القلب السليم الحنيف الموحد المسلم المؤمن العارف المحقق الموحد بمعرفة الأنبياء والمرسلين
    وبحقيقتهم وتوحيدهم .
    [ رِسَالَة العبودية : ص (33) ] .
    قال ابن القيم:
    " والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل، والحقد والحسد، والشح والكبر، وحب الدنيا والرياسة,
    فسلم من كل آفة تبعده من الله،
    وسلم من كل شبهة تعارض خبره,
    ومن كل شهوة تعارض أمره,
    وسلم من كل إرادة تزاحم مراده
    , وسلم من كل قاطع يقطعه عن الله .
    [ الجواب الكافي- ص:(84) ].
    قال ابن القيم:
    " .. القلب السليم: وهو النقي من الغل والدغل وحقيقته الذي قد سلم لله تعالى وحده فخلص من دغل الشرك وغله ودغل الذنوب والمخالفات " . [ بدائع الفوائد : (2 /361) ].
    قال ابن القيم في وصف عكوف القلب السليم على ما يقربه إلى الله:
    " ... وفي ذلك ما يهيج القلب السليم ويأخذ بمجامعه ويجعله عاكفا على ربه الذي لا إله إلا هو ولا رب له سواه عكوف المحب الصادق على محبوبه الذي لا غنى له عنه ولا بد له منه ولا تندفع ضرورته بغيره أبدا " .
    [ طريق الهجرتين : (ص: 357) ] .
    قال ابن القيم:
    " ... فالقلب الصحيح : هو القلب السليم الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به
    كما قال تعالى : { يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم } .
    والسليم هو السالم وجاء على هذا المثال لأنه للصفات كالطويل والقصير والظريف
    فالسليم القلب الذي قد صارت السلامة صفة ثابتة له كالعليم والقدير
    وأيضا فإنه ضد المريض والسقيم والعليل .
    [ طريق الهجرتين : (ص: 353- 354) ] .
    قال ابن القيم:
    " الأحكام ثلاثة حكم شرعي ديني فهذا حقه أن يتلقى بالمسالمة والتسليم وترك المنازعة بل بالانقياد المحض
    وهذا تسليم العبودية المحضة فلا يعارض بذوق ولا وجد ولا سياسة ولا قياس ولا تقليد ولا يرى إلى خلافه سبيلا البتة
    وإنما هو الانقياد المحض والتسليم والإذعان والقبول فإذا تلقى بهذا التسليم والمسالمة إقرارا وتصديقا بقي هناك انقياد آخر وتسليم آخر له إرادة وتنفيذا وعملا فلا تكون له شهوة تنازع مراد الله من تنفيذ حكمه كما لم تكن له شبهة تعارض إيمانه وإقراره
    وهذا حقيقة القلب السليم الذي سلم من شبهة تعارض الحق وشهوة تعارض الأمر ...
    [ طريق الهجرتين : (ص: 66) ] .
    قال ابن القيم في حديثه عن حياة القلب وصحته
    " لما كان في القلب قوّتان: قوّة العلم والتمييز، وقوّة الإرادة والحب:
    كان كماله وصلاحه باستعمال القوتين فيما ينفعه، ويعدو عليه بصلاحه وسعادته،
    فكماله باستعمال قوة العلم في إدراك الحق، ومعرفته ،
    والتمييز بينه وبين الباطل،
    وباستعمال قوة الإرادة والمحبة في طلب الحق ومحبته وإيثاره على الباطل.
    فمن لم يعرف الحق فهو ضال، ومن عرفه وآثره غيره عليه فهو مغضوب غليه. ومن عرفه واتبعه فهو منعم عليه. "
    [ رسالة في أمراض القلوب : ص(24) ] .
    قال ابن القيم:
    " ... ولا يتم له سلامته مطلقاً حتى يسلم من خمسة أشياء:
    من شرك يناقض التوحيد,
    وبدعة تخالف السنة,
    وشهوة تخالف الأمر,
    وغفلة تناقض الذكر,
    وهوى يناقض التجريد, والإخلاص،
    وهذه الخمسة حجب عن الله,
    وتحت كل واحد منها أنواع كثيرة تتضمن أفراد الأشخاص لا تحصر،
    ولذلك اشتدت حاجة العبد بل ضرورته إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم"
    [ الجواب الكافي : ص:(84) ].
    قال ابن رجب:
    " فلا صلاحَ للقلوب حتَّى تستقرَّ فيها معرفةُ اللهِ وعظمتُه ومحبَّتُه وخشيتُهُ ومهابتُه ورجاؤهُ والتوكلُ عليهِ ،
    وتمتلئَ مِنْ ذَلِكَ
    ، وهذا هوَ حقيقةُ التوحيد ،
    وهو معنى (( لا إله إلا الله )) ،
    فلا صلاحَ للقلوب حتَّى يكونَ إلهُها الذي تألَهُه وتعرفه وتحبُّه وتخشاه هوَ الله وحده لا شريكَ لهُ ،
    ولو كانَ في السماوات والأرض إله يُؤَلَّه سوى الله ، لفسدت بذلك السماوات والأرض ،
    كما قالَ تعالى : { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللهُ لَفَسَدَتَا }.
    فعلم بذلك أنَّه لا صلاحَ للعالَم العلويِ والسُّفليّ معاً حتى تكونَ حركاتُ أهلها كلُّها لله "
    جامع العلوم والحكم (8 / 26).
    وقال:
    " وحركاتُ الجسدِ تابعةً لحركةِ القلب وإرادته ،
    فإنْ كانت حركتُه وإرادتُه لله وحدَه ،
    فقد صَلَحَ وصَلَحَتْ حركاتُ الجسدِ كلِّه ،
    وإنْ كانت حركةُ القلب وإراداته لغيرِ الله تعالى فسدَ ،
    وفسدت حركاتُ الجسد بحسب فسادِ حركة القلب "
    [ جامع العلوم والحكم (8 / 26) ] .
    قال ابن رجب:
    " إنَّ حركات القلب والجوارح إذا كانت كلُّها لله فقد كَمُلَ إيمانُ العبد بذلك ظاهراً وباطناً ،
    ويلزمُ من صلاح حركات القلب صلاحُ حركات الجوارح ،
    فإذا كان القلب صالحاً ليس فيه إلا إرادة الله وإرادة ما يريده لم تنبعثِ الجوارحُ إلا فيما يُريده الله،
    فسارعت إلى ما فيه رضاه، وكَفَّتْ عما يكرهه ، وعما يخشى أنْ يكونَ مما يكرهه وإنْ لم يتيقن ذلك .
    [ جامع العلوم والحكم : (8 / 28) ] .
    قال ابن القيم:
    " فالقلب الصحيح السليم
    : ليس بينه وبين قبول الحق ومحبته وإيثاره سوى إدراكه
    فهو صحيح الإدراك للحق
    تام الانقياد والقبول له"
    [ إغاثة اللهفان : (ص: 10) ] .
    قال ابن رجب:
    " فإنْ كان قلبُه سليماً ، ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يُحبه الله ،
    وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه ،
    صلحت حركاتُ الجوارح كلّها ،
    ونشأ عن ذلك اجتناب المحرَّمات كلها ،
    وتوقي للشبهات حذراً مِنَ الوقوعِ في المحرَّمات .
    وإنْ كان القلبُ فاسداً ،
    قدِ استولى عليه اتِّباعُ هواه ، وطلب ما يحبُّه ، ولو كرهه الله ،
    فسدت حركاتُ الجوارح كلها ،
    وانبعثت إلى كلِّ المعاصي والمشتبهات بحسب اتِّباع هوى القلب .
    ولهذا يقال :
    القلبُ مَلِكُ الأعضاء ، وبقيَّةُ الأعضاءِ جنودُه ،
    وهم مع هذا جنودٌ طائعون له، منبعثون في طاعته، وتنفيذ أوامره ، لا يخالفونه في شيءٍ من ذلك،
    فإنْ كان الملكُ صالحاً كانت هذه الجنود صالحةً ،
    وإنْ كان فاسداً كانت جنودُه بهذه المثابَةِ فاسدةً ،
    ولا ينفع عند الله إلاّ القلبُ السليم "
    [ جامع العلوم والحكم (8 / 24) ] .
    وقال ابن رجب في حديثه عن استقامة الإيمان:
    " والمراد باستقامة إيمانه : استقامةُ أعمال جوارحه، فإنَّ أعمالَ الجوارحِ لا تستقيمُ إلا باستقامة القلب
    ، ومعنى استقامة القلب:
    أنْ يكونَ ممتلئاً مِنْ محبَّةِ الله، ومحبَّة طاعته ، وكراهة معصيته " [ جامع العلوم والحكم (8 / 25) ] .
    وقال ابن القيم
    وأي لذة ونعيم في الدنيا أطيب من بر القلب وسلامة الصدر ومعرفة الرب تعالى ومحبته والعمل على موافقته
    وهل عيش في الحقيقة إلا عيش القلب السليم
    وقد أثنى الله تعالى على خليله عليه السلام بسلامة القلب
    فقال { وإن من شيعته لإبراهيم * إذ جاء ربه بقلب سليم }
    وقال حاكيا عنه أنه قال { يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم } .
    [ الجواب الكافي ] .
    قال ابن القيم: " ..
    فهذا القلب السليم في جنة معجلة في الدنيا وفي جنة في البرزخ وفي جنة يوم المعاد"
    [ الجواب الكافي - (ص: 84) ]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: القلب السليم


    من سنة الله الكونية الاختلاف
    كما قال تعالى
    {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}


    والاختلاف نوعان: نوعٌ محرمٌ مذمومٌ، وهو اختلاف التفرق الذي وقع به أهل الملل والفرق المنحرفة،
    كما قال تعالى:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
    وقال أيضا:{وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ - مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}


    والنوع الآخر اختلاف سائغٌ، وهو اختلاف أهل الحق فيما يسوغ فيه الخلاف من الأمور العلمية والعملية، وأصحابُه مأجورون على كلّ حالٍ بأجرين أو بواحد،

    وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أئمة الإصلاح في زمانه، وما زالت كتاباته إماماً لأهل الإصلاح في كلِّ زمانٍ ومكانٍ.
    وقدخالفه عديدٌ من أهل عصره في المسائل العلمية والعملية، مما يسوغ فيه الخلاف ومما لا يسوغ، وقد تمادى بعضُ مخالفيه فتجاوز الحدَّ فيه بالتكفير والدعوة إلى قتله، وباشر بعضهم الضرب، وسعوا في سجنه، فسجن عدة مرات حتى مات في سجنه صابراً محتسباً.
    ومع ذلك كان الشيخُ مثالاً يقتدي به كلُّ الدعاة على مرِّ الزمان.
    ومنهج شيخ الاسلام مع المخالفين
    يقوم على أصلين عظيمين:
    بيان الحق ورحمة الخلق.


    أولاً: بيان الحق
    بيانُ الحق وردّ الباطل حقٌ واجب على جميع الأمة، وخاصةً من نصبهم الله لذلك وهم العلماء ورثة الأنبياء،
    والباطلُ مردودٌ حتى لو قال به عالمٌ من الراسخين، أو وليٌّ من الصالحين،
    فحقُّ الشريعة وجنابُها مقدَّمٌ على الخلق، مع الاعتذار والاحترام للمجتهدين.


    أما أهل البدع فيجب ردُّ باطلهم مع بيان حالهم، وخاصةً إذا كانوا من الداعين لبدعهم.
    وقد تجلَّى هذا المنهج في كتب شيخ الإسلام ورسائله وفتاويه.
    قال في "منهاج السنة النبوية" (5/ 146):"
    وكذلك بيان أهل العلم لمن غلط في رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو تعمّد الكذب عليه، أو على من ينقل عنه العلم، وكذلك بيان من غلط في رأي رآه في أمر الدين من المسائل العلمية والعملية ;
    فهذا إذا تكَّلم فيه الإنسان بعلم وعدل، وقصد النصيحة،
    فالله تعالى يثيبه على ذلك، لا سيما إذا كان المتكلم فيه داعياً إلى بدعة،
    فهذا يجب بيان أمره للناس، فإن دفع شره عنهم أعظم من دفع شر قاطع الطريق".


    وقال في "مجموع الفتاوى" (28/ 231):"
    ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛
    فإنَّ بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجبٌ باتفاق المسلمين،
    حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟
    فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه،
    وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل.

    ...
    إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين،
    ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين،
    وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛
    فإنَّ هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً،
    وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء".

    ثانياً: العدلُ والإنصاف
    قال ابن تيمية في" منهاج السنة" 5/157:" فأهل السنة يستعملون معهم -أي المخالفين- العدل والإنصاف، ولا يظلمونهم، فإن الظلم حرام مطلقاً".
    ولما صنّف كتاباً في الاستغاثة ردَّ عليه أحدهم فكفَّره وضلله وشتمه، ومع ذلك لم يقابله بالمثل،
    بل قال كما في "الرد على الإخنائي" (ص: 92):
    " وهذا الموضع يغلط فيه هذا المعترض وأمثاله، ليس الغلط فيه من خصائصه، ونحن نعدل فيه ونقصد قول الحق والعدل فيه، كما أمر الله تعالى؛ فإنه أمر بالقسط على أعدائنا الكفار،
    فقال سبحانه وتعالى:{ كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا [المائدة: 8]. فكيف بإخواننا المسلمين، والمسلمون إخوة، والله يغفر له ويسدّده ويوفقه وسائر إخواننا المسلمين".


    وقال في "مجموع الفتاوى" (3/245):
    "هذا وأنا في سعة صَدْرٍ لمن يخالفني،
    فإنه وإن تعدَّى حدود الله فيّ بتكفير أو تفسيق أو افتراء أو عصبية جاهلية ،
    فأنا لا أتعدى حدود الله فيه، بل أضبط ما أقوله وأفعله، وأزنه بميزان العدل، وأجعله مؤتماً بالكتاب الذي أنزله الله، وجعله هدى للناس، حاكماً فيما اختلفوا فيه..."انتهى.



    قال شيخ الاسلام رحمه الله في
    " مجموع الفتاوى" (3/ 232):" ما ذكرتم من لين الكلام والمخاطبة بالتي هي أحسن،
    فأنتم تعلمون أني من أكثر الناس استعمالاً لهذا،
    لكن كل شيء في موضعه حسن،
    وحيث أمر الله ورسوله بالإغلاظ على المتكلم لبغيه وعدوانه على الكتاب والسنة،
    فنحن مأمورون بمقابلته،
    لم نكن مأمورين أن نخاطبه بالتي هي أحسن".
    قال شيخ الاسلام فى خصومه الذين كانوا السبب فى دخوله السجن أنا أحب لهم أن ينالوا من اللذة والسرور والنعيم ما تقر به أعينهم، وأن يفتح لهم من معرفة الله وطاعته الجهاد في سبيله ما يصلون به إلى أعلى الدرجات"."مجموع الفتاوى" (28/41)
    وقال أيضا في" مجموع الفتاوى" (28 /55):
    " وأنا أحب الخير لكل المسلمين، وأريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي".


    وقال ابن القيم عن ابن تيمية في "مدارج السالكين" (2/329)
    : " كان بعض أصحابه الأكابر يقول: وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه،
    وما رأيته يدعو على أحد منهم قط، وكان يدعو لهم".


    بل حبه للخير لم يختص بالمسلمين بل تعداه الى جميع الناس ولو كانوا من الكافرين ، فقد قال في رسالة وجهها للملك النصراني (سرجون) حاكم قبرص: "نحن قوم نحب الخير لكل أحد، ونحب أن يجمع الله لكم خير الدنيا والآخرة"، "مجموع الفتاوى" (28/615).

    ومن كلام شيخ الاسلام رحمه الله فيمن آذوه،

    فلا أحبُّ أن ينتصر من أحد بسبب كذبه علي أو ظلمه وعدوانه، فإني قد أحللت كل مسلم، وأنا أحب الخير لكل المسلمين، وأريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي، والذين كذبوا وظلموا فهم في حلٍّ من جهتي، وأما ما يتعلق بحقوق الله فإن تابوا تاب الله عليهم، وإلا فحكم الله نافذ فيهم". "مجموع الفتاوى" (28/ 55):"

    وقال
    " وأنا والله من أعظم الناس معاونةً على إطفاء كل شر فيها وفي غيرها، وإقامة كل خير، وابن مخلوف لو عمل مهما عمل، والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه، ولا أعين عليه عدوه قط، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه نيتي وعزمي، مع علمي بجميع الأمور، فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين ولن أكون عونا للشيطان على إخواني المسلمين. ولو كنتُ خارجاً لكنت أعلم بماذا أعاونه، لكن هذه مسألة قد فعلوها زورا والله يختار للمسلمين جميعهم ما فيه الخيرة في دينهم ودنياهم، ولن ينقطع الدور وتزول الحيرة إلا بالإنابة إلى الله والاستغفار والتوبة وصدق الالتجاء، فإنه سبحانه لا ملجأ منه إلا إليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله".
    ى مجموع الفتاوى" (3/ 271)

    قال ابن القيم في "مدارج السالكين" (2/345)
    " وكان بعض أصحابه الأكابر يقول : وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه، وما رأيته يدعو على أحد منهم قط وكان يدعو لهم وجئتُ يوماً مبشراً له بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوة وأذى له، فنهرني وتنكر لي واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم، وقال : إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، ونحو هذا من الكلام، فسروا به ودعوا له وعظّموا هذه الحال منه فرحمه الله ورضي عنه".


    فلذلك قال القاضي ابن مخلوف وقد كان خصما له :"ما رأينا مثل ابن تيمية , حرضنا عليه فلم نقدر عليه , وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا".
    وفي اللحظات الأخيرة من حياته –رحمه الله- مرض أياماً في محبسه الأخير في القلعة، فعلم بمرضه أحد وجهاء الدولة وهو شمس الدين الوزير، فجاءه يستأذنه في الدخول عليه لعيادته، فأذن الشيخ له في ذلك، فلما جلس عنده أخذ الوزير يعتذر له عن نفسه، ويلتمس منه أن يحلّه مما عساه أن يكون قد وقع منه في حق الشيخ من تقصير أو غيره. فأجابه ابن تيمية
    بقوله: إني قد أحللتُك وجميع من عاداني وهو لا يعلم أني على الحق .


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: القلب السليم

    وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ
    وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ
    لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ
    وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
    {الأعراف:43}،

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: القلب السليم

    بارك الله فيك ...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •