قال ابن القيم رحمه الله
قلب [المؤمن] محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان،
وانقشعت عنه حجب الشهوات،
وأقلعت عنه تلك الظلمات،
فلنوره في صدره إشراق ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس احترق به،
فهو كالسماء التي حرست بالنجوم فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم فاحترق،
وليست السماء بأعظم حرمة من المؤمن،
وحراسة الله تعالى له أتم من حراسة السماء، والسماء متعبد الملائكة ومستقر الوحي وفيها أنوار الطاعات،
وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة والمعرفة والإيمان وفيه أنوارها،
فهو حقيق أن يحرس ويحفظ من كيد العدو فلا ينال منه شيئا إلا خطفه
*********
وقال ابن القيم رحمه الله
وَخلق الله الْقُلُوب وَجعلهَا محلا لمعرفته ومحبّته وإرادته فَهِيَ عرش الْمثل الْأَعْلَى الَّذِي هُوَ مَعْرفَته ومحبّته وإرادته
قَالَ تَعَالَى {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}
وَقَالَ تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَوَات وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم
وَقَالَ تَعَالَى {لَيْسَ كمثله شَيْء}
فَهَذَا من الْمثل الْأَعْلَى
وَهُوَ مستو على قلب الْمُؤمن فَهُوَ عَرْشه
وَإِن لم يكن أطهر الْأَشْيَاء وأنزهها وأطيبها وأبعدها من كل دنس وخبث لم يصلح لِاسْتِوَاء الْمثل الْأَعْلَى عَلَيْهِ معرفَة ومحبة وَإِرَادَة
فَاسْتَوَى عَلَيْهِ مثل الدُّنْيَا الْأَسْفَل ومحبتها وإرادتها والتعلّق بهَا فَضَاقَ وأظلم وَبعد من كَمَاله وفلاحه
حَتَّى تعود الْقُلُوب على قلبين قلب هُوَ عرش الرَّحْمَن فَفِيهِ النُّور والحياة والفرح وَالسُّرُور والبهجة وذخائر الْخَيْر
وقلب هُوَ عرش الشَّيْطَان فهناك الضّيق والظلمة وَالْمَوْت والحزن وَالْغَم والهم
فَهُوَ حَزِين على مَا مضى مهموم بِمَا يسْتَقْبل مغموم فِي الْحَال
وَقد روى التِّرْمِذِيّ وَغَيره عَن النَّبِي أَنه قَالَ
إِذا دخل النُّور الْقلب انْفَسَخ وانشرح قَالُوا فَمَا عَلامَة ذَلِك يَا رَسُول الله
قَالَ الْإِنَابَة إِلَى دَار الخلود والتجاني عَن دَار الْغرُور والاستعداد للْمَوْت قبل نُزُوله
والنور الَّذِي يدْخل الْقلب إِنَّمَا هُوَ آثَار الْمثل الْأَعْلَى
فَلذَلِك يَنْفَسِخ وينشرح وَإِذا لم يكن فِيهِ معرفَة الله ومحبّته فحظّه الظلمَة والضيق
من كتاب الفوائد
****************
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة النبوية):
من هذا الباب قول القائل: "القلب بيت الرب" وما يذكرونه في الإسرائيليات من قوله: "ما وسعتني أرضي ولا سمائي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن التقي، النقي، الورع اللين"،
فليس المراد أن الله نفسه يكون في قلب كل عبد،
بل في القلب معرفته، ومحبته، وعبادته. والنائم يرى في المنام إنسانا يخاطبه، ويشاهده، ويجري معه فصولا،
وذلك المرئي قاعد في بيته، أو ميت في قبره، وإنما رأى مثاله. اهـ.
وقال في (أحاديث القصاص): منها:
«ما وسعني سمائي ولا أرضي، بل وسعني قلب عبدي المؤمن» هذا مذكور في الإسرائيليات. وليس له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومعناه: وسع قلبه الإيمان بي، ومحبتي، ومعرفتي.
وإلا فمن قال: إن ذات الله تحل في قلوب الناس، فهو أكفر من النصارى الذين خصوا ذلك بالمسيح وحده. اهـ.