كيف نستغل الشهر الفضيل لمحو الذنوب والمعاصي؟



دعا الدكتور سلطان إبراهيم الهاشمي أستاذ مساعد فقه المعاملات بجامعة قطر إلى صيام شهر رمضان صيام المودع مثل أدائنا الصلاة كصلاة المودع.

وذكر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ‏عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال (صل صلاة مودع) أي اجعلها آخر صلاة تصليها، ‏وقياساً عليه نقول صم صيام مودع أي اجعل هذا الشهر آخر شهر رمضان تصومه، ثم تقبض روحك بعد ذلك”.

وتابع: “كم من الناس كانوا معنا في رمضان الماضي وكانوا يعيشون بيننا، فخطفهم الموت وهم اليوم في باطن الأرض ويتمنى الواحد منهم أن يكون مكاننا اليوم. فعلينا ألا نضيع هذه الفرصة وأن نحسن النية مع الله عز وجل ونستغل كل ساعة في التقرب إلى الله خلال الشهر الفضيل“.

وأضاف: “الأيام تمر مسرعة، كما لو كانت الحياة مهرولة، ونحن كالأيام كلما ذهب يوم ذهب بعضُنا، نخوض الحياة مجتهدين أن تكون لله وفي الله ومع الله، تصيبنا علائق الدنيا هنا وهناك، نتخلص منها بالصلوات والجمع والاستغفار، وما كان أكبر من ذلك فهي التوبة والإنابة وصفاء الروح ومناجاة الخالق الرحمن“.

وأكد ضرورة أن نرتقي في الطاعات ونعمل على ترويض انفسنا لعلها تصبح عادة في سلوكنا اليومي بعد رمضان، لافتاً إلى أن المؤمن في الشهر الفضيل يكسر شهوته، ويروض ذاته على العبادة والتقوى وتدبر القرآن.
وقال الدكتور الهاشمي: “المسلم مهما كان موقعه الاجتماعي عليه أن يقتدي بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فالنبي كان شديد الحرص على جعل هذه الأيام المعدودات راحة للقلب بالذكر، وتهذيب النفوس، وقيام الليل، ومسلكا لتقويم الأخلاق بالتوبة والتكافل” .

ونبه إلى أن صيام جميع المسلمين في زمن واحد له دلالة عظيمة في التشارك في معاني التربية والتطهير الروحي.
وأضاف: “الصيام يجعلنا نملك الإرادة وعلو الهمة، ونعطي الروح حقها بعد إذ تفرّد الجسد بشهواته، هنا تتحقق التقوى، التي تعد غاية الصيام الأولى، ومعها الشكر والرشد حيث معرفة الله وسعة رحمته ومغفرته، فربما لحظة صدق فيه تبارك العمر كله، وتصوّب المسار، وتنير الطريق، ليسير أحدنا في دنياه على بصيرة، وفي رحلته إلى الله على يقين برضاه وحبه.”

ودعا إلى استغلال الشهر الفضيل بالمشاركة في الدروس الإيمانية وتلاوة القرآن الكريم، وتدبره والعمل به وتعليمه، وتحصيل الفهم السليم والعمل الصحيح له ولرمضان.

وتابع: “ان الله تعالى تولى بنفسه بيان المقصد الأساسي من الصيام وتعليل حكمه؛ فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]. لذلك إذا سمعت في القرآن (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فارْعها سمعك فإنك مشمول بخطابه القاصد.

ولفت إلى أن من أهم فوائد الصيام التقوى وتأمين السير إلى الله، أما باقي الفوائد مثل الصحة الجسدية والنفسية والعقلية والاجتماعية والاقتصادية، فيمكن اعتبارها فوائد ثانوية.

وتحدث الدكتور سلطان الهاشمي عن التقوى موضحاً أنها موجودة في كل ملة وانها في القرآن الكريم من الكليات الخلقية.

وقال: “التقوى تحمي ديننا وشرفنا ومروءتنا، والصيام فيه عنصر الإمساك والحماية” واستشهد على ذلك بحديث: “مَن استطاع منكُم الباءةَ فليتزوَّج، ومَن لم يجِدْ فعليه بالصَّومِ فإنَّه له وجاءٌ” [متفق عليه]، موضحا أن الصيام وسلّمًا للارتقاء وبلوغ المقامات.

وشدد على أن الشهر الفضيل يعد فرصة لمحو الذنوب وتطهير الإنسان من المعاصي والذنوب التي يمكن أن يكون ارتكبها طوال العام، لافتاً إلى أن الصائم يخرج من الشهر الفضيل في حالة من النشوى والسعادة مغفورا له ذنوبه بأمر الله.

وأشار إلى أن العبد الشقى هو هذا العبد الذي أدرك رمضان وخرج منه ولم يغفر له، وأوضح ذلك قائلا: “(شقِيَ عبدٌ أدركَ رمضانَ فانسلخَ منهُ ولَم يُغْفَرْ لهُ) [صحيح الأدب المفرد]”.

وأكد الدكتور الهاشمي ان التوبة هي العنصر الأساس في التعرض لنفحات رمضان وبركاته، وقال: “رمضان شهر كريم ومبارك، فكن كريما معه تلتمس بركاته على الطريق الصحيح “.

المصدر : الشرق القطرية
منقول