إدارة الأفـــكار


بقلم: طلال أحمد باديان
إن أسلوب إدارة الأفكار أو الإدارة بالأفكار من الأساليب الإدارية الجديدة، وهو يقضي بتجميع الأفكار ومن ثم دراستها وتنفيذ الصالح منها، فكم خطرت ببالك أفكار معينة, ثم ماتت في مهدها، وكم وأنت ذاهبٌ بسيارتك إلى العمل, خطرت لك فكرة تحل إشكالاً وقع في عملك, أو في دائرة محيطك الذي تعيش فيه، فما تلبث إلاّ دقائقَ معدودة؛ فإذا بها تتبخر وتصبح تلك الفكرة في (خبر كان).

لعلك تسأل عن سبب ذلك؛ إنه ببساطة عدم استثمارك للأفكار، وعدم إدارتك لها إدارة فعّالة، إذ إنَّ تبلور الأفكار في ذهن الإنسان ليسَ له وقت معين ولا مناسبة معينة فهو كالبرق الخاطف، أطلقَ عليه (أسبورن) مصطلح (التخيل المنظم) ويعني تبلور وابتكار الأفكار.
يقول الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي: «إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره».
فعندما تبدأ الفكرة تتبلور في ذهنك، فعليك بالتحمس لها وعدم الاستهانة بها مهما كانت صغيرة، فلربما تكون هذه الفكرة هي الحدث الأكبر في العالم، وعندئذ قم بكتابتها وتدوينها حتى لا تصبح في طي النسيان، فالفكرة عندما نكتب يُكتب لها عمر أطول من عمرها الحقيقي.
بعد ذلك بادر بدراستها ومناقشتها، فدرجة الحماس لديك - للفكرة - اليوم قد تتلاشى غداً، ولكنَّ ثمة أمرين عليك القيام بهما قبل ذلك، وهما: الاختيار الأمثل لوقت مناقشة الفكرة ومكانها، وذلك على حسب صفاء ذهنك وتفرغك التام، بعيداً عن جميع القواطع والملهيات، مع الحرص على الطاعة فإنها تشرح الصدر، والأمر الآخر هو استشارة من تثق به ومن لديه إلمام ولو بالموضوع العام بالفكرة، وقد قيل قديماً: «من شاور الرجال شاركهم في عقولهم».
إنَّ الحدث الأهم من دراسة هذا الأسلوب – إدارة الأفكار - هو كيفية تحويل الأفكار إلى حقائق حيث لا قيمة للفكرة إذا لم تكن ملموسة، وهل الفكرة صالحة للتنفيذ أم لا؟ فإذا كانت غير صالحة فقم بحفظها في (أرشيفك) الخاص بك، فقد تحتاج إليها مستقبلاً، أما إذا كانت صالحة فحدد الإجراءات التي ستتخذها نحو تنفيذ الفكرة والوقت المستغرق لإنجاز تلك الإجراءات، وكذلك يمكنك الاستعانة بتقنيات وبرامج لتنقيح ومناقشة وتقييم الأفكار من خلال مشاركة عدة أشخاص في المناقشة والتقييم، ومن أحدث تلك البرامج برنامج مركز إدارة الأفكار (آيدياسنترال 4.0)، وبرنامج (HypeIMT)، وكلا البرنامجين يقوم «بتجميع وتقييم أكبر قدر من الأفكار بفاعلية وسرعة وخيارات مرنة وعمل انسيابي منتظم».
بيد أنَّ هناك استراتيجية مهمة قد تساعدك على توليد أكبر قدر من الأفكار ومناقشتها وتقييم الأفضل منها، وهي: (إستراتيجية العصف الذهني)، حيث تعتمد على قاعدة الكم يولد الكيف على رأي المدرسة الترابطية، والتي «ترى أن الأفكار مرتبة في شكل هرمي وأن أكثر الأفكار احتمالاً للظهور والصدور هي الأفكار العادية والشائعة المألوفة، وبالتالي فللتوصل إلى الأفكار غير العادية والأصلية يجب أن تزداد كمية الأفكار».