تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال

    الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال (1)

    نسب الفاطميين






    كتبه/ أحمد حرفوش


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فقد بدأ احتلال مصر من الدولة التي تسمت بالفاطمية من (297هـ - 910م) حتى زال (567هـ - 1171م).

    ونَسَبَ الفاطميون -العبيديون- أنفسهم إلى عبيد الله المهدي بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنكر المحققون من المؤرخين صحة هذا النسب، فمَن راج عليه ذلك النسب اكتفى بادعاء "عبيد الله المهدي" -المؤسس- بأنه من نسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بينما نَفَى المحققون نسبهم لآل النبي صلى الله عليه وسلم، وأثبتوا أنه زعم وافتراء، وأن عبيد الله المهدي اسمه سعيد، وكان زوج أمه الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن ميمون القداح، وجَدُّ القداح هو "ديصان" أحد الثنوية، الذي يرجع أصله إلى المجوس، وبعضهم ينسبه إلى اليهود!

    وقد بذل عبيد الله المهدي الأموال لأشراف ونقباء العلويين لما كذبوا نسبه لمحاولة إسكات بعضهم.

    ويستدلون على نفي النسب بالحديث الذي جَرَى بين السلطان المعز الفاطمي وبين ابن طباطبا عندما سأله الأخير عن نسبه أمام أشراف مصر، فَسَلَّ المعزُّ سيفه وقال: "هذا نسبي"، ونثر عليهم ذهبًا كثيرًا وقال: "هذا حَسَبي".

    وقد كتب العزيز الفاطمي إلى الخليفة الأموي الحكم المستنصر في الأندلس كتابًا يسبه ويهجوه فيه، فرد عليه صاحب الأندلس: "أما بعد، فإنك قد عرفتنا فهجوتنا، ولو عرفناك لأجبناك، والسلام"، وذلك في إشارة منه إلى نفي نسبهم إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

    وفي بداية ولاية العزيز صعد المنبر يوم الجمعة، فوجد ورقة مكتوبًا فيها شعر يشكك في نسبه، ويطلب منه أن يذكر نسبه مثل الخليفة الطائع العباسي:

    إنا سمعنا نسبًا منكرًا يتلى على المنبر في الجامع

    إن كنت فيما تدعي صادقًا فاذكر أبًا بعد الأب الرابع

    وإن ترد تحقيق مـا قلتـه فانسب لنا نفسك كالطائع

    أو دع الأنساب مستـورةً وادخل بنا في النسب الواسع

    فإن أنساب بني هـاشــم يَقصُرُ عنهـا طمع الطامع

    ولما كثر ادعاؤهم لعلم الغيب، حدث أن صعد العزيز يومًا المنبر فرأى ورقة مكتوبًا فيها سبة لهم:

    بالظلم والجور قد رضينا وليس بالكفر والحماقة
    إن كنت أعطيت علم غيبٍ فقل لنا كاتب البطاق

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال



    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (2)

    رد الخلافة العباسية على النسب الفاطمي









    كتبه/ أحمد حرفوش


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    ففي سنة (402هـ - 1011م) كتب محضر ببغداد في قدح النسب الذي يدَّعيه الخلفاء الفاطميون، كما أقر الحاضرون على فساد عقائدهم، وأنهم زنادقة، وأنهم منسوبون إلى ديصان بن سعيد الخرَّمي إخوان الكافرين، وقد شهدوا أيضًا أن الناجم بمصر -نسبة إلى اعتقادهم التنجيم-، وهو منصور بن نزار الملقب بالحاكم، حكم الله عليه بالبوار، قد وصل جدهم إلى المغرب، وتسمى بعبيد الله، وتلقّب بالمهدي، وهو مع من تقدَّمه من سلفه، أدعياء خوارج، لا نسب لهم في ولد علي رضي الله عنه، ولا يعلمون أن أحدًا من الطالبيين، توقّف عن إطلاق القول في هؤلاء الخوارج: إنهم أدعياء.


    وقد كان هذا الإنكار شائعًا بالحرمين، وأن هذا الناجم بمصر وسلفه، كفّار وفسّاق، وأنهم لمذهب الثَّنويّة والمجوسية معتقدون، قد عطّلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وسفكوا الدماء وسبُّوا الأنبياء، ولعنوا السَّلف، وادَّعوا الربوبية، وقد كتب خلقٌ في المحضر، منهم: الشريف المرتضي، وأخوه الشريف الرضيِّ، وجماعة من كبار العلوية، والقاضي أبو محمد بن الأكفاني، والإمام أبو حامد الإسفراييني، والإمام أبو الحسين، وابن الأزرق الموسوي، ومحمد بن محمد بن عمر بن أبي يعلى العلويون، والقاضي أبو القاسم الجزري، والفقيه أبو محمد الكشفلي، والفقيه أبو علي بن حمكان، وأبو القاسم بن المحسن التنوخي، والقاضي أبو عبد الله الصيمري.

    وفي سنة (444هـ - 1052م) كرر القدح في نَسَب بني عبيد، الخارجين بالمغرب ومصر، وأن أصلهم من اليهود، وأنهم كاذبون في انتسابهم إلى جعفر بن محمد الصادق رحمه الله، فكتب فيه خلق كثير، وعزوهم فيه إلى الديصانية منسوبون إلى: ديصان بن سعيد الخرمي من المجوس، والقداحية من اليهود، وكتب فيه العلويون والعباسيون والفقهاء والقضاة والشهود، وعمل به عدة نسخ، وسُير في البلاد، وشُيع بين الحاضر والبادي.

    وقد ظل النسب الفاطمي غير معترف به؛ سواءً على المستوى الرسمي ممثلًا في الخلافتين الأموية في الأندلس، والعباسية في بغداد، وعلى المستوى الشعبي في عدم تقبل المصريين لمذهبهم منذ استيلائهم على مصر، وأيضًا نجد أن أعيان العلويين في بغداد قد طعنوا في هذا النسب.

    وقد استمد الفاطميون لقبهم من اسم فاطمة الزهراء، وأُطلِق عليهم اسم: العبيديين؛ نسبةً إلى جدهم عُبيد الله المهدي، كما أطلق عليهم العلويون نسبة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.


    والإسماعيلية نسبة إلى إسماعيل بن محمد بن جعفر الصادق، كما عُرِفوا بالمصريين نسبة إلى مصر، باعتبارها مقر ملكهم الأخير قبل زوال دولتهم.

    ونكمل في المقال القادم إن شاء الله.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال



    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (3)









    كتبه/ أحمد حرفوش


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    نشأة الدولة الفاطمية في المغرب ومحاولات غزو مصر:

    لقد نشأت الدولة الفاطمية في المغرب حيث بويع لعبيد الله المهدي بمدينة رُقَّادة سنة (297هـ - 910م)، وقد عمل عبيد الله المهدي على توطيد دولته الشيعية بالتخلص من منافسيه، فبادر بقتل داعيته أبي عبد الله الشيعي سنة (298هـ - 911م) بعد أن مهَّد له المغرب من الناحيتين: الدينية والسياسية، كما قام المهدي ببناء مدينة المهدية لحماية ملكه من ثورات المغاربة التي لا تنتهي.

    وقد أدرك الفاطميون أن وضعهم لن يستقر في المغرب في ظلِّ ثورات أهلها، وعدم تقبُّلهم للمذهب الشيعي، كما أدركوا مدى الأهمية الاقتصادية والسياسية لمصر التي كانت في نظرهم ميدان المعركة الحاسمة مع العباسيين، وقاعدة الانطلاق إلى الشام واليمن وأرض الحرمين؛ لإقامة دولتهم على أُسس قوية؛ لذلك لا نعجب إذا رأينا الخلفاء الفاطميين منذ خلافة المهدي يدأبون على امتلاك تلك البلاد! فقد أرسلوا خمس حملات برية وبحرية؛ لتحقيق ذلك الهدف.

    الحملة الأولى على مصر سنة (301هـ - 914م):

    جهَّز عبيد الله المهدي جيشًا، وعهد بقيادته إلى ولي عهده أبي القاسم القائم، ودفعه باتجاه مصر للسيطرة عليها، ووصلت إلى الفسطاط واصطدمت بقوات الوالي العباسي أبي منصور تكين، كما أرسلت الخلافة جيشًا بقيادة مؤنس الخادم؛ فاضطرت هذه الحملة للتراجع تحت ضغط القتال، وبذلك كُتب لها الفشل.

    الحملة الثانية على مصر سنة (307هـ - 920م):

    وفيها أرسل عبيد الله المهدي ولي عهده القائم إلى مصر مرة ثانية للاستيلاء عليها، وأمدَّه هذه المرة بقوة بحرية مساندة، فتوجَّه إلى الإسكندرية على رأس جيش كبير، ودخلها دون مقاومة سنة (307هـ - 919م) ، كما أرسل بعض قواته التي استولت على الفيوم والأشمونيين، لكن رد الخلافة كان سريعًا وقويًّا؛ فقد أرسل الخليفة العباسي قوة بحرية بقيادة ثمال الخادم دمرت الأسطول الفاطمي في رشيد في شوال من نفس السنة، ودخلت قواته شمال الفسطاط، كما أرسل الخليفة العباسي قوة برية بقيادة مؤنس الخادم الذي قاتل الحامية الفاطمية في الإسكندرية، كما اصطدمت بقوات الفاطميين في الفيوم والأشمونيين؛ مما أضعف الروح المعنوية للفاطميين.

    ومما زاد موقف الجيش الفاطمي حرجًا أنه تفشَّى فيه مرض الطاعون؛ مما عجَّل بهزيمتهم ورجوعهم؛ وبذلك فشلت حملة الفاطميين الثانية على مصر.

    الحملة الثالثة على مصر سنة (323هـ - 935م):

    وجَّه الخليفة القائم في أواخر عام (323هـ - 935م) جيوشه المتمركزة في برقة، والمعززة بعناصر قادمة من إفريقية إلى مصر، فاحتلت الإسكندرية في سنة (324-936م)، لكن حاكم مصر: محمد ابن طغج الإخشيد أرسل جيشًا كبيرًا عليه أخاه الحسن وأحد قادته، ويدعى صالح ابن نافع؛ فاستعادا المدينة بعد قتالهم، وقُتل أحد قادة الفاطميين في المعركة ووقع الآخر في الأسر، وانسحب الجيش الفاطمي إلى برقة، وبذلك فشلت الحملة الثالثة على مصر.


    وللحديث بقية إن شاء الله.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال



    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (4)

    غزو الفاطميين لمصر وقطع الخطبة للعباسيين









    كتبه/ أحمد حرفوش


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فلم يقرر الخليفة الفاطمي المعز لدين الله القيام بحملته العسكرية، إلا عندما توفي كافور الإخشيدي الوالي العباسي على مصر، فقد كان دُعاة المعز بمصر يقولون: إذا زال الحجر الأسود ملك مولانا المعز لدين الله الأرض كلها، وبيننا وبينكم الحجر الأسود -يعنون: كافورًا الإخشيدي-، فلما توفِّي كافور الإخشيد أقدم جماعة من الأُمراء الإخشيديين الذين لم يرضوا عن حال البلاد، إلى مراسلة الخليفة الفاطمي يستدعونه ليتسلم مصر.

    وكان قد سبقهم إلى المغرب الكاتب الشهير يعقوب بن كلس؛ كان مِن يهود العراق ويعمل بالتجارة، ثم رحل إلى الشام ثم إلى مصر سنة (334هـ - 945م). حيث اتصل بكافور، ونال إعجابه واعتنق الإسلام، وعكف على دراسة الإسلام ثم هرب إلى المغرب.

    وكان المصريون على استعداد لتقبل أي حاكم جديد يريح البلاد مما تتخبط فيه من مشاكل سياسية واقتصادية، فحمل ذلك أُولي الرأي في البلاد على الكتابة إلى المعز لدين الله؛ يطلبون منه القدوم إلى مصر لإنقاذها من الفوضى التي دَبَّت فيها منذ أن توفي كافور؛ ولذلك استجاب المعز لهذا الطلب.

    وقد قال المعز لدين الله: "إني مشغول بكتب ترد عليَّ من المغرب والمشرق، أجيب عليها بخطي"، وقوله أيضًا: "والله لو خرج جوهر -يقصد جوهرًا الصقلي قائد جيشه- وحده لَفَتَح مصر، وقد استفاد المعز من تجارب الماضي، فحرص على تجنُّب ارتكاب الأخطاء نفسها التي ارتكبها آباؤه عندما حاولوا الاستيلاء على مصر؛ فاتَّبع أُسلوبًا مختلفًا، معتمدًا على دعاته فيها؛ الذين هيأوا له الأرضية الداخلية، كما كثَّف اتصالاته مع بعض أصحاب النفوذ فيها، الذين لم يُخْفوا مشاعر ولائهم للفاطميين.

    فانطلقت الحملة من إفريقية يوم السبت منتصف ربيع الآخر (358هـ - 969م)؛ فتقدَّم جوهر ببطء باتجاه الإسكندرية، وسانده أُسطول بحري، ولم يصل إلى حدود الدولة الإخشيدية إلا بعد ثلاثة أشهر، وعندما انتشر خبر هذا الزحف في الفسطاط، اضطرب الوضع، واستعد أنصار الفاطميين لاستقبال ذلك القائد بنشر المعلومات التي وزَّعها عليهم الدعاة؛ ليقيموا الدليل على خضوع المصريين الذين يقاسون من الفوضى منذ عهدٍ بعيدٍ؛ ولمَّا لم يصادف جوهر الصقلي مقاومة تُذكَر؛ أمر جنده بعدم التعرض للسكَّان، واستطاع بحنكته أن يستقطب أهل الإسكندرية، ويؤلِّف قلوبهم بما أجزل لهم من المال؛ وهنا أدرك المسئولون في مصر، وعلى رأسهم: الوزير جعفر بن الفرات، أنه لا طاقة لهم بمقاومة الجيش الفاطمي الجرار؛ فجمع هذا الوزير وجوه القوم للتداول في الأمر، وكانت رُسل جوهر الصقلي ترد إليه سرًّا.

    واتفق الجميع على تجنب اتخاذ أي موقف عدائي، والميل إلى التفاوض في شروط التسليم، وطلب الأمان لأرواح المصريين وأموالهم وأملاكهم، فشكَّلوا وفدًا من أجْلِ هذه الغاية، منهم: أبو جعفر مسلم الحسيني، وأبو إسماعيل الرسي، ومعهما القاضي: أبو طاهر، وجماعة من أهل مصر، وخرجوا من الفسطاط في (رجب358هـ - يوليو969م).

    وشايعهم كل قائد، وكاتب، وعالم، وتاجر وشاهد؛ ما يدل على أن فكرة المقاومة من جانب المصريين كانت شبه معدومة، وكان معنى ذلك: أن جوهرًا الصقلي كاد يستولي على مصر من دون إراقة دماء.

    وجَرَت بين الطرفين مباحثات اتفقا خلالها على كتاب الأمان الذي كتبه جوهر الصقلي، وأعلنه للمصريين، وجاء فيه رسالة اطمئنان لأهالي مصر والشام المتمسكين بالمذهب السُّني أن أحدًا لن يرغمهم على التشيع.

    كما تعهد بتحقيق العدل، ونشر السلام والطمأنينة بين الناس، وإعانة المظلومين مع الشفقة والإحسان، والتصدي لخطر القرامطة ودفعهم بعيدًا إلى الشام، ومنعهم من التعدي على الحجاج المسلمين، ومواجهة الروم الذين هاجموا شمالي الشام، واستولوا على كثيرٍ مِن مدنها، وتخليص أهل المشرق من الرعب الذي لحق بهم جرَّاء هذين العدوين.

    كما تعهد بأن يقوم بإصلاح شامل في إدارة البلاد؛ بالضرب على أيدي العابثين مِن قُطَّاع الطرق، وضبط النقود بعدم غشها أو تزييفها.

    وفي مقابل منح الأمان للمصريين: أن يدخل حاضرة البلاد مطمئنًا؛ فأخذ عليهم العهود والمواثيق أن يذيعوا نصوص الاتفاق بين الخاص والعام، وأن يضمنوا عبورَ جيشه من الجيزة إلى الفسطاط، وذلك بالخروج إليه، والسير في ركابه حتى يعبر الجسر وينزل الفسطاط.

    ثم عَبَر جوهر الجسر المقام على النيل بين الجيزة والفسطاط، وعسكر شمالي القطائع، ووضع أساس مدينة القاهرة، ولما كان يوم الجمعة 20 شعبان (358هـ - 969م) صَلَّى جوهر الصقلي في جامع عمرو بن العاص صلاة الجمعة، وخطب بالمصلين هبة الله بن أحمد، وقطع الدعاء للعباسيين، وقرأ الدعاء للفاطميين، وبدأ العهد الفاطمي العبيدي في مصر. وإنا لله وإنا إليه راجعون.


    وللحديث بقية إن شاء الله.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال



    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (5)









    كتبه/ أحمد حرفوش


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    بناء مدينة القاهرة:

    عسكر جوهر الصقلي بجيشه في الموضع الذي أنشأ فيه مدينة القاهرة، وفي مساء اليوم الذي وَصَل فيه؛ حدَّد موضع القصر الذي سيقيم فيه سيده المعز؛ ولم تكن القاهرة قديمًا لسكنى العامة من الناس، ولم يكن يسمح لأحدٍ بالدخول من أبوابها بدون إذنٍ أو تصريحٍ، حتى إن سفراء الدول الأجنبية كانوا يترجلون عند وصولهم إلى أسوارها، وظلت هكذا حتى نهاية عصر الحاكم المستنصر في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، عندما حَلَّت بالبلاد الأزمات الاقتصادية، واحترقت مدينة الفسطاط، فدخلت العامة مدينة القاهرة وسكنتها.

    نقض جوهر لمعاهدة الاستسلام:

    الواقع أن جوهر الصقلي أراد أن يفرضَ باسم المعز لدين الفاطمي سلطته الدينية والدنيوية على كافة المصريين، على الرغم مِن تعارضها مع مبدأ التسامح الديني الذي تعهَّد باحترامه؛ فقد أفطر جوهر ورجاله يوم عيد الفطر بغير رؤية، حسب تعاليم المذهب الإسماعيلي الذي يعتمد الحساب في الصوم والإفطار!

    كما أقيمت صلاة العيد في مصلى القاهرة بإمامة قاضى العسكر، لكن أهل مصر لم يصلوا معهم، وصلوا من الغد في جامع عمرو بن العاص، واستنكر جوهر هذا الموقف الذي اتخذه القاضي، وهدَّد مَن أعاد فعله، وخاطب المصريين بأن الصوم والفطر على رؤية الهلال قد زالا؛ فانقطع بذلك طلب رؤية الهلال بمصر طوال عهد الفاطميين.

    كذلك أحدث التغيير الثاني -الذي عَبَّر عن ترك المذهب السني في مصر- عندما أمر المؤذنين بالأذان بحيَّ على خير العمل، وهو مِن بدع الفاطميين، ثم قطع الخطبة للعباسيين من على منابر مصر، وحذف اسمهم عن السكة، وأحل اسم المعز، وأزال السواد شعار العباسيين.

    بناء الجامع الأزهر:

    تم بناء الجامع الأزهر بعد بناء القاهرة بتسعة أشهر في جمادى الأول سنة (359هـ - 970م)، وافتُتح للصلاة يوم الجمعة السابع رمضان سنة (361هـ - 972م)، وقد أُنشئَ هذا المسجد ليكون مسجدًا للدولة الفاطمية، ورمزًا لدعوتها المذهبية، وفي عهد الحاكم العزيز بالله تحوَّل الجامع الأزهر إلى جامعة لنشر المذهب الشيعي، حيث قام الوزير يعقوب بن كلس بتعيين عددٍ كبيرٍ مِن الفقهاء، ليقوموا بإلقاء الدروس والمحاضرات المنظمة في فقه الشيعة، وأمرَ الدعاة أن يُحفِظُوا الناس كتاب دعائم الإسلام، وكتاب الوزير: يعقوب بن كلس في الفقه على مذهب آل البيت.

    قدوم المعز الفاطمي إلى مصر:


    أمام كل هذه الاضطرابات في مصر كَتَب جوهر إلى مولاه المعز يدعوه إلى سرعة القدوم إلى مصر، لا لتسلم البلاد وإنما للدفاع عنها، وكان وصوله إلى القاهرة في رمضان سنة (362هـ - سبتمبر973م)؛ ولمَّا دخل المعزُّ إلى القاهرة احتجب في القصر مدة، وبعث عيونه ينقلون إليه أخبار الناس، ثم ظهر للناس بعد مدَّة، وقد لبس الحرير الأخضر، وجعل على وجهه اليواقيت والجواهر تلمع كالكواكب، وادَّعى أنه كان غائبًا في السماء وأن الله رفعه إليه؛ فامتلأت قلوب العامّة والجهال منه رعبًا وخوفًا.


    وبعد انتقال الدولة الفاطمية إلى مصر يتبيَّن: أن الدولة الفاطمية لم تعش في المغرب أكثر من 65 سنة! بينما عاشت في مصر أكثر من مائتي سنة، أي: أن الجزء الأكبر من حياتها عاشته في مصر.

    ونكمل في المقال القادم إن شاء الله.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال



    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (6)









    كتبه/ أحمد حرفوش

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    موقف الفاطميين من أهل السنة:

    لقد كان كتاب الأمان الذي أمضاه جوهر ينص على: "أن يظل المصريون على مذهبهم، ولا يُلزمون بالتحول إلى المذهب الشيعي، وأن يجري الأذان والصلاة، وصيام شهر رمضان وفطره، والزكاة والحج والجهاد، والميراث على ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم".

    لكن لم يكن كتاب جوهر لأهل مصر إلا مجرد مهادنة؛ فبعد أن انتهى جوهر مِن وضع أساس مدينة القاهرة، أمر بإلغاء الخطبة والدعاء للخليفة العباسي، وإقامتها للمعز الفاطمي، كما أمر أن تضربَ النقود باسم الخليفة الفاطمي، وامتنع يعقوب بن كلس، وعسلوج بن الحسين، أن يقبلا في التعامل إلا دينارًا معزيًا -نسبة إلى المعز الفاطمي-، فقلَّ التداول بالدينار العباسي وعانى ركودًا، ونقص مِن صرفه أكثر من ربع دينار، فخسر الناس من أموالهم، وكان صرف الدينار المعزى خمسة عشر درهما ونصف، وذلك ليعوض المعز ما أنفقه مِن أموال.

    إلغاء طلب رؤية الهلال، وترك صلاة التراويح، والنداء في الأذان: بحيَّ على خير العمل:

    اعتاد المسلمون الصوم والفطر على رؤية الهلال، كما أمرهم نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم بذلك فيما رواه البخاري: "لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْه، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَه"، وقد فوجئ أهل مصر بفطر جوهر ورجاله يوم عيد الفطر بغير رؤية، حسب بدعة المذهب الإسماعيلي الذي يعتمد الحساب في الصوم والإفطار.

    كما أقيمت صلاة العيد في مصلى القاهرة بإمامة قاضي العسكر علي بن وليد الإشبيلي، لكن أهل مصر لم يروا الهلال، وقد التمسه القاضي أبو طاهر محمد بن أحمد الذهلي على عادته مِن فوق جامع عمرو بن العاص فصلوا من الغد في جامع عمرو بن العاص! واستنكر جوهر هذا الموقف الذي اتخذه القاضي وتهدد مَن يفعل ذلك؛ وخاطب المصريين بأن الصوم والفطر على رؤية الهلال قد زالا، فانقطع بذلك طلب رؤية الهلال بمصر طوال عهد الفاطميين.

    وفي أوائل شهر رمضان سنة (363هـ -974م)، أصدر الخليفة المعز أمره بإبطال صلاة التراويح، وعندما عارض أبو القاسم الواسطي -وكان مجاورًا بالمسجد الأقصى- برفع صوته احتجاجًا على هذا القرار، قبضوا عليه وأودعوه السجن، وعندما وصل خبره إلى المعز في القاهرة صدر الأمر بقطع لسان أبي القاسم وضربه خمسمائة سوط وصلبه بعد ذلك؛ كذلك أحدث التغيير الثاني الذي عَبَّر عن ترك المذهب السني في مصر عندما أمر المؤذنين بالأذان بحيَّ على خير العمل، وهو مِن بدع الفاطميين في الأذان.

    إسناد المناصب العليا إلى الشيعة:

    لقد ألزم جوهر الصقلي جميع الموظفين المصريين أن يعتنقوا المذهب الشيعي، كما حَتَّم على القضاة أن يصدروا أحكامهم وَفْق قوانين هذا المذهب، وقد كان السبيل للحصول على الوظيفة الرفيعة أو مناصب الدولة هو التحول إلى المذهب الشيعي، كما دفعت تلك الرغبة أيضًا بعض أهل الذمة إلى اعتناق الإسلام، واتخاذ التشيع مذهبًا لهم، ولم يبقَ مِن أهل السنة في مناصب الدولة إلا القليل مما ليس له أهمية ولا خطر، وكان ذلك مما دفع الكثيرين مِن الموظفين السنيين إلى اعتناق المذهب الفاطمي.


    ونكمل في القادم إن شاء الله.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال



    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (7)

    إظهار الشعائر المخالفة لأهل السنة









    كتبه/ أحمد حرفوش


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛


    فبعد دخول جوهر مصر بأيام قليلة، خطب للمعز في جامع عمرو بن العاص في التاسع عشر من شهر شعبان سنة (358هـ - 969م)، وقد ذُكِر اسم المعز الفاطمي بدلًا من الخليفة العباسي المطيع لله، ولقد تحدث الخطيب في خطبته عن فضائل العلويين الذين سُلِب حقهم على أيدي العباسيين ومن قبلهم الأمويين -كما يزعم الفاطميون-! ولقد كان حدثًا خطيرًا في تاريخ الإسلام، وظهر النزاع الديني بين السنة والشيعة بصورة أشد مما كانت عليه في الماضي.

    وفي ذي القعدة سنة (358هـ - 969م) دعا الخطيب لآل البيت وزاد: "اللهم صلِّ على المصطفى، وعلى علي المرتضى، وعلى فاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرًا، اللهم صلِّ على الأئمة الراشدين آباء أمير المؤمنين الهادين المهديين".


    وفي شهر جمادي الأولى سنة (359هـ - 970م) صلى جوهر الصقلي في جامع أحمد بن طولون وخطب الجمعة عبد السميع بن عمر العباسي، وأذَّن المؤذنون: بحيَّ على خير العمل، وهو أيضًا شعار الفاطميين، ثم عُمم هذا الآذان في أرجاء مصر!

    وفي شهر رمضان سنة (359هـ - 970م) صدر أمرٌ بأن تطلى جدران جامع عمرو بن العاص باللون الأحمر -شعار العلويين-، وبعد قدوم المعز إلى مصر أمر أن تُكتب على جدران مصر القديمة عبارة: "خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب".

    سب الصحابة رضوان الله عليهم:

    لقد عمل الفاطميون على لعن الخلفاء الثلاثة الأول: (أبو بكر وعمر وعثمان)، وغيرهم من الصحابة؛ إذ عدوهم أعداءً لعلي بن أبي طالب، وقد ظهر سب الصحابة جهارًا في زمن العزيز بالله الفاطمي، وفي شهر صفر سنة (385هـ - 995م) قاموا بنقش سب الصحابة على الجدران داخل جامع عمرو بن العاص وخارجه، وعلى جدران المساجد، وعلى أبواب الحوانيت والمقابر، وأحيانًا كانت تلون تلك النقوش بالذهب.

    وفي جمادى الأولى من سنة (391هـ - 1001م) ألقي القبض على رجل من الشام لاتهامه بعدم الاعتراف بإمامة علي بن أبي طالب (وفق اعتقاد الشيعة)، فحبسه قاضي القضاة وبعث أربعة من الفقهاء للتحقيق معه، فبذلوا قصارى جهدهم في حمله على الاعتراف بعقيدتهم، لكن الرجل ظل على إبائه بالرغم مِن تدخل قائد القوات الحسين بن جوهر في الأمر، وعمل على إقناعه، ولما لم يفلح رفع أمره الى الحاكم فأمر به فقتل وصلب!

    وقد عمد الحاكم الفاطمي إلى إصدار كثير من الأوامر والقوانين المبنية على التعصب الشديد للمذهب الفاطمي؛ فكان الخطباء يلعنون الصحابة على كافة منابر مصر، وقد كتبت الرسائل إلى سائر العمال في البلاد المصرية بمراعاة ذلك؛ وعند عودة الحجاج طُلب منهم أن يسبوا الصحابة! لكنهم لم يستجيبوا فنالهم من سب وبطش، وكانت تنزل العقوبة الصارمة بمَن يتمدح بذكر الخلفاء السنيين!

    فقد قبض نائب دمشق -تموصلت الأسود البربري- على رجل مغربي، وضربه لارتكابه ذنب لم يذكره المؤرخون، وقد طِيف به في شوارع المدينة، ونُوديَّ عليه: "هذا جزاءُ مَن يُحب أبا بكرٍ وعُمر!"، ثم أمر به فضربت عنقه رحمه الله تعالى.

    ولا شك أن هذه الأوامر قد أساءت إلى أهل السنة الذين كانوا السواد الأعظم من أهل مصر، وقد كان للفتنة التي أثارها أبو ركوة سنة (396هـ - 1006م) دورًا مهمًّا في تغيير سياسة الحاكم الفاطمي إزاء رعاياه السنيين، ففي سنة (397هـ - 1007م) أبطل بعض ما قام به من لعن الخلفاء الأُول وغيرهم من الصحابة، ثم أمر بمحو ما نقش في لعن هؤلاء الخلفاء، وعوقب كل مَن أقدم على لعنهم، وعُنف في الشوارع على مرأى من الناس.

    ثم شاع في زمن المستنصر بالله سب الصحابة! بل فاق زمن الحاكم بأمر الله، وفي زمن الوزير بدر الجمالي سنة (478 هـ - 1085م) الذي كان مغاليًا في التشيع، فأظهر العداء والكراهة لأهل السنة، كما أعاد نقش عبارات سب الصحابة رضوان الله عليهم.


    وكذلك ظهر سب الصحابة في عهد العاضد، وخاصة في وزارة طلائع بن زرَّيك الذي كان شديد التشيع أرمينيًّا رافضيًّا في مذهب الإمامية، محاربًا لأهل السنة كارهًا لهم.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jun 2022
    المشاركات
    2,228

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال

    ذكر صاحب العبر أنهم قتلوا 2000 من العلماء في ضحوة من نهار!!
    الحركات الباطنية يطبخون سمومهم على نار هادئة
    . .
    اللون الأحمر على الخريطة مخيف . . . ولكن هذا يثبت لك أن القرآن دائماً أقوى . .
    . . فهب أنهم تمكنوا مني وأصبحت أسب أبا بكر ليل ونهار . . ثم نشرت هذا . . . يأتي جيل تأثر بي وسيقرأ آيات المدح للصحابة . .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال



    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (8)

    إظهار الشعائر المخالفة لأهل السنة










    كتبه/ أحمد حرفوش


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    تجريم أكل بعض الأطعمة:

    في سنة (395هـ - 1005م) صدر قانون يحرِّم بيع الملوخية؛ لأنه وصل إليهم أن معاوية بن أبي سفيان كان يحبها، وينهى عن أكل الجرجير؛ لأن عائشة كانت تحب أكله، وعن المتوكلية؛ لأن هذا النبات ينسب إلى المتوكل الخليفة العباسي، وقد نهى الحاكم أيضًا عن أكل القرع، وأخذ على الفلاحين وثائق كتابيه بعدم زرع الملوخية والقرع؛ وذلك لأنه وصل إليهم أن أبا بكر وعائشة كانا يحبان أكلها، ومن العجيب أنه قُبض على جماعه كانوا يأكلون الملوخية فضُربوا بالسياط، وطيف بهم في الشوارع ثم ضربت أعناقهم.

    الاعتداءات على أهل السنة:

    على الرغم من الأمان الذي أعطاه جوهر الصقلي عند دخوله مصر لم يَسْلم أهل السنة من الاعتداءات والمضايقات، من قِبَل أتباع مذهب الدولة الفاطمية في أعيادهم ومناسباتهم، ففي سنة (363هـ - 974م) يوم عاشوراء خرج جماعة من المغاربة -جنود الفاطميين- ومَن تبعهم مِن الشيعة في مدينة الفسطاط السنية، وقاموا بتكسير أواني السقاية، وأفسدوا في الأسواق، واعتدوا على كل من لم يشاركهم في مظاهر الأسى والحزن بالأذى والسباب، فأصابوا أهلها بالضرر والأذى.

    وقد ثار جماعة من أهل السنة اعتراضًا على اعتدائهم، وكادت تحدث فتنة ومجزرة، فقام أهل السنة بإغلاق دكاكينهم وأسواقهم، خوفًا على أنفسهم وأموالهم من الجنود المغاربة، وكان ذلك في بداية عصر الدولة الفاطمية ومن خلال فرسانها المغاربة، دون تدخل من الدولة الفاطمية، ودون تدخل من الخليفة المعز بالله، ودون تدخل من جوهر الصقلي الذي أعطى المصريين المواثيق والأمان التي كفلت حرية العبادة والمعتقد، في إشارة عن رضى الدولة عن هذه الأفعال، كما أن استعمال المغاربة في وظائف الدولة، وقوة نفوذهم جعلتهم يستعملون نفوذهم في إلحاق الأذى بالمسلمين السنة؛ فنهبوا أملاكهم واحتلوا دورهم وطردوا السكان منها، مما دفع الناس للشكاية إلى المعز فأمر المغاربة بإخلاء هذه الدور.

    وفي مشهد آخر سنة (490هـ - 1097م) تجمع عددٌ كبيرٌ من أتباع الدولة الفاطمية في يوم عاشوراء بمشهد السيدة نفيسة، وأظهروا سب الصحابة واعتدوا على أهل السنة، وهدموا بعض قبورهم؛ إلا أن هذه المرة تدخلت الدولة على استحياء من خلال الوزير الأفضل، فأرسل من يمنع هؤلاء من الاعتداء على أهل السنة وضرب بعضهم.

    يتبيَّن مما سبق: أن مشهد الاعتداء على أهل السنة بسبب اعتقادهم في الأعياد الفاطمية تكرر في الدولة الفاطمية، وقد عانى أهل السنة من ذلك، ولم تنتهِ هذه المعاناة إلا في زمن بعض الوزراء، الذين كان لهم ميول نحو العدل، مثل: الأفضل بن بدر الجمالي وزير المستعلي ووزير الآمر بأحكام الله، وقد كان هذا الوزير حسن الاعتقاد في مذهب السنَّة.

    وكان المعز يدعي إنصاف المظلوم من الظالم، وقد أحضر بين يديه الزاهد العابد الورع الناسك التقي أبوبكر النابلسي، فقال له المعز: "بلغني عنك أنك قلت: لو أن معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة ورميت المصريين -أي: الفاطميين- بسهم؟ فقال النابلسي: ما قلتُ هذا! فظن أنه رجع عن قوله، فقال له: كيف قلت؟ قال: قلت: ينبغي أن نرميكم بتسعة ثم نرميهم بالعاشر، قال: ولم؟ قال: لأنكم غيرتم دين الأمة، وقتلتم الصالحين، وادعيتم ما ليس لكم"؛ فأمر المعز بإشهاره في أول يوم، وفي اليوم الثاني جلده بالسياط، وفي اليوم الثالث أمر بسلخه -وهو حي- فأوكل به يهودي فجعل يسلخه وهو يقرأ القرآن، قال اليهودي: فأخذتني رقة عليه، فلما بلغت تلقاء قلبه طعنته بالسكين، فمات رحمه الله، فكان يُقَال له الشهيد، وإليه ينسب بنو الشهيد من نابلس إلى اليوم، وهذه صورة مِن تعاملهم مع أهل السنة.


    وللحديث بقية في المقال القادم إن شاء الله.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال



    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (9)

    الاحتفالات والأعياد الشيعية التي أحدثوها









    كتبه/ أحمد حرفوش


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فقد عانى الفاطميون في المغرب من كثرة الثورات، فلما قَدِموا مصر أرادوا أن يجعلوا من أيام المصريين سلسلة متصلة من الاحتفالات والأعياد؛ وذلك لينشغل الناس. وإلى الفاطميين ترجع ظاهرة الاحتفالات المخترعة بالمناسبات الدينية، حيث لم يكن العمل جاريا في أول الإسلام إلا على الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى، وإنما تم استحداث هذه الاحتفالات بما يخالف ما دل عليه قوله ?: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".

    وتلقت الأعياد الشيعية اهتماما بالغا من الفاطميين، كعاشوراء ومولد الحسين وغيرها من أعياد الشيعة واعتنوا بها أكثر من غيرها من الاحتفالات التي استحدثوها، واقتصر الاحتفال بها على توزيع الحلوى والصدقات، وكان من جملتها:

    الاحتفال بدخول رمضان:

    استحدثت مصر مظاهر الاحتفال بشهر رمضان قبل مجيء الفاطميين، وخاصة في العصرين: الطولوني والإخشيدي؛ فقد كانوا يحتفلون برؤية هلال رمضان، ولما جاء الفاطميون مصر أبطلوا رؤية الهلال، وعملوا بالحساب، حيث كان احتفالهم هو الإعلان عن بداية شهر رمضان، وكان ذلك يتم بخروج الحاكم في موكب رسمي كبير، كما كان الفاطميون يرسلون الكتب والبشارات إلى ولاة الأقاليم وحكام البلاد الخاضعة للدولة الفاطمية، كما أن الاحتفال بشهر رمضان كان عند الفاطميين له طابع ولون معين، فهو مناسبة لإظهار كثرة إنفاق الدولة وثرائها، من خلال ما تقدمه من أسمطة متنوعة من المآكل والمشرب، ومن مظاهر الاحتفال أيضًا بشهر رمضان: انتشار الفوانيس المضاءة بالشموع، والمعلقة بالشوارع والحارات، وكانت توضع فوانيس كبيرة مضاءة على مآذن المساجد والجوامع، كما تغلق محلات بيع الخمور في رمضان فقط، ثم يعاد فتحها بعده.

    المولد النبوي:

    استحدث الفاطميون بالاحتفال بالمولد النبوي، ومنذ مطلع القرن الرابع الهجري اخترعوا الاحتفال به، حيث لم يكتب عنه حرف في كتب الإسلام قبلها ولا في عهد الخلفاء الراشدين ولا الأمويين ولا العباسيين حتى ذلك العهد، وكان يتم الاستعداد للمولد بتوزيع كميات كبيرة من الحلوى بأشكال مختلفة، وكذلك توزيع الأموال على الفقراء والمحتاجين، مع الأطعمة والحلوى والخبز.

    رأس السنة الهجرية:

    كان الخلفاء الفاطميون يعتنون بليلة أول محرم من كل عام، وكان من رسومهم في ليلة رأس السنة: أن يُعد بمطبخ القصر طعام كثير، ويفرَّق على جميع الحاضرين من أصحاب الرتب والدواوين، وأرباب السيوف والأقلام، وكان يصل هذا الطعام إلى بعض العامة من ساكني القاهرة والفسطاط، كما كان الحاكم يأمر بتوزيع الدنانير والدراهم التي أمر بضربها بدار الضرب في العشر الأواخر من ذي الحجة بتاريخ السنة الجديدة على الحاضرين، وكان يخرج للناس في موكب عظيم.

    الاحتفالات بليالي الوقود:

    وهذه الليالي هي أول شهر رجب، ونصفه، وأول شهر شعبان ونصفه، والفاطميون هم أول مَن احتفلوا بهذه الليالي، وكان من مظاهر هذه الاحتفالات: إضاءة الجوامع من الداخل والخارج، وإضاءة المآذن والشوارع، ويحضر الناس على مختلف طبقاتهم لهذه المناسبة، وكذلك كان يوزع أصناف الطعام والحلوى، وكان الناس يجتمعون في الجامع الأزهر، ومعهم الفقهاء والقُرَّاء والمنشدين وكبار رجال الدولة.

    وكان بجوار الجامع الأزهر منظرة تشرف عليه، يجلس الحاكم الفاطمي فيها لمشاهدة ليالي الوقود، وظل هذا الأمر معمولًا به في الدولة الفاطمية، لكن في عهد الحاكم بأمر الله أبطل مظاهر الاحتفال ثم أعيد بعد ذلك.


    أما المناسبات الشيعية فكانت لها مظاهر اهتمام خاصة، كاحتفالاتهم بيوم عاشوراء ومولد الحسين ومولد فاطمة ومولد علي ومولد الحسن ومولد الإمام الحاضر وعيد غدير خم، واحتفال زيادة النيل، وفتح الخليج، وخميس العهد.


    وللحديث بقية إن شاء الله.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال



    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (10)

    الاحتفالات والأعياد الشيعية التي أحدثوها









    كتبه/ أحمد حرفوش


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فقد اهتم الحكام الفاطميون في مصر بالاحتفال بأعياد خاصة بالمذهب الشيعي، مع أنهم لم يحتفلوا بهذه الأعياد الشيعية أثناء وجودهم بالمغرب، وربما يرجع ذلك لاعتبارهم مصر العاصمة الحقيقية لدولتهم، فعمدوا إلى إحياء ذكرى لأحداث مهمة في تاريخ الحركة الشيعية، وكانت الدولة خلال هذه الأعياد تُظهِر من بذخها وثرائها ممثَّلًا في الأعطيات والموائد والإنفاق، ومِن هذه الأعياد:

    الاحتفال بذكرى استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنهما في كربلاء:

    بدأ أول احتفال بتلك الذكرى في مصر في العصر الفاطمي في العاشر من محرم سنة (363هـ - 973م)، وفي ذلك الموعد كانت تَخْرج جماعات كبيرة من الشيعة إلى الشوارع في حراسة جنود الفاطميين، وكانوا يصيحون بالنياحة والبكاء على الحسين، وكانوا يأمرون المصريين بغلق متاجرهم، ومَن يخالف يتعرض للاعتداء!

    وكانوا يقومون بمهاجمة الأسواق وإتلاف أواني السَّقَّائين، وتمزيق قِرَب الماء؛ مما أدَّي إلى وقوع شجار بينهم وبين المصريين، وتدخل القائد المغربي أبو محمد الحسن بن عمار، وباعد بين الفريقين وحسم الأمر قبل وقوع الفتنة.

    وكان الحكام الفاطميون في هذه المناسبة يحتجبون فلا يظهرون تعبيرًا عن حزنهم وجزعهم؛ ويُقِرون تعطُل الأسواق، وكان الشيعة يخرجون جماعات، ومعهم المغنون في الطرقات يتصايحون بالبكاء وإنشاء المراثي، ثم ينطلقون في وقت الضحى إلى الجامع الأزهر، حيث يُجرى الاحتفال الرسمي للدولة الذي يترأسه قاضي القضاة، وبصحبته الوزير، وكبار رجال الدولة، والعلماء، ومعهم داعي الدعاة، كما كان يتنافس الشعراء والمغنون في ذكر المراثي في الحسين وأهل البيت، فيضج الحاضرون بالبكاء والنحيب.

    وكانوا أحيانًا يذبحون عند قبر الحسين عددًا من الإبل والبقر والغنم، ويتم توزيعها على الفقراء والمحتاجين؛ وفي هذه المناسبة يفعل الشيعة الكثير من مظاهر الغلو والفوضى؛ وكثيرًا ما يحدث اعتداءات على أموال الناس وحرماتهم، كما أن المنشدين كانوا يتخذون من النوح على الحسين في هذا اليوم مصدرًا للتربح، والحصول على الأموال، ويطلبون من التجار وأصحاب الحوانيت في الأسواق الهبات المالية، كما كانوا يتطاولون على الصحابة رضوان الله عليهم.

    يوم الغدير:

    بدأ الفاطميون بالاحتفال بهذا العيد في مصر، منذ دخول المعز لدين الله مصر في سنة (362هـ - 972م)، وهذا العيد يحمل ذكرى مهمة لديهم في ادعائهم -المردود عليه- أحقية علي بن أبي طالب في الخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي أحقية الحكام الفاطميين بسبب انتسابهم إلى عليَّ وزوجته فاطمة، ويكون الاحتفال بهذا العيد في الثامن عشر من ذي الحجة.

    وقد تجمع عددٌ كبيرٌ مِن أهل مصر والمغاربة من الشيعة للدعاء، وللاحتفال بهذا اليوم؛ فسُر المعز بذلك، وقد اهتمت الدولة بهذه المناسبة؛ فأصبحت لها رسوم محددة، فيخرج موكب الحاكم فيه بدون مظلة، ويجتمع الناس في الجامع الأزهر في أعدادٍ غفيرة، ومعهم الفقهاء والقُرَّاء والمنشدون.

    وكان هذا العيد يعدونه عندهم أعظم من العيد الأضحى! وكان الجزارون يذبحون أعدادًا كبيرة من الذبائح، وتهدى لحومها إلى خواص المتشيعين، وأنصار المذهب الفاطمي، وكان المؤذنون في هذا اليوم يكبرون تكبير العيد.


    الاحتفال بمولد علي بن أبي طالب وزوجته فاطمة، والحسن والحسين، والحاكم الفاطمي الحاضر:

    وهذه من الأعياد الشيعية ذات الطابع الخاص، وكانوا يطلقون عليها مولد الأجداد والحاكم الحاضر، وقد اندثرت بعد زوال الدولة الفاطمية، وكانت هذه الأعياد ذات تواريخ محددة يعرفها الشيعة، ويحتفلون بها، ويبدو أنها كانت على غرار الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؛ وهذا الاحتفال يشمل توزيع الأطعمة والحلوى، التي صُنِعَت في دار الفطرة.

    عيد النصر:

    كان هذا العيد يحيي ذكرى خلاص الحاكم الحافظ لدين الله من السجن الذي اعتقله فيه الوزير أبو علي أحمد بن الأفضل، وكان أحمد بن الأفضل من غلاة الإمامية، وعمل خلال فترة وزارته علي القضاء على المذهب الإسماعيلي، حيث حجر على الحاكم، وحجبه عن الناس، واستبد هو بالأمر، حتي تمكَّن حرس الحاكم من القضاء على الوزير، وأطلقوا سراح الحاكم في السادس عشر من المحرم سنة (526هـ - 1131م)، وقد استمر الاحتفال بهذا العيد حتى نهاية عصر الدولة الفاطمية، وكان يقام في هذا العيد من مظاهر الاحتفال مثل ما يفعل في الأعياد من الخطبة، والصلاة والزينة، والتوسعة في النفقة، وكان الحافظ يحتفل بهذا العيد احتفالًا خاصًّا في مجلسه، فيحييه بالغناء والطرب، وكانت الجواري تقبل عليه مهنئات.


    الاحتفال بتنصيب ولي العهد:

    من الشروط المهمة عند الفاطميين لصحة الإمامة، أن ينص الحاكم أو يوصي بولاية العهد لأحد أبنائه، ليخلفه بعد موته، وإذا صدر عن الحاكم أكثر من نص بولاية العهد، فتصير الخلافة لآخر من نص عليه الحاكم قبل وفاته، ويعد ذلك بمثابة أمر بالتعيين من الحاكم لمن يخلفه من أولاده، ولأهمية هذا الأمر في الدولة الفاطمية؛ فإن الحاكم إذا أراد أن ينص على أحد بولاية العهد، فإنه يجمع أفراد أسرته وإخوته، وسائر أبناء عمومته، في مجلس يحضره كبار رجال الدولة، ليعلن أمامهم فيه اسم ولي العهد الذي يكون خليفة من بعده، ويطالب الجميع بمعاونته والسمع له والطاعة، ثم يحتفلون بهذه المناسبة.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال

    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (11)






    كتبه/ أحمد حرفوش

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فقد حرص الفاطميون على نشر الدعوة الإسماعيلية من مساجد مصر، تمامًا مثلما حدث في بلاد المغرب؛ ولذلك اتخذ جوهر الصقلي من مساجد مصر أماكن لنشر وتعليم مبادئ المذهب الإسماعيلي، واتخذ الفاطميون المساجد مراكز لنشر مذهبهم.

    نشر الدعوة الإسماعيلية في مسجد عمرو بن العاص:

    ما كاد يستقر جوهر الصقلي في مصر، حتى أخذ يعمل على تهيئة عقول الناس وأذهانهم؛ لتقبل عقائد المذهب الإسماعيلي، وقد أقيمت صلاة الجمعة في المسجد العتيق، ودعا فيها للمعز الفاطمي، وذلك في التاسع عشر من شعبان سنة (358 هـ - 969م)، وذلك بعد دخول جوهر إلى الفسطاط بمدة يسيرة.

    وقد خطب الجمعة هذا اليوم هبة الله بن أحمد خليفة، الذي استحدث في خطبته عبارات: "اللهم صلِّ على عبدك ووليك، ثمرة النبيين، وسليل العزة الهادية المهدية عبد الله الإمام معد أبي تميم أمير المؤمنين، كما صليت على آبائه الطاهرين، وأسلافه الأئمة الراشدين، اللهم ارفع درجته، وأعلِ كلمته، وأوضح حجته، واجمع الأمة على طاعته، والقلوب على موالاته، واجعل الرشاد في موافقته، وورثه مشارق الأرض ومغاربها، وأحمده مبادئ الأمور وعواقبها، فإنك تقول وقولك الحق: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون"؛ فقد امتعض لدينك، ولما انتُهِك من حرمتك، ودَرَس من الجهاد في سبيلك، وانقطع عن الحج إلى بيتك، وزيارة قبر رسولك صلى الله عليه وسلم؛ فأعدَّ للجهاد عدته، وأخذَ لكلِّ خطب أهبته؛ فسير الجيوش لنصرتك، وأنفق الأموال في طاعتك، وبذل المجهود في رضاك؛ فارتدع الجاهل وقصر المتطاول، وظهر الحق وزهق الباطل، فانصر اللهم جيوشه التي سيرها، وسراياه التي ندبها لقتال المشركين، وجهاد الملحدين، والذب عن المسلمين، وعمارة الثغور والحرم، وإزالة الظلم وبسط العدل في الأمم، اللهم اجعل راياته عالية مشهورة، وعساكره غالبة منصورة، وأصلح به وعلى يديه، واجعل لنا منك واقية عليه".


    ولقد كانت هذه الخطبة إيذانًا بنهاية نفوذ العباسيين في مصر؛ وبداية للصراع فيها بين المذهبين: السني والشيعي؛ في صراع استمر لأكثر من قرنين من الزمان!

    ولكي يجذب جوهر الصقلي العديد من محبي أهل البيت، زاد في خطبة الجمعة: "اللهم صلِّ على محمد المصطفى، وعلى عليَّ المرتضى، وعلى فاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين سبطيَّ الرسول، الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرًا، اللهم صلِّ على الأئمة الراشدين آباء أمير المؤمنين الهادين المهديين"، وذلك في شهر ذي القعدة من نفس السنة.

    وفي جمادى الأولى سنة (359هـ - 970م) أمر جوهر أن يزاد في الأذان في جامع عمرو بن العاص عبارة: "حي على خير العمل"؛ ليؤصِّل بذلك الأذان الشيعي؛ بما يدل على الإمعان في نشر المذهب الشيعي، وغزو العقائد السنية تدريجيًّا، وفي شهر رمضان من نفس السنة أمر جوهر بطلاء جدران الجامع العتيق وأعمدته باللون الأخضر، وهو اللون المحبب لدى دولته!

    أضف إلى ذلك: حرص خطيب الجمعة على أن يُسمِع المصلين تعاليم المذهب الشيعي، وإظهار محاسنهم، وتصوير أنهم حُمَاة الدِّين!

    ونكمل في العدد القادم إن شاء الله.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال

    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (12)



    كتبه/ أحمد حرفوش




    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    نشر بدع الإسماعيلية في جامع أحمد بن طولون:

    في يوم الجمعة الثامن من شهر ربيع الثاني (359هـ - 970م) أمر جوهر الصقلي المؤذنين في جامع أحمد بن طولون بالأذان بحيَّ على خير العمل، الذي ابتدعه الشيعة في الأذان ليختلفوا عن أهل السنة، وبعد وقت يسير استعملت هذه العبارة في مسجد العسكر، وفي جامع عمرو بن العاص؛ وقد أظهر جوهر سرورًا بذلك، وأرسل إلى المعز لدين الله يبشِّره بهذه الأنباء، ولقد حضر جوهر بنفسه صلاة الجمعة في جامع أحمد بن طولون، كما حضر عدد كبير من الناس.

    وقد أدَّى الخطبة عبد السميع بن عمر العباسي إمام وخطيب جامع عمرو بن العاص، وقد أشاد في خطبته بذكر أهل البيت، وعَدَدَ مناقبهم، كما أمر جوهر الإمام أن يجهر بالبسملة في الخطبة والصلاة، والقنوت في صلاة الجمعة بعد الركعة الثانية! وكان القنوت في الجمعة من المحدثات والبدع؛ فقنت الإمام في الركعة الثانية، ونزل إلى السجود قبل أن يركع، فصاح به علي بن الوليد قاضي عسكر جوهر قائلًا: بطلت الصلاة، أعد ظهرًا أربعًا.

    وقد أسند جوهر الصقلي رئاسة الخطباء بمصر إلى عبد السميع الذي بدأ في نشر المذهب الشيعي من فوق المنابر، فأذاع خطبهم، ومدح أئمتهم، وكان ذلك لأول مرة في جامع أحمد بن طولون.

    يتبيَّن مما سبق: أن جامع عمرو بن العاص هو أول مسجد بدأت الخطبة للفاطميين فيه، ثم المساجد الأخرى، وأن الأذان على المذهب الشيعي بدأ من جامع أحمد بن طولون، ثم المساجد الأخرى.

    نشر بدع الإسماعيلية في الأزهر الشريف:

    لقد اتخذ الفاطميون من الأزهر الشريف مركزًا لنشر مبادئ المذهب الإسماعيلي، وكانت أول جمعة تقام فيه في السابع من رمضان سنة (361هـ - 972م)، وفي الجامع الأزهر أصبح جوهر أكثر حرية في نشر عقائد مذهبه داخل أسوار القاهرة، دون أن يلقى معارضة من أهل السنة، وعندما وصل المعز إلى القاهرة، تطور الأمر من حيث تنظيم الدعوة الفاطمية على يد الخلفاء أنفسهم.

    فلقد اتخذ المعز وابنه العزيز من بعده الجامع الأزهر لإقامة خطبة الجمعة حتى سنة (380هـ - 990م)، فلما فُتح مسجد الحاكم أصبحت الخطبة تقام في مساجد: عمرو بن العاص، وأحمد بن طولون، والحاكم، والأزهر على التوالي.

    ومن أهم التغييرات التي أمر بها المعز عند وصوله إلى مصر، أن يُنقش على جدران الفسطاط عبارة: "خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب"، كما صلى المعز لدين الله صلاة العيد سنة (363هـ - 974م) في مصلى القاهرة التي بناها جوهر في خارج باب النصر سنة (358هـ -969م) على الطريقة الإسماعيلية! حيث قرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الغاشية، ثم كبر وأطال الركوع والسجود، فسبح نيف وسبعين تسبيحة في كل ركعة وسجدة!

    وكان القاضي محمد بن النعمان يبلغ عنه التكبير، ثم قرأ في الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة الضحى ثم كبر، وفعل ما فعله في الركعة الأولى، وعندما فرغ المعز من الصلاة صعد المنبر، وسلَّم على الناس يمينًا وشمالًا، وكان معه على المنبر جوهر الصقلي، وابن عمار، وشفيع صاحب المظلة! ولم يكن من عادة أهل السنة أن يكون أحد على المنبر مع الخطيب.

    وما لبث الأزهر الشريف حتى أصبح مدرسة لنشر العلوم ومنهج الدولة الجديدة والفكر الشيعي، وكان أول مَن فكر في تحويله إلى منشأة علمية، يعقوب بن كلس الذي كان يدين باليهودية ثم دخل في الإسلام، كما أنه من أشار على المعز الفاطمي بغزو مصر، وعندما تقلَّد الوزارة عمل على تشجيع العلوم والأدب.

    وقد بدأت تلك الفكرة حين قام أبو الحسن علي بن النعمان المغربي قاضي القضاة بشرح كتاب الاقتصار الذي ألَّفه والده، وهو كتاب جمع المسائل الفقهية المستمدة من أئمة أهل البيت -كما يزعمون-؛ كما دَرَسَ الوزير يعقوب بن كلس رسالة ألفها في الفقه على المذهب الإسماعيلي، كان قد سمعها من المعز وابنه العزيز، سماها الرسالة الوزيرية؛ وهو الذي أشار على العزيز بتحويله إلى جامعة، وقد كان قاصرًا على إقامة الدعوة الفاطمية؛ وقد حرص الحكام الفاطميون على جعل الأزهر مكانًا لنشر مذهبهم حيث يأتي إليه الطلاب الذين كانوا يوفِّرون لهم أسبابَ المعيشة مِن: مسكن، ومأكل، وكل أسباب الراحة، لكي لا ينشغل الطلاب بغير تحصيل العلوم؛ وكان على رأس هذه العلوم تعلُّم المذهب الشيعي.


    وللحديث بقية إن شاء الله.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال

    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (13)









    كتبه/ أحمد حرفوش

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    نشر المذهب الإسماعيلي الشيعي الضال في جامع الحاكم:

    أوَّل مَن أسسه العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله، وقد بني هذا الجامع خارج باب الفتوح، أحد أبواب القاهرة، وكان الذي بدأ في بنائه الوزير يعقوب بن كلس سنة (379هـ - 989م)، وقد قُدِّرت نفقة إنشائه بأربعين ألف دينار، وخطب فيه العزيز بالله، وكان في مسيره إلى الجامع -بين يديه- أكثر من ثلاثة آلاف من الجنود، وكبار رجال دولته، وقد مات العزيز ولم يكتمل هذا المسجد، ثم أكمل بناءه ابنه الحاكم بأمر الله سنة (403هـ - 1012م)، وقد زيد في منارة جامع باب الفتوح، وعُمِل لها أركان؛ طول كل ركن مائة ذراع، وقد أمر الحاكم بأمر الله بعمل تقدير ما يحتاج إليه الجامع من الحصر والقناديل والسلاسل، فبلغت النفقة على ذلك خمسة آلاف دينار، وقد جلس فيه الفقهاء لتدريس المذهب الشيعي.

    نشر الدعوة الإسماعيلية البدعية في جامع راشدة:

    عُرف هذا الجامع بجامع راشدة، وإنما راشدة اسم لقبيلة من العرب نزلوا عند الفتح هناك، فعرفت تلك البقاع بخطة راشدة، وابتدِئ بناء جامع راشدة في السابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة (393هـ - 1003م)، وكان مكانه كنيسة حولها بعض مقابر لليهود والنصارى، فبني بالطوب أولًا، ثم هُدِم وأعيد بناؤه بالحجر، وزيد في مساحته واكتمل البناء، وتم فرشه وعُلِّقت به القناديل، وما يحتاج إليه ليكون مهيأ للصلاة فيه في رمضان سنة (395هـ -1005م)، وقد صلَّى فيه الحاكم الجمعة في رمضان سنة (398هـ - 1008م)، وألقى فيه خطبة الجمعة، وفي سنة (401هـ - 1011م) تم هدمه وإعادة بنائه، وتم البناء والفرش وتهيئته سنة (403هـ - 1013م)، وقد صلى فيه الحاكم في رمضان من نفس السنة صلاة الجمعة.

    وكان هذا المسجد أيضًا منبرًا لنشر المذهب الشيعي، ومن طريف ما ذُكِر: أنه في سنة (403هـ - 1013م) في عهد الظاهر لإعزاز دين الله! حَدَث أن خطب في هذا المسجد خطيبان معًا على المنبر! وذلك أنّ أبا طالب عليَّ بن عبد السميع العباسي عُيِّن في الخطابة، بأمر قاضي القضاة: أبي العباس أحمد بن محمد بن العوَّام، بعد سفر خطيب المسجد العفيف البخاري إلى الشام، وفي نفس الوقت خرج أمر من الحاكم العبيدي "الظاهر لإعزاز دين الله" إلى ابن عصفورة أن يخطب الجمعة، فصعدا جميعًا المنبر ووقف أحدهما دون الآخر وخطبا معًا، ثم بعد ذلك استقر أبو طالب خطيبًا، وأن يكون ابن عصفورة خليفة له.

    نشر الدعوة الإسماعيلية في جامع المقس:

    هذا الجامع أنشأه الحاكم بأمر الله على شاطئ النيل بالمقس، والمقس كان ميناء على نهر النيل فتسمى باسمه، وقد أوقف الحاكم عليه بساتين كثيرة من النخيل؛ علاوة على الأوقاف التي أوقفها على مساجد: الأزهر، والحاكم، وجامع راشدة، وجامع المقس.


    وعندما احتفل لأول مرة بعيد الشيعة "غدير خم" سنة (362هـ - 973م) سار موكب المعز الفاطمي إلى منظرة المقس، وتم عرض الأسطول عليه، وكان الحكام الفاطميون يركبون إليه عند عرض الأسطول بعد ذلك، فكان هذا المسجد أيضًا من المساجد التي تعد منبرًا لنشر المذهب الشيعي في مصر والتي بُنيت لذلك الأمر.

    ونكمل في العدد القادم إن شاء الله.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: الدولة الفاطمية في مصر من الاحتلال إلى الزوال

    الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي (14)






    كتبه/ أحمد حرفوش

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    جهود نشر المذهب الإسماعيلي:

    اهتم الفاطميون بنشر المذهب الشيعي، وشجعوا المشتغلين به، فمن ذلك: الأزهر الشريف الذي كان منبرًا لنشر المذهب الشيعي، برعاية الوزير يعقوب بن كلس، الذي كان يلقي الدروس والمحاضرات في أصول المذهب الشيعي وفقهه.

    وخصص الحاكم العبيدي يومين في الأسبوع لتعليم الناس الدعوة الإسماعيلية، ثم جعلها ثلاثة أيام؛ فكان لكبار رجال الدولة يوم الثلاثاء، ويوم الأحد لعامة الرجال، ويوم الأربعاء للنساء؛ ثم ما لبثت أن أصبحت الدعوة كل يوم، حيث كان لكل يوم فئة من الناس، وكان يحضر تلك المجالس كثير من الناس، وحدث أنه في أحد الأيام كان قاضي القضاة: محمد بن النعمان، يجلس على كرسي في القصر لتدريس مذهب الشيعة، وقد ازداد ازدحام الناس عليه؛ مما أدَّى إلى وفاة أحد عشر رجلًا من شدة الزحام؛ مما يدل على أن العامة من الناس، كان مسموح لها حضور هذه المجالس التي تنشر المذهب الشيعي.

    لقد اهتم الفاطميون بنشر مذهبهم في ربوع مصر اهتمامًا كبيرًا؛ مما أدَّى إلى ظهور مئات الكتب الشيعية حتى إن الخليفة الظاهر أمر بنفي من وُجِد يدرس الفقه المالكي وغيره من المذاهب إلا المذهب الشيعي، كما كان يأمر بجائزة مالية لمن يحفظ كتاب: "دعائم الإسلام"، وهو كتاب يشرح أصول المذهب الإسماعيلي، وكتاب: يعقوب بن كلس في الفقه على مذهبهم، كما ظهر الاهتمام بإنشاء المدارس والزوايا للتعليم، حيث كان في القاهرة وحدها سبع عشرة مدرسة، وثماني زوايا للتعليم.

    ومن الملاحظ: أن الهدف الأول من وراء بناء المساجد التي يلقى فيها الدروس، ومن وراء إنشاء المكتبات، والمدارس، هو: نشر الدعوة الفاطمية والمذهب الإسماعيلي، وكان هذا ظاهرًا من خلال الجوائز التي تمنح لمن يحفظ كُتب المذهب الشيعي دون غيرها.

    إجبار المصريين على اعتناق المذهب الشيعي:

    كان كتاب الأمان الذي أمضاه جوهر ينص على: أن يظل المصريون على مذهبهم، ولا يُلزمون بالتحول إلى المذهب الشيعي، وأن يجري الأذان، والصلاة، وصيام شهر رمضان وفطره، والزكاة، والحج، والجهاد، والميراث، على ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، لكن لم يكن كتاب جوهر لأهل مصر إلا مجرد مخادعة!

    فقد كان الفاطميون ينظرون إلى عموم المسلمين -أهل السنة- نظرة الخارج عن الإسلام، فبعد أن انتهى جوهر من وضع أساس مدينة القاهرة، أمر بإلغاء الخطبة والدعاء للخليفة العباسي، وإقامتها للمعز الفاطمي، وكذلك أن تضرب النقود باسم الخليفة الفاطمي، كما منع لبس السواد شعار العباسيين واستبدلها بالبيضاء.

    والواقع أن جوهر الصقلي أراد أن يفرض باسم المعز الفاطمي سلطته الدينية والدنيوية على كافة المسلمين، على الرغم من تعارضها مع مبدأ التسامح الديني الذي تعهد باحترامه، ولم يدع عملًا من أعمال الدولة إلا جعل فيه أحد المغاربة شريكًا لمَن فيه.

    وفي شهر ربيع الثاني سنة (393هـ - 1003م) حدث أن نائب دمشق من قِبَل الحاكم الفاطمي، أمر برجل يُدعى: الأسود الحكمي، طافوا به في شوارع المدينة، ونادوا عليه: "هذا جزاء مَن يحب أبا بكر وعمر"، ثم أُمر به فضربت عنقه.

    وفي سنة (372هـ - 982م) أمر العزيز بإبطال صلاة التراويح من جميع مساجد الديار المصرية.

    وفي سنة (394هـ -1003 م) في مدينة القاهرة، ألقي القبض على ثلاثة عشر رجلًا، بتهمة أنهم صلوا صلاة الضحى، وقد شُهر بهؤلاء المذنبين في الشوارع، كما ضربوا وحبسوا ثلاثة أيام.

    وفي شهر رمضان سنة (399هـ - 1008م) عوقب رجاء بن أبي الحسين بالقتل من أجل أنه صلى صلاة التراويح.

    وفي سنة (401هـ - 1010م) أصدر الحاكم أمرًا يأذن فيه للناس بصلاة الضحى، والتراويح، وخرج ذلك الأمر في سجل قرئ في مسجد عمرو بن العاص! ولم يلبث أن صدر أمر آخر بالمنع مرة أخرى، ولم يكن بين الأمرين سوى خمسة أشهر.

    ونكمل في العدد القادم -إن شاء الله-.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •