تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 23

الموضوع: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

    أمابعد

    فهذه فوائد من شرح الشيخ يوسف الغفيص- حفظه الله- جمعتها من شرح رسالة العبودية

    لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأسكنه الفردوس .

    ----------------------------------------

    1- الاصطلاح ليس حاكماًعلى الشرائع ولامنشئاً لها .

    2-الاحتجاج بالقدر ليس شبهة عقلية بل هي وساوس شيطانية لبعض المشركين ومن شابههم .

    3- لايوجد في الشريعة باطن محض أو ظاهر محض فكل باطن له ظاهر وكل ظاهر يتضمن باطناً
    ومامن باطن الايتضمن ويستلزم ظاهراً ويقتضيه نوع اقتضاء .


    4-الفقر صفة للعبد دائماً والغنى وصف ذات لله عزوجل .

    5- أقسام الناس عند الاسباب :

    أ- من إذا سقط السبب يدعو الله وحده وعند استقامة السبب -ولو ظاهرا- يشرك بالله - المشركون .

    ب- من حاله تقصير من المسلمين يستدعي الفقر والدعاء عند الضعف والشيب وهي حالة مأمور بها ولكن لابد ان تكون صفة دائمة كماهي حال الانبياء كماقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أفلا أكون عبداً شكورا ).


    6- العبد فقير الى الله دائماً في حالين : أ ) التكوين . ب ) التشريع .

    7- فقه مراتب العبودية مهم جداً وقد يتوهم البعض بأنه أمر واضح ولكن التحقيق لايعرفه الا القليل .

    يتبع إن شاء الله ...

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (2)

    8) عني شيخ الإسلام رحمه الله بدفع الشبهات عن طريقة السلف وهي مستتمة قبله .

    9) هدي الصحابة هدي تابع وهم أصحاب العلم والفقه والفصاحة بمقتضى العقل والأدلة المستفيضة في الكتاب والسنة .

    10) الوعد بالرضوان :أعظم مقامات الثناء أن يرضى الله عن العبد وهو أبلغ من الوعد بالجنة وأتم لإنه يتضمنها ولابد .

    11) ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) وهذا خبر عن الصحابة رضي الله عنهم ومقتضى ( دليل ) العقل والشرع والدين والعلم أن الله لايرضى إلا عمن حقق العلم والعمل

    فهم محققون للعلم والعمل وهذه تزكية مطلقة من الله عزوجل لهم .

    وهذا يعرض على أصول الشريعة فهو لايفيد العصمة عن الخطأ او خطأ الاجتهاد ولايفيد التصحيح لآراء آحادهم

    ولكنه يصحح إجماعهم فهم أزكى هذه الأمة .



    12) في الأصول العلمية المتصلة بالأصول العملية :

    ليس ثمة أصول علمية محضة
    أو أصول عملية محضة
    - مامن أصل علمي إلا وهو متصل بالأصول العملية
    ومامن أصل عملي إلا وهو متصل بالأصول العلمية .

    -ليس في الدين أصل علمي مجرد عن العمل .

    13) السبب الكلي في خطأ طوائف المرجئة :

    التوهم بأن هناك أصول عملية محضة


    قالوا كيف تكون الأعمال إيماناً وهو من عمل الجوارح ؟

    وفاتهم أنه لايوجد في الشريعة عمل محض بمعنى أن الصلاة والطواف بالبيت وغيرها ليست أعمالاً مجردة

    بل من أركانها القيام والركوع وفيها الفروض والواجبات


    فإن من أركانها الأمور العلمية

    الطواف بالبيت لو نقص عن سبعة ماصح طوافه وإذا لم يصح طوافه لم يصح ركن العمرة أو ركن الحج في طواف الإفاضة .

    لو لم يرد نية الطواف كمن يبحث عن طفل ضاع لم يقع طوافه .

    -ليس في الشريعة عمل مجرد لإن كل الأعمال العبادية أصلها نية التقرب لله وقاعدتها الإخلاص لله
    ومايدخلها من المحبة والخوف وغير ذلك .


    ولذلك علم عند جميع المسلمين أن صلاة المنافقين باطلة مع أنها في الشكل العلمي المجرد لاتختلف عن صلاة المؤمنين وربما تابعوا الرسول صلى الله عليه في الصلاة .

    ماوجه بطلانها : افتقدت الأصول العلمية ليس فيها الركن الثاني العمل لابد معه من العلم والإخلاص والإيمان وماإلى ذلك .

    14)عني الشيخ رحمه الله في ذلك السابع بتحرير هذه الطريقة الفاضلة وهي طريقة أئمة السلف ومافيها من الخير والسعة والنور والاتباع

    وهي أوسع الطرق من جهة العدل والرحمة والفضل والعلم والتحقيق .

    -أئمة العلم هم من أصحاب هذه الطريقة من أئمة الحديث والفقه والسلوك .

    -أعظم الأسماء في طريقة السلف الأسماء الشرعية تسميتهم ب( المسلمين المؤمنين المتقين ... الخ )

    15) ( ماكان ابراهيم يهوديا ولانصرانيا ولكن كان حنيفاً مسلماً )

    اليهودية والنصرانية أسماء مخترعة فردها الله للاسم الشرعي الذي رضيه .

    - وهناك أسماء أحدثها الناس واصطلح عليها الناس فجعل الله الأسماء الذي سمى بها عبادة
    ( هم سماكم المسلمين من قبل ... )


    فالأسماء الشرعية الشريفة كاسم الإيمان والتقوى هي التي يجب على المسلم أن يلزمها ويتقتدي بأثرها وماتتضمنه من المعاني .

    16) اسم السلف هو المتقدم كما تقتضيه اللغة وخاصتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واتباعهم فهي طريقة قائمة إلى قيام الساعة .

    17) من شرف هذه الطريقة : أنه يقتدي بها من يخالفها في بعض موادها .


    الشريط الأول...

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (3)

    18)كل سبب من الأسباب العلمية والعملية يقتضي اجتماع المسلمين على الكتاب والسنة فهو سبب مشروع ومايخالفه سبب مذموم .

    19) شرع الله الدين لجميع الأنبياء وجعل له ركنين عظيمين :

    أ - إقامة الدين . ب- أن لايحصل فيه التفرق .


    فإن التفرق في الدين ضلال .

    ( أن أقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه )

    والمحقق والعارف لعلم الكتاب والسنة وطريقة الأنبياء وهدي المرسلين -عليهم الصلاة والسلام -يدرك أن هذين الأصلين العظيمين من الأصول المتلازمة .


    ومن نقص علمه وفقهه أو نقص اجتهاده أو نقصت إرادته توهم التمانع بين هذين الوجهين

    فلم يدرك القصد إلى تحقيق الدين إلا بمادة التفرق

    أو لم يدرك إلى القصد إلى مادة الاجتماع إلا بترك شي من إقامة الدين .



    وهذا عرض لبعض الطوائف ولبعض الأعيان وهو فوات التحقيق للجمع بين الأصلين الشريفين

    الذي ذكرهما الله شريعة لجميع أئمة الرسل


    ( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ )


    ثم ذكر أئمة الرسل وهم ابراهيم وموسى وعيسى

    ثم ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وهو خاتمهم وسيدهم عليه والصلاة والسلام .

    20) يقع لبعض الأعيان وبعض الطوائف مادة من التمانع تارة

    او الاضطراب في تحقيق الجمع بين هذين الأصلين ويكون سبب ذلك :


    أ ) لنقص العلم والفقه في الدين تارة .

    ب) نقص مقام الإرادة تارة .

    ج) وربما صار أحياناً إلى نقص العقل تارة ( فبعض التصرفات من بعض الذين يعنون بتحقيق مقام الدين تجد أنه أشبه مايكون بالفوات العقلي - نقص الحكمة - مراعاة مقاصد الشريعة -تمييزأحكام الشريعة في قواعدالمصالح والمفاسد .

    21) العلم بمسائل أصول الدين يتصل بمسائل فروع الدين .

    فمن أراد في مسائل أصول الدين ويبحث في مقام أقامه الدين وترك التفرق لابد أن يكون فقيها في علم قواعد الشريعة والمصالح والمفاسد ومايتعلق بذلك حتى يميز الانكار في موضعه ودرجة الإنكار في موضعه والذم بحسب اقتضاء السبب الشرعي فيه والحمد بحسب اقتضاء السب الشرعي فيه .

    وقام بذلك بعد القرون الثلاثة المفضلة أئمة الدين من الأئمة الأربعة وغيرهم

    وأخص من قام بذلك في القرون المتأخرة من انتسب للمذهب الحنبلي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .


    22) أعظم الطرق في درء الشبهات والفتن العلمية حسن التقرير للأحكام والحقائق الصحيحة .

    لإن من استبان له النور اكتفى به عما خالفه .

    والشبهات مادتها ليست متناهية فكل قوم ينتحلون شبهة تختلف عن الآخرين

    لكن الحق واحد وقد استقر وأكمله الله ( اليوم أكملت لكم دينكم )

    فالعناية ببيان أدلة الشريعة وكمال الدين وماتقتضيه من الأحكام والمقاصد هي أخص الطرق لدفع الشبهات .

    وربما اقتضى المقام التفصيل في الرد على بعض الشبهات وورد في القرآن الرد على بعض أهل الباطل ( وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه ... )

    ذكر وسمي وذكر جوابه كما قصة ابراهيم في سورة الأنعام .

    لكن الذي استبان به جمهور الحق هو تقرير الحق من جهة الحقائق المبتدأة الصادقة .


    23) من أعظم أسباب المخالفة لمقامات العبودية هو الجهل بحقائقها .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (4)

    24) تعريف الشيخ للعبادة بذكر أنواع العبادات ليس فواتاٌ في النظم البلاغي كمايقال بل هو التحقيق البلاغي المناسب لملاقاة مقاصد الشريعة

    فذكر الله عن الأنبياء فقال في إسماعيل عليه السلام ( إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً ) فذكر توحيده وذكر خلقه

    (نعم العبد أنه أواب ) تذكرمقامات العبودية التفصيلية .

    وذكر في السنة كما في حديث وفْدُ عبدِ القَيسِ علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، قالَ : آمرُكُم بثلاثٍ، وأنهاكُم عن أربعٍ، آمرُكُم: بالإيمانِ باللَّهِ، وَهَل تَدرونَ ما الإيمانُ باللَّهِ؟، قالوا: اللَّهُ ورسولُهُ أعلَمُ، قالَ: شَهادةُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ، وأن تُعطوا منَ المغانِمِ الخُمُسَ )

    والشاهد هنا في هذه الرواية وفي آيات القرآن والكتاب المبين وغيره
    ( بيان الأسماء الشرعية بحقائقها الشرعية وهذه أتم الطرق في العلم وأتم الطرق في تحقيق العمل )


    وكثيرمن اهل الاصطلاح والنظر توهم أن الطرق المنطقية النظرية أضبط فيما يسمى الحد الجامع المانع والأمر ليس كذلك
    ولهذا تجد أن الأسماء التي يستعمل فيها الحد على طريقة اهل المنطق تجد أن الحد المعين لاسم من الأسماء(الإيمان -الشرع -العلم)
    تجد أن الحد نفسه تضمن جملة من الأسماء إما صريحاً أو يأتي مصدراً أو يأتي فعلاً لابد له من مصدر واسم
    فتحتاج هذه الأسماء إلى تعاريف فيتصل الدور
    .
    بخلاف الأسماء الشرعية فهي جامعة مانعة .
    ولهذا تعريف المصنف العبادة بهذا تجده جامع عند أهل العلم والتحقيق
    وهو جامع عند أهل النظر والمعارف
    وهو جامع عند أهل الأحوال والسلوك
    وهو جامع باعتبار آخر عند الخاصة في العلم والعامة .
    ومثله لو عرفت العبادة بتعريف مقارب لتعريف الشيخ بأن قلت ( العبادة اسم جامع لكل ماشرعه الله ورسوله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة )
    فإذا ذكرالفعل (شرع ) نبهت إلى مقتضى الدليل وإذا قلت ( أحب ) تعلم أن ماشرعه الله فهو يحبه وكلا المعنيين بينهما تلازم .

    (25) كل عبادة أحبها الله فإن الله بين أمرها لعبادة أتم البيان ليعبدوه بها .

    26) التنوع في السياقات فقد تذكر الأصول مرتبة كما في حديث ابن عمر ( بني الإسلام على خمس ...) الحديث وتارة يأتي اسم بين اسمين في بعض السياقات (
    قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ )


    توسط اسم الإعراض عن اللغو بين الصلاة والزكاة وتجد هذا في كثير من التراتيب الشرعية

    وهذا من أوجه الاختصاص الذي لايستطيعه العرب ولاأصحاب الحروف ولاأصحاب المعاني أن يجمعوا المعاني على هذه الطريقة المحققة



    قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا )

    لإن هذا من علم الله والبشر عاجزون وقاصرون عن إصابة علم الله أو محاكاته أو الاتيان بشي مثله ( ليس كمثله شئ )

    27) ذكر الأعمال القلبية ( الباطنة ) من المحبة والخوف والخشية والتوكل :

    كل عمل قلبي له اتصال بالأعمال الظاهرة .

    28) أصل دين الأنبياء واحد وهو الإيمان بالله ونحقيق العبودية لله تعالى وحده .

    29) جميع الأعمال إنما شرعت لتحقيق العبودية والتوحيد لله عزوجل

    ومن فقه الصحابة قول أبي أيوب رضي الله عنه ( فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك ) .

    30) ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين )

    فالعبد إذا فقه حقيقة العبودية صارت حالة العبودية لازمة في كافة أمره وهذه حال الأنبياء وأهل الاقتداء من أعيان الصحابة رضي الله عنهم .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    ( 5)

    31) من كمال الشريعة أن الأسباب العادية -إذا ابتغي بها وجه الله - وهي أسباب الخير تكون قربة عند الله .

    كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ ) رواه البخاري


    قال معاذ رضي الله عنه : (أما أنا فأنام وأقوم فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي) رواه البخاري .

    32) ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأسباب الكبرى لدخول الجنة وبين أن بعض الأسباب العادية أو الأخلاقية - التي قدلايعتبر بها كثيرمن الناس - تكون سبباً في دخول الجنة


    كمافي الحديث ( عَنْ حُذَيْفَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، " أَنَّ رَجُلًا مَاتَ ، فَدَخَلَ الْجَنَّةَ ، فَقِيلَ لَهُ : مَا كُنْتَ تَعْمَلُ ؟ - قَالَ : فَإِمَّا ذَكَرَ وَإِمَّا ذُكِّرَ - فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ ، فَكُنْتُ أُنْظِرُ الْمُعْسِرَ ، وَأَتَجَوَّزُ فِي السِّكَّةِ - أَوْ فِي النَّقْدِ - فَغُفِرَ لَهُ "رواه مسلم .

    لإن مقامه في الحقيقة الشرعية إذا ابتغى بهاالإحسان فقصد مقاماً شرعه الله بصريح الأمر-وهذا هو الفقه-

    حقق بفعله القصد إلى أمر صريح في أمر الله


    لإن الله أمر بالإحسان قال تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ... الآيه )أمر صريح بتسمية الأمر بالإحسان


    واتصل اسم الإحسان باسم بالعدل - وهوركن الأخلاق وقاعدتها وأصل الأخلاق-

    فلذلك فقه هذه المقامات بالفهم التام والفاضل لمقاصد الشريعة .


    33)لماقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( الإيمان بضع وسبعون شعبه فأعلاها قول لاله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ...الحديث )


    فبين الفرق بين الدرجتين حتى لايكون مقام الشمول مفوتاً فهم مراتب الديانة .


    لإن بعض الناس أحياناً يبالغ في بعض الأجزاء الأخلاقية - مع تفريط بين في الأصول الواجبةمن الأعمال والأحكام - بحجة أهمية مقام الأخلاق وهذا خلل فلايصح أن يكون الإصابة لبعض المقامات الأخلاقية ستاراً يتغافل به عن تحقيق مقامات أعظم منها في الدين .


    وهذا الأدنى قد يكون سبباًموجباً لرحمة الله ودخول الجنة
    كما في الحديث (مَرَّ رجلٌ بغُصْنِ شجرةٍ على ظَهْرِ طريقٍ ، فقال : والله لَأُنَحِّيَنَّ هذا عن المسلمينَ ، لا يُؤْذِيهِم ، فأُدْخِلَ الجنةَ ) رواه البخاري ومسلم .


    فقه العبودية هو في فقه القرآن وفقه السنة وهي هدي الرسول صلى الله عليه وسلم .


    34) وصف الله ملائكة وأنبياءه بقوله (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ) لايستكبرون يعني أنهم يعبدون الله رغباً ورهباً ومحبة وإجلالاً وتعظيماً


    لَا يَسْتَحْسِرُونَ لايفترون ولايقصرون عن عبادة الله بل هم مقيمون على عبادة وهي صفة المرسلين


    وهو معنى القنوت الذي ذكره الله عن إبراهيم ( إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله ...) الآيه أي مقيماً على عبادته .


    ومن الفقه في هذه الآيات أن من تحقيق ترك الإستكبار ومايداخل النفس من المنازع وإن لم يكن من الاستكبار الذي وصف به الكفار- ولكنه من المنازع - فإن الإقامة على العبادة هي من الأوصاف الشاهدة بصدق العبادة وكونها وقعت إخلاصاً لله .


    ولهذا كان عمل النبي صلى الله عليه وسلم- ديمةً -كماقالت عائشة رضي الله عنها

    وهذا من سعة فقهها في فهم مقاصد العبودية وهذا هدي الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام .


    يذكر الله تعالى - ترك الاستكبار في فعل الملائكة مع ملازمة العبادة -لإن هذا هو تحقيق ترك الاستكبار أو الأسباب المنازعة التي هي من مادة الاستكبار .


    ولهذا يقال -كنتيجة - الاقبال على طاعة الله ودعائه هو تحقيق ترك الاستكبار عن عبادته .


    لايلازم مقام الإدامه إلامؤمن - ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ثوبان ( اسْتقيموا و لن تُحصوا ، و اعلموا أنَّ خيرَ أعمالِكم الصلاةُ ، و لا يحافظُ على الوضوءِ إلا مؤمنٌ ) رواه أحمد


    35) المنافقون يصلون تارة ويتركون تارة فإذاقامت أسباب مصالحهم الدنيوية صلواوأظهروا الصلاة وإذا ظنوا فواتها تركوا وهكذا في سائر شعائر الإسلام .


    36) (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ.) رواه مسلم


    وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص ( قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّ الإسْلامَ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟

    وأنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَها؟ وأنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟ ... ) الحديث رواه مسلم


    وهذه العبادات نافية لمادة الشر والمعصية في النفس

    -الأعمال الصالحة هي الأعمال المصححه للقلوب
    - وهذا لوتتبع لماتمكن متتبع أن يستتم تحصيله لسعة مافي الكتاب والسنة من ذلك ولكن هذه إشارة إلى بعض مقاماته .


    ويطابقه قول الله تعالى (إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ) والحج ينهى عن الفحشاء والمنكر وكذلك الصدقة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه ( والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ ...) رواه مسلم


    أي : برهان على تحقيق الإيمان وصدق الإيمان .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    37) عباد الله الذين صدقوا الله ليس للشيطان عليهم نصيب ( إلا عبادك منهم المخلصين )

    -لماقضي الأمر (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُم ْ...)

    -عند ابتداء الأمر ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّ هُمْ أَجْمَعِينَ ) ليس بيده إلا التزيين فقط


    38) التزيين المزيف وهو - نقل للشي عن حقيقته الصحيحة المقتضية لتركه إلى صفة وهمية تحرك بعض النفوس إليه -
    ومثال ذلك ( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ )

    أما الشي الحسن والزين بذاته فلايحتاج إلى تزيين

    وهو - قلب الحقائق الفاسدة إلى وهميات حسنة تتزين في نفوس بعض النفوس المتعلقة بأوهام الشيطان -


    39)سبب الشيطان قاصر بل أبلغ سبب قاصر هو سبب الشيطان في مقابل السبب الأعظم وهو النور الذي جعله الله في نبوة الأنبياء ولامقارنة بينهما البته

    قال تعالى ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا )

    - كل سبب من أسباب الباطل الحسية والمعنوية قابلت الأسباب الشرعية الحسية أو المعنوية العلمية صارت أسباباً قاصرة فيما يقابلها -

    كماحتى في السحر - مع أن السحرة يجتالون كثيراً من الناس وهذا معروف في الأمم والخوف من السحرة وتلاعبهم وأثرهم

    ولكن لماجاء السبب الشرعي الذي قضى به الله أمراً كونياً وهو قوله جل وعلا ( ولايفلح الساحر حيث أتى )

    لإن ذلك السحر الذي جاء في قصة فرعون وجنوده قابله الله تعالى ذلك الأمر الإلهي لما أمر عبده ونبيه موسى أن يلقي عصاه
    - قال تعالى (فإذا هي حية تسعى ) ماصار هناك مقابل بين الأمرين


    -يخيل إليهم من سحرهم -جانباً وهمياً

    -فإذا هي حية تسعى - حقيقة .

    40) السحر له حقيقة ولكنها قاصرة وليست الحقيقة المطلقة التي يوهم بها السحرة .

    -انتهت فوائد الشريط الأول -

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (7)


    41) المحبة نتيجة لماشرع الله فإن الله يحب من عباده أن يتقربوا إليه بماشرع بل لايصح منهم أن يعبدوه إلا بماشرع .

    ولذلك من أصل دين الإسلام إن لايعبد الله إلا بماشرع


    كما في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا ماليس منه فهو رد )وقال صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).

    42) من فقه المصنف أنه بين أن الأسماء الشرعية -التي ذكرها الله في كتابه - تذكر :

    أ- تارة باسم الفاعل . ب- أو تارة بصيغة المصدر باعتبارها فعلاً .
    ج- تارة باسم الفعل نفسه .

    فإن هذه الأسماء كالعبادةوالتقوى والإيمان والإسلام والإحسان والقانتين والصادقين والمتصدقين - التي ذكرها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بأوجهها المختلفة .
    فإنها أسماء جامعة لمعنى الدين ويكون الخلاف بينها تنوع بهذا الاعتبار .

    43)ومعنى أن الأسماء الشرعية جامعة باقتضاء المطابقة لبعض مقاماته

    والتضمن لبعض مقاماته واللزوم لبعض مقاماته .

    بل بعضها يكون مركباً من المطابقة المطلقة أو مركباً من دلالته من المطابقة والتضمن .

    44) إذا دُخِل في الأسماء المفصلة على آحاد الأفعال صار شمولها باعتبار اللزوم على هذا التقدير وهذا من كمال هذه الأسماء الشرعية .

    45) الأسماء الشريعة جامعة للدين إما بالمطابقة المطلقة كاسم الإيمان فإنه مطابق لكل ماشرع الله

    فإنه كل ماشرع الله كما هو مذهب السلف وجاءمتواتراً في الكتاب والسنة أن -الإيمان قول وعمل واعتقاد أو قول وعمل كما هي عبارة أكثر السلف أي

    ( قول القلب وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح )

    والإيمان جميع الأعمال الشرعية تسمى إيماناً

    فلذلك دلالته على الشريعة دلالة مُطابِقَة

    كل ماشرع فهو إيمان ويسمى آحاده إيماناً كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة في الصحيح

    ( الإيمان بضع وسبعون شعبة ) فهي خصال الإيمان وشعب الإيمان فهذا من كمال الأسماء الشرعية .


    46)الأسماء الشرعية هي الأسماء المحمودة أن يكون البيان والحق مبيناً بالأسماء الشرعية لها دلالاتها من حيث التشريع

    فكل اسم يتضمن دلالة إما دلالة عامة أو دلالة خاصة .



    -الدلالات الخاصة إما تتضمن تارة أو تستلزم غيرها من المعاني- فصارت هذه الأسماء مقتضية للدين وجامعة له

    وإن كان بعضها -من جهة البيان - أجمع من بعض باعتبار السياق تارة إو إطلاق الاسم في اللغة تارة أخرى من جهة الخصوص والعموم أو التقييد والإطلاق-

    سواء كان التقييد بالألفاظ أو التقييد بالصفات- وهما نوعان مختلفان .


    47)تتدبر هذه المعاني عند التحقيق وهي كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولهذا ماجعل الله اسم العبادة واحداً

    تارة تذكرباسم العبادة وتارة باسم الحمد

    وتارة باسم القنوت وتارة باسم الإيمان

    وتارة باسم الإسلام
    وتارة بمفصل الأفعال كالطواف بالبيت ( وطهر بيتي للطائفين )
    وتراة باسم الراكعين والساجدين كقوله( والركع السجود ) الى غير ذلك
    ولهذا أمر الله بالإيمان (ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله...)
    وأمر بمفصل الأفعال ( ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم )

    والخطاب في هذا المقام -التفصيل أو مقام العموم والإجمال -كلاهما مماشرع الله به البيان للدين
    فهذا هو أتم البيان وأصدق البيان .



    ولهذا لإن الدين لم يأت بهذه الأسماء على سبيل التضاد أو الاختلاف .

    وأما التضاد فبإجماع المسلمين فليست متضادة .


    48)وأما الذي وقع فيه التوهم- في الأسماء الشرعية - أنها كما يقال في المنطق أنها من باب الخلافين -الأسماء الخلافيه -
    وربما أجروا ذلك على تجريد اللغة تارة أو تجريد المنطق تارة أخرى .


    -الأسماء الشرعية لاتؤخذ بتجريد اللغة ولايتجريد المنطق من باب أولى .

    49) الدين يسمى ماكان حقاً وماكان باطلاً ( لكم دينكم ولي دين ) .

    50) لما قال العلماء أن أصل العبادة ( الذل )

    لاعلى سبيل قصراقتضاء الأصل لهذا المدلول .

    لإن العبادة جامعة للخضوع ومايقتضيه مقام الخوف ومايقتضيه مقام الرجاء ومايقتضيه مقام المحبة .


    لهذا صارت الأوجه الثلاثة ( المحبة -الخوف -الرجاء ) من جوامع مقاصد العبودية

    فتجد عامة الصفات العبادية ترجع إما إلى صفة المحبة

    وإما ترجع إلى صفة الخوف

    وإما ترجع إلى صفة الرجاء

    فهذه الصفات الثلاث جامعة وعامة الصفات ترجع إليها وتقتضيها هذه الصفات الثلاث .


    51) العبادة ليست الذل وحده لإن الذل الذي لايصاحبه محبة ولاعلم فليس من العبادة التي شرعها الله -ليست الذل المنفك عن محبة الله -

    كذل الضعفاء لكبرائهم وذل العبد المملوك لسيده هذا ذل عبودية البشر .

    العبد المسلم يعبد الله محبة ويعبده خوفاً ورجاء ومقام الذل لله داخل في هذه المقاصد ولكن الاسم الشرعي يكون باسم الإخبات تارة وتارة باسم الخشوع وتارة باسم القنوت وهذه الأسماء أزكى .


    لإنه إذا كان خشوعا ً فيصاحبه العلم فأصدق الناس خشوعاً أصدقهم علماً ولهذا قال الله
    ( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ)

    لذلك جعل الله من أخص صفات المؤمنين الخشوع في الصلاة

    لإن الخشوع من أخص مايدل على تحقيق العلم الإلهي في نفس العبد وفقهه في دين ومعرفته الصحيحة لربه سبحانه وتعالى .


    الشريط الثاني

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (8)

    52) الأسماء الشرعية للعبادة من بيان القرآن بعضه ببعض ليس تفسيراً منغلقاً بل تجتمع هذه الدلالات بالعلم بكتاب الله سبحانه وتعالى وفي تدبره .

    53) هذه الأسماء الشرعية تسمى ببيانها الشرعي ولاتنقل إلى أسماء معروفة في لغة العرب ولم ينطق بها القرآن أو الحديث سواء كانت بصيغة الفعل أو المصدر أو اسم الفعل لإن بيانها بهذه الأسماء إغلاق وقصر وليس بياناً ونشراً للمعنى .


    54) مامن كلمة استدعيت من اللغة ولو من فصيحها إلا والكلمة التي جاء بها القرآن أبلغ منها في هذا المقام ولابد ولاشك بخلاف توصيف الأفعال كالصلاة والصيام .


    55) تعرف الأسماء الشرعية (-كالتقوى والإيمان والعبادة - بالأسماء الشرعية والمفردات

    فكلما كان الاسم معبراً عنه بالكلمات الشرعية فهذا أبلغ في العلم والفقه .

    فإذاقلت في اسم (الإيمان : اسم لما شرع الله ) فكلمة شرع سياق شرعي قال تعالى

    ( شرع لكم من الدين ماوصى به نوحاً ) وهكذا في عموم كلمات الشريعة في هذا الباب .

    56) مراتب المحبة ذكرها أهل السلوك والأحوال فيقال ( متيم ) بلغ من الحب درجة التذلل لمحبوبه .

    هذه المراتب ليست على إطلاقها وليس مايذكره أرباب الأحوال والنظريات في هذا

    وإنما يذكرها المصنف في مقامات توصيف كلام أهل الأحوال في ذلك .

    57) بين المصنف -رحمه الله- أن الله تعالى لايليق بحقه بعض هذه الأسماء -أن يكون العبد مع ربه ببعض هذه الألفاظ ليس ملاقياً للصحيح البته .

    58) سمى العبد المملوك عبداً باعتباروقوع مادة الذل لكن العبودية لله تعالى مغايرة لهذا المعنى .

    59) (بل يجب أَن يكون الله أحب إِلَى العَبْد من كل شَيْء وَأَن يكون الله عِنْده أعظم من كل شَيْء بل لَا يسْتَحق الْمحبَّة والخضوع التَّام إِلَّا الله وكل مَا أحب لغير الله فمحبته فَاسِدَة وَمَا عظم بِغَيْر أَمر الله فتعظيمه بَاطِل )

    وهذا المعنى يقرره بعض أهل السلوك والتصوف وإن كان بعض الصوفية يبالغ فيه وهو مايسمى -الفناء-
    والفناء أوجه عند أرباب السلوك والتصوف


    منه مايكون محموداً في جملته من جهة معناه وإن لم يكن الاسم قد ورد به شئ

    ومنه مايكون مذموماً من جهة معناه ولكنه لايوصل إلى درجة المفارقة لمقامات الأصول الكلية أو الكبرى في الدين .
    ومنه مايكون درجة غالية بالغة الشطط والانفكاك عن مقاصد العبادة في الشريعة .



    60) أقسام الفناء عند أرباب الأحوال ثلاثة :

    أ) فناء عن إرادة السوى وهذاالذي يقول المحققون من الناظرين في كلام أهل التصوف

    وهم من أرباب السنن والآثار -كشيخ الإسلام ابن تيمية وهذا من عدله وإنصافه وسعة علمه ونظره -

    هذا فناء محمود وإن كان الاسم ليس مماورد وإنما يعبر عنه بالعبادة والإيمان والتقوى والإخلاص .

    لكن معناه- الفناء- عن ماسوى الله باعتبار الإرادة فلايريد العبد إلاماأراده الله فلذلك مانهى الله عنه ولم يرده من عباده يتركها ابتغاء رضوان الله فتكون إرادة العبد على هذا القصد من تحقيق أمر الله تعالى والانتهاء عن نهيه فهذا معنى من أصل دين الأنبياء وإن لم يكن الاسم الملاقي له بل الاسم الذي سمي في الشريعة هو اسمه وهو جملة أسماء كماسبق .


    ب) فناء عن شهود السوى .

    وهذا فيه تغليب لمقام الربوبية على مقام العبودية حتى ربما اسقط صاحبه وسالكه بعض مقامات الأمر أو قصر فيها أو في تحقيقها شهوداً لمقام الربوبية

    وهذا من المخالفة باعتبار ومن ضعف الفقه في الدين باعتبار وهذاقدر متلازم

    فكلما وقعت المخالفة كلما وقع نقص العلم - اذا وقعت المخالفة نقص العلم وأصاب العبد مادة من الجهل .

    وإذا استحكمت المخالفة والخطيئة بالعبد فقد استحكم به الجهل -قدر متلازم

    من بلغ التحقيق في العمل فقد بلغ التحقيق في العلم ولابد ولذا فأئمة العلم هم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام .

    وهذا الفناء يذكره كثير من الصوفية وهم قاصدون فيه لتحقيق مقام الربوبية لله والرضاء بقضاء الله وقدره وهذا المقام في أصله من مقامات الأيمان الكبرى

    ولكن هذا التمانع الذي لم ينضبط لهم فقهه هو نقص في العلم ونقص في تحقيق الأمر والنهي وهم في هذا العارض المقارن للأحوال درجات .

    وبقدر مايفوتهم من التحقيق في هذا المقام إلاأنهم يصيبون مقامات من التحقيق الصحيح أيضاً فتكون حالهم مختلطة بين الحالين وهذا هوالذي يقارن كثيراً من أهل الأحوال .

    وقد يقارن بعض أهل الأحوال هذا المقام هذا المقام مع المقام الذي قبله وهذا بحسب قربهم من السنن والآثار وهدي النبي صلى الله عليه وسلم وفقههم لكتاب الله سبحانه وتعالى .

    لهذا من كان متتبعاً للسنن كالجنيد بن محمد رحمه الله وغيره من اصحاب التصوف الذين انتظم قصدهم لاتباع السنة والجماعة واتباع الهدي سلموا من عامة هذا الآثار الناقصة .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (9)

    (61)

    (ج)الفناء عن وجود السِوَى :


    وهذا الفناء ليس من مادة الشريعة ولامما اشتبه فهمه من الشريعه .

    فالأول هو من مادة الشريعة

    والثاني مما اشتبه في فقه الشريعه على بعض البصراء والمكاشفين وأرباب الأحوال والعارفين.
    وإن كان بعضهم يغلو فيه فيصيب مقامات من مقامات البدع الظاهرة بأثره لماخالط نفسه ىمن الجهل بحقائق الإلهية والربوبية وأنها متلازمة أو متضمنة لبعضها وليس بينها هذا التمانع الذي يطرأ على بعض النفوس فلايعرف مقام العبادة إلا بتقصير في مقام الأمر والنهي .

    والثالث ليس من مادة الشريعة -الفناء عن وجود السوى - بل هو معنى منقول وأصله فلسفة قديمة قبل المسيح بن مريم عليه السلام .

    بل كان أساطين الفلسفة العارفين كان لهم ردود معروفة وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن أرسطوطاليس له ردود في فلسفته على هذه الطريقة .

    وهذه الفلسفة -نظرية وحدة الوجود - لم يتقلدها جمهورنظار المتصوفة من المسلمين وإن وقع فيها بعضهم او صار كثير من العامة يطلقون ألفاظاً منها
    لكن هي من حيث حقيقتها شأن شاذ ووقع فيه من وقع من غلاة الصوفية .

    لكن ليس كل من تكلم بحرفها لزم أن يكون يكون معتقداً لها بل قد يكون نقلها تقليداً لمن نقلها عنه او من قلد حروفه لكنه لم يوافقه او لم يعرف مقصوده منها .

    وهذا ليس تهويناً من شأن نقل حروفه فإن حروفها بدعة .

    وما من أحد تقلد اسمها إلا وأصابه من فسادها ومادتها ومعناها فلايسلم من فسادها لفظاً او فسادها معنى .


    المقصود أن ليس كل من عرض هذا الاسم أو مايشابهه أو ماهو من مصطلحه في كلامه أدين بتمام حقيقة هذا الفلسفة


    لإنها في الحقيقة فلسفة منقولة ليست مما اشتبه على علماء المسلمين أو بصرائهم او على عباد المسلمين كبعض مقامات التصوف دخلها جهل واشتباه -حتى لوقيل أنها بدعة -

    ولكن نظرية وحدة الوجود نظرية فلسفية منقوله ليست من مادة علم علماء المسلمين أو عبادهم .

    وملذلك تقلدها على حقيقتها فلاسفة الصوفية .

    ومن أخص من نظَرلها ابن عربي صاحب الفتوحات والفصوص

    وابن عربي في الفتوحات المكية لايصرح بهذه الطريقة ولايلتزم بها

    وإنما تقلدها تقلداً بيناً في كتابه فصوص الحكم وغيره

    لكن جماهير الصوفية وكبراء الصوفية لم يلتزموا على منظقها الفلسفي فهي حتى فلسفها فيها قجد من التراتيب والتركيب وغيره
    وحينما يفرق هذا التفريق حتى لايؤخذ أحد بحكمها لإن حكمها شديد .

    وإن كانت بعض حروفها أو مايشابهها تعرض

    ولهذا قال بعض فضلاءهؤلاء حروفاً أشبهت تلك الحروف كقول صاحب المنازل :

    ما وحد الواحد من واحد***إذ كل من وحده جاحد
    توحيد من ينطق عن نعته ***عارية أبطلها الواحد
    توحيده إياه توحيده ***ونعت من ينعته لأحد

    وهذا ليس تصريحاً بالقطع بهذه الكلمة فضلاً عن معناها ولكنه مشتبه في الحروف فحرفه بعض الصوفيه إلى هذه الطريقة وهذا بهتان على صاحب المنازل -أعني أبااسماعيل الأنصاري الهروي رحمه الله -


    هذا ليس من قوله ولامن رأيه ومذهبه - القل بوحدة الوجود -

    وإنما الذي يقع في مفصل المعاني في كلام صاحب المنازل هو مادة من الفناء الثاني

    أو الفناء الأول -الصواب أن يسمى بالأسماء الشرعية - فيها تحقيق وهو قصد وجه الله تعالى

    ويقع في كلام صاحب المنازل ماهو من الفناء الثاني الذي فيه الخطأ والبدعة


    لكنه لايصل إلى النظرية الفلسفية التي ينظر لها ويرسمها مثل صاحب الفصوص او من تقلد طريقته بعده أو قبله .

    ولهذا أصحابها فلاسفة ليسوا مجرد متصوفه كابن عرب صاحب الفصوص ويقاربه العفيف التلمساني وابن الفارض وهم متصوفة باعبتار .

    62) أخص مايتدبره العبد من القرآن -قبل دلالات المسائل على الفروع والأحكام- هو تدبر فقه العبودية من القرآن الذي هو أبلغ مايكون ولايستطيع البشرأن يأتوا من هذا المعنى الذي في كتاب الله

    لامن جهة الحروف كما هو بدهي
    ولامن جهة المعاني وتمامها


    فإن القرآن لايستطيعه الخلق ولو اجتمعوا لالفظاً ولامعنى .


    63) هذه الأوصاف المفصلة في القرآن-كالرضا -ولو أنهم رضوا ماأتاهم الله - التي أشيرإليها تأتي بحسب المقتضي
    بحسب مايقتضيه المقام من السياق .

    64) الحسب هو الله وحده لإن هذا مما يختص الله به . ( حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين )
    - اي حسبك وحسب من اتبعك الله -

    65) يذكر العبد في القرآن على معنى المخلوق لله المستسلم لأمره الكوني الذي لاينفك عن امر الله وعن قضائه وقدره .

    قال تعالى (إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا )

    (وكلهم آتيه يوم القيامه فرداً) -بيان لانفكاك بعضهم عن بعض وأن بعضهم لايستطيع نفع بعض إلابماأذن الله به -

    حتى في حال حياتهم هم على هذه الصفة .

    (وتقطع بهم الأسباب ) الفردية تتحق وينفك بعضهم عن بعض .

    أما العبودية الخاصة ( سبحان الذي أسرى بعبده ) إضافة العبودية والطاعة والاستجابة .

    66) ماسمى الله هذه المعرفة علماً ( يعرفونه كما يعرفون أبنائهم )

    لكن اسم العلم إذا اطلق فهو علم الاستجابة .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (10)

    67) إقرار الكفار بتوحيد الربوبية مع شركهم في توحيد الألوهية

    بين شيخ الإسلام الأحوال التي عرضت لطوائف من أهل المعرفة والتصوف في سلوكهم في مسائل العبادة والتحقيق وماقصدوا إليه في تحقيق الحقيقة الشرعية في مقام العبودية .

    وأن هذا القصد يصاحبه الكثير من مقامات الجهل ومنه هذا التوهم أن تحقيق المعرفة والإرادة إنما يكون بشهود هذه المعرفة المختصة بربوبية الله تعالى .

    68)الإيمان بربوبية الله تعالى من أصول الإيمان ولاإيمان لعبد لايؤمن بهذه الحقيقة بأن الله رب العالمين وأنه على كل شئ قدير وأن الله بكل شئ عليم وأنه الخالق وماسواه مخلوق وأن بيده ملكوت كل شئ وأنه المالك لكل شئ وغير ذلك من حقائق الربوبية التي يتضمنها فعل الله عزوجل ويتضمنها أمره الكوني ويتضمنها قضاؤه وقدره .

    وهذه حقيقة شرعية كبرى بل هي من أعظم الحقائق الشرعية ولكن الحقائق الشرعية حقائق متصلة ببعضها يتضمن بعضها بعضا ويستلزم بعضها بعضا .

    ومحل المؤاخذة ممن سلك طريقا مغلوطة أنهم قصروا الحقيقة الدينية على هذا المعنى
    فهذا الوقوف عند هذه الحقيقة كما يسميها المصنف وهي -الاقتصار على هذا الشهود أو تغليبه -أو الجهل أو النقص في مقام الحقيقة الشرعية وهي حقيقة الأمر والنهي والتشريع والتعبد لله ويسمى عبادة الله وألوهية .

    69)من قصر في مقام الأمر والنهي تغليبا لمقام الربوبية فقد وقع في مقام من الخلل والضلال بحسب مايصيبه في هذا المقام .
    فقد يكون من أهل الغلو في هذه الطريقة تارة وقد يكون من أهل الاقتصاد تارة وقد يكون متوسطأ بين الحالين .

    وهل يوجد أحد من أهل الاقتصاد ؟

    نعم إذاوقع في ذلك على أوجه عارضه ولم يكن ذلك منهجا مطردا له وهذا وقع فيه بعض مقتصدة الصوفية في بعض المسائل والمقامات .
    وإذا نظرت إلى مشرعهم ومنهجهم وجدت أنهم ليسوا على هذه الطريقة في عموم حالهم .

    ولكن يصيبهم منها مايصيبهم أعني عدم تحقيق الجمع بين مقام الربوبية ومقام الشرعية -وهذا هو الدين الذي جاء به الأنبياء – عبادة الله بماأمر وشرع في كتابه وماجاء به رسوله صلى الله عليه وسلم وكل الأنبياء على ذلك قال تعالى (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله ...)


    70)عبادة الله بماشرع من أوجه العبادات التي فصلت في كتب الرسل وفي نبواتهم عليهم السلام .

    فمن شهد الجمع بين الشرع والقدر فهو المصيب لطريقة المرسلين وهم في ذلك درجات في تحقيقهم كما تفاضل إيمان الصحابة رضي الله عنهم كإيمان أبي بكر وعمر وعثمان حتى الخلفاء الأربعة ليسوا درجة واحدة فضلا عن بقية الصحابة رضي الله عنهم .

    وهذا الفضل قديكون تسمية كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الخلفاء الأربعة وتارة -وهو الغالب -أنه من علم الله الذي لم يطلع البشر عليه – اختص الله بعلمه فمعرفة تعيين الإيمان بالفضل عند الله تعالى ولهذا كان من طريقة أهل السنة أنهم لايشهدون لأحد بجنة أو نار أو عذاب إلا ماجاء به الخبر كالعشرة وغيرهم من الأحكام المستقرة .

    وقد بعث الله الرسل بتحقيق الجمع بين الشرع والقدر وقد تضمن هذا المقام في أعظم سورة في القرآن وهي سورة الفاتحة فكلها في تحقيق الجمع بين الشرع والقدر .

    وجميع هذه السورة العظيمة في تقرير هذه الحقيقة العظيمة -الجمع بين الشرع والقدر -أو الجمع بين الشرع والربوبية أو الجمع بين الربوبية والألوهية وكلها ألفاظ متقاربة .


    فهذه السورة العظيمة -الفاتحة -كلها في تحقيق هذا الأصل العظيم وهو الإيمان بربوبية الله مع إخلاص العبادة والطاعة لله وحده لاشريك له .

    -وهذا جماع دين الإسلام -

    ولهذا أبان الله في نهاية السورة طريقة من ضل عن هذه الطريقة وهم المغضوب عليهم والضالين .


    71)لما اشتغل كثير من أهل المعرفة والعبادة والنظرمن الصوفية بالنظر إلى هذه المسائل والقصد إلى تحصيلها أصابهم هذا الخلل في التقصير في مقام الأمر والنهي على درجات تارة غلواً وتارة غير ذلك .

    يقابلهم طوائف من أهل الكلام والنظر الذين غلو في مقام الأمر والنهي وفاتهم كثير من التحقيق في مقام الربوبية كما هو شأن كثير من المعتزلة بل عامة المعتزلة على هذه الطريقة حيث لم يجعلوا أعمال العباد قد شاءها الله وخلقها عندهم .

    وفي الأمر والنهي مادة غالية حيث جعلوا مرتكب الكبيرة -الترك لمقام من الأمر أو الواقع في مقام من النهي - جعلوه خالداً مخلداً في نار جهنم وجعلوه قد عدم الإيمان بهذا الترك أو بالفعل فأهل هذه الطريقة عندهم المنزلة بين المنزلتين .
    فأصل هذه الطريقة غلو في مقام الأمر والنهي وتقصير في مقام الربوبية .

    وأولئك عندهم غلو في مقام الربوبية حيث لم يشهدوا حقيقة الشرع على وجهها الذي شرعه الله .


    72)أشار المصنف إلى من أسقط الأمر والنهي وأباح ماحرم الله ويؤثر هذا المسلك من شأن الغلو المستحكم الذي لم يقع لعامتهم وجمهورهم وإنما نقل عن بعض الأعيان في بعض المقامات وإن كان كثير من الحروف التي يقولونها لها تأويل وبعضها قد يكون على من تسمية قائله من باب تعارض الحقائق عندهم .

    73)أهل التصوف بالغوا في شهود المعرفة -الربوبية - وهذا تلبس به جمهور الصوفية وقصروا في باب تحقيق الاتباع في مقام الأمر والنهي والتمسك بالسنن والآثار .

    - وهذا الشهود له درجات من جهة اختصاصه .

    74) الأصول المجتمعة في الشريعة من غلا في شئ منها لزم في حاله التقصير في الأصل الآخر .


    الشريط الثالث

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (11)

    74) لماغلت المعتزلة في مقام الأمر والنهي قصروا في مقام الربوبية
    لماغلت الصوفية يف مقام الربوبية قصروا في مقام الأمر والنهي

    لأن الوسطية التي شرعها الله لاتكون إلابجمع قواعد الدين
    وبيان أن هذا الاجتماع لقواعد الدين وشرائعه يصدق بعضه بعضاً ولاينافي بعضه بعضا.


    75)(من ظن أن الخضر وغيره سقط عنهم الأمر لمشاهدة الحقيقة الكونية كان قوله من من شرأقوال الكافرين بالله ورسوله ).

    هذه من الشبهات التي أثارها بعض الغلاة زعموا أن الخضر فعل مافعل وأن بعض فعله من حيث الأصل يكون منهياً عنه مثل قتل الغلام وهذا مما جاء له اختصاص كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (الغلامُ الذي قَتَلَهُ الخَضِرُ طُبِعَ يَومَ طُبِعَ كافِرًا و لو عاشَ لَأَرْهَقَ أبَويْهِ طُغيانًا و كَفَرَا) رواه مسلم

    فهذا بين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وجهاً من حقيقة الحال وإن كان الكفر-من حيث - ليس مبيحاً للقتل على كل تقدير فقد يقتضي ذلك الفعل الذي فعله الخضر انما هو مما أمر الله به وله اختصاص .
    ولهذا تجد موسى عليه السلام نازعه في فعله .


    فادعى بعض أهل التصوف أن طريقة الخضر هي طريقة العارفين من هذا الوجه وأنه اسقط بعض مقامات الأمر والنهي بشهوده الحقيقة في الربوبية وهذا تكلف باطل متناقض .

    ولاسيما أن أفعال الخضر متعلقة بالمكلفين كأمره مع صاحب الجدار وأصحاب السفينة والغلام فهذا كله يمنع فضلاً أن الأصل الشرعي يمنع هذه الطريقة من أصلها.


    76)(العبد هو العابد هو الذي يعبد الله وحده لاشريك له ويوالي أوليائه ويعادي أعدائه بخلاف من يقر بربوبيته ولايعبده أو يعبد غيره معه )

    ذكر المصنف لمسألة الربوبية لايقصد بأن هذا المقام ليس مقامات الدين الكبرى بل هو أصل من أصول الدين وقف عنده المشركون

    بل لم يقفوا عند هذا الأصل تحقيقاً فإذاقيل أن مشركي العرب عارفون بهذا الأصل فهو باعتبار جملته وليسوا محققين لمسألة الربوبية .



    77)لايوجد أحد لم لايؤمن بالألوهية والعبادة يقال أنه حقق الربوبية -عنده معرفة وإقرار - وفرق بين المعرفة وبين مقام التحقيق .تجد في افعال المشركين مناقضة في مقام الربوبية والألوهية كثيراً من أوجه الشرك التي هم فيها مناقضون لمقام الربوبية كما أنهم مناقضون لمقام الألوهية .

    ولكن عندهم إقرار ويعرفون بأن الله هو الذي خلقهم وخلق السماوات والأرض كما ذكر الله في كتابه .

    وهذا المقام درجته بالغة لإن بعض الذين ينظرون لكلام السلف والعلماء قد يتوهم في أمر الربوبية توهماً أنه مما استقر وأنه ليس فيه فقه وأنه لايتعبد الله به وهذا ممايعرض لبعض السالكين في ذلك .

    ولهذا تجد الغلو من جهة المقاصد لبعض السالكين وهذا خلل وسقط في فهم طريقة الأنبياء والسلف .

    78)عبادة الله في ربوبيته كما أنه يعبد بإلهيته ولذلك يعظم الله بأسماء الله وصفاته .

    لايتصور عبادته سبحانه وتعالى إلا لمن أقر بربوبيته وكلما كان العبد أعرف بالله رباً وخالقاً

    صار أصدق في الاستجابة لأمره ونهيه وأفقه في أمره ونهيه .


    79)من الأسباب التي أتي بها المشركون هو نقص التحقيق لمقام الربوبية وإن كانت لهم أسباب أخرى في استدعاء ماهم عليه من الشرك في نفوسهم .
    الفرق بين الأمر الشرعي والحقائق الكونية باعتبار أنه مزلة قدم أنهم سلكوا في هذه المسائل - وهو مقام عظيم - على غير آثار هدي الأنبياء .

    80)الإشارة إلى بعض أهل السلوك عند ذكر المشركين ليس المقصود أن أصحاب هذه الطرق على نفس الدرجة التي عليها المشركون بتاتاً .
    لكن بعض الصوفية من أهل العلم والعبادة وهم في ذلك درجات ولذلك يذكر الشيخ صوفية أهل الحديث وممن كانوا على الطريقة الصحيحة من جهة المرادات وأصل الإتباع .
    ذكر الفناء وأنه على أوجه وذكر أن الفناء عن إرادة السوى هو مذهب مقتصدة الصوفية وفضلائهم وخالفهم باستعمال الاسم الشرعي .

    -الآثار الباطلة إنما تأتي بنوع مشابهة لطرق قوم من المشركين تارة

    او من المحدث المطلق تارة ولذلك بعض البدع فيها مادة من المشابهة .

    فإن التشبه والمشابهة يكون في الأمور العادية فهو يقع في الأمور العبادية من باب أولى .

    81) قول الشيخ عبد القادر ( نازعت أقدار الحق بالحق للحق )

    من فاضل طريقة شيخ الإسلام رحمه الله أنه لايأخذ المخالف له -في بعض الأصول والمسائل -باصطلاحه ولفظه مع أنك تجد في الاصطلاحات والتراكيب ماليس محكماً تارة أويكون محدثاً تارة أخرى وتجد أنه يحسن الاعتذار لهم باعتبار المقاصد الذي قصدوه من الكلام .

    و الشيخ عبد القادر وهو صوفي نسب إليه تصوف كثير ومبتدع ليس من طريقته ولاقوله وهذا أمر يجب معرفته وهو أنه ليس كل مانسب لأعيان العباد كالجنيد وعبدالقادر وسهل بن عبد الله والفضيل وغيرهم ليس كل مايضاف إليهم يكون صحيحاً .
    -الحقائق لاتعرف بالأعيان -أعيان الناس - وإنما تعرف بميزانها الشرعي وهو القرآن والسنة فقد بين الله الدين بياناً كاملاً محكماً .
    فإذا وقع في كلام هؤلاء كالجنيد والشيخ عبدالقادر من الكلام الصحيح حتى لوكانت حروفه من حروف الصوفية تجد أن طريقة شيخ الإسلام يأخذ الأمور بمعانيها ومقاصدها حتى لوكانت الحروف غير محكمة
    وقد تكون هذه الحروف محدثة مبتدعة تارة فيأخذ الأمر على المعاني ويبين ماوقع في الألفاظ من النقص .

    -يقاربون أي يشابهون -من التشبه - كلام المشركين وقد يكون غالياً أو دون ذلك من مقامات التشبه المختلفة .

    82)مقام الجمع الشرع والقدر .

    المشيئة من قدر الله تعالى -ماشاء الله كان ومالم يشأ لم يكن -

    ولهذا قال المشركون ( لوشاء الله ماأشركنا ) لم تقع على أصل علمي عندهم بل هي من الحجة الداحضة ومن الكذب الصريح ولهذا لما كانت مقولة على قصد الإعراض عن الحق ولاستكبار عن اتباعه

    سماها الله كذباً ( كذلك كذب الذين من قبلهم )

    فهي طريقة في التكذيب مبنية على الكبر والفساد ولم تقع عن شبهة لإن مسألة القدر مع الأمر والنهي لاترد عليه الحجة الموجبه لتركه إنما ترد عليه الشبهات التييزينها الشيطان تزيينا قاصراً

    أو يستعلمها بعض العباد في تركه لدين الله أصلاً أو لبعض مقامات الدين على سبيل الانفكاك عن الأمر والنهي استكباراً أو ظلماً لنفسه .

    فلاتخرج هذه الشبهات عن هذه الأوجه الثلاثة -الشبهات التي تستعمل لاسقاط ماهو من الأمر والنهي بمقام القدر أو إسقاط أصل الأمر والنهي -كفعل المشركين الذين أسقطوا التوحيد بالقدر بماقالوه ( لوشاء الله ماأشركنا )

    83)وقد يعرض ذلك لبعض من هو مقر بأصل الأمر والنهي فيسقط بعض مقامات الأمر والنهي فيكون في ذلك نوع مشابهة للمشركين من هذا الوجه .

    وقد يكون من السبب الثالث وهو التزيين القاصر الذي يزين به الشيطان لبعض النفوس .

    ويقصد بالتزيين القاصر لإن من يقع في هذه الحالة لايطرد ذلك في عامة شأنه وإنما يكون ذلك في محل الشرع فقط مع أن القدر لايختص بالشرع وإنما هو في كل شأن المكلف .

    ولهذا لايوقعه الشيطان في نفس أحد في كسبه للمال او ابتغائه للولد أو للأمور الكونية فلم تقع وسوسة الشيطان لأحد في ذلك -إن كان قد كتب له قدراً الولد فإنه سيأتيه الولد ولو لم يتزوج .

    لإن الشيطان إنمايوسوس بترك الشريعة -بترك مقام الأمر والنهي -

    وهو تزيين قاصر مما يدفع هذه الشبهة التي يزينها الشيطان أنك إذا استعملتها في نظائر مماثل لها في الحكم بان فسادها وانقطاعها .

    فمن جعل القدر السابق وأن الله كتب أهل الجنة والنار -وهذا حق - كما ثبت في الصحيح (ا مِنكُم مِن أحَدٍ إلَّا وقدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، ومَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ ) رواه البخاري

    من جعل ذلك مسقطاً للعمل فليجعل ترك النكاح والزواج مسقطاً السعي في ابتغاء الولد .

    لإن العبرة بالقدر على هذه الطريقة التي يزينها الشيطان


    84)وهؤلاء جهلوا حقيقة القدر فضلاً عما يقتضيه مقام الشرع

    لإن القدر إنما هو قدرالله في الحال والمآل

    وليس قدر الله مختصاً بالمآل دون الحال

    فالأسباب متعلقة بقدر الله وهي من قضاء الله وقدره لإن كل فعل فعله المكلف فهو من قضاءالله وقدره .

    فلايتصور وقع المسبب دون وقوع السبب على مامضى في التكليف

    ولهذا من كفر بالله سبحانه وتعالى وكذب المرسلين -ترك مقام الأمر والنهي وعارضه - فهذا لم يكتبه الله في الجنة .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    12)
    85) الإيمان بقضاء الله وقدره والصبر على موجبه من الفقر والمرض والخوف وغيره .
    وحديث احتجاج آدم وموسى عليهم الصلاة والسلام
    -الصبر على المصائب والرضا بها من تمام الإيمان بالله عزوجل .
    - الإيمان بقدر الله سبحانه في عباده سواء تعلق بالجن أو الإنس أو غيرهم من خلق الله .

    86)ثمة مقامان يقع فيهما الاشتباه :
    1) مقام الأمر والنهي .
    2) مقام المصائب .
    وتعلم أن القدر يتعلق بكل تصرف من تصرفات الإنسان من الوقائع والتصرفات والأمور الاختبارية وغيرالاختيارية من تصرفه أو مايقع له من غير قصد .
    سواء كان في باب الأمر والنهي أو الطاعة والمعصية أو باب المصيبة يتعلق بها القدر بإجماع الأئمة المعتبرين - الصحابة ومن على طريقتهم -بكل أحوال العباد وغيرهم من خلق الله .

    والبحث في بني آدم والجن-أهل التكليف - فكل فعل يفعله من أمر طاعة الله من صلاته وحجه وبره وصدقته وغير ذلك بقدر الله وأعماله العادية من أكله وشربه وغير ذلك بقدر الله .

    87)ومايقع من معصية الله بقدر الله - أي بعلم الله وكتابته ومشيئة الله وإرادة الله - وليس بمعنى محبة الله
    فالله عزوجل لايرضى لعباده الكفر ( إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ)
    ويكره منهم الفسوق والعصيان (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ)

    88)كل أفعال العبد من خير أو شر ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
    (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ )جعل الله إرادة الهداية منه وجعل الفعل الذي يصير للعبد بقضاء الله وقدره ( يشرح صدره ) بيان الله وتيسير الله
    كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له)

    (وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)تقدي من الله
    يرد الله وهو المريد وحده لإن الأنبياء فضلاً عمن دونهم ليس لهم هذه الإرادة
    (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ )
    إذاعرف هذا المعنى الكلي -أن أفعال العبد يتعلق بها القدر فهي بعلم الله ومشيئته وإرادته وغير ذلك من الأصول الشرعية المعروفة بأصل الفطرة ودليل العقل أيضاً .

    فالعبد يقع في حالة الطاعة والمعصية ويقع في حالة المصيبة -ليس اختياراً للعبد -
    لإن الأصل أن العبد يتقي المصائب وإن كان بعض الأفعال يريدها -أو يفعلها - وتسمى مصيبة .

    89) المصيبة هي -ماانفك عن إرادة العبد -
    -فهذا لانفكاكها عن اختيار العبد ومشيئته ناسب عند وقوعه أن يذكر عنده مقام القدر .
    سواء كانت المصيبة نشأت عن سبب من الأسباب العادية أو حتى نشأت عن سبب من المعصية التي تاب منها العبد لإن المصيبة -على هذا المقصود- لااختيار للعبد فيها وإن كان قد فرط في الأسباب التي وقعت بموجبها المصيبة .
    لكنه إذا ذَكر مقام المصيبة استصحب عندها مقام القدر فلايعد هذا من الاحتجاج بالقدر على إبطال الشرع فليس هو الاحتجاج بالقدر على المعاصي .
    لإن المعصية شئ والمصيبة التي تلحق العبد إما بسبب عادي أو بسبب المعصية شئ آخر .
    -الأصل في المصائب انفكاكها عن اختيار الإنسان وإرادته .

    90)-أفعال العبد وإرادته تتعلق بأسبابها في بعض المقامات .
    - قد تكون المصيبة مقطوعة عن سبب العبد وإرادته حتى مقام السبب فضلاً عن مقام المسبب .
    -المسبب الذي فعل مختص عن العبد .

    91)السبب يقارن المصائب تارة وينفك عنها تارة أخرى
    ولهذا قد تقع مصيبة بجائحة كمايقول الفقهاء - الجوائح السماوية -
    وسماها النبي صلى الله عليه وسلم جائحة كما (ورَجُلٌ أصابَتْهُ جائِحَةٌ اجْتاحَتْ مالَهُ )
    ليست من سبب العبد فقد يكون غير مفرط -حرز المال وحفظه لكن جاء غرق فأغرق المال -المنقوص في حفظه والمال المحفوظ في العادة الآدمية -فتسمى هذه مصيبة مقطوعة عن سبب العبد .

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    12)
    85) الإيمان بقضاء الله وقدره والصبر على موجبه من الفقر والمرض والخوف وغيره واجب
    وحديث احتجاج آدم وموسى عليهم الصلاة والسلام
    -الصبر على المصائب والرضا بها من تمام الإيمان بالله عزوجل .

    - الإيمان بقدر الله سبحانه في عباده سواء تعلق بالجن أو الإنس أو غيرهم من خلق الله .

    86)ثمة مقامان يقع فيهما الاشتباه :
    1) مقام الأمر والنهي .
    2) مقام المصائب .
    وتعلم أن القدر يتعلق بكل تصرف من تصرفات الإنسان من الوقائع والتصرفات والأمور الاختبارية وغيرالاختيارية من تصرفه أو مايقع له من غير قصد .

    سواء كان في باب الأمر والنهي أو الطاعة والمعصية أو باب المصيبة يتعلق بها القدر بإجماع الأئمة المعتبرين - الصحابة ومن على طريقتهم -بكل أحوال العباد وغيرهم من خلق الله .

    والبحث في بني آدم والجن-أهل التكليف - فكل فعل يفعله من أمر طاعة الله من صلاته وحجه وبره وصدقته وغير ذلك بقدر الله وأعماله العادية من أكله وشربه وغير ذلك بقدر الله .

    87)ومايقع من معصية الله بقدر الله - أي بعلم الله وكتابته ومشيئة الله وإرادة الله - وليس بمعنى محبة الله
    فالله عزوجل لايرضى لعباده الكفر ( إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ)
    ويكره منهم الفسوق والعصيان (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ)

    88)كل أفعال العبد من خير أو شر ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
    (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ )جعل الله إرادة الهداية منه وجعل الفعل الذي يصير للعبد بقضاء الله وقدره ( يشرح صدره ) بيان الله وتيسير الله
    كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له)

    (وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)تقدي من الله
    يرد الله وهو المريد وحده لإن الأنبياء فضلاً عمن دونهم ليس لهم هذه الإرادة
    (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ )
    إذاعرف هذا المعنى الكلي -أن أفعال العبد يتعلق بها القدر فهي بعلم الله ومشيئته وإرادته وغير ذلك من الأصول الشرعية المعروفة بأصل الفطرة ودليل العقل أيضاً .

    فالعبد يقع في حالة الطاعة والمعصية ويقع في حالة المصيبة -ليس اختياراً للعبد -
    لإن الأصل أن العبد يتقي المصائب وإن كان بعض الأفعال يريدها -أو يفعلها - وتسمى مصيبة .

    89) المصيبة هي -ماانفك عن إرادة العبد -

    -فهذا لانفكاكها عن اختيار العبد ومشيئته ناسب عند وقوعه أن يذكر عنده مقام القدر .

    سواء كانت المصيبة نشأت عن سبب من الأسباب العادية أو حتى نشأت عن سبب من المعصية التي تاب منها العبد لإن المصيبة -على هذا المقصود- لااختيار للعبد فيها وإن كان قد فرط في الأسباب التي وقعت بموجبها المصيبة .

    لكنه إذا ذَكر مقام المصيبة استصحب عندها مقام القدر فلايعد هذا من الاحتجاج بالقدر على إبطال الشرع فليس هو الاحتجاج بالقدر على المعاصي .

    لإن المعصية شئ والمصيبة التي تلحق العبد إما بسبب عادي أو بسبب المعصية شئ آخر .

    -الأصل في المصائب انفكاكها عن اختيار الإنسان وإرادته .

    90)-أفعال العبد وإرادته تتعلق بأسبابها في بعض المقامات .

    - قد تكون المصيبة مقطوعة عن سبب العبد وإرادته حتى مقام السبب فضلاً عن مقام المسبب .

    -المسبب الذي فعل مختص عن العبد .

    91)السبب يقارن المصائب تارة وينفك عنها تارة أخرى

    ولهذا قد تقع مصيبة بجائحة كمايقول الفقهاء - الجوائح السماوية -

    وسماها النبي صلى الله عليه وسلم جائحة كما (ورَجُلٌ أصابَتْهُ جائِحَةٌ اجْتاحَتْ مالَهُ )

    ليست من سبب العبد فقد يكون غير مفرط -حرز المال وحفظه لكن جاء غرق فأغرق المال -المنقوص في حفظه والمال المحفوظ في العادة الآدمية -

    فتسمى هذه مصيبة مقطوعة عن سبب العبد .

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (13)

    92) قد تكون المصيبة بسبب العبد كأن تقع مصيبة بسبب تفريطه كمن أهمل طفلاً ففوجئ بأنه غرق
    إذا رجع للأسباب وجد أنه مفرط أو مقصر فإذا تحقق عليه التفريط وجبت عليه الكفارة وهي الصيام .

    إذا دفن ولده وعزي فقال ( قدرالله وماشاء فعل ) على سبيل أن المصيبة بقدر الله

    هل هذا من الاحتجاج بالقدر على التفريط ؟ لا

    لكن لو أنكر التفريط وتجاهله وقال إنه غير مفرط فأراد أن يدفع التفريط عن نفسه احتجاجاً بالقدر قيل هذا الاستعمال بهذا الوجه لايصح .

    93) التفريط ( ترك مايجب فعله ) والتعدي ( فعل مايجب تركه )

    فلما ترك بعض ماأُمر به أو فعل بعض مانُهي عنه لم يصح للعبد أن يحتج بالقدر على ماترك من أمر الله أو فعل مانهى الله عنه
    إذا التفت إلى نتيجة الفعل -وهي المصيبة - المتمثلة بوفاة الطفل -فقال إن وفاته بقضاء الله وقدره - فهذا استصحاب للإيمان بالقضاء والقدر صحيح .

    ولكن هذا الاستصحاب لايغلق به أسباب التوبة من التفريط

    ولايغلق به أسباب الكفارة المشروعة بحسب تشريع الشريعة

    فيكون المشروع في حقه التوبة عن تفريطه أو تعديه

    ويكون عليه الكفارة إذا تحقق شرطها أو وصفها .


    94)لكن المصيبة من حيث وقوعها كمسبب يقال أنها بقدر الله ولهذا ماحصل في حديث آدم وموسى هل كان سؤال موسى لآدم عن المعصية أو المصيبة ؟

    آدم عليه السلام أخبر الله في القرآن عن معصيته فقال تعالى (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى )

    ومعصية آدم عليه السلام أكله من الشجرة كما هو صريح القرآن وصحيح السنة .

    والمصيبة هي خروجه من الجنة -دار الخلد إلى دار الابتلاء - وهذه مصيبة .

    موسى أعظم وأعلم من أن يلوم آدم بأن يسأله عن أمرالمعصية ليحتج بها على القدر

    لإنه بين في كتب الرسل جميعاً فلاحجة لأحد عن ترك طاعة الله بقدر الله بل هذه حجج المشركين

    ( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ)


    بل قال موسى (أنْتَ الذي أخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الجَنَّةِ بذَنْبِكَ وأَشْقَيْتَهُمْ ) ولم يقل لماذا عصيت ؟

    فالسؤال عن المصيبة لا على المعصية .


    آدم احتج بالقدر على المصيبة ولم يحتج على المصية ولو احتج بالقدر على المعصية لمابادر بالتوبة ( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وأخبر الله أنه اجتباه وهداه ( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى)

    95)إذا وقع للعبد مصيبة فاحتج بقدر الله قيل احتجاجه مشروع وهذه سنن الأنبياء وهذا تسليم لقضاء الله وقدره .

    -ولكن يلتفت لهذه المصيبة :

    إن كان بسبب من تقصير العبد شرع مع مقام القدر وجوب التوبة وترك التفريط والتعدي وغير ذلك .

    إن كانت مقطوعة عن سبب العبد فعلى مقام الاحتجاج بالقدر -وهو التسليم بالقدر-

    وهذا يسميه بعض الناظرين احتجاجاً والحقيقة أنه ليس احتجاجاً -فليس فيه إثبات او نفي -

    فكثير من المصائب خارجة عن مقدور الإنسان من حيث السبب فضلاً عن المسبب - الذي هو وصف عام للمصائب من حيث الانفكاك -


    وعليه فهذا تسليم ورضا بقدر الله وهذا من رحمة الشريعة وفضل رب العاليمن على عباده أن المصائب التي يصبرون عليها تطمئن نفوسهم أنها بقضاء الله وقدره - وأن الله لايقضي لعبده إلا خير

    اً ( عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له.)


    96)فمن عرف الله حق معرفته سلم لأمر الله وقضائه وقدره .
    ومن عرف الله حق معرفته استسلم لأمر الله الشرعي وانتهى عما نهى الله عنه .


    فهما مقامان شريفان يصدق بعضهما بعضاً

    مقام الشرع وهو الاستجابة لأمر الله والانتهاء عن نهيه

    مقام الربوبية والإيمان بقضاء الله وقدره
    .

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (14)

    97) الاحتجاج بالقدر على المعصية لم يقل به مسلم ولاعاقل :

    أما المسلم فلما بان من شريعة الإسلام أن القدر ليس حجة للعبد على المعصية .

    ولاعاقل فماوجه قوله ولاعاقل ؟

    لإن القدر لايصلح حجة على وقوع الأخطاء ولو كان القدر حجة للعبد في المعصية لكان حجة للإنسان في تقصيره مع بني آدم -من باب أولى -.

    98) لم يقع بين العقلاء مسلمهم وغير مسلمهم أن أحداً رضي بقول الآخر في الظلم أو البغي أو السرقة بأن يقول لللمسروق او المظلوم هذا بقدر الله ! هل هذا يكون عذراً أو حجة ؟

    لايتبادر تصديقه عند أحد ولاتقع فيه شبهة لأحد .

    وحتى الإنسان مع نفسه فلم يحفظ أن عاقلاً ولامجنوناً جلس في بيته وقال سيأتي رزقي ولو لم أسع فيه أو إن كان الله كتب لي الولد فسيجد الأولاد في بيته ولو لم يتزوج -لم يذكر عن أحد -

    99) الاحتجاج بالقدر على المعصية -ليس كما يتوهمه البعض - أنه من المشكلات التي تحتاج إلى كثير من الجواب والتحرير ودفع الشبهة -ليس من الأمر المشكل أصلاً -.

    إنما هو تزيين وتوهيم يلقيه الشيطان في انفس بعض الناس بما عندها من نقص الإيمان ومن الاستعداد لهذه الأوهام الشيطانية .
    يزين لهم الشيطان الاحتجاج بالقدر على ترك طاعة الله او فعل معصيته .


    مع أن العاقل لوتأمل -أن كل شي بقدر - فلماذا لايعكس النظر ؟؟


    ويقول : الطاعة فعلهاوليس تركها بكون بقدر الله فيعكس الأمر على الشيطان ووسواسه .

    لماذا لايطرد الأمر دفعاً للوسواس فالولد بقدر ولو قال للناس أنه سيجد الولد ولو لم يتزوج وسيجد البيت ولو لم يبنه ولن يأكل وسيجد الشبع وهذا لم يقل به أحد ولم يقع في بني آدم من يقول ذلك .


    لإن هذا مما يمتنع في الإرادات والتصورات والتصديقات أن يتخذ أو يستعمل فإذا بان لك ذلك

    إذا وقعت هذه الشبهة الشيطانية لبض الناس كوسواس من الشيطان -وهي ليست شبهة علمية - فلاتحتاج إلى عقد فصول ومناقشات علمية بل هي شبهة واهية يلقيها الشيطان في نفوس بعض الناس .

    100) لم يقل بالاحتاج بالقدر على المعصية أحد من أهل العلم والنظر البته .
    حتى إذا ذكرت بعض مذاهب أهل الإرادات والأقوال أنهم يحتجون بالقدر

    فهذا على معنى الإلزام في كثير من موارده أو على معنى دون الإلزام

    ولكنه ليس مطابقاً للتوهيم الشيطاني فيكون ثبوت الفرق مقدراً على الوجهين أو على أحدهما ولابد .

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    15)

    101) قدر الله لايحيط به إلا الله

    وخلق الله لايحيط به إلا الله

    علم الله لايحيط به إلا الله .


    وهنالك أمور كثيرة تقدر على هذا الوجه مماهو متصل بأحوال بني آدم ولكنهم قاصرون عن الإحاطة بها .


    بل فما من أمر هو في مقدور بني آدم إلا وهم قاصرون عن الإحاطة به .


    102) ولهذا غاية مايستعمله بنو آدم ليس هو القدرة على الأشياء وإنما هو اتخاذ أسبابها والأسباب قاصرة في ذاتها

    فضلاً عن كونها بمحض أمر الله تتعطل من جهة الأثر

    أو يقع الأمر مقطوعاً عن السبب .


    103)ولهذا كان خلق الله تعالى لايقع بالأسباب مع أنه خالق الأسباب والمسببات .

    لايقع بوجود الأسباب أو بتوسط الأسباب ولابد

    بل يقع خلقه بمحض أمره مقطوعاً عن السبب

    كما في قوله تعالى ( ألا له الخلق والأمر )

    ولهذا كان خلق الناس -وهم من خلق الله - بسبب الأبوين ولكن لما جاء أمر الله ولارادلأمره وقضائه

    ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ )

    كان عيسى عليه الصلاة والسلام من أم بلا أب مع أنها في قانون العادة والسنة التي مضت في الوجود البشري يعد متعذراَولايقع -لكنه ليس ممتنع عقلاً -


    هذا ممتنع في نظام عادي خلقه الله -فالله عزوجل خالق كل شي -

    عصا موسى كانت قطعة من الشجر ثم بمحض أمر الله صارت حية تسعى .

    104)الخلق لايحيطون بأمر الله ولابقدر الله ولابقضاء الله .

    لذلك من حقيقة الإيمان بالقدر - أن لايوصف قدر الله بماالعباد قاصرون عن إدراكه -

    لإن بعض الناس يفسر القدر وكأنه عليم بكل مقامات قدر الله وقضائه

    والله سبحانه وتعالى لم يخبرنا بكل أمره القدري وقضائه سبحانه في عباده وفي خلقه .

    ولهذا يميز بين ما يقع من الجوائح كعقوبات

    وبين مايقع منها كبلاء يبتلي به الله العباد جل وعلا.

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (16)

    105) قوله تعالى ( فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك ) ( إنه من يتق ويصبر ) وقوله ( وإن تصبروا وتتقوا )

    كل هذه الأدلة التي ذكرها الشيخ رحمه الله بينه في تحقيق الجمع بين مقام الشرع ومقام القدر .

    التقوى تحقيق الأمر والنهي وتحقيق الاتباع وتحقيق الاستجابة .

    الصبر من مقامات القدر .



    106) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وموالاة أولياء الله ومعادة أعداء الله ...

    الايات التي ساقها الشيخ رحمه الله بينة أن مقام القدر بين وهذه حقيقة علمية شرعية :

    فهي مقام حق ومقام بين واضح

    فهي مقام حق لإنه من أصول الإيمان

    107)واللبس يقع في الثاني الذي اشتبه على بعض الناظرين فيه بأنه مقام فيه إغلاق .

    هنا مقامان : مقام البيان - مقام الصدق

    فأما صدقه فهو من أصول الإيمان


    أما الذي يشتبه على بعض الناظرين من أهل الأحوال والإرادات أو بالطرق النظرية أو العلمية من النظار أو آحاد المكلفين ولم لم ينتسب إلى طريقة في التعبد أو إلى منهج من النظر



    فهو مايتعلق بالبيان وتحقق البيان في نفس الأمر وفي إدراك المكلف فيشتبه بأن فيه إغلاقاً والأمر ليس كذلك .



    وإذا أريد بالإغلاق :


    الإغلاق من حيث عدم الإحاطة بعلم الله تعالى فهذا إغلاق تام لايفتحه التأمل ولاطرق أهل الأحوال والإرادات ولاطرق النظر والفصول والمنطق وغير ذلك من الطرق النظرية .


    108)ماقصر عن إحاطة العباد فإنه مغلق عنهم كعلم الغيب الذي اختص الله به وكمقاصد وحكمة الرب في خلقه فهذه الحكم لايحيط بها العباد إلى غير ذلك من الوجوه .


    -أما ماشرع الله للمكلفين ليؤمنوا به ويكون من أصول دينهم وعبادتهم لربهم التي قال النبي صلى الله عليه وسلم

    ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر ) فهذا المقام المشروع من علم القدر بَيِّن .

    ومافوق ذلك مما أغلق فهو مغلق عن العباد مع ثبوته في نفس الأمر لإن العباد لايحيطون بذلك .

    وهذا العلم البين علم محرر في الكتاب والسنة وليس من العلوم المشتبهه .

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (17)

    109) لما تكلم الناس في القدر دخل على كثير من النظار وعلى كثير من أهل الأحوال والإرادات والطوائف دعوى الاشتباه فيه فصاروا يقصدون إلى التكلف في تحرير مسائله .


    110)ونتج عن هذا التكلف نوعان من المسائل :

    أ) النوع الأول : ضلالات قيلت في القدر ليست منه بل هي خطأ فيه كالقول بأن الله لم يرد أفعال العبادولم يشأها أو قول من قابل ذلك بأن الله جبر العباد أو أن مشيئة العباد معطلة عن الحقيقة وهم كاسبون وليسوا مختارين كمايقول أصحاب نظرية الكسب .

    أو لزم عن ذلك مسائل في مقام الأحوال والإرادات عند من يقول بالفناء عن شهود السوى وعن وجود السوى كأقوال الوجودية الفلسفية أو مادون ذلك .

    -فهذه الطرق نشأت عن عدم معرفة هذه الحقيقة الشرعية العظيمة وهي أن القدر بين -واضح -

    ( ماشرع الإيمان به )


    فهو بَيِّن في الكتاب والسنة

    بين في مدارك العقل

    بين في مدارك الفطرة .

    -فلما نُقِصَ هذا المقام عن الاتباع ودخل عليه مواد تخالف ذلك أو طرق أوجبت ذلك على وجه من التفريط عند أربابها وسالكيها وقد يغلون في ذلك كماغلا أصحاب نظرية وحدة الوجود إلى مقامات فاسدة مضادة لأصل الدين وقاعدته في القدر وغيره وقعت هذه الانحرافات .

    ب) النوع الثاني : الذي ينافي هذا البيان

    أن لايكون بأقوال ضالة أو منحرفة عماجاءت به الرسالة من الحقائق الشرعية والعقلية والفطرية في مقام القدر التي زلت بها بعض الطوائف .

    -من مقام العدل وتحرير المسائل أن يقال لايوجد طائفة من طوائف أهل القبلة ضلت في القدر ضلالاً عاماً
    فمامن طائفة إلا وعندها من مقامات الإيمان بالقدر معروفة ثابتة لكنهم يضلون في مسائل دون مسائل .


    فلم يطبق الضلال على طائفة من الطوائف البته .

    وهذا من رحمة الله بعباده وفضل الشريعة ونورها .

    -وأن من أصاب من نورها أصاب ماأصاب من الحق .

    المقصود أن المعاني البينة في الشريعة الفصيحة في حكمها وخبرها وقضائها صار بعض الناظرين في القدر يعبر عن هذه المعاني الصحيحة على وجهها الصحيح ولكن بعبارات مغلقة أو عبارات متكلفة أو مجملة يدخلها الاشتباه .

    كتعبير أهل الإخلاص عن إخلاصهم وصبرهم في طاعة الله بعبارة - الفناء عن إرادة السوى -

    وهذا تعبير متكلف ولو عبروا بما جاءت به النصوص من الاخلاص لله ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚوَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ )

    ولم يأت في نصوص النبوة والكتب المنزلة -الفناء - بوجه من الوجوه بل صار اسماً مشتركاً يستعمله أرباب وحدة الوجود ويستعمله من يحتج بمقام الربوبية على مقامات من تحقيق العبودية

    ويذكره أصحاب التحقيق والإخلاص وهم فضلاء في إخلاصهم وتحقيقهم وموافقتهم للكتاب والسنة .

    ولكنهم استعملوا عن هذه الحقيقة الشرعية القدرية اسماً مشركاً محدثاً فلايكون استعمالهم فاضلاً من هذا الوجه وهذا نقص ولكنه ليس كالنقص الأول .

    112)وهناك درجة من الثاني أن تحصل المعاني الصحيحة بألفاظ صحيحة تستعمل في ذكرها ولكن يخبر محصلها أن ماحصله من المعاني في القدر بأنه حصل له ذلك بكثير من النظروالتحصيل الذي صار له فيه وجه من الاختصاص وكأنه انتزعها تحصيلاً وولدها كما تحصل مسائل الاجتهاد في دقائق أوجه الاستنباط

    فهذا إذا قيل في دقائق أوجه الاستنباط ناسبه هذا المقام .

    أما في أصول القدر وحقائق الشريعة التي أوجبها وفرضها على جميع العباد فلايصح لأحد أن يدعي أنه حصلها بوجه من العناء في تحصيلها- إشارة - بل هي من البينات والهدى .

    وإن كان الناس يتفاضلون في العلم بها وهذا أمر بين .

    فكما أنك تقول : صلاة الظهر أربع ركعات -فبهذا الاعتبار جميع المسلمين يعرفون هذا القدر -

    ولكن صلاتهم وعلمهم بفضل الصلاة وقدر الصلاة وماإلى ذلك هذه درجات يتفاضل فيها أهل العلم .

    وقل مثل ذلك في سائر العبادات .

    ولكن لو قال قائل أنه لم يحصل عدد الركعات وعدد الصلوات ومواقيت الصلاة إلا بوجه من التحقيق البالغ

    لقيل هذا ليس كذلك .

    113)بل لما ضاقت مدراكه أو اشتبه أمره أو غشى بصره ظن أن البين لايحصل إلا بوجه من العناء فهذا يرجع إلى وجه من غشاوة البصر .

    وإلا فإن نور الشريعة في الأصول الشرعية بينة .

    ولكن هذا البيان لاينافي تفاضل العلماء عن غيرهم او تفاضل العباد فيما بينهم في تحقيق العلم بالله وعبادته .

    -هذا التفاضل في العلم والفعل مطرد في جميع أوجه الشريعة بلا استثناء .

    ولهذا لم تكن صلاة آحاد الناس كصلاة أبي بكر رضي الله عنه

    مع أن المسلمون يصلون الظهر كما يصليها أبوبكر أو من هو خير منه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم

    لكن مقام التحقيق ومقام العلم التفاضل فيه بين .

    -لكن لايصح لأحد أن يقول أن تحصيل الأحكام الشريعة البينة يحتاج إلى فقه واستباط واسع
    الاستنباط في دقائق الأحكام .

    إذا كان هذا مدركاً في فروع الشريعة ففي أصولها من باب أولى .

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (18)

    114)ولهذا قد تبين أن مقامات النقص تقع على ثلاثة أوجه :

    1) تارة في عدم تحقق البيان حتى تدخل مسائل أو تسقط مسائل على وجه الخطأ والاجتهاد الواقع في غير محله إلى غير ذلك وعن هذا وقعت في كثير من المسائل عند كثير من طوائف النظار كالقائلين أن الله لم يرد أفعال العباد أو القائلين بمقام من الجبر أو ماسموه بغير ذلك كمقام الكسب مما لاحقيقة لفعل العبد عندهم ولامشيئة له عندهم أو مقامات أخرى من الغلط في مقام أهل السلوك والإرادات وهذا مقام هو الأشد ضرراً -خطأ -وإشكالاً .


    2) أن يعبر عن المقامات الصحيحة بعبارات مجملة مشتركة وهذا الاشتراك يصاحبه توهم أن هذه المسائل فيها انغلاق ولهذا استدعيت لها المصطلحات المحدثة لتحررها والواقع أنها أغلقتها ولم تحررها كلفظ الفناء مثلاً أو كإغلاق اسم القدر في صلة العبد بالكسب وهذا إغلاق قاصر لإن الله تعالى قال (لها مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) قال ( مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ )


    فذكر كسب العبد وإرادة العبد وقال في محل آخر ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ?

    فذكر المقام مشيئة العبد وهلم جرا.

    -فإذا أخذت من هذه المقامات اسماً واحداً وقصرت الاستعمال عليه صار خطأ ولابد .

    وغاية أدنى أحواله أن يكون خطأً في الألفاظ .

    -ومثل هذا في الألفاظ الشرعية -كلمات الكتاب والسنة - إذا أقيم على لفظ واحد وترك غيره استلزم هذا الغلط في اللفظ والمعنى كما هو الحال في نظرية الكسب .


    وهؤلاء اخطأوا في ذلك ولهم مقامات صواب في ذلك .

    أما الغلاة الذين أنكروا علم الله فليسوا من أهل القبلة أصلاً .

    وهذه ليست من مقالات المسلمين ولاشبهة فيها لأحد من المسلمين حتى مبتدعهم .


    وكذلك غيرهم من الغلاة الذين أنكروا العلوم من الدين بالضرورة وهذا من أصول الفطرة .

    ولم يعرف ان أحداً انضبط عنه هذا القول مع أن أصحاب المقالات ينسبونها لبعض الأعيان وهذا علمه عند الله لإن إضافتها لأحد من الأعيان يترتب عليه أحكام بالغة .


    أما نفي المشيئة فهي من مقالات المعتزلة والقدرية ودخلت على بعض رجال الحديث -قدرية الرواة -كما قال الإمام أحمد ( لوتركنا الرواية عن القدرية لتركناها عن أكثر أهل البصرة )


    المراد بأكثر -أنها شاعت بينهم وهي أوجه من الاشتباه وهؤلاء ليسوا مطابقين لقدرية المعتزلة والنظار والمتكلمين وغيرهم بل يختلفون عنهم في الدلائل والمسائل ويشتركون معهم في بعض المسائل .

    3) أن تكون المعاني صحيحة والعبارة صحيحة والنقص جاء من توهم كاتبه أو قائله بانه لم يحصل هذه المعاني إلا بوجه من الكُلفة أو التحرير أو التحقيق وهي أوجه من أصول الشريعة .

    وهذا لاينافي تفاضل أهل العلم والإيمان في عبادة الله ومعرفته وتحقيقهم الإيمان بالقدر فلاتنافي بين المقامين .

    فهم متفاضلون حتى الرسل ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)

    ولهذا إيمان المسلمين متفاضل وبهذا عرف امتياز أبي بكر وعمر وعثمان علي رضي الله عنهم بما هو معروف ومستقر .

    114)قدر الله بين فمامن معنى من البيان إلا وفيه قدر من الحقائق الشرعية بعد ذلك يعرف بها ويشير إليها العارفون والعالمون والعباد وهذا في كل أمور الشريعة في مقام القدر وغيره .

    فمن تدبرفي هذا المقام فيما ذكر الله فذكر في معانيه من الحقائق المناسبة الصحيحة لمقام الشريعة ومراد الله بها فهذه الحقائق التي يشير إليها العلماء والعارفين او بعض الأئمة المهتدين والبصراء في هذه المسائل فهذه الدقائق إذا امتازوا بذكرها أو تحقيقها وهذا امتياز صحيح وهذا من فضل أهل العلم على غيرهم .


    فإن قيل ألا يتنافي هذا مع ماقيل من قبل ؟

    قيل هذا إنما هو في كمالها وتحقيقها وأوجه تأتي العبد في استجابته لله وطرق تحقيق معرفة الله وإزالة أثر شبهات الشيطان وتحقيق أثر العلم والإيمان فهذا يتفاضل العلماء في رسمه وفي بيانه وفيه تحقيق واستنباط .

    ولكن الغلط أن يصار إلى أصول القدر المحكمة ومسائله الواجبة الظاهرة فتعرف بوجه من العناء ومن الاستنباط وفرق بين المقامين .

    وهذه تجدها في كلام المحققين من أهل السنة كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره ولكن لايسمي ذلك ذلك في الأصول البينة .

    لإن الأصول البينة إبقاؤها على بيانها هو تحقيق الإيمان .

    -ولهذا يعرف في علوم النظر أن العلم الضروري لايصح تحويله إلى علم نظري يستدل عليه بالطرق النظرية التي هي في الجملة من الظني وليست من القطعي .

    العلم الضروري يناسبه الأدلة الضرورية المفيدة بصدقه ووجوبه .

    ولهذا مثلا كان استعمال المتكلمين لدليل التمانع في إثبات ربوبية الله جل وعلا ووحدانيته وفردانيته في ربوبيته وإن كان الدليل صحيح من حيث هو لكنه ليس الدليل الأكمل وليس هو على رتبة دليل القرآن الذي قال الله فيه

    ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ )

    فهذا البيان في القرآن لايجازي المتكلمون نظمه ولايصلون إلى رسمه ولا إلى تمام معانيه لإن هذا من عند الله جل وعلا وصناعتهم قاصرة لإنهم بشر فضلاً عما مالوا به عن آثار الاتباع عن هدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .

    وبهذا يعرف هذا المقام من مقامات القدر وماهي المسائل التي تحقق فيه والمسائل البينة التي تبقى على بيانها وهذا من سنن النبي وهديه عليه الصلاة والسلام أبقى البينات على مابينها الله عزوجل رحمة بالعباد وتيسيرا لهم وصدقا في قلوبهم

    ولهذا صار الصحابة عباداً وصالحين بل هم أئمة العبادة والعلم والصلاح مع أنهم لم يستعلموا في طريقة الربوبية الطرق الكلامية التي سموها بدليل التمانع أو بغيرها عند علماء النظر .

    وهي ليست بالضرورة تكون فاسدة لكنها قاصرة .

    وبعضها قد لايكون فسادها في ذاتها بل بما توهم من استلزامها

    وبعضها قد يكون يدخله الفساد من وجه في ذاته .


    ولكن جملة الأدلة المستعملة عندهم في أصول الربوبية دون هذا الوجه بل هي صحيحة في جملتها لكنها قاصرة عن رتبة دليل الشريعة ووصفه .

    وبهذا نعرف شرف هذه المسألة -أعني مسالة القدر - وأنها من أصول العلم البين المحكم في كلام الله ورسوله .

    ولهذا لم يشتبه فيها شي حتى عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما مِنكُم مِن أحَدٍ إلَّا وقدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ ومَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ) سأل من سئل (قالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أفَلَا نَتَّكِلُ علَى كِتَابِنَا ونَدَعُ العَمَلَ)

    وهذا السؤال إذا نظرت إليه لاينازع البيان الذي ذكر لإن هذا سائل واحد أو حتى لوكانوا عدداً فإن أئمة الصحابة الكبار كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأمثال هؤلاء كمعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وكبار الصحابة من الفقهاء لم يسألوا هذا السؤال وإنما عرض لبعض الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السؤال .

    ومع ذلك كان جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس جواباً يدل على أنه من المغلق ولكنه جواب يدل على أن السائل لو تأمل الأمر شيئاً ماوقع له هذا الإشكال حيث كان جوابه عليه الصلاة والسلام (اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له )


    وهذا الجواب هل أنشأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم جواباً لم يكن معلوماً من قبل في الكتاب والسنة ؟؟

    أم هو جواب مذكور من قبل ؟؟

    هو جواب مذكور من قبل .

    وهذا يدلك على أن هذا العلم علم بين .

    -وهكذا جميع مسائل أصول الدين من أعظم أسباب الخطأ التي وقعت فيه الطوائف وضلت فيهم في مقالات موهومة توهم كثير من الناظرين أن هذه مسائل مغلقة والحق أنها مسائل بينة كمسائل الصفات والإيمان والربوبية والتوحيد -هذه كلها مسائل بينة -ظاهرة في كتاب الله .

    ولهذا أسلم العرب والعجم وصلح إسلام الناس وهم لم يتعلموا هذه الطرق .

    إلا بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم وحتى بعد ذلك العصر تعلمها من تعلمها

    وجمهور المسلمين من العلماء وغير العلماء لم يعرفوها

    بل صاروا يختصون عن العلماء باسم- بعلماء الكلام-

    -وإن كان دخل في هذا العلم من هو من أهل العلم والفقه والعبادة والتقوى والصلاح والفضل في الدين وممن له مقام صدق عند السابقين واللاحقين من بعض فضلاء الفقهاء وعلماء الأصول وعلماء التفسير والنساك والعباد الذين تداخل عندهم هذا مع هذا أو انفكوا بأحد هذين الطريقين .

    الشاهد :أن هذا من العلم الذي ينبغي بيانه وحفظه ولهذا جاءت كلمة الشيخ عبد القادررحمه الله التي ذكرها المصنف عنه ومدح شيخ الإسلام جواب الشيخ عبد القادر والمدح وقع على حقيقة المعنى الي وصل إليه الشيخ عبد القادر رحمه الله وهو من النساك والعباد ومن فضلاء الصالحين والعارفين وإن كان الشيخ كغيره من الصوفية نسب إليه أمور هم براء منها .

    كما نسب للجنيد بن محمد أمور هو برئ منها فكذلك الشيخ عبد القادر

    وهذا لايلزم منه التصحيح لكل مادة طريقته وشأنه

    -كل أحد يوزن علمه واجتهاده وبصره ومكاشفته- بحسب الاصطلاحات التي يعبرعنها -توزن بالكتاب والسنة .

    وليس ثمة إلا هذا الميزان إلى قيام الساعة -هذا هو الميزان العدل - الذي قال الله فيه ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )

    (ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) خير في الأخلاق والعدل وهو أحسن تأويلاً في العلم -حتى لاتختلط الحقائق العلمية .

    هو خير: أخلاقاً وعدلاً .

    وأحسن تأويلاً :علماً وإرادة وأتباعاً

    -وكلمة الشيخ بعد القادر ( وإلى هذا أشار الشيخ عبد القادر رحمه الله فيما ذكر عنه، فبين أن كثيراً من الرجال إذا وصلوا إلى القضاء والقدر أمسكوا، إلا أنا فإني انفتحت لي فيه روزنة، فنازعت أقدار الحق بالحق للحق )
    هذه كلمة ذكرها النقلة عنه وإلا ليس له كتاب سماها .

    أمسكوا : هذا المعنى الذي صار عند الشيخ عبدالقادر هذا الإمساك

    إما أن يكون الإمساك فيما يشرع فيه الإمساك أو الإمساك لعدم تحقق العلم فهذا ليس من الأمور المطردة .

    وأماقوله ( انفتحت لي فيه روزنة) روزنة -نافذة- وهذا المعنى من حيث الرسم ليس حميداً لإن القدر مشرعة بينة .
    فيما شرع من الإيمان فيه كما تقول الإيمان باليوم الآخر

    وأما علمه وتفاصيله وتأويله فهذا لايعلمه إلا الله .

    ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ) الحقائق الغيبية بينة في اختصاص الله بعلم بالغيب فهذا الغيب مغلق عن البشر .

    المصنف استحسن كلمة الشيخ عبدالقادر وهو كذلك كما قال شيخ الإسلام رحمه الله .

    لإن الشيخ عبدالقادر وهو من الصوفية حقق هذا المعنى الذي اشتبه على كثير من الصوفية بقوله ( فنازعت أقدار الحق بالحق للحق )

    مامعنى هذا ؟

    يعني أن مايقع من المصائب يردها بالحق -أي بالقدر فيحتج بالقدر على المصائب -وليس على المعاصي

    بالحق : بالقدر نفسه .

    للحق : أي احتساباً وصبراً وعبادة لله سبحانه وتعالى .

    هذا معنى من المعاني التي تشملها كلمة الشيخ رحمه الله .

    وهي بهذا التوجيه عبارة صحيحة .

    ولهذا استحسنها شيخ الاسلام في كثير من كتبه .

    لكن إذا قيل لك هل هذه العبارة بهذا النظم هي من العبارات البينة لجميع المسلمين

    أو الجملة المحكمة البينة هي الجمل المأخوذة من أحرف الكتاب والسنة أو فوق ذلك من تلاوة الآية على عموم المسلمين وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام ؟

    قيل لاشك أن الثالث هو البيان الحق .

    الذي قال الله فيه ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )

    لكن هذه العبارة من الشيخ صحيحة في دلالاتها على هذا المعنى . ا.هــ كلام الشيخ

    نهاية الشريط الرابع .

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: فوائد من شرح رسالة العبودية لابن تيمية ... من شرح الشيخ يوسف الغفيص

    (19)

    (116)

    قال المصنف رحمه الله ( فمن شهد الحقيقة الكونية دون الدينية سوى بين هذه الأجناس المختلفة .... ) الخ كلامه

    الشرح :

    بين المصنف رحمه الله في سياق هذه الرسالة أن الحقيقة الكونية وشهودها على ماجاءت به الرسل

    من الإيمان بربوبية الله وتدبيره وبملكه وبسلطانه وبقدر الله وقضائه وجعله وأمره الكوني إلى غير ذلك من الأصول الشرعية التي جاءت بها الرسل واقتضتها الفطرة ودليل العقل وفصلتها الكتب التي أنزلها الله على الرسل عليهم الصلاة والسلام .

    فكل هذا من قواعد التوحيد وأصوله لكنه لايكون متمماً أو موجباًَ أو محققاً لما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام وحده حتى يكون الدين لله وحده لاشريك له .


    فإن الله بعث رسله وأنبيائه بعبادة الله وإخلاص الدين له وأرسل الله جل وعلا الرسل مبشرين ومنذرين يدعون لعبادة الله تعالى مبينيين هذه العبادة بأوصافها وشعائرها وغير ذلك مما جاءت به الشريعة .

    وعن هذا كتب الفقهاء رحمهم الله أحكام العبادات وفصلوها وبينوا ماكن مجمعاً عليه محكماً ومادخل عليه مادة من الاختلاف في فهم أدلة الشريعة على هذا القدر .

    وأما الطرق التي سلكت غير هذا السبيل فمنها طرق بالغة الضلال ومن ذلك طريقة أهل وحدة الوجود القائلين بأن الوجود واحد

    وهؤلاء يجعلون الوجود وجوداً واحداً بشرط الإطلاق ويجعلونه مطلقاً

    أي أن الله سبحانه وتعالى وجوده هو وجود العبد ولايفرقون بين هذا الوجود وهذا الوجود .

    وهذه النظرية التي تكلم عنها هؤلاء ذكر المصنف أجوبة ودفوعات وردوداً وبين أنها ليست من مقالات أهل الملل .

    وإنما هي فلسفة قديمة نقلها من نقلها من هؤلاء المتفلسفة إلى المسلمين وسموا بها بعض الأوجه من السلوك والتصوف

    وفي الحق أن السلوك العبادي والتصوف برئ من مثل هذه الطرق التي هي بالغة في الضلال والزيغ والانفكاك عما بعث الله به الرسل ومااقتضته العقول ودلائل العقول

    ومااقتضته الفطرة من هذه الفلسفة الضالة التي سماها من سماها -وحدة الوجود - وهي نظرية بالغة الشروبالغة الانفكاك عن دليل العقل والنقل وأصلها من مقالات قدماء المتفلسفة المتصوفة .


    وقد ذكر بعض متقدمي الفلاسفة كأرسطوطاليس ردوداً وجواباً عن هذه النظرية الفلسفية المائلة عن دلائل العقول وبراهين العقل والنقل بل وبراهين الفطرة ولهذا كان مخالفوها ليسوا أتباع الرسل فقط

    بل حتى الفلاسفة الذين لايقولون بماجاءت به الرسل -بل يقولون بجمل من دلائل العقل ومقاصد الفطرة تجد أن هؤلاء يخالفون في ذلك .


    وقد ذكر المصنف وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه وقع له النظر في كلام لأرسطوطاليس يدفع ويرد به على هذه النظرية .

    مما يعلم أنها لم ينشأها ابن عربي وأمثاله ممن تكلم بهذه الفلسفة مع أنه حاول أن يخففها ويقربها لكن هذا التخفيف لم يأت بشئ يقتضي منها وجهاً صحيحاً أو وجهاً معقولاً يلاقي ماجاءت به الرسل .

    بل هي مادة مستحكمة في الضلال والترك وهي مخالفة لما بعث الله به الرسل عليهم الصلاة والسلام بأحرفها ومراميزها وقد شرحها في كتابه فصوص الحكم وهذا الكتا ب لابن عربي وله كتاب آخر وهو الفتوحات المكية وإن كان كلامه دون مما في الفصوص وأقرب إلى الشريعة .

    وهي ليست لعامة الصوفية بل ولاأكثرهم ولالكثير منهم

    وإنما نزع إليها أعيان ممن انتسبوا إلى التصوف وهو في حقيقة الحال متفلسفة نقلة لهذه الفلسفة التي حاولوا أن يقربوها للشريعة لكنها لاتقرب لإن مادتها مستحكمة في الخطاً والضلالة .

    كما حاول الفلاسفة النظريون من أصحاب و أرباب الدليل العقلي أن يقربوا الفلسفة العقلية لدين المسلمين ولم يحكموا ذلك ولم يستطيعوه لإن هذه مبنى الحق -دين الإسلام - وتلك فلسفات باطلة ليست على دبن الرسل عليهم الصلاة والسلام فضلاً عن أن كون متصلة برسالة النبي صلى الله عليه وسلم

    وإلا فإن هذا المسلك حاوله من حاوله ولهذا كتب أبوالوليد بن رشد رسالة في ذلك سماها -فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال - وإن كان أبو الوليد بن رشد أقرب من حيث العقل والنقل للموافقة مما يذكره ابن عربي وأمثاله .


    لإن في تلك الفلسفة العقلية بعض المواد المشتركة بين العقل والنقل مما جاء النقل باعتباره وتصحيحه .

    ولهذا لم يكن عند التحقيق دليل العقل ملاقياً لدين النقل أو مقابلاً له وإنما تضمن في كتاب الله الأدلة الشرعية في القرآن كثيراً من الأدلة العقلية .

    ولذلك لما سموا أن أرسطو هو من بنى علم المنطق اعترض عليهم باعتراض مشهور بأن المنطق الصحيح - وجملة منه يذكرها أرسطو ومن عرب منطقه - وهذا مما مدرك عند أرباب العلم بالأدلة العقلية وتحقيقها في نفوس المخاطبين :

    وإن كان قدر منه قد يكون من تحصليهم

    فما يختصون به من المعاني لايكون من الصحيح

    ومايختصون به من الألفاظ فها من باب الاصطلاح

    والاصطلاح ليس حاكماً على المعاني أو منشئاً لها .


    إنما يتعلق بطريقة ابن عربي وابن سبعين وأمثالهم فهي طريقة غالية وسموها تصوفاً وهي طريقة غالية بعيدة عن شأن جماهير الصوفية

    وإن كان ينسب هذا القول لكثير من الصوفية فهذا نسبتهم إليه ليست محققة .

    إنما أصحابها هم أعيان معروفون وهم فلاسفة في نفس الأمر

    ومن أخصهم صاحب الفصوص ولو أنه اقتصر على ماذكر في الفتوحات المكية لكان عليه أغلاط بينة وبدع ظاهرة

    لكنها دون تلك الضلالة التي وقع فيها في فصوص الحكم .


    -------------

    الشريط الخامس من شرح رسالة العبودية للشيخ يوسف الغفيص .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •