قال العلامة محمد الأمين رحمه الله رحمة واسعة :
فقد أجمع العلماء على أن الله تعلى لم يُنزل من السماء إلى الأرض واعظا أكبر ولا أعظم من موعظة المراقبة والعلم ، وهي أن يلاحظ الإنسان أن ربه جل وعلا رقيب عليه ، عالم بكل ما يُخفي وما
يعلن .
وضرب العلماء لهذا الواعظ الأكبر والزاجر الأعظم مثلاً يصير به المعقول كالمحسوس ، قالوا: لو فرضنا ملكاً سفاكاً للدماء ، قتّلاً للرجال ، شديد البطش والنكال ، وسيَّافُه قائم على رأسه ، والنطع مبسوط ، والسيف يقطر دماً ، وحول ذلك الملك بناته وأزواجه ، أيخطر في البال أن يهمَّ أحد من الحاضرين بريبة أو نيل حرام من بنات ذلك الملك وأزواجه وهو عالم به ناظر إليه ؟ لا ، وكلا ، ولله المثل الأعلى ، بل كل الحاضرين يكونون خائفين ، خاضِعةً قلوبهم ،خاشعة عيونهم ، ساكنة جوارحهم ، غايةُ أمانيهم السلامةُ ، ولاشك – ولله المثل الأعلى – أن الله جل وعلا أعظم إطلاعاً وأوسع علماً من ذلك الملك ، ولا شك أنه أعظم نكالا واشدّ بطشاً وأفظع عذابا ، وحماه في أرضه محارمه ، ولو علم أهل بلد أن أمير البلد يصبح عالما بكل ما فعلوه بالليل لباتوا خائفين وتركوا جميع المناكر خوفا منه .
الرحلة إلى إفريقيا (11)
رزقني الله وإياكم الخشية في السر واللعلن